الفنان سليم عزيزي ما يزال مفقودا وعائلته تعاني الويلات
18-09-2016, 04:28 AM


إيمان زيتوني


ما زالت أجواء الحزن تخيم على منزل عائلة عزيزي بحي بو الصوف بقسنطينة، وما يزال طيف الابن المدلل "سليم عزيزي" يحوم بكل أرجائه، حيث ما يزال سليم مفقودا منذ أوت الفارط، بعد غرقه بشاطئ في سكيكدة، حيث لم يتم العثور على جثته لحد الساعة.
سليم لم يتسن له هذه السنة أن يذبح كبش العيد كالعادة، ولم يتسن له أن يجعل لعيد الأضحى لسنة 2016 طعما مميزا ببشاشته ومرحه الدائمين، فهو مدلل العائلة وقرة عين والديه بحكم أنه آخر العنقود، والأهم من كل هذا وذلك أن سليم كان إنسانا حساسا بأتم معنى الكلمة، يحزن لحزن الناس ويفرح لفرحهم، كان ذو خصال حميدة، ابن مطيع لوالديه، محافظ على التقاليد، بدليل أنه عندما أراد إكمال نصف دينه طلب من والديه أن يختارا له العروس، ولكن لسوء الحظ أن زواجه لم يدم إلا أربعة أشهر، كانت له حياة روحية، فنية وعائلية.
تنقلنا إلى منزل الضحية الذي لم يظهر له أي أثر منذ تاريخ حادث الغرق المأساوي المروع الموافق لـيوم الجمعة الـ26 أوت الفارط، بشاطئ رأس الحديد غير المحروس ببلدية المرسى ولاية سكيكدة، حيث صرح لنا والده عمي "محمد" وهو أب لخمسة أبناء، وجد لـ17 حفيدا، والدموع تنهمر من عينيه قائلا: "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، فنحن راضون بقضاء الله وقدره، لهّ ما أعطى وله ما أخذ، الحمد لله على كل شيء وعلى الصبر الذي منحنا إياه، فابني سليم كان يومها برفقة صديقيه اللذين كتب لهما النجاة بأعجوبة بحكم معرفتهما بالسباحة، بعد أن انقلب بهم البساط المطاطي الذي كانوا على متنه بعد هبوب رياح على حين غفلة، لكن هو ولنحافة جسمه وعدم معرفته للسباحة قال لصديقيه "خلاص ما قدرتش الله غالب روحو انتوما"، ليكتشف صديقه عدم وجوده بعد هنيهة فقط، ولحد الساعة لم يتوصل غطاسو الحماية المدنية وحراس السواحل بسكيكدة إلى أية نتيجة، وأشكر بالمناسبة كل من حضر سواء من قريب أو بعيد لمواساتنا من أهل وأصدقاء وجيران وغيرهم من المعزين، أعوان الدرك الوطني، الحماية المدنية، حراس السواحل بسكيكدة وكل المواطنين الذين ساعدونا، وحقيقة يضيف الوالد، لقد استطعنا تجاوز محنتنا إلى حد كبير بفضل الصبر الذي منحنا الله إياه، وبفضل مواقف التضامن الإنسانية السامية، "الحمد لله كانوا كتافنا سخان بالأحباب"، لكن يبقى ألم الفراق المرير كبيرا وعميقا، فابني لم يتسن لي حتى رؤية جثته ودفنه، فهو خرج مع أصدقائه قاصدا البحر للترفيه عن نفسه، لأنه كان يمر بظروف نفسية صعبة جدا، لكنه لم يعد لنا، وحقيقة لقد مر العيد دون طعم "ثقيل بزاف"، لكن روح سليم كانت حاضرة معنا، فأنا كنت أراه في كل زاوية من البيت وفي كل وقت، ولحد الساعة نحن نحيا على ذكراه الجميلة بيننا، وهو في النهاية "شهيد".
أما والدة سليم السيدة "فريدة"، التي كان سليم يدللها كثيرا، وكانت تعتبره الابن والصديق والأخ، فلم نستطع التحدث إليها بسبب سوء حالتها النفسية. وعن حبه للفن وخاصة المالوف، فأردف الوالد محمد الفنان في الأصل، ليقول لقد عرف ابني الفن وعمره لا يتعدى الـ10 سنوات، بحكم أنه تربى مع العود وحباه الله بصوت جميل بشهادة كل من سمعه، والفضل في اكتشاف موهبته كان للفنان سليم الفرقاني، وعمره 12 سنة، ليبرهن بعدها على موهبته من خلال نيله جائزة أحسن صوت في المهرجان الوطني للمالوف من طرف لجنة تحكيم وطنية سنة 2013 "نوبة رمل مايا"، وآخر وأحسن ما سجلناه معا منذ ثلاث سنوات هو "مديح ابراهيم الخليل بصيغة قسنطينية" بمساعدة مولود مرزوقي، ومنذ تلك الفترة لم يتلق ابني الفنان أي تشجيع من طرف القائمين على الثقافة بالولاية سامحهم الله، باستثناء الشيخ أحمد عوابدية الذي دعاه للالتحاق بفرقته والمشاركة في المهرجان الدولي للمالوف، ومن ثم إظهار قدراته الصوتية التي وهبها الله له، فهو كان يؤدي المالوف بشكل جيد جدا، بالإضافة إلى حسن أدائه لكل النوبات، وكانت آخر حفلة له يوم 16 أفريل تاريخ اختتام تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015.
أظن أن كل من عرف "سليم عزيزي"، لن ينساه أبدا، من أهل، أصدقاء، جيران، لأنه كان مميزا كثيرا في كل شيء، كان يحب الحياة كثيرا، فهو "من الناس اللي ما يتنساوش خلاص خلاص".