بردة المديح كاملة أجمل ما كتب في المدح الشريف
12-08-2007, 11:30 AM
أمنْ تذكر جيرانٍ بذى ســــلمٍ = مزجْتَ دمعا جَرَى من مقلةٍ بـــدمِ

أَمْ هبَّتِ الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمـــةٍ = وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضـمِ

فما لعينيك إن قلت اكْفُفا هَمَتــا = وما لقلبك إن قلت استفق يهــــمِ

أيحسب الصبُ أنّ الحب منكتـــمٌ = ما بين منسجم منه ومضْطَّــــــرمِ

لولا الهوى لم ترق دمعاً على طـللٍ = ولا أرقْتَ لذكر البانِ والعَلــــمِ

فكيف تنكر حباً بعد ما شــهدتْ = به عليك عدول الدمع والســــقمِ

وأثبت الوجدُ خطَّيْ عبرةٍ وضــنىً = مثل البهار على خديك والعنــــمِ

نعمْ سرى طيفُ منْ أهوى فأرقـني = والحب يعترض اللذات بالألــــمِ

يا لائمي في الهوى العذري معذرة = مني إليك ولو أنصفت لم تلــــمِ

عَدتْكَ حالِيَ لا سِرِّي بمســـــتترٍ = عن الوشاة ولا دائي بمنحســــمِ

محضْتني النصح لكن لست أســمعهُ = إن المحب عن العذال في صــممِ

إنى اتهمت نصيحَ الشيب في عذَلٍ = والشيبُ أبعدُ في نصح عن التهــمِ


فإنَّ أمَارتي بالسوءِ ما أتعظـــتْ = من جهلها بنذير الشيب والهـــرمِ

ولا أعدّتْ من الفعل الجميل قـرى = ضيفٍ ألمّ برأسي غيرَ محتشـــم

لو كنتُ أعلم أني ما أوقـــرُه = كتمتُ سراً بدا لي منه بالكتــمِ

منْ لي بردِّ جماحٍ من غوايتهـــا = كما يُردُّ جماحُ الخيلِ باللُّجُــــمِ

فلا ترمْ بالمعاصي كسرَ شهوتهـــا = إنَّ الطعام يقوي شهوةَ النَّهـــمِ

والنفسُ كالطفل إن تُهْملهُ شبَّ على = حب الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفطــمِ

فاصرفْ هواها وحاذر أن تُوَليَــهُ = إن الهوى ما تولَّى يُصْمِ أو يَصِـمِ

وراعها وهي في الأعمالِ ســائمةٌ = وإنْ هي استحلتِ المرعى فلا تُسِمِ

كمْ حسنتْ لذةً للمرءِ قاتلــةً مـن = حيث لم يدرِ أنَّ السم فى الدسـمِ

واخش الدسائس من جوعٍ ومن شبع = فرب مخمصةٍ شر من التخـــــمِ

واستفرغ الدمع من عين قد امتلأتْ = من المحارم والزمْ حمية النـــدمِ

وخالف النفس والشيطان واعصِهِما = وإنْ هما محضاك النصح فاتَّهِـــمِ

ولا تطعْ منهما خصماً ولا حكمـــاً = فأنت تعرفُ كيدَ الخصم والحكــمِ

أستغفرُ الله من قولٍ بلا عمــــلٍ = لقد نسبتُ به نسلاً لذي عُقـــــُمِ

أمْرتُك الخيرَ لكنْ ما ائتمرْتُ بـه = وما اسـتقمتُ فما قولى لك استقـمِ

ولا تزودتُ قبل الموت نافلـــةً = ولم أصلِّ سوى فرضٍ ولم اصــــمِ

ظلمتُ سنَّةَ منْ أحيا الظلام إلـــى = إنِ اشتكتْ قدماه الضرَ من ورمِ

وشدَّ من سغبٍ أحشاءه وطـــوى = تحت الحجارة كشْحاً مترف الأدمِ

وراودتْه الجبالُ الشمُ من ذهــبٍ = عن نفسه فأراها أيما شــــممِ

وأكدتْ زهده فيها ضرورتُـــه = إنَّ الضرورة لا تعدو على العِصَمِ

وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورةُ منْ = لولاه لم تُخْرجِ الدنيا من العـدمِ

محمد سيد الكونين والثقليــــن = والفريقين من عُرْب ومنْ عجــمِ

نبينا الآمرُ الناهي فلا أحــــدٌ = أبرَّ في قولِ لا منه ولا نعــــمِ

هو الحبيب الذي ترجى شفاعـته = لكل هولٍ من الأهوال مقتحـــمِ

دعا إلى الله فالمستمسكون بــه = مستمسكون بحبلٍ غير منفصـــمِ

فاق النبيين في خَلقٍ وفي خُلـُقٍ = ولم يدانوه في علمٍ ولا كـــرمِ

وكلهم من رسول الله ملتمـــسٌ = غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ

وواقفون لديه عند حدهــــم = من نقطة العلم أو من شكلة الحكمِ

فهو الذي تم معناه وصورتــه = ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النســـمِ

منزهٌ عن شريكٍ في محاســـنه = فجوهر الحسن فيه غير منقســـمِ

دعْ ما ادعتْهُ النصارى في نبيهم = واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم

وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف = وانسب إلى قدره ما شئت من عظمِ

فإن فضل رسول الله ليس لــــه = حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفــــــمِ

لو ناسبت قدرَه آياتُه عظمــــاً = أحيا اسمُه حين يدعى دارسَ الرممِ

لم يمتحنا بما تعيا العقولُ بـــه = حرصاً علينا فلم نرْتبْ ولم نهـــمِ

أعيا الورى فهمُ معناه فليس يُرى = في القرب والبعد فيه غير مُنْفحـمِ

كالشمس تظهر للعينين من بعُـدٍ = صغيرةً وتُكلُّ الطرفَ من أمَـــمِ

وكيف يُدْرِكُ في الدنيا حقيقتـَه = قومٌ نيامٌ تسلوا عنه بالحُلُــــــمِ

فمبلغ العلمِ فيه أنه بشــــــرٌ = وأنه خيرُ خلقِ الله كلهــــــمِ

وكلُ آيٍ أتى الرسل الكرام بها = فإنما اتصلتْ من نوره بهــــمِ

فإنه شمسُ فضلٍ هم كواكبُهــا = يُظْهِرنَ أنوارَها للناس في الظُلـمِ

أكرمْ بخَلْق نبيّ زانه خُلـُـــقٌ = بالحسن مشتملٍ بالبشر متَّســـــمِ

كالزهر في ترفٍ والبدر في شرفٍ = والبحر في كرمٍ والدهر في هِمَمِ

كانه وهو فردٌ من جلالتــــه = في عسكرٍ حين تلقاه وفي حشـمِ

كأنما اللؤلؤ المكنون فى صدفٍ = من معْدِنَي منطقٍ منه ومُبْتَســم

لا طيبَ يعدلُ تُرباً ضم أعظُمَـــهُ = طوبى لمنتشقٍ منه وملتثـــــم


أبان مولدُه عن طيب عنصــره = يا طيبَ مبتدأٍ منه ومختتــــمِ

يومٌ تفرَّس فيه الفرس أنهــــمُ = قد أُنْذِروا بحلول البؤْس والنقـمِ

وبات إيوان كسرى وهو منصدعٌ = كشملِ أصحاب كسرى غير ملتئـمِ

والنار خامدةُ الأنفاسِ من أسـفٍ = عليه والنهرُ ساهي العينِ من سدمِ

وساءَ ساوة أنْ غاضت بحيرتُهــا = ورُدَّ واردُها بالغيظ حين ظمــي

كأنّ بالنار ما بالماء من بــــلل = حزْناً وبالماء ما بالنار من ضَــرمِ

والجنُ تهتفُ والأنوار ساطعــةٌ = والحق يظهرُ من معنىً ومن كَلِـمِ

عَمُوا وصمُّوا فإعلانُ البشائر لــمْ = تُسمعْ وبارقةُ الإنذار لم تُشــــَمِ

من بعد ما أخبر الأقوامَ كاهِنُهُمْ = بأن دينَهم المعوجَّ لم يقـــــمِ

وبعد ما عاينوا في الأفق من شُهُب = منقضّةٍ وفق ما في الأرض من صنمِ

حتى غدا عن طريق الوحي منهزمٌ = من الشياطين يقفو إثر مُنـــهزمِ

كأنهم هرباً أبطالُ أبرهــــــةٍ = أو عسكرٌ بالحَصَى من راحتيه رُمِىِ

نبذاً به بعد تسبيحٍ ببطنهمـــــا = نبذَ المسبِّح من أحشاءِ ملتقــــمِ


جاءتْ لدعوته الأشجارُ ســـاجدةً = تمشى إليه على ساقٍ بلا قــــدمِ

كأنَّما سَطَرتْ سطراً لما كتـــبتْ = فروعُها من بديعِ الخطِّ في اللّقَـمِ

مثلَ الغمامة أنَّى سار سائــــرةً = تقيه حرَّ وطيسٍ للهجير حَــــمِى

أقسمْتُ بالقمر المنشق إنّ لـــه = من قلبه نسبةً مبرورة القســــمِ

وما حوى الغار من خير ومن كرمٍ = وكلُ طرفٍ من الكفار عنه عــِى

فالصِّدْقُ في الغار والصِّدِّيقُ لم يَرِما = وهم يقولون ما بالغـار مــن أرمِ

ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على = خير البرية لم تنسُج ولم تحُــــمِ

وقايةُ الله أغنتْ عن مضاعفـــةٍ = من الدروع وعن عالٍ من الأطـُمِ

ما سامنى الدهرُ ضيماً واستجرتُ به = إلا ونلتُ جواراً منه لم يُضَــــمِ

ولا التمستُ غنى الدارين من يده = إلا استلمت الندى من خير مستلمِ

لا تُنكرِ الوحيَ من رؤياهُ إنّ لــه = قلباً إذا نامتِ العينان لم يَنَـــم

وذاك حين بلوغٍ من نبوتــــه = فليس يُنكرُ فيه حالُ مُحتلــــمِ

تبارك الله ما وحيٌ بمكتسـَــبٍ = ولا نبيٌّ على غيبٍ بمتهـــــمِ

كم أبرأت وصِباً باللمس راحتُـه = وأطلقتْ أرباً من ربقة اللمـــمِ

وأحيتِ السنةَ الشهباء دعوتـُــه = حتى حكتْ غرّةً في الأعصر الدُهُمِ

بعارضٍ جاد أو خِلْتُ البطاحَ بهـا = سَيْبٌ من اليمِّ أو سيلٌ من العَـرِمِ


دعْني ووصفيَ آياتٍ له ظهــرتْ = ظهورَ نارِ القرى ليلاً على علــمِ

فالدُّرُّ يزداد حسناً وهو منتظــمٌ = وليس ينقصُ قدراً غير منتظــمِ

فما تَطاولُ آمالِ المديح إلــــى = ما فيه من كرم الأخلاق والشِّيـمِ

آياتُ حق من الرحمن مُحدثـــةٌ = قديمةٌ صفةُ الموصوف بالقــدمِ

لم تقترنْ بزمانٍ وهي تُخبرنـــا = عن المعادِ وعن عادٍ وعـن إِرَمِ

دامتْ لدينا ففاقت كلَّ معجـزةٍ = من النبيين إذ جاءت ولم تــدمِ

محكّماتٌ فما تُبقين من شبـــهٍ = لِذى شقاقٍ وما تَبغين من حَكَــمِ

ما حُوربتْ قطُّ إلا عاد من حَـرَبٍ = أعدى الأعادي إليها ملْقِيَ السلمِ

ردَّتْ بلاغتُها دعوى معارضَهــا = ردَّ الغيورِ يدَ الجاني عن الحُـرَمِ

لها معانٍ كموج البحر في مـددٍ = وفوق جوهره في الحسن والقيـمِ

فما تعدُّ ولا تحصى عجائبهــــا = ولا تسامُ على الإكثار بالســــأمِ

قرَّتْ بها عين قاريها فقلتُ لــه = لقد ظفِرتَ بحبل الله فاعتصـــمِ

إن تتلُها خيفةً من حر نار لظــى = أطفأْتَ حر لظى منْ وردِها الشّبِـمِ

كأنها الحوض تبيضُّ الوجوه بـه = من العصاة وقد جاؤوه كالحُمَــمِ

وكالصراط وكالميزان معْدلــةً = فالقسطُ من غيرها في الناس لم يقمِ

لا تعجبنْ لحسودٍ راح ينكرهـــا = تجاهلاً وهو عينُ الحاذق الفهـــمِ

قد تنكر العينُ ضوءَ الشمس من رمد = وينكرُ الفمُ طعمَ الماءِ من ســـقمِ


يا خير من يمّم العافون ســـاحتَه = سعياً وفوق متون الأينُق الرُّسُـــمِ

ومنْ هو الآيةُ الكبرى لمعتبـــرٍ = ومنْ هو النعمةُ العظمى لمغتنـــمِ

سَريْتَ من حرمٍ ليلاً إلى حــــرمِ = كما سرى البدرُ في داجٍ من الظلمِ

وبتَّ ترقى إلى أن نلت منزلــةً = من قاب قوسين لم تُدركْ ولم تُرَمِ

وقدمتْكَ جميعُ الأنبياء بهـــــا = والرسلِ تقديمَ مخدومٍ على خــدمِ

وأنت تخترقُ السبعَ الطباقَ بهــم = في موكب كنت فيه صاحب العلمِ

حتى إذا لم تدعْ شأواً لمســتبقٍ = من الدنوِّ ولا مرقىً لمُسْـــــتَنمِ

خَفضْتَ كلَّ مقامٍ بالإضـــافة إذ = نوديت بالرفْع مثل المفردِ العلــمِ

كيما تفوزَ بوصلٍ أيِّ مســــتترٍ = عن العيون وسرٍ أيِّ مكتتـــــمِ

فحزتَ كل فخارٍ غير مشــــتركٍ = وجُزْتَ كل مقامٍ غير مزدَحَــــمِ

وجلَّ مقدارُ ما وُلّيتَ من رُتـــبٍ = وعزَّ إدراكُ ما أوليتَ من نِعَـــمِ

بشرى لنا معشرَ الإسلام إنّ لنـــا = من العناية ركناً غير منهــــدمِ

لما دعا اللهُ داعينا لطاعتـــــه = بأكرم الرسل كنا أكرم الأمـــمِ


راعتْ قلوبَ العدا أنباءُ بعثتــه = كنْبأةٍ أجفلتْ غُفْلا من الغَنــــمِ

ما زال يلقاهمُ في كل معتــركٍ = حتى حكوا بالقَنا لحماً على وضـمِ

ودُّوا الفرار فكادوا يَغبِطُون به = أشلاءَ شالتْ مع العِقْبان والرَّخــمِ

تمضي الليالي ولا يدرون عدَّتَهـا = ما لم تكنْ من ليالي الأشهر الحُرُمِ

كأنما الدينُ ضيفٌ حل سـاحتهم = بكل قَرْمٍٍ إلى لحم العدا قَـــرِمِ

يَجُرُّ بحرَ خَميسٍ فوقَ ســـابحةٍ = يرمى بموجٍ من الأبطال ملتَطِــمِ

من كل منتدب لله محتســـبٍ = يسطو بمستأصلٍ للكفر مُصْطلِـــمِ

حتى غدتْ ملةُ الإسلام وهي بهمْ = من بعد غُربتها موصولةَ الرَّحِــمِ

مكفولةً أبداً منهمْ بخـــير أبٍ = وخير بعْلٍ فلم تيتمْ ولم تَئِــــمِ

همُ الجبال فسلْ عنهم مصادمهـم = ماذا رأى منهمُ في كل مصطدمِ

وسلْ حُنيناً وسل بدراً وسل أُحداً = فصولُ حتفٍ لهم أدهى من الوخمِ

المُصْدِرِي البيضِ حُمراً بعد ما وردتْ = منَ العدا كلَّ مسودٍّ من اللِمَــمِ

والكاتِبِينَ بسُمْرِ الخَط ما تركتْ = أقلامُهمْ حَرْفَ جسمٍ غيرَ مُنْعَجِــمِ

شاكي السلاحِ لهم سيما تميزُهـمْ = والوردُ يمتازُ بالسيما عن السَّــلَمِ

تُهْدى إليك رياحُ النصرِ نشْرهـمُ = فتَحسبُ الزهرَ في الأكمام كل كمِى

كأنهمْ في ظهور الخيل نَبْتُ رُباً = منْ شِدّة الحَزْمِ لا من شدّة الحُـزُمِ

طارتْ قلوبُ العدا من بأسهمْ فَرقاً = فما تُفرِّقُ بين الْبَهْمِ وألْبُهــــُمِ

ومن تكنْ برسول الله نُصـــرتُه = إن تلقَهُ الأسدُ فى آجامها تجــمِ

ولن ترى من وليٍ غير منتصــرٍ = به ولا من عدوّ غير منقصــــمِ

أحلَّ أمتَه في حرْز ملَّتـــــه = كالليث حلَّ مع الأشبال في أجَــمِ

كم جدَّلتْ كلماتُ الله من جدلٍ = فيه وكمْ خَصَمَ البرهانُ من خَصِـمِ

كفاك بالعلم في الأُمِّيِّ مُعجــزةً = في الجاهلية والتأديب في اليُتُمِ


خدْمتُه بمديحٍ استقيلُ به ذنوبَ = عمرٍ مضى في الشعر والخِــدَمِ

إذْ قلّدانيَ ما تُخْشي عواقبُــه = كأنَّني بهما هدْيٌ من النَّعَـــمِ

أطعتُ غيَّ الصبا في الحالتين وما = حصلتُ إلاّ على الآثام والنـــدمِ

فياخسارةَ نفسٍ في تجارتهـــا = لم تشترِ الدين بالدنيا ولم تَسُــمِ

ومن يبعْ آجلاً منه بعاجلــــهِ = يَبِنْ له الْغَبْنُ في بيعٍ وفي سَـلمِ

إنْ آتِ ذنباً فما عهدي بمنتقض = من النبي ولا حبلي بمنصـــرمِ

فإنّ لي ذمةً منه بتســــميتي = محمداً وهو أوفى الخلق بالذِمـمِ

إن لّم يكن في معادي آخذاً بيدى = فضلاً وإلا فقلْ يا زلةَ القــــدمِ

حاشاه أن يحرمَ الراجي مكارمَـه = أو يرجعَ الجارُ منه غير محتــرمِ

ومنذُ ألزمتُ أفكاري مدائحــه = وجدتُهُ لخلاصي خيرَ مُلتــــزِمِ

ولن يفوتَ الغنى منه يداً تَرِبـتْ = إنّ الحيا يُنْبِتُ الأزهارَ في الأكَمِ

ولمْ أردْ زهرةَ الدنيا التي اقتطفتْ = يدا زُهيرٍ بما أثنى على هَـــرمِ


يا أكرمَ الخلق ما لي منْ ألوذُ بـه = سواك عند حلول الحادث العَـمِمِ

ولن يضيق رسولَ الله جاهُك بــي = إذا الكريمُ تجلَّى باسم منتقـــمِ

فإنّ من جودك الدنيا وضرّتَهــا = ومن علومك علمَ اللوحِ والقلـــمِ

يا نفسُ لا تقنطي من زلةٍ عظمــتْ = إنّ الكبائرَ في الغفران كاللــممِ

لعلّ رحمةَ ربي حين يقســــمها = تأتي على حسب العصيان في القِسمِ

يارب واجعلْ رجائي غير منعكِـسٍ = لديك واجعل حسابي غير منخــرمِ

والطفْ بعبدك في الدارين إن له = صبراً متى تدعُهُ الأهوالُ ينهــزمِ

وائذنْ لسُحب صلاةٍ منك دائمــةٍ = على النبي بمُنْهَلٍّ ومُنْسَــــــجِمِ

ما رنّحتْ عذباتِ البان ريحُ صــباً = وأطرب العيسَ حادي العيسِ بالنغمِ

ثم الرضا عن أبي بكرٍ وعن عمـرٍ = وعن عليٍ وعن عثمانَ ذي الكـرمِ

والآلِ وَالصَّحْبِ ثمَّ التَّابعينَ فهُــمْ = أهل التقى والنَّقا والحِلمِ والكـرمِ

يا ربِّ بالمصطفى بلِّغْ مقاصـدنا = واغفرْ لنا ما مضى يا واسع الكـرم

واغفر إلهى لكل المسلمين بمــا = يتلوه فى المسجد الأقصى وفى الحرم

وبجاه من بيْتُهُ فى طيبة حــرمٌ = وإسمُهُ قسمٌ من أعظــم القســم

وهذه بردةُ المختار قد خُتمـتْ = والحمد لله في بدإٍ وفى ختــــم

أبياتها قدْ أتتْ ستينَ معْ مائـةٍ = فرّجْ بها كربنا يا واسع الكـــرم