تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية معاوية الاثرى
معاوية الاثرى
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 29-01-2008
  • المشاركات : 405
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • معاوية الاثرى is on a distinguished road
الصورة الرمزية معاوية الاثرى
معاوية الاثرى
عضو فعال
قراءة القرآن جماعة و بنغمة و احدة
19-09-2008, 12:16 PM
قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة



الكاتب : الشيخ تقي الدين الهلالي


الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ، و بعد: قال العلامة الشيخ محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله في كتابه " الحسام الماحق" :

" اعلم أنَّ الاجتماع لقراءة القرآن في المسجد في غير أوقات الصلاة مشروع لقول النبي صلى الله عليه وسلم " و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه فيما بينهم إلا نَزَلت عليهم السكينة و غَشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده ، و من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه" . رواه مسلم من حديث أبي هريرة . لكن الاجتماع لقراءة القرآن الموافقة لسنة النبي صلى الله عليه و سلم و عمل السلف الصالح أن يقرأ أحد القوم و الباقون يسمعون، و من عرض له شك في معنى الآية استوقف القارئ، و تكلم من يحسن الكلام في تفسيرها حتى ينجلي تفسيرها، و يتضح للحاضرين، ثم يستأنف القارئ القراءة. هكذا كان الأمر في زمان النبي صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا في جميع البلاد الإسلامية ما عَدَا بلاد المغرب في العصر الأخير، فقد وضع لهم أحد المغاربة و يسمى ( عبد الله الهبطي ) وَقْفاً محدثاً ليتمكنوا به من قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة، فنشأ عن ذلك بدعة القراءة جماعة بأصوات مجتمعة على نغمة واحدة وهي بدعة قبيحة تشتمل على مفاسد كثيرة :

الأولى: أنـها محدثة و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم: " و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة ".

الثانية: عدم الإنصات فلا ينصت أحد منهم إلى الآخر، بل يجهر بعضهم على بعض بالقرآن، و قد نـهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: " كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن، و لا يؤذ بعضكم بعضاً ".

الثالثة: أن اضطرار القارئ إلى التنفس و استمرار رفقائه في القراءة يجعله يقطع القرآن و يترك فقرات كثيرة فتفوته كلمات في لحظات تنفسه، و ذلك محرم بلا ريب .

الرابعة : أنه يتنفس في المد المتصل مثل : جاء ، و شاء ، و أنبياء ، و آمنوا ، و ما أشبه ذلك فيقطع الكلمة الواحدة نصفين ، و لا شك في أن ذلك محرم و خارج عن آداب القراءة ، و قد نص أئمة القراءة على تحريم ما هو دون ذلك ، و هو الجمع بين الوقف و الوصل ، كتسكين باء ( لا ريب ) و وصلها بقوله تعالى :"فيه هدى" قال الشيخ التهامي بن الطيب في نصوصه : الجمع بين الوصل و الوقف حرام * نص علـيه غير عـالم هـمام.

الخامسة: أن في ذلك تشبهاً بأهل الكتاب في صلواتـهم في كنائسهم. فواحدة من هذه المفاسد تكفي لتحريم ذلك، و الطامة الكبرى أنه يستحيل التدبر في مثل تلك القراءة و قد زجر الله عن ذلك بقوله في سورة محمد :" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" و نحن نشاهد معظم من يقرأ على تلك القراءة لا يتدبر القرآن و لا ينتفع به، و تالله لقد شاهدت قُراء القرآن على القبر فلم يتعظوا بمشاهدته و لا برؤية القبور و لا بما يقرؤونه من القرآن، فقبح الله قوماً هذا حالهم (و بعداً للقوم الظالمين) . قال أبو إسحاق الشاطبي في (الاعتصام): ( و اعلموا أنه حيث قلنا: إن العمل الزائد على المشروع يصير وصفاً له أو كالوصف فإنما يعتبر بأحد أمور ثلاثة: إما بالقصد، وإما بالعبادة، و إما بالزيادة أو بالنقصان . إما بالعبادة كالجهر و الإجتماع في الذكر المشهور بين متصوفة الزمان، فإن بينه و بين الذكر المشروع بوناً بعيداً إذ هما كالمضادين عادة، وكالذين حكى عنهم ابن وضاح عن الأعمش عن بعض أصحابه قال :( مَرَّ عبد الله برجل يقص في المسجد على أصحابه وهو يقول: سبحُوا عَشرَا و هللوا عشرَا، فقال عبد الله: إنكم لأهدى من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم أو أضل؟ بل هذا "يعني أضل" ). و في رواية عنه : أن رجلاً كان يجمع الناس فيقول: رحم الله من قال كذا و كذا مرة "الحمد لله"، قال فمر بـهم عبد الله بن مسعود فقال لهم: ( هُديتم لما لم يُهدَ نبيكم، وإنكم لتمسكون بذنب ضلالة ) ، وذكر لهم أن ناساً بالكوفة يسبحون بالحصى في المسجد فأتاهم و قد كوم كل رجل بين يديه كوماً من حصى قال: فلم يزل يحصبهم بالحصى حتى أخرجهم من المسجد و يقول : " لقد أحدثتم بدعة و ظلماً و كأنكم فقتم أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم علمًا ").انتهى تعليق: و قد روي هذا الحديث عن ابن مسعود من طرق كثيرة بعبارات مختلفة لفظاً و متفقة معنى، بعض الروايات مطول و بعضها مختصر و فيه فوائد :

الأولى: هذا الحديث موقوف و لكنه في حكم المرفوع، لأن ابن مسعود صرح بأن ذلك مخالف لسنة النبي صلى الله عليه و سلم ففي بعض الروايات " : وَيْحَكُم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم، هذه ثيابه لم تبل، و أوانيه لم تكسر، و نساؤه شواب، و قد أحدثتم ما أحدثتم" ، و في رواية أخرى أن عبد الله بن مسعود لما طردهم من مسجد الكوفة و رماهم بالحصباء، خرجوا إلى ظاهر الكوفة و بنوا مسجداً و أخذوا يعملون ذلك العمل، فأمر عبد الله بن مسعود بـهدمه فهدم .

الثانية: أن البدعة و إن كانت إضافية شَرٌ من المعاصي كما حققه أبو إسحاق الشاطبي فهي حرام، إنما كانت شراً من المعاصي لأن المعصية يفعلها صاحبها وهو معترف بذنبه فيرجى له أن يتوب منها.

الثالثة: أن المبتدع يستحق العقاب و الطرد من المسجد إن كان الابتداع فيه .

الرابعة: أن كل مسجد بني على قبر أو بني لارتكاب البدع فيه يجب هدمه؛ لأنه مثل مسجد الضرار الذي أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بـهدمه و إحراقه، فهدمه أصحابه و جعل كناسة ترمي فيه الجيف، و قد نقل غير واحد عن ابن حجر الهيثمي أنه قال: ( إن هذه المساجد المبنية على القبور هي أحق بالهدم من مسجد الضرار )، وابن حجر هذا كان مبتدعاً ضالاً و لكنه في هذه المسألة قال الحق، والحكمة ضالة المؤمن، يأخذها حيث وجدها. أما الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني فهو إمام محقق لم يشرح أحد صحيح البخاري مثل شرحه المسمى بـ (فتح الباري) ولذلك قال العلماء: (لا هجرة بعد الفتح). أي لا شرح للبخاري يستحق الاعتبار بعد فتح الباري، ثم قال أبو إسحاق عاطفاً على البدع المنكرة: ( و من أمثلة ذلك أيضاً: قراءة القرآن على صوت واحد، فإن تلك الهيئة زائدة على مشروعية القراءة، و كذلك الجهر الذي اعتاده أرباب الرواية).

قال محمد تقي الدين : و العجب من هؤلاء المشركين المبتدعين الضلال ، فإنـهم يتلونون تلون الحرباء لا يستقرون على حال أبداً ، فتارة يدعون أنـهم مقلدون لمالك ، و يرون من خالف مذهبه كمن خالف القرآن و السنة الثابتة المحكمة ، و يغلون في ذلك إلى أن يجعلوا البسملة و التعوذ و قراءة الفاتحة خلف الإمام في الجهرية و الجهر بالتأمين و وضع اليمنى على اليسرى و رفع اليدين عند الركوع و الرفع منه و بعد القيام من التشهد الأول ، و السلام تسليمتين ( السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ) و ما أشبه ذلك من السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه و سلم التي يراها من له أدنى إلمام بالفقه في الدين كالشمس في رابعة النهار كأنه يشاهد النبي صلى الله عليه و سلم يفعلها لا يشك في ذلك و لا يرتاب فيه ، يجعلون ذلك من المنكرات التي يجب أن تغير ، و يكتب فيها من بلد إلى بلد مع أن مالكاً في الحقيقة قائل ببعضها تفصيلاً و بسائرها إجمالاً ، ثم يخالفون فيما ينهى عنه و يكرهه كراهة تحريم من البدع التي لا تسند إلى أي دليل كعبادة القبور و زيارتـها زيارة بدعية ، و قراءة القرآن على الميت بعد موته و على قبره ، و قراءة القرآن جماعة بصوت واحد ، و قراءة الأذكار و الأوراد كذلك ، و قد صرح بذلك خليل الذي يعدون مختصره قرآناً يتلى غلواً منهم و ضلالاً . قال في مختصره عاطفاً على المكروهات : ( و جهر بـها في مسجد كجماعة ) ، و لا يبالون بخلافه فيما اعتادوه من البدع ، فيحلونه عاماً و يحرمونه عاماً ، و ما أحسن قوله تعالى في سورة القصص يخاطب رسوله صلى الله عليه و سلم : ( فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم . و من أضل ممن اتبع هواه بغير هدىً من الله . إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) ".

انتهى ما قال رحمه الله.
كنت أعمى فأبصرت
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
  • تاريخ التسجيل : 28-12-2006
  • الدولة : مدينة ميلة , ولاية ميلة , الجزائر
  • العمر : 68
  • المشاركات : 5,284
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • رميته will become famous soon enough
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
رد: قراءة القرآن جماعة و بنغمة و احدة
19-09-2008, 06:42 PM
يا ليتنا نعود أنفسنا على الكتابة في المسائل الاتفاقية عوض الكتابة في المسائل الخلافية , يا ليت ...
أولا : صور قراءة القرآن الكريم وحكم كل صورة :
قراءة القرآن الكريم جماعة لها أربع صور :
الأولى : أن يقرأ الواحد والباقون يستمعون إليه . وهذه جائزة وغير مكروهة بلا خلاف بين عالمين إثنين . قال بن تيمية رحمه الله تعالى " وأما قراءة واحد والباقون يستمعون له , فلا يكره بلا خلاف , وهي مستحبة . وهي التي كان الصحابة يفعلونها كأبي موسى الأشعري وغيره ".
الثانية : أن يقرأ قارئ ثم يقطع , ثم يعيد غيره ما قرأ الأول , وذلك من أجل مدارسة القرآن . وهذه الصورة مستحبة باتفاق الفقهاء , لأن جبريل كان يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن برمضان , وكان يعرض كل واحد منهما القرآن على الآخر . وحتى لو كان القارئ واحدا والمعيد هو باستمرار الثاني , فإن القراءة تبقى مستحبة غير مكروهة بإذن الله تعالى .
الثالثة : أن يقرأ قارئ ثم يقطع , ثم يقرأ غيره بما بعد قراءة الأول ولا يعيد قراءة الأول. وتسمى قراءة الإدارة . وهذه القراءة ذهب جمهور الفقهاء إلى أنها حسنة ولا تكره , وذهب الحنابلة إلى كراهة تلك الصورة . قال بن تيمية
" وقراءة الإدارة حسنة عند أكثر العلماء ". وقد سئل مالك رضي الله عنه عن ذلك فقال " لا بأس به " . وقال آخرون " إذا اتفق الحنابلة مع الجمهور على استحباب الصورة الثانية فلا معنى لكراهة الصورة الثالثة , إذ لا فرق بين أن يعيد القارئ ما قرأ الأول أو يبدأ الثاني في القراءة من حيث انتهى الأول".
الرابعة : أن يقرأ الكل مجتمعين بصوت واحد .
مذهب الحنابلة والشافعية استحباب ذلك , وهو القول الثاني عند الأحناف . وقال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى " قراءة الإدارة حسنة عند أكثر العلماء , ومن قراءة الإدارة قراءتهم مجتمعين بصوت واحد , وللمالكية قولان في كراهتها ". وعلى القول بكراهة مالك لهذه الصورة ورد عنه قوله رحمه الله " وهذا لم يكن من عمل الناس " . والقول بكراهة هذه الصورة هو المعتمد عند الحنفية .
وفي كل الأحوال فإن الأولى أن يقرأ واحد ويستمع الآخرون أو الباقون .
ثانيا : المنافع والمصالح المترتبة عن قراءة القرآن جماعة : هذه القراءة الجماعية بصوت واحد , إن تمت من أجل الحفظ أو مراجعة الحفظ ( لا من أجل التلاوة التعبدية ) , فيها جملة فوائد يمكن أن نذكر منها :
1- تعهد القرآن الكريم ، فهي تساعد علىحفظه وضبطه ومراجعته وعدم نسيانه ، وهي بذلك تحقق الاستجابة للأمر النبوي الواردفيما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " تعــاهدوا القرآن ، فو الذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل فيعُقُلها " مسلم.
وقد حمل بعض المفسرين قوله تعالى" ومن أعرض عن ذكري فإن لهمعيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى " على نسيان القرآن بعدحفظه.
إذن من فوائد هذه القراءة الجماعية التعاون على الحفظ أو المراجعة لأن المسلم الواحد لمفرده يمكن أن يضعف , ولكنه بإخوانه يتقوى .
2- ومن فوائدها تسميع كتاب الله تعالى لمن يريد سماعه من عوام المسلمين ، إذ لايقدر العامي على تلاوته فيجد بذلك سبيلا إلى سماعه ، ثم إن كثيرين حفظوا القرآن منخلال مواظبتهم على الحزب مع الجماعة .
3- ومن حسناتها التماس الفضل المذكور فيحديث " ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلونكتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهمالملائكة وذكرهم الله فيمن عنده " ، فقد استفيد منه أن كل قوم اجتمعوا لما ذُكرحصل لهم الأجر من غير اشتراط وصف خاص فيهم من علم أو صلاح أو زهد .
4-ومن إيجابياتها أن ينتبه المسلم إلى مواضع الخلل في حفظه للقرآن بطريقة من الصعب أن ينتبه إليها لو كان يحفظ القرآن أو يراجعه لوحده .

وبالجملة فإن أدلة المانعين لقراءة القرآن جماعة هنا في الجزائر , لاتخرج عن أمرين اثنين :
أقوى ما يستدل بهالمانعون هو أن الاجتماع لقراءة القرآن بدعةٌ ، إذ لم يثبت على زمن رسول الله صلى اللهعليه وسلم ولا أحد من أصحابه . ويستدلون لذلك بأدلة منها:
ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من أحدث في ديننا ماليس منه فهو ردٌّ " . متفق عليه . ومقتضى هذا الاستدلال أن قراءة القرآن الكريم جماعة على الطريقة المعهودة محدثة وهي من الابتداع المنهي عنه .
والتحقيق العلمي ينتهي إلى أن البدعة المنهي عنها في دين الله عزّ وجلّ لها شرطان:
الأول : أن تكون حادثة لم تكن في الصدر الأول .
والثاني : أن تناقض أصلاً من أصول الإسلام قرآنًا أو حديثًا نبويًّا شريفًا أو إجماعاً .
فإذا اجتمع الشرطان كان الأمر المحدَث هو البدعة الضلالة الذي يُحمل عليه حديث " كل بدعة ضلالة ".
أما إذا لم يجتمع الشرطان فإما أن يكون الأمر غير محدث أصلا بل كان موجودا في الصدر الأول فلا يكون بدعة ، أو أن يكون محدثا ولكنه لا يناقض أصلا من كتاب أو سنة أو إجماع فلا يكون حينئذ بدعة أيضا.
وإن أطلق اسم البدعة عليه فإنما هو إطلاق بالمعنى اللغوي لا بالمعنى الديني الاصطلاحي والشرعي.
فالأمر المحدث إن كان حسنا فمقبول وإن كان قبيحا فممنوع ؛ والقبيح ماناقض أصلا من أصول الشريعة ، والحسن ما وافقها.
والقاعدة في كل أمر محدث قبل أن نصدر حكم الله فيه ، أن نعرضه على أدلة الكتاب والسنة والإجماع ، فيكون حكمه ما نصت عليه هذه الأدلة بغضِّ النظر عن كونه محدثا أو غير محدث.
قال شهاب الدين القرافي " البدعة إذا عَرضت تُعْرض على قواعد الشريعة وأدلتها ، فأيشيء تناولها من الأدلة والقواعد ألحقت به ".
وربّ تصرف محدث يصحّ إطلاق اسم البدعة عليه في اللغة ، ولكنه في ميزان الشرع سنّةٌ أو واجبٌ .
قال بن الأثير " البدعة بدعتان بدعة هُدًى وبدعة ضلال ، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو في حِيِّز الذم والإنكار ، وما كان واقعًا تحت عموم ما ندب الله إليه وحضّ عليه الله أو رسوله فهو في حيِّز المدح ، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف ، فهو من الأفعال المحمودة ، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثوابًا فقال " مَنْ سَنَّ سُنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها ".
وعلى هذا فهل قراءة القرآن الكريم جماعة على طريقة الحزب الراتب والسائدة في الجزائر بدعة ؟
هل شرطا البدعة والضلالة متوفران فيها :
ا- أمّا أنها محدثة ، فلا يناقش في ذلك أحد ، فهي طريقة لم تكن على زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولذلك قال عنها الإمام مالك رضي الله عنه
" لا أعرفه عن السلف ".
ب-وأما أنها تناقض نصا في كتاب الله تعالى أو سنة النبي صلى الله عليه وسلم فالعكس هو الصحيح :
فقد استند من اعتمد على القراءة الجماعية للقرآن الكريم على طريقة " الحزب الراتب" إلى أدلة من النقل والعقل , منها :
* الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده " .
**ومنها ما ثبت عن معاوية رضي الله عنه قال "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على حلقة من أصحابه فقال : ما أجلسكم ؟ قالوا : جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده على ما هدانا للإسلام ومنّ به علينا ، قال : آلله ما أجلسكم إلا ذاك ؟ أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله تعالى يباهي بكم الملائكة "
رواه مسلم.
***ومنها ما روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه " كان يدرس القرآن معه نفر يقرؤون جميعا ".
****ومنها استحسان العلماء الذين عليهم المدار في الفتوى لهذه الطريقة . فقد نقل الإمام أبوالعباس الونشريسي أنه شوهد الإمام ابن عرفة رحمه الله يجمع الثلاثة والأربعة في حزب واحد للتجويد ، وشوهد أبو الحسن البطرني يجمع الثلاثة في القراءة ".
***** ومنها أن القراءة بهذه الكيفية المعهودة عادة حسنة لا تخالف الشرع ، والعادةالحسنة إذا لم تخالف الشرع ولم تناقض أصلا من أصوله فلها اعتبارها ، ولهذا قال العلماء " الثابت بالعرف كالثابت بالنص ".
فهذه الكيفية مما جرى به العمل ، ولا يصحّ تغيير هذا العمل إلا إذا صادم وناقض أدلة الشريعة الصريحة .
يشهد على ذلك تصريح الجمّ الغفير من العلماء الأعلام ، من ذلك :
ا- قول عيسى السكتاني " فإذا اتّضح لك توجيه ما جرى به العمل لزم إجراء الأحكام عليه لأن مخالفة ما جرى به العمل فتنة وفساد كبير".
ب- قول أبي إسحاق الشاطبي " والأَولى عندي في كل نازلة يكون فيها لعلماء المذهب قولان ، فيعمل الناس فيها على موافقة أحدهما ، وإن كان مرجوحا في النظر ، أن لا يعرض لهم ، وأن يجروا على أنهم قلّدوه في الزمان الأول وجرى به العمل ، فإنهم إن حملوا على غير ذلك كان في ذلك تشويش للعامة وفتح لأبواب الخصام .
جـ- وقول ابن عبد البر " إذا رأيت الرجل يعمل بالعمل الذي اختلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه ".
د - وقول أبي العباس الونشريسي " والاستشهاد بعمل أهل البلد ببعض الأقوال الفقهية دون بعض أمر معروف شهير عند الخاص والعام لا يجهله من له بالطلب أقلّ تلبس ".
وغير هذه النصوص كثيرة في المذهب المالكي وفي غيره من مذاهب الأمصار ، وتستند كلها على أدلة من نصوص الكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة . وهي تدل في مجموعها أن ما جرى به العمل في الأمصار له سلطان ولو كان مرجوحا شرط ألا يصادم ويناقض أصلا من أصول الشريعة .
وما قراءة القرآن الكريم على هذه الطريقة المعهودة إلا عمل جارٍ منذ قرون بهذه الديار ، ففيم النزاع ؟
****** ومن أدلتهم أيضا أن هذه الطريقة فيها منافع جمّة ، ومصالح لا تعدّ إذا أحسن القارئ القراءة وتأدب بآدابها ، واحترم الوقوف ، وأحكام الترتيل ، ومخارج الحروف . وإن كان هناك ناس يقرأون القرآن جماعة ولا يقفون عند الحدود الشرعية للقراءة فإن آخرين يقرأونه جماعة ويلتزمون بحدوده إلى حد كبير , ومنه فلا يجوز التعميم أبدا .
والعمل إذا تضافر عليه أهل الأمصار والأعصار ، ولم يرد من الشرع ما يمنعه أو يقرُّه ، فهو من المصالح المرسلة التي تأكدت فيها المصلحة .
وبالجملة فإن الذين أحدثوا طريقة " الحزب الراتب " لحفظ القرآن الكريم واستدامة استحضاره لم يبتدعوا البدعة الضلالة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أحدثوا طريقة علمية تربوية في الحفظ والاستحضار مثلما أحدث عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما طرقا في حفظ الدين .
ولقد نشأ عن هذا الاختيار نظام ديني اجتماعي يعتبر الخروج عنه فتنة وفسادا كبير . ومنه فالذي لا يريد أن يقرأ القرآن جماعة له ذلك وهو حر في اختياره ونيته بإذن الله طيبة , وله إن شاء الله عليها أجر . ولكن الذي يقرأ القرآن جماعة مع تجنب سيئات هذه القراءة أو التقليل منها لا يجوز لومه كذلك ولا الإنكار عليه ولا اتهامه بأنه مبتدع أو اتهامه في نيته , وله على فعله أجر بإذن الله فضلا عن الفوائد الدنيوية والأخروية التي يكسبها بالمداومة على هذا الحزب الراتب لمدة طويلة .
ثم :
قال ابن لبّ " أما قراءة الحزب في الجماعة على العادة فلم يكرهه أحد إلا مالك على عادته في إيثار الاتباع ، وجمهور العلماء المالكية على جوازه واستحبابه , وقد تمسكوا في ذلك بالحديث الصحيح .
وبعض العلماء حملوا المنع على المعلم يغرر في تعليم تلامذته قراءة القرآن ، فإنهم إن قرأوا جماعة لا يعرف الحافظ منهم من غير الحافظ ؛ وبالتالي فإنه لا يفي بحقهم في التعلم في مقابل الأجر الذي يتقاضاه . فسّر ذلك القابسي عندما سئل فأجاب " إن اجتماعهم على القراءة بحضرته يخفي عليه القوي الحفظ من ضعيفه ". فإذا زالت علة الغرر زال الحكم بزوالها بإذن الله تعالى .
لذلك علّق أبو العباس الونشريسي على اشتهار ذلك عن بعض الأعلام بقوله " لكن إنما يقرؤون لله تعالى ، فلا يدركهم هذا الحكم المذكور ، وهذا بعد تسليم جواز الاجتماع على القراءة وهو مذهب الجمهور ، وتعضده الآثار الصحيحة , أي أنهم لايتقاضون على تعليمهم أجرا ، فلا يلحقهم حكم الكراهة . أما جواز القراءة الجماعية في غير وجه التعليم المأجور فهو مسلَّم كما ترى . وعلى فرض عدم التسليم ، واستصحاب الخلاف ، فقد سبق سوق عبارات الفقهاء الصريحة في أنه " لا إنكار في مورد الخلاف" .
ونضيف عليها قول أبي عبد الله السجلماسي " وإذا كان القول المعمول به راجحا بالعمل ، لم يجز للقاضي ولا المفتي العدول عنه إلى غيره ، وإن كان مشهورا ".
وقول القاضي المجاصي " وخروج القاضي عن عمل بلده ريبة قادحة ، لكن يقتصر من العمل على ما ثبت ، ويسلك المشهور فيما سواه ".
وخلاصة القول أن شروط البدعة غير متوفرة في قراءة القرآن جماعة على طريقة " الحزب الراتب ", بل إنّ الأدلة التي استند إليها معتمدو هذا المنهج من القوة والتنوّع بحيث تنفي كل ريب أو شك في مشروعية الطريقة بإذن الله.
إن أقلّ ما يمكن أن يقال : إنّ قراءة القرآن جماعة بصوت واحد جائزة إن لم تكن مندوبة ومستحبة ، وذلك إذا كانت القراءة صحيحة خالية من اللحن ومن الكبر والرياء ، بحيث يراد منها الحفظ والضبط والمراجعة ، ولا يعتقد فاعل ذلك أنه يقدم على مكروه تقليدا لمالك ، بل يعتقد معنى الحديث النبوي الشريف المتقدم وتقليد من يستحب ذلك ويستحسنه والله أعلم بالصواب .
أما هجر هذه الطريقة ومنعها حتى أمسى بعض الأئمة يؤمون التراويح من المصاحف ، وآخرون يلحنون فيالقراءة ، ولا يكادون يحفظون من كلام الله إلا قليلا ، بل يعجزون عن الاستشهاد بآي القرآن فخطير خطورة هجر القرآن ذاته .
وإننا نحذر هؤلاء من مثل هذا الغلو ، فإن نسيان القرآن فيه وعيد شديد محتمل . ألم يقل عليه الصلاة والسلام " إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب".
يتبع : ...

اللهم اغفر لأهل منتديات الشروق وارحمهم واجعلهم جميعا من أهل الجنة
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 07-05-2008
  • الدولة : البليدة
  • العمر : 36
  • المشاركات : 7,183
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • جمال البليدي is on a distinguished road
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
رد: قراءة القرآن جماعة و بنغمة و احدة
19-09-2008, 06:45 PM
أستاذنا الفاضل رميته ما ذكرته من منافع قراءة القرآن بنغمة واحدة ليس دليل على أنها ليست بدعة محدثة في الدين وكذلك ما ذكرت من إختلاف العلماء لأننا لسنا مطالبي بتقليد أي أحد وكل خير في إتباع ماسلف
قال العلامة الجزائري أحمد حماني رحمه الله:


هل في البدع مستحسن ومستهجن؟؟؟

كذلك قال بعضهم ونسب إلى عز الدين بن عبد السلام وانه قسم البدعة إلى مستحسنة وغير مستحسنة وجعلها مما تعتريه الأحكام الخمسة: الوجوب,والندب,والحرام,والكراهة,والإباحة وضرب مثلا لما هو واجب منها بجمع المصحف وكتابته ,وبالعلوم الحادثة لخدمة الشريعة,ولكن ظاهر الحديث -بل صريح نصه- ينفي هذا التقسيم لأنه عليه الصلاة والسلام يقول:(كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) فليس في البدع مستحسن لا يقبحه الشرع, بل كل بدعة فهي مقبوحة.
وأما جمع المصاحف والعلوم الشرعية والمساعدة على خدمة الشريعة فلا يصدق عليها تعريف البدعة.
بل يصدق على جمع المصاحف وكتابته أنه سنة أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بإلتزامها وحث عليها في قوله صلى الله عليه وسلم (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين)وجمع المصاحف مما أجمع عليه الخلفاء الأربعة,شرع فيه أبو بكر وعمر وأكمله عثمان وصرح أنه لو لم يفعله قبله لفعله ,فتسميته بدعة -إذا صحت-تسمية مجازية ,كذلك جمع عمر الناس في صلاة التراويح على قارئ واحد سماه بدعة مجازا,وإلا هي سنة بقول الرسول صلى الله عليه وسلم ,وبفعله وتركها النبي صلى الله عليه وسلم شفقة على أمته أن تفرض عليهم فلما أمن الفرض أمر بها عمر, وكذلك وضع علم النحور ,فقد كان بأمر من علي بن أبي طالب لأبي الأسود الدؤلي كما هو مذكور في تاريخ النحو ,ومثل النحو غيره من العلوم العربية ,وكذلك علم أصول الدين,وعلم أصول الفقه,كل هذه لا يصدق عليها انها بدع.
فإن البدعة (عبارة عن طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشريعة بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه)(13).
فالبدعة خاصتها انها خارجة عما رسمه الشارع,وبهذه الخاصة ينفصل عنها كل ما يظهر لبادئ الرأي أنه مخترع مما هو متعلق بالدين ,فعلم النحو ,والصرف, واللغة,وأصول الفقه,وأصول الدين وكل العلوم الخادمة للشريعة ان لم توجد في الزمان الأول,فان أصولها موجودة ,فالنحو يتوصل للنطق الصحيح لألفاظ القرآن, وبعلوم اللسان يهتدي إلى الصواب في الكتاب والسنة,وبأصول الفقه يمكن استقراء كليات الأدلة لتكون نصب عين المجتهد والطالب.
وتصنيفها على الوجه الذي صنفت عليه مخترع خقا,ولكن في الحديث ما يدل على جواز الإقدام وحتى لو سلم انه لا دليل عليه بالخصوص,فالمصلحة المرسلة تقتضيه والشرع -بجملته يدل على إعتباره- فليس ببدعة ألبتة.
برهان ذلك أننا لو اعتبرنا ذلك بدعة للزم أن يكون جمع المصحف وكتابته قبيحا,وهو باطل بالإجماع,فليس إذا ببدعة ,فلا بد له من دليل شرعي,وليس له دليل شرعي إلا المصلحة وهو مأخوذ من جملة الشريعة
.وإذا ثبت جزئي في المصلحة المرسلة ثبت مطلق المصلحة واستدل بها ,لهذا لا ينبغي أن يسمى وضع كل علم متصل بالشريعة بدعة ,فلا النحو بدعة,ولا أصول الفقه,ولا أصول الكلام,ولا غير ذلك.
قال الشاطبي في هذا المبحث النفيس:من سماه بدعة فإما على المجاز كمى سنى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قيام الناس في ليالي رمضان بدعة ,وإما جهلا بمواقع السنة والبدعة فلا يكون قول من قال ذلك معتدا به ولا معتمدا عليه)(14).
واما مضاهاة للشرعية الواردة في تعريف البدعة فان المراد ان المبتدع يشابه ببدعته الأعمال الشرعية,والحقيقة أنها ليست كذلك,كمن نذر الصيام قائما ,ومن نذر الإنقطاع للعبادة,ومن نذر الإقتصاد في الأكل على صنف,وكمن التزم كيفية خاصة معينة كالذكر بهيئة إجتماع على صوت واحد,وكالتزام عبادات معينة ليس لها أصل في الشريعة كصوم نصف شعبان وقيام ليلته,فالمبتدع يضاهي بها السنة ليلبس بها على الغير,(لذلك تجد المبتدع ينتصر لبدعته بأمور تخيل التشريع ولو بدعوى الإقتداء بفلان المعروف منصبه في أهل الخير).
وقد يكون باعث المبتدع على ابتداعه أن يبعث في النفوس النشاط ,فقد تمل النفوس وتسأم العبادات الرتيبة,فإذا جدد لها أمر لا تعهده حصل لها نشاط آخر لا يكون لها مع البقاء مع الأمر الأول كما قيل(لكل جديد لذة).

قال الشاطبي(وقد تبين بهذا القيد-يعني قيد المضاهاة للشرعية,أن البدع لا تدخل في العادات ,فكل ما اخترع من الطرق في الدين مما يضاهي المشروع -ولم يقصد به التعبد- فقد خرج عن هذه التسمية كالمغارم الملزمة على الأموال وغيرها على نسبة مخصوصة,وقد مخصوص مما يشبه فرض الزكوات,ولم يكن إليها ضرورة ,وكذلك إتخاذ المناخل,وغسل اليدين بالأشنان وما اشبه ذلك من الأمور التي لم تكن من قبل لا تسمى بدعا....)
ومما تقدم يتبين أن البدعة واحدة قبيحة كلها,ضلالة كلها,في النار هي وصاحبها,وليس فيها مستحسن,وما يتوهم أنه بدعة كجمع المصاحف وكتابته وكالعلوم التي تخدم الشريعة ليس ببدعة أصلا بل قامت على شرعيته أدلة الشريعة,واما الأمور العادية فأصلها الإباحة وهي خاضعة للضرورة ,والمصلحة,مجارية لها. والله أعلم
.
----------------------------------------------------------
(13)الإعتصام ص19
(14)الإعتصام ص21 ,ج1 وما بعدها .

التعديل الأخير تم بواسطة جمال البليدي ; 19-09-2008 الساعة 06:50 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
  • تاريخ التسجيل : 28-12-2006
  • الدولة : مدينة ميلة , ولاية ميلة , الجزائر
  • العمر : 68
  • المشاركات : 5,284
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • رميته will become famous soon enough
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
Re: قراءة القرآن جماعة و بنغمة و احدة
21-09-2008, 11:33 PM
رابعا : من سيئات قراءة القرآن الكريم جماعة :
قراءة القرآن الكريم بصوت واحد وجماعة جائز كما قلنا , إذا لم يتضمن محظوراً أو ممنوعا أو حراما , ومن المحظور :
أن يحصل به تشويش على من حولهم , فيمنع عن ذلك ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال صلى الله عليه وسلم " كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن ".
ومنها أيضاً أي من المحاذير أن يتخذ هذا على سبيل الطرب وهز الظهور وتحريك البطون ، وما أشبه ذلك مما يفعله بعض الناس كأصحاب الطرق الصوفية المنحرفة , فهذا أيضاً يمنع أي مسلم منه , وهو حرام بكل تأكيد .
ومنها أيضاً أن يحصل به إعراض عن تلاوة الإنسان لنفسه بسبب أنه تعود على هذه الطريقة . تعود عليها إلى درجة أصبح معها لا يستطيع أن يقرأ القرآن لنفسه تلاوة تعبدية بينه وبين نفسه أو بينه وبين الله وحده يراعي فيها الخشوع والإخلاص وتطبيق المدود وأحكام الترتيل والتدبر و ... فإن هذا كذلك محظور ويجب تجنبه . ومنه فإننا نقول ونؤكد على أن قراءة القرآن الكريم جماعة لا يجوز أبدا أن تكون بديلا عن التلاوة التعبدية اليومية التي يلتزم بها كل مسلم بينه وبين نفسه من خلال نصف حزب أو حزب أو حزبين أو ... يقرأه في كل يوم بعيدا عن الآخرين .
ومنها ترك الاستماع والإنصات عندما يقرأ الجميع بصوت واحد , وكذا لزوم تخليط بعضهم على بعض .
لهذه الأسباب وغيرها مما يشبهها أو للبعض فقط من هذه الأسباب كره مالك رضي الله عنه وغيره قراءة القرآن الكريم جماعة .
فإذا سلمت قراءة القرآن جماعة من هذه المحاذير فلا بأس بها ، وإذا كان الرجل إذا قرأ وحده صار أقرب إلى استحضاره وإلى تدبره كان ذلك أولى له عندئذ من القراءة الجماعية .
خامسا : فتوى العلامة ابن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة : " الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ... إذا كان المقصود أنهم يقرءون جميعا بصوت واحد ومواقف ومقاطع واحدة فهذا غير مشروع وأقل أحواله الكراهة ؛ لأنه لم يؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم . لكن إذا كان ذلك من أجل التعليم فنرجو أن يكون ذلك لا بأس به ... وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ".
سادسا : فقه كبير عند بعض المالكية : ولكن بعض المالكية حاولوا أن يجمعوا بين القول بالكراهة والقول بالاستحباب , بالتفريق بين :
ا - التلاوة التعبدية التي يلتزم بها المسلم عادة بشكل ورد يومي واستجابة لأمر الله " اتل ما أوحي إليك من كتاب ربك " , " ورتل القرآن ترتيلا " , حيث قالوا بأن القراءة الجماعية للقرآن وبصوت واحد من أجل هذه التلاوة التعبدية , تعتبر بدعة مكروهة لأنها مخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الصالح .
ب- وأما القراءة الجماعية فيما بين جماعة يقرأون القرآن , من أجل التعليم كما قال بن عثيمين أو من أجل تهيئة أنفسهم لحفظ القرآن أو من أجل مراجعة ما يحفظون كما هو حال الكثيرين ممن تعودوا على الحزب الراتب في مساجد المغرب العربي منذ أكثر من 1000 سنة , فهي جائزة ومستحبة . وحتى إن اعتبرت بدعة فإنها تصبح بدعة حسنة بإذن الله تعالى . هذا مع الحرص بطبيعة الحال على التقليل من سيئاتها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا .
والله أعلى وهو وحده أعلم بالصواب .

اللهم اغفر لأهل منتديات الشروق وارحمهم واجعلهم جميعا من أهل الجنة
التعديل الأخير تم بواسطة رميته ; 21-09-2008 الساعة 11:41 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
ابن الواحات
زائر
  • المشاركات : n/a
ابن الواحات
زائر
رد: قراءة القرآن جماعة و بنغمة و احدة
22-09-2008, 02:37 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رميته مشاهدة المشاركة
يا ليتنا نعود أنفسنا على الكتابة في المسائل الاتفاقية عوض الكتابة في المسائل الخلافية , يا ليت ...
أولا : صور قراءة القرآن الكريم وحكم كل صورة :
قراءة القرآن الكريم جماعة لها أربع صور :
الأولى : أن يقرأ الواحد والباقون يستمعون إليه . وهذه جائزة وغير مكروهة بلا خلاف بين عالمين إثنين . قال بن تيمية رحمه الله تعالى " وأما قراءة واحد والباقون يستمعون له , فلا يكره بلا خلاف , وهي مستحبة . وهي التي كان الصحابة يفعلونها كأبي موسى الأشعري وغيره ".
الثانية : أن يقرأ قارئ ثم يقطع , ثم يعيد غيره ما قرأ الأول , وذلك من أجل مدارسة القرآن . وهذه الصورة مستحبة باتفاق الفقهاء , لأن جبريل كان يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن برمضان , وكان يعرض كل واحد منهما القرآن على الآخر . وحتى لو كان القارئ واحدا والمعيد هو باستمرار الثاني , فإن القراءة تبقى مستحبة غير مكروهة بإذن الله تعالى .
الثالثة : أن يقرأ قارئ ثم يقطع , ثم يقرأ غيره بما بعد قراءة الأول ولا يعيد قراءة الأول. وتسمى قراءة الإدارة . وهذه القراءة ذهب جمهور الفقهاء إلى أنها حسنة ولا تكره , وذهب الحنابلة إلى كراهة تلك الصورة . قال بن تيمية
" وقراءة الإدارة حسنة عند أكثر العلماء ". وقد سئل مالك رضي الله عنه عن ذلك فقال " لا بأس به " . وقال آخرون " إذا اتفق الحنابلة مع الجمهور على استحباب الصورة الثانية فلا معنى لكراهة الصورة الثالثة , إذ لا فرق بين أن يعيد القارئ ما قرأ الأول أو يبدأ الثاني في القراءة من حيث انتهى الأول".
الرابعة : أن يقرأ الكل مجتمعين بصوت واحد .
مذهب الحنابلة والشافعية استحباب ذلك , وهو القول الثاني عند الأحناف . وقال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى " قراءة الإدارة حسنة عند أكثر العلماء , ومن قراءة الإدارة قراءتهم مجتمعين بصوت واحد , وللمالكية قولان في كراهتها ". وعلى القول بكراهة مالك لهذه الصورة ورد عنه قوله رحمه الله " وهذا لم يكن من عمل الناس " . والقول بكراهة هذه الصورة هو المعتمد عند الحنفية .
وفي كل الأحوال فإن الأولى أن يقرأ واحد ويستمع الآخرون أو الباقون .
ثانيا : المنافع والمصالح المترتبة عن قراءة القرآن جماعة : هذه القراءة الجماعية بصوت واحد , إن تمت من أجل الحفظ أو مراجعة الحفظ ( لا من أجل التلاوة التعبدية ) , فيها جملة فوائد يمكن أن نذكر منها :
1- تعهد القرآن الكريم ، فهي تساعد علىحفظه وضبطه ومراجعته وعدم نسيانه ، وهي بذلك تحقق الاستجابة للأمر النبوي الواردفيما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " تعــاهدوا القرآن ، فو الذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل فيعُقُلها " مسلم.
وقد حمل بعض المفسرين قوله تعالى" ومن أعرض عن ذكري فإن لهمعيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى " على نسيان القرآن بعدحفظه.
إذن من فوائد هذه القراءة الجماعية التعاون على الحفظ أو المراجعة لأن المسلم الواحد لمفرده يمكن أن يضعف , ولكنه بإخوانه يتقوى .
2- ومن فوائدها تسميع كتاب الله تعالى لمن يريد سماعه من عوام المسلمين ، إذ لايقدر العامي على تلاوته فيجد بذلك سبيلا إلى سماعه ، ثم إن كثيرين حفظوا القرآن منخلال مواظبتهم على الحزب مع الجماعة .
3- ومن حسناتها التماس الفضل المذكور فيحديث " ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلونكتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهمالملائكة وذكرهم الله فيمن عنده " ، فقد استفيد منه أن كل قوم اجتمعوا لما ذُكرحصل لهم الأجر من غير اشتراط وصف خاص فيهم من علم أو صلاح أو زهد .
4-ومن إيجابياتها أن ينتبه المسلم إلى مواضع الخلل في حفظه للقرآن بطريقة من الصعب أن ينتبه إليها لو كان يحفظ القرآن أو يراجعه لوحده .

وبالجملة فإن أدلة المانعين لقراءة القرآن جماعة هنا في الجزائر , لاتخرج عن أمرين اثنين :
أقوى ما يستدل بهالمانعون هو أن الاجتماع لقراءة القرآن بدعةٌ ، إذ لم يثبت على زمن رسول الله صلى اللهعليه وسلم ولا أحد من أصحابه . ويستدلون لذلك بأدلة منها:
ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من أحدث في ديننا ماليس منه فهو ردٌّ " . متفق عليه . ومقتضى هذا الاستدلال أن قراءة القرآن الكريم جماعة على الطريقة المعهودة محدثة وهي من الابتداع المنهي عنه .
والتحقيق العلمي ينتهي إلى أن البدعة المنهي عنها في دين الله عزّ وجلّ لها شرطان:
الأول : أن تكون حادثة لم تكن في الصدر الأول .
والثاني : أن تناقض أصلاً من أصول الإسلام قرآنًا أو حديثًا نبويًّا شريفًا أو إجماعاً .
فإذا اجتمع الشرطان كان الأمر المحدَث هو البدعة الضلالة الذي يُحمل عليه حديث " كل بدعة ضلالة ".
أما إذا لم يجتمع الشرطان فإما أن يكون الأمر غير محدث أصلا بل كان موجودا في الصدر الأول فلا يكون بدعة ، أو أن يكون محدثا ولكنه لا يناقض أصلا من كتاب أو سنة أو إجماع فلا يكون حينئذ بدعة أيضا.
وإن أطلق اسم البدعة عليه فإنما هو إطلاق بالمعنى اللغوي لا بالمعنى الديني الاصطلاحي والشرعي.
فالأمر المحدث إن كان حسنا فمقبول وإن كان قبيحا فممنوع ؛ والقبيح ماناقض أصلا من أصول الشريعة ، والحسن ما وافقها.
والقاعدة في كل أمر محدث قبل أن نصدر حكم الله فيه ، أن نعرضه على أدلة الكتاب والسنة والإجماع ، فيكون حكمه ما نصت عليه هذه الأدلة بغضِّ النظر عن كونه محدثا أو غير محدث.
قال شهاب الدين القرافي " البدعة إذا عَرضت تُعْرض على قواعد الشريعة وأدلتها ، فأيشيء تناولها من الأدلة والقواعد ألحقت به ".
وربّ تصرف محدث يصحّ إطلاق اسم البدعة عليه في اللغة ، ولكنه في ميزان الشرع سنّةٌ أو واجبٌ .
قال بن الأثير " البدعة بدعتان بدعة هُدًى وبدعة ضلال ، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو في حِيِّز الذم والإنكار ، وما كان واقعًا تحت عموم ما ندب الله إليه وحضّ عليه الله أو رسوله فهو في حيِّز المدح ، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف ، فهو من الأفعال المحمودة ، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثوابًا فقال " مَنْ سَنَّ سُنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها ".
وعلى هذا فهل قراءة القرآن الكريم جماعة على طريقة الحزب الراتب والسائدة في الجزائر بدعة ؟
هل شرطا البدعة والضلالة متوفران فيها :
ا- أمّا أنها محدثة ، فلا يناقش في ذلك أحد ، فهي طريقة لم تكن على زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولذلك قال عنها الإمام مالك رضي الله عنه
" لا أعرفه عن السلف ".
ب-وأما أنها تناقض نصا في كتاب الله تعالى أو سنة النبي صلى الله عليه وسلم فالعكس هو الصحيح :
فقد استند من اعتمد على القراءة الجماعية للقرآن الكريم على طريقة " الحزب الراتب" إلى أدلة من النقل والعقل , منها :
* الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده " .
**ومنها ما ثبت عن معاوية رضي الله عنه قال "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على حلقة من أصحابه فقال : ما أجلسكم ؟ قالوا : جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده على ما هدانا للإسلام ومنّ به علينا ، قال : آلله ما أجلسكم إلا ذاك ؟ أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله تعالى يباهي بكم الملائكة "
رواه مسلم.
***ومنها ما روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه " كان يدرس القرآن معه نفر يقرؤون جميعا ".
****ومنها استحسان العلماء الذين عليهم المدار في الفتوى لهذه الطريقة . فقد نقل الإمام أبوالعباس الونشريسي أنه شوهد الإمام ابن عرفة رحمه الله يجمع الثلاثة والأربعة في حزب واحد للتجويد ، وشوهد أبو الحسن البطرني يجمع الثلاثة في القراءة ".
***** ومنها أن القراءة بهذه الكيفية المعهودة عادة حسنة لا تخالف الشرع ، والعادةالحسنة إذا لم تخالف الشرع ولم تناقض أصلا من أصوله فلها اعتبارها ، ولهذا قال العلماء " الثابت بالعرف كالثابت بالنص ".
فهذه الكيفية مما جرى به العمل ، ولا يصحّ تغيير هذا العمل إلا إذا صادم وناقض أدلة الشريعة الصريحة .
يشهد على ذلك تصريح الجمّ الغفير من العلماء الأعلام ، من ذلك :
ا- قول عيسى السكتاني " فإذا اتّضح لك توجيه ما جرى به العمل لزم إجراء الأحكام عليه لأن مخالفة ما جرى به العمل فتنة وفساد كبير".
ب- قول أبي إسحاق الشاطبي " والأَولى عندي في كل نازلة يكون فيها لعلماء المذهب قولان ، فيعمل الناس فيها على موافقة أحدهما ، وإن كان مرجوحا في النظر ، أن لا يعرض لهم ، وأن يجروا على أنهم قلّدوه في الزمان الأول وجرى به العمل ، فإنهم إن حملوا على غير ذلك كان في ذلك تشويش للعامة وفتح لأبواب الخصام .
جـ- وقول ابن عبد البر " إذا رأيت الرجل يعمل بالعمل الذي اختلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه ".
د - وقول أبي العباس الونشريسي " والاستشهاد بعمل أهل البلد ببعض الأقوال الفقهية دون بعض أمر معروف شهير عند الخاص والعام لا يجهله من له بالطلب أقلّ تلبس ".
وغير هذه النصوص كثيرة في المذهب المالكي وفي غيره من مذاهب الأمصار ، وتستند كلها على أدلة من نصوص الكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة . وهي تدل في مجموعها أن ما جرى به العمل في الأمصار له سلطان ولو كان مرجوحا شرط ألا يصادم ويناقض أصلا من أصول الشريعة .
وما قراءة القرآن الكريم على هذه الطريقة المعهودة إلا عمل جارٍ منذ قرون بهذه الديار ، ففيم النزاع ؟
****** ومن أدلتهم أيضا أن هذه الطريقة فيها منافع جمّة ، ومصالح لا تعدّ إذا أحسن القارئ القراءة وتأدب بآدابها ، واحترم الوقوف ، وأحكام الترتيل ، ومخارج الحروف . وإن كان هناك ناس يقرأون القرآن جماعة ولا يقفون عند الحدود الشرعية للقراءة فإن آخرين يقرأونه جماعة ويلتزمون بحدوده إلى حد كبير , ومنه فلا يجوز التعميم أبدا .
والعمل إذا تضافر عليه أهل الأمصار والأعصار ، ولم يرد من الشرع ما يمنعه أو يقرُّه ، فهو من المصالح المرسلة التي تأكدت فيها المصلحة .
وبالجملة فإن الذين أحدثوا طريقة " الحزب الراتب " لحفظ القرآن الكريم واستدامة استحضاره لم يبتدعوا البدعة الضلالة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أحدثوا طريقة علمية تربوية في الحفظ والاستحضار مثلما أحدث عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما طرقا في حفظ الدين .
ولقد نشأ عن هذا الاختيار نظام ديني اجتماعي يعتبر الخروج عنه فتنة وفسادا كبير . ومنه فالذي لا يريد أن يقرأ القرآن جماعة له ذلك وهو حر في اختياره ونيته بإذن الله طيبة , وله إن شاء الله عليها أجر . ولكن الذي يقرأ القرآن جماعة مع تجنب سيئات هذه القراءة أو التقليل منها لا يجوز لومه كذلك ولا الإنكار عليه ولا اتهامه بأنه مبتدع أو اتهامه في نيته , وله على فعله أجر بإذن الله فضلا عن الفوائد الدنيوية والأخروية التي يكسبها بالمداومة على هذا الحزب الراتب لمدة طويلة .
ثم :
قال ابن لبّ " أما قراءة الحزب في الجماعة على العادة فلم يكرهه أحد إلا مالك على عادته في إيثار الاتباع ، وجمهور العلماء المالكية على جوازه واستحبابه , وقد تمسكوا في ذلك بالحديث الصحيح .
وبعض العلماء حملوا المنع على المعلم يغرر في تعليم تلامذته قراءة القرآن ، فإنهم إن قرأوا جماعة لا يعرف الحافظ منهم من غير الحافظ ؛ وبالتالي فإنه لا يفي بحقهم في التعلم في مقابل الأجر الذي يتقاضاه . فسّر ذلك القابسي عندما سئل فأجاب " إن اجتماعهم على القراءة بحضرته يخفي عليه القوي الحفظ من ضعيفه ". فإذا زالت علة الغرر زال الحكم بزوالها بإذن الله تعالى .
لذلك علّق أبو العباس الونشريسي على اشتهار ذلك عن بعض الأعلام بقوله " لكن إنما يقرؤون لله تعالى ، فلا يدركهم هذا الحكم المذكور ، وهذا بعد تسليم جواز الاجتماع على القراءة وهو مذهب الجمهور ، وتعضده الآثار الصحيحة , أي أنهم لايتقاضون على تعليمهم أجرا ، فلا يلحقهم حكم الكراهة . أما جواز القراءة الجماعية في غير وجه التعليم المأجور فهو مسلَّم كما ترى . وعلى فرض عدم التسليم ، واستصحاب الخلاف ، فقد سبق سوق عبارات الفقهاء الصريحة في أنه " لا إنكار في مورد الخلاف" .
ونضيف عليها قول أبي عبد الله السجلماسي " وإذا كان القول المعمول به راجحا بالعمل ، لم يجز للقاضي ولا المفتي العدول عنه إلى غيره ، وإن كان مشهورا ".
وقول القاضي المجاصي " وخروج القاضي عن عمل بلده ريبة قادحة ، لكن يقتصر من العمل على ما ثبت ، ويسلك المشهور فيما سواه ".
وخلاصة القول أن شروط البدعة غير متوفرة في قراءة القرآن جماعة على طريقة " الحزب الراتب ", بل إنّ الأدلة التي استند إليها معتمدو هذا المنهج من القوة والتنوّع بحيث تنفي كل ريب أو شك في مشروعية الطريقة بإذن الله.
إن أقلّ ما يمكن أن يقال : إنّ قراءة القرآن جماعة بصوت واحد جائزة إن لم تكن مندوبة ومستحبة ، وذلك إذا كانت القراءة صحيحة خالية من اللحن ومن الكبر والرياء ، بحيث يراد منها الحفظ والضبط والمراجعة ، ولا يعتقد فاعل ذلك أنه يقدم على مكروه تقليدا لمالك ، بل يعتقد معنى الحديث النبوي الشريف المتقدم وتقليد من يستحب ذلك ويستحسنه والله أعلم بالصواب .
أما هجر هذه الطريقة ومنعها حتى أمسى بعض الأئمة يؤمون التراويح من المصاحف ، وآخرون يلحنون فيالقراءة ، ولا يكادون يحفظون من كلام الله إلا قليلا ، بل يعجزون عن الاستشهاد بآي القرآن فخطير خطورة هجر القرآن ذاته .
وإننا نحذر هؤلاء من مثل هذا الغلو ، فإن نسيان القرآن فيه وعيد شديد محتمل . ألم يقل عليه الصلاة والسلام " إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب".
يتبع : ...
ليس من العقل ولا من الحكمة أن أدع قول عالم بمثل منزلة العلامة : تقي الدين الهلالي - رحمه الله -
وألهث خلف أحد الجامعين لأقوال من هنا وهناك ، كحاطب ليل .
هل نحن في مستوى الفتوى ؟؟
عجيب أمر هذا الزمن ؟
نسأل الله السلامة ، كما نسأله أن يوفقنا لاحترام العلماء السلفيين الربانيين
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية معاوية الاثرى
معاوية الاثرى
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 29-01-2008
  • المشاركات : 405
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • معاوية الاثرى is on a distinguished road
الصورة الرمزية معاوية الاثرى
معاوية الاثرى
عضو فعال
Re: رد: قراءة القرآن جماعة و بنغمة و احدة
24-09-2008, 09:48 AM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن الواحات مشاهدة المشاركة
ليس من العقل ولا من الحكمة أن أدع قول عالم بمثل منزلة العلامة : تقي الدين الهلالي - رحمه الله -
وألهث خلف أحد الجامعين لأقوال من هنا وهناك ، كحاطب ليل .
هل نحن في مستوى الفتوى ؟؟
عجيب أمر هذا الزمن ؟
نسأل الله السلامة ، كما نسأله أن يوفقنا لاحترام العلماء السلفيين الربانيين

لا فض فوك اخى ابن الواحات والله لقد قلت الحق
هذا هو زمن الفتن اخى الكريم فنسئل الله السلامة بجلودنا
كنت أعمى فأبصرت
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية moussa16
moussa16
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 30-08-2008
  • المشاركات : 4,241
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • moussa16 will become famous soon enough
الصورة الرمزية moussa16
moussa16
شروقي
رد: قراءة القرآن جماعة و بنغمة و احدة
24-09-2008, 12:54 PM
اللهم ارحمنا من الفتن
حين تموت الأسود ترقص الكلاب على أجسادها
لكن تبقى الأسود أسوداً و تبقى الكلاب كلاباً


أَقِيمُـوا بَنِـي أُمِّـي صُـدُورَ مَطِيِّـكُمْ فَإنِّـي إلى قَـوْمٍ سِـوَاكُمْ لَأَمْيَـلُ

فَقَدْ حُمَّتِ الحَاجَاتُ وَاللَّيْـلُ مُقْمِـرٌ وَشُـدَّتْ لِطِيّـاتٍ مَطَايَـا وَأرْحُلُ
  • ملف العضو
  • معلومات
عزوني محمد
عضو جديد
  • تاريخ التسجيل : 14-09-2008
  • الدولة : الجزائر
  • العمر : 62
  • المشاركات : 3
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • عزوني محمد is on a distinguished road
عزوني محمد
عضو جديد
رد: قراءة القرآن جماعة و بنغمة و احدة
25-09-2008, 12:35 PM
شكرا و رمضان كريم و عيد سعيد للجميع.
من مواضيعي
موضوع مغلق
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 08:09 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى