فب العالم القادم ... هل للعرب مكان أفضل؟
19-05-2021, 12:18 PM
في العالم القادم.. هل للعرب مكان أفضل؟


توقع مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية (مايكل ماكونيل في عام 2008) أن تنتقل مركزية العالم من الغرب الى الشرق، بطريقة لم يسبق لها مثيل، لا من حيث السرعة ولا من حيث تواجد الثروات، كما أكدت مجلة (تايم الأمريكية) ـ في عددها يوم السبت (أكتوبر 2008)، أن الولايات المتحدة الأمريكية قد خسرت قدرتها على قيادة العالم.


هذا من أقوال أهل أمريكا، والعالم يشهد ذلك، دون مساعدة توكيد الأمريكان للأمر, فالتخبط السياسي وظهور أفكار متطرفة حاولت استغلال تفرد أمريكا لقيادة العالم بطريقة قبيحة جدا، عجلت من ظهور علامات الشيخوخة على أمريكا، التي تمثلت بعدم قدرتها على حسم صراعات افتعلتها تحت مسمى (مكافحة الإرهاب) بشكل أفعال إجرامية قامت بها في أكثر من بقعة بالعالم، كان نصيبنا نحن العرب والمسلمون القسم الأكبر من تلك الأفعال الإجرامية.


هذا مما أسال لعاب دول هيأت نفسها لنفض الرضوخ لأمريكا عن كاهلها، وإعلاء صوتها وإسناد الصوت بالفعل والمال كالصين وروسيا مثلا. وعلت أصوات دول تطالب بمكانة أفضل كالتمتع بحق التمثيل الدائم في مجلس الأمن كألمانيا واليابان والبرازيل والهند.


ماذا عن العرب؟


بعيدا، عن لهجة الاستخفاف التي اصطبغ بها الخطاب الثقافي العربي طيلة عقود طويلة والتي مفادها أن النظام الرسمي العربي ميئوس منه وليس هناك أمل في إصلاحه أو التعويل عليه في النهوض بالأمة من حالتها المتردية الى حالة أفضل. وبعيدا عن الجدل الذي ينفي وجود إطار يجمع ما يدعى بالأمة العربية، ويجعلها تفكر ككيان أو مشروع كيان يفعل ما يحقق له احتلال مكانة تليق بحجمه وعدده وموقعه وإمكانياته.


ولو أوقفنا وصف هذه الأمة بأنها (أمة عربية) أو أمة (لسانها عربي)، وأطلقنا عليها الأمة (السينية) أو أخذنا من كل دولة من دولها حرفا وشكلنا منه اسما جديدا لهذه الأمة التي يربطها حدود ولغة وثقافة ودين ومصالح وآمال وأخطار تتكالب عليها لتدلل من وحدتها، لو فكر أبناء تلك الأقطار بكل ذلك لتساهلوا في قبول اسم الأمة العربية عليها، أو لطالب غير العرب من أبناءها ليثبتوا اسم الأمة العربية عليها. فإن كان (أمريكو فسبوشي) بزيارته لقارتين حجمهما يزيد عن ضعفي مساحة الوطن العربي، قد أجبر العالم على تسمية تلك القارتين باسمه، فإن أمة نزل بلسانها القرآن ليس كثيرا عليها أن تطلق على أقطارها بالأقطار العربية.


كيف لنا مناقشة تحقيق حلم احتلال مكانة رفيعة؟



إن التجانس بين أبناء أقطار الوطن العربي، يزيد عن تجانس أبناء أوروبا الموحدة، أو حتى روسيا والصين والهند التي تضم عشرات القوميات، وإن تواصل تاريخنا بميراثه العميق يفوق تراث أمريكا ذات الخمس قرون أو دوقية موسكو التي تمددت حتى أصبحت روسيا العظيمة من القرون الوسطى حتى أيامنا هذه.


هل النظم القائمة عائق لا يمكن معالجته؟



ليس بالإمكان تجاهل النظم القائمة، وما خلقته من هالات نخب تمكنت من استحواذ أسرار الاحتفاظ بالسلطة وكيفية التعامل مع من يعارضها، كما أن الثروات الوطنية قد آلت هي الأخرى الى فئات تتعاضد مع نظم الحكم القائمة، وأن الأقلام التي تكتب وتضخ فكرا ودعاية للمواطنين غالبيتها من الأقلام التي تدربت للتعايش مع تلك الأنظمة.


من يقرأ تاريخ الجامعة العربية، ويتمعن به جيدا، سيهتدي لوصفة صادقة. فقد كانت اجتماعات هيئات الجامعة تتم بشكل رسمي مهذب، مليء بعبارات المجاملة والكرم، ولكن أجهزة كل قطر كقلوب من يجلسون في اجتماعات هيئات الجامعة، مليئة بالأحقاد وممزوجة بالسخرية والتهكم من الأطراف الأخرى، فكانت رسائل الحقد تأتي دون تصريح من القائمين على تلك الأنظمة. فكانت النتيجة هي عدم الرغبة لتطوير عمل الجامعة والتعامل معها ك (اللَقَطَة على العين).


من يقيم علاقات مع فرنسا ومع أمريكا وبريطانيا، ومناهج كتبه المدرسية مليئة باتهام تلك البلدان بالسوء والتآمر على الأمة، ومع ذلك يكون التعامل معها بكل ود وتحبب، من يفعل ذلك ألا يستطيع إنشاء علاقات طبيعية مع أشقاءه دون غمز ولمز وعدم احترام؟


إن النظم القائمة، إذا أحست بأمان من أشقاءها فإنها بالتأكيد ستخطو خطوات مهمة نحو زيادة التنسيق بين أقطار البلدان العربية. وبعكسه فإن عدم الإحساس بالأمان سيبعد الأشقاء عن بعضهم ويجعلهم يتوجهون الى جهات يفترض أنها مصنفة مع الأعداء.


لقد كانت شعارات الخمسينات والستينات من القرن الماضي والتي ترسم خريطة أعداءها من صهاينة وإمبرياليين ورجعيين، وتهدد بتأميم ممتلكات من يملك ما يزيد عن نصف مليون دولار، لقد دفعت تلك الشعارات العرب الأغنياء لتهريب أموالهم الى بنوك غربية.


إن كان هذا التخويف قد زال الآن، وأن الاستثمارات العربية في البلدان العربية تتزايد وتتداخل، فإن المثقفين والسياسيين بحاجة الى إعادة صياغة خطابهم أو خطاباتهم بما يهيئهم الى احتلال مكانتهم، فلقد ضاعت على العرب فرصة الخمسينات عندما كان العالم منشغلا في تضميد جراح الحرب العالمية الثانية، فكان بإمكانهم أن ينفذوا أشكالا تنسيقية فيما بينهم تستثمر الأرض الطيبة بالمال الطيب والأيدي العاملة التي إذا انتقلت من قطر لقطر لا تشعر بغربة كما تشعر بها عندما تهاجر خارج حدود الوطن العربي. فلينتبه الكل لتلك اللحظات التاريخية التي فيما لو استغلت جيدا، لاستعاد العرب هيبتهم التي فقدوها طويلا