ماجستير ودكتوراه للبيع بالتقسيط بـ 60 مليونا!
29-01-2016, 01:22 AM
إيمان كيموش
صحافية في القسم الإقتصادي بجريدة االشروق
يتلقى عدد كبير من الجزائريين الراغبين في إتمام دراستهم العليا والحصول على شهادات الماجستير والدكتوراه، عروضا من قبل مراكز تدريب دولية تدعي تكوينا لمدة سنة دون امتحانات، لمنح هذه الشهادات مقابل مبالغ تصل 4000 دولار. وهي المعاهد التي تستغل صفحات الفايسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي لاصطياد مشتركين وزبائن توهمهم بإمكانية دفع المبلغ بالتقسيط، والحصول على الشهادة في ظرف سنة دون رسوب أو امتحانات تقييمية. وهي الشهادات التي تؤكد لهم أنها "موثقة من طرف الخارجية الأمريكية و8 دول".
واستقبل عدد كبير من الجزائريين خلال الفترة الأخيرة عروضا من قبل "أكاديمية بناة المستقبل الدولية" الموجودة بمصر، التي تعرف نفسها بأنها "أكاديمية مهنيه تدرس عبر الإنترنت في جميع دول العالم بجدول سنوي محدد لمدة عام كامل، يشمل جميع ديبلومات الإدارة والتنمية البشرية المقدرة بـ 24 شهادة واعتماد الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة المصري مع تدريبات وورشات عمل ميدانية بمقر القاهرة لمن يستطيع الحضور". وتستغل هذه الأخيرة مواطنين من مختلف الجنسيات من بينهم جزائريون لنشر فيديوهات عبر اليوتوب لامتداح هذه التكوينات. في حين يؤكد الواقع أن الشهادات المتحصل عليها عبر الإنترنت غير معترف بها من قبل وزارة التعليم العالي في الجزائر ولا تسمن ولا تغني من جوع، ليجد الزبون نفسه في النهاية يدفع بالدولار لجني السراب.
والغريب في الأمر أن هذه المعاهد تختص غالبا في التنمية البشرية وتدعي منح شهادات بتقديرات عالية في مجال إدارة الأعمال والتنمية البشرية والعلوم الإنسانية والإرشادية، وتغري الطالب بعبارة الدراسة معنا "سهلة وسريعة وممتعة" وتشترط عليه جلب صورة من السجل التجاري وبطاقة ضريبية عند الانتساب. وهو ما يثبت أنها تصطاد أصحاب المال والأعمال وتسمي نفسها بالجامعات الافتراضية، حيث تقدر تكاليف الماجستير بـ3600 دولار والدكتوراه بـ4000 دولار، مدعية أنها الوكيل الحصري للعديد من الجامعات البريطانية والأمريكية وكلية علم النفس الإسلامي بالقاهرة.
رحماني: صهاينة وراء العملية.. ووزير التعليم العالي مطالب بالتدخل
ويرى المنسق الوطني لمجلس أساتذة التعليم العالي، عبد المالك رحماني، أن مثل هذه الإعلانات التي انتشرت بشكل رهيب خلال الأسابيع الأخيرة، عبر صفحات الفايسبوك تعتبر تجاوزات خطيرة تتطلب ضرورة التدخل العاجل لمسؤولي القطاع وفرض عقوبات صارمة تصل إلى حد السجن لكل من تسوّل له نفسه التلاعب بالشهادات الجامعية، مؤكدا أن معظم جنسيات هذه المعاهد والمتورطة في بيع شهادات وهمية غير معترف بها، هي بالدرجة الأولى مصر والأردن ودول عربية شرقية.
ودعا رحماني وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الطاهر حجار، إلى ضرورة المسارعة إلى تحصين الجامعة ومضاعفة مناعة حفظ الأبحاث والدراسات التي تتعرض مرة للسرقة، ومرة للنصب والاحتيال عبر مثل هذه العروض، التي قال إن إسرائيل تقف وراءها وكذا منظمات صهيونية، مطالبا الطلبة الجزائريين والراغبين في الحصول على شهادات عليا بأهمية التزام الحيطة والحذر، مناشدا وزارة التعليم العالي الصرامة وفرض عقوبات شديدة ضد كل من يعمل على انتهاك حرمة الشهادات العليا، وتأمين الجامعة من مثل هذه التلاعبات التي باتت تشكل خطرا كبيرا على طلب العلم والمعرفة.
النقابة الوطنية للأساتذة الجامعيين: احذروا.. هذه الشهادات لسرقة أموالكم
من جهته، أكد رئيس فرع النقابة الوطنية للأساتذة الجامعيين، محمد دحماني، أن مثل هذه الشهادات خارجة عن نطاق الأبحاث والدراسات المعترف بها من قبل الجامعة الجزائرية ووزارة التعليم العالي، محذرا الطلبة الراغبين في الاستفادة من مثل هذه الألقاب من الانسياق وراء إعلانات هذه المعاهد التي تستغل الفايسبوك وصفحات التواصل الاجتماعي لتقديم إغراءات بالجملة للجزائريين، مؤكدا أن هدف هذه الأخيرة تجاري بالدرجة الأولى ولا علاقة له بالبحث العلمي ولا بالجامعة ومساعيها النبيلة.
وأضاف المتحدث، في تصريح لـ"الشروق"، أن الجزائريين الذين درسوا في جامعات عربية ومصرية خلال السنوات الماضية، واجهوا في الماضي مشاكل بالجملة وصعوبات كبيرة قبل الاعتراف بشهاداتهم من قبل وزارة التعليم العالي. وهو ما يدعو اليوم إلى ضرورة الحرص على عدم تكرار نفس السيناريو والتزام الحيطة والحذر والبحث أولا في مدى اعتراف الجامعة الجزائرية بمثل هذه الشهادات والدراسات قبل الإقدام على أي خطوة قد تكلفهم غاليا، ليندموا فيما بعد.
