تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > منتدى الأدب > منتدى النقد الأدبي

> رؤية في رواية عام الحبل لـ "مصطفى نطور"

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
nettour
عضو جديد
  • تاريخ التسجيل : 03-11-2008
  • المشاركات : 8
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • nettour is on a distinguished road
nettour
عضو جديد
رؤية في رواية عام الحبل لـ "مصطفى نطور"
03-11-2008, 12:54 PM


مرة أخرى يثبت العصاميون تفوّقهم على غرمائهم الأكاديميين - في صراعهم الأبدي, وإثبات أن الفعل الكتابي لا يتأتى إلا من مصادفة نجهل مسبباتها, يسميها البعض الموهبة, ويسميها الآخرون الاستعداد المسبق - بهذا العمل التي لو استثنينا من الرواية الجزائرية المعاصرة رائعة فوضى الحواس لمستغانمي, فلن نجد ما يضاهيه, ودون أن يلجأ الكاتب إلى العبارات الشعرية المفخخة, أو الكثافة اللغوية التي لجأ إليها دعاة الرواية الشعرية, والتي بدأ التكلف يصبح شيئا فشيئا أبرز سماتها لتنجب لنا في الأخير مسوخا غامضة الملامح, أرغمنا الإعلام أن نقبلها أدبا, بل اختار الكاتب لغة بسيطة وملمة بكل الدعائم البدائية للعمل الروائي, تكتسب عمقها من تلقائية أحداثها, وعبثية الشباك الذي تنسجه العلاقات بين رموزها, فالكتابة الأدبية ما هي في الأخير غير تدوين لحالة تأمل تحدث في مجال زمني من الوعي يحاصرها اللاوعي من الجهتين ... فمن الأعلى يقف جنون الوحدة فاغرا فاه بظلماته السحيقة والمرعبة وفي الأسفل يقبع الغباء العالمي الذي يرى الحقيقة أمامه دون أن تغريه بلمسها ولا التقصي عنها لذلك يكون الكاتب في زمن الكتابة على درجة من الحذر تشبه كثيرا البهلوان الذي يمشي على الحبل أين تقع الهاوية تحت أي خطوة غير محسوبة العواقب
قال عن هذه الرواية الأستاذ سليم بوفنداسة: مصطفي نطور الذي عرفناه قاصا منذ ثلاثة عقود لا يوقّع بهذه الرواية ميلاده الروائي, ولكنه يضع علامة فارقة في تاريخ الرواية الجزائرية لكن نطور في الحقيقة لم يوقع بهذه الرواية ميلاده الروائي, بل كرّس القاص فيه, ولذلك ارتدى ثوب بوقرة الحكّاء, ليجعلنا نخوض معه القصص التي تموج في خواطره, قد تختلف فيها العصور ولكنها تتشابك بينها في النقاط التي تتكرر عادة في حركة التاريخ, في النهاية الواحدة التي هي مصير كل الذين نكروا آلامهم الذاتية في سبيل الألم المشترك, والهم الذي يتقاسمه كل أفراد الأمة.
تبدأ أحداث الرواية عندما يجد بوقرة الدرويش مخطوطا يحكي الواقع الأليم الذي عاشه الجزائريون في زمن الباي صالح, وبطريقة لا يعرفها إلا القصاصون توصل إلى التشابه العميق بين قصة الباي صالح وقبائل الحضراء مع ما يحدث في مدينته.
نفس هذا النزوح عاشته الجزائر مباشرة بعد الاستقلال عندما أنشأت الحكومة آنذاك المصانع الكبرى على مشارف المدن وأهملت الأرياف, وكأن الحياة حكرا على سكان المدن (البلدِية سكان قسنطينة في الرواية), الشيء الذي جعل سكان القرى المجاورة ينزحون إلى المدن طلبا للعمل, بانين حولها أحياءهم القصديرية, بصورة شوهت المدن الأوروبية الموروثة عن الاستعمار, كما شوهتها من قبل جماعة عام الحبل قبل أن يأمر مولى البلاد قائد العسكر بإرجاع النازحين إلى الكهوف الصخرية, وربط أيديهم وأرجلهم بحبال متينة يأخذها في طريقه من بازار اليهودي, حتى لا تعكر جمال المدينة الصخرية ذات الصيت العالمي, بفتح أعينهم المحمرة أمام المطاعم والمتاجر, وتوسيعها أثناء مرور القناصل المهفهفات واليهوديات ذوات الشعر الأصفر والأمازيغيات الناهدات.
الاشتراكية التي حلم بها البعض اتضح أنها زائفة, لم تنجب إلا البيروقراطية, حين لا يكافأ الإنسان عما قدمه بل عما يمتلك من وسائط, ولو حاولنا أن نفهم لفظ الاشتراكية فسنجد أنها تتركب من لفظين شيوعية إسلامية, أي غراء في الأرض يمكن أن يؤلف بين هذين اللفظين, شيوعية إسلامية, النتيجة سهلة وحتمية, سرعان ما تعود الإسلامية إسلامية والشيوعية شيوعية, وسيكتشفان أنهما وجها لوجه ويعودان إلى صراعهما الأبدي, أليس هذا ما حدث بالذات؟
ولهذا السبب جاء الزمن عشوائيا, يلتف على محورين, الزمن الأسطوري زمن عام الحبل, وزمن الكاتب المعاصر الذي لم يشر إليه إلا إيماء ورمزا كقوله عن مرحلة الاشتراكية الأولى في مطالع قصصه, كان يا ما كان في قديم الزمان ... وقبل أن يأمر الحاكم بقطع أشجار الكروم نكاية في النصارى واليهود, الذين امتنعوا عن شراء خموره المعصورة من العناقيد المتدلية في حقول الرعية الناضجة, بأشعة الشمس وكدح السنوات, في زمن بعيد, بعيد حتى كأنما يبدو قريبا. فما أشبه اليوم بالبارحة.
وككل القصص الواقعية المرة كانت الغلبة والقوة إلى جانب الشر, وكان بوقرة وحيدا في مواجهة القوى الظالمة, في مرحلة سوداء من عمر الجزائر أصبحت فيها تهمة كافر تلاحق كل إنسان سولت له نفسه بأن يفكر, أو أن يرى غير ما رآه أصحاب الاتجاه الآخر, وقد كرر عدة مرات في ذاكرته هذه التهمة التي جاءت على لسان الإمام, بوقرة هل أنت كافر؟, فالواقع لا يمت للمثالية بشيء, فحتى لو كان المرء يمتلك المئات من الحقائق فلن تستطيع نصره إن خذلته قوته, ولا أن تدفع عنه الفقر والحاجة, بل بالعكس تصبح وبالا عليه فحتى زوجته أقرب الناس إليه, ملت من مخالفته عرف ناس حومة الصيادين, الذين لا تكتمل رجولة الرجل بينهم إلا عندما يصير صيادا يصارع البحار, فلم تكن إلا مربوحة ابنته وأخوها من أمها علاوة, عزاء له في عزلته, ورغم التهديد الذي بدأت تشكله حكاية عام الحبل على حياته, عندما تفطن إلى مغزاها الإمام والحاكم, ظل متمسكا بها يأبى أن ينهيها حتى عاد أفعى التفت حول عنقه كما التفت حول عنق صانع الألياف, ليكرس المقولة التي تقول إن الأديب هو الإنسان الوحيد الغني في إنسانيته أو ما جاء في رد بقرة على زوجته كم قلت لها أن الكسب من غير شغل الحكايات, لا يختلف عن كسب قواد وقف في ظل زاوية ليلتقط لبناته أحد القرويين باع غلته, وملأ جيوبه دراهما وراح يبحث عن تعويض أيام التعب بشراء اللذة, ولكن لا أحد يمكنه فهم بوقرة, لقد كان حمل الحقيقة في نظره وتحمل تبليغها للناس دور أهم من الصيد وتأمين القوت لعائلته الفقيرة, فكأنه نصب نفسه محاميا عن حقوق كل الصيادين الذين يعملون رقيقا على مراكب كبير التجار, كان يرى في فقره تضحية من أجل غايته الكبيرة, فرغم أنه كان الأفقر إلا أنه ظل معتزا بنفسه يعتبر نفسه الوحيد الذي يتمتع بحرية الكلام في مجتمع أخرس, يرى الظلم ويسكت عنه, هازئا بالمجتمع المادي الذي ألنا إليه عامة, ليحقق آخر شروط العمل الإبداعي, وهي الوحدة أو ما يسميه الأكاديميون الغربة في الذات (l’aliénation).
بوقرة يعرف كما يعرف الآن مصطفى نطور أن من يلعب بالحبال سينتهي مشنوقا بها, فقد قال بنفسه ذلك في كل القصص التي كان الحبل رمزها المشترك, خاصة بعدما جعلته يوما يحمل على الرؤوس والأكتاف كأنه بطل قومي, والناس حوله يهتفون.
بوقرة بوقرة حبيبنا
عام الحبل دقيقنا
كما حملوا أيضا صانع الألياف - في القصة التي قصها على مربوحة ابنته- إلى درجة إله, وكانوا كذلك يهتفون له:
صانع الألياف سبحانك
مالك الأرواح طاعتك
كلنا نسبحك
كلنا نعبدك
وكان الحبل هو النهاية لألوهيته ولحياته كلها مشنوقا بيدي زوجته أو ربما قائد عسكره, كما كان الحبل هو المصير الذي انتهت إليه قبائل الحضراء في عصر صالح باي بعد نزوحهم من القل إلى قسنطينة عندما ضربت (الجائحة) والجوع والعوز بلاد القبائل الحضراء المعروفين بالأنفة وهو نفس المصير الذي سينتهي إليه بوقرة عندما تحلق حوله ثمانية عساكر يركبون خيولا تظهر عليها أمارات العافية, وقفزوا من فوق الأحصنة بحركات رشيقة مدربة, ربطوا يديه بحبل ورجليه بحبل آخر, شدوا الحبلين في سروج الأحصنة, أربعة متجهة إلى البحر والأخرى إلى المدينة , ركب العساكر ووخزوا أحصنتهم بكعوب نعالهم, فانطلقت في الاتجاهين المتعاكسين تجر كل مجموعة نصف جسد ممزق, ودمه يرش أطراف ساحة البلدة.
لم تنته القصة هنا, التاريخ كما هو الواقع المر لم يتوقف بعد موت بوقرة, لم يكن لموته أن يدفع قضيته خطوة واحدة على الأمام, لم يستطع كسرة عجلة التاريخ التي تدور وتدور وتدور.
بلغة سردية منطلقة, وبمتعة مضمونة, تقرؤون في عام الحبل (للقاص) مصطفى نطور واقعا معزولا عزلة مدينة القل, تتنامى خلاله دراما تبلغ المأساة عند الفصل الأخير, يواجهها البطل بشجاعة منقطعة النظير, كما وحده يقدر أن يفعل الجزائري ابن العربي بن مهيدي وجميلة بوحيرد.
بقلم شوقي ريغي
التعديل الأخير تم بواسطة nettour ; 03-11-2008 الساعة 12:56 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية قادري
قادري
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 03-11-2008
  • الدولة : الجزائر
  • العمر : 42
  • المشاركات : 92
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • قادري is on a distinguished road
الصورة الرمزية قادري
قادري
عضو نشيط
رد: رؤية في رواية عام الحبل
03-11-2008, 12:58 PM
لقد فرحت لك شوقي حين قرأت هذا الموضوع لأني اكتشفت شوقي الناثر شوقي الذي يكتب غير الشعر
تحياتي الخالصة
اخوك عبد الكريم قادري
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


المواضيع المتشابهه
الموضوع
رؤية في رواية عام الحبل لمصطفى نطور
قراءة في رواية سهيل إدريس" الحي اللاتيني"
نجيب محفوظ
الساعة الآن 09:52 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى