فتوحات محمد الفاتح في الأفلاق والبوسنة والهرسك
23-06-2021, 11:06 AM


غزو الإفلاق: (1462م)

كان وقع حملة الفاتح على شمال الأناضول وشرقه، خاصَّةً بعد إسقاط إمبراطوريَّة طرابزون، عظيمًا جدًّا على جميع الأوروبِّيِّين، وبشكلٍ أكبر على البابا بيوس الثاني، ولقد جمع البابا أساقفته وقال لهم في حزن: «إنَّنا لم نفعل شيئًا لأعداء الصليب، هذا واضح، والسبب في صمتنا ليس عدم المبالاة ولكنَّه نوعٌ من اليأس»[1]! ومع ذلك فالبابا لم يتوقَّف عن العمل؛ فقد سعى إلى تحفيز القيادات النصرانيَّة داخل الدولة العثمانية، أو التابعين لها، على التمرُّد على الدولة.

استجاب للبابا أمير الإفلاق الروماني ڤلاد الثالث، فأعلن توقُّفه عن دفع الجزية إلى الدولة العثمانية، بل لم يكتفِ بذلك الأمر إنَّما عَبَر الدانوب، وقام بمذبحةٍ في بلغاريا حيث قتل ما يقرب من 25 ألف مسلم![2][3][4]! كان ڤلاد الثالث، والمشهور بدراكولا، من أشد الأمراء قسوة، وكانت طريقة إعدامه المفضَّلة هي الإعدام بالخازوق؛ ولذلك عُرِفَ في التاريخ باسم ڤلاد الثالث المخوزِق! (Vlad the Impaler)[5].

أرسل الفاتح جيشين الواحد تلو الآخر إلى الإفلاق لردعه لكنه هزم الجيشين[6]! لم يجد السلطان محمد الفاتح حلًّا إلَّا أن يتحرَّك بنفسه إلى لقاء ڤلاد الثالث دراكولا المرعب، فجهز في ربيع 1462م حملةً ضخمةً وصل عدد الجيش فيها إلى مائةٍ وخمسين ألف مقاتل[7][8].

توجَّه الفاتح مباشرة إلى عاصمة الإفلاق «ترجوڤيشت» Târgovişte[9]، فوصلها في 16 يونيو 1462م. هرب دراكولا وفضَّل أن يستخدم أسلوب الأرض المحروقة، فكان يحرق المزروعات في طرق الجيش العثماني ليحرمه من التموين، ويتجنَّب الصدام المباشر معه، بل يستخدم حرب العصابات[10].

لم تُجْدِ هذه المحاولات معه نفعًا؛ فقد انتصر الجيش العثماني في مواقع عدَّة، وانتهى الأمر بهروب دراكولا من الإفلاق كلِّه ولجوئه إلى ملك المجر ماتياس[11]، وولَّى محمد الفاتحُ أخا دراكولا، وهو رادو العادل Radu the Fair[12]، وكان صديقًا مقرَّبًا له، وبذلك دخلت الإفلاق في تبعية الدولة العثمانية من جديد.

أما دراكولا فقد أمسك به ماتياس وسجنه في المجر بحجة أنه كان يتواصل سرًّا مع محمد الفاتح ضدَّ المجر، ويبدو أن هذه كانت مؤامرةً من ماتياس للتخلُّص من دراكولا، الذي كان يُنافس ملك المجر على سيادة الإفلاق، وكان يُنافسه كذلك على تلقِّي الدعم المالي البابوي[13].

فتح ليسبوس (1462م):

مستغلًّا انشغال السلطان محمد الفاتح في الأناضول، ثم في الإفلاق، امتنع نيكولو جاتيلوسيو Niccolò Gattilusio حاكم جزيرة ليسبوس Lesbos الچنوي عن دفع الجزية إلى الدولة العثمانية، بل فعل ما هو أكثر من ذلك؛ إذ فتح موانئ الجزيرة للقراصنة الإسبان والإيطاليِّين والصقلِّيِّين، الذين اتَّخذوها قاعدةً لمهاجمة الشواطئ العثمانية، وسرقة السفن التركيَّة، بل أخذ بعض المسلمين من على الشواطئ عنوةً وبيعهم في أسواق العبيد[14]!

أعدَّ السلطان الفاتح جيشًا كبيرًا لفتح الجزيرة، يُقدَّر بحوالي أربعين ألف مقاتلٍ مصحوبًا بأسطولٍ كبيرٍ تتراوح سفنه بين خمسٍ وستِّين إلى مائتي سفينة[15]. تحرَّك السلطان محمد الفاتح بجيشه برِّيًّا في الأناضول حتى وصل قبالة الجزيرة، وكان الأسطول قد وصل إلى الجزيرة قبله في أوَّل سبتمبر 1462م، وكان الأسطول بقيادة الصدر الأعظم محمود أنچلوڤيتش[16]. عَبَر الفاتح إلى الجزيرة، وضُرِب الحصار حول المدينة الرئيسة في الجزيرة، وهي العاصمة ميتيليني Mytiliene، وطلب الجيش العثماني من أهلها التسليم، فرُفِض الطلب، ومِنْ ثَمَّ نُصِبَت المدافع، وبدأ القصف المتوالي على المدينة بدايةً من 5 سبتمبر 1462م، وبعد أسبوعين، وفي 19 سبتمبر 1462م، أعلنت قيادة الجزيرة التسليم للجيش العثماني، وسقطت الجزيرة دون قتالٍ مباشر، وكان من أسهل فتوحات العثمانيِّين[17].

فتح البوسنة: (1463م)

قرَّر ملك البوسنة استيفين توماسيڤيتش Stephen Tomašević الامتناع عن دفع الجزية، وبالتالي من المتوقَّع أن يُوَجِّه ولاءه تجاه المجر بدلًا من الدولة العثمانية، ولا شَكَّ أنَّه سيحصل من البابا على دعمٍ نتيجة هذا السلوك العدائي ضدَّ الدولة العثمانية، وليس هذا فقط؛ بل عقد الملك البوسني اتِّفاقيَّة تحالفٍ مع إسكندر بك المنشقِّ الألباني[18]، وهذا يعني أنَّ احتمال الاشتراك في عملٍ عسكريٍّ ضدَّ الدولة العثمانيَّة صار قريبًا، وقد تزامن هذا مع نقض إسكندر بك للهدنة مع الفاتح بتحريض من البندقية[19]، ممَّا يعني أن هناك جبهة كبيرة من الأعداء تتكوَّن في منطقة البوسنة، تجمع ملك البوسنة، مع الألبان، والبنادقة، وقد ينضم إليهم ملك المجر والبابا، ولهذا أخذ الفاتح القرار الحاسم بالتوجه بحملةٍ همايونيَّة كبرى لفتح البوسنة، وجهَّز لذلك جيشًا عظيمًا بلغ تعداده مائة وخمسين ألف مقاتل[20].

أراد محمد الفاتح أن يحرم ملك البوسنة من الدعم الألباني، فدخل بجيشه الكبير إلى شمال شرق ألبانيا مرهبًا إسكندر بك، ثم عرض عليه الهدنة فوافق، وكان ذلك في يوم 27 أبريل عام 1463م، وعُقِدت الهدنة في مدينة سكوبيه المقدونيَّة، ولذلك تُعْرَف بسلام سكوبيه (Peace of Skopje)[21].

بعدها انطلق الفاتح بجيشه إلى البوسنة قاصدًا أحصن مدنها، وهي مدينة بوبوڤاك Bobovac[22]. فرَّ ملك البوسنة من العاصمة إلى مدينة يايسي Jajce[23]، فسقطت بوبوڤاك في أيَّامٍ معدودات [24]! هرب ملك البوسنة مرَّةً أخرى من يايسي، ولكن تمكَّن الجيش العثماني من اعتقاله، وأُعدم في يوم 25 مايو 1463م[25]، وبإعدامه انهارت معنويَّات المقاومين، ومِنْ ثَمَّ سقطت المدن والقلاع في يد محمد الفاتح في غضون أسابيع قليلة، ووصل محمد الفاتح بجيوشه شمالًا إلى مدينة شاميتس Šamac أقصى شمال البوسنة[26]، وبذلك فُتِحت البوسنة في أقلَّ من شهرين!
كان سقوط البوسنة في يد العثمانيِّين من الأحداث المهمَّة في التاريخ؛ لأنَّ الأمر لم يتوقَّف عند التَّبعيَّة السياسيَّة؛ إنما دخل معظم شعب البوسنة في الإسلام، وهذا الأمر غيَّر كثيرًا من خريطة البلقان الديموجرافيَّة والسياسيَّة، وقد يرجع السبب في ذلك إلى رؤية الشعب لنموذجٍ فريدٍ من القيادة الإسلامية؛ حيث أظهر السلطان الفاتح احترامه البالغ لأهل البوسنة، وأظهر قبوله الكامل لأنْ يَعبُدَ هذا الشعبُ ربَّه على المذهب الذي يُريد، وكان أهل البوسنة يدينون بمذاهب خاصة غير منتشرة في البلقان، مثل الفرنسيسكانية والبوجومولية، فكتب الفاتح فرمانًا أمَّن فيه الشعب على دينهم وأموالهم وأعراضهم، وما زال هذا الفرمان محفوظًا في دير فوينيتسا في البوسنة Fojnica Franciscan Monastery، في مدينة فوينيتسا Fojnica.

وهذه الحرية الدينيَّة لم يعهدها البوسنيُّون في تاريخهم، حيث كانوا يُضطهدون من الأرثوذكس أو الكاثوليك على حدٍّ سواء، فهذا الذي دفعهم للتساؤل عن هذا الدين الذي يُحرِّك القيادة العثمانية، فصاروا إلى الإسلام، ولقد كان الفاتح حريصًا على بناء المساجد في كلِّ بلدٍ بوسنيٍّ يفتحه، وإمداد هذه المساجد بالوعَّاظ والعلماء ورجال الصوفيَّة[27]، فوجد الشعب البوسني مَنْ يشرح له الدين، ويُفَسِّر له العقيدة، بالإضافة إلى ذلك حرص الفاتح على تهجير عددٍ كبيرٍ من الأتراك المسلمين من الأناضول إلى البوسنة، حيث استوطنوا هذا البلد، سواءٌ في المدن التي أنشأها العثمانيُّون هناك، أم في المدن القديمة، وذلك دون تضييقٍ على أهل البلد أو أخذ ممتلكاتهم[28]، فكان هذا الوجود التركيُّ المكثَّفُ في البلد سببًا في تعرُّف البوسنيِّين على الطبيعة الحقيقيَّة لدين الإسلام.

تبعية الهرسك:

اقتنع استيبان ڤوكسيتش Stjepan Vukčić حاكم الهرسك أنَّه لا طاقة له بحرب العثمانيِّين؛ ومِنْ ثَمَّ تنازل لهم عن الأرض الواقعة بين مدينتي بلاجاي Blagaj، وكلاموج Glamoč، وهي مناطق تقع في غرب البوسنة الآن، وقريبةٌ جدًّا من حدود كرواتيا الغربيَّة، وظلَّ حاكم الهرسك يحكم المناطق الجنوبيَّة دافعًا الجزية إلى الدولة العثمانيَّة، ولتوثيق العهد بينه والعثمانيِّين سلَّم ابنه الأصغر -الذي كان يحمل اسم استيبان Stjepan أيضًا- رهينةً للسلطان محمد الفاتح! وكان يبلغ من العمر 33 سنة[29]، وقد تأثَّر هذا الابن بمحمد الفاتح إلى الدرجة التي تَحوَّل فيها للإسلام لاحقًا[30]، وصار اسمه أحمد باشا الهرسكي Hersekzade Ahmed Pasha، وصار من كبار القادة العثمانيِّين، حتى وصل به الأمر إلى تقلُّد منصب الصدارة العظمى في الدولة في عهد السلطان بايزيد الثاني ابن محمد الفاتح[31]!

البابا يفتح عدة جبهات مع الدولة العثمانية: (1463م)

كان فتح البوسنة نذيرَ خطرٍ شديد، وتألَّم البابا بيوس الثاني بشدَّة، لكنَّه وجدها فرصةً لإحياء فكرة الحروب الصليبية من جديد، وأرسل من فوره خطابات إلى أمراء إيطاليا وأوروبا ينعي لهم سقوط البوسنة، ويستحثُّهم على دعم الحملة الصليبيَّة، ولكن واقع الأمر أنَّ أثر البابا على أمراء إيطاليا وأوروبا كان ضعيفًا للغاية[32]، ومِنْ ثَمَّ لم يستجب له إلَّا أولئك الذين يُعانون بشكلٍ مباشرٍ من توسُّعات الدولة العثمانية، ويأتي في مقدِّمتهم جمهوريَّة البندقيَّة، وبعدها المجر، وألبانيا.

أمَّا البندقية فقد أعلنت الحرب الشاملة على الدولة العثمانية في يوم 28 يوليو 1463م[33]، وهي الحرب التي ستستمر ستَّ عشرة سنةً كاملة، وكانت البندقية مشحونةً أصلًا ضدَّ العثمانيِّين نتيجة بعض التحرُّشات بينها وبين الجيش العثماني في المورة؛ حيث حدث صدامان كانت فيهما الغلبة للمسلمين؛ كان الأول عند مدينة ليبانتو Lepanto، في نوفمبر 1462م، وكان الثاني عند مدينة أرجوس Argos في 3 أبريل 1463م[34].

كانت البداية ساخنةً ومفاجئة! ويبدو أنَّ الدولة العثمانية لم تتوقَّع هذا الردَّ السريع من البندقيَّة؛ فقد وصل الأسطول البندقي إلى المورة في أوائل أغسطس 1463م، وما هي إلَّا أيَّامٌ واستطاع أن يحتلَّ مدينة أرجوس، ولم يكتفِ بذلك؛ إنَّما استطاعوا السيطرة على عدَّة مدنٍ جملةً واحدة، فسقطت في أيديهم ڤوستيتسا Vostitsa، وكاريتاينا Karytaina، وسانتوميري Santomeri، وچيراكي Geraki[35]!

وأمَّا المجر فقد استجابت هي الأخرى لنداء البابا، وعقد ملكها ماتياس في 12 سبتمبر 1463م اتفاقية دفاعٍ مشترك مع البندقيَّة[36]، ثم تحرَّك عسكريًّا فورًا إلى البوسنة، وأسقط مدينة يايسي في أوائل أكتوبر 1463م، ثم وسَّع عمليَّاته العسكريَّة في البوسنة، واستطاع إخضاع أكثر من ستِّين قلعةً ومدينةً في شمال البوسنة[37].

وأما إسكندر بك فقد عقد اتفاقيَّة دفاع مشترك مع البندقية في 20 أغسطس 1463م[38]، ثم أعلن بشكلٍ صريحٍ في نوفمبر 1463م أنَّه يقطع الهدنة بينه وبين الدولة العثمانية، ويُعلن عليها الحرب [39].

وأخيرًا فإن البابا نفسه أعلن في يوم 22 أكتوبر الحربَ الرسميَّة على الدولة العثمانية، وحدَّد مدينة أنكونا Ancona الإيطاليَّة على ساحل الأدرياتيكي مكانًا لتجمُّع الجيوش، بل أعلن أنَّه سيقود الحملة الصليبيَّة بنفسه[40]، وأعتقدُ أنَّ هذه هي المرَّة الأولى التي يعزم فيها أحد الباباوات على الخروج بنفسه في حملةٍ عسكريَّة، والهدف هو دفع الأمراء الأوروبِّيِّين إلى الاقتداء به والمشاركة في الحملة[41].

ثم عقد البابا عدَّة اجتماعات مع سفراء المجر، والبندقيَّة، بالإضافة إلى ألبانيا، وكذلك أرسل عدَّة سفراء إلى أمراء المسلمين المتعاونين مع القوى النصرانيَّة، وتحديدًا أوزون حسن في إيران، وإبراهيم الثاني في قرمان، بالإضافة إلى خان تتار القرم، وكان مسلمًا يحكم المناطق الشماليَّة من البحر الأسود، وفي هذه الاجتماعات حدَّد البابا خطَّته، وأصدر وعوده للمشاركين في الحرب، وقد حرص على إعطاء كلِّ مشاركٍ نصيبًا من الأراضي العثمانية لتحميسه على إكمال الحرب إلى آخرها، فوعد البندقيَّة أن تأخذ شبه جزيرة المورة كلَّها، بالإضافة إلى أيَّة ممتلكاتٍ يونانيَّةٍ على البحر الأدرياتيكي، وسيأخذ إسكندر بك مقدونيا بالإضافة إلى ألبانيا، أمَّا المجر فستأخذ بلغاريا، وصربيا، والبوسنة، والإفلاق، وسيأخذ أمراء المسلمين الأناضول، أمَّا القسطنطينية وما حولها فستُعطى إلى أحد أفراد العائلة المالكة البيزنطيَّة، وذلك ليضمن مشاركة اليونانيِّين الذين يُفضِّلون قيادةً أرثوذكسيَّةً على قيادة الكاثوليك[42]!

إن كلَّ ما رأيناه من نشاطٍ نصرانيٍّ لم يكن إلا لسقوط البوسنة في يد الفاتح، وهذا ليعلم الجميع القيمة التاريخية الكبرى لهذا الحدث!

الرد العثماني على التصعيد البابوي: (1463-1464م)

كان ردُّ فعل الدولة العثمانية سريعًا وحاسمًا؛ فقد حرَّكت جيوشها فورًا إلى المورة اليونانية، واستطاعت تحقيق عدَّة انتصارات قويَّة على جيش البندقية، بل قُتِل القائد الشهير بيرتولدو دي إيستي Bertoldo d'Este في يوم 20 أكتوبر 1463م[43]، واستطاع العثمانيون استعادة أرجوس[44]، ثم انطلقوا في أنحاء المورة المختلفة، فاستعادوها كلَّها تقريبًا قبل حلول الشتاء؛ أي تقريبًا في شهر نوفمبر 1463م، ولم يتبقَّ للبنادقة إلَّا المدن التي كانت معهم قبل اندلاع الحرب[45].

لم تقبل البندقية هذه الهزائم، فجاءت أساطيلها في أبريل 1464م مرَّةً أخرى إلى بحر إيجة، وقرَّرت خوض عدَّة معارك بحريَّة مع العثمانيِّين، وتجنَّبت البرَّ لتفوُّق الجيش العثماني فيه، وحقَّقت بعض الانتصارات، ولكنها مُنِيَت كذلك بهزائم، وإن كانت المحصلة أنها استطاعت احتلال جزيرة ليمنوس الاستراتيجيَّة[46].

في يوليو 1464م تحرَّك السلطان الفاتح بحملةٍ همايونيَّةٍ ضخمةٍ إلى البوسنة، في محاولةٍ لاسترداد مدينة يايسي وغيرها من مدن شمال البوسنة، ولكنَّه فشل في ذلك[47] ممَّا أبقى هذه المناطق في حوزة المجريِّين أكثر من ستِّين سنةً قادمة.

ومع حزن الفاتح لعدم نجاحه في هذه الحملة إلا أن الله أراح الدولة العثمانية من عدوَّين كبيرين في هذا الصيف نفسه؛ إذ مات البابا بيوس الثاني في 14 أغسطس 1464، لتموت تمامًا أحلام إخراج الحملة الصليبية المرتقبة[48]، كذلك مات إبراهيم بك الثاني حاكم قرمان دائم التمرُّد في 16 أغسطس 1464م[49]، واشتعلت حربٌ أهليَّةٌ في بلاده بين أبنائه[50]، ومهما يكن الوضع فإنَّ الفاتح استراح من هذا الرجل الذي طالما وضع يده في يد الصليبيين لحرب العثمانيين[51].


[1] Freely, John: The Grand Turk: Sultan Mehmet II, Conqueror of Constantinople and Master of an Empire An Empire And Lord Of Two Seas, The Overlook Press, New York, 2009., p. 71.
[2] فريد، محمد: تاريخ الدولة العلية العثمانية، تحقيق: إحسان حقي، دار النفائس، بيروت، الطبعة الأولى، 1401هـ=1981م.صفحة 169.
[3] Babinger, Franz: Mehmed the Conqueror and His Time, Princeton University Press, 1978., p. 204.
[4] Berenger, Jean & Simpson, ‏C.A.: A History of the Habsburg Empire 1273-1700, Routledge, 2014, p. 106.
[5] Treptow, Kurt W.: Vlad III Dracula: The Life and Times of the Historical Dracula, The Center of Romanian Studies, First edition, 2000., pp. 78-79.
[6] Florescu & McNally, 1989, p. 134.
[7] فريد، 1981 صفحة 170.
[8] Chalkokondyles, Laonikos: The Histories, Harvard University Press, 2014., p. 377.
[9] Florescu, Radu R & McNally, Raymond T.: Dracula, Prince of Many Faces: His Life and his Times, Back Bay Books, 1989., 1989, p. 139.
[10] Florescu & McNally, 1989, p. 148.
[11] Cazacu, Matei: Dracula, Brill, Leiden, The Netherlands, 2017., p. 154.
[12] فريد، 1981 صفحة 170.
[13] Rezachevici, Constantin: Vlad Țepeș – Chronology and historical bibliography, In: Treptow, Kurt W: Dracula: Essays on the Life and Times of Vlad Țepe, East European Monographs, Columbia University Press, 1991., p. 261.
[14] Finlay, George: A History of Greece from its Conquest by the Romans to the Present Time, B. C. 146 to A. D. 1864, The Clarendon Press, Oxford, UK, 1877., vol. 5, p. 59.
[15] Wright‏, Christopher: The Gattilusio Lordships and the Aegean World 1355-1462, Brill, Leiden, Netherland, 2014., p. 74.
[16] Miller, William: Essays on the Latin Orient, Cambridge University Press, 1921., p. 345.
[17] Browning, Oscar: The Age of the Condottieri: A Short History of Mediaeval Italy from 1400-1530, Methuen & Co., London, UK, 1895, p. 98.
[18] Shaw, Stanford Jay: History of the Ottoman Empire and Modern Turkey: Empire of the Gazis: The Rise and Decline of the Ottoman Empire, 1280–1808, Volume I, Cambridge University Press, New York, USA, 1976., vol. 1, p. 64.
[19] Hupchick‏, Dennis p.: The Balkans: From Constantinople to Communism, Palgrave macillan, New York, USA, 2002., p. 121.
[20] Fessler, Ignaz Aurelius: Geschichte von Ungarn [History of Hungary] (in German), Leipzig, Brockhaus, Germany, 1867., p. 103.
[21] Franco, Demetrio: Comentario de le cose de' Turchi, et del S. Georgio Scanderbeg, principe d' Epyr, Altobello Salkato, Venice, 1480., p. 330
[22] Stavrides, Theoharis: The Sultan of vezirs: the life and times of the Ottoman Grand Vezir Mahmud Pasha Angelovic (1453-1474), Brill Academic Publishers, Inc, Leiden, 2001., p. 147.
[23] Villari, Luigi: The republic of Ragusa: an episode of the Turkish conquest, J.M. Dent & Co. Kessinger Publishing, London, United Kingdom, 1904., p. 243.
[24] Pinson, Mark: The Muslims of Bosnia-Herzegovina, the Historic Development from Middle Ages to the Dissolution of Yugoslavia, President and Fellows of Harvard College, United States of America, Second edition, 1996., p. 11.
[25] Stavrides, 2001, p. 148.
[26] Bašagić, Safvet-beg: Kratka uputa u prošlost Bosne i Hercegovine, od g. 1463-1850 (in Serbo-Croatian), Рипол Классик, 1900., p. 17.
[27] Walasek, Hele: Bosnia and the Destruction of Cultural Heritage, Routledge, New York, USA, 2016., p. 329.
[28] Turhan, 2014, p. 42.
[29] Bašagić, 1900, p. 20.
[30] Fine, John Van Antwerp: The Late Medieval Balkans: A Critical Survey from the Late Twelfth Century to the Ottoman Conquest, University of Michigan Press, Ann Arbor, Michigan, USA, 1994., p. 589.
[31] Pinson, 1996, p. 34.
[32] O’Brien, Emily: The 'Commentaries' of Pope Pius II (1458-1464) and the Crisis of the Fifteenth-Century Papacy, University of Toronto Press, Toronto, Canada, 2015, pp. 109-111.
[33] Freely, 2009, p. 76.
[34] Setton, Kenneth Meyer: The Papacy and the Levant (1204–1571), The American Philosophical Society, Philadelphia, USA, (Volume 2, The Fifteenth Century, 1978),, vol. 2, p. 241.
[35] Pitcher, Donald Edgar: An historical geography of the Ottoman Empire from earliest times to the end of the sixteenth century with detailed maps to illustrate the expansion of the Sultanate, E. J. Brill, Leiden, Netherlands, 1973., p. 87.
[36] Shaw, 1976, vol. 1, p. 65.
[37] Babinger, 1978, p. 229.
[38] Noli, Fan Stilian: George Castrioti Scanderbeg (1405–1468), International Universities Press, New York, USA, 1947., p. 66.
[39] Minahan, James B.: One Europe, Many Nations: A Historical Dictionary of European National Groups, Greenwood Press, Westport, CT, USA, 2000., p. 31.
[40] Tyeman, Christopher: God's War: A New History of the Crusades, The Belknap Press of Harvard University Press, Cambridge, MA, USA, 2006., p. 871.
[41] Bower, Archibald: The History of the Popes, Printed by author, London, UK, 1766., vol. 7, p. 292.
[42] Shaw, 1976, vol. 1, p. 65.
[43] Setton, 1978, vol. 2, p. 248.
[44] Babinger, 1978, p. 228.
[45] Setton, 1978, vol. 2, p. 249.
[46] Miller, 1921, p. 350.
[47] Prlender, 2001, p. 182.
[48] Noli, 1947, p. 67.
[49] أوزتونا، يلماز: تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة: عدنان محمود سلمان، مراجعة وتنقيح: محمود الأنصاري، مؤسسة فيصل للتمويل، إستانبول ، 1988 صفحة 1/153.
[50] 254. الملطيّ، زين الدين عبد الباسط بن أبي الصفاء غرس الدين خليل بن شاهين الظاهري: نيل الأمل في ذيل الدول، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، المكتبة العصرية للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 2002م.صفحة 6/217.
[51] دكتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1442هـ= 2021م، 1/ 278- 284.