منتديات الشروق أونلاين

منتديات الشروق أونلاين (http://montada.echoroukonline.com/index.php)
-   منتدى المواعظ والرقائق (http://montada.echoroukonline.com/forumdisplay.php?f=167)
-   -   من أخلاق الرسول (http://montada.echoroukonline.com/showthread.php?t=141249)

أبوصلاح الدين 28-02-2010 10:11 PM

من أخلاق الرسول
 
من أخلاق الرسول
بسم الله الرحمان الرحيم
مع بداية هذا الشهر الكريم.ربيع الأول شهر مولد رسول الله صلي الله عليه وسلم سنبدأ في سلسلة من أخلاق الرسول معتمدين أساسا علي كتاب (من أخلاق الرسول )للشيخ محمد عبد العاطي بحيري حفظه الله
ومع الخلق الأول
التوكل
قال الجرجاني في تعريف التوكل :هو الثقة بما عند الله واليأس عما في أيدي الناس
وقيل هو صدق اعتماد القلب علي الله في استجلاب المصالح ودفع المضار في أمور الدنيا والآخرة
وسئل يحي بن معاذ :متي يكون الرجل متوكلا فقال إذا رضي الله وكيلا
وقيل هو الرضا بالمقدور
وهناك علاقة عموم وخصوص بين التوكل والتفويض
فالتوكل يقع بعد وقوع الأسباب والتوفويض يكون قبل وبعد وقوع السبب وقيل أن الوتكل شعبة من الإيمان
وذكر ابن القيم رحمه الله أن الأساس هو التوكل لأنه المذكور بكثرة في كتاب الله أما التفويض فلم يذكر إلا مرة في قول مؤمن آل فرعون (وأفوض أمري إلي الله)
والتوكل منزلة عظيمة لايبلغها إلا المؤمنون(وعلي الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)
ومن يعتمد علي الله يكفيه قال تعالي (ومن يتوكل علي الله فهو حسبه)
والله يحب المتوكلين(فإذا عزمت فتوكل علي الله إن الله يحب المتوكلين)
والوكيل إسم من أسماء الله الحسني (وكفي بربك وكيلا)
(ذالكم الله ربكم لاإله إلا هو خالق كل شيءفاعبدوه وهو علي كل شيء وكيل)
ومن أسماء رسول الله المتوكل
جاء في صحيح البخاري (أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفض ولا غليظ)
وقال سعيد بن جبير :التوكل علي الله جماع الإيمان
مواطن التوكل
1.إن طلبتم النصر والفرج فتوكلوا علي الله (إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن الذي ينصركم من بعده وعلي الله فليتوكل المؤمنون
2.إذا أعرضتم عن أعدائكم فلا تخافوهم وليكن رفيقكم التوكل (فأعرض عنهم وتكول علي الله وكفي بالله وكيلا)
3.إذا أعرض عنكم الخلق وبقيتم لوحدكم فتوكلوا علي الله (فإن تولو فقل حسبي الله عليه توكلت وإليه أنيب)
4.إذا تلوتم القرآن أوتلي عليكم فتوكلوا علي الله (وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلي ربهم يتوكلون)
5.إذا طلبتم الصلح أو السلم فتوكلوا علي الله (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل علي الله )
6.إذا وصلت قوافل القضاء والقدر فاستقبلها بالتوكل (قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا هو مولانا وعلي الله فليتوكل المومنون)
7.إذا نصب لك الأعداء حبالات المكر والخداع فتوكل علي الله (واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يقوم إن كان كبر عليكم ومقامي وتذكيري بآيات الله فعلي الله توكلت)
8.إذا عرفت أن مرجع الكل إلي الله وتقدير الكل فيها لله فوطن نفسك علي أرض التوكل (فاعبده وتوكل عليه
9.إذا علمت أن الله هو الواحد علي الحقيقة فلا يكن اتكالك إلا عليه (قل هو ربي عليه توكلت وإليه متاب )
10.إذا كانت الهداية من الله فاستقبلها بالشكر والتوكل (وما لنا ألا نتوكل علي الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن علي ماآذيتمونا وعلي الله فليتوكل المؤمنون)
11.إذا خشيت بأس أعداء الله والشيطان الغادر فلا تلتجيء إلا إلي باب الله (إنه ليس له سلطان علي الذين آمنوا وعلي ربهم يتوكلون)
12.إذا أردت أن يكون الله وكيلك في كل حال فتمسك بالتوكل في كل حال (وتوكل علي الله وكفي بالله وكيلا)
13.إذا أردت أن يكون الفردوس الأعلي منزلك فأنزل في مقام التوكل (الذين آمنوا وعلي ربهم يتوكلون
14.إن شئت أن تنال محبة الله فالزم التوكل (فتوكل علي الله إن الله يحب المتوكلين
15.إذا أردت أن يكون الله لك.وتكون لله خالصا فعليك بالتوكل (ومن يتوكل علي الله فهو حسبه).
مظاهر التوكل في حياة الرسول
وجه المولي تبارك وتعالي تسع خطابات يحث فيها رسول الله علي التوكل (ولله غيب السموات والارض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون )
أي لايهمك ما في الستقبل وما يخطط له الأعداء بل أعتمد في كل ذالك علي العبادة والتوكل
2.قال تعالي (وتوكل علي الحي الذي لايموت وسبح بحمده وكفي به بذنوب عباده خبيرا) أي استعن بالله في استكشاف شرورهم ومخططاتهم وكفي بالتوكل علي الحي الذي لايموت فكل مادون الله يموت
3.قال تعالي (وتوكل علي العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين )أي اعتمد في دعوتك العشيرة والأقربين علي الله وتوكل عليه في كل الحالات فهو الضامن والكافي والموفق
4.قال تعالي (فتوكل علي الله إنك علي الحق اليقين )أي اثبت علي هذا الدين ولا يضرك من خالفك
5.وبعد أن حذره الله من طاعة الكافرين والمنافقين فقال (ولاتطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما واتبع مايوحي إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا وتوكل علي الله وكفي بالله وكيلا)
6.ثم يتكرر نفس الخطاب في نفس السورة (ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل علي الله وكفي بالله وكيلا)
7.قال تعالي (ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت منهم طائفة غير الذي تقول والله يكتب مايبيتون فاعرض عنهم وتوكل علي الله وكفي بالله وكيلا) أي لاتبال بهؤلاء المنافقون فقد يسببون لك المتاعب والمصائب.اعتم علي الله وامض في طريقك
8.وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل علي الله إنه هو السميع العليم )أي قد تكون خدعة منهم (وإن يريدوات أن يخدعوك فإن حسبك الله )
9.ثم يخاطبه ليمضي في دعوته ولا يبالي بأحد (فإذا عزمت فتوكل علي الله إن الله يحب المتوكلين)
وقد طبق رسول الله صلي الله عليه وسلم هذه الأوامر فقد خرج مهاجرا إلي المدينة (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)ويخرج من بين أيديهم وقد ذر علي رؤوسهم التراب
2.ثم يذهب هو وصاحبه أبو بكر رضي الله عنه إلي غار ثور فيخاف سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه فيقول الله رسول الله (يا أبا بكر ماظنك باثنين الله ثالثها لاتحزن إن الله معنا )
3.وفي غزوة حمراء الأسد بعد غزوة أحد يأتي بعض الناس يخوفون الرسول وصحبه وأن أبا سفيان قد أعد لهم جيشا عظيما فلم يزدهم هذا الترهيب إلا عزيمة وتوكلا (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل
وفي غزوة ذات الرقاع يأتي أحد الأعداء وكان رسيول الله نائما فاخترط سيفه وقال لرسول الله :من يمنعك مني )فقال بلغة المتوكل الله.ثم أخذ رسول الله السيف وقال من يمنعك مني فقال كن خير آخذ فعفا عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم وهذه واحدة من أروع أخلاقه
ومن أقواله صلي الله عليه وسلم في التوكل
1.عن أنس بن مالك رضي اللعنه جاء رجل إلي رسول الله وقال :يارسول الله أعقلها وأتوكل أو أطلقها وأتوكل فقال له :اعقلها وتوكل
2.وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال :سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :لو أنكم تتوكلون علي الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروزح بطانا
3.وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:كنت رديف رسول الله صلي الله عليه وسلم يوما فقال :ياغلام إني أعلمك كلمات :احفظ الله يحفظك .احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله وأعلم ان الأمة لو اجتمعوا علي أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولواجتمعوا علي أن يضروك بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف
4.وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال :يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير.
5.وعنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال :يدخل من أمتي سبعون ألفا بغير حساب هم الذين لايسترقون ولا يتطيرون وعلي ربهم يتوكلون .
6.وعن علي رضي الله عنه قال :كنا في جنازة في البقيع فأتي النبي صلي الله عليه وسلم فجلس وجلسنا معه ومعه عود ينكث به الأرض فرفع رأسه إلي السماء فقال : منا من نفس منفوسة إلا قد كتب مدخلها .فقال القوم : أفلا نتكل علي كتابنا ؟فمن كان من أهل السعادة فإنه يعمل للسعادة ومن كان من أهل الشقاوة فإنه يعمل للشقاوة قال:بل اعملو فكل ميسر .فأما من كان من أهل السعادة فإنه ييسر للسعادة وأما من كان من أهل الشقاء فإنه ييسر لعمل الشقاء .
وفي رواية البخاري أنه قال :مامنكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار
فأراد بعضهم أن يترك العمل اتكالا علي ماجرت به المقادير بناء علي خطأه في فهم التوكل فقال رسول الله :اعملوا فكل مسير لما خلق له
7.وعن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :الطيرة شرك وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل
8.وعن أنس رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : إذا خرج الرجل من بيته فقال :باسم الله توكلت علي الله ولا حول ولا قوة إلا بالله قال :يقال له حينئذ هديت وكفيت ووقيت ويتنحي عنه الشيطان فيقول له شيطان آخر كيف لك برجل هدي وكفي ووقي
من قصص التوكل
1.هذا سيدنا نوح عليه السلام بقي ألف سنة إلا خمسين عاما وما آمن معه إلا قليل امره ربه ببناء السفينة فما تردد ولا تلكأ وسخروا منه وآذوه واستمر في عمله حتي قال (إني مغلوب فانتصر)فنجاه الله وهذا من حسن توكله
2.سيدنا إبراهيم عليه السلام يلقي في النار فيأتيه جبريل ويقول له ألك حاجة قال: أما إليك فلا ثم قال :حسبنا الله ونعمن الوكيل كما حكي ابن عباس رضي الله عنه
ويأمره ربه بإلقاء السيدة هاجر وابنها إسماعيل عليهم السلام في صحراء قاحلة لاأنيس ولا حسيس فيمتثل ولا يعترض ولم يضيع الله السيدة هاجر وابنها إسماعيل ويأمره ربه أيضا بذبح ابنه فتوكل علي الله ولم يعترض وعوضه الله خيرا(إنه من عبادنا المومنين)
3.وسيدنا شعيب يقول لقومه (قال يقوم أرأيتم إن كنت علي بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن اخالفكم إلي ما انهاكم عنه عن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه انيب
4.وهذا سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يأتي بجميع ماله لرسول الله فيقول له الرسول : ماذا تركت لأهلك فيقول : تركت لهم الله ورسوله
5.وجاء قوم من اليمن إلي عمر ن الخطاب رضي الله عنه فقال لهم :من أنتم قالوا :نحن المتوكلون
فقال لهم :بل أنتم المتكلون
وبعث عمروا بن العاص رضي الله عنه إلي عمر بن الخطاب بأن نهر النيل لايجري وكان من عادة أهل مصر أن يذبحوا بنتا عروسا ويلقوها في النيل فيفيض النيل فكتب عمر بن الخطاب رسالة هذا نصها
من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المومنين إلي نيل مصر العظيم أما بعد :فإن كنت تجري من قبلك ومن امرك فلسنا في حاجة إليك وإن كنت تجري بامر الله فإن الله مجريك)وأمر عمرو ابن العاص أن يلقيها في النيل فألقاها في النيل ففاض النيل
6.وهذا حاتم الأصم يقول :بنيت أمري علي أربع خصال
علمت أن رزقي لا ياكله غيري فاطمأن قلبي
وعلمت أن عملي لايعمله غيري فانشغلت به وعلمت أن الموت ياتيني بغتة فاستعدت له وعلمت أن الله مطلع علي ويراني فاستحييت منه
ولما سئل من أين تأكل ؟
قال (ولله خزائن السماوت والارض ولكن المنافقين لايفقهون)

اوحى الله الى موسى.... يا موسى، ما خافني من خاف الخلق... وما توكل علي من خاف فوات الزمن. وعزتي وجلالي ما توكل علي عبدي الا كفيته.... وبيدي مفاتيح الملك والملكوت... وما اعتصم بي عبد الا ادخلته الجنة، وكفيته كل مهمته.
ومن اعتصم بغيري قطعت عنه الاسباب من فوقه.... واسخت الارض من تحته.... ولا ابالي كيف اهلكته.
يا موسى، خمس كلمات ختمت لك بها التوراة، ان عملت بها نفعك العلم كله... والا لم ينفعك شيء منه.
الاولى:- كن واثقا برزقي المضمون لك، ما دامت خزائني مملوءة... وخزائني مملوءة لا تنفذ ابدا.
والثانية:- لا تخافن ذا سلطان مادام سلطاني، وسلطاني دائم لا يزول.
والثالثة:- لا ترى عيب غيرك، ما دام فيك عيب، والعبد لا يخلو من عيب ابدا.
والرابعة:- لا تدع محاربة الشيطان ما دام روحك في جسدك، فانه لا يدع محاربتك ابدا.
والخامسة:- لا تأمن مكري حتى ترى نفسك في الجنة... وفي الجنة اصاب ادم ما اصاب

أبوصلاح الدين 28-02-2010 10:13 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق الثاني :الخوف والخشية
عرف العلماغء بتعاريف عدة فقالوا :
1.الخوف توقع مكروه علي أمارة مظنونةأو معلومة.ويضاده الأمن ويستعمل في الأمور الدنيوية والأخروية
وقيل الخوف هو توقع العقوبة علي مجاري الأنفاس
وقيل الخوف هرب القلب من حلول مكروه عند استشعاره
والخوف سوط الله يقوم به الشاردين عن بابه
وقيل هو سراج في القلب.به يبصر مافيه من الخير والشر
أما الخشية فهي خوف يشوبه تعظيم
وقيل خوف مقرون بإجلال
أما الفرق بين الخوف والخشية أن الخشية أخص من الخوف فالخشية للعلماء 5إنما يخشي الله من عباده العلماء – وقول النبي صلي الله عليه وسلم 5إني أتقاكم لله وأشدكم له خشية
وقيل الخوف للعامة والخشية للعلماء والعارفين والوجل للمقربين وعلي قدر العلم والمعرفة تكون الخشية(و تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ولما تل\\تم بالنساء علي الفرش ولخرجتم إلي الصعدات تجأرون إلي الله)
قال ابن القيم الجوزية رحمه الله في مدارج السالكين (الخوف لعامة المؤمنين والخشية للعلماء والعارفين والهيبة للمحبين والإجلال للمقربين وعلي قدر العلم والمعرفة يكون الخوف والخشية
والفرق بين الخوف والخشية أن الخوف يستعمل ويراد به ضعف الخائف والخشية تذكر ويراد بها عظمة المخوف منه
منزلة هذا الخلق
قال تعالي (وخافون إن كنتم مؤمنين)
وقال (فلا تخشون الناش واخشون)
وقال (أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مومنين)
فاخوف من الله والخشية منه منزلة عظيمة لاتكون إلا للمؤمنين وبها يصدع المؤمن بالحق ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر فانت تقارن خوفك من الله بخوفك من الناس فتضع مقارنات بين غضب الله عليك وسخط الناس لانك تعالج أمرا يمسهم.
ما أعده الله للخائفين من الثواب
قال تعالي (إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كريم
وفي الحديث (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لاظل إلا ظله.منهم رجل دعته أمرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ربي العالمين
وفي الحديث عن أبي الدراداء أنه سمع النبي صلي الله عليه وسلم علي المنبر يقول (ولمن خاف مقام ربه جنتان)
فقال أبو الدراداء :وإن زني وإن سرق فأعاد رسول الله الآية فأعاد أبو الدرادء السؤال للمرة الثانية والثالثة ورسول الله يكرر الآية ثم قال (رغم أنف أبي الدرداء)
وقد جاء في الحديث عن الجنتان أنهما (جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما.وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما .وما بين القوم أن ينظرو إلي ربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء).
وانظر كيف يقول المؤمنين حين يدخلون الجنة (قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم إن كنا من قبل ندعوه أنه_ هو البر الرحيم )
وفي الحديث القدسي (وعزتي وجلالي لا أجمع لعبدي خوفين ولا أمنين .إن أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمع عبادي وإن خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع عبادي )
وفي ختام سورة النازعات يبين الله ما أعده لمن خافه فقال (وأما من خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوي فإن الجنة هي المأوي )
وتخيل جنة المأوي هاته (إن في الجنة ما لاعين رات ولا أذن سمعت ولا خطر علي قلب بشر)
قال تعالي (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون)
وفي الحديث (ثلاث منجيات خشية الله في السرور والعلانية والقصد في الفقر والغني والعدل في الرضا والغضب)
وفي الحديث (عينان لاتمسهما النار .عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله )
خوف الملائكة والأنبياء عليهم السلام
قال تعالي عن الملائكة (يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون مايؤمرون)
وقال سبحانه (ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته)
وجاء في الحديث (ليلة أسري بي مررت علي جبريل عليه السلام في الملأ الأعلي كالحلس البالي من خشية الله عز وجل)
ولما عرج به صلي الله عليه وسلم رأي الملائكة منهم القائم ومنهم الراكع ومنهم الساجد فلا يقوم ومنهم المسبح (يسبحون الليل والنهار لايفترون)ومنهم الباكي ومنهم الضارع إلي ربه (وهم من خشية ربهم مشفقون ).
وهذا سيدنا آدم عليه السلام قيل بكي ستين سنة يوم أخرج من الجنة
وكان سيدنا داوود عليه السلام معروف بكثرة بكائه فلما عوتب في ذالك قال :دعوني أبكي قبل يوم البكاء
وكانت تجتمع حوله الطيور والدواب تطرب لصوته فيبكي كثيرا عليه السلام
وكان لسيدنا يحي عليه السلام خطان في خديه من كثرة البكاء
ونفس الكلام يقال عن بقية الأنبياء عليهم السلام
مظاهر البكاء في حياة النبي صلي الله عليه وسلم
1.عن مطرف عن أبيه قال : رأيت رسول الله يصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء
2.وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه صلي مع النبي صلي الله عليه وسلم فما مر بآية فيها رحمة إلا وقف عندها ولا بآية عذاب إلا وقف عندها فتعوذ وإذا مر بآية فيها تنزيه سبح)
3.وعن ابن عباس رضي الله عنها أن أبا بكر قال لرسول الله :أراك قد شبت قال :شيبتني هود واخواتها الواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت
4.وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم (إقرأ علي القرآن )قلت أقرأ عليك القرىن وعليك أنزل .قال : إني أحب أن أسمعه من غيره
قال :فقرات من اول سورة النساء حتي قوله تعالي :فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك علي هؤلاء شهيدا يومئذ يود الذين كفرو ا وعصو الرسول لوتسوي بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا)فرفعت عيني فإذا عيناه تذرفان فقال أمسك.
5.وعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال (إني أري ما لاترون وأسمع ما لاتسمعون أطت السماء وحق لها ان تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله والله لوتعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء علي الفرش ولخرجتم إلي الصعدات تجأرون إلي الله ولوددت أني كنت شجرة تعضد)
هكذا يقول سيد الخلق فماذا يقول أمثالنا ظ
الله المستعان
6.وتري السيدة عائشة رضي الله عنها خوف رسول الله الشديد من ربه فتقول كان إذا رأي غيما أوريحا عرف في وجهه فقلت :يارسول الله إن الناس إذا رأو الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه مطر وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية
فقال :ياعائشة مايؤمنني أن يكون فيه عذاب عذب قوم بريح وقد رأي قوم العذاب فقالوا هذا ممطرنا ).
7.ويراه بعض الصحابة مهموما فيسألونه في ذالك فيقول (كيف أنعم وصاحب القرن قد ألتقم قرنه فغنه ينتظر متي يؤمر بالنفخ فينفخ فيه )
8.وينزل عليه جبريل عليه السلام فيجده يبكي خوفا علي أمته فيسأله ما يبكيك يارسول الله ؟
فيقول :تذكرت قوله تعالي علي لسان أخي إبراهيم عليه السلام
ربي إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فغنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم )
ثم رفع يديه إلي الله عز وجل فقال(اللهم أمتي أمتي )وبكي رسول الله صلي الله عليه وسلم وإذا بجبريل عليه السلام يجوب الآفاق ويحجب بأجنحته السبع الطباق وينزل علي رسول صلي الله عليه وسلم فيقول له إن ربك يقرئك السلام ويقول لك لاتبكي سنرضيك في أمتك ولا نسوءك(ولسوف يعطيك ربك فترضي).
9.ويخرج يوما يشيع جنازة فيجلس علي شفير القبر ويبكي حتي ابتل الثري من كثرة البكاء ثم توجه إليهم قائلا(يا إخواني لمثل هذا فأعدوا)
10.ولما كسفت الشمس علي عهده صلي الله عليه وسلم فقام للصلاة فأطال سجوده وركوعه يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وجعل يبكي في سجوده وينفخ ويقول (ربي لم تعدني هذا وأنا أستغفرك ربي لم تعدني هذا وانا فيهم)
خوف الصحابة الكرام
1.هذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يبصر طائرا علي شجرة فيقول (طوبي لك ياطير تأكل الثمر وتقع علي الشجر.لوددت أني ثمرة ينقرها الطير
وكان يقول :ليتني شعرة في جنب عبد مؤمن
ويمسك لسانه ويقول :هذا الذي أوردني الموارد
2.وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه
يقول ليتني كنت كبشا سمنني أهلي واكلوني ولم أكن شيئا
ليتني لا لي ولا علي
وسمع مرة واحد يقرأ قوله تعالي (إن عذاب ربك لواقع )فمرض منها شهرا يعوده الناس ولا يرون مابه
3.وكان سيدنا عثمان كثير البكاء يذكر القبر كثيرا
4.وعرف أبو الدرداء بهذا الخلق العظيمم
5.وقرا تميم الداري قوله تعالي (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون )جعل يكررها ويبكي حتي الصباح
6.وخوف الربيع بن خيثم رحمه الله كان كثير الخوف من الله حتي يقول عنه عبد الله بن مسعود والله هذا هو الخوف .ربما ذكروه بالآخرة والنار بقي يوما كاملا مغشيا عليه
وكان ينزل في القبر إذا شعر بقسوة في قلبه
7.وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يجمع العلماء ويتذاكرون الموت حتي كأن جنازة بينهم
وكان كثير التفكر في الآخرة وعذاب القبر رحمه الله
9.وهذا الإمام الشافعي رحمه الله حين حضرته الوفاة يبكي ويقول
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت رجائي نحو عفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب سيدي تجود وتعفو منة وتكرما
فلولاك ما يغوي إبليس بعابد كيف وقد غوي صفيك آدما

أبوصلاح الدين 28-02-2010 10:14 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الرجاء
هناك ثلاث تعاريف للرجاء
قيل الرجاء هو ظن يقتضي حصول مافيه مسرة
وقال الجرجاني الرجاء هو تعلق القلب بحصول محبوب في المستقبل
وقيل هو الاستبشار بجود وفضل الرب تبارك وتعالي .والالرتياح لمطالعة كرمه سبحانه وتعالي
وقيل هو الثقة بجود الرب عز وجل
وقيل هو النظر إلي سعة رحمة الله تعالي
والفرق بينه وبين التمني أن التمني يكون مع الكسل أما الرجاء فهو تمني حصول شيء مرغوب ومحبوب بعد بذل المجهود ومثلوا ذالك بأن المتنمي كمن يتمني أن توكن له أرض فيحرثها ويأخذ زرعها والراجي كمن له أرض قد حرثها وهو يرجوا حصل الزرع
منزلة الرجاء
لولا الرجاء لم تكن هناك رحمة ولا دعوة ولا إصرار علي نشر الخير ولهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها إسم الله كثيرا
لولا التعلق بالرجاء تقطعت نفس المحب حشرة وتمزقا
لولا الرجا يحدو المطي لما سرت بحمولها لديارهم ترجو اللقاء
والخوف والرجاء كجناحي طائر لايستقيم أحدهما بدون الآخر
وقد مدح الله أهل الرجاء فقال (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكرا الله كثيرا)
ومن الآيات التي تتحدث عن الرجاء قول الله في سورة الزمر
(قل ياعبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم)قال بعض السلف ليس هناك أرجي آية من هاته
لأنه أولا نسبهم إلي نفسه فقال (ياعبادي )
وثانيا وصفهم بالإسراف علي أنفسهم والاستكثار من الذنوب
ثالثا :أنه عقب علي ذالك بالنهي عن القنوط من الرحمة
رابعا بين أنه يغفر الذنوب جميعا
وورد في الحديث أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال (ما أحب أن الدنيا وما فيها بهذه الآية (قل ياعبادي الذين ....الآية ) فقال رجل يارسول الله فمن أشرك ؟فسكت النبي صلي الله عليه وسلم ثم قال (إلا من أشرك )ثلاث مرات
وهي إشارة واضحة إلي قول الله تعالي (إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذالك لمن يشاء )
وعن محمد بن سير ين قل :قال علي بن أبي طالب :أي آية في القرآن أوسع؟
قال : فجعلوا يذكرون قول الله (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما)
فقال علي رضي الله عنه ما في القرآن آية أوسع من (قل ياعبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم)
وسأل عبد الله بن عباس عبد الله بن عمر رضي الله عنهم عن أي آية أرجي ؟فقال : الآية التي في الزمر
إذا أوجعتك الذنوب فداوها برفع يد بالليل والليل مظلم
ولا تقنطن من رحمة الله إنما قنوطك منها من ذنوبك أعظم
فرحمته للمحسنين كرامة ورحمته للمذنبين تكرما
ولقد نوه الله بأصحاب هذا الخلق الكريم فقال عن المهاجرين (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئم يرجون رحمت الله والله غفور رحيم)
وقال جل من قئل (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون)
وقوله تعالي (وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين)
وقوله تعالي (ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين)
بين المولي تبار وتعالي أن الجمع بين الخوف والرجاء من اخلاق العارفين العالمين
وانظر رحمك الله إلي قول مكحول الدمشقي رحمه الله (من عبد الله بالخوف فهو حروري ومن عبد الله بالرجاء فهو مرجيء ومن عبده بالخوف ومن عبده بالمحبة فهو زنديق ومن عبده بالخوف والرجاء والمحبة فهو موحد)
وقال أحد السلف الكرام :لو نودي ليدخل الجنة كل الناس إلا رجلا واحدا لخشيت أن أكون ذالك الرجل ول نودي ليدخل النار كل الناس إلا رجلا واحدا لرجوت ان اكون ذالك الرجل
فأجمل الأحوال اعتدال بين الخوف والرجاء والمحبة فلا تغلب طرفا علي طرف حتي لاتقع في الالنحراف
مظاهر الرجاء في حياة النبي صلي الله عليه وسلم
1.أنه كان يرجوا ان يخلق الله جل وعلا من أصلاب قريش أناس يوحدن الله جل وعلا وحقق الله له ذالك الرجاء
2.ولما جاءة أحد الصحابة الكرام ليستنصر لهم غضب وقال لهم غنكم لتستعجلون ان الله سينصر هذا الدين بعز عزيز أو ذل ذليل
3.وترجي ان الله سيرحم أكثر هذه الامة
4.وكان يرجوا الخير في الناس وأن الله جل وعلا رحيم بهذه الأمة
ومن أقواله صلي الله عليه في الرجاء
1.قوله فيما يرويه عن ربه جل وعلا (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وغن تقرب مني شبرا تقربت إليه ذراعا وغن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا وإن اتاني يمشي أتيته هرولة)
2.وفي حديث قدسي آخر (يايبن آدم غنك مادعوتني ورجوتني غفرت لك علي ماكان منك ولا أبالي يابن آدم لو لقيتني بقراب الأرض خطايا لقيتك بقريابها مغفرة بعد ان لاتشرك بي شيئا يابن آدم إنك عن تذنب حتي يبلغ ذنبك عنان السماء ثم تستغفرني أغفر لك ولا أبالي)
3.وقوله صلي الله عليه وسلم (لايموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله )
4.وقوله صلي الله عليه وسلم فيما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه (لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع في الجنة أحد ول يعلم الكافر ماعند الله من الرحمة ماقنط من الجنة أحد ).
5.وعن أبي هريرة أيضا (حسن الظن من حسن العبادة)
6.وعن أنس رضي الله عنه ان رسول الله صلي الله عليه وسلم دخل علي شاب وهو في الموت فقال :كيف تجدكقال : أرجوا الله يارسول الله وإني أخاف ذنوبي فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( لايجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجوا منه ومامنه مما يخاف )
7.وعن أب النظر قال : خرجت عائدا ليزيد بن الأسود فلقيت وائلة بن الأسقع وهو يريد عيادته فدخلنا عليه فلما رأي وائلة بسط يده وجعل يشير عليه فما رأي وائلة بسط يده وجعل يشير إليه فأقبل وائلة جتي جلس فأخذ يزيد بكفي وائلة فجعلهما علي وجهه فقال له وائلة :كيف ظنك بالله ؟قالكظني بالله والله حسن قال:فابشر إني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول (قال الله :أنا عند ظن عبدي بي إن ظن بي خيرا فله ذالك وإن ظن شرا فله
8.عن عمر بن الخطاب رضي اله عنه قال قدم علي النبي صلي اله عليه وسلم سبي فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها إذ وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها أورضعته فقال رسول الله :أترون هذه طارحة ولدها في النار ؟فقلنا :لا وهي تقدر علي ان لاتطرحه فقال :لله أرحم بعباده من هذه بولدها
9.وعن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال (إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الإنس والجن والبهائم والهوام فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش علي ولدها وأخر الله تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة)
من أقواله الدالة علي رجائه
1.رجاؤه ان يكون صاحب الوسيلة فقد قال (إذا سمعتم المؤذن يؤذن فقولوا مثل مايقول ثم صلوا علي فإنه من صلي علي واحده صلي الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله عز وجل الوسيلة فغنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله تعالي وأرجوا أن أكون انا هو فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له شفاعتي ).
2. ومنها رجاؤه في أن تكون امته أكثر الأمم يوم القيامة كما في الحديث (ما من الانبياء نبي إلا أعطي ما مثله أمن عليه من البشر وإنما كان الذي اوتيت وحيا اوحاه الله فأرجوا أن أكون أكترهم تابعا يوم القيامة)
3.ومنها رجاؤه أن تكون نصف أمته في الجنة قائلا للصحابة الكرام (أترضون ان تكونوا ربع أهل الجنة ؟
قالوا نعم .أترضون ان تكونوا ثلث أهل الجنة ؟قالوا نعم . قال :/ والذي نفسي يده إني لأرجوا أن تكونوا نصف أهل الجنة وذالك ان الجنة لايدخلها إلا نفس مسلمة وما أنتم وأهل الشرك إلا كاشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر )
4- و منها : رجاؤه أن يلقى ربه لا يطالبه أحد بمظلمة، كمل دل عليه حديث أنس قال: غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالوا : يا رسول الله ، سعر لنا، قال: إن الله هو المسعر، القابض،الباسط ، الرزاق، و إني لأرجو أن ألقى ربي و ليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم و لا مال".
5- و منها: رجاؤه أن يكون أكثر الناس ورودا على حوضه يوم القيامة، كما دل عليه حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن لكل نبي حوضا يتباهون أيهم أكثر وارده، و إني لأرجو أن أكون لأكثر منهم واردة".
6- ومنها: رجاؤه أن يكون صديقه و حبيبه أبو بكر الصديق ممن يدعى من أبواب الجنة الثمانية، كما دل عليه حديث ابو هريرة رضي الله عنه، أنه صلى الله عليه وسلم قال: " لكل عمل باب من أبوب الجنة ، يدعون منه، و للجنة ثمانية أبواب" فقال : أبو بكر يا رسول الله ، و هل أحد يدعى من تلك الأبواب كلها؟ قال: "نعم، و إني لأرجو أن تكون منهم ياأبا بكر".
7- ومنها رجاؤه أن لا يدخل الله أحد ممن شهد بدرا و الحديبية النار ، كما دل عليه حديث حفصة – رضي الله عنها- أنه صلى الله عليه وسلم قال:" إني لأرجو ألا يدخل النار أحد إن شاء الله ممن شهد بدرا و الحديبية" فقالت حفصة : يا رسول الله ، أليس قد قال الله تعالى:" و إن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا"، قال ألم تسمعيه يقول: "ثم ننجي الذين اتقوا و نذر الظالمين فيها جثيا".
8- ومنها : رجاؤه لأبي بكر أن يكون ممن يأكل من ثمار الجنة، كما دل عليه حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن طير الجنة، كأمثال البخت ترعى في شجر الجنة، فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إن هذه لطير ناعمة فقال صلى الله عليه وسلم :" أكلتها أنعم منها" قالها ثلاثا" و إني لأرجو أن تكون ممن يأكل منها".
حث النبي صلى الله عليه و سلم أمته على التخلق بخلق الرجاء:
1- و قد حث نبي الرحمة صلى الله عليه و سلم على التخلق بهذا الخلق الإيماني العظيم في أحاديث متعددة منها قوله صلى الله عليه و سلم:
"لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل نزل في أرض دوية مهلكة ، معه راحلته، عليها طعامه و شرابه ، فنام ، فاسيقظ، فطلبها حتى أدركه العطش ، ثم قال : أرجع مكاني الذي كنت فيه ، فأنام حتى أموت، فوضع رأسه على ساعده ليموت، فاستيقظ و عنده راحلته ، و عليها زاده و طعامه و شرابه ..فالله أشد فرحا من هذا براحلته و زاده".
2- و عن جبدب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حدث :" أ ن رجلا قال : و الله لا يغفر الله لفلان، و أن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي أني لا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان، و أحبطت عملك".
3- و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:" و الذي نفسي بيده ، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، و لجاء بقوم بذنبون، فيستغفرون الله، فيغر الله لهم".
4- و عن أبي الطويل شطب الممدود أنه أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال: أرأيت من عمل الذنوب كلها، ولم يترك منها شيئا ، وهو في ذلك لم يترك حاجة ، و لا داجة إلا أتاها، فهل لذلك من توبة؟ قال:" فهل أسلمت ؟" قال أما أنا فاشهد أن لا إله إل الله ، و أنك رسول الله ، قال " تفعل الخيرات ، و تترك السيئات فيجعلهن الله لك خيرات كلهن" قال : و غدراتي وفجراتي؟ قال :" نعم" قال الله أكبر فمازال يكبر حتى توارى.
5- و قال صلوا ت ربي و تسليماته عليه:" إذا كان يوم القيامة ، وفرغ الله تعالى من قضاء الخلق ، فيبقى رجلان، فيؤمر بها إلى النار ، فيلتف أحدهما .فيقول الجبار تبارك اسمه :ردوه فيردوه فيقال له : لم التفت إلي ؟فيقول :قد كنت أرجوا أن تدخلني الجنة.فيأمر الله به إلي الجنة.قال :فيقول لقد أعطاني ربي عز وجل حتي لو أني أطعمت أهل الجنة ما نقص ذالك مما عندي شيئا.
6- وكان النبي صلي الله عليه وسلم إذا ذكر ذالك عرف السرور في وجهه
7- 6.وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عنه وسلم قال :يخرج من النار أربعة فيعرضون علي الله تعالي فيلتفت أحدهم فيقول :أي رب كنت أرجوا إن أخرجتني منها ألا تعيديني فيها فينجيه الله منها .وفي رواية لأحمد (فلا نعيدك فيها
رجال أحسنوا الظن بالله
1.قال بعض العباد :لما علمت أن الله عز وجل هو الذي يحاسبني يوم القيامة زال عني حزني لأن الكريم إذا حاسب تفضل
2.قال سفيان الثوري : ماأحب أن حسابي جعل إلي والدي .ربي خير لي من والدي
3. رئي مالك بن دينار في المنام فقيل له :بم قدمت علي ربك ؟فقال : قدمت بذنوب كثيرة محاها عني حسن الظن بالله
4. ورئي حوشب بن مسلم في المنام فقيل له :/يا أبا بشر كيف حالكم ؟قال :نجونا بعفو الله فقيل له : ما تأمر به ؟قال : عليكم بمجالس الذكر وحسن الظن بمولاكم عز وجل فكفي بهما خيرا
5.وعن محمد بن مطرف قال : دخلنا علي أبي حازم الأعرج حين حضرته الوفاة فقلت يا أباحازم كيف تجدك قال: أجدني بخير راجيا لله عز وجل حسن الظن به إنه والله من يستوي غدا او راح في عقد الدنيا يعمرها لغيره ويرجع إلي الآخرة لاحظ له ولا نصيب
وفي الأثر الإلهي
(بعيني مايتحمل المتحملون لأجلي .وما يكابدون في طلب مرضاتي أتراني أسيء إليهم ؟ كيف أنا والرحيم بخلقي .لو كنت معاجلا بالعقوبة أحدا وكانت العقوبة من شأني لعجلت بها القانطين من رحمتي
حسن ظني بعفو ك يارب جميل وانت مالك امري
صنت سري عن القرابة والأهل حميعا وكنت موضع سرس
ثقة بالذي لديك من الستر فلا تحزني يوم نشري
يوم هتك الستور عن حجب الغيب فلا تهتكن للناس سري
لقني حجتي وإن لم تكن يارب لي حجة ولا عذري

أبوصلاح الدين 28-02-2010 10:16 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق الرابع :الإخلاص
1.قال الجنيد رحمه الله تعالي :الإخلاص سر بين الله وبين العبد لايعلمه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده ولا هوي فيمليه
وقال بعضهم : الإخلاص ان لاتطلب علي عملك شاهدا غير الله ولا مجازيا سواه
وقيل الإخلاص هو تصفية العمل من كل مشوب
وقال الفضيل رحمه الله :ترك العمل من أجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما
وقيل :الإخلاص هو استواء عمل العبد في الظاهر والباطن
وقيل هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة
وقال \و النون المصري رحمه الله :الإخلاص لايتم إلا بالصدق فيه والصدق لايتم إلا بالإخلاص فيه والمداومة عليه
وقال سهل :أشد شيء علي النفس هو الإخلاص لانه ليس لها فيه نصيب
وكان يوسف بن الحسين يقول :كم أجتهد في إسقاط الرياء عن نفسي فكأنه ينبت علي لون آخر
وقال أبو طالب المكي رحمه الله :حقيقة الغخلاص سلامته من الرياء والهوي كما وصف الله الخالص من اللبن فقال 5من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين
وقال حاتم الأصم رحمه الله :يعرف الغخلاص بالاستقامة والاستقامة بالرجاء والرجاء بالإرادة والإرادة بالمعرفة
وقال المحاسبي :الإخلاص هو إخراج الخلق من معاملة الرب
وقال الفضيل رحمه الله : لازال العبد بخير ما إذا قال .قال لله وإذا عمل .عمل لله
منزلة الإخلاص
الإخلاص هو جوهر الأخلاق وأساس الأعمال وشرط القبول
وها هو ربنا سبحانه وتعالي يبين منزلة أهل الإخلاص
1.قال عن موسي عليه السلام(واذكر في الكتاب موسي إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيئا)
2.ويقول جل وعلا عن سيدنا يوسف في أحد المشاهد التي لاتحدث إلا نادرا في التاريخ(ولقد همت به وهم بها لولا أن رءا برهان ربه كذالك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين)
3.ويقول عن عن آل إبراهيم عليهم السلام أهل الإخلاص(واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار إنا أخلصناهم بخالصة ذكري الدار )
ولأن منزلة الإخلاص عالية جدا ولها مزايا كبري فالله يحفظ أهل الإخلاص حتي أن الشيطان عليه لعنة الله قال في بداية أمر الخلق (قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين)
وأضافهم الله جل وعلا إلي نفسه في آية أخري فقال (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفي بربك وكيلا)
فوائد الإخلاص
للإخلاص فوائد كثيرة لايمكن حصرها ومنها
1.عصمة أهل الإخلاص من الشيطان كما تبين من خلال الآيات السابقة
2.قبول الأعمال الصالحة(الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا )قال الفضيل :أحسن عملا أي أخلصه وأصوبه .ماكان خالصا لوجهه الكريم وكان موافقا لكتاب الله وسنة رسوله عليه السلام
3.نصر الله للمخلصين لقول النبي صلي الله عليه وسلم (إنما نصر الله هذه الأمة بضعفائها ودعوتهم وإخلاصهم)
4.النجاة من عذاب الله يوم القيامة .قال تعالي (وما تجزون إلا ماكنتم تعملون إلا عباد الله المخلصين أولئك لهم رزق معلوم فواكه وهم مكرمون في جنات النعيم علي سرر متقابلين)
وليس نجاة الله لمخلصين في الآخرة فقط بل حتي في الدنيا قال تعالي (ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين ولقد أرسلنا فيهم منذرين فانظر كيف كان عاقبة المنذرين إلا عباد الله المخلصين)
5.انقطاع الوساوس عن أهل الإخلاص وهي ثمرة جد مهمة
قال أبو سليمان الداري رحمه الله :إذا أخلص العبد لله انقطع عنه كثرة الوسواس والرياء
6.اكتساب الحكمة
وهذا واضح للعيان فأهل الإخلاص هم أهل الحكمة لأنهم ينتظرون الثواب من الخالق وليس من المخلوقين
قال مكحول الدمشقي رحمه الله (ما أخلص عبد لله أربعين يوما إلا أظهر الله علي لسانه ينابيع الحكمة من قلبه علي لسانه
7.زيادة مضاعفة الحسنات
قال تعالي من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها )وأن الحسنة تضاعف إلي أضعاف مضاعفة حتي سبعمائة ضعف .وهذا كله بسبب الإخلاص وإلا من لا إخلاص له فعمله مردود عليه بشواهد كثيرة معلومة من الكتاب والسنة
مظاهر الإخلاص في حياة رسول الله
كيف لايكون مخلصا وقد خاطبه ربه (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص)
وقوله جل من قائل (قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأمرت لأن اكون اول المسلمين قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم قال الله أعبد مخلصا له ديني )فقد كانت حياته كلها إخلاص
كيف لايكون مخلصا وهو يري كل الأنبياء يقولون لأقوامهم (قا لاأسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكري للعالمين
وقوله سبحانه وتعالي (قل لاأسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي
ومن مظاهر إخلاصه
1.حرصه الشديد أن يكون كل الناس مؤمنون (لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين)
2. توسل عمه أبي طالب له بعدما زار رؤساء قريش عمه أباطالب فقالها صريحة واضحة لاعوج فيها (والله لو ضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري علي أن أترك هذا الأمر ما تركته حتي يظهره الله أو ظاهلك دجونه ما تركته
3.مجيء الوليد له وعرض المال والشرف والجاه والنساء وغيرها من ملذات الدنيا علي رسول الله ثم قراءة رسول الله لأوائل سورة فصلت يدل دلالة واضحة أنه لايريد الجزاء في الدنيا
وها مولانا تبارك وتعالي يضع لنا ولنبينا الكريم دستور الإخلاص في الدنيا فقال (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له وبذالك أملرت و؟انا اول المسلمين)
وها هو رسول الله صلي الله عليه وسلم يحث أمته علي الإخلاص فيقول :
1.عن أبي الدرداء أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما ابتغي به وجه الله).
2.وعن أبي فراس –رجل من قبيلة أسلم قال : نادي رجل فقال :يارسول الله ما الإيمان ؟قال : الإخلاص وفي رواية أخري أن رسول الله قال :سلوني عما شئتم .فنادي رجل فقال :يارسول الله .ما الإسلام ؟قال :إقام الصلاة وإيتاء الزكاة.قال :فما الإيمان .؟قال :الإخلاص قال فما اليقين ؟قال التصديق
3.عن عثمان رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول  إني لأعلم كلمة لايقولها عبد حقا(مخلصا ) من قلبه إلا حرم علي النار )فقال له عمر رضي الله عنه : أنا أحدثك ماهي ؟هي كلمة الإخلاص التي أعز الله بها محمدا صلي الله عليه وسلم وأصحابه وهي كلمة التقوي التي ألاص الله عليها نبي الله عمه أبي طالب عند الموت (شهادة ان لاإله إلا الله )
4.وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : (ثلاثة لايغل عليهم قلب امريء مؤمن:إخلاص العمل لله والمناصحة لأئمة المسلمين ولزوم جماعتهم فإن دعاءهم يحيط من ورائهم ).
بمعني من لازم هذه الثلاثة أبعد الله عن قلبه الغل
5.وقال صلي الله عليه وسلم (لم تؤتوا شيئا بعد كلمة الإخلاص مثل العافية فاسألوا الله العافية ).
6.وقال صلي الله عليه وسلم (أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لاإله إلا الله مخلصا من قلبه او نفسه
7.وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول (إذا صليتم علي الميت فأخلصوا له الدعاء ).
8. وعن عبد الله ن الزبير رضي الله عنهما قال :كان النبي صلي الله عليه وسلم إذا انصرف من الصلاة يقول : (لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وه علي كل شيء قدير لا إله إلا الله مخلصين له الدين لو كره الكافرون أهل النعمة والفضل والثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ول كره الكافرون )
9.وقال صلي الله عليه وسلم : (ما قال عبد لاإله إلا الله قط مخلصا إلا فتحت له أبواب السماء حتي تفضي إلي
العرش ما جتنبت الكبائر ).
10. وقال صلي الله عليه وسلم (من سره أن يجد حلاوة الإيمان فليحب المرء لايحبه إلا لله ).
تحذير رسول الله أمته من الشرك
1.من أعظم الاحاديث في هذا الباب حديث أبي هريرة وهو درس لكل مسلم وخاصة الأصناف الأربعة ليراجعوا انفسهم جيدا .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : (إن أول الناس يقضي ينهم القيامة رجل استشهد فأوتي به فعرفه نعمته فعرفها قال :فما عملت فيها ؟قال :قاتلت فيك حتي استشهدت قال : كذبت ولكنك قاتلت ليقال فلان جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب علي وجهه حتي ألقي به في النار
ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ الفرآن فأوتي به فعرفه نعمه فعرفها قال :فما عملت فيها ؟قال :تعلمت العلم وعلمته وقرات فيك القرآن قال:كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرات القرىن ليقال هو قارئ فقد قيل .ثم أمر به فسحب علي وجهه جتي ألقي في النار
ورجل وسع الله عليه أعطاه من أصناف المال فأوتي به فعرفه نعمه فعرفها قال :فما عملت فيها ؟قال : ماتركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك .قال : كذبت ولكنك فعلت ليقال:هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب علي وجهه حتي لقي في النار
2.وقوله صلي الله عليه وسلم (من سمع الناس بعمله سمع الله مسامع خلقه وصغره وحقره)
3.وقوله صلي الله عليه وسلم (إذا جمع الله الولين والآخرين ليوم القيامة .ليوم لاريب فيه ناد مناد : من كان أشرك في عمله لله أحد فليطلب ثوابه من عنده فإن الله أغني الأغنياء عن الشرك)
4.وقوله صلي اله عليه وسلم (قال الله عز وجل أنا أغني الشركاء عن الشرك فمن عمل لي عملا أشرك فيه غيري فأنا منه بريء وهو للذي أشرك (.
5.وقوله صلي الله عليه وسلم (إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا : وما الشرك الأصغر يارسول الله ؟ قال : الرياء.يقول الله يوم القيامة إذا جزي الناس بأعمالهم اذهبوا إلي الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء ؟)
قال السري السقطي :خمس من كن فيه كان شجاع بطل : استقامة علي أمر الله ليس فيها روغان واجتهاد ليس معه سهو وتيقظ ليس معه غفلة ومراقبة الله في السر والجهر ليس معه رياء ومراقبة الموت بالتأهب له.
اللهم ارزقنا الإخلاص واحشرنا مع المخلصين
وهناك دراسة قيمة للشيخ فيصل البعداني بعنوان (قارب النجاة)عن الإخلاص جد مهمة متوفرة علي النت

أبوصلاح الدين 28-02-2010 10:18 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق الخامس:الشكر
من أحسن تعاريف الشكر قول ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (الشكر ظهور أثر نعمة الله علي لسان عبده ثناء واعترافا وعلي قلبه شهودا ومحبة وعلي جوارحه انقيادا وطاعة)
وهو تعريف شامل جامع مانع
وقيل الشكر هو الاعتراف بالنعمة علي وجه الخصوع
وقال الجنيد رحمه اله الشكر أن لاتري نفسك أهلا للنعمة
وقيل هو الثناء علي المحسن بذكر إحسانه
وقال المناوي رحمه الله الشكر شكران شكر باللسان وشكر بالجوارح وهو مكافأة النعمة بقدر الاستحقاق
وذكر الفيرزآبادي رحمه الله أن الشكر مبني علي خمس قواعد وهي
خضوع الشاكر لمشكور
وحبه له
واعترافه بنعمته
والثناء عليه بها
وان لايستعملها فيما يكره
متي اختل واحدة من هاته الأركان الخمسة فلا يسمي شكرا
وقيل أن الشكر يفقترق علي الحمد في أن الحمد يكون باللسان والقلب اما الشكر فيكون بالثلاثة
وقيل ان الشكر والصبر متلازمان فالصبر يستلزم الشكر فمن كان في نعمة فواجبه الشكر والصبر أما الشكر فواضح وأما الصبر فعن المعصية بأن لايستعمل نعم الله في معاصيه وان يؤدي حق النعم ومن كان في بلية فالصبر في حقه واضح واما الشكر فهو القيام بحق الله تعالي في هذه البلية
منزلة الشكر
الشكر من أعظم الأخلاق التي ينبغي علينا ان نتصف بها جميعا
فقد قرن الله الشكر الإيمان فقال (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما )
والله يمتن فقط علي أهل الشكر (وكذالك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم الشاكرين )
والناس إما شكور وإماكفور (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا).
والشكور إسم من أسماء الله جل وعلا
الشكر من أخلاق الأنبياء
1.سيدنا نوح عليه السلام رغم مرارة ما واجهه من المشركين وطول مدة الدعوة لكن الله جل وعلا قال في حقه (ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا).
2.وسيدنا إبراهيم عليه السلام يلقي في النار و يحاول فرعون مصر إذايته في أهله ويعاني من الغيرة بين زوجتيه ثم يؤمر بذبح ابنه لكن يقول ربنا سبحانه وتعالي في حقه (إن إبراهيم كان امة قانت لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهديه إلي صراط مستقيم)
3.وسيدنا سليمان عليه السلام في إحدي اللحظات يتذكر نعم الله عليه فيقول في خضوع وخنوع لربه (ربي أو زعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلي والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين)
ويروي في الأثر أن سيدنا دوود عليه السلام قال :يارب كيف أشكرك ؟.وشكري لك نعمة علي من عندك تستوجب شكرا ؟
فقال الله له (يادوود .الآن قد شكرتني )
وموسي عليه السلام يسأل مولاه قائلا (يارب خلقت آدم بيدك ونفخت فيه من روحك وأسجدت له ملائكتك وعلمته أسماء كل شيء وفعلت وفعلت فكيف أطاق شكرك ؟
قال له علم ان ذالك مني فكانت معرفته بذالك شكرا لي )
5.وها هو ربنا جل وعلا يأمر سيدنا موسي عليه السلام فيقول (قال يموسي إني اصطفيتك علي الناس برسالتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين).
وكان سيدنا داوود عليه السلام يقول لو أن لكل شعرة مني لسانين يسبان الليل والنهار ماقضيت نعمة من نعمك
وسيدنا نوح عليه السلام ما كان يأكل طعاما قد إلا حمد الله عليه
وكل الانبياء كانوا من اهل الشكر
أنواع النعم التي تستوجب الشكر
1.نعم عامة تشمل جميع الخلائق
(والله جعل لكم الأرض بساطا لتسلكوا منها سبلا فجاجا)
(ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتاد وخلقناكم ازواجا وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا وبنينا فوقكم سبعا شدادا وجعلنا سراجا وهاجا وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا)
وقوله تعالي (قل أرأيتم عن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلي يوم القيامة من الله غير الله ياتيكم بضياء أفلا تسمعون
فو دامت الظلمة من ذالذي سيصبر عليها ؟
سبحانك اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
(قل أرايتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلي يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون)
ومن هذه النعم الشمس وضياؤها والقمر ونوره والماء وخيراته والجبال وتحقيقها للتوازن في الأرض وتسخير الحيوانات وأنواع الزروع والثمار والامطار والبحار ومختلف خيراتها
2.نعم تشمل بعض الخلق
كنعمة الهداية فقد خصنا الله بالإسلام (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله )
ومنها ان جعل بلاد الإسلام بلاد أمن وامان وخيرات وبركات ونعمات تتلي وتوالي ولله الحمد
3.نعم خاصة بالنفس
وقد نبه الله جل وعلا علي ذالك فقال (وفي أنفسكم أفلا تبصرون )
من هذه النعم حسن الخلقة (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)
وقوله تعالي (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ربك )
وقوله تعالي (والله أخرجكم من بطون امهاتكم لاتعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والافئدة قليلا ما تشكرون
فمن تأمل حال جسمه وكيف أن الله أحسن خلقته وجعله مسلما ورزقه عقلا وبصرا وأطرافا وسمعا كيف لايشكر الله جل وعلا
وهناك نعم دقيقة لايلتفت إليها الكثير
منها أن جعلك من أبوين مسلمين يعينانك ويربيانك علي كل خير
ومنا كما قال سشيدنا شريح رضي الله عنه ما أصيب عبد بمصيبة إلا كان لله عليه منها ثلاث نعم
أنها لم تكن في دينه
انها لم تكن أعظم مما كانت
انها لابد كانت فقد حدثت
ومن النعم التي لاينبغي أن نغفل عنها نعمة الصحة .فمن زار المستشفيات ورأي أنين مرضي وصراخهم وهم وغم أقرابائهم . واوجاعهم وآلامهم لوجب عليه حمد الله جل وعلا في كل لحظة وحين
جاء رجل إلي يونس بن عبيد يشكوا ضيق حاله فقال له يونس : أيسرك ببصركهاته مائة ألف درهم ؟ قال :لا قال :فيدك مائة الف ؟قال :لا قال :فبرجلك مائة ألف ؟قال :لا فذكره بنعم الله ثم قال له : أري عندك مئين الألوف وأنت تشكوا الحاجة
وقرأ الفضيل بن عياض رضي الله عنه قول الله (ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين)فبكي .فسئل عن ذالك فقال :هل بت لله شاكرا أن جعل لك عينان تبصر بهما؟هل بت لله شاكرا أن جعل لك لسانا تنطق به وجعل يعدد من هذا الضرب
ومن هذه النعم قول النبي صلي الله عليه وسلم (من أصبح منكم آمنا في سربه معافي في بدنه عنده قوت يومه فكأنها حيزت له الدنيا بحذافيرها)إنها نعمة الامن والدين والصحة والرزق والقوت وهلم جرا
ومنها نعمة اللباس (وقليل من عبادي الشكور )
قيل في قوله تعالي (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) أن النبي صلي الله عليه وسلم قال إن أول ميسأل عنه العبد يوم القيامة النعيم ان يقال له ألم نصح لك جسمك ونرويك من الماء البارد
قال ابن مسعود رضي الله عنه :النعيم هو الأمن والصحة
وقال ابن عباس رضي الله عنهما ان النعيم صحة الأبدان والأسماع والأبصار يسأل الله العباد فيم استعملوها وهو أعلم منهم بذالك
وذكر بعض العارفين أن عابدا عبد الله خمسين سنة فأوحي الله له ان قد غفرت لك فقال العابد: وما تغفر لي وما أذنبت .فأذن الله لعرق في عنقه يضرب عليه فبات يتألم ولم ينم ولم يصل ثم سكن فنام ثم جاءه ملك من رب العالمين فقال له :إن ربك يقول لك :إن عبادتك خمسين سنة تعدل سكون هذا العرق
أوليتني نعما أبوح بشكرها وكفيتني كل الامور بأسرها
فلأشرنك ما حييت وإن أمت فلتشكرنك أعظمي في قبرها
كيف نشكر الله تعالي علي نعمه
سأل رجل أبا حازم
فقال له :ما شكر العينين؟
قال:إن رأيت بهما خيرا أعلنته وغن رأيت بهما شرا سترته
قال :فما شكر الأذنين ؟
قال : إن سمعت بهما خيرا وعيته وإن سمعت بهما شرا أخفيته
قال :فما شكر اليدين ؟
قال : لاتأخذ بهما ماليس لهما ولا تمنع حقا لله عز وجل فيهما
قال :فما شكر البطن ؟
قال : ان يكون أسفله طعاما وان يكون اعلاه علما
قال :فما شكر الفرج
قال :قال الله عز وجل (والذين هم لفروجهم حافظون إلا علي ازواجهم او ماملكت أيمانهم فغنهم غي رملومين فمن ابتغي وراء ذالك فاولئك هو العادون)
قال :فما شكر الرجلين ؟
قال : إن رأيت حيا غبطته استعملت بهما عمله وإن رأيت ميتا مقته كففتهما عن عمله وانت شاكر لله عز وجل
فاما من شكر بلسانه ولم يشكر بجميع أعضائه فمثله كمثل رجل له كساء فاخذ بطرفه ولم يلبسه فلم ينفعه ذالك من الحر والرد والثلج والمطر .
1- الشكر بالقلب:
و يكون بمحبة المنعم عز وجل، و الانقياد له بالطاعة، إقرارا و عرفانا بنعمه.
2- الشكر باللسان:
و يكون بالاعتراف بنعمة الله، و اللهج بذكره و حمده و التحدث بهذه النعم.
3- الشكر بالجوارح:
كعمل اليدين و الرجلين و السمع و البصر، كما أوضحنا في أثر ابي حازم فشكر نعمة المال – مثلا- يكون بالانفاق في سبيل الله.
قال بعض السلف : تمام الشكر بثلاثة اشياء :
أولها: إذا أعطاك الله شيئا ، فلتنظر من الذي اعطاك فتحمده عليه.
و الثاني: أن ترضى بما اعطاك.
و الثالث: ما دامت منفعة ذلك الشيئ معك ، و قوته في جسدك فلا تعصه.
قال السري: من أدى الفرائض ، و اجتنب المحارم ، و شكر النعمة عنده، فمل عليه لأحد سبيل...
و قال: الشكر على ثلاثة اوجه:
شكر اللسان و شكر البدن وشكر القلب فشكر القلب تعلم ان النعم كلها من الله عز وجل و شكر البدن ان لا تستعمل جارحة من جوارحك إلا في طاعته أن عافاه الله و شكر اللسان دوام الحمد عليه.
ورحم الله القائل:
إذا كان شكري نعمة الله نعمة علي له في مثلها يجب الشكر
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله و إن طالت الأيام و اتصل العمر
إذا مس بالسراء عم سرورها و إن مس بالضراء أعقبها الأجر
و ما منهما إلا له فيه منة تضيق بها الوهام و البر و البحر
مظاهر الشكر في حياة النبي صلي الله عليه وسلم
1.تصور لنا السيدة عائشة رضي الله عنها هذا الشكر في أحلي معانيه فتقول
كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا صلي قام حتي تتفطر قدماه فتقول له :يارسول الله .أتصنع هذا وقد غفر الله لك ماتقدم من ذنبك وما تأخر ؟فيقول لها : ياعائشة أفلا أكون عبدا شكورا)
قال العلماء :وهذا يدل علي أن الشكر يكون بالعمل .قال تعالي (إعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور
2.ومن تمام شكره صلي الله عليه وسلم كما تقول السيدة عائشة(فلما كثر لحمه صلي الله عليه وسلم صلي جالسا.فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثم ركع ).
3.وكان يشكر مولاه بان يخر ساجدا شكرا لله علي نعمائه فعن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم كان إذا جاءه أمره يسره أو بشر به خر ساجدا شكرا لله تعالي .
4.وعن عبد الرحمان بن عوف رضي الله عنه قال :خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم فاتبعته حتي دخل نخلا فسجد فأطال السجود حتي خفت أو خشيت أن يكون قد توفاه الله أو قبضه
قال:فجئت أنظر إليه فلما انتهي من السجود ورفع رأسه قال : مالك ياعبد الرحمان؟قال :فذكرت ذالك له فقال : (إن جبريل عليه السلام قال لي ألا أبشرك ؟ إن الله يقول لك من صلي عليك صليت عليه ومن سلم عليك سلمت عليه فسجدت شكرا لله ).
5.وكان إذا أكل أوشرب حمد الله وشكره كما قال عن نفسه يوم عرض عليه ربه تعالي ليجعل له بطحاء مكة ذهبا فقال :لا يارب ولكن أشبع يوما فأشكر وأجوع يوما فإذا جعت تضرعت وإذا شبعت حمدتك وشكرتك
6.وكان من شكره لله تعالي علي الطعام أن يقول (الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغني عنه ربنا ).
7.وكان يقول إذا فرغ من طعامه (الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين)وفي رواية (من أكل طعاما ثم قال :الحمد لله الذي أطعمنيه من غير حول مني ولا قوة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر
8.وكان يقول إذا لبس ثوبا جديدا (الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة).
9.وكان يقول (الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا وكم ممن لاكافي له ولا مأوي)
شكره لمن أسدي إليه معروفا
1.صومه يوم عاشوراء فقد صامه موسي عليه السلام شكرا لله وصامه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام شكرا لله أيضا
2.وكان يوما يقرأ سورة (ص) فلما وصل إلي قوله تعالي (وظن داوود أنما فتناه فاستغفر به فخر راكعا وأناب )فسجد عليه الصلاة والسلام وقال (سجدها داوود عليهالسلام توبة ونسجدها نحن شكرا لله )
شكره عليه السلام لأصحابه
1.فقد قال عليه الصلاة والسلام في آخر حياته (إن الله خير عبدا بين الدنيا وما عند الله فاختار ما عند الله )فبكي أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال له رسول الله : (لاتبك يا أبابكر .ثم قال : إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبابكر ولكن أخوة الإسلام ومودته لايبقين باب في المسجد إلا سد إلا باب أبا بكر )
2.وفي أساري بدر ذكر صنيع جبير بن مطعم يوم كان يأتيهم بالطعام خفية في حصار شعاب مكة فقال (لو كان المطعم بن عدي حيا .ثم كلمني في هؤلاء النتني لتركتهم له ).
حثه عليه الصلاة والسلام أمته علي الشكر
1.قال لمعاذ بن جبل (يامعاذ.إني لأحبك أوصيك يامعاذ لاتدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني علي ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).
2. وقال للرجل الذي جاء يستشيره في كون الناس يكنزون الأموال فأرشدهم بقوله
ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وزوجة مؤمنة تعين أحدكم علي أمر الآخرة ).
3.وقال من صنع لكم معروفا فكافئو فإن لم تجدو ا ماتكافئوه فادعوا الله له حتي ترو انكم قد كافأتموه)
4.وقال (إن الله ليرضي عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها ).
5.وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال من أعطي عطاء فوجد فليجز به فإن لم يجد فليثنين عليه .فمن أثني به فقد شكره ومن كتمه فقد كفره
6.وعن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه سولم قال : (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير . وليس ذالك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ).
وقال (من أولي معروفا فلم يجد خيرا إلا الثناء فقد شكره ومن كتمه فقد كفره ومن تحلي بباطل فهو كلابسي ثوبي زور ).
من علامات الشاكرين
1.شكر الناس علي إحسانهم (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان )
وقوله صلي الله عليه وسلم (لايشكر الله من لايشكر الناس )
2.التحدث بنعم الله تعالي (وأما بنعمة ربك فحدث )
وقوله صلي الله عليه وسلم (من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ومن لم يشكر الناس لم يشكر عز وجل والتحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر والجماعة رحمة والفرقة عذاب).
3.ظهور أثر النعمة علي العبد لقوله صلي الله عليه وسلم (إذا أتاك الله مالا فلير عليك فإن الله يحب أن يري أثر نعمته علي عبده حسنا ولا يحب البؤس ولا التباؤس).
عقوبة ترك الشكر
1.نقص الإيمان لأن الشكر نصف الإيمان والصبر نصفه الثاني ومن لايشكر فقد فقد نصف إيمانه قال تعالي (ليبلوني آشكر أم أكفر )
2.زوال النعمة ونزول العقوبة
ولنا في ذالك مثالان
قوله تعالي (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة ياتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانو يصنعون
وقوله تعالي (وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا أعد الله لهم عذابا شديدا)
وقوله تعالي عن قوم سبأ
(لقد كان لسبإ في مساكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط واثل وشيء من سدر قليل ذالك جزيناهم بما كفروا وهل يجازي إلا الكفور ). وجعلنا بينهم وبين القري التي باركنا فيها قري ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأيام آمنين فقالوا ربنا باعد بيننا وبين أسفارنا وظلموا أنفسهم وجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذالك لآيات لكل صبار شكور )
ففي هذه الآية معتبر وأي معتبر لمن تأمل الآية جيدا
قيل لأحد البرامكة كيف سلط عليكم كل هذا العذاب والعقاب بعدما كنتم فيه من العز والمكارم فقال:بغينا وطغينا ونسينا الله
ومروا برجل نهشته الامراض فقالوا مالك ؟قال : كنت في عافية وقوة لايعلمها إلا الله كنت إذا سمعت النداء أتباطأ فيقال لي : اتق الله وتعال إلي بيوت الله وأقم فرائض الله فكنت أقول لهم وما ذا يصيبني إن لم أفعل ؟
يقول أبو هريرة رضي الله عنه بينما نحن عند رسول صلي الله عليه وسلم إذ مرت سحابة فقال : أتدرون ماهذه ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم قال : (العنان وروايا الأرض يسوقه الله إلي من لايشكره من عباده
ما يجب علي الشاكر
1.أن تردد علي لسانك (الحمد لله ) فإنها تملأ الميزان
ضاع فرس لجعفر الصادق رحمه الله فقال : والله لأن ظفرت به لأحمدن الله ماحمده إلا أولياؤه وأحبابه فلما وجد الفرس .قال : الحمد لله ) فقال أبناؤه : أين المحامد : قال : وهل أبقت الحمد بمحامد بعدها ؟
فلا بد من ذكر الحمد لله في كل الأحوال
قال أحد الصالحين : سألني رجل كم عاملته تبارك اسمه بما يكره فعاملك بما تحب ؟
قلت: ما أحصي ذالك كثرة
قال : فهل قصدت إليه في أمر كربك فخذلك ؟
قلت لا والله ولكنه أحسن إلي وأعانني
قال :فهل سألته فلم يعطكه؟
قلت : وهل منعني شيئا سألته ؟

قلت : ما سألته شيئا إلا أعطاني ولا استعنت إلا أعاننني قال : أرأيت لو أن بعض بني آدم فعل بك هذه الخلال
قلت : ماكنت أقدر علي مجازاته
قال : فربك أحق وأحري أن تداب نفسك له في آداء شكره وهو المحسن إليك فهلا قلت (الحمد لله خالصا من قلبك فإنه سبحانه رضي من العباد بالحمد شكرا ).
أنا الصغير الذي ربيته فلك الحمد
وأنا الضعيف الذي قويته فلك الحمد
وانا الفقير الذي أغنيته فلك الحمد
وأنا الغريب الذي آويته فلك الحمد
وأنا العاري الذي كسوته فلك الحمد
وانا المسافر الذي صاحبته فلك الحمد
وأنا المريض الذي شفيته فلك الحمد
وانا السائل الذي أعطيته فلك الحمد
وانا الداعي الذي أجبته فلك الحمد
لك الحمد يارب حمد اكثيرا يارب العالمين

أبوصلاح الدين 28-02-2010 10:20 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
خلق الصدق
أما في الشرع : فقد اختلفت عبارات العلماء فيها:
قال الراغب : الصدق مطابقة القول، الضمير و المخبر عنه معا و متى انخرم شرط من ذلك لك يكن صدقا تاما.
و قال الجرجاني : مطابقة الحكم للواقع و هذا هو ضد الكذب
و قال الجنيد: حقيقة الصدق أن تصدف في موطن لا ينجيك منه الا الكذب
و قيل استولء السر والعلانية
و قال الخواص: الصادق لا تراه الا في فرض يؤديه او فضل يعمل فيه.
و قال عبد الرحمن بن زيد : الصدق الوفاء لله بالعمل.
و قيل الصدق القول بالحق في مواطن الهلكة.
و قيل كلمة الحق عند من تخافه و ترجوه.
و قال القشيري: الصدق ان لا يكون في احوالك شوب و لا في اعتقادك ريب و لا في اعمالك عيب.
منزلة الصدق بين الاخلاق:
الصدق اصل اصيل من اصول الاخلاق و خلة من اهم الخلال و هو من اهم الفضائل التي تقوم علها المجتمعات بل هو ضرورة من ضرورياته فلولاه ما قامت شريعة و لا استنارت سبيل الهداية و لا قام صرح الحضارة و لا خلدت العلوم و المعارف و لفسد المجتع الانساني من أساسه.
حسب الصدق فضيلة أن رب العاليم جلا وعلا اتصف به فقال (ومن أصدق من الله حديثا)
وقوله (ومن أصدق من الله قيلا )
وقوله (ذالك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون)
فليس هناك أصدق من الله حديثا ولا قولا ولا وعدا
قال الله عز وجل (وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا لامبدل لكلماته)
يتأمل ابن القيم رحمه الله حال أهل الصدق فيقول في معني كلامه في مدارج السالكين
هذه منزلة القوم منها نشأت جميع المنازل ومن لم يسر علي هذا الطريق فهو من الهالكين وقد تميز أهل الحق عن المنافقين والكافرين بقول الصدق .من اتصف بهذا الخلق رزق المهابة والجلال.والصديقية درجة تالية لدرجة النبوة
وقد أمر الله المؤمين بالصدق فقال (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)
وقال جل من قائل (ولما رأي المومينين الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله)
وحين نتأمل كلام الله نجد أن هذا الخلق الكريم له منزلة كبري حتي أن من اتصف بهذا الخلق لهم منزلة خاصة يوم القيامة من الذين أنعم الله عليهم قال تعالي (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبئين والصديقين والشهداء والصالحين)
وانظر كيف ذكر الله جملة من صفات أهل البر والخير والإيمان ثم قال في آخرها أن هؤلاء هم أهل الصدق قال تعالي (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبئين وآتي المال علي حبه ذوي القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وأتي الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون)
وقسم الله الناس إلي قسمين فقال (ليجزي الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أويتوب عليهم )
والإيمان في الأصل مبني علي الصدق
وتأمل قول الله جل في علاه (هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنت تجري تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذالك الفوز العظيم
وهناك خمسة أشياء لازمت الصدق في القرآن الكريم وهي
1.لسان الصدق كما في قوله تعالي (وجعل لي لسان صدق في الآخرين)
وقوله (وجعلنا لهم لسان صدق عليا)والمقصود به الثناء الحسن والسمعة الطيبة بين الناس
.2.قدم صدق .المقصود به العمل الصالح يكثر منه الرجل الصالح فيصير لازما له ومصدقا لوصفه بالإيمان
قال تعالي (وبشر الذين آمنوا ان لهم قدم صدق عند ربهم )
3.مقعد صدق والمقصثود به الجنة فمادام هؤلاء صدقوا مع الله أنجز الله لهم ماوعدهم به (إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند ملك مقتدر)
4.مدخل الصدق والمقصود به حين تتعرف علي الناس لأول مرة أن يكون امرك صادقا حسبما امر الله ونهي قال تعالي (وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصير )
5.مخرج الصدق وله معنيان
أن يكون خروجه في أمر مصدقا لحاله كخروج الصحابة الكرام والنبي صلي الله عليه وسلم للغزوات فيتبين أن هذا الذي يدعوا من اجله صادقا فيه مادام يضحي من أجله بالنفس والنفيس
وقد يكون المقصود بمخرج صدق أن يبقي ذكره حسنا بعذ خروجه من هؤلاء القوم
ولما كان الصدق منزلة كبري وصفة جليلة وصف الله به أنبياءه فقال :
1.(واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيئا)
2.(واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيئا)
3.(واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيئا)
4.وقال عن كليمه عيسي موسي عليه السلام (حقيق علي ان لاأقول علي الله إلا الحق ).
5.(يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات)
6.وصدق الله ورسوله )
7.(ومن أظلم ممن كذب علي الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في حهنم مثوي للكافرين والذي جاء بالصدق وصدق به اولئك هم المتقون)
وقد وردت مثل هذه الصفات عن الأنبياء عليهم السلام في الكتب الأخري
وبين رسول الله صلي الله عليه وسلم أن سيدنا إبراهيم عليه السلام لم يكذب إلا ثلاث كذبات وهي قوله (إني سقيم )وقوله (بل فعله كبيرهذا ) وقوله لجبار مصر أن سارة أخته حتي لايغلبه عليها جبار مصر
وقد صدق سيدنا إبراهيم عليه السلام في هذه الثلاث حين نتأمل ذالك فقوله إني سقيم إشارة إلي أنه غير مرتاح لما فيهم من الشرك
وقوله (بل فعله كبيرهم هذا)كان من باب السخرية بعقولهم كمات قال الشيخ القرطبي رحمه الله
وقوله أن سارة أخته فهي أخته في الدين وأخته باعتبار الأصل اننا كلنا من آدم وحواء عليهما السلام
وقد ورد عن رسول الله ما يدل علي صدقه عليه السلام فحين رأي بعض اصحابة رضوان الله عليهم يأكلون الضبي لم يأكله وقال لهم (تعافه نفسي لأنه ليس بأرض قومي )
وحين وجد القوم يلقحون النخيل الذكر بالأنثي فينموا النخيل فقال (ما أظن أن ذالك يغني شيئا )فبلغ الخبر الناس فتركوا التلقيح فنقصت نخيلهم فلما بلغ ذالك رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لهم إن كان ذالك ينفعهم فليصنعوه فإنما ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به فإني لن اكذب علي الله عز وجل )
مظاهر الصدق في حياة رسول الله
1.شهدت قريش له قبل البعثة بأنه الصادق الأمين والفضل ماشهدت به الأعداء .لما نزل قول الله تعالي (وأنذر عشيرتك الأقربين)خرج رسول الله حتي صعد جبل الصفا ثم نادي (ياصباحاه)فاجتمع الناس فقال لهم (أرأيتم إن أخبرتكم ان خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي ؟) قالوا .نعم ماجربنا عليك إلا صدقا قال (إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد)فقال له عمه أبو لهب (تبا لك ألهذا جمعتنا ؟
2.لما كان يوم بدر جاء الأخنس بن شريف لأبي جهل وقال له : أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب فإنه ليس هناك أحد يسمع كلامنا
فقال أبو الجهل :ويحك.والله إن محمدا لصادق وما كذب محمد قط. ولكن إذا ذهب بنو فضي باللواء والحجابة والسقاية والنبوة فماذا يكون لسائر قريش ؟
(فإنهم لايكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون)
3.وهذا أبو سفيان يسأله هرقل عظيم الروم وه يقول :لم يمنعني من الكذب إلا الحياء فقال له كيف نسبه فيكم
قال :هو فينا ذونسب
قال له هرقل : هل قال أحد منكم هذا القول من قبل
قال :لا
قال :هل كان من آبائه ملك
قال :لا
قال :فأششراف الناس يتبعونه ام ضعفاؤهم
قال :بل ضعفاؤهم
قال :أفيزيدون أم ينقصون ؟
قال : هل يرتدذ منهم سخطا لدينه ؟
قال:لا
قال :فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل هذا
قال :لا قال :فهل يغدر ؟قال :لا
قال :فهل قاتلتموه ؟قال نعم
قال :كيف كانت الحرب بينكم
قالسجال ينال منا ونناله منه
قال :فبماذا يأمركم قال : أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا وأن لانشرك به شيئا وأن نترك مايقول أباؤنا ويامرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة
فاستنتج هرقل أنه نبي
4.وهاهو النظر بن الحارث يقول لقريش (يامعشر قريش إنه والله قد نزل بكم أمر مابتليتم بمثله.لقد كان فيكم محمد غلاما حدثا أرضاكم عقلا وأصدقكم حديثا وأعظمكم أمانة حتي إذا رأيتم الشيب في صدغيه وجاءكم بما جاءكم قلتم ساحر .لاوالله ماهو بساحر فقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم
وقلتم كاهن .لا والله ماهو بكاهن.فقد رأينا الكهنة وحالهم وسمعنا سجعهم.وقلتم شاعر .لا والله ماهو بشاعر لقد سمعنا الشعر وعرفنا أصنافه كلها .هزجه وقريضه وقلتم مجنون .لا والله ماهو بمجنون.لقد رأينا الجنون فما هو بخنقه ولا وسوسته ولا تخليطه ثم قال لهم :يامعشر قريش انظروا في شانكم فإنه والله قد نزل بكم أمر عظيم
5.وها هي السيدة خديجة يأتيها أول الأمر فتقول له (والله لايخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين علي نوائب الحق
صدق الرسول فيما أخبر به من المغيبات
1.كان رسول الله يصف الأنبياء عليهم السلام ويبين ملامح وجوههم وقد صدقه أهل الكتاب في ذالك كما جاء في حديث الإسراء والمعراج
2.وحين أخبرهم في غزوة بدر عن مصرع فلان وفلان فكان كما قال عليه الصلاة والسلام
3.وروي جرير أنه دخل المدينة ورسول الله يخطب فلبس حلته وغير من هيئته علي شكل ملك ثم دخل المسجد وقال لجليسه أذكرني رسول الله آنفا
قال :نعم قال لنا في خطبته (يدخل عليكم من هذا الباب أومن هذا الفج من خير من ذي يمن وإن علي وجهه مسحة ملك (فحمدت الله علي ما ابتلاني به
4.وذكر أبو سفيان أنه قال مرة في نفسه (نعاود قتال رسول الله فضرب رسول الله علي صدره وقال له (إذن يخزيك الله فقال :أتوب إلي الله وأستغفره
5.والقصة المعروفة التي دارت أحداثها في مكة بأن تحاور صفوان وعمير في شأن الحياة بعد كارثة بدر فقال عمير :لولا صبية ودين علي لدخلت علي محمد فقتلته فقال له صفوان :دينك علي وعيالك أسوة عيالي في النفقة
فجهز عمير نفسه وكتم الخبر وحين دخل علي رسول الله قال له رسول الله : ماوراءك فما بال السيففي رقبتك؟
قال :قبحها الله من سيوف وما أغنت عنا يوم بدر
فقال له رسول الله : أصدقني ماجاء بك ظ
قال له رسول الله :قمالذي دار بينك وبين صفوان في حجر الكعبة
فأخبره الخبر فشهد عمير بالشهادة ودخل في الإسلام
صدقه في الأخبار المستقبلية
1.روت السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أدني منه السيدة فاطمة رضي الله عنها فسارها بشيء فبكت ثم سارها بشيء فضحكت فلما سألوا السيدة فاطمة قالت لهم أخبرني أنه يموت في وجعه هذا فبكيت ثم سارني أني أول من يلحق به فضحكت.وكان الامر كما قالت فقد ماتت ستة أشهر بعد وفاته صلي الله عليه وسلم
2.خطب رسول الله ذات يوم علي المنبر فقال عن الحسن ابن علي رضي الله عنهما (إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)
وكان الامر كما قال فقد تنازل عن الخلافة لمعاوية وأصلح الله به بين المسلمين
3.يقول عبد الله بن بسر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم وضع يده علي رأسه وقال (يعيش هذا الغلام قرنا)فعاش مائة سنة
4.لما كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يحفر الخندق وجدوا صخرة عظيمة فكسرها رسول الله ثم قال :الله أكبر .أعطيت مفاتيح الشام.والله إني لأبصر قصورها الحمراء عن شاء الله ثم ضرب الثانية ثم قال .الله أكبر .أعطيت مفاتيح فارس والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض من مكاني هذا .ثم ضرب الثالثة فقطع بقية الصخرة ثم قال :الله أكبر .أعطيت مفاتيح اليمن والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني الساعة.
ولم تمض سنوات حتي كان الأمر كما قال رسول الله
5.وجاء عدي بن حاتم يشكوا الفاقة إلي رسو الله فقال له رسول الله (ياعدي هل رأيت الحيرة؟قلت لم أرها وقد أنبئت عنها قال: إن طجالت بك الحياة لترين الضعينة ترتحل من الحيرة حتي تطوف بالكعبة لاتخاف إلا الله
قلت :فيما بيني وبين نفسي فأين دعار طيء الذين سعروا البلاد
قال : ولئن طالت بك الحياة لتفتحن كنوز كسري
قلت :كسري بنن هرمز قال :كسري بن هرمز ولئن طالت بك الحياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحد يقبله منه )
يقول عدي : لقد رأيت الضعينة تخرج من الحيرة حتي تطوف بالكعبة لاتخاف إلا الله وكنت فيمن افتتح كنوز كسري ولئن طالت بكم الحياة لترون ماقال النبي أبو القاسم صلي الله عليه وسلم
6.وقوله لعمار بن ياسر (تقتلك الفئة الباغية)وكان كما قال صلي الله عليه وسلم
7.وما قاله لأم حرام بنت ملحان لما قال (رأيت قوما من أمتي يركبون ظهر البحر كالملوك علي الأسرةفقالت له :أدع الله ان يجعلني منهم قال :فإنك منهم)
وكان الامر كما قال رسول الله
8.وقوله صلي الله عليه وسلم (يوشك ان تتداعي عليكم الأمم كما تتداعي الأكلة علي قصعتها قالوا :أومن قلة يارسول الله قال:بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور أعدائكم المهابة وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل:وما الوهن يارسول الله قال :حب الدنيا وكراهية الموت)
9.ومن صدقه أنه قال (إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة وفشو التجارة حتي تعين المرأة زوجها علي التجارة وقطع الأرحام ووشهادة الزور وكتمان شهادة الحق وظهور القلم )
وهو مانراه في واقعنا اليوم
حثه علي الصدق وتحذيره من الكذب
1.(عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلي البر وإن البر يهدي إلي الجنة وإن الرجل ليصدق حتي يكتب عند الله صديقا وإن الكذب يهدي إلي الفجور وإن الفجور يهدي إلي النار .وإن الرجل ليكذب حتي يكتب عند الله كذابا
)
2.(إذا أردتم أن يحبكم الله تعالي .فأدوا إذا أئتمنتم واصدقوا إذا حدثتم وأحسنوا جوار من جاوركم )
3.(اضمنوا لي ستا أضمن لكم الجنة إصدقوا إذا حدثتم وأوفوا إذا عاهدتم وأدوا إذا أئتمنتم واحفظوا فروجكم وغضوا أبصاركم وكفوا أيديكم)
4.(أربع إذا كن فيك فلا عليك مافاتك من الدنيا صدق حديث وحفظ أمانة وحسن خليقة وعفة في طعمة ).
5.(دع مايريبك إلي مالايريبك فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة
6.(البيعان بالخيار مالم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما محقت بركة بيعهما)
7.قالت السيدة عائشة رضي الله عنها (ماكان خلق أبغض إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم من الكذب ).
8.ورأي رسول الله صلي الله عليه وسلم أما تقول لولدها :ياعبد الله تعال أعطيك فقال رسول الله : وما أردت أن تعطيه ؟.قالت :تمرا فقال :أما إنك لولم تفعلي لكتبت عليك كذبة).
(لايبلغ العبد صريح الإيمان حتي يدع المزاح والكذب ويدع المراء وإن كان محقا).
10.(أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وبيت في أعلي الجنة لمن حسن خلقه)
11.(لاتقوم الساعة حتي تظهر الفتن ويكثر الكذب )
12.(آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان).
13.(ما من ذنب أجدر من أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع مايدخره له في الآخرة من :قطيعة الرحم والخيانة والكذب )
مواطن يجوز فيها الكذب
رخص رسول الله صلي الله عليه وسلم الكذب في ثلاث في الحرب والإصلاح بين الناس وقول الرجل لامرأتهوقال لبعض أصحابه (لاجناح عليك)يعني في الكذب علي الزوجة تطييبا لخاطرها
وقالوا المقصود به مايدخل في شؤون الغزل وتقوية العلاقة بين الزوجين كقوله (أنت أجمل امرأة في العالم لم تر عيني مثلك قط ...وهكذا
عود لسانك قول الصدق تحظ به إن اللسان لما عودت معتاد
موكل يتقاضي ماسننت له فاختر لنفسك وانظر كيف ترتاد

أبوصلاح الدين 28-02-2010 10:26 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق السابع:الصبر
يقول الشاعر :
ياصاحب الهم إن الهم منفرج أبشر بقرب فإن الفارج الله
اليأس يقطع أحيانا صاحبه لاتيأسن فغن الكافي الله
إذا بليت فثق بالله وارض به فإن الذي يكشف اللوي الله
الله يحدث بعد العسر ميسرة لاتجزعن فإن الصانع الله
والله مالك غير الله من أحد فحسبك الله في كل لك الله
للصبر عدة تعاريف منها
1.حبس النفس عن الجزع والتسخط وحبس اللسان عن الشكوي وحبس الجوارح عن التشويش
2.هو ترك الشكوي من ألم البلوي لغير الله إلا إلي اله.لأن الله أثني علي أيوب عليه السلام(إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب)
3.هو الوقوف مع البلاء بحسن الأدب
4.هو ترك الشكوي مطلقا
5.هو الثبات مع الله وتلقي بلاءه بالرحب والدعة
6.هو الثبات علي أحكام الكتاب والسنة
7.هو الاستعانة بالله
الصبر مثل اسمه مر مذاقته لكن عواقبه أحلي من العسل
أنواع الصبر
يقول الفيروزآبادي رحمه الله:
إذا كان حبس النفس عن المصيبة قيل صبرا
وإذا كان في الحرب يسمي شجاعة
وإذا كان في إمساك الكلام سمي كتمانا
وإذا كان عن شهوة الفرج سمي عفة
وإذا كان عن فضول العيش سمي زهدا
وإذا كان عن شهوة الطعام سمي شرف النفس
وإذا كان عن إلجام النفس لحظة الغضب سمي حلما
منزلة هذا الخلق
لماكان خلق الصبر من أجل الأخلاق وأرفعها ذكره الله في نحو تسعين موضعا وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه (ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فإذا انقطع الرأس بان الجسد ثم رفع صوته(ألا لا إيمان لمن لاصبر)
والإيمان نصفان صبر وشكر فالعبد يتقلب بين المنح والمحن وهو مطالب ف الحالتين بالصبر والشكر
فضائل الصبر
للصبر فضائل عديدة منها :
1.أن الله يحب الصابرين كما قال تعالي : (والله يحب الصابرين).
2.معية الله للصابرينوالمعية تتضمن الحفظ والستر والنصر والتأييد والأنس قال تعالي (واصبروا إن الله مع الصابرين)
3.حصول الصابرين علي أفضل الجزاء قال تعالي (ولنجزين الذين صبروا أجرهم باحسن ماكانوا يعملون)
4.ضمان النصر من الله في حالة الصبر والمصابرة قال تعالي : (بلي إن تصبروا وتتقوا وياتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين)
5.جزاء الصابرين يكون بدون تحديد.وهذا دل علي أنه يكون حسب درجة الصبر قال تعالي :/( إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب)
6.بالصبر تورث القيادة والإمامة والسيادة.لأن من صبر علي محن الأيام وأذي الزمان عز ومن عز فاز قالتعالي (وجعلنا منهم أئمة يهدون بامرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)
7.الفوز بالجنة (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار) وقوله تعالي : (وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا).
8.حصول الصلوات والرحمة والهداية(وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم وأولئك هم المهتدون)
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول تعقيبا علي هاته الآية (نعم العدلان ونعمت العلاوة ويعني بالعدلين الصلوات والرحمة والعلاوة إثبات الهداية
9.نصر القلة علي الكثرة .القلة الصارة تغلب الكثرة غير الصابرة(إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين)
10.تحقيق الطمأنينة والحفظ (وإن تصبروا وتتقوا لايضركم كيدهم شيئا)
مظاهر خلق الصبر في حياة رسول الله
1.صبره مع الكفار
أ.هاهو حين يصعد جبل الصفا وينادي بأعلي صةوته (واصباحاه واصباحاه)يقبل عليه الناس من كل مكان ولم يجربوا عليه كذبا فيقول لهم بعد ان طمأنوه بأنه لم يجربوا عليه كذبا(فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد)يقول إليه عمه أبو طالب فيقول أمام الملأ:تبا لك يامحمد .ألهذا دعوتنا
ورغم ذالك لم يرد عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم ونزل قول الله تعالي (تبت يدا أبي لهب وتب ما أغني عنه ماله وما كسب سيصلي نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد )
ب.ويخبرنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه رأي النبي صلي الله عليه وسلم يصلي عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جالسون فقالوا: أيكم يجيء بسلا الجزور بني فلانه فيضعه علي ظهر محمد إذا سجد ويذهب بن أبي معيط أشقي القوم ويفعلها الأحمق ورسول الله ساجد وتخرج السيدة فاطمة رضي الله عنه بنته وهي تبكي تضعه عن ظهره فيرفع رأسه ويقول (اللهم عليك بقريش)ثلاث مرات ثم سمي بان قال (اللهم عليك بأبي جهل وعليك بعتبة بن ربيعة وسيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط) وذكر السابع ولم يحفظه الراوي .يقول عبد الله ن مسعود والله لقد رأيت الذين عدهم رسول الله صلي الله عليه وسلم صرعي في قليب.قليب بدر )
3 ويذكر عبد الله بن عمرو بن العاص قال :بينما النبي ضلي اله عليه وسلم يصلي في حجر الكعبة إذ أقبل عليه عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه علي عنقه فخنقه خنقا شديدا فأقبل أبو بكر الصديق رضي الله عنه حتي أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي صلي الله عليه وسلم وقال (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم )
4.وشج وجهه وكسرت رباعيته في غزوة أحد وهو يقول عليه الصلاة والسلام (كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلي الله فنزل قول الله (ليس لك من الأمر شيء أويتوب عليهم أويعذبهم فغنهم ظالمون )
5.وعن الحارث بن الحارث يقول قلت لأبي ماهذه الجماعة ؟قال :هؤلاء قوم اجتمعوا علي صابيء لهم يردون عليه حتي انتصف النهار وانصدع الناس عنه أقبلت امرأة قد بدا نحرها تحمل قدحا ومنديلا فتناوله منها فشرب منه وتوضأ ثم رفع رأسه فقال (يابنية.خمري عليك نحرك ولا تخافي علي أبيك)قلنا من هذه ؟قالوا :هذه زينب ابنته).
2.
صبره علي الدعوة
1.يقول ربيعة بن عباد :رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم في الجاهلية في سوق ذي مجاز وهو يقول (يا أيها الناس قولوا لاإله إلا الله تفلحوا )والناس مجتمعون عليه ووراءه شيخ كبير يقول :إنه صابيء كاذ ب يتبعه حيث ذهب قال:فسألت عنه فقيل :هذا عمه أبو لهب
2.وفي الحديث الذي رواه أنس أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لقد أوذيت في اله وما يؤذي أحد وخفت في الله وما يخاف أحد ولقد أتت ثلاثون من بين يوم وليلة ومالي ولبلال رضي الله عنه ما يأكل ذي كبد إلا مايواري إبط بلال)
3.ويبين لنا جابر بن عبد الله رضي اللهع عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم لبث عشر سنين يتبع الناس في منازلهم في الموسم وجنة وعكاظ ومنازلهم في مني يعرض عليهم الإسلام قائلا (من يؤويني حتي أبلغ رسالات ربي فله الجنة)
ويأتي الواحد ربما من اليمن أو مصر فيحذرونه من اتباع محمد حتي قيض الله جل وعلا رجالا من يثرب فآمنوا به فأقرأهم القرآن الكريم فينقلب إلي أهله فيسلمون بإسلامه.
4.ويروي لنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه لما مرض أبو طالب جاءته قريش فشكوه النبي صلي الله عليه وسلم فقال له النبي صلي الله عليه وسلم (إني أريد منهم كلمة واحدة تدين لهم العرب وتؤدي لهم العجم الجزية.قال :كلمة واحدة؟
قال:ياعم يقولوا .لا إله إلا الله .فقالوا : إلها واحدا ماسمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق .قال:فنزل فيهم قرآن (ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق حتي إلي قوله تعالي (ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاقا)
5.ويذهب رسول الله إلي الطائف مع زيد بن حارثة ويعمد إلي ثلاثة إخوة فيقول أولهم :أماوجد الله غيرك ؟
ويقول الثاني :هو يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك .ويقول الثالث:والله لاأكلمك أبدا .إن كنت رسولا لأنت أعظم خطرا من أرد عليك الكلام ولئن كنت تكذب علي الله ما ينبغي أن أكلمك فقام عنهم نبي الله قائلا لهم (إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني ) ولم يكتموا عنه بل أغروا به سفهاءهم فرموه بالحجارة حتي فر منهم ثم التجأ إلي بستان يشتكي إلي ربه عز وجل بهذا الدعاء (اللهم إني أشكوا إليك ضعفي وقلة حيلتي وهواني علي الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلي من تكلني ؟إلي بعيد يتجهمني ؟ أم إلي عدو ملكته أمري ؟إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحل علي سخطك.لك العتبي حتي ترضي ولا حول ولا قوة إلا بك )
6.ولما ألجأه قومه اضطرارا إلي الهجرة إلي المدينة خرج مضطرا وهو يقول (والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلي الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت).
ثالثا:صبره علي الفقر
1.عاش حياته كلها فقيرا ولو شاء أن يجعل الله له جبال مكة ذهبا لكان ذالك ولكن يشبع مرة فيحمد الله ويجوع مرة فيصبر
2.وهاهي أبنته فاطمة تعيش الفقر بعينه.فقد عاشت هي والسيد علي رضي الله عنهما في فقر ومع ذالك كانا يحمدان الله تعالي .
3.وفي الحديث (لم يأكل النبي صلي الله عليه وسلم علي خوان حتي مات وما أكل خبزا مرققا حتي مات )
4.وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها (ما شبع آل محمد صلي الله عليه وسلم من خبز شعير يومين متتابعين.حتي قبض رسول الله صلي الله عليه وسلم
وكانت تقول كانت ياتي علينا الشهر وما نوقد فيه نارا إنما هو التمر والماء)
5.وهذا سعد بن أبي وقاص يقول : (ولقد كنا نغزوا مع رسول الله وما لنا طعام إلا ورق الحبلة وهذا السمر .حتي إن كان أحدنا ليضع كما تضع الشاة ماله خلط)
6.ويروي لنا الصحابي الكريم جابر بن عبد الله رضي الله عنه فيقول : (كنا يوم الخندق نحفر فعرضت لنا كدية شديدة فجاءوا النبي صلي الله عليه وسلم فقالوا : هذه كدية عرضت في الخندق فقام ونزل إليها وبطنه معصوب بحجر لشدة جوعه ولبثنا ثلاثة أيام لانذوق طعاما)
7.ويذكر جابر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم بعثهم مرة رضي الله عنهم وأمر عليهم أبو عبيدة بن الجراح نتلقي عير قريش وزودنا جرابا من تمر لم نجد لنا غيره فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة
وقال : كنا نمصها كما يمص الصبي ثم نشرب عليها الماء فتكفينا يومنا إلي ليلنا).
رابعا: صبره علي جراح الألسنة
لقد اتهموه صلي الله عليه وسلم بالجنون والسحر والكهانة فقالو: (إن هو إلا سحر يؤثر)ورد عليهم ربنا سبحانه وتعالي (وما هو بقول شاعر قليلا ماتومنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين)
واتهموه في زوجته رضي الله عنها عائشة .وهذه من أخطر التهم.أن تتهم أهل الطهر بالفسق والفجور
وقالوا :أبتر .لايعيش له الولد
خامسا :صبره علي فقد الأحبة
1.فقد زوجته خديجة رضي الله عنها وقد واسته بمالها ونفسها ورزق منها الولد وكانت نعم الزوجة رضي الله عنها(كمل من الجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسيا إمرأة فرعون ومريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد)
وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يكثر من ذكرها حتي غارت منها السيدة عائشة وهي ميتة.وكان يكرم صديقاتها ويترحم عليها.لقد تركت حنينا عميقا في عمقه صلي الله عليه وسلم
2.ومات عمه أبو طالب .وكان نعم العم لولا أنه لم يسلم
3.ويفتقد رسول الله تقريبا جميع أبنائه في حياته ماعدا فاطمة رضي الله عنهافقد ماتت السيدة رقية بعد غزوة بدر مباشرة وقد فقدت رقية إبنا لها في حياتها وأقسمت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ليأتينهافرفع الصبي ونفسه تقعقع كأنها شن فقال له سعد :ماهذا يارسول الله ؟فقال له رسول الله هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ).
4.ويفقد رسول الله صلي الله عليه وسلم ابنته زينب رضي الله عنها وقد تركها بمكة ثم أرسل لها زيد بن حارثة ورجل من الأنصار وكانت قد خرجت تريد مكة وردها هبار بن الأسود ولم يزل يطعن بعيرها برمحه حتي صرعها علي الأرض وكانت حاملا فسقط منها الولد وحزن رسول الله وغضب غضبا شديدا وقال (إن وجدتم فلان وفلان فأحرقوهما بالنار)ثم عدل عن ذالك بالقتل.وأسلم هبار .
وعاشت السيدة زين رضي الله عنها جتي جاء هادم اللذات ومفرق الجماعات
5.وصبر علي موت ابنته أم كلثوم وكان قد زوجها لعثمان بعدما ماتت رقية رضي الله عنهما وقد دفنها بالليل وبكي عليها بكاء شديدا.كيف لا وهو يري جواهره ودرره تختفي الواحدة بعد الأخري
6.وفقد ابنه إبراهيم وكان يكن له حبا شديدا خاصة وقد أتاها علي كبر ولم يعش سوي ستة أشهر واتته منيته وبكاه رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال (يابن عوف إنها رحمة.ثم أتبعها بأخري فقال :إن العين لتدمع وغن القلب ليحزن ولا نقول إلا مايرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون)
7.وفقد يوم أحد عمه حمزة رضي الله عنه فبكاه رسول الله صلي الله عليه وسلم وحزن عليه حزنا شديد وقال في حقه وهو يقف علي جثمانه (رحمة الله عليك .فقد كنت وصولا للرحم فعولا للخيرات ولولاحزن من بعدك عليك لسرني أن أدعك حتي تجيء من أفواج شتي )ثم حلف وهو واقف أماه (والله لئن أظفرني الله بهم لأمثلن بسبعين منهم مكانك )فنزل قوله تعالي (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ماعوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين)
سادسا:صبره علي المرض
1.قال صلي الله عليه وسلم : ((إني أوعك كما يوعك رجلان منكم).
2.وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم في مرضه يتساءل (أصلي الناس ؟) فيقولون :لا فيريد أن يتحامل ولكنه لايستطيع فيقول لنسائه (ضعوا لي ماء في المخضب)
ومرت عليه الأيام الأخيرة شديدة الألم وتحمل كل ذالك حتي تقول السيدة عائشة رضي الله عنها (ما رأيت أحدا أشد عليه الوجع من رسول الله صلي الله عليه وسلم )

حث رسول الله أمته علي الصبر
1.(إذا أحب الله قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط).
2.(عجبا لأمر المؤمن .إن أمره كله خير وليس ذالك إلا للمؤمن إن أصابه خير حمد اللهوشكر وإن أصابه مصيبة حمد ربه وصبر).
3.وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال :قلت يارسول الله (أي الناس اشد بلاء؟قال :الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلي الرجل علي حسب دينه فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلي علي قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتي يتركه يمشي علي الأرض وما عليه خطيئة).
4.(إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتي يوافي به يوم القيامة).
5.ويذكر خباب بن الأرث رضي الله عنه أنهم شكوا إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالوا : ألا تستنصر لنا .ألا تدعوا لنا ؟فقال :قد كان من قبلكم يؤخذ بالرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع علي رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد من دون لحمه وعظمه فما يصده ذالك عن دينه. والله ليتمن هذا الأمر حتي يسير الراكب من صنعاء إلي حضرموت لايخاف إلا الله والذئب علي غنمه ولكنكم تستعجلون )
6.وفي الحديث (إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته :قبضتمولد عبدي ؟فيقولون نعم .فيقول :قبضتم ثمرة فؤاده؟فيقولون :نعم فيقول :ماذا قال عبدي ؟فيقولن :حمدك واسترجع.فيقول الله تعالي :ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد).
7.(مامن مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله به (إنا لله وإنا إليه راجعون )اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا أخلف الله له خيرا منها ).
8.(يقول الله تعالي :مالعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا إلا الجنة)
9.(إذا ابتليت عبدي بحبيتيه أي بعينيه فصبر عوضته عنهما الجنة)
10وعن أنس رضي الله عنه ان امرأة فقدت ولدا لها فجاءت إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت:يارسول الله قد كنت تعرف منزلة حارثة مني فإن يك في الجنة أصبر وأحتسب وإن تكن الأخري تري ما أصنع .فقال لها رسول الله :ويحك أوهبلت ؟أوجنة واحدة هي إنها جنان كثيرة وإنه لفي جنة الفردوس).
أسباب تعين علي الصبر
1.التعزي بأهل البلاء
2.أن يتعزي بفقد رسول الله صلي الله عليه سلم ففقدانه لايعوضه أي شيء.فبوفاته انقطع الوحي من السماء
3.ان يعوض المسلم ذالك بالتفكير مافي الآخرة
4.أن يحسن الظن بالميت وان الله يغفر له ويكثر من الصدقات عليه
5.أن يعلم أن الجزع لايرد المصيبة بل يضاعفها
6.أن يلجأ إلي الله ويكثر من الدعاء كما كان يفعل رسول الله (ما أصاب عبد هم ولا حزن فقال (اللهم إني عبدك ابن عبدك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أوانزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك او ستأثرت به في علم الغيب عندك ان تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله حزنه وغمه وأبدله مكانه فرحا فقيل يارسل الله ألانتعلمها ؟قال :بلي .ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها)
7.أن يعلم كل واحد منا أن الدنيا قصيرة مهما طالت وأننا كلنا مسافرون
8.أن يتذكر العبد ما في البلاء من اللطائف والفوائد ومضاعفة الحسنات
9.أن المصائب تجعل العبد يتوب إلي الله توبة صادقة
10.وأنه بعد العسر يسرا
11.وان الجزاء غدا يوم القيامة
إني رأيت الخير في الصبر مسرعا وحسبك من صبر تحوز به صبرا
عليك بتقوي الله في كل حالة فإنك إن تفعل تصب به ذخر

أبوصلاح الدين 28-02-2010 10:29 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
أستسمح الإخوة المشرفين علي إعادة جمع هذا الموضوع وأرجوا منهم تثبيته لما له من أهمية كبري
والموضوع أعتمد فيه أساسا علي كتاب (من أخلاق الرسول )للشيخ عبد العاطي بحيري وهو غير متوفر علي النت مع إضافات وحذف وتصرف في كثير من الجمل والعبارات
والموضوع أنشره في منتديات ثلاث (منتديات الجلفة وملتقي الإخوان ومنتديات الشروق)فقط حتي لايظن البعض أن الموضوع منقول والله وحده أعلم بالحقيقة

أبوصلاح الدين 01-03-2010 11:06 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق الثامن:
التواضع
اختلفت عبارات علماء الأخلاق في التواضع
1.قال ابن القيم :سئل الفضيل بن عياض عن التواضع فقال :يخضع للحق وينقاد له ويقبل ممن قاله
2.وقيل التواضع أن لاتري لنفسك قيمة فمن رأي لنفسه فليس له في التواضع نصيب
3.وقال الجنيد :هو خفض الجناح ولين الجانب
وقد يظن البعض أن التواضع تضع معه الهيبة والاحترام ويفتح أمام الإنسان المتواضع أبواب الذل والمهانة.هكذا يظن البعض ويخيل إليهم وهو من تخيلات الشيطان
قال ابن عطاء الله الإسكندري :العز في التواضع فمن طلبه في الكبر فهو كمن طلب الماء في النار
منزلة التواضع بين الأخلاق
التواضع هو خلق الأنبياء والعلماء والأولياء والأتقياء والسادة والقادة والحكماء .فمن الحكمة أن يتواضع الإنسان لأن الدنيا فانية والناس سواسية وكل سبب أوعرض يتكبر من أجله الإنسان كالمنصب والمال والجاه والصحة والعلم والجمال إنما هي أعراض زائلة
والكبر هو أول معصية يعصي بها الله .وهو خلق إبليس لما قال (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) وقال تعالي (إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين)
وقد مدح الله المتواضعين في كتابه الكريم فقال lوعباد الرحمان الذين يمشون علي الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما )فعباد الرحمان يمشون متواضعين بسكينة ولين ووقار.وقد ذكر الله جلا وعلا في هاته الآيات من آخر سورة الفرقان اثنا عشر صفة من صفات عباد الرحمان وبدأ بالتواضع لما له من أهمية كبري
وقال ربنا سبحانه وتعالي عن نبيه الكريم (سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير )فتأمل كلمة(أسري بعبده.فكفي شرفا أهل التواضع أن يوصفوا بالعبودية.وهي منزلة كبري
ونهي الله سبحانه وتعالي عن التكبر فقال (ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا )
وقال لقمان لابنه وهو يعظه (ولا تصاعر خدك للناس ولا تمش في الارض مرحا إن الله لايحب كل مختال فخور )
وقال ربنا لنبيه الكريم (فبما رحمة من الله لنت لهم ولوكنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )
وحقا لولا لين ورحمة وتواضع رسول الله لانفضوا من حوله.لقد كانت طبيعة العرب أنه يأنف من الذل ولولم يكن يملك شيئا.وهذا هو شعور الإنسان الطبيعي السوي
والتواضع نوعان
تواضع لأوامر الله جل وعلا بامتثال ما أمر والانتهاء عما نهي عنه سبحانه وحذر من ذالك وزجر
وتواضع لعظمة الله بأن يتذكر الإنسان ضعفه وشدة حاجته إلي ربه وأن ربه مطلع عليه فيستحي وفي الحديث (الكبرياء ردائي فمن نازعني فيه قصمت ظهره)
خلق التواضع في حياة رسول الله
أولا :مع أهله
1.تقول السيدة عائشة رضي الله عنه حينما تسأل :ماذا كان يفعل رسول الله صلي الله عليه وسلم حين يكون في البيت ؟قالت lكان في مهنة أهله.فإذا حضرت الصلاة خرج إلي الصلاة)كان يخسف نعله ويخيط ثوبه ويحلب الشاة ويتفقد حاجيات زوجاته رضي الله عنهن
2.وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يجلس علي الأرض ويأكل علي الأرض ويعتقل الشاة ويجيب دعوة المملوك علي خبز الشعير)
3.وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال :كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يركب الحمار ويخصف النعل ويرقع القميص ويقول lمن رغب عن سنتي فليس مني ).
4.وفي بعض الروايات (وكان بشرا من البشر يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه)
ثانيا :تواضعه مع أصحابه
وفي هذا الشأن نجد أخبارا كثيرة .من ذالك :
1مارواه ابن مسعود رضي الله عنه قال :كنا يوم بدر ثلاثة علي بعير وكان أبو لبابة وعلي بن أبي طالب زميلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وكان إذا جاءت نوبة رسول الله قالا :نحن نمشي عنك فيقول عليه الصلاة والسلام lما أنتما بأقوي مني وما أنا بأغني عن الأجر منكما ).
2.وكان يردف خلفه ويضع طعامه علي الأرض ويجيب دعوة المملوك ويركب الحمار ).
3.وكان يتخلف في المسير فيزجي الضعيف ويردف ويدعوا لهم
4.ويقول البراء بن عازب رضي الله عنه رأيت النبي عليه الصلاة والسلام يوم الخندق وهو يحمل معنا التراب حتي واري التراب شعر صدره حتي اغبر بطنه وهو يقول :
والله لولا الله ما هتدينا ولا صمنا ولا صلينا
فانزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
والمشركون قد بغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبينا
5.وجاءه مرة رجل فأخذته رعدة من كثرة ما سمع عن رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال له رسول الله :هون عليك فلست بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد).
6.ولما نزل رسول الله صلي الله عليه وسلم في بيت أبي أيوب الانصاريرضي الله عنه استحيا أبو أيوب أن يكون في أعلي البيت ورسول الله في أسفله ولكن أجابه رسول الله بكل تواضع (إنه أرفق بنا وبمن يغشانا أن نكون في أسفل البيت ).
7.وكان مرة في سفر مع أصحابه فأمرهم بطهي شاة فقال أحدهم :علي ذبحها وقال آخر :علي سلخها فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (وعلي جمع الحطب )فقالوا :يارسول الله نكفيك العمل فقال :علمت أنكم تكفوني ولكن أكره أن أتميز عنكم .إن الله سبحانه وتعالي يكره من عبده أن يراه متميزا بين أصحابه )
8.وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال دخلت السوق مع النبي صلي الله عليه وسلم فاشتري سراويل وقال :للوزان (زن وارجح )فقال الوزان : إن هذه الكلمة ما سمعتها من أحد قط فقال أبوهريرة رضي الله عنه فقلت له :كفي بك جفاء في دينك أن لاتعرف نبيك .فطرح الميزان ووثب علي يد النبي صلي الله عليه وسلم يقبلها فجذب رسول الله يده وقال له lهذا تفعله الأعاجم بملوكها ولست بملك .إنما أنا رجل منكم )ثم اخذ السراويل فذهبت لأحمله فقال :لا صاحب الشيء أحق بحمله
9.وكان الصحابة رضي الله عنهم إذا دخل عليهم النبي صلي الله عليه وسلم يقومون له فأغضبه ذالك فقال لهم :
من سره أن يمثل له العباد قياما فليتبوأ مقعده من النار )
10وفي الحديث المعروف (لاتطروني كما أطرت النصاري ابن مريم .إنما أنا عبد .فقولوا :عبد الله ورسوله )
11.وكان يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم وتأخذ بيده الشريفة الأمة السوداء فيقضي حاجتها
12.وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم حج علي رحل رث وعليه قطيفة لاتساوي أربعة دراهم فقال lاللهم اجعله حجا لارياء فيه ولا سمعة).
13.وفي الحديث (لو أهدي إلي كراع لقبلت.ولودعيت عليه لأجبت).
14.وجاءته مرة أمرأة فقالت : إني لي إليك حاجة. فقال لها :اجلسي في أي طريق في المدينة شئت حتي أجلس إليك.
15.وفي رواية للطبري عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم ركب حمارا عريا أي خالي من الرحل إلي قباء ومعه أبوهريرة فقال له :أحملك فقال :ماشئت يارسول الله فقال :اركب .فلك يقدر فأمسكه رسول الله فوقعا جميعا ثم ركب وقال له مثل ذالك ففعل فوقعا جميعا ثم ركب ثم قال له مثل ذالك فقال أبوهريرة :والذي بعثك بالحق مارميتك ثالثا فداء أبي وأمي يارسول الله .
فانظر إلي شدة تواضعه يركب حمارا ماله رحل .ويريد أن يردف معه أبا هريرة ويقع علي الأرض مرتين ومع ذالك كأنه ماحدث شيئا.
16.وكان من شدة تواضعه يجلس إلي المريض ويدنوا منه ويقول له : كيف تجدك.كيف أصبحت.أوكيف أمسيت ويقول (لابأس عليك طهور إن شاء الله )ويقول (باسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك والله يشفيك)
17.وكان له كساء مرقع يلبسه ويقول (إنما أنا عبد ألبسكما يلبس العبد وآكل كما يأكل العبد)
ثالثا :تواضعه مع ربه سبحانه وتعالي
1.عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :جلس جبريل إلي النبي صلي الله عليه وسلم فنظر إلي السماء فإذا ملك ينزل فقال له جبريل:هذا الملك مانزل منذ خلق قبل الساعة فلما نزل قال :يامحمد إرسلني إليك ربك أملكا أجعلك أم عبدا رسولا؟فقال جبريل عليه السلام تواضع لربك يامحمد فقال صلي الله عليه وسلم (بل عبدا ورسولا).
2.ومن شدة تواضعه أنه كان يسجد في الماء والطين كما في أحاديث صلاة الاستسقاء وليلة القدر
3.وانظر إليه صلي اله عليه وسلم وهو يقول بكل تواضع (إنه ليغان علي قلبي فأستغفر اله في اليوم سبعين مرة)
4.ولما جاءه الثلاثة الذين تقالوا عبادته عليه الصلاة والسلام فقال أحدهم :لا أتزوج النساء أبدا وقال الآخر : لاأفطر أبدا وقال الثالث :وأنا أقوم الليل لا أنام أبدا )فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (أما أنا فأصوم وأفطر وأتزوج النساء وأقوم الليل وأنام فمن رغب عن سني فليس مني )قالها بكل تواضع
5.وكان يقول (اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت )
رابعا :تواضعه مع إخوانه الأنبياء عليهم السلام
1.لما جاءه رجل وقال له :ياخير البرية فرد النبي صلي الله عليه وسلم بكل تواضع.(ذاك إبراهيم عليه السلام)
2.وقال (نحن أحق بالشك من إبراهيم إذا قال ربي أرني كيف تحي الموتي قال أولم تؤمن؟قال بلي ولكن ليطمئن قلبي ويرحم الله لوطا كان يأوي إلي ركن شديد ولولبثت في السجن طول لبث يوسف لأجبت الداعي )
ومعني نحن أحق بالشك يعني أن هذا يطرأ علي القلب ولذالك سماه رسول الله صلي الله عليه السلام (صريح الإيمان)
وهو يترحم علي سيدنا لوط عليه السلام لأنه لم تكن له عشيرة يأوي إليها فكان يأوي إلي الركن الشديد وهو الله جل جلاله
ويجد العذر لسيدنا يوسف عليه السلام من شدة طول مكثه في السجن
3.ويقول عليه الصلاة والسلام عن موسي عليه السلام(لاتخيروني علي موسي فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق فإذا موسي باطش بجانب العرش فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي أوكان ممن استثني الله )
4.ويوم حنين يتدافع عليه الناس لأخذ سهامهم حتي تنزع رداؤه ويقول له أحدهم (اعدل يامحمد فإنك لم تعدل )فيحزن رسول الله ويقول (رحم الله أخي موسي لقد أوذي أكثر من هذا فصبر).
مع أنه قال (لوكان موسي حيا ماوسعه إلا اتباعي )ومع ذالك يعرف قدره ويتذكره ويصوم شكرا لله لأنه نجي سيدنا موسي عليه السلام
5.وعو ابن عباس رضي الله عنه ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال lلاينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متي ).
6.ويذكر مرة أن عفريتا من الجن تفلت منه عليه الصلاة والسلام ليقطع عليه الصلاة فأمكنه الله منه وأراد ربطه في السارية ولكنه تذكر قول أخيه سليمان عليه السلام (قال رباغفر لي وهب لي ملكا لاينبغي لأحد من بعدي ).
حثه عليه الصلاة والسلام علي التواضع
1.عن عياض بن حمار أنه قال :قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (إن الله أوحي إلي ان تواضعوا حتي لابغي أحد علي أحد ولا يفخر أحد علي أحد)
2.وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اله عليه الصلاة والسلام قال lما من آدمي إلا في رأسه حكمة بيد ملك فإن تواضع قليل للملك : ارفع حكمته وإن تكبر قيل للملك ضع حكمته ).
3.وعن أبي هريرة ايضا (من تواضع لله رفعه الله ).
4.وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لاأعلم إلا رفعه قال :يقول الله تبارك وتعالي من تواضع لي هكذا وجعل يزيد باطن كفه إلي الأرض وأدناها إلي الأرض رفعه هكذا وجعل باطن كفه إلي السماء ورفعها نحن السماء ).
5.وعن حارثة بن وهب الخزاعي قال :سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ( ألا أخبركم بأهل الجنة. كل ضعيف مستضعف لو أقسم علي الله لأبره.ألا أخبركم باهل النار كل عتل جواظ مستكبر)
وكان سيدنا عيسي عليه السلام يقول lطوبي للمتواضعين في الدنيا هم أصحاب المنابر يوم القيامة)
6.وكان من دعاء رسول اله عليه الصلاة والسلام (اللهم اجعلني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين)
ترهيبه من الكبر وسوء عاقبة المتكبرين
1.عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ان رسول اله صلي الله عليه وسلم قال (لن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)فقال رجل يارسول الله إن الرجل يح أن يكون ثوبه حسن ونعله حسن أفهذا من الكبر فقال رسول الله : ( إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق غمط الناس ).
2.وعن أبي هريرة رضي اله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (احتجت الجنة والنار فقالت النار يدخلني الجبارون والمتكبرون وقلت الجنة يدخلني الضعفاء والمساكين فقال الله عز وجل لهذه أي للنار : انت عذابي أعذب بك من أشاء وقال للجنة : أنت رحمتي أرحم بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها)
3.وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : (يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صورة الرجال يغشاهم الذل من كل مكان فيساقون إلي سجن في جهنم يسمي (بولس )تعلوهم نار الأنيار يسقون من عصارة أهل النار طينة الخيال)
4.وفي احديث عن عبد الله بن عمرو أيضا (من كان في قلبه مثقال حبة من كبر كبه الله لوجهه في النار ).
5.وفي الحديث المشهور (إن من أحكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا يوم القيمة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون)قالوا قد علمنا يارسول الله الثرثارون والمتشدقون فما المتفيقهون ؟قال : المتكبرون )
6وكان عبد الله بن سلام رضي الله عنه يحمل حزمة حطب فعوتب في ذالك فقال : أردت أن أدفع الكبر .فقد سمعت رسول الله صلي الله عليهوسلم يقول : (لايدخل الجنة من في قلبه خردلة من الكبر)
7.وقصة الرجل الذي قال له رسول اله صلي اله عليه وسلم (كل بيمينك )فقال : لاأستطيع .مامنعه إلا الكبر فقال له رسول الله : لا استطعت فما رفعها إلي فيه
8.والمتكبر لايفقه شيئا لأنه أبعد ما يكون من أنوار الوحي الإلهي قال تعالي : (سأصرف عن اياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق وإن يروا كل آية لايومنوتا بها وإن يروا سبيل الرشد لايتخذ وه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذالك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين)
9.وفي الحديث (إن نبي الله نوح عليه السلام لما حضرته الوفاة قال لابنه إني قاص عليك الوصية آمرك باثنين وانهاك عن اثنين آمرك بلا إله إلا اله فغن السماوات السبع والأرضين السبع لووضعن في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة لرجحت بهمن وسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق الخلق وأنهاك عن الشرك والكبر
10والكبر أحد فخاخ إبليس اللعين فيري ابن آدم نفسه أغني الناس وأجمل الناس واعلم الناس وأذكي الناس وأقوي الناس .يستعمل نعما الله عليه في معصية الله وهذا من شدة غفلته وأنانيته
11.وعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال (من فارق الروح الجسد وهو بريء من ثلاث دخل الجنة.الكبر والدين والغلول
12.الكبر يقطعك عن الله وهو حجاب بينك وبين الله جل وعلا
13.ورحم الله الشافعي يوم يقول الكبر فيه كل عيب)
لاتمش فوق الأرض إلا تواضعا فكم تحتها قوم هم منك أرفع
فإن كنت في عز وخير ومنعة فكم مات من قوم هم منك أمنع
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر علي صفحات الماء وهو رفيع
ولا تكن كالدخان يعلوا بنفسه في طبقات الجو وهو وضيع

zerty 01-03-2010 11:32 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
اللهم صلي وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد، عليه أفضل الصلاة والسلام

شكرا وبارك الله فيك على الموضوع...

سلامــــــــــي

أبوصلاح الدين 04-03-2010 09:30 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق التاسع:الحياء
اختلفت عبارات العلماء في تعريف الحياء فقيل :
1.الحياء من قبيل الوقار وهو غض الطرف والانقباض عن الكلام حشمة للمستحى منه وهو عادة محمودة مالم يكن عن عي ولا عجز
2.هو انقباض النفس من شيء وتركه حذرا عن اللوم فيه
3.هو انحصار النفس خوف إتيان القبائح والحذر من الذم والسب.
4.هو خلق يبعث علي فعل الحسن وترك القبيح
5.هو خلق يبعث علي ترك القبيح من الأقوال والأفعال والأخلاق يمتنع صاحبه من التقصير في حق ذي الحق
6.هو ملكة راسخة في النفس تدفعها علي إيفاء الحقوق وترك القطيعة والعقوق
7.هو تغير وانكسار يعتري النفس من خوف مايلام منه.
أقسام الحياء
قسم ابن القيم الجوزية رحمه الله الحياء إلي عشرة أقسام وصار علي نهجه كثير من علماء الأخلاق.وهذه الأقسام هي :
1.حياء الجناية فمنه حياء آدم عليه السلام لما فر هاربا من الجنة فكان فراره هذا حياء من الله تعالي
2.حياء التقصير أن تؤدي ما عليك لكن تشعر بالتقصير فيظهر عليك الحياء كحياء الملائكة عليهم السلام فهم يسبحون بالليل والنهار ومع ذالك يشعرون بالتقصير في حق المولي تبارك وتعالي
3.حياء الإجلال:وهو حياء المعرفة بأن تعرف عظمة من تعصي فتستحيي منه.وعلي قدر المعرفة برب العالمين يكون الحياء منه
4.حياء الكرم بأن يأتي عندك جماعة فتقوم بإكرامهم ويظهرون شيئا من اللامبالاة أو الانتقاص فلا تستطيع أن ترد لهم كلمة لأنهم في بيتك وقد فعلها رسول الله صلي الله عليه وسلم بأن أتاه جماعة من الضيوف فقام بإكرامهم ولكن أطالوا الجلوس عنده فلم يستطع أن يقول لهم انصرفوا فانصرف هو
5.حياء الحشمة بأن يستحيي الكبير من الصغير والإبن من الأب وهكذا كما استحيا سيدنا علي رضي الله عنه أن يسأل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن المذي وكحياء ذالك الصحابي الجليل الذي أراد أن يسأل السيدة عائشة رضي الله عنها عن أمور تخص الرجال مع النساء فقالت له أنها بمثابة أمه فسألها
6.حياء الاستحقار واستصغار النفس كحياء العبد من ربه حين يتوسل إليه وهو مكبل بالذنوب
7.حياء المحبة.هو حياء المحب من محبوبه فمن شدة تعلقه به لايستطيع حتي النظر إليه أو التكلم معه .وأحسن الحب حب العبد لله جل وعلا قال تعالي : (يحبهم ويحبونه ) وقال (والذين آمنوا أشد حبا لله )
8.حياء العبودية .وهو حياء ممزوج بالخوف والرجاء وإجلال الله تبارك وتعالي .فالعبد يعلم لامحالة أنه لاغني له عن ربه وكل حياته وآخرته متعلقة بربه ومع ذالك يغفل عنه فيشعر بالتقصير والحياء
9.حياء الشرف والعزة.وهو حياء الخاصة من العلماء والكبراء .فالمعصية منهم ليست كالمعصية من غيرهم .هاهو ربنا تبارك وتعالي يقول لزوجات النبي عليه والصلاة والسلام (يانساء النبيء من يات منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذالك علي الله يسيرا)فأنت تري زوجات النبي لمكانتهن العالية عقوبتهن لاتكون كعقوبة الناس العاديين وعقوبة العبيد علي النصف من ذالك.
10.حياء العبد من نفسه.وهو حياء النفوس الشريفة لاترضي بالدون وتشعر دوما بأنها دون المستوي هذا يتطلب مجاهدة ومزيدا من المراقبة والمحاسبة.
والحياء عموما كما قال العلماء ينقسم إلي ثلاثة أقسام
1.حياء من الله :ويكون بامتثال أوامره واجتناب نواهيه .ولهذا كان السادة الصوفية يقولون ينبغي ترك المعاصي لالأن الله جل وعلا يعاقب عليها ولكن لأنك مؤمن واستحياء من كرمه فلو فرضا أن الله جل وعلا لايؤاخذنا ببعض الذنوب ينبغي تركها استحياء من الله ولأنك مؤمن والمؤمن له مكانة عند الله
2.وحياء من النفس.ويكون باجتناب المعاصي في الخلوات فرفعة لنفسه وعفتها ومكانته وأن الله جل وعلا يراه وأن المعاصي تحط من قيمته يتركها .
3.حياء من الناس ويكون بكف الأذي وترك القبيح خوفا من الناس وهو أحسن من المجاهرة بالمعاصي لأن هذا علي الأقل يستحي من الناس ومن يأتي المعاصي مجاهرة لايستحيي من الله ولا من الناس
والحياء كما قال ابن حجر رحمه الله غريزي ومكتسب
والحياء المكتسب من الإيمان
منزلة الحياء
الحياء خلق جميل يدل علي نفس طيبة وقلب فيه شيء من الإيمان وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (الحياء لايأتي إلا بخير)
ولولا الحياء لما تلاطف الناس بينهم ولا أكرموا ضيفا ولا وفوا بالعهد ولا أدوا أمانات.ولولا الحياء لم يؤدي شيء من العبادات لأن الباعث إما ديني فيرجوا عاقبتها المحمودة في الآخرة وإما باعث دنيوي يخشي مذمة الناس ويحب مدحهم.قال ابن القيم الجوزية رحمه الله (إن للإنسان آمرين وزاجرين آمر وزاجر من جهة الحياء.فإذا أطاعه امتنع من فعل كل ما يشتهي . وله آمر وزاجر من جهة الهوي والطبيعة.فمن لم يطع آمر الحياء وزاجره أطاع آمر الهوي والشهوة)
وقد وصف الله جل وعلا نفسه بالحياء فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (إن ربكم حيي كريم يستحيي من عبده أن يرفع إليه يديه فيردهما صفرا)
والحياء هنا يليق بجلال الله وكرمه وبره وجوده كما يقول الفيروزآبادي
وقد رد الله جل وعلا علي المنافقين واليهود يوم ضرب أمثلة في القرآن الكريم فأنفوا منها .فأنزل الله (إن الله لايستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ).
مظاهر الحياء في حياة النبي صلي الله عليه وسلم
1.وصفه بعض الصحابة الكرام فقالوا (كان أشدا حياء من العذراء في خدرها فإذا رأي شيئا يكرهه عرفناه في وجهه).
2.كان بعض المسلمين يدخلون بيته يتحينون إنضاج الطعام وكان رسول الله يستحيي من إخراجهم .فأنزل الله (إن ذالكم كان يؤذي النبيء فيستحيي منكم والله لايستحيي من الحق ).
3.بعد زواجه من زينب بنت جحش وكانت زوجة لزيد بن حارثة وزيد بن حارثة كان يعرف عند الناس بأنه إبن رسول الله فكان من العار أن يتزوج الأب زوجة إبنه ولكن زيدا ليس بابن رسول الله فقال الله تعالي (وتخشي الناس والله أحق أن تخشاه)أي وتستحيي من الناس والله أحق ان تستحيي منه ثم قال جل وعلا (ماكان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيئين وكان الله بكل شيء عليما)
4.وكان رسول اله يستحيي ان يواجه إنسانا بما يكره فقد رأي مرة رجل عليه صفرة فقال (لو امرتم هذا أن يغسل هذه الصفرة ) وحين رأي أبا قحافة أبو أبي بكر رضي الله فقال لهم :مروه فليغير من شعره
5.وكان إذا رأي خطأ من إنسان ما لايواجهه ولكن يلمح إلي ذالك فيقول (مابال أقوام يقولون كذا وكذا )
6.ومن شدة حيائه صلي الله عليه وسلم لم تكشف له عورة قط حتي قبل النبوة فتكشف يوما وهم في بناء الكعبة فسقط مغشيا عليه من شدة حيائه
7.وكان إذا أرد قضاء حاجة ابتعد عن الناس ولم يرفع له ثوب قط
8.وفي قصة المعراج حين كان سيدنا موسي عليه السلام يقول له lارجع إلي ربك )مرة بعد مرة حتي قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (استحييت من ربي )
9.وكان الحياء خلقا عاما في حياة النبي صلي الله عليه وسلم فهاهي أم سليم تسأله (هل علي المرأة من غسل إذا احتلمت فيقول لها رسول الله lنعم إذا رأت الماء فتقول أم سليم :أو تحتلم المرأة؟ قال:نعم تربت يداك فبم يشبهها ولدها )فانظر إلي قوله (تربت يداك)
10.وتقول السيدة عائشة رضي اله عنها أن امرأة من الأنصار جاءت إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم تسأله عن الاغتسال من الحيض فقال لها lخذي فرصة ممسكة فتطهري بها )فقالت :كيف أتطهر بها يارسول الله ؟فقال لها : تتبعي بها أثر الدم قالت : كيف ؟ فأعلرض عنها رسول الله فجذبتها السيدة عائشة وشرحت لها .
11.ودخل رسول اله صلي الله عليه وسلم يوم فتح مكة مطأطأ رأسه مغطيا وجهه من شدة حيائه فلم يكن كقادة الجيش والظلمة والطواغيت يوم يفتحون مدينة يدخلونها وعليهم مخايل التكبر والعجب والغرور
حث رسول الله أمته علي الحياء
1.( الإيمان بضع وسبعون شعبة والحياء شعبة من الإيمان)
2.(الحياء والإيمان قرنا معا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر )
3.وجاء رجل وطلب من رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يزوده ببعض الوصايا فقال له رسول الله : (أوصيك أن تستحيي من الله عز وجل كما تستحيي رجلا من صالحي قومك )
4.وفي الحديث (استحيوا من الله حق الحياء فقالوا :يارسول الله :إنا نستحيي والحمد لله قال :ليس ذاك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعي والطن وما حوي ولتذكر الموت والبلي ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذالك فقد استحيا من الله حق الحياء).
5.(إن لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء ).
قال وهب بن منبه :الإيمان عريان ولباسه التقوي وزينته الحياء وماله العفة
وذكر لعمر بن عبد العزيز رضي اله عنه ان الحياء من الدين فقال : (بل هو الدين كله )
6.وها هو رسول اله صلي اله عليه وسلم يذكر لنا سيدنا موسي عليه السلام : (إن موسي كان حييا ستيرا لايري من جلده شيئا استحياء من الله فآذاه من آذاه من بني إسرائيل فقالوا : ما يستتر إلا من عيب بجلده إما برص وإما أدرة)
7.(الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة والبذاء من الجفاء والجفاء من النار ).
8.ومر رسول الله صلي الله عليه وسلم علي رجل من الأنصار وهو يعظه في الحياء فقال له : (دعه فإن الحياء من الإيمان )
9.ولما سأله أحد الصحابة الكرام رضوان الله عليهم فقال : يارسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر ؟قال : احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ماملكت يمينك فقال :ارجل يكون مع الرجل ؟قال : (إن استطعت أن لايراها أحد فافعل فقال الرجل يكون خاليا .قال : (فالله أحق أن يستحيا منه ).
10(إن مما أدرك الناس من كلام النبوة : إذا لم تستح فاصنع ماشئت )
قال الفضيل بن عياض رحمه الله : خمس من علامات الشقاء القسوة في القلب وجمود العين وقلة الحياء والرغبة في الدنيا وطول الأمل )
إذا لم تخش عاقبة الليالي ولم تستح فاصنع ماتشاء
فلا والله مافي العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير ويبقي العود مابقي اللحاء
وخطب أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقال : (يامعشر المسلمين استحيوا من الله .فوالذي نفسي بيده إني لأظل حين أذهب الغائط في الفضاء متقنعا بثوبي استحياء من ربي عز وجل )
وقال سيدنا عمر رضي الله عنه (من قل حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه).

أبوصلاح الدين 04-03-2010 09:33 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق العاشر :الزهد
اختلفت عبارات العلماء في تعريف الزهد فقيل :
1.الزهد ترك ما لاينفع في الآخرة والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة
2.الزهد كما قال الجنيد رحمه الله هو في قوله تعالي (لكيلا تاسوا علي مافا تكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور ).فالزاهد لايفرح من الدنيا بموجود ولا يأسف علي مفقود
3.هو ترك ما يشغل عن الله
4.هو استصغار الدنيا ومحو آثارها من القلب
5.هو عزوف القلب عن الدنيا بلا تكلف
وقد أجمع العارفون علي أن الزهد هو سفر القلب من وطن الدنيا وأخذه في منازل الآخرة.
إن لله عبادا فطنا طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا أنها ليست لحي وطنا
جعلوها لجة واتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا
قال تعالي (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس و الأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها و ازينت و ظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الأيات لقوم يتفكرون".
و قال سبحانه :
" و اضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح و كان الله على كل شيئ مقتدرا".
قال علماؤنل: في ضرب الله تعالى المثل في الدنيا بالماء المنزل من السماء بدائع:
أولا:
أن المطر لا يستنزل بالحيلة ، فكذلك الدنيا.
ثانيا:
أنه و إن كان المطر لا يجيء بتقدير فإنه يستنزل بالرغبة والسؤال، وكذلك الرزق الدنيوي يلتمس من الله قال سبحانه:" واسئلوا الله من فضله"
ثالثا: أن الماء إذا جاء به نفع و إذا زاد على الحاجة ضر و كذلك المال إذا كان بقدر الكفاية فصاحبه في نعيم و إذا زاد فصاحبه في نصب و طغيان.
رابعا:
إذا كان الماء جاريا كان طيبا و إذا اختزن تغير كذلك المال إذا أجراه في مجاريه طاب و إذا احتجبه خبث عليه و غاب.
خامسا:
أن الماء إذا كان طاهرا صلح للثياب و العبادات و إذا كان نجسا لم يصلح للعبادة كذلك المال إذا كان حلالا استقام به المعاش والطاعة و خلص من التباعة و إن كان حراما فقد أبدى عورته و أسقط حرمته.
سادسا:
التنبيه باختلاف أحوال الزرع من حين خلقته على أن المرء من أول نشأته الى وفاته و الزرع لا يخرج زرعه إلا بعد الجفاف.
أخا الإسلام..
و لو تتبعنا آيات القرآن العظيم لوجدنا أن الرب الكريم وضح لعباده أن هذه الدنيا فانية حقيرة لا قيمة لها:
" قل متاع الدنيا قليل و الآخرة خير لمن اتقى و لا تظلمون فتيلا".
فهي زاد للمسافر الى ربه ومولاه و مطية السائر و قنطرة العابر قال تعالى:" و ما الحياة الدنيا في الاخرة الا متاع "
و قال سبحانه و الاخرة خير وابقى
و قال: فما متاع الحياة الدنيا في الاخرة إلا قليل
الزهد لا ينافي تناول الحلال المكباح:
اخي الحبيب:
بعض الذين ينتسبون الى الصوفية يعتقدون أن لبس المرقع من الثياب هو الزهد وهو رأس التصوف و أساسه و لكن هذا بخلاف ما كان عليه أهل التصوف و أهل الزهد فتأمل ذلك...
قال أبو علي بن الفضيل لأزهد أهل زمانه و عصره عبد الله بن المبارك انك تامرنا بالزهد و التقلل و البلغة و نراك تاتي بالبضائع من بلاد خراسان الى البلد الحرام فكيف ذا؟
و انت تامرنا بخلاف ذا؟
قال ابن المبارك يا أبا علي إنما افعل ذلك لأصون وجهي و أكرم بها عرضي وأستعين بها علي طاعة ربي .لا أري لله حقا إلا سارعت إليه حتي أقوم به
وقال سفيان الثوري :الزهد في الدنيا قصر الأمل وليس بلبس الصوف.فقال له الفضيل :ما أحسن ذا إن تم ذا.
كان الحسن البصري رحمه الله إذا ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : (لكنه غلب الناس بالزهد في الدنيا والصرامة في أمر الله ولا يخاف في الله لومة لائم
وكان الحسن البصري رحمه الله رغم زهده يأكل من الطعام الحلال ويشبع منه حتي يقول أبو الأصمعي أنه ما رأي زندا عريضا كزند الحسن البصري.
وكان سفيان الثوري رحمه الله يقول :الزهد في الدنيا ترك المحمدة أي أن تعمل عملا لا تريد أن يحمدك الناس عليه

وقال : حد الزهد أن تكون شاكرا في الرخاء صابرا في البلاء
وذكر ابن الجوزي في المواعظ رحمه الله أن جارية كانت تلبس الصوف سألت بنان الصوفي عن الزهد فقال لها :الزهد قطع الحظوظ النفسانية وعدم التعلق بالبرية والتسليم في جميع الحالات والرضا بجميع الأقدار الكائنات.
فقالت له : الزهد زاي وهاء وذال .الدنيا فمن ترك الزينة والهوي والدنيا فقد سلك طريق الزهد
الله جل جلاله يحذر أنبياءه عليهم السلام من الدنيا
1.حذر داوود عليه السلام فقال له :يادوود.مالقلوب أحبائي وما للغم بالدنيا.إن الغم بها يمص حلاوة مناجاتي من قلوبهم مصا.يادوود لاتجعل بيني وبينك عالما قد أسكرته الدنيا.فيحجبك بسكره عن محبتي أولئك قطاع طريق عبادتي )
2.ويحذر موسي عليه السلام فيقول : (يا موسي مالك ولدار الظالمين .إنها ليست لك بدار .إخرج منها همك .وفارقها بعقلك .فبئست الدار هي إلا لعامل يعمل فيها فنعمت الدار هي .ياموسي إني مرصد للظالم حتي آخذ منه للمظلوم )
3.وها هو يونس عليه السلام يحذر ربه تبارك وتعالي : (يايونس إذا أحب العالم الدنيا نزعت لذة مناجاتي من قلبه )
4.وفي صحف إبراهيم عليه السلام ( يادنيا ما أهونك علي الأبرار الذين تزينت لهم .إني قد قذفت في قلوبهم بغضك والصدود عنك .وما خلقت خلقا أهون علي منك كل شأنك صغير .وإلي الفناء المصير.لقد قضيت عليك يوم خلقتك أن لاتدومي لأحد ولا يدوم لك أحد)
5.ويزهد سيدنا عيس عليه السلام فيقول : (ياعيسي ابن مريم البكر البتول :ابك علي نفسك أيام الحياة بكاء من ودع الأهل وقلي الدنيا وترك اللذات لأهلها وارتفعت رغبته فيما عند إلهه).
أقسام الزهد
قسم الإمام أحمد رحمه الله الزهد إلي ثلاثة أقسام
1.زهد العوام وهو ترك الحرام
2.زهد الخواص وهو ترك الفضول من الحلال
3.زهد العارفين وهو ترك ما يشغل عن الله
وذكر ابن القيم رحمه الله أن الزهد أربعة أقسام
1.ترك الحرام وهو فرض عين
2.وترك الشبهات وهو بحسب الشبهات فإن كانت الشبهة قوية كان الزهد واجبا وإلا فمستحبا
3.وترك الفضول من الكلام والنظر والسؤال واللقاء والزهد في الناس والنفس بحيث تهون عليه نفسه في جنب الله عز وجل .
4.وترك كل ما يشغلك عن الله وهو الزهد الجامع والكامل والشامل .وأفضل الزهد الزهد في الحظوظ
هل الأخذ بنصيب من الدنيا ينافي الزهد؟
لاينافي الزهد أبدا وذالك لقوله تعالي (ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك) فقد جمع الله هنا بين أخذ نصيب من الدنيا وبين الإحسان وهو عين التصوف عند سادتنا الصوفية
وقال تعالي : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة)
وقد أثني الله جل وعلا علي من يطلب الدنيا والآخرة فقال (ومنهم يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب)
وحين يفسر الإمام ابن كثير رحمه الله هذه الآية يقول ( فإن الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية ودار رحبة وزوجة حسنة ورزق واسع وعلم نافع وعمل صالح ومركب هنيء وثناء جميل ..... والحسنة في الآخرة فأعلي ذالك دخول الجنة وتوابعه من الفزع الأكبر في العرصات وتيسير الحساب).
وقد فهم السلف الزهد ليس بترك الدنيا فيقول الإمام البيهقي رحمه الله : (ليس الزهد في الدنيا بتحريم الحلا ولا إضاعة المال ولكن الزهادة في الدنيا أن تكون مما في يد الله عز وجل أوثق منك بما في يدك وأن يكون حالك في المصيبة وحالك إذا لم تصب بها سواء وأن يكون مادحك وذامك سواء ).
ويقول بشر بن الحارث رحمه الله ( ليس الزهد في الدنيا ترك الدنيا إنما الزهد ان تزهد فيما سوي الله فهذا داوود وسليمان عليهما السلام قد ملكا الدنيا وكانا عند الله من الزاهدين )
أمور تعين علي الزهد
1.أن تعلم أن الدنيا ظل زائل كما قال الله جل وعلا في وصفها (كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما )وسماها الله متاع الغرور
2.علمك ان وراءها دار أعظم منها قدرا و أجل خطرا وهي دار الخلود
3.علمك أن ما كتبه الله يأتيك سواء زهدت فيها أم لم تزهد
خلق الزهد في حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام
أولا :زهده في العيش
1.عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم خرج ذات ليلة فإذا هو بأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما فقال لهما : ما أخرجكما من بيوتكما الساعة؟قالا :الجوع يارسول الله قال : وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما قوموا فقاموا معه )فأتي رجلا من الأنصار فإذا هو ليس في بيته فلما رأته امرأته فقالت : مرحبا وأهلا فقال لها رسول الله :أين فلان ) قالت :ذهب يستعذب لنا من الماء إذ جاء الأنصاري فنظر إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وصحابيه ثم قال :الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني قال :فانطلق فجاءهم بعذق بسر وتمر ورطب فقال : كلوا من هذه وأخذ المدية فقال له رسول الله : إياك والحلوب .فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذالك العذق وشربوا فلما أن شبعوا ورووا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر : (والذي نفسي يده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتي أصابكم هذا النعيم )
2.ويقص علينا جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنهم لم يأكلوا ثلاثة أيام وهم يحفرون الخندق حتي رأي رسول الله يربط الحجارة علي بطنه والجوع باد علي وجهه فاستأذنه فذهب إلي بيته وحضر خبزا من شعير وذبح عناقا لرسول الله ولكن رسول الله صلي الله عليه وسلم يدعوا جميع الصحابة ويبصق في ذالك الطعام ويدعوا الله فيبارك فيه فيكفي جميع الصحابة والطعام واللحم باق كما هو كما يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
3.وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها (وإن كنا لننظر إلي الهلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقدت في أبيات رسول الله نار فقال : وما كان يعيشكم ياخالة؟قالت :الأسودان الماء والتمر إلا إنه وقد كان لرسول الله صلي الله عليه وسلم جيران من الأنصار كانت لهم منائح وكانوا يمنحون رسول الله من ألبانهم فيسقيناه ).
4.ويروي لنا عمر رضي الله عنه فيقول : (لقد رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يظل يتلوي من الجوع ما يجد دقلا يملأ بطنه ) .
5.وتصف السيدة أم سمة رضي الله عنها ليلة عرسه فتقول:رأيت جرة فيها شيء من شعير فإذا رحي وبرمة وقدر وكعب فأخذت الشعير فطحنته ثم عصدته في البرمة وأخذت الكعب فأدمته فكان ذالك طعام رسول الله صلي الله عليه وسلم وطعام زوجته ليلة عرسه )
6.ويروي لنا ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله يبيت الليالي المتتابعة طاويا وأهله لايجدون عشاء).
ثانيا :زهده في الملبس والأثاث
1.يدخل عليه مرة سيدنا عمر رضي الله عنه وهو مضطجع وقد أثر الحصير في جنبه ويقلب عمر بن الخطاب بصره في البيت فلا يجد إلا ثلاثة جلود فيقول :يارسول الله .أدع الله فليوسع علي أمتك فإن فارس والروم وسع عليهم وأعطوا الدنيا وهم لايعبدون الله قال : (أوفي شك أنت يابن الخطاب ؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا )فقلت :يارسول الله استغفر لي
2.وصلي يوما في خميصة فيها أعلام فكأنها شغلته فقال (إذهبوا بخميصتي هذه إلي أبي جهم وأئتوني بأنباجية أبي جهم فإنها ألهتني عن صلاتي )
3.وروي أبو بردة أنه دخل علي السيدة عائشة رضي الله عنها فأخرجت لهم إزارا غليظا مما يصنع باليمن وكساء من التي يسمونها الملبدة وأقسمت بالله أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قبض في هذين الثوبين )والملبدة هي المرقعة
4.وقد أراد عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن يتخذ وطاء لرسول الله يجعله بينه وبين الحصير لما رأي الحصير قد أثر في جنب رسول الله فلم يرض رسول الله وقال له : (مالي وللدنيا . ما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها ).
5.ورغم هذا كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يلبس ما تيسر له من الثياب فمرة يلبس الصوف وأخري القطن وهكذا حتي أن بعضهم لما رأي عبد الله بن عباس رضي الله عنه يرتدي أحسن الثياب أنكر عليه البعض فقال لهم : ما تعيبون علي .لقد رأيت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم أحسن ما يكون من الحلل ).
6.وعن عائشة رضي الله عنها قلت :كانت وسادة رسول الله صلي الله عليه وسلم التي كان يتكيء عليها من أدم حشوه ليف وكذالك كان فراشه )
ولم يدخر رسول الله بعد وفاته شيئا
ففي البخاري توفي رسول الله ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير أخذها لأهله)
وفي حديث جويرية بنت الحارث رضي الله عنها قالت : ماترك رسول الله عند موته درهما ولا دينار ولا عبدا ولا أمة إلا بغلته البيضاء وسلاحه وأرضا جعلها صدقة )
أنبياء الله يحذرون أتباعهم من الدنيا
1.قال الفضيل بن عياض رحمه الله قيل لموسي عليه السلام (ياموسي أيحزن عبدي المؤمن أن أزوي عنه الدنيا وهو أقرب لها مني ويفرح أن أبسط له الدنيا وهو أبعد لها مني )
2.وكان سيدنا عيسي عليه السلام يقول لأتباعه : (أعبروها ولا تعمروها وارضوا بدني الدنيا مع سلامة الدين كما رضي أهل الدنيا بدني الدين مع سلامة الدنيا ) وكما ترك لكم الملوك الحكمة فاتركوا لهم الدنيا )
3.(ويل لصاحب الدنيا كيف يموت وتركها ويأمنها وتغره ويثق بها وتخذله وتمكر به ويل للمغترين كيف أرتهم ما يكرهون وفارقهم مايحبون وجاءهم ما يوعدون وويل لمن كانت الدنيا همه والخطايا عمله كيف يفتضح غدا بذنبه )
4.(ما سكنت الدنيا في قلب عبد إلا وأنيط قلبه منها بثلاث : شغل لاينفك عناؤه وفقر لايرك غناه وأمل لايدرك منتهاه الدنيا طالبة ومطلوبة فطالب الآخرة تطلبه الدنيا حتي يستكمل فيها رزقه وطالب الدنيا تطلبه الآخره حتي يجيء الموت فيأخذ بعنقه
صحب رجل عيسى-عليه السلام- فقال: أكون معك وأصحبك، فانطلقا، فانتهيا إلى شط نهر، فجلسا يتغديان، ومعهما ثلاثة أرغفة، فأكلا رغيفين، وبقي رغيف ثالث، فقام عيسى- عليه السلام- إلى النهر فشرب، ثم رجع، فلم يجد الرغيف، فقال للرجل: مَن أخذ الرغيفَ؟ فقال: لا أدري.
فانطلقا، فرأى عيسى- عليه السلام- ظبية ومعها خشفان لها، فدعا أحدهما فأتاه، فذبحه فاشتوى منه، فأكلا، ثم قال للخشف: قُمْ بإذن الله، فقام وذهب، فقال للرجل: أسألك بالذي أراك هذه الآية مَن أخذ الرغيفَ؟ فقال: لا أدري.

ثم انتهيا إلى وادي ماء فأخذ عيسى- عليه السلام- بيد الرجل، فمشيا على الماء، فلما جاوزا، قال له: أسألك بالذي أراك هذه الآية، مَن أخذ الرغيف؟ فقال: لا أدري.

فانتهيا إلى مفازة فجلسا، فأخذ عيسى -عليه السلام- يجمع التراب، ثم قال: كن ذهبًا بإذن الله تعالى، فصار ذهبًا، فقسمه ثلاثة أثلاث، ثم قال: ثلث لي، وثلث لك، وثلث لمَن أخذ الرغيف.
فقال الرجل عندها: أنا الذي أخذ الرغيف.
فقال له عيسى- عليه السلام-: كله لك، وفارقه.

ولقي الرجل بعد أن فارقه عيسى- عليه السلام- رجلان طمِعا بماله، فهمَّا بأخذ المال وقتله، فصاح بهم أن يجعل المال بينهم أثلاثًا، فقبلا ذلك، وقبل القسمة، أرسلوا أحدهم ليحضر لهم من القرية طعامًا، لشدة ما هم فيه من الجوع.

فقال الذي بُعِثَ للطعام- وقد تحرك الطمع في نفسه-: لأي شيء أقاسم هؤلاء هذا المال؟ أضع لهم في الطعام سُمًا فأقتلهما، وآخذ المال وحدي.

وتحدث الرجلان بحديث الطمع نفسه: لأي شيء نجعل لهذا ثلث المال؟ فبيتا نية قتله.
فلما رجع إليهما قتلاه، ثم تناول الطعام فأكلاه، فماتا، فبقي ذلك المال في المفازة والثلاثة عنده صرعى.


فمرَّ بهم عيسى- عليه السلام- وهم على تلك الحال، فقال لأصحابه: هذه الدنيا فاحذروها
جزاء من زهد في الدنيا
لقد وعد الله جل وعلا من زهد في الدنيا بالأجر العظيم فقال lزين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذالك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب فل أؤنبئكم بخير من ذالكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد)
وقال تعالي : (وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون ).
وقال تعالي : (وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقي أفلا تعقلون ).
و لا تظنن ان الله عز وجل حين زوى الدنيا عن اهل الايمان انه ما احبهم بل ان ذلك من حبه لهم قال صلى الله عليه وسلم : اذا احب الله عز وجل عبدا حماه الدنيا كما يظل احدكم يحمى سقيمه الماء"
و قد ذكرت لك انفا قول النبي الاعظم و الرسول الاكرم صلى الله عليه وسلم :" ازهد في الدنيا يحبك الله..." و لا تظنن ان الاموال الكثيرة و الارباح الوفيرة و الفرش الوسيرة من رضا الله او حبه للعبد بل هذا و ذاك ابتلاء من الله عز وجل :" فاما الانسان اذا ما ابتلاه ربه فاكرمه و نعمه فيقول ربي اكرمن و اما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي اهانن كلا ".
كلا ... ليس الامر كما تقولون و كما تدعون ليس كل من كان لديه مال كثير قد فاز برضوان الله تعالى و ليس كل من ضيق عليه يكون قد باء بغضب من الله..
لكن قد يقول قائل: ما بال الكفرة و الملاحدة يتنعمون بارزاق الله و بالاموال الكثيرة و بالارباح و التجارات ؟
اقول لك: اذا رايت الرجل في نعمة و في يسر من العيش وهو عاص او كافر فاعلم انه استدراج له من الله تعالى.. قال سبحانه:" أيحسبون انما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لايشعرون )
والزهد في الدنيا يربح القلب والجسد
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ماكتب له ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : تلا رسول الله صلي الله عليه وسلم : (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه)ثم قال : ( يقول الله تبارك وتعال ي:ابن ىدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غني وأسد فقرك وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك )
وفي الحديث (من ترك اللباس تواضعا وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة علي رؤوس الخلائق حتي يخيره من أي حلل الإيمان شاء ألبسها )
وأوحي الله إلي موسي عليه السلام ( ياموسي إنه لم يتصنع لي المتصنعون بمثل الزهد في الدنيا ولم يتقرب إلي المتقربون بمثل الورع عما حرمت عليهم ولم يتعبد إلي المتعبدون بمثل البكاء من خشيتي
قال موسي :يارب البرية كلها وياملك يوم الدين ويا ذا الجلال والإكرام ماذا أعددت لهم وماذا جزيتهم ؟
قال : أما الزهاد في الدنيا فإني أبحتهم حتي يتبوؤون منها حيث شاؤوا وأما الورعون عما حرمت عليهم فإنه إذا كان يوم القيامة لم يبق عبد إلا ناقشته وفتشته إلا الورعون فإني أستحييهم وأجلهم وأكرمهم فأدخلهم الجنة بغير حساب ).
رسول الله صلي الله عليه وسلم يحث أمته علي الزهد
1.(ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس حبك الناس )
2.وعن أبي ذر رضي الله عنه قال :قال لي رسول الله :يا أباذر أتري كثرة المال هي الغني ؟قلت :نعم قال :وتري قلة المال هي الفقر ؟قلت نعم يارسول الله قال : (إنما الغني غني القلب والفقر فقر القلب ).
3.وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : (كن في الدنيا كأنك غريب أوعابر سبيل فكان ابن عمر يقول : (إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك وعد نفسك من أهل القبور )
4.(من أصبح منكم آمنا في سربه معافي في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها
5.(إذا نظر أحدكم إلي من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلي من هو أسفل منه
6.(طوبي لمن هدي إلي الإسلام وكان عيشه كفافا وقنع )
7.(لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغي لهما ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله علي من تاب )
9.(ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه .حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كمان ولا بد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)
10.وجاءت زوجات النبي صلي الله عليه وسلم ورضي الله عنهن يسألنه النفقه فغضب وأراد تسريحهن فدخل عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق رضي الله عنهما فعنفن بناتهن لم يسألن رسول الله شيئا لايملكه فنزل قول الله تعالي ( يا أيها النبيء قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحصنات منكن أجرا عظيما ).

أبوصلاح الدين 06-03-2010 07:05 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق الحادي عشر :الرحمة
يقول الجاحظ أن خلق الرحمة مركب من الود والجزع.والرحمة لاتكون إلا لمن تظهر منه لراحمه خلة مكروهة.فالرحمة هي محبة للمرحوم مع جزع من الحال التي من أجلها رحم
يقول الفيروزآبادي في كتابه الماتع (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز ) أن الرحمة تأتي علي عدة أوجه
1.بمعني أرزاق الناس والمخلوقات كما في قوله تعالي (لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق )
2.بمعني قطرات الغيث (وينشر رحمته وهو الولي الحميد)
3.بمعني العافية من الابتلاء والامتحان (أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته )
4.بمعني النجاة من عذاب النيران (ولولا فضل الله عليكم ورحمته )
5.بمعني النصرة علي أهل العدوان قال تعالي : (أو أراد بكم رحمة)
6.بمعني الألفة والمودة والمحبة (وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة)
7.بمعني وصف كتاب المنزل علي موسي عليه السلام (ومن قبله كتاب موسي إماما ورحمة)
8.بمعني الجنة (إن رحمت الله قريب من المحسنين)
الرحمة صفة من صفات الله عز وجل
لقد وصف الله عز وجل نفسه في عدة آيات بأنه رحيم رحمان
قال تعالي (فتلقي آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم )فمادام الله جل وعلا وصف نفسه بأنه رحيم فقد غفر لسيدنا آدم عليه السلام تلك الخطيئة
وكذالك يرحم الله عباده المؤمنون يوم يتوبون إليه قال تعالي : (إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم )وتأمل هذه الصيغة جيدا لتعلم قوة وصفه بأنه تواب رحيم
وقد افتتح كتابه الكريم (بسم الله الرحمان الرحيم )وهو عنوان كبير لكل مسلم بأن رحمة الله مع المسلمين حيثما حلوا وارتحلوا
وحين تسمع قول الله تعالي (ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويوتون الزكاة والذين بآياتنا يومنون الذين يتبعون الرسول النبيء الأمي ) وقوله جل وعلا علي لسان الملائكة (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم )يزيد رجاؤنا في الله ونشعر بلطائف رحمته تشملنا هنا وهناك بإذنه تبارك وتعالي .
وقد قال عن نفسه (كتب ربكم علي نفسه الرحمة)فكما حرم الظلم علي نفسه فقد كتب علي نفسه الرحمة.فيالله ما أجمله من وصف
وحين تتأمل كل المخلوقات وكيف تتعايش وكيف ترحم الأم ولدها والأخ أخاه تعلم يقينا أن هذا أثر بسيط من آثار رحمته
روي أن سائلا وقف علي باب قصر شاهق فسأل شيئا فأعطي قليلا فجاء اليوم الثاني بفأس يريد قلع ذالك الباب فقيل له :لم تفعل ذالك فقال : إما أن يجعل بابا لائقا بالعطية أو العطية لائقة بالباب .
مظاهر رحمة اله تعالي بخلقه
1.من أجل المظاهر أن أرسل إليهم رسلا ينتشلونهم من أوحال الكفر والشرك (ولقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان بالقسط)
2.من مظاهر رحمته أن بعث محمدا رحمة للعالمين وخاتم النبيئين وصفوة الخلق أجمعين وسيد الوجود بلا منازع (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (لقد جائكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمومنين رؤوف رحيم )
وكما يقول الحسين بن الفضيل :لم يجمع لأحد من خلقه هذين الوصفين (رؤوف رحيم ) إلا لرسول الله صلي الله عليه وسلم )
3.من مظاهر رحمته أن خلق من كل زوجين اثنين فتحلوا الحياة ويستمر الوجود والتكاثر والسكينة والطمأنينة (ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم أزواجا لتسكنوا إليها زجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذالك لآيات لقوم يتفكرون )
من لطائف رحمة الله
روي إبراهيم بن أدهم رحمه الله أنه قال : كنت ضيفا لبعض القوم فقدم لنا المائدة فنزل غراب وسلب رغيفا فاتبعته تعجبا فنزل في بعض التلال فإذا هو برجل مقيد مشدود اليدين فألقي ذالك الغراب الرغيف علي وجهه فكيف لاتكون هذه من رحمة
وكذالك روي بعضهم أن رأي قطة يعطي له الأكل فيذهب ثم يعود من دونه فينتظر أن يعطوه الأكل من جديد فتعجبوا فتبعه بعضهم فوجده يقدم ذالك الطعام لقط أعمي
وولد الغراب حين يخرج من البيضة يخرج بلا ريشفيخرج بلا ريش كأنه قطعة لحم أحمر فتفر منه أمه فيجتمع عليه الذباب فيتغذي عليه فينبت له الريش فتعود له أمه
مظاهر الرحمة في حياة رسول الله
أولا :رحمته بالرجال
1.يروي لنا أبو هيريرة فيقول (أصابني جهد شديد فلقيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستقرأته آية من كتاب الله عز وجل فدخل داره ففتحها علي فمشيت غير بعيد فخررت لوجهي من الجهد والجوع فإذا برسول الله صلي الله عليه وسلم قائم علي رأسي فقال :يا أبا هريرة.فقلت :لبيك يارسول الله وسعديك فأخذ بيدي فأقامني وعرف الذي بي فانطلق بي إلي رحله فأمر لي بعس من لبن فشؤبت منه ثم قال لي :عد فاشرب يا أباهر )فشربت ثم قال :عد فعدت فشربت حتي استوي بطني فصار كالقدح).
فسيدنا عمر رضي الله عنه رغم فطنته لم ينتبه لجوع سيدنا أبي هريرة وسيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم يعلم شدة حاجة أبي هريرة إلي مزيد من الشراب ولذالك يصر عليه بمزيد من الشراب
2.ويروي لنا سليمان بن مالك فيقول : (أتينا رسول الله صلي الله عليه وسلم شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة فظن أنا قد اشتقنا إلي أهلنا وسألنا عمن تركنا من أهلنا فأخبرناه وكان رفيقا رحيما فقال : (ارجعوا إلي أهليكم فعلموهم وصلوا كما رأيتموني أصلي وإذا حضرت الصلاة ليؤذن لكم أحدكم ثم ليؤمكم أكبركم )
فانظر إلي رحمته صلي الله عليه وسلم بهم .علم شوقهم إلي أهليهم وأولادهم فأذن لهم
ثانيا :رحمته بالآباء
1.حين أتي أبو بكر الصديق رضي الله عنه بأبيه إلي رسول الله قال له رسول الله (هلاتركت الشيخ حتي نأتيه في بيته فقال له أبو بكر الصديق :هو أحق أن يؤتي إليك )فانظر رحمته بالكبار
2.ويروي لنا ابن ماجة أن رجلا جاء رسول الله يقول له : أريد الجهاد معك أبتغي وجه الله والدار الآخرة ولقد أتيت وإن والدي يبكيان قال صلي الله عليه وسلم (فارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما )
ثالثا : رحمته بفقراء المسلمين
أتاه سبي ورأت السيدة فاطمة رضي الله عنها أنها فرصة لتحصل علي خادم فشكت إليه ما تلقي من الخدمة لعله يعينها بخادم . وهي التي قال في حقها (فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أبغضني يريبني مايريبها ويؤذيني مايؤذيها) وهي زوجة علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي قال في حقه رسول الله صلي الله عليه وسلم (ألا ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه ليس نبي بعدي )
وهي أم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وريحانتي رسول الله ومع ذالك يقول لها رسول الله هي و وزوجها علي رضي الله عنه (ألا أعلمكما خير مما سألتما إذا أخذتما مضجعكما أن تكبرا الله أربعا وثلاثين وتسبحا ثلاثين وثلاثين وتحمداه ثلاثا وثلاثين فهو خير لكما من خادم)
وفي رواية (لا أعطيك خادما وأدع أهل الصفة جياعا ولكن أبيعهم السبي وأنفق عليهم)
رابعا :رحمته بالمسلمين في العبادات
1.شكا إليه رجل من الصحابة أنه يتأخر عن صلاة الصبح بسبب أن الإمام يطيل الصلاة وقيل إنه معاذ بن جبل فغضب رسول الله غضبا شديد اوقال (إن منكم منفرين .فأيكم صلي بالناس فليتجوز فإن فيهم الضعيف والكبير والمريض وذا الحاجة )2.ودخل ذات مرة مسجده المبارك فإذا حبل مشدود بين السارتين فقال : ماهذا الحبل ؟ فقالوا : حبل لزينب فإذا فترت تعلقت به فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (لا حوله ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد)
3.وقال (أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لايمل حتي تملوا وإن أحب الأعمال إلي الله أدومها وإن أقل ).
4.وكثيرا ماكن يقول لأصحابه (لولا أن أشق علي أمتي لأمرتهم بكذا .........) مثل قوله في السواك (لولا أن أشق علي أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ).
وقوله (لولا أن أشق علي أمتي لأمرتهم بتأخير الصلاة إلي ثلث الليل )
5وكثيرا ماكان يترك العمل خشية أن يفرض علي الناس كما في صلاة التراويح
6.وكان هناك رجل إسمه إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ويصوم ولا يفطر فماذا قال له الرؤوف الرحيم (مروه فليتكلم وليستظل وليقعد)
7.وروي الإمام أحمد أن أمرأة نذرت أن تحج ماشية فقال لأحد أصحابه (مرها فلتركب فإن الله عن تعذيب أختك نفسها لغني )
8.ويوم ذهب إلي فتح مكة وكان صائما دعا يقدح ماء فشرب فقيل له بعد ذالك أن بعض الناس قد صام فقال : (أولئك العصاة أولئك العصاة)
9.ونهي أصحابه عن مواصلة الصوم وقال لهم (إني لست علي هيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني )
خامسا : رحمته بالمؤمنين في الآخرة
1.أنه اختبأ دعوته التي وعده الله تعالي (لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة من مات من أمتي لايشرك بالله شيئا)
2.ونزل سيدنا جبيريل عليه السلام فوجد رسول الله يبكي فسأله عن سر بكائه فيقول :قرأت قول الله علي لسان إبراهيم عليه السلام (رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم ) وقوله علي لسان عيسي عليه السلام (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) ثم رفع يديه (أمتي أمتي )فقال له جبريل عليه السلام السلام يقرؤك السلام ويقول لك إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك (ولسوف يعطيك ربك فترضي )
سادسا : رحمته بالأطفال
1لقد أبصره الأقرع بن حابس التميمي وهو يقبل الحسن والحسين فقال : إن لي عشرة من الولد ماقبلت منهم أحد
منهم واحدا فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (
أو أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك من لا يرحم لا يرحم )

2.أطال السجود يوما وهو في صلاته فقال له أحد أصحابه :يارسول الله إنك سجدت سجدة أطلتها حتي ظننا أنه قد حدث أمرا أو أنه يوحي إليك فقال : (كل ذالك لم يكن .ولكن ابني ارتحلني فكرهت ان أعجله حتي يقضي حاجته)
3.كان يخطب علي المنبر فأقبل الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران فجعلا يعثران ويقيمان فنزل وحملهما وقرأ قول الله (إنما أولادكم وأولادكم فتنة (فرأيت هذين فلم أصبر)ثم أخذ في خطبته
4.ويقول يوسف بن عبد الله بن سلام رضي الله عنهما (سماني رسول الله صلي الله عليه وسلم يوسف وأقعدني علي حجره ومسح علي رأسي )
وعن يعلي بن مرة قال :خردنا مع النبي صلي الله عليه وسلم ودعينا إلي طعام فإذا حسين يلعب في الطريق فأسرع النبي صلي الله عليه وسلم أمام القوم ثم بسط يديه فجعل الغلام يفر ههنا وههنا ويضاحكه النبي صلي الله عليه وسلم حتي أخذه فجعل إحدي يديه في ذقنه والأخري في رأسه ثم اعتنقه ثم قال :حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا الحسين سبط من الأسباط)
6.وكان يصلي وهو يحمل علي عنقه أو علي عاتقه أمامة بنت زينب ابنته وهي لأبي العاص بن الريع فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها )
7. وكان يلاعب زينب بنت أم سلمة ويقول : ( يازوينب يازوينب )
8.ولما قتل جعفر بن أبي طالب في غزوة مؤتة حزن رسول الله صلي الله عليه وسلم وأسرع إلي يت جعفر فدخل علي زوجته أسماء بنت عميس فوجدها قد عجنت عجينها وغسلت بنيها ونظفتهم ودهنتهم فلما رآهم بكي ثم قال (اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنهم قد شغلوا بأمر صاحبهم )
9وكان يرحم الأطفال ويقول لهم (من يسبق إلي فله كذا )فيستبقون إليه فيقعدون علي صدره وفيقبلهم ويلتزمهم
10وعن أم خالد قالت :أتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم مع أبي وعلي قميص أصفر فقال رسول الله (سنه سنه ) وهي بالحبشية حسنة فذهبت ألعب بخاتم النبوة فنهرني أبي فقال رسول الله (دعها) ثم قال : (أبلي واخلقي ثم ابلي واخلقي )
11.وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها أنهم كانوا يؤتون بالصبيان ليدعوا لهم بالبركة ويحنكهم فأتي بصبي فبال عليه فدعا بماء فأتبعه بوله ولم يغسله
12.وكان يخفف في الصلاة رحمة بالأطفال والأمهات فيقول (إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطولها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق علي أمته)
سابعا : رحمته بضعفاء المسلمين
كيف لايكون رحيما بهم وقد وصاه ربه بذالك فقال (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا )
1.روي أبو هريرة رضي الله عنه أن امرأة سوداء كانت تقوم بالمسجد ففقدها رسول الله صلي الله عليه وسلم فسأل عنها فقالوا : ماتت قال : أفلا آذنتموني ؟ ثم قال (دلوني علي قبرها .فدلوه فصلي عليها ثم قال : (إن القبور مملوءة ظلمة علي أهلها وإن الله تعالي ينورها لهم بصلاتي عليهم )وكان يقول : (أنا وكافل اليتيم كهاتين ) ويقول (أبغوني في ضعفائكم لإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم)
2.ويروي ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يضرب غلاما له فسمع صوتا من خلفه يقول (اعلم أبامسعود)مر تين فالتفت ثم ألقي السوط من يديه فقال له رسول الله (والله لله أقدر عليك منك علي هذا )
3.ويقول لنا أبو ذر الغفاري رضي الله عنه (سابيت رجلا فشكاني إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال : أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يطعم وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم )
4.وفي الحديث (أيما رجل أعتق أمرأ مسلما استنقذ الله بكل عضو منه عضوا من النار )
5.وكان من آخر ما وصي به (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم
6.وها هو يرشدنا إلي كيفية التعامل مع الخدم (إذا أتي أحدكم خادمه بطعام فإن لم يجلسه فليتناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة او اكلتين فإنه ولي علاجه
7ويروي لنا أنس رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم بعثه في حاجة فأبطأ عليه فتبعه فوجده في فتية يلعبون فقال : (يا أنيس إذهب إلي حيث أمرتك ) ويقول أنس (خدمت رسول الله عشر سنين فما قال لي أف قط ولا لم صنعت هذا ولا ألا صنعت هذا)
ثامنا :رحمته بالحيوان
1.عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : (عذبت امرأة في هرة حبستها حتي ماتت جوعا (قال :أحسبه قال (لا أطعمتها ولا سقتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض )
2.روي أبوهريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : (غفر لامرأة مومس مرت بكلب علي رأس ركي يلهث قال :كاد يقتله العطش فنزعت خفها فأوثقته بخمارها فنزعت له من الماء فغر لها )
3.وفي رواية أخري (بينما رجل بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثري من العطش فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب الذي بلغ بي فنزل البئر فملأ خفه ماء فسقي الكلب فشكر الله له فغفر له )
4.وفي الحديث أيضا (في كل ذات كبد رطبة أجر )
5.روي عبد الله بن جعفر رضي الله عنه فقال : أردفني رسول الله صلي الله عليه وسلم خلفه ذات يوم فأسر إلي بحديث لا أحدث به أحدا من الناس قال :فدخل حائطا لرجل من الأنصار فإذا جمل فلما رأي النبي صلي الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه فأتاه النبي صلي الله عليه وسلم فمسح ذفراه فسكت فقال :من رب هذا الجمل ؟ فجاء فتي من الأنصار فقال لي يارسول الله فقال : ( أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ؟ فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه)
6.وقال صلي الله عليه وسلم (اتقوا الله في هذه البهائم فاركبوها صالحة وكلوها صالحة )
7. وقال (إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر فإن الله عز وجل إنما سخرها لكم لتبلغوا إلي بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وجعل لكم الأرض فاقضوا حاجتكم )
8.وأوصي بالرحمة بالحيوان عند ذبحه (وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته )
تاسعا : رحمته بالطير
1- لقد كان صلى الله عليه وسلم رحيما حتى بالطير فقد كان يأكل لحم الطير الذي يصاد و لكنه لم يكن يتبعه و لا يصيده بل يحب أن يصاد له و يؤتى به فيأكله..
2- سافر معه بعض أصحابه فرأوا حمرة معها فرخان يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه – راوي الحديث – فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت نفرش فلما جاء صلى الله عليه وسلم قال:" من فجع هذه بولدها ؟ ردوا ولدها غليها".
قال: ورأى قرية نمل قد أحرقت فقال من أحرق هذه؟ فقلنا :نحن، فقال: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار".
صلوات ربي و تسليماته عليك يا سيدي يا رسول الله ... ترحم أنثى طائر فجعت بولدها وتأمر أصحابك أن يردوا عليها فراخها رحمة بمشاعر الأمومة وشفقة علي ضعفها
إن عمرو بن العاص لما جاء علي مصر فاتحا أمر جنوده بأن يبنوا له فسطاطا (خيمة )لتكون مركزا للقيادة.ففر الروم إلي الإسكندرية فسار وراءهم وأمر بهدم الفسطاط ووجد يمامة باضت في أعلاه فقال :اتركوه
عاشرا رحمته بالجماد
للجماد عالمه الخاص فقد قال الله تعالي (فما بكت عليهم السماء والارض وما كانوا منظرين ) وقال (وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم )
وكان لرسول الله صلي الله عليه وسلم جذع نخلة يخطب عليه فصنعوا له منبرا فحن الجذع إليه وبكي حتي قال رسول الله (والذي نفسي بيده لو لم ألتزمه لمازال هكذا حتي تقوم الساعة حزنا علي رسول الله صلي الله عليه وسلم )فأمر به فدفن
ويروي لنا أنس أنه خرج مع رسول الله يوما يخدمه فلما قدم رسول الله صلي الله عليه وسلم رتجعا وبدا له جبل أحد قال (هذا جبل يحبنا ونحبه)
حادي عشر: رحمته بالكفار
1.تقول السيدة أسماء رضي الله عنها قدمت علي أمي وهي مشركة فسألت رسول الله صلي الله عليه وسلم (أفأصلها ؟ قال : نعم صلي أمك )ثم نزل قول الله ( لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياكم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين
2.وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لما حاصر الطائف جاء أصحابه وقالوا :ادع عليهم فقال :اللهم اهد ثقيفا وأئت بهم ) وكذالك قال عن قبيلة دوس (اللهم اهد دوساوأئت بهم )
3.وفي غزوة حنين كان من جملة الأسري الشيماء أخت رسول الله من الرضاعة قال لها رسول الله (إن أحببت فعندي مكرمة وإن أحببت أن أمتعك وترجعي إلي قومك فعلت)فقالت :بل تمتعني وتردني إلي قومي فأعطاها ثلاثة أعبد وجارية وردها إلي قومها
4.ويتحدث يوما مع السيدة عائشة رضي الله عنها ويخبرها بما لاقاه من قومه وأن ملك الجبال سلم عليه وقال :يا محمد قد سمع الله قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني الله إليك لتأمرني بأمرك فما شئت.إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فعلت.
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (بل أرجوا أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لاشريك له ولا يشرك به شيئا).
5.وقصة الغلام اليهودي الذي كان مريضا وعاده رسول الله صلي الله عليه وسلم فأمره بالشهاده فقال له أبوه : أطع أبا القاسم .فأسلم ثم مات فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (الحمد لله الذي أنقذه بي من النار )
ويري مرة رسول الله امرأة بين السبي تبحث عن ولدها فلما وجدته ألصقته ببطنها وأرضعته فقال النبي صلي الله عليه وسلم (أترون هذه طارحة ولدها في النار ؟)قلنا :لا فقال : (لله تعالي أرحم بعباده من هذه بولدها)
وفي الحديث (لما خلق الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش.إن رحمتي سبقت غضبي)
والحديث المشهور (إن الله خلق يوم خلق السماوات والارض مائة رحمة كل رحمة طباق مابين السماء والأرض فجعل منها في الأرض رحمة فبها تعطف الوالدة علي ولدها والوحش والطير علي بعضها البعض فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة).

أبوصلاح الدين 09-03-2010 07:05 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق الثاني عشر:الوفاء
قال الجرجاني :الوفاء هو ملازمة طريق المواساة ومحافظة عهود الخلطاء
وقال الجاحظ :الوفاء هو الصبر علي ما يبذله الإنسان ويرهنه به لسانه
وقال الراغب :الوفاء بالعهد :إتمامه وعدم نقص حفظه
والوفاء عموما هو عدم تنكر للماضي وأن يكون الإنسان السوي العاقل أسير عهوده وكلماته فلا ينطق بكلمة ولا يعطي عهدا حتي يري من نفسه القدرة علي الوفاء به ومتي خرجت الكلمة من اللسان فالواجب احترامها ما لم تكن معصية أو تحل حراما أو تحرم حلالا.
منزلة هذا الخلق العظيم
الوفاء بالعهود بين الناس يؤدي إلي الثقة المتبادلة ويخلق جوا من الطمأنينة والسكينة وبه تستقيم شؤون الناس وتسير أعمالهم
كان العرب قديما قبل الإسلام يرون هذا الخلق لازما لأنه من لوازم المروءة والإخلال به من خوارم المروءة حتي قال قائلهم :
إذا قلت في شيء نعم فأتمه فإن نعم دين علي الحر واجب
وإلا فقل لا تسترح وترح بها لئلا يقول الناس إنك كاذب
وكفي الوفاء شرفا أن يتصف به المولي تبارك وتعالي .قال الله Lومن أوفي بعهده من الله ) لاأحد أوفي بعهده ولا أصدق في إنجاز وعده من الله تبارك وتعالي
قال تعالي Lثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون )
وقال جل جلاله : (ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله )فمن تمام الوفاء أنه يحقق لهم ماوعدهم به ويزيدهم .وكم كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يرد دين الناس ويزيدهم إمعانا منه في الوفاء
وقال تبارك وتعالي L وأن ليس للإنسان إلا ما سعي وأن سعيه سوف يري ثم يجزيه الجزاء الأوفي )
ومن جملة صفات عباد الله الصالحين الوفاء .
قال تعالي : (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا )
وقال جل جلاله : الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب (ثم بين جزاتءهم في الجنة فقال (أولئك لهم عقبي الدار جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار )
وقال جل جلاله : (إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا)
أنبياء الله وصفة الوفاء
1.قال تعالي عن سيدنا إبراهيم عليه السلام (وإبراهيم الذي وفي )قال العلماء أنه بلغ جميع ما أمر الله به ووفي بما فرض عليه ووفي بسهام الإسلام قال تعالي (وإذ ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهم )صبر علي النمرود وعلي نار قومه وطرده لهم وصدق الرؤيا في ذبح إبنه وكان وفيا لزوجاته وأمره الله ببناء البيت فوفي بالعهد
2.وسيدنا يوسف عليه السلام ابن الأكرمين وفي بعهده وحفظ ذمة أبيه وحافظ علي صلة رحمه فرغم تآمر إخوته عليه يقول لهم في الأخير (لاتثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ) ويجمع الله شمل سيدنا يوسف عليه السلام بأبويه وإخواته فيقول سيدنا يوسف عليه السلام جملا في آخر القصة من أروع ما يكون ( وقال ياأبت هذا تاويل رؤياي من قبل وقد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه عليم حكيم رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تاويل الأحاديث فاطر السماوات والارض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين)
ومن جملة اللطائف كما يذكر الشيخ راتب النابلسي حفظه الله أن الملك الذي أتاه الله سيدنا يوسف عليه السلام ليس المال والوزارة او النبوة إنما ملك نفسه عندما دعته امرأة العزيز فقال (إني أخاف الله ) وهو الملك الحقيقي أن تملك نفسك فكم من غني غير قانع هو فقير وكم فقير هو قانع بما أعطاه الله هو غني
3.وكليم الله موسي عليه السلام وفي بعهده لما عاهد سيدنا شعيب (إني أريد أن انكحك إحدي ابنتي هاتين علي أن تاجرني ثمان حجج فإن اتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين)وقد أتم عشر سنوات وهذا من تمام الوفاء فوعد الحر دين الله وأحق الناس بالوفاء أنبياء الله كما قال عبد الله بن عباس تعليقا علي الآية (قضي أطيبهما وأكثرهما .إن رسول الله إذا قال فعل .)
أنواع الوفاء
1.الوفاء مع الله تعالي
الوفاء مع الله يكون بإمضاء العقد من لحظة الإنسان يبلغ رشده أو يقول لأول مرة (لا إله إلا الله محمد رسول الله )فالواجب عليه الوفاء بهذا العهد .قال تعالي : (إن الله اشتري من المومنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرىن ومن أوفي بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذالك هو الفوز العظيم التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المومنين )فالوفاء مع الله يكون بتوحيده وعدم الإشراك معه وتأدية الفرائض والوقوف عند المحرمات (وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم علي أنفسهم ألست بربكم قالوا بلي شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إن كنا عن هذا غافلين )
2.الوفاء مع النفس
يكون وفاء المرء مع نفسه يوم يحدث نفسه بصدق فتقف مع الحق ويجدد عزمه علي المضي في هذا السبيل فلا ينبغي له أن يتنكب عن الصراط قال تعالي (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون )
والجزاء يكون بعقوبتين كبيرتين أن ينسي ربه فيعيش تائها في الدينا وينسيه نفسه فلا يدري ما منفعتها من مضرتها)
والوفاء مع الالنفس يكون بمحاستها وأن تفكر في مستقبلها البعيد(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون )
3.الوفاء مع الوالدين وهو من أعظم أنواع الوفاء ذالك أن الإنسان يكون صغيرا فيعتني به والداه ويبذلان كل صغير وكبير من أجل إسعاده وأن يحيا حياة طيبة ويقول الولد لوالديه في الصغر أنه يحبهما وسيوفي بعهودها ثم إذا بلغ أحدهما أو كلاهما الكبر يتنكر وقد يؤذيهما بأشد أنواع الإيذاء.ومن الوفاء ببر الوالدين طاعتمهما في الحياة والممات فبعد الممات بالدعاء لهما والااستغفار وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لاتوصل إلا بهما وإنفاذ عهدهما.
4.الوفاء بحقوق الزوجين من كلا الطرفين بحسن المعاشرة وحفظ العرض وعدم إخراج الأسرار الزوجية
5.الوفاء بالكيل والوزن .وكانت هاته مشكلة قوم شعيب عليه السلام (يقوم أفوا المكيال والميزان بالقسط) (وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم )
وحذر اله من الذين يخدعون في الميزان (ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا علي الناس يستوفون وإذا كالوهم اوزنوهم يخسرون )
6.الوفاء بالعقود والعهود ويكفي هنا هاته القصة التي رواها لنا المصطفي عليه الصلاة والسلام
عنأبيهريرةرضي الله عنه عنرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رجلا منبنيإسرائيلسأل بعضبني إسرائيلأن يسلفه ألف دينار فقال ائتني بالشهداء أشهدهم فقال كفىبالله شهيدا قال فأتني بالكفيل قال كفى باللهكفيلا قال صدقت فدفعها إليه إلى أجل مسمى فخرج في البحرفقضى حاجته ثم التمس مركبا يركبها يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركبا فأخذ خشبة فنقرهافأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه ثم زجج موضعها ثم أتى بها إلى البحر فقال اللهم إنك تعلمأني كنت تسلفت فلانا ألف دينار فسألني كفيلا فقلت كفى بالله كفيلا فرضي بك وسألني شهيدا فقلتكفى بالله شهيدا فرضي بك وأني جهدت أن أجد مركبا أبعث إليه الذي له فلم أقدر وإني أستودعكها فرمى بهافي البحر حتى ولجت فيه ثم انصرف وهو في ذلكيلتمس مركبا يخرج إلى بلده فخرج الرجل الذي كان أسلفهينظر لعل مركبا قد جاء بماله فإذا بالخشبةالتي فيها المال فأخذها لأهله حطبا فلما نشرها وجدالمال والصحيفة ثم قدم الذي كان أسلفه فأتى بالألف دينار فقال والله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيكبمالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه قال هل كنت بعثت إلي بشيء قال أخبرك أني لم أجد مركبا قبل الذيجئت فيه قال فإن الله قد أدى عنك الذي بعثتفي الخشبة فانصرف بالألف الدينار راشدا
مظاهر خلق الوفاء في حياة رسول الله صلي الله عليه وسلم
أولا :وفاؤه مع ربه
1.كان من أشد الناس وفاء مع ربه .كيف لا وهو الذي يخبرنا عنه سبحانه وتعالي وقد جعله الله واسطة بيننا وبينه
فعن عبيد الله بن عمير رضي الله عنه أنه قال :قلت لعائشة رضي الله عنها :أخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلي الله عليه وسلم قال :فسكتت ثم قالت :لما كانت ليلة من الليالي قال :يا عائشة ذريني أتعبد لربي
فقلت :والله إني أحب قربك وأحب ما يسرك
قالت :فقام وتطهر ثم قام يصلي ولم يزل يبكي حتي بل حجره وكان جالسا فلم يزل يبكي حتي بل لحيته قالت :ثم بكي حتي بل الأرض فجاء بلال يؤذنه بالصلاة فلما رآه يبكي قال :يارسول الله تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا
2.وعن عائشة رضي الله عنها قالت :كان يلحق بغار حراء فيتحنث فيه الليالي ذوات العدد قبل أن يرجع إلي أهله ويتزود لذالك ثم يرجع إلي خديجة
ثانيا :وفاؤه مع الناس وهو أنواع
أ.وفاؤه مع الصحب الكرام
1.لما عاد الصحابة الكرام من غزوة بني المصطلق ضرب رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار من ورائه فصرخ (يا للأنصار ) وصرخ الآخر (يا للمهاجرين )فغضب النبي لصي الله عليه وسلم وقال (مابال دعوي الجاهلية ) فأخبروه الخبر فقال : (دعوها فإنها منتنة).وسمع الخبر رأس المنافقين أبي بن سلول .فقال (لئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل )فغضب سيدنا عمر وقال :يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق .فقال النبي صلي الله عليه وسلم (يا عمر دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه )
وفاء لابنه عبد الله الصحابي الجليل لم يقتل رسول الله هذا المنافق الكبير وهي واحدة من أسباب كثيرة
2. وقصة حاطب بن أبي بلتعة لما أرسل كتابا مع امرأة يخبرهم بقدوم محمد لمقاتلتهم وعلم النبي بذالك فأرسل بعض الصحابة ليأخذوا الكتاب بقوة من المرأة فأخرجوا الكتاب وقال رسول الله لحاطب (ما هذا يا حاطب ( فأخبره الخبر بأنه رجل غريب بين قريش وليس هناك من يدافع عنه ويحفظ أمواله ففعل هذا ليحموا أهله وأمواله فأراد بعض الصحابة قتله فقال لهم رسول الله (إنه قد صدقكم )ثم قال : (إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله عز وجل اطلع علي أهل بدر فقال :اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم )ونزل قول الله (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ).
3.وهاهو سيدنا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : ما منعني أن أشهد غزوة بدر إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل من مكة إلي المدينةمهاجرين فأخذنا كفار قريش فقالوا :إنكما تريدان محمدا ؟فقلنا ما نريد إلا المدينة فخلوا سبيلهم بعد أن أخذوا منهم عهد الله وميثاقه أن لانقاتل معه فلما كانت غزوة بدر أردنا أن نشترك فيها فأخبرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بما كان بيننا وبين قريش فقال: (انصرفا .نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم)
ثانيا : وفاؤه لأزواجه
1.كان من أوفي الناس مع السيدة خديجة رضي الله عنها لأنها واسته بمالها ونفسها وصدقت به ورزق منها والولد ولم ير منها إلا الخير والوفاء فلم يتزوج عليها في حياتها وكانت في سن الأرعبين وكان صلي الله عليه وسلم في الخامسة والعشرين وكان يكثر من ذكرها بعد وفاتها ويصل صويديقاتها فغضت يوما السيدة عائشة رضي الله عنها فلم يرض رسول الله وقال (إنها كانت وكانت .وكان لي منها الولد)
وربما أعطي له شيء فيقول (إذهبوا به إلي فلانة.فإنها كانت صديقة خديجة.إذهبوا به إلي بيت فلانة فإنها كانت تحب خديجة)
2ودخلت يوما امرأة عليه فهش لها وأحسن السؤال عنها فلما سألوه قال :كانت تأتينا أيام خديجة وإن حسن العهد من الإيمان)
3.وترسل له ابنته زينب في فداء زوجها أبي العاص وبعثت بقلادة لها فرق قلب النبي لابنته وقال : (إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها ؟) فقالوا: نعم
4.وتسأل زوجات النبي صلي الله عليه وسلم النفقة فينزل قول الله بتخييرهن بين البقاء أو أن يمتعهن ويسرحهن .وكان أول من استشار السيدة عائشة رضي الله عنها وخيرها فاختارت رسول الله .
ثالثا :وفاؤه مع الأقارب
1.كان أقرب الناس إليه عمه أبو طالب وما فتيء يذكره ولكن أبا طالب للأسف الشديد لم ينطق بالشهادة
2.وفي غزوة حنين كان من بين الأسري من بني سعد وكان صلي الله عليه وسلم مسترضعا فيهم فرد عليهم أموالهم وسبيهم
3.ووفاؤه لأخته من الرضاعة الشيماء يكرمها ويفرح بها ويعطيها من الهدايا الكثير.وهذا من الوفاء
رابعا :وفاه لصاحب الجميل
1.وفاؤه لأبي بكر الصديق رضي الله عنه (إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبابكر خليلا ولكن أخوة الإسلام لاتبقين في المسجد خوجة إلا خوجة أبي بكر )
2.وكان يقول (استوصوا بالنساء خيرا ) (لو سلكت الأنصار واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم ولولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار ) (وأية الإيمان حب الأنصار وأية النفاق بعض الأنصار) (من أحب الأنصار أحب الله ومن أبغض الأنصار أبغضه الله)
3وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يزور أم أيمن حاضنته وكان يقول لأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب (انطلق بنا نزور أم أيمن)وزارها سيدنا أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب بعد وفاة رسول الله وهيجتهما علي البكاء فبكيا بكاء شديدا
4.وكان رسول الله يقول عن أم أيمن (يا أمي )وكان إذا نظر إليها قال : (هذه بقية أهل بيتي )
5.وكان وفيا لمكة تربي فيها وترعرع علي تربتها يقول يوم الهجرة (قد علمت أنك خير أرض الله وأحب الأرض إلي الله ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت )
6.وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم مرة لأحد الصحابة ( لو قد جاءنا مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا ) ثلاثا ومات رسول الله ولم تفتح البحرين وفتحها الصحابة في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنها فسأل عن ذالك الصحابي وأعطاه بما قال له رسول الله تماما للوفاء
خامسا :وفاؤه مع والديه
عن بريدة قال :خرجنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي إذا كنا ب (ودان) قال :مكانكم حتي آتيكم
فانطلق ثم جاءنا وهو ثقيل (أتيت قبر أم محمد فسألت ربي الشفاعة فمنعنيها وإني كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها )
وهناك خلاف معلوم بين العلماء حول والدي رسول الله صلي الله عليه وسلم بين من يقول أنهما من أهل الجنة ومن يقول عكس ذالك
سادسا:وفاؤه مع أعدائه
1.ففي صلح الحديبية لما صالح رسول الله أهل قريش علي شروط وكان من ضمن الشروط أن من أتي محمد من غير إذن وليه هاربا منهم رده عليهم ومن جاء من قريشممن مع محمد لم يرده عليه وأمضي رسول الله علي الشروط وكان أبو جندل ابن سهيل من جملة ممن فر إلي المسلمين فقال سهيل لرسول الله (هذا أول الشروط ) فرد رسول الله أبا جندل وهو يصرخ والصحابة غير راضين ولكنه الوفاء
2.ويخرج أبو جندل ويتصل بأبي بصير ويجتمع بهم جماعة ممن يفرون من قريش يعيرون علي قبائل قريش حتي قال رسول الله (ويل أمه مسعر رحب لو كان له أحد ) حتي تنازلت قريش عن ذالك الشرط
3.ولما جيء بالهرمزان في عهد عمر بن الخطاب وكان الهرمزان قائد جيش كسري أسره المسلمون فعرض عليه عمر الإسلام فرفض ثم طلب ماء ليشرب فلما قدموا له الماء قال :هل أنا آمن حتي أشربها ’قال :نعم فأراق الماء علي الارض وصاح بأعلى صوته الوفاء نور أبلج واستشار سيدنا عمر الصحابة في ذالك ف
أخبروه أن دين الإسلام دين وفاء فلم يؤذه ثم أسلم الرجل وحسن إسلامه

ثالثا وفاؤه للحيوان :
كان صلى الله عليه وسلم وفيا حتى للحيوان ففي مسند الامام احمد
حدثنا سفيان بن عيينة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كانت امرأة أسرها العدو وكانوا يريحون إبلهم عشاء فأتت الإبل تريد منها بعيرا تركبه فكلما دنت من بعير رغا فتركته حتى أتت ناقة منها فلم ترغ فركبت عليها ثم نجت فقدمت المدينة فلما رآها الناس قالوا ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء قالت إني نذرت أن أنحرها إن الله عز وجل أنجاني عليها قال بئسما جزيتيها لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ولا نذر في معصية الله عز وجل‏
حثه عليه الصلاة والسلام علي الوفاء
1.(أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتي يدعها :إذا أؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر )
2.ويذكر أبو بريدة أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه زاره في المدينة وقال له : اتدري لم أتيتك؟قال :قلت لا .قال :سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول (من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه من بعده ) وإنه كان بين لأبي عمر وبين أبيك إخاء وود فأحببت أن أصل ذاك
3.(ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته رجل أعطي بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفي منه ولم يعطه أجرا)
4.(لكل غادر لواء يوم القيامة يقال :هذه غدرة فلان ابن فلان )

أبوصلاح الدين 10-03-2010 02:16 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
+الحلم والاناة
الحلم بالكسر :الأناة والعقل وجمعه أحلام وحلوم وفي التنزيل العزيز :" أم تأمرهم أحلامهم بهذا "(1) والحلم : خلق عظيم لا يقدر عليه من البشر إلا من أوتى قوة جبارة وعزما حديدا ، يستطيع من خلالهما ضبط النفس والسيطرة عليها في حالة الغضب الشديد وللوصول إلى هذه المرحلة لابد من ممارسة هذا الفن العظيم عن طريق الدربة
" وقيل للأحنف بن قيس ممن تعلمت الحلم ؟ فقال : من قيس بن عاصم 0 كنا نختلف إليه في الحلم كما يُختلف إلى الفقهاء في الفقه " (2)
ولم ترد الصفة في كلام العرب إلا بصيغة المبالغة ( حليم ) على وزن فعيل ولعل من أسباب ذلك ما يحتاجه الحليم من تكلف وقهر للنفس لبلوغ خلق الحلم لأن بلوغه ليس بالأمر الهين يقول الأحنف بن قيس وهو ممن ضُِرب به المثل في الحلم : لست حليما ولكني أتحالم "(3) والحِلم خلق عظيم يسعى الكثير من البشر إلى التخلق به فتتفاوت درجاتهم في اكتسابه وممارسته0
الحليم الحقيقي
ولكن الحليم الحقيقي هو الله عز وجل فقد وصف نفسه بالحلم في أحد عشر موضعا في القرآن الكريم ، قرن فيها المغفرة بالحلم واصفا نفسه في أربعة مواضع من القرآن الكريم كالتالي :
في قوله تعالى :"لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم " 225 سورة البقرة ، وفي قوله تعالى : ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم "الآية 235 من سورة البقرة ، وفي قوله تعالى:" إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم " الآية155 من سورة آل عمران وفي قوله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤ كم وإن تسألوا عنها حين يُنَزل القرآن تُبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم " الآية 101 من سورة المائدة ، وقرن الحلم بالمغفرة مقدما الحلم على المغفرة في آيتين اثنتين هما قوله تعالى : تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا " 44 الإسراء ، وقوله تعالى : إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا " الآية 41سورة فاطر ، كما قرن سبحانه العلم بالحلم في ثلاثة مواضع هي : في قوله تعالى : "ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فان كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين وإن كان رجل يُورث كلالةً أو امرأةٌ وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فان كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يُوصَى بها أو دين غير مُضارٍ وصية من الله والله عليم حليم" الآية 12 من سورة النساء ،وقوله تعالى :" لَيدخلنهم مُدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم " الآية 59 من سورة الحج ،
وقوله تعالى : تُرجي منهن من تشاء وتُؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تَقَر أعينهن ولا يحزنّ ويرضين بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما " الآية 51 من سورة الأحزاب ، كما قرن سبحانه الشكر بالحلم في موضع واحد هو قوله تعالـــــى : إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم " الآية 17 من سورة التغابن وقرن سبحانه الغنى بالحلم في موضع واحد هو قوله تعالى : " قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم " الآية 263 من سورة البقرة

ووصف الله تعالى انبياءه واولياءه والصالحين بهذه الصفة فقال عزوجل:
1 ـ (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الاِْثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُون)(1).
2 ـ (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الُْمحْسِنِينَ)(2).
3 ـ ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ)(3).
4 ـ (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لاََوَّاهٌ حَلِيمٌ)(4).
5 ـ (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ)(5).
6 ـ (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَم حَلِيم)(6).
7 ـ (وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً)(7).
8 ـ (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ)(8).

حلم الرسول الله صلى الله عليه وسلم
امتدح الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم على أخلاقه كلها ، ومنها خلق الحلم ، تلك الصفة التي تحلى بها نبينا عليه السلام لتكون شامة في أخلاقه، فلقد نال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - الشتائم والسِبابَ من كافة طبقات المجتمع، فقد هجاه الشعراء، وسخر منه سادة قريش ، ونال منه السفهاء بالضرب بالحجارة، وقالوا عنه ساحر ومجنون وغير ذلك من صور الأذى التي كان يتلاقها رسول الله بسعة صدر وعفو وحلم وتسامح ودعاء لمن آذاه بالمغفرة والرحمة، ولقد صدق الله إذ يقول: { وإنك لعلى خلق عظيم } (القلم:4) وقال تعالى: { فبما رحمة من اللَّه لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك } (آل عمران:159).
وإن استقراء صور العفو والحلم في سيرته صلى الله عليه وسلم أمر يطول فنكتفي بذكر بعض تلك الصور من حياته :-
1- فعندما خرج صلى الله عليه وسلم إلى قبيلة ثقيف طلباً للحماية مما ناله من أذى قومه ، لم يجد عندهم من الإجابة ما تأمل ، بل قابله ساداتها بقبيح القول والأذى ، وقابله الأطفال برمي الحجارة عليه، فأصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن ومن التعب الشديد ما جعله يسقط على وجهه الشريف، ولم يفق إلا و جبريل رضي الله عنه قائماًعنده يخبره بأن الله بعث ملك الجبال برسالة يقول فيها: إن شئت يا محمد أن أطبق عليهم الأخشبين، فأتى الجواب منه عليه السلام بالعفو عنهم قائلاً: ( أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا ) رواه البخاري ، فأي شفقة وأي عفو وصفح وحلم من إنسان يُضاهي هذا الحلم إلا حلمه عليه السلام.
2- ولما كُسِرت رُباعيته صلى الله عليه وسلم وشُجَ وجهه يوم أُحد، شَقَ ذلك على أصحابه، وقالوا: يا رسول الله ادعُ على المشركين، فأجاب أصحابه قائلاً لهم: ( إني لم أُبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة ) رواه مسلم .
3- وأقبل ذات مرة الطفيل بن عمرو الدوسي على النبي صلى الله عليه وسلم، طالباً منه الدعاء على أهل دوس لعصيانهم ، فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن رفع يديه مستقبل القبلة قائلا: ( اللهم اهد دوساً ) رواه البخاري .
4- ومن حلمه وعفوه صلى الله عليه وسلم مع الأعراب، حينما أقبل عليه ذلك الأعرابي الجلف، فشد رداء النبي صلى الله عليه وسلم بقوة، حتى أثر ذلك على عنقه عليه السلام، فصاح الأعرابي قائلا للنبي: مُر لي من مال الله الذي عندك ، فقابله النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضحك له، والصحابة من حوله في غضب شديد من هول هذا الأمر، وفي دهشة من ضحك النبي صلى الله عليه وسلم وعفوه وفي نهاية الأمر، يأمر النبي صحابته بإعطاء هذا الأعرابي شيئاً من بيت مال المسلمين.
5- وأعظم من ذلك موقفه مع أهل مكة، بعدما أُخرج منها وهي أحب البلاد إليه، وجاء النصر من الله تعالى، وأعزه سبحانه بفتحها، قام فيهم قائلاً: ( ما تقولون أني فاعل بكم ؟ ) قالوا : خيراً ، أخ كريم ، وابن أخ كريم ، فقال: ( أقول كما قال أخي يوسف ) : { لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللَّه لكم وهو أرحم الراحمين } (يوسف:92)، ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) رواه البيهقي .
6- ولمحة أخرى من حلمه في حياته عليه السلام، أنه لم يُعهد عليه أنه ضرب خادماً، أو امرأة، ولم ينتقم من أحد ظلمه في المال أو البدن ، بل كان يعفو ويصفح بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم تقول عائشة رضي الله عنها: ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل ) رواه مسلم .


7- هذا حبر من أحبار يهود المدينة المنورة رأى سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم وسمع كلامه سماع تفكر وراقب أحواله مراقبة تبصر وراجع في التوراة صفات الأنبياء مراجعة تحقق وتدبر ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعد في نفسه لأمر خطير وكرر المجيء حتى رأى الفرصة السانحة لما يريد رأى عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن جماعته قد أسلموا وجاءت عليهم سنة ضيقة مجدبة وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم مؤونة يعينهم لكي لا يظنوا أن ما أصابهم من ضيق كان سببه دخولهم في الإسلام فيرتدوا عنه ولم يكن عند النبي صلى الله عليه وسلم شيء يعطيه حينئذ سارع الحبر اليهودي زيد بن سعنة لينفذ ما أعده في نفسه فقال لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : أنا أقرضك ما تعينهم به ولكن اجعل بيني وبينك أجلاً توفيني عنده هذا الدين قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم وضرب لليهودي أجلاً معيناً ومرت الأيام ودنى ذلك الأجل فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل اليوم المعين بمدة ليطالبه بالدين فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: إن الأجل لم يحن بعد فاقترب الرجل من النبي صلى الله عليه وسلم بغلظة وامسك بردائه من عند عنقه وجذبه بعنف وشراسة قائلاً : يا محمد أعطني حقي فإنكم معشر بني هاشم قوم تماطلون في وفاء الدين وأثّر الثوب في عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم تأثيراً شديداً فإذا بسيدنا عمر رضي الله عنه تأخذ بنفسه حمية الحق فيقول يا رسول الله ائذن لي أن أضرب عنق هذا الكافر فقد آذى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
لقد أخذت الحمية من نفس عمر رضي الله عنه ولكنها لم تأخذ من نفس صاحب الحق الذي أوذي بغير حق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولادعاه ذلك إلى البطش بالمعتدي كما هي عادة الزعماء والأمراء بل صبر واتأد وترفق بالمعتدي غاية الرفق ثم قال قولة التكرم والتسامي : يا عمر كنت أنا وهو أحوج إلى غير هذا منك كنت أحوج إلى أن تأني بحسن الأداء وكان أحوج إلى أن تأمره بحسن الطلب اذهب فاقضه حقه وزده عليه لقاء ما خوفته .
سمع الحبر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى البشر في وجهه وتجلى له الخلق العظيم الذي جعله الله من دلائل النبوة فغسل ذلك قلبه وأزاح عنه غشاوات الباطل فهفى قلبه إلى دين الحق والإيمان بالله ورسوله ومضى مع عمر ليأخذ حقه فلما رأى الزيادة قال: ما هذه الزيادة يا عمر؟ قال : لقد أمرني بها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سمعت لقاء ما روّعتك ولكن أخبرني ما الذي دعاك إلى ما فعلت؟ قال يا عمر : إنه لم يكن شيء أعرفه من علامات النبوة إلا رأيته في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا شيئين لم أكن رأيتهما بعد ( يسبق حلمُه غضبَه ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً)
فقد رأيت الآن وعلمت فاشهد يا عمر أني قد رضيت بالله تعالى رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً وأشهدك أن شطر مالي صدقة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورجع عمر وزيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مثل زيد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله
وهكذا انضم الحبر اليهودي زيد بن سعنة إلى مكتملي الإيمان بين الأصحاب الكرام الذين اختارهم الله على العالمين ليحملوا مع نبيه راية الإيمان فتحقق فيه قول الله تعالى لكليمه موسى عليه السلام : ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون و يؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون …… الى قوله تعالى أولئك هم المفلحون _ الأعراف
ولكن سمو أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم يتابع الإحسان إلى هؤلاء لعل القلوب التي حولهم تلين وتستضيء بنور النبوة فتنفر من اولئك اللئام وتهتدي إلى الله كماكان الحال مع عبد الله بن أبي بن سلول رأى زعيم المنافقين في المدينة المنورة رأى في قدوم النبي صلى الله عليه وسلم زوال زعامة تشمل كل يثرب زعامة انتظرها طويلاً وسعى إليها كثيراً حتى رآها في متناول يده حينئذ تكبر وأعرض جهاراً ثم أسر ذلك في نفسه حين غلب جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتوقف يوماً عن تدبير الفتن له ومحاولات الإيقاع بين المهاجرين والأنصار وآذى النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً كلما سمحت له فرصة حتى تنزلت آيات القرآن تشير إليه بالبنان وتبرز نفاقه للعيان فيتحدث الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد قتله بل لقد استأذنه عمر بن الخطاب في ضرب عنقه حين استعلن منه النفاق فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنامت الأنباء إلى سمع ابنه المؤمن القوي الإيمان عبد الله بن عبد الله فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يا رسول الله : بلغني أنك تريد قتل أبي فإن كنت تريد ذلك فأنا أقتله إني أخشى إن قتله غيري أن تطلب نفسي بثأره فأقتل مؤمناً بكافر فأدخل النار فأجابه سيد أهل الحلم صلى الله عليه وسلم: لاياعبد الله بل نصبر عليه ونترفق به ونحسن صحبته فاطمأنت نفس عبد اله وزاده حلم النبوة إيماناً . وتوالت الأيام وتوالت إساءات ابن سلول وتوالى عليه من رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلم والرفق والإحسان ورأى قومه ذلك كله فأبغضه أكثرهم وباعدوه ومع ذلك بقيت حوله جماعة كبيرة من المنافقين ثم انفضوا عنه لما رأوا من إحسان رسول الله صلى الله عليه وسلم غليه يوم موته لقد استجاب لطلب ابنه عبد الله بن عبد اله فصلى عليه وكفنه بقميصه وأنزله حفرته بيده واستغفر له أكثر من سبعين مرة لإن ربه قال له إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فقال: سأزيد على سبعين ولامه بعض أصحابه صلى الله عليه وسلم فأعرض عنهم وعامل ابن سلول بالعفو والحلم والإحسان فغسل ذلك قلوبهم وأقبلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : نشهد الا إله إلا الله ونشهد أنك رسول الله
حلم معاوية
وممن اشتهر من الحلماء معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، لذا استطاع بحلمه ودهائه أن يكون فريدا في إمساكه بزمام أمور مملكته 0 يقول : إني لآنف أن يكون في الأرض جهل لا يسعه حلمي، وذنب لا يسعه عفوي وحاجةلا يسعها جودي "(9) ومن نوادر حلم معاوية " كان لعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أرض وكان له عبيد يعملون فيها والى جانبها ارض لمعاوية وفيها أيضا عبيد يعملون فيها ، فدخل عبيد معاوية في أرض عبد الله بن الزبير ، فكتب عبدالله كتابا إلى معاوية يقول له فيها : أما بعد ، يا معاوية ، إن عبيدك قد دخلوا في أرضي ، فانههم عن ذلك ، وإلا كان لي ولك شأن والسلام 0
فلما وقف معاوية على كتابه وقرأه دفعه إلى ولده يزيد ، فلما قرأه ، قال له معاوية : بابني ماترى ؟ قال أرى أن تبعث إليه جيشا يكون أوله عنده وآخره عندك ؛ يأتونك برأسه فقال : بل غير ذلك خير منه يابني ، ثم أخذ ورقة ، وكتب فيها جواب كتاب عبد الله بن الزبير يقول فيه : أما بعد فقد وقفت على كتاب ولد حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وساء ني ما ساءه والدنيا بأسرها هينة عندي في جنب رضاه، نزلت عن أرضي لك فأضفها إلى أرضك بما فيها من العبيد والأموال والسلام 0 فلما وقف عبد الله بن الزبير على كتاب معاوية كتب إليه : قد وفقت على كتاب أمير المؤمنين أطال الله بقاءه ولا اعدمه الرأي الذي أحله من قريش هذا المحل والسلام 0 فلما وقف معاوية على كتاب عبد الله بن الزبير وقراه رمى به إلى ابنه يزيد ، فلما قرأه تهلل وجهه ، وأسفر فقال له أبوه: يابني من عفا ساد ، ومن حلم عظم ، ومن تجاوز ؛ استمال إليه القلوب فإذا ابتليت بشيء من هذه الأدواء ، فداوه بمثل هذا الدواء "
ابوالدرداء:
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِرَجُلٍ أَسْمَعَهُ كَلامًا: يَا هَذَا.. لا تُغْرِقَنَّ فِي سَبِّنَا، وَدَعْ لِلصُّلْحِ مَوْضِعًا؛ فَإِنَّا لا نُكَافِئُ مَنْ عَصَى اللهَ فِينَا بِأَكْثَرَ مِنْ أَنْ نُطِيعَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ.

الشعبي:
وَشَتَمَ رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ فَقَالَ: إنْ كُنْتُ مَا قُلْتَ فَغَفَرَ اللهُ لِي، وَإِنْ لَمْ أَكُنْ كَمَا قُلْتَ فَغَفَرَ اللهُ لَك.

عائشة رضي الله عنها:
وَاغْتَاظَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَلَى خَادِمٍ لَهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى نَفْسِهَا فَقَالَتْ: للهِ دَرُّ التَّقْوَى، مَا تَرَكَتْ لِذِي غَيْظٍ شِفَاءً.

معاوية:
وَقَسَّمَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قِطَافًا، فَأَعْطَى شَيْخًا مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ قَطِيفَةً فَلَمْ تُعْجِبْهُ، فَحَلَفَ أَنْ يَضْرِبَ بِهَا رَأْسَ مُعَاوِيَةَ، فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: أَوْفِ بِنَذْرِك، وَلْيَرْفُقْ الشَّيْخُ بِالشَّيْخِ.

عمر بن الخطاب:
عن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قال: قدم عيينة بن حصن فنزل على ابن أخيه الحر ابن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كُهولاً أو شبانًا، فقال عيينة لابن أخيه: ألك وجه عند هذا الأمير فتستأذن لي عليه؟، قال: سأستأذن لك عليه، فاستأذن الحر لعيينة، فأذن له عمر، فلما دخل عليه قال: هي يا ابن الخطاب! فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم فينا بالعدل!، فغضب عمر حتى همَّ أن يوقع به، فقال له الحر: "يا أمير المؤمنين.. إن الله تعالى قال لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: ﴿خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ﴾ (الأعراف: 199)، وإن هذا من الجاهلين"، والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقَّافًا عند كتاب الله.

عدي بن حاتم:
شتم رجلٌ عديَّ بن حاتم وهو ساكتٌ، فلما فرغ من مقالته قال: إن كان بقي عندك شيءٌ فقل قبل أن يأتي شباب الحي، فإنهم إن سمعوك تقول هذا لسيدهم لم يرضوا.

محمد بن كعب:
قال محمد بن كعب رحمه الله تعالى: ثلاثٌ من كُنَّ فيه استكمل الإيمان بالله: إذا رضي لم يُدخله رضاه في الباطل، وإذا غضب لم يُخرجه غضبُهُ عن الحق، وإذا قدر لم يتناول ما ليس له.

وهب بن منبه:
قال رجلٌ لوهب بن منبه رحمه الله تعالى: إن فلانًا شتمك. فقال: ما وجد الشيطان بريدًا غيرك؟!.

عمر بن عبد العزيز:
ذكر ابن كثير في سيرة عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى أن رجلاً كلمه يومًا حتى أغضبه، فهم به عمر، ثم أمسك نفسه، ثم قال للرجل: أردت أن يستفزني الشيطان بعزة السلطان، فأنال منك اليوم ما تناله مني غدًا؟ قم عافاك الله، لا حاجة لنا في مقاولتك
قد يُفسد عملك:
الكبار لا يستجيبون للطرف الآخر الذي يحاول جرَّهم إلى معارك الغضب غير المحسوبة العواقب، ويحذرون من الانسياق إلى منزلق لا يليق بمستواهم، ولا يُناسب قدرهم؛ ذلك أنهم اتخذوا من صبرهم على الأذى طريقًا لدخول الجنة، كما أنهم يحذرون من تحول نواياهم، أو أن يكون الغضب سببًا في إفساد أعمالهم.

روي أن عليًّا بن أبي طالب كان يقاتل عمرو بن عبد ود العامري في أحد المعارك، فلما تمكن منه وارتقاه بصق في وجهه وهو يوشك أن يرديَه قتيلاً، فلم يُعَجِل عليّ بالانقضاض عليه، بل استدار قليلاً، ولما قيل له في ذلك، قال: أردت أن أقتله غضبًا لله لا غضبًا لنفسي؛ ولذا لم يعاجله على الفور، وإنّما تركه برهة ثمّ صرعه.

مهر الحور الحين:
الكبار يسعون إلى نيل الجائزة الكبرى التي دلهم عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي الاختيار من أي حور العين شاء؛ لذا فهم يكظمون غيظهم، ويحلمون على من أساء إليهم ابتغاء الرفعة والمكانة العالية عند الله، عنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَفِّذَهُ دَعَاهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَيِّ الْحُورِ شَاءَ" (رواه البخاري).

يغيظون الشيطان:
الكبار يعلمون أن الشيطان يجري مجرى الدم من ابن آدم، ويوقنون أن الشيطان أحرص الناس على إحداث الفتنة بين الناس، وعرفوا أن أعظم لحظات الشيطان سعادةً هي تلك التي يوقع فيها بين متحابين؛ لذا فالكبار أحرص من غيرهم على إغاظة الشيطان؛ فهم يكظمون غيظهم ويغيظون شياطينهم.

عن أنس رضي الله عنه أنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بقومٍ يصطرعون؛ فقال: "ما هذا؟" قالوا: فلانٌ ما يُصارع أحدًا إلا صرعه، قال: "أفلا أدلكم على من هو أشد منه؟! رجلٌ كلمه رجلٌ فكظم غيظه فغلبه، وغلبَ شيطانه، وغلب شيطان صاحِبِهِ".

وجاء غلام لأبي ذر رضي الله عنه وقد كسر رجل شاةٍ له فقال له: من كسر رِجل هذه؟ قال: أنا فعلتُهُ عمدًا لأغيظك فتضربني فتأثم، فقال: لأغيظنَّ من حرَّضك على غيظي، فأعتقه.
- فضائل الحلم:
أ- الحلم صفة يحبها الله -عز وجل-:
قال صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة: (إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة) [مسلم].
ب -الحلم وسيلة للفوز برضا الله وجنته:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كظم غيظًا وهو قادر على أن يُنْفِذَهْ، دعاه الله -عز وجل- على رءوس الخلائق يوم القيامة، يخيره من الحور العين ما شاء) [أبو داود والترمذي].
ج - الحلم دليل على قوة إرادة صاحبه:
وتحكمه في انفعالاته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصُّرْعَة (مغالبة الناس وضربهم)، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) [مسلم].
د - الحلم وسيلة لكسب الخصوم والتغلب على شياطينهم وتحويلهم إلى أصدقاء:
قال تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} [فصلت: 34].
وقد قيل: إذا سكتَّ عن الجاهل فقد أوسعتَه جوابًا، وأوجعتَه عقابًا.
هـ - الحلم وسيلة لنيل محبة الناس واحترامهم:
فقد قيل: أول ما يُعوَّض الحليم عن حلمه أن الناس أنصاره.

و - الحلم يُجنِّب صاحبه الوقوع في الأخطاء، ولا يعطي الفرصة للشيطان لكي يسيطر عليه.

أبوصلاح الدين 11-03-2010 04:13 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق الرابع عشر :
الأمانة هي كل ما افترض الله علي العباد فهو أمانة كالصلاة والزكاة والصيام وأداء الديون والودائع وأمانة الأولاد وكتم الأسرار
وقال الكفوي في موضوع آخر من تعريف الأمانة (هي كل ما يؤتمن عليه من أموال وحرم وأسرار فهو أمانة)
وقيل أن الأمانة هي خلق ثابت في النفس يعف به الإنسان عما ليس له به حق وإن تهيأت له ظروف العدوان عليه ويؤدي به ما عليه وإن استطاع أن يهضمه.
وهي شعور بالتبعية واحتكام إلي الضمير اليقظ بكل ما عهد الله إليك كما يقول الشيخ الشرباصي رحمه الله
قال تعالي (والذين لآماناتهم وعهدهم راعون )
منزلة الأمانة
لما كانت الأمانة خلق عظيم ولها منزلة كبيرة قال الله عنها (إنها عرضنا الأمانة علي السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا )
وقد ذكر الأصفهاني أن المراد بالأمانة هنا التوحيد والعدالة وحروف التهجي أو العقل ثم قال أن الراجح أن المراد بالأمانة هي العقل
واختلف المفسرون في المراد بالأمانة في الآية الكريم فقال البعض المراد بها المحافظة علي الصلوات وأداء الزكاة والصوم الحج وقيل أن الأمانة هي أمانات الناس وودائعهم وقيل هي الاغتسال من الجنابة وقيل أن الأمانات هي أعضاء الإنسان فاللسان أمانة والعين أمانة والأذن أمانة والعقل أمانة
ورجح الشيخ الطبري رحمه الله أن المراد بالأمانة هنا هي جميع الأمانات لأنها ذكرت مطلقة غير مقيدة.والشيخ الطبري رحمه الله معروف باتجاهه هذا فهو حين يجد الاختلاف بين المفسرين متقارب أو هو اختلاف لفظي يحاول الجمع بين الأقوال .
وفي الحديث : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولية عن رعيتها والخادم في مال سيده راع ومسؤول عن رعيته
مجالات الأمانة
1.تولية أمور المسلمين من أعظم الأمانات (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة)
2.أمانة الأحوال الشخصية والأسرار الزوجية (إن من أعظم الأمانات عند الله تعالي يوم القيامة الرجل يفضي إلي امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها )
3.حديث الناس وأسرارهم وما يدور في المجالس (إذا حدث الرجل الرجل بحديث ثم التفت فهو أمانة)
4استشارة الناس أمانات فلو استشارك شخص ما عن موضوع ما وهو يثق بك فكن مؤتمنا وعند حسن ظنه (المستشار مؤتمن )
5.أمانة الدين (خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة من حافظ علي الصلوات الخمس علي وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن وأعطي الزكاة من ماله طيب النفس بها )وكان يقول وأيم الله لايفعل ذالك إلا مؤمن وصام رمضان وحج اليت إن استطاع إلي ذالك سبيلا وأدي الامانة)فقالوا ياأبا الدرداء :ما الأمانة؟قال :الغسل من الجنابة فإن الله تعالي لم يأمن ابن آدم علي شيء من دينه غيره )
6.أعضاء الإنسان أمانة فاللسان أمانة والعين أمانة والأذن أمانة وغيرها من الأعضاء كلها أمانات فلا تستعملها في الحرام
(يا أيها الذين آمنوا لاتخونوا الله والرسول تخونوا أماناتكم وانتم تعلمون)
الأمانة صفة الأنبياء عليهم السلام
لقد ائتمن الله جل وعلا الأنبياء علي دينه فكانوا خير الأمناء وأول هاته الأمانات أمانة التوحيد .
قال الله تعالي في سورة الشعراءعن نوح وهود وصالح لوط وشعيب عليهم السلام (إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون )
وقال تعالي عن سيدنا موسي عليه السلام (إن خير من استأجرت القوي الأمين )كان موسي عليه السلام أمينا مع بنات شعيب عليه السلام فلم يرفع حتي بصره إليهن وقالوا أنه كان يمشي أمامهن وهذا من قمة الورع
وقال الله جل وعلا عن يوسف عليه السلام (إنك اليوم لدينا مكين أمين )لأنه كان صادقا في تفسير الحلم وكان أمينا يوم دعته امرأة العزيز وكان أمينا في بره لوالديه فلم ينتقم من إخوته ولم يتكلم فيهم بسوء .
الأمانة في حياة رسول الله صلي الله عليه وسلم
1.لما بنت قريش الكعبة وبلغوا موضوع الركن اختصموا أيهم أولي برفع الحجر فاحتكموا إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فأمر بثوب فوضع فيه الحجر وأخذت كمل قبيلة بطرف منه ثم رفعه رسول الله ووضع الحجر في وسطه وكان هذا قبل البعثة بخمس سنوات
2.لما نزل قول الله (اقرأباسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم )فذهب فزعا إلي بيته عند خديجة رضي الله عنها فقالت له : (ابشر فوالله لن يخزيك الله أبدا )وذكرت له أنه يؤدي الامانة.فقد كان معروفا بخلق الأمانة حتي قبل البعثة
3.ولما ذهب أبو سفيان إلي هرقل عظيم الروم قال له (إنه يأمرنا بالصلاة والصدق العفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة)
4.وكذالك قول سيدنا جعفر بن عبد المطلب رضي الله عنه عندما سأله النجاشي عن هذا الدين الذي اعتنقوه قال له : (حتي بعث الله إلينا رسولا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفته ) ولم يستطع عمرو بن العاص أن ينكر عليه هذا
5.ولما هاجر رسول الله صلي الله عليه إلي المدينة وكانت عنده أمانات الناس أمر سيدنا علي رضي الله عنه بأداء الأمانات ورد الودائع
6.ولما دخل مكة فاتحا صلي الله عليه وسلم طاف سبعا علي راحلته يستلم الركن بمحجن في يده فلما انتهي من الطواف دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ثم دخلها وسأله العباس وفي رواية سيدنا علي أن يجمع له المفتاح مع السقاية فأبي وأعطاه لعثمان بن طلحة وقال له (هاك أمانة الله فأنزل الله قوله (إن الله يامركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها )
7.ولما استعمل رسول الله صلي الله عليه وسلم ابن اللتيبة علي الصدقة فجاءه العامل حين فرغ من العمل وقال : هذا لكم وهذا أهدي إلي فقال له النبي صلي الله عليه وسلم : (أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك فنظرت أيهدي إليك أم لا فوالذي نفس محمد بيده لايغل أحدكم منها شيئا إلا جاء يوم القيامة يحمله علي عنقه إن كان بعيرا جاء له رغاء وإن كانت بقرة جاء بها له خوار وإن كانت شاة جاء بها تبعر )
8.ويروي لنا أبو سعيد الخذري رضي الله عنه أن علي رضي الله عنه بعث إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم من اليمن بذهبية في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها فقسمها رسول الله ين أربعة نفر وهم عيينة بن بدر وأقرع بن حابس وزيد الخيل والرابع إما علقمة وإما عامر بن الطفيل فقال رجل من أصحابه : (نحن كنا أحق بهذا من هؤلاء ) فبلغ ذالك رسول الله فقال لهم : (ألاتأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباح مساء ).
9.وهذا جابر بن عبد الله رضي الله عنه يقول : (أتيت النبي صلي الله عليه وسلم وهو في المسجد ضحي فقال : (صل ركعتين )وكان لي عليه فقضاني وزادني ).
10.وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان لرجل علي النبي صلي الله عليه وسلم دين من الإبل فجاء يتقاضاه فقال : (أعطوه )فقال : أوفيتني أوفي الله بك فقال صلي الله عليه وسلم إن خياركم أحسنكم قضاء )
11.وكان رسول الله إذا أصاب غنيمة نادي بلالا فنادي في الناس فيجيئون بغنائمهم فيخمسها ويقسمها فجاء رجل بعد ذالك بزمام من شعر فقال : أسمعت بلالا نادي ثلاثا ؟قال :نعم قال :فما منعك أن تجيء به ؟قال :يارسول الله فاعتذر فقال (لن أقبله منك حتي تكون أنت الذي تجيء به يوم القيامة )
وقيل هذا علي سبيل التغليظ
حث رسول الله صلي الله عليه وسلم علي الأمانة
1.(أد الأمنة إلي من ائتمنك ولا تخن من خانك )
2.لا إيمان لمن لاأمانة له ولا دين لمن لاعهد له )وفي رواية (لمن لاصلاة له )
3. (أربع إذا كن فيك فلا عليك مافاتك من الدنيا حفظ امانة وصدق حديث وحسن خليقة وعفة في طعمة )
4.وحديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه المشهور (إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم نزل القرآن وعلموا من السنة )قال حذبفة :ثم حدثنا عن رفع الأمانة فقال (ينام الرجل النومة فتقبض الامانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت ثم ينام فيظل أثرها مثل المجل إلي أن قال (فيصبح الناس يتبايعون فلا يكادذ أحد يؤدي الأمانة حتي يقال إن في بني فلان رجلا أمينا حتي يقال للرجل : ما أجلده وما أظرفه وما أعقله وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان)
5.وحين سأله ذالك الصحابي عن الساعة فمضي رسول الله يحدث القوم حتي قال : أين السائل عن الساعة ؟قال :ها أنا يا رسول الله .قال : (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ) قال : كيف إضاعتها قال: إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة)
6وقد حذر رسول الله صلي الله عليه وسلم أبا ذر حين طلب منه أن يجعله مسؤولا ضرب علي منكبيه وقال (يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدي الذي عليه فيها )
7(من استعملناه منكم علي عمل فكتمنا مخيطا فما فوق كان غلولا يأتي به يوم القيامة ) فقام رجل من الأنصار فقال :يارسول الله أقبل عني عملك قال :ومالك ؟قال سمعتك تقول كذا وكذا قال : (وأنا أقول الآن من استعملناه منكم علي عمل فيجيء بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذ وما نهي عنه انتهي )
8(ثلاثة من كن فيه كان منافقا خالصاإذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان )
9.وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يتعوذ من الخيانة فيقول (اللهم إني أعوذ بك من الجوع فغنه بئس الضجيع وأعوذ بك من الخيانة فإنها يئست البطانة)
10وفي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول اله صلي الله عليه وسلم قال ( لاتجوز شهادة خائن ولا خائنة ورد شهادة القانع والخادم والتابع لأهل البيت وأجازها لغيرهم )
11ومر رسول الله صلي الله عليه وسلم علي كومة من الطعام فأدخل أصابعه فنالت أصابعه بللافقال :ماهذا يا صاحب الطعام؟ فقال:أصابته السماء يا رسول الله فقال :أفلا جعلته فوق الطعام حتي ريراه الناس من غشنا فليس منا )
12.من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدي الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله .
مواقف من أمانة الصحابة رضوان الله عنهم
1.أمانة أبوعبيدة بن الجراح رضي الله عنه
وقد قال عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم (إن لكل أمة أمينا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح .يقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خاف بعد وفاة رسول الله من تفرق كلمة المسلمين فقال لأبي عبيدة :ابسط يدك لأبايعك فقال أبو عبيدة ماكنت أتقدم رجل أمره يول الله صلي الله عليه وسلم أن يؤمنا في الصلاة (يقصد أبا بكر الصديق )
2.وحين حانت وفاة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه يقول لابنته عائشة رضي الله عنهما انظري هذه الناقة التي كنا نشرب من لبنها والجفنة التي نصطبغ فيها والقطيفة التي كنا نلبسها فإ كنا ننتفع بذالك حين كنا نلي أمر المسلمين فإذا مت فرديه إلي عمر فلما مات أبو بكر الصديق أرسلت السيدة عائشة بتلك الأشياء لسيدنا عمر فقال عمر : رحمك الله يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك وقد صدق عمر رضي الله عنه .
3.أمانة سيدنا علي رضي الله عنه
كانت له بنت وحان وقت العيد ولم تجد ما تتزين به وقد رأت عقدا جميلا في بيت مال المسلمين فأرسلت إلي أمين بيت مال المسلمين أن يستعيره لها ثم ترده فأعاه لها فلما رآه سيدنا علي في جيد ابنته غضب وقال لها :من أين لك ذالك فأخبرته الخبر فغضب من أمين بيت مال المسلمين وقال : رده من يومه
ثم قال لابنته:لاتذهبي بنفسك عن الحق .أكل نساء المهاجرين والانصار يتزينون به في العيد .
4.أمانة عبد الله بن مسعود يوم كان راعيا لغنم عقبة بن أبي معيط فمر به رسول الله صلي الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق فقال له : (ياغلام هل من لبن ؟) قال ابن مسعود :نعم ولست بساقيكما لأني مؤتمن .فقال له رسول الله :هل من شاة لم ينز عليها الفحل ؟فأتاه بشاة فمسح ضرعها فنزل لبن فحلبه في إناء فشرب وسقي أبا بكر الصديق ثم قال للضرع (اقلص ) فقلص ثم أتاه عبد الله ابن مسعود وقال :يا رسول الله علمني من هذا القول .قال فمسح علي رأسي وقال (يرحمك الله فإنكم غلام معلم )
5.أمانة معاذ بن جبل
لما أرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلي بني كلاب ليقسم عليهم أعطيتهم وتوزع علي فقراءهم فأد معاذ ما عليه حتي أنه عاد وليس معه إلا حلسه علي رفبته فقالت له زوجته :أين ما جئت به مما يأتي به الولاة من الهدايا ؟
فقال له : معاذ الله لقد كان معي رقيب يحصر علي ويقصد بذالك الله جل جلاله
فأشاعت زوجته الخبر فبلغ ذالك عمر بن الخطاب فأرسل لمعاذ وقال له :أأنا بعثت معك رقيبا يحصي عليك
فقال معاذ :لم أجد شيئا أعتذر به إليها غير ذالك فضحك عمر وأعطاه شيئا وقال له :أرضها به
6.أمانة عامر بن عبد الله التميمي
لما جلس سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في إيوان كسري يأمر بجمع الغنائم ليقسمها بين المجاهدين ويرسل الباقي إلي سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا برجل يدخل عليهم يحمل صندوقا كبيرا مملوء بالجواهر والدرر وضعه بينهم وهم بالانصراف
فاندهشوا وقالوا له :أين وجدت هذا الكنز العظيم
قال :غنمته في المعركة في مكان كذا
فقالوا :وهل أخذت منه شيئا
فقال :هداكم الله والله إن هذا بما فيه وجميع ماملكته ملوك فارس لايساوي عندي قلامة ظفر
فقالوا :ومن أنت أكرمك الله
فأبي أن يخبرهم فعرفوا أنه التابعي الجليل الزاهد عامر بن عبد الله التميمي
7.أمانة عبد الله بن رواحة
لما بعث رسول الله صلي الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة إلي خيبر ليخرص ماعلي نخلها من ثمر فجمع له اليهود حليا من حلي نسائهم فقالوا :هاك هذا وخفف عنا وتساهل في التقدير
فقال :يامعشر يهود والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي ولكن ذالك لايحملني علي أن أحيف عليكم فأماا ما عرضتم علي من رشوة فإنها سحت وإننا لانأكلها
فقالوا :بهذا قامت السموات والارض

أبوصلاح الدين 12-03-2010 10:34 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق الخامس عشر :الكرم والسخاء
قال الراغب الأصفهاني أن الكرم إسم للأخلاق والأفعال المحمودة التي تظهر منه
وقال ابن مسكويه :الكرم إنفاق المال الكثير بسهولة من النفس في الأمور الجليلة القدر الكثيرة النفع
وقيل :هو التبرع بالمعروف قبل السؤال والإطعام في المحل والرأفة بالسائل مع بذل النائل
وقال أبوهلال العسكري أن الكرم هو الإعطاء بالسهولة عن طيب نفس قليلا كان أوكثيرا
وقيل هو إفادة ما ينبغي لالغرض فمن يهب المال لغرض جلبا للنفع أو خلاصا عن الذم فليس بكريم فالكريم من يوصل النفع بلا عوض
والفرق بين الجود والكرم أن الكرم إسم جامع لكل أفعال الخير أما الجود فهو كثرة العطاء من غير سؤال من قولك جادت السماء إذا جاءت بمطر كثير
منزلة هذا الخلق
الكرم من أحسن خصال المرء وأجود الناس من جاد بماله وصان نفسه عن مال غيره ومن جاد ساد ومن بخل رذل
ويظهر عيب المرء في الناس بخله ويستره عنهم جميعا سخاؤه
تغط بأثواب السخاء فإنني أري كل عيب والسخاء غطاؤه
ولابن حبان البستي رحمه الله كلمة رائعة يقول ما معناهها أن البخل شجرة نار أغصانها في الدنيا فمن تعلق بغصن من أغصانها جره إلي النار والكرم شجرة في الجنة أغصانها في الدنيا فمن تعلق بغصن من أغصانها جره إلي الجنة والجنة دار الأسخياء
ولولم يكن من شرف الكرم سوي أن الله جل وعلا تسمي به لكفي هذا الخلق فخرا وعظمة
قال الغزالي حجة الإسلام رحمه الله (الكريم إسم من أسماء الله تعالي وهو الذي إذا قدر عفا وإذا وعد أوفي وإذا أعطي زاد علي منتهي الرجاء ولا يبالي كم أعطي ولمن أعطي وإن رفعت حاجة إلي غيره لايرضي وإذا جفي عاتب ولا يضيع من لاذ به والتجأ ويغنيه عن الوسائط والشفعاء فمن اجتمع له جميع ذالك لا بالتكلف فهو الكريم المطلق و وذالك لله تعالي فقط
من أعظم مني جوداً، الخلائق لي عاصون وأنا أكلأهم في مضاجعهم كأنهم لم يعصوني، وأتولى حفظهم كأنهم لم يذنبوا، أجود بالفضل على العاصي، وأتفضل على المسيء. من ذا الذي دعاني فلم ألبِّه، ومن ذا الذي سألني فلم أعطه، أنا الجواد ومني الجود، أنا الكريم ومني الكرم، ومن كرمي أني أعطي العبد ما سألني وأعطيه ما لم يسألني، ومن كرمي أني أعطي التائب كأنه لم يعصني، فأين عني يهربُ الخلق ؟ وأين عن بابي يتنحى العاصون
حث القرآن الكريم علي الكرم
1.قال تعالي :(من ذالذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم يوم تري المومنين يسعي نورهم بين أيديهم وإيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذالك هو الفوز العظيم)
يكفي المؤمن شوقا وهمة عالية أن يطير إلي ربه جل وعلا ليقرضه .كيف وهو الكريم يسألنا أن نقرضه ونحن الفقراء وهو الغني الحميد
2.(إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم )يقول معاذ بن يحي .عجبت ممن يبقي معه المال وهو يسمع هاته الآية
3.(وسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين والغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)
4.(مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لايتبعون ما أنفقوا منا ولا أذي لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)
5.( وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقو من خير يوف إليكم وأنتم لاتظلمون)
6.(ألم ذالك الكتاب لاريب فيه هدي للمتقين الذين يومنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يومنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون أولئك علي هدي من ربهم وأولئك هم المفلحون )
وقص المولي الكريم لنا قصتين بخلا فيها أهل المال بأموالهم فعاقبهم الله تعالي .
(واضرب لهم مثل الرجلين جعلنا لأحدهما جنتين من اعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلي ربي لأجدن خيرا منهما منقلبا قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لاقوة إلا بالله إن ترني أنا أقل منك مالا وولدا فعسي ربي أن يوتني خيرا من جنتك ويرسل حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا أويصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه علي ما أنفق فيها وهي خاوية علي عروشها ويقول يا ليتني لم اشرك بربي أحدا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا )
والقصة الثانية في سورة القلم (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذا اقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم فتنادوا مصبحين أن اغدوا علي حرثكم إن كنتم صارمين فانطلقوا وهم يتخافتون ألا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا علي حرد قادرين فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين فأقبل بعضهم علي بعض يتلاومون قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين عسي ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلي ربنا راغبون كذالك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لوكانوا يعلمون)
مظاهر الكرم في حياة رسول الله صلي الله عليه وسلم
لقد مدح الله جل وعلا أصحابه فقال (ويؤثرون علي أنفسهم ولوكان بهم خصاصة )والإيثار من أعلي درجات الكرم ذالك أنك رغم احتياجك لهذا شيء لكن تؤثر به الآخرين عن نفسك
ووصف الله نبيه بأنه كريم (فلا أقسم بما تبصرون وما لاتبصرون إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تومنون)
ومن مظاهر الكرم عند رسول الله صلي الله عليه وسلم
1.يروي لنا سهل بن سعد رضي الله عنه أنه :جاءت امرأة إلي النبي صلي الله عليه وسلم ببردة فقالت :يارسول الله أكسوك هذه .فأخذها النبي صلي الله عليه وسلم محتاجا إليها فلبسها فرآها رجل من أصحابه عليه فقال :يارسول الله ما أحسن هذه فاكسنيها .فقال النبي صلي الله عليه وسلم :نعم فلما قام رسول الله لامه أصحابه قائلين ما أحسنت حين رأيت النبي صلي الله عليه وسلم محتاجا إليها ثم سألته إياها فقال لهم : رجوت بركتها حين لبسه النبي صلي اله عليه وسلم لعلي أكفن فيها .وفي رواية فكانت كفنه .
2.ويروي لنا جابر بن عبد الله أن صبيا أتي النبي صلي الله عليه وسلم يقول له :إن أمي تستكسيك درعا فقال له رسول الله :من ساعة إلي ساعة يظهر فعد إلينا . فذهب الصبي ثم عاد فما كان من النبي صلي الله عليه وسلم سوي أن دخل بيته ونزع القميص وقعد في يته عريانا وأذن بلال للصلاة ولم يخرج

3. وفي رواية لجابر بن عبد الله يقول في ه\ا الحديث الطويل :(كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة غزاها مرتحلا على ناضح لنا سوء فلما قفلنا جعلت الرفاق تمضي وجعلت أتخلف فكنت في آخر القوم فأبطأ بي جملي حتى ذهب الناس فجعلت أرقبه ويهمني شأنه فقلت : لا يزال لنا ناضح سوء يا لهفاه. فمرّ بي النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال : من هذا ؟ قلت : جابر بن عبد الله . فقال لي : يا جابر مالي أراك منكسراً ؟ قلت : يا رسول الله : أبطأ بي جملي هذا . قال : فأنخه وأناخ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم قال : أعطني هذه العصا من يدك أو قال : اقطع لي عصا من شجرة قال : ففعلت .فنفث فيها – أي العصا - فضربه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – برجله ودعا له فمشى مشية ما مشى قبل ذلك مثلها فكان من ذلك المكان من أول القوم – وفي رواية – حتى كان أول الجيش – وفي رواية مسلم – فكنت بعد ذلك أحبس خطامه لأسمع حديثه . فقال : كيف ترى بعيرك ؟ قلت : بخير قد أصابته بركتك .فقال : أتبيعني جملك هذا يا جابر ؟ قال : قلت : بل أهبه لك يا رسول الله قال : لا ولكن بعنيه قال قلت : فسمني به قال : قد قلت أخذته بدرهم قلت : لا إذاً أغبن يا رسول الله .قال : فبدرهمين قال : قلت : لا قال : فلم يزل يرفع لي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حتى بلغ الأوقية وقال : لك ظهره حتى تصل المدينة . قال : قلت : فقد رضيت .

فلما دنونا من المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والتحية والإكرام . قال : ما يعجلك ؟ قال : كنت حديث عهد بعرس .قال : أبكراً أم ثيباً ؟ قال : ثيباً . قال : فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك قلت : يا رسول الله استشهد أبي وقتل يوم أحد وترك لي عيالاً وديناً . وكان قد استدعاني ليلة قتل فقال : ما أراني إلا مقتولاً في أول من يقتل من أصحاب – النبي صلى الله عليه وسلم – وإني لا أترك بعدي أعز عليّ منك غير نفس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإن عليّ دينا فاقض واستوص بأخواتك خيراً .فكرهت أن أجمع إليهن جارية خرقاء مثلهن ولكن امرأة تقوم عليهن وتمشطهن – وفي رواية أحمد - : فتزوجت ثيباً تقصع قملة إحداهن وتخيط درع إحداهن إذا تخرق .فقال : بارك الله لك – وفي رواية – أصبت ونعم ما رأيت . قال : إن المرأة تنكح على دينها ومالها وجمالها فعليك بذات الدين تربت يداك .فلما ذهبنا لندخل قال : أمهلوا حتى تدخلوا ليلاً أي عشاء لكي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة .

فلما أمسى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – دخل ودخلنا معه وأخبرت خالي ببيع الجمل فلامني . فأخبرت المرأة بالحديث وما قال لي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قالت : فدونك سمعاً وطاعة . قال فلما أصبحت أخذت برأس الجمل حتى أنخته على باب المسجد . ثم جلست في المسجد قريباً منه.وخرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال : ما هذا . قالوا : يا رسول الله هذا جمل جابر . قال : فأين جابر ؟ فدعيت له قال : تعال يا ابن أخي خذ برأس جملك فهو لك – وفي رواية – أتراني ماكستك ؟ ما كنت لآخذ جملك .ودعا بلالا فقال : اذهب بجابر فأعطه أوقية فذهبت معه فأعطاني أوقية وزادني . قال : فوالله ما زال ينمي عندنا ونرى مكانه من بيتنا . وفي رواية – قال جابر : لا تفارقني زيادة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلم يكن القيراط يفارق جراب جابر بن عبد الله .
4.ويخبرنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلي الله عليه وسلم غنما له فأعطاه غنما بين جبلين فأتي قومه فقال :يا قوم أسلموا فوالله إن محمد ليعطي عطاء من لا يخاف الفاقة وإن الرجل ليجيء إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم ما يريد إلا الدنيا فما يمسي حتي يكون دينه أحب إليه أو أعز عليه من الدنيا وما فيها
5.وقصة سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه لما أصابه جوع شديد واستقرأ عمر بن الخطاب آية مايريد سوي أن يعرف حاله من الجوع فأقرأه عمر بن الخطاب الآية ولم يكتشف أنه جائع حتي رآه رسول الله فعلم مابه ف\هب به إلي بيته وأتاه بإناء فيه لبن وبقي يؤكد عليه أن يشرب حتي شبع
عن أبي هريرة أصابني جهد شديد فلقيت عمر بن الخطاب فاستقرأته آية من كتاب الله فدخل داره وفتحها علي فمشيت غير بعيد فخررت لوجهي من الجهد والجوع فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على رأسي فقال يا أبا هريرة فقلت لبيك رسول الله وسعديك فأخذ بيدي فأقامني وعرف الذي بي فانطلق بي إلى رحله فأمر لي بعس من لبن فشربت منه ثم قال عد يا أبا هر فعدت فشربت ثم قال عد فعدت فشربت حتى استوى بطني فصار كالقدح قال فلقيت عمر وذكرت له الذي كان من أمري وقلت له فولى الله ذلك من كان أحق به منك يا عمر والله لقد استقرأتك الآية ولأنا أقرأ لها منك قال عمر والله لأن أكون أدخلتك أحب إلي من أن يكون لي مثل حمر النعم
6.ويروي لنا عمر بن الخطاب رضي الل عنه قائلا :قسم رسول الله صلي الله عليه وسلم قسما فقلت :والله يارسول الله لغير هؤلاء كان أحق به منهم
قال lنهم خيروني أن يسألوني بالفحش أو يبخلوني فلست بباخل )
7.
يقول المقداد رضي الله عنه وأرضاه: (أقبلت أنا وصاحبان لي.. وفي رواية: قدمت أنا وصاحبان لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصابنا جوعٌ شديدٌ، فتعرضنا للناس، فلم يضفنا أحد.. وفي رواية لـمسلم : أقبلت أنا وصاحبان لي، وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد، ومن الجوع والمشقة -ولا شك أن الجوع يؤثر على سمع الإنسان وبصره- فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليس أحدٌ منهم يقبلنا..) كل الذين عرضوا أنفسهم عليهم كانوا من الفقراء، وهذا يبين الشدة التي كان عليها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، والفقر الذي عاينوه ولاقوه، ومع ذلك صبروا على الدعوة، وعلى العلم مع النبي صلى الله عليه وسلم، ما وُجِدَ أحد يستطيع أن يطعمهم؛ لأن كل الذين عرضوا عليهم كانوا مقلين ليس عندهم شيءٌ يواسون به، ما هناك أحد عنده طعام زائد يعطي هؤلاء، جاء هؤلاء الثلاثة: المقداد وصاحباه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولما لم يجدوا أحداً يقبلهم، قال: (فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلق بنا إلى أهله..) وهكذا كان عليه الصلاة والسلام يفعل، يأتيه الرجل الجائع ولا يوجد من يطعمه، فيذهب به إلى أهله، قال: (فإذا ثلاثة أعنز -والعنز هي: الشاة أنثى الماعز التي بلغت سنة يطلق عليها عنزٌ- وفي رواية: أربعة أعنز- فلعل واحدةً أضيفت بعد ذلك- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: احتلبوا هذا اللبن بيننا، قال: فكنا نحتلب، فيشرب كل إنسان منا نصيبه.. وفي رواية: فقال لي: يا مقداد ! جزأ ألبانها بيننا أرباعاً، فكنت أجزؤه بيننا أرباعاً) ثلاثة أعنز تحلب والحليب الذي ينتج منها يقسم إلى أربعة أقسام: للنبي صلى الله عليه وسلم قسم، وللمقداد قسم، ولصاحبيه قسمان.. يقول المقداد رضي الله عنه وأرضاه: (فاحتبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة -أي: تأخر عن موعد عودته المعتاد- فحدثت نفسي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أتى بعض الأنصار، فأكل حتى شبع، وشرب حتى روي، فلو شربت نصيبه..). شرب المقداد شرب نصيبه الخاص به، وأبقى نصيب النبي عليه الصلاة والسلام، ولما تأخر النبي عليه الصلاة والسلام ذات ليلة، قال: جاءني وارد في نفسي أنه عليه الصلاة والسلام قد دعي إلى عشاء هذه الليلة، وأنه قد أكل حتى شبع، وشرب حتى روي، فلو أنني شربت نصيبه، وفي رواية مسلم : (فكنا نحتلب، فيشرب كل إنسان منا نصيبه، ونرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه، فيجيء من الليل -هذه العادة النبوية- فيسلم تسليماً لا يوقظ نائماً ويسمع اليقظان -لا يكون بصوت مرتفع، ولا بهمس، وإنما يسلم تسليماً لا يوقظ نائماً ويسمع اليقظان- ثم يأتي المسجد فيصلي، ثم يأتي شرابه فيشرب، فأتاني الشيطان ذات ليلة، وقد شربت نصيبي، فقال: محمدٌ يأتي الأنصار فيتحفونه -والشيطان لا يقول: صلى الله عليه وسلم، أي: محمد صلى الله عليه وسلم ليس عليه خوف، الناس كلهم يضيفونه- ويصيب عندهم -أي: يطعم عندهم- ما به حاجة إلى هذه الجُرعة..) أو الجَرعة، والفعل منه: جرعت، وهي: الحثوة من المشروب. وسوس الشيطان للمقداد وقال: ما بمحمد حاجة إلى هذه الجرعة، أكيد أنه الآن قد شبع، قال: (فأتيتها فشربتها.. وفي رواية: فلم أزل كذلك حتى قمت إلى نصيبه فشربته، ثم غطيت القدح...) يقول: في النهاية استسلمت لهذا الرأي، ولهذا الوارد، وأتيت إلى نصيب النبي صلى الله عليه وسلم فشربته وغطيت القدح، قال: (فلما أن وغلت في بطني -أي: دخلت بطني وتمكنت من بطني- وعلمت أنه ليس إليها سبيل، ندمني الشيطان.. وفي رواية: فلم أزل كذلك حتى قمت إلى نصيبه فشربته ثم غطيت القدح، فلما فرغت، أخذني ما حدث، فقلت: يجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم جائعاً ولا يجد شيئاً! وفي رواية أخرى لـأحمد يقول: فلما وغلت في بطني -أي: الشربة- وعرف -أي: الشيطان- أنه ليس إليها سبيلٌ، ندمني، فقال: ويحك! ما صنعت؟ شربت شراب محمد، فيجيء ولا يراه، فيدعو عليك فتهلك، فتذهب دنياك وآخرتك.. وفي رواية مسلم قال: ندمني الشيطان، فقال: ويحك! ما صنعت؟ أشربت شراب محمد فيجيء، فلا يجده، فيدعو عليك فتهلك، فتذهب دنياك وآخرتك، قال: وعليَّ شملة -أي: كساء يتغطى ويلتف به- إذا وضعتها على قدمي خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرجت قدماي -أي: أن الذي عنده كساءٌ قصيرٌ لا يكفي، وهذا من فقره رضي الله عنه- وفي رواية أحمد: وعليَّ شملةٌ من صوف، كلما رفعتها على رأسي خرجت قدماي، وإذا أرسلتها على قدميَّ خرج رأسي، وجعل لا يجيء لي نومٌ.. وفي رواية مسلم: وجعل لا يجيء لي النوم، وأما صاحباي فناما ولم يصنعا ما صنعت -أنا الذي أجرمت وأذنبت، وأخذت شربة النبي صلى الله عليه وسلم- فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فسلَّم كما كان يسلِّم، ثم أتى المسجد فصلى، ثم أتى شرابه، فكشف عنه فلم يجد فيه شيئاً، فرفع رأسه إلى السماء، فقلت: الآن يدعو عليَّ فأهلك، حضرت ساعة الموت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أطعم من أطعمني، واسق من سقاني، فلما سمع هذه الدعوة، قال: اغتنمت الدعوة -وذلك لأن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم مستجابة- فعمدت إلى الشملة، فشددتها عليَّ -تأهب- وأخذت الشفرة -أي: السكين- فانطلقت إلى الأعنز أيها أسمن فأذبحها للرسول صلى الله عليه وسلم -مع أنها ليست ملكه- فجعلت أجتسها أيها أسمن..) وهو يجتسها فوجئ بمفاجئة غريبة جداً، كان قد حلب الأعنز قبل قليل، وقسم اللبن وشرب نصيبه ونصيب الرسول صلى الله عليه وسلم، والعنز إذا حلبت تحتاج حتى يمتلئ ضرعها مرة أخرى إلى يوم، أو بعض يوم، فيقول: (فلا تمر يدي على ضرع واحدةٍ إلا وجدتها حافلاً -أي: ممتلئة باللبن، والحيوان كثير اللبن يقال له: حافل، والجمع: حفل- وإذا هنُّ حفلٌ كلهن -أي: كل الأعنز ممتلئة الضرع باللبن- فعمدت إلى إناء لآل محمد صلى الله عليه وسلم، ما كانوا يطمعون أن يحتلبوا فيه -إناء كبير- فحلبت فيه حتى علته رغوة -وهو زبد اللبن الذي يعلو اللبن بعد حلبه، يقال: رغوة، أو رِغوة، أو رُغوة، أو رُغاية، أو رِغاوة، كلها صحيحة- فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناء اللبن، فقال: أشربتم شرابكم الليلة؟ قال: قلت: يا رسول الله! اشرب -ما أجاب، هرب من الجواب- فشرب ثم ناولني، فقلت: يا رسول الله! اشرب، فشرب ثم ناولني، فلما عرفت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد روي.. وفي رواية: فقلت: اشرب يا رسول الله! فشرب عليه الصلاة والسلام حتى تضلع صلى الله عليه وسلم، فلما عرفت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد روي وأصبت دعوته: اللهم أطعم من أطعمني، واسق من سقاني، ضحكت حتى استلقيت على الأرض من الضحك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إحدى سوءاتك يا مقداد ! -أكيد أنك فعلت سوءةً من الفعلات، هذه الضحكة ما وراءها إلا فعلة فعلتها وسوءة أقدمت عليها، فما هي؟- قال: فقلت: يا رسول الله! كان من أمري كذا وكذا وفي رواية: فقال: ما الخبر؟ فأخبرته، فقال صلى الله عليه وسلم: هذه بركة وفي رواية: ما هذه إلا رحمةٌ من الله، أفلا كنت آذنتني فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها؟ فقلت: والذي بعثك بالحق ما أبالي إذا أصبتَها وأصبتُها معك من أصابها من الناس) بعدما أصابتني البركة الآن وأصابتني دعوتك لا أبالي بعد ذلك شرب من شرب.
يقول الشاعر :
تعود بسط الكف حتي ولو أنه ثناها لقبض لم تجبه أنامله
تراه إذا ماجئته متهللا كأنك تعطيه الذي أنت سائله
هو البحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف والجود ساحله
ولم لم يكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتق الله سائله
8.وفي مغازي الواقدي أن صفوان طاف مع النبي صلي الله عليه وسلم يتصفح الغنائم يوم حنين إذ مر بشعب مملوء إبلا وغنما فأعجبه فجعل ينظر إليه فقال صلي الله عليه وسلم : (أعجبك هذا الشعب يا أبا وهب ؟قال :نعم قال :هو لك بما فيه
فقال صفوان :أشهد أنك رسول الله ما طابت بهذا نفس أحد قط إلا نفس نبي

9.ويروي لنا أبو سعيد الخدري رضي الله عنه فيقول : سأل ناس من الأنصار رسول الله صلي الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتي نفد ما عنده فقال (ما يكون عندي من خير فلن أدخره عليكم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يصبر يصبره الله )
10.وجاء رسول الله صلي الله عليه وسلم مال من البحرين فقال : (انثروه في المسجد ) فجاء العباس رضي اللهعنه فقال :يارسول الله أعطني إني فاديت نفسي وفاديت عقيلا في غزوة بدر فقال له النبي صلي الله عليه وسلم (خذ ) فحثا ثوبه ثم ذهب يقوم فلم يستطع فقال : يارسول الله أأمر بعضهم يرفعه إلي فقال رسول الله : لا قال :فارفعه أنت إلي قال : (لا) فنثر منه ثم احتمله علي كاهله ورسول الله ينظر إليه عجبا من شدة حرصه فما قام رسول الله من المسجد حتي لم يبق درهم
11. وتروي لنا السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله أمرها أن تتصدق بذهب عندها قالت : فأفاق فقال : ما فعلت ؟.قالت :شغلني ما رأيت منك أي من مرضك قال :فهلم بها قالت :فجئت بها إليه سبعة أوتسعة دنانير فقال حين جئت بها (ما ظن محمد لو لقي الله وهذه الدنانير عنده).
12.وعن عائشة رضي الله عنها قالت :ذبحوا شاة فقلت :يارسول الله مابقي إلا كتفها قال :كلها قد بقي إلا كتفها
13.وعن الزهري قال : إن جبريل عليه السلام قال :ما في الأرض أهل عشرة أبيات إلا قلبتهم فما وجدت أحد أشد إنفاقا لهذا المال من رسول الله صلي الله عليه وسلم
14.وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله استضاف ضيفا كافرا فأمر له رسول الله صلي الله عليه وسلم بشاة فحلبت فشرب حلابها ثم أخري فشرب حلابها حتي شرب حلاب سبع شياه ثم إنه أضبح فأسلم فأمر له رسول الله صلي الله عليه وسلم بشاة فحلبت فشرب حلابها ثم أمر له بأخري فلم يستتمها فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (المؤمن يشرب في معي واحد والكافر يشرب في سبعة أمعاء )
جود الصحابة الكرام
1.أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أن نتصدق ، فوافق ذلك مالا عندي فقلت : اليوم اسبق أبا بكر إن سبقته يوما فجئت بنصف مالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما ابقيت لأهلك؟"
فقلت مثله يا رسول الله قال عمر و اتى ابو بكر بكل ما عنده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما ابقيت لأهلك؟" قال : ابقيت لهم الله و رسوله... قلت : لا اسابقك الى شيئ ابدا.
2- عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
عن ميمون بن مهران قال دخلت بيت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فما كان فيه ما يسوي ساجي هذا و لقد جاءته عشرون الفا من بعض الامراء فامر بها فقسمت و نسي اهل بيت كان يعطي مستقرض الف فاعطاهم
و لعبد الله بن عمر قصص كثيرة في الكرم عن سعيد بن هلال أن عبد الله بن عمر نزل الجحفة وهو شاك فقال :إني لأشتهي الحيتان فإلتمسوا له فلم يجدوا له الا حوتا واحدا فأخذته امرأة فصنعته ثم قربته اليه فأتاه مسكين حتى وقف عليه فقال له ابن عمر خذه فقال اهله سبحان الله قد عنيتنا و معنا زاد نعطيه فقال ان عبد الله يحبه
3- جعفر بن ابي طالب :
قال ابو هريرة رضي الله عنه كنا نسمي جعفر أبا المساكين و كان يذهب بنا الى بيته فإذا لم يجد لنا شيئا أخرج الينا عكة اثرها عسل قال فشققناها و جعلنا نلعقها .
حتى أن أبا هريرة يقول في معنى كلامه ليس بغد رسول الله افضل جودا وكرما من جعفر بن ابي طالب .
فلما عوتب في ذلك قال يا هؤلاء اني عودت الله عادة وعودني عادة و اني اخاف اتن قطعتها قطعني
4- زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهما "
كان علي بن الحسين يحمل جراب خبز على ظهره بالليل فيتصدق بها ويقول ان صدقت السر تطفئ غضب الرب عز وجل
و لما مات علي بن الحسين فغسلوه جعلوا ينظرون الى اثر سواد بظهره فقالوا ما هذا قال احدهم : كان يحمل جرب الدقيق ليلا على ظهره يعطيه فقراء المدينة
5- عبد الله بن المبارك :
قال محمد بن عيسى: كان ابن المبارك كثير الاختلاف إلى طرسوس، وكان ينزل الرقة في خان، فكان شاب يختلف إليه، ويقول بحوائجه، ويسمع منه الحديث فقدم عبد الله مرة فلم يره، فخرج في النفير مستعجلا، فلما رجع سأل عن الشاب، فقيل: محبوس على عشرة آلاف درهم، فاستدل على الغريم، ووزن له عشرة آلاف، وحلّفه ألا يخبر أحدا ما عاش، فأخرج الرجل.
وسار ابن المبارك، فلحقه الفتى على مرحلتين من الرقة، فقال له: يا فتى أين كنت، لم أرك؟ قال: يا كنت محبوسا بدين، قال: وكيف خلصت قال: جاء رجل فقضى ديني ولم أدر، قال: فاحمد الله، ولم يعلم الرجل إلا بعد موت جاءه رجل فسأله أن يقضي دينا عليه، فكتب إلى وكيل له، فلما رد على الكتاب، قال له الوكيل: كم الدين الذي سألته قضاءه، قال: سبع مائة درهم، وإذا عبد الله قد كتب له أن يعطيه سبعة آلاف درهم فراجعه الوكيل وقال: إن الغلات قد فنيت، فكتب إليه عبد الله: إن كان الغلات قد فنيت فإن العمر أيضا قد فني، فأجز له ما سبق به قلمي.عبد الله.
6.كرم الإمام الشافعي
قال الحميدي : قدم الشافعي من صنعاء إلى مكة بعشرة آلاف في منديل فضرب خباءه خارجا من مكة , فكان الناس يأتونه فما برح حتى ذهبت كلها , ثم دخل مكة .
قال المزني : مارأيت أكرم من الشافعي خرجت معه ليلة عيد من المسجد وأنا أذاكره في مسألة حتى أتيت باب داره فاتاه غلام بكيس , فقال له : سيدي يقرئك السلام ويقول لك :
خذ هذا الكيس , فأخذه منه فأتاه رجل فقال : يا أبا عبد الله ولدت امرأتي الساعة , وليس عندي شئ فدفع إليه الكيس , وصعد وليس معه شئ .
7.كرم الليث بن سعد
حكى أن امرأة سألت الليث بن سعد (رحمه الله) شيئًا من عسل، فأمر لها بزق من عسل.

فقيل له: إنها كانت تقنع بدون هذا

فقال: إنها سألت على قدر حاجتها، ونحن نعطيها على قدر النعمة علينا.

وكان الليث بن سعد لايتكلم كل يوم حتى يتصدق على ثلاثمائة وستين مسكينًا.
8.كرم الإمام جعفر الصادق
كان رحمه الله من أسخي الناس يتصدق بكل ما يجد حتي لا يبقي لعياله شيئا
وكان يقول :5استنزلوا الرزق بالصدقة وحصنوا أموالكم بالزكاة وما عال من اقتصد والتقدير نصف المعيشة –
من أقوال النبي صلي الله عليه وسلم في الكرم
1.لما سأله رجل أي الإسلام خير فقال : 5تطعم الطعام وتقرأ السلام علي من عرفت ومن لم تعرف
2.ويقول لأصحابه عليه الصلاة والسلام 5إن في الجنة غرفا يري ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها .فقيل :لمن هي يارسول الله ؟قال lلمن أطعم الطعام وأفشي السلام ووصل الأرحام وصلي ركعات بالليل والناس نيام).
3.ويوصي أباذر الغفاري رضي الله عنه بأن يكون كريما مع جيرانه فيقول له : (يا أباذر إذا عملت مرقة فأكثر ماءها واغترف لجيرانك منها )
4.(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه
5.وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال (من كان عنده فضل ظهر فليعد به علي من لاظهر له ومن كان عنده فضل زاد فليعد به علي من لازاد له )حتي ظن الصحابة الكرام أنه لافضل لأحد علي أحد
6.ويقول لأسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما (انفقي ولا تحصي فيحصي الله عليك ولا توعي فيوعي الله عليك )
7.وفي رواية للبيهقي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لبلال (أطعمنا يا بلال ) فقال بلال :ما عندنا إلا صبر من تمر خبأته لك
فقال له النبي صلي الله عليه وسلم (أعد ذالك لأضيافك .أنفق بلالا ولا تخش من ذي العرش إقلالا)
8.(المؤمن غر كريم والفاجر خب لئيم )
9.وجيء بالسائب بن عبد الله إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فجعل عثمان بن عفان وزهير رضي الله عنهما يثنون عليه فقال لهم رسول الله : (لاتعلموني به .قد كان صاحبي في الجاهلية ) فقال السائب بن عبد الله : نعم يارسول الله فنعم الصاحب كنت
ثم قال له رسول الله صلي الله عليه وسلم : (ياسائب أنظر أخلاقك التي كنت تصنعها في الجاهلية فاجعلها في الإسلام .أقر الضيف وأكرم اليتيم وأحسن إلي جارك
10.وقال رسول الله : (إياكم والشح فإنما أهلك الذين من كان قبلكم حملهم علي أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم
11.وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : (لا يدخل الجنة بخيل ولا خب ولا خائن ).

أبوصلاح الدين 13-03-2010 06:19 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق السادس عشر
قال الراغب :العفو هو ترك المؤاخذة بالذنب
وقال المناوي : العفو هو القصد لتناول الشيء والتجاوز عن الذنب
وقال القرطبي :هو إزالة أثر الذنب من النفس
وقال الراغب :الصفح ترك الذنب
وقيل هو كف الضرر مع القدرة عليه وكل من استحق عقوبة فتركها فهذا الترك يسمي عفوا
قال الفيرزآبادي :والصفح أبلغ من العفو وقد يعفوا الإنسان ولا يصفح لأن الصفح تجاوز عن الذنب بالكلية واعتباره كأن لم يكن لكن العفو يقتضي إسقاط اللوم والذم فقط ولا يقتضي حصول الثواب
والحق أن هذا التعريف فيه نظر لأن العلماء حين يأتون إلي قول النبي صلي الله عليه وسلم (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا )قالوا : أن العفو هو أعلي درجات الصفح والتجاوز والمغفرة
منزلة العفو بين الأخلاق الإسلامية
بالعفو تسود المحبة وتنتشر الرحمة ويسود الأمن والاستقرار ويعيش المجتمع في جو من الأمن والأمان ومتي كان الأمن كان التطور والابتكار والسعادة .ومتي كان الخوف كثرت الجرائم والشكوك وعم الفقر والفاقة والعياذ بالله .وقد جربت الأمم نعمة الأمن ونقمة الخوف والرعب
وفي الحديث الشريف المشهور (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي
ولقد اتصف الله جل جلاله بالعفو .قال تعالي (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم ) وقال : (إن الله كان عفوا غفورا )
وقال عز من قائل lوكان الله عفوا غفورا )
لو تأملنا صيغة (العفو ) فهي من فعول وهي صيغة مبالغة وتعني أن الله كثير العفو .كيف لا وهو العفو عن عباده يذنبون ويرزقهم .ويرتكبون المعاصي وإن استغفروه غفر لهم .ويجحدونه ويمهلهم ويسبونه ويغدق عليهم النعم وإن عادوا وتابوا عفا عنهم .
قال تعالي : (ولويؤاخذ الله الناس بظلمهم ماترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلي أجل مسمي )
وقال تعالي : (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك علي ظهرها من دابة )
وقد عفا الله جل جلاله عن الذين تولوا يوم أحد
قال الله : (إن الذين تولوا منكم يوم التقي الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم )عفا الله عنهم ولم يعفوا عن رؤوسهم كأبي بن سلول لأن البعض تولي معه يوم أحد لظروف متعددة ثم ندموا علي ذالك فعفا الله عنهم
وعفا عمن خالف أمر رسول الله يوم أحد ولم يلزم الجبل (ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتي إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أريكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذوفضل علي المؤمنين)
ومن روعة عفوه سبحانه وتعالي يقول لعبده المؤمن يوم القيامة (سترتها عليك في الدنيا وأنا اليوم أغفرها لك )
قال الغزالي رحمه الله في كتابه (المقصد الأسني في أسماء الله الحسني ):العفو صفة من صفات الله عز وجل وهو الذي يمحوا السيئات ويتجاوز عن المعاصي وهو قريب من الغفور .ولكنه أبلغ منه فإن الغفران ينبيء عن الستر والعفو ينبيء عن المحو والمحو أبلغ من الستر وحظ العبد من ذالك لايخفي وهو أن يعفوا عن كل من ظلمه بل يحسن إليه كما يري الله تعالي محسنا في الدنيا إلي العصاة والكفرة غير معاجل لهم بالعقوبة بل ربما يعفوا عنهم بأن يتوب عليهم وإذا تاب عليهم محا سيئاتهم إذ التائب من الذنب كمن لاذنب له وهذا غاية المحو للجناية.
الآيات الواردة في «العفو»
العفوّ من أسماء اللّه تعالى:
1- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً (43) «1»
2- إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً (99) «2»
3- إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً (149) «3»
4- الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) «4»
العفو بمعنى الصفح:
5- وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) «5»
6- وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109) «6»
7- أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ
__________
(1) النساء: 43 مدنية
(2) النساء: 97- 99 مدنية
(3) النساء: 149 مدنية
(4) المجادلة: 2 مدنية
(5) البقرة: 51- 52 مدنية
(6) البقرة: 109 مدنية

ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187) «1»
8- آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (286) «2»
9- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)
* وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (136) «3»
10- وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)* إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (153)
__________
(1) البقرة: 187 مدنية
(2) البقرة: 285- 286 مدنية
(3) آل عمران: 130- 136 مدنية

* إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (153) ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (154) إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155) «1»
11- فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) «2»
12- يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً (153) «3»
13-* وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (12) فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (14)
__________
(1) آل عمران: 152- 155 مدنية
(2) آل عمران: 159 مدنية
(3) النساء: 153 مدنية

يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ
السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ
(16) «1»
14- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (94) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) «2» 15- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْها وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101) قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ (102) «3»
16- انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (42) عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ (43) «4»
17-* ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60) «5»
18- وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) «6»
__________
(1) المائدة: 12- 16 مدنية
(2) المائدة: 94- 96 مدنية
(3) المائدة: 101- 102 مدنية
(4) التوبة: 41- 43 مدنية
(5) الحج: 60 مدنية
(6) النور: 22 مدنية

19- وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (25) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (26)* وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ (29) وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (30) وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (31) وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (32) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (35) «1»
20- وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40)
وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) «2»
21- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) «3»
العفو بمعنى الترك:
22- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) «4»
__________
(1) الشورى: 25- 35 مكية
(2) الشورى: 40- 43 مكية
(3) التغابن: 14- 15 مدنية
(4) البقرة: 178- 179 مدنية

23- لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236) وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237) «1»
العفو بمعنى الفاضل من المال
24-* يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ
(219) «2»
25- إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (197) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (198) خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (199) «3»
__________
(1) البقرة: 236- 237 مدنية
(2) البقرة: 219 مدنية
(3) الأعراف: 196- 199 مكية

الآيات الواردة في «الغفران»
26- وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221) «1»
27-* قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) «2»
28- فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)
وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (38) وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) «3»
29- قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (14) مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15)
مظاهر العفو الصفح في حياة الرسول صلي الله عليه وسلم
لما نزل قول الله تعالي (خذ العفو امر بالعرف واعرض عن الجاهلين)سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم سيدنا جبريل عليه السلام عن معني الآية فأخبره (أن تعفوا عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك)
وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها (ما رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم منتصرا لمظلمة ظلمها قط.مالم تنتهك محارم الله فإذا انتهك شيء من محارم الله كان أشدهم في ذالك غضبا).
وقد أمره الله بالعفو والصفح ووصفه بذالك فقال lولوكنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم )
وقال جل من قائل (فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين)
وقال سبحانه وتعالي : (يا ؟أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير )
وجاء وصفه في التوراة(إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين أنت عبدي ورسولى سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه الله تعالى حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله ويفتحوا بها أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا)
ومن مظاهر هذا العفو والصفح ما يلي :
  • ن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- قال: كنت أمشي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم ضحك، ثم أمر له بعطاء
وفي رواية أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال له: ويقاد منك يا أعرابي . قال الأعرابي :لا قال :ولم ؟ لأنك لاتكافيء السيئة بالسيئة ولكنك تعفوا وتصفح
2.
في يوم ... خرج النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في غزوه...
فلما كانو في طريق دعوتهم... نزلو في وادي كثير الشجر...
فتفرق الصحابه تحت الشجر وناموا... وأقبل صلى الله عليه وسلم إلى شجره فعلق
سيفه بغصن من أغصانها... وفرش رداءه ونام...
في هذه الأثناء... كان رجل من المشركين يتبعهم ... فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم
خالياً أقبل يمشي بهدوء... حتى التقط السيف من على الغصن...
وصاح بأعلى صوته : يامحمد... من يمنعك مني؟
فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم... والرجل قائم على رأسه...
والسيف في يده... يلتمع منه الموت... وكان الرسول صلى الله عليه وسلم وحيداً..
ليس عليه إلا إزرار... فأصحابه متفرقون عنه نائمون... والرجل يعيش نشوة القوة و
الأنتصار..
ويردد: من يمنعك مني؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل ثقه: الله...
فانتفض الرجل وسقط السيف...
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم والتقط السيف وقال: من يمنعك مني
فتغير الرجل واضطرب وأخذ يسترحم النبي صلى الله عليه وسلم... ويقول: لاأحد..
كن خير آخذ..
فقال له صلى الله عليه وسلم: تسلم؟
قال: لا... ولكن لا أكون في قوم هم حرب لك.. فعفا عنه صلى الله عليه وسلم...
وأحسن إليه...
وكان الرجل ملكا في قومه...
فانصرف إليهم فدعا إليهم الإسلام ... فأسلمو.....
3.ولما فتح رسول الله صلي الله عليه وسلم مكة قال :يا أهل مكة ماتظنو أني فاعل بكم ؟قالوا :أخ كريم وابن أخ كريم حينئذ قال لهم قولته الخالدة (أقول لكم كما قال يوسف من ذي قبل (قال لاتثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين )اذهبوا فأنتم الطلقاء )
4. وعن وحشي قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي : وحشي ، قلت نعم ، قال : قتلت حمزة ، قلت نعم . والحمد لله الذي أكرمه بيدي ولم يهني بيده . قالت له قريش : أتحبه وهو قاتل حمزة ؟! فقلت : يا رسول الله فاستغفر لي فتفل في الأرض ثلاثة ودفع في صدري ثلاثة وقال : وحشي أخرج فقاتل في سبيل الله كما قاتلت لتصد عن سبيل الله .
وقد عوض الله وحشي خيرا بأن قتل أخبث من في الأرض بعد أن قتل أطهر من في الأرض.فقد قتل بعد إسلامه مسيلمة الكذاب
5. أن امرأة يهودية أهدت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة مصلية بخيبر ، فقال لها : " ما هذه ؟ " ، قالت : هدية ، وحذرت أن تقول من الصدقة ، فأكل وأكل أصحابه ، ثم قال لهم : " أمسكوا " ، ثم قال للمرأة : " هل سممت هذه الشاة ؟ " ، قالت : من أخبرك ؟ ، قال : " هذا العظم " لساقها أو هو في يده ، قالت : نعم ، قال : " لم ؟ " ، قالت : قلت : إن كنت كاذبا أن يستريح الناس منك ، وإن كنت نبيا لم يضرك ، فاحتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - على الكاهل ، وأمر أصحابه فاحتجموا ، فمات بعضهم . قال الزهري : " وأسلمت المرأة ، فذكروا أنه قتلها " .
وفي رواية أنه عفا عنها
6. عن عبد الله قال ثم لما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له فأعطاه قميصه وقال إذا فرغت منه فآذنا فلما فرغ آذنه به فجاء ليصلي عليه فجذبه عمر فقال أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين فقال استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فنزلت ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره فترك الصلاة عليهم )). وهو موجود كتاب الجنائز ج1 ص 427 باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف ومن كفن بغير قميص لحديث برقم 1210 (( حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال حدثني نافع عن بن عمر رضي الله عنهما ثم أن عبد الله بن أبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه فقال آذني أصلي عليه فآذنه فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر رضي الله عنه فقال أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين فقال أنا بين خيرتين قال استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فصلى عليه فنزلت ولا تصل على أحد منهم مات أبدا
ما روعها من أخلاق طيبة.سبحان الله رغم التاريخ الأسود لابن أبي بن سلول ومؤآمراته وتخطيطاته وتحالفاته مع اليهود وتثبيطه للمسلمين ومع ذالك بعد موته يتعامل معه رسول الله صلي الله عليه وسلم هكذا
حقا تلك التي بلغت به وهي التي لا يطيقها أغلب الناس .
7. عن أبي هريرة قال: كان إسلام ثمامة بن أثال الحنفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الله حين عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما عرض أن يمكنه منه وكان عرض لرسول الله وهو مشرك فأراد قتله فأقبل ثمامة معتمرا وهو على شركه حتى دخل المدينة فتحير فيها حتى أخذ فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر به فربط إلى عمود من عمد المسجد فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه فقال: " ما لك يا ثمام هل أمكن الله منك " فقال: قد كان ذلك يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم وإن تعف تعف عن شاكر وإن تسأل مالا تعطه فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركه حتى إذا كان من الغد مر به فقال: " ما لك يا ثمام " قال: خير يا محمد ؛ إن تقتل تقتل ذا دم وإن تعف تعف عن شاكر. وإن تسألا مالا تعطه ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو هريرة: فجعلنا المساكين. نقول بينن: ما نصنع بدم ثمامة والله لأكلة من جزور سمينة من فدائه أحب إلينا من دم ثمامة فلما كان من الغد مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ما لك يا ثمام " قال: خير يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم وإن تعف تعف عن شاكر وإن تسأل مالا تعطه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أطلقوه قد عفوت عنك يا ثمامة "

فخرج ثمامة حتى أتى حائطا من حيطان المدينة فاغتسل فهي وتطهر وطهر ثيابه ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد فقال: يا محمد لقد كنت وما وجه أبغض إلي من وجهك ولا دين أبغض إلي من دينك ولا بلد أبغض إلي من بلدك ثم لقد أصبحت وما وجه أحب إلي من وجهك ولا دين أحب إلي من دينك ولا بلد أحب إلي من بلدك ؛ وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله يا رسول الله إني كنت خرجت معتمرا وأنا على دين قومي فأسرني أصحابك في عمرتي ؛ فسيرني صلى الله عليك في عمرتي فسيره رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرته وعلمه فخرج معتمرا فلما قدم مكة وسمعته قريش يتكلم بأمر محمد قالو: صبأ ثمامة فقال: والله ما صبوت ولكنني أسلمت وصدقت محمدا وآمنت به والذي نفس ثمامة بيده لا تأتيكم حبة من اليمامة وكانت ريف أهل مكة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرف إلى بلده ومنع الحمل إلى مكة فجهدت قريش فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه بأرحامهم إلا كتب إلى ثمامة يخلي لهم حمل الطعام ؛ ففعل ذلك رسول الله...
8.ومن مظاهر عفوه أنه لما سحره أحد اليهود (والقصة فيها ختلاف كبير) حتي أنه كان يخيل له أنه يأتي النساء ولا يأتيهن. فنزلت المعوذتين وأبطل الله ذالك السحر فقيل له : أفلا تنشرت ؟ بمعني استخرجت دفين ذالك السحر ليراه الناس
فقال (أما الله فقد شفاني أكره أن أثر علي أحد من الناس
9.وفي صلح الحديبية هبط علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ثمانون رجلا من أهل مكة بالسلاح من قبل جبل التنعيم فدعا عليهم رسول الله فأخذهم الصحابة إلي رسول الله فعفا عنهم ونزل قول الله جل جلاله ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكجة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا )
10.وقصة سهيل بن عمرو كان رجلا فصيحا فاحشا لما وقع يوم بدر أسيرا قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه (دعني يارسول الله أنزع ثنتيه فلا يقوم عليك خطيبا بعد يوم .لكن رسول الله عفا عنه وقال : (دعه فلعله يسرك يوما )
وفي روايه (دعه ياعمر فعسي أن يقوم مقاما تحمده عليه )
وحقيقة لما توفي رسول الله صلي الله ارتجت مكة وحاول البعض أن يرتد والعياذ بالله فقام فيهم سهيل قائلآ (يامعشر قريش لاتكونو آخر من أسلم وأول من ارتد والله إن هذا الدين ليمتدن امتداد الشمس والقمر من طلوعهما إلي غروبهما ومن كان محمد إلاهه فإن محمدا قد مات والله حي لايموت)
11. عن أبي صرد زهير بن جرول - وكان رئيس قومه - قال: لما أسرنا رسول الله يوم حنين، فبينا هو يميز بين الرجال والنساء وثبت حتى قعدت بين يديه، وأسمعته شعرا أذكّره حين شب ونشأ في هوازن حيث أرضعوه:

امنن علينا رسول الله في دعة * فإنك المرء نرجوه وننتظر

امنن على بيضة قد عاقها قدر * ممزق شملها في دهرها غير

أبقت لنا الحرب هتافا على حزن * على قلوبهم الغماء والغمر

إن لم تداركها نعماء تنشرها * يا أرجح الناس حلما حين يختبر

امنن على نسوة قد كنت ترضعها * إذ فوك تملؤه من محضها الدرر

إذ أنت طفل صغير كنت ترضعها * وإذ يزينك ما تأتي وما تذر

لا تجعلنا كمن شالت نعامته * واستبق منا فإنا معشر زهر

إنا لنشكر للنعمى وإن كفرت * وعندنا بعد هذا اليوم مدخر

فألبس العفو من قد كنت ترضعه * من أمهاتك إن العفو مشتهر

إنا نؤمل عفوا منك تلبسه * هذي البرية إذ تعفو وتنتصر

فاغفر عفا الله عما أنت راهبه * يوم القيامة إذ يهدى لك الظفر

قال:

فقال رسول الله : « أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لله ولكم ».

فقالت الأنصار: وما كان لنا فهو لله ولرسوله . وسيأتي أنه عليه الصلاة والسلام أطلق لهم الذرية وكانت ستة آلاف ما بين صبي وامرأة، وأعطاهم أنعاما وأناسي كثيرا.

حتى قال أبو الحسين ابن فارس: فكان قيمة ما أطلق لهم يومئذ خمسمائة ألف ألف درهم، فهذا كله من بركته العاجلة في الدنيا، فكيف ببركته على من اتبعه في الدار الآخرة؟
حث النبي صلي الله عليه وسلم أمته علي العفو الصفح
1.عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال (ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه )
2.وعن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلي الله عليهç وسلم يقول : (ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه قال :مانقص مال من صدقة ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزا ولا فتح باب مسأله إلا فتح الله عليه باب فقر)
3.وأوصي بالانصار فقال (إن الأنصار كرشي وعيبتي (أي خاصتي الذين أثق فيهم ) وإن الناس سيكثرون ويقلون فاقبلوا من محسنهم واعفوا عن مسيئهم )
4.وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال :جاء رجل إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقال :يارسول الله كم نعفوا عن الخادم فصمت ثم أعادها وفي الثالثة قال له : ( اعف عنه في كل يوم سبعين مرة )
5.وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : إني لأذكر أول رجل قطعه رسول الله ...أتي بسارق فأمر بقطعه فكأنما أسف وجه النبي صلي الله عليه وسلم فقالوا يارسول الله :كاأنك كرهت قطعه .. قال : وما يمنعني لاتكونوا أعوانا للشيطان علي أخيكم إنه لاينبغي للإمام إذا نتهي إليه حد إلا أن يقيمه إن الله عفو يحب العفو وليعفوا وليصفحوا )
6ولما سرقت لقاح رسول الله صلي الله عليه وسلم وكانت عشرون لقحة وكانت ترعي بذي قرد واستنقذها سلمخة بن الأكوع قال له رسول الله : (يابن الأكوع ملكت فاسجح )بمعني أعف عنهم واصفح
7.وهشم رجل فم رجل علي عهد معاوية فأعطي ديته فلم يقبل حتي أعطي ثلاثا فقال رجل :إني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول lمن تصدق بدم أودنه كان كفارة له من يوم أن تصدق إلي يوم القيامة )
8
وعن وائل بن حجر قال :كنت عند النبي صلي الله عليه وسلم إذ جيء برجل قاتل في عنقه النسعة قال :فدعا ولي المقتول فقال له :أتعفوا ؟ قال :لا قال: أفتأخذ الدية ؟قال :لا قال : أفتقتل ؟قال :نعم قال :اذهب به فلما ولي قال :أتعفوا ؟قال ؟لا قال ؟أفتأخذ الدية ؟قال ؟لا قال :أفتقتل ؟ قال :نعم قال :اذهب به فلما كان في الرابعة قالlأما إنك إن عفوت عنه يبوء بإثمه وإثم صاحبه قال :فعفا عنه
من مواقف العفو عند الصحابة
  • عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة , فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس , وكان من النفر الذين يدنيهم عمر وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا فقال عيينة لابن أخيه: ياابن أخي , لك وجه عند هذا الأمير , فاستأذن لي عليه , قال فأستأذن لك عليه: قال ابن عباس: فاستأذن الحر لعيينة , فأذن له عمر , فلما دخل عليه قال: هِيْ ياابن الخطاب , فو الله ماتعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل , فغضب عمر حتى هم به فقال له الحر: يا أمير المؤمنين , إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم 'خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ' وإن هذا من الجاهلين والله ماجاوزها عمر حين تلاها عليه وكان وقافاً عند كتاب الله
  • عفو سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن مسطح بعد حادثة الإفك
3.وهذا سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ي\هب إلي السوق يوما ليشتري طعاما ولما جلس إلي البائع واشتراه أراد أن يعطيه نقود فوجدها قد سرقت فجعلوا يدعون علي من أخ\ها ويقولون 5اللهم افعل به كذا وكذا فقال ابن مسعودl اللهم إن كان أخذها حاجة فبارك له فيها وإن كان حملته جراءة علي الذنب فاجعله آخر ذنوبه .
4.وهذا عمرو بن العاص رضي الله عنه يركب بغلة له شهباء فيمر علي قوم فيقولون :من يقدر علي أن يسأله عن أمه استخفافا واستفزازا له فقام أحدهم وقال :أصلح الله الأمير أنت أكرم الناس خيلا فلم ركبت دابة إشهاب وجهها فقال :إني لاأمل دابتي ولا أمل رفيقي حتي يملني فقال :أصلح الله الأمير أما العاص فقد عرفناه وعلمنا شرفه فمن الأم فقال :علي الخبير سقطت أمي النابغة بنت حرملة بن عزة سبتها رماح العرب فأتي بها سوق عكاظ فبيعت فاشتراها عبد الله بن جدعان ووهبها للعاص بن وائل فولدت وأنجبت فإن كان جعل لك جعل فارجع فخذه وأرسل عنان دابته
5. وسكبت جارية لعلي بن الحسين ماء ليتوضأ فسقط الإبريق من يدها علي وجهه فشجه فرفع رأسه إليها فقالت الجارية إن الله يقول lوالكاظمين الغيظ )فقال :كظمت غيظي فقالت :والعافين عن الناس قال :عفا الله عنك فقالت :والله يحب المحسنين قال :أنت حرة لوجه الله
6.وأدخلوا علي ابن الزبير رجلا قد أحدث ذنبا فدعا بالسياط ليضربه فقال له الرجل :أسألك بمن تكون يوم القيامة بين يديه أذل مني بين يديك إلا عفوت عني .فنزل ابن الزبير عن سريره وألصق خده بالأرض وقال :قد عفوت عنك
وهناك عشرات المواقف علي مدار التاريخ

أبوصلاح الدين 23-03-2010 06:21 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
حقيقة الشجاعة
في اللغة: يرد معناها إلى أصل واحد هو الجرأة و الإقدام . في لسان العرب: شَجُع شجاعة : اشتد عند البأس و الشجاعة : شدة القلب في البأس ، و من يتصف بهذا الخلق يقال له : شَجاع و شِجاع و شُجاع و أشجع و شَجع و شَجيع و شِجَعَة و يُجمع على : شُجْعان و شِجعان و شَجَعَاء و شِجَعَة و شِجْعَة و شَجْعَة و شُجْعَة و شِجَاع و المرأة شِجَاعَة و شَجِعَة و شَجِيعَة و شَجْعَاء ، و قيل : لا توصف به المرأ ة ، و شجّعته : إذا قلت له أنت شجاع أو قويت قلبه ، و رجل مشجوع : مغلوب بالشجاعة . قال بن المناوي في التوقيف على مهمات التعاريف : الشجاعة الإقدام الاختياري على مخاوف نافعة في غير مبالاة . الشجاعة قلب حديدي جامد لا يهاب الموت كما قيل : لنحن أغلظ أكباداً من الإبل .
الشجاعة هي الصبر و الثبات و الإقدام على الأمور النافعة تحصيلاً و على الأمور السيئة دفعاً ، و تكون في الأقوال و الأفعال ، والشجاعة التغلب على رهبة الموقف قال بعضهم : الشجاعة صبر ساعة . الشجاعة من القلب و هي ثبات القلب و استقراره و قوته عند المخاوف ، و هو خلق يتولد من الصبر و حسن الظن . قال العلماء : منشؤها القوة الغضبية للنفس ، لأن الثبات أثر كمال تلك القوة ؛ فالشجاعة تتكون من : قوة الجنان و الجرأة على العدو و استصغار شأنه . قال الجرجاني : الشجاعة : هيئة حاصلة للقوة الغضبية بين التهور و الجبن بها يقدم على أمور ينبغي أن يقدم عليها كقتال الكفار مالم يزيدوا على ضِعف المسلمين . تعريف الشجاعة عند همنغواي: الصبر الجميل على الشدائد. و قيل: هي العنصر من عناصر الروح الذي يوصف بأنه العنصر الجسور الملهم. و قيل : قدرة الروح على انتزاع الفوز في مواجهة أعتى الأخطار. و قيل: القدرة على التحرك لقهر الخوف. وقيل: هي استعداد المرء لأن يحمل على كاهله السلبيات التي ينذر الخوف بمقدمها من أجل تحقيق ايجابيات أكثر زخماً. و قيل: الشجاعة هي الإقدام تحت إشراف العقل للدفاع عن النفس أو عن أي عزيز لديها. الشجاعة كمنحة من العناية الالهية هي سبب و نتيجة. قال الجاحظ في تهذيب الأخلاق : الشجاعة هي الإقدام على المكاره و المهالك عند الحاجة إلى ذلك ، و ثبات الجأش عند المخاوف مع الاستهانة بالموت . قال ابن حزم : هي بذل النفس للذود عن الدين أو الحريم أو عن الجار المضطهد أو عن المستجير المظلوم ، و عمن هُضم ظلماً في المال و العرض ، و سائر سبل الحق سواء قلّ من يعارض أو كثر . الشجاعة تختلف من شخص لآخر تبعاً للاستعداد الفطري فكل أحد لديه نسبة من الشجاعة و أخرى من الجبن. أو يكون شجاعاً في مواقف و جباناً في مواقف أخرى. الشجاعة لا بد أن تعتمد على رأي حصيف و تبصر مع حسن حيلة و حذر و تيقظ و إلا كانت انتحاراً .
قال المتنبي : الرأي قبل شجاعة الشجعان ----- هو أول وهي المحل الثاني
فإذا اجتمعا لنفس مرة ----- بلغت من العلياء كل مكان
و لربما طعن الفتى أقرانه ----- بالرأي قبل تطاعن الأقران
أصل الشجاعة
في القلب و هو ثبات القلب و سكونه و قوته عند المهمات و المخاوف ، و لا يثبت القلب إلا مع سلامة العقل و المزاج و هو الاعتدال ؛ فالشجاعة حرارة القلب و غضبه و قيامه و انتصابه و ثباته ، والشجاعة ليس لها اتصال بالأبدان قوةً و ضعفاً ، و لا باللسان
يقول كثير عزة :
ترى الرجل النحيف فتزدريه ----- و في أثوابه أسد هصور
و يعجبك الطرير إذا تراه ----- فيخلف ظنك الرجل الطرير
و قد عظم البعير بغيرلبّ ----- فلا عرف لديه و لا نكيرنقل ابن قتيبة في عيون الأخبار: عن الحرس : " رأيت من الجبن و الشجاعة عجباً ، استثرنا من مزرعة في بلاد الشام رجلين يذربان حنطة أحدهما أصيفر أحيمش ( تصغير الأحمش و هو دقيق الساقين ) و الآخر مثل الجمل عظماً فقاتلنا الأصيفر بالمذرى ( خشبة ذات أطراف كالأصابع يذرى بها الحبّ و ينقى ) لا تدنو منه دابة إلا نخس أنفها و ضربها حتى شق علينا فقُتل ، و لم نصل إلى الآخر حتى مات فرقاً فأمرت بهما فبقرت بطونهما فإذا فؤاد الضخم يابس مثل الحشفة ، و إذا فؤاد الأصيفر مثل فؤاد الجمل يتخضخض في مثل كوز من ماء .
ذكر عمرو بن معد يكرب الزبيدي عندما سأله عمر بن الخطاب عن أجبن رجل لاقاه فقال : يا أمير المؤمنين كنت أشن الغارة فرأيت فارساً لابساً لامة الحرب ، و هو راكب على فرسه فقلت : يا بنىّ خذ حذرك فإني قاتلك لا محالة ، فقال لي : و من تكون ؟ فقلت: عمرو بن معد يكرب فسكت و دنوت منه فوجدته قد مات ، فهذا أجبن من لقيت . ذكره في كتاب بدائع السلك لابن الأزرق .
يقول الراغب: الشجاعة إن اعتبرت و هي في النفس ، فصرامة القلب على الأهوال و ربط الجأش في المخاوف ، و إن اعتبرت بالفعل فالإقدام على موضع الفرصة . و هي فضيلة بين التهور و الجبن و هي تتولد من الفزع و الغضب إذا كانا متوسطين .
مجالات الشجاعة: في الجهاد و الخطابة و على المنابر و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إعلان الرأي قال تعالى ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا و أصلحوا و بينوا فأولئك أتوب عليهم و أنا التواب الرحيم ) فهذا تربية لشجاعة الرأي و مخاطبة عظيم في الحديث ( أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ) رواه أبوداود و الترمذي ( سيد الشهداء يوم القيامة حمزة و رجل قام إلى إمام جائر فأمره أو نهاه فقتله ) . من الأمثلة موقف الإمام أحمد في فتنة خلق القرآ ن - رأي العز بن عبدالسلام في كلام الله تعالى أهو حرف و صوت ؟ أم معنى قائم بذاته قديم أزلي ؟ - وموقف العز بن عبدالسلام من بيع الأسلحة للفرنج في عهد الصالح إسماعيل حاكم دمشق - موقفه في مصر من قضية المماليك الذين اشتراهم الملك نجم الدين . و الشجاعة تكون في حالة التعرض للبغي و دفع الظلم و الذل عن النفس و الدفاع عن الحريم و الأعراض و طلب العز و المجد ، ومن أجل بقاء هذا الوجود، شجاعة الموقف ، شجاعة الإرادة التي تشمل ( القدرة على ضبط شهوات النفس و منع جنوحها إلى مهاوي الردى و المهالك - التغلب على مخاوف النفس و هواجسها و قهر أوهامها - ألا ينقاد المرء للجلساء و أصحاب المنافع أو الشهوات التي تخل برجولته أو كرامته أو مروءته )، شجاعة القرار مثل ( إمضاء أبي بكر الصديق الجيش لحرب المرتدين - جمع أبي بكر الصديق القرآن في المصحف - انسحاب خالد بن الوليد في غزوة مؤتة )، وغيرها كثير، و أعلى الشجاعة هو التقدم للتضحية بالنفس في سبيل الله تعالى ، و الحلم من الشجاعة . أعظم الشجاعة الخوف من الله عز و جلّ قال الأول :
ليس الشجاع الذي يحمي فريسته ----- عند القتال و نار الحرب تشتعل
لكن من رد طرفاً أو ثنى وطراً ----- عن الحرام فذالك الفارس البطل
و لذلك قال بعضهم : لا ينتصر العبد في المعركة حتى ينتصر في نفسه على الشهوات و المعاصي و المخالفات . من مجالات الشجاعة الانتصار على النفس و الذات و الشهوات . الدفاع عن النفس عند التعرض للاعتداء أو لحماية ما يُرى فيه نفعه و ملذاته و هي سر بقاء البشر و استمرار الحياة و عمران الأرض . قال أبوبكر الصديق لخالد بن الوليد : احرص على الموت تُوهب لك الحياة . و العرب تقول : إن الشجاعة وقاية و الجبن مقتلة . و من دوافع الشجاعة طلب الثناء و الذكر الحميد و هو منهي عنه . و ذكر الأبشيهي أوجه الشجاعة عند اللقاء في الحرب في كتابه (المستطرف) . الشجاعة تكون في كثير من الأحيان حاسمة لبعض المواقف الشائكة و الرجل الشجاع درع لأمته و صون لها .
و ضد الشجاعة الجبن
والجبن يكون نتيجة تخوف و تغلب المخاوف المرتقبة أو الحاصلة أمام الناظرين فيحجم و لا يعود شجاعاً . مرض الجبن عند الجبناء يكبر بالوهم و أكثر مرض الناس و هم من أحاديثهم و ما تفتعله خواطرهم وما يتلقفونه من الحوادث و ما يشعرون به من نقص إيمان يقول الله تعالى عن ذلك الصنف من المنافقين ( يحسبون كل صيحة عليهم ) ( أم أبرموا أمراً فإنا مبرمون ) . الجبناء يخافون من البشر أكثر من خوفهم من الله . في الحديث ( شر ما في رجل شح هالع و جبن خالع ) رواه أبوداوود . و الجبن و الخور و العجز ليس من محاسن الرجال ومما ذمه الله و رسوله صلى الله عليه و سلم . الإقدام قد يكون محموداً و قد يكون مذموماً و كذلك في الإحجام قد يكون محموداً و قد يكون مذموماً و الضابط في ذلك هي الحكمة. و عدت العرب الجبن جريمة كبرى و سيئة في الرجل . الجبان يموت في اليوم مائة مرة و الشجاع يموت مرة واحدة الجبان يتوهم كل شىء ضده و الشجاع يتصور أنه ضد كل شىء إلا كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم و ما والاهما . قال عمر بن الخطاب: اللهم إني أشكو إليك عجز الثقة و جلَد المنافق .
وكمال الشجاعة وزينتها
أن تكون بإرشاد العقل متزنة و متوافقة مع الحكمة فإن الشىء إذا زاد عن حد الحكمة خشي أن يكون تهوراً و سفهاً و إلقاءً باليد للتهلكة و ذلك مذموم كما يذم الجبن فالشجاعة خلق فاضل متوسط بين خلقين رذيلين هما الجبن و التهور.
و ثمرة الشجاعة
الإقدام في الأقوال و الأفعال و عند القلق و الأضطراب . وهي فضيلة من أسمى الفضائل ، و إن شئت فقل إنها حارسة الفضائل. يعيب كل شخصية ألاّ تتصف بهذا الخلق الرفيع فالدافع لتحمل الألم و التعرض للموت بشجاعة يتمثل في أن القيام بذلك عمل نبيل بينما الإحجام عنه عمل وضيع ، فالرجل الشجاع يتصرف كذلك من أجل ما هو نبيل لأن ذلك هو مقصد الفضيلة. و هي جزء من الفضيلة ، وهي من أخلاق الإسلام التي ساعدت المسلمين على الفتوح و السيادة في الأرض . الشجاعة هي ينبوع مكارم الأخلاق و الخصال الحميدة و معظمها منشؤها منها و مردها إليها . قال الطرطوشي: و أعلم أن كل كريهة ترفع أو مكرمة تكتسب لا تتحقق إلا بالشجاعة . رؤوس الأخلاق الحسنة أربعة - تحمل على غيرها من محاسن الأخلاق- وهي: 1 -الصبر:يحمل على الاحتمال وكظم الغيظ وكف الأذى -- 2 - العفة: تحمل على تجنب الرذائل والقبائح -- 3 -الشجاعة: تحمل على عزة النفس وإيثار معالي الأخلاق -- 4 - العدل: يحمل على الاعتدال والتوسط. قال الأبشيهي: أعلم أن الشجاعة عماد الفضائل ، و من فقدها لم تكمل فيه فضيلة يُعبَّر عنها بالصبر و قوة النفس . قال ابن القيم في زاد المعاد : الشجاعة من أسباب السعادة فإن الله يشرح صدر الشجاع بشجاعته و إقدامه و هذا معلوم لأن الهم و القلة و الذلة و حقارة الحال تأتي من الجبن و الهلع و الفزع وأن السعادة و الانشراح و الضحك و البسطة تأتي مع الشجاعة و الإقدام و فرض الرأي و قول كلمة الحق التي علمها رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه . و الشجاعة تثمر محبة الله عز و جل لحديث ( ثلاثة يحبهم الله عز و جلّ و ذكر منهم و رجل كانوا في سرية فلقوا العدو فهُزموا ، فأقبل بصدره حتى يُقتل أو يفتح الله له ) رواه النسائي و الترمذي و صححه و الحاكم و قال : صحيح على شرط الشيخين و وافقه الذهبي .
و علاقة الشجاعة بالكرم أن الكرم إن كان ببذل النفس فهو شجاعة . و علاقة الشجاعة بالصبر أن الصبر في المحاربة شجاعة . يقال : الشجاع محبب حتى إلى عدوه ، و الجبان مبغض حتى إلى أمه .
اكتساب الشجاعة و تنميتها :
قضية الشجاعة في النفس يحصل أثرها و يظهر التقدم عندما تغطى المخاوف و تتجاوزها لأنه لا توجد نفس إلا و فيها مخاوف مع خلطه بمركبات نفسية أخرى هي الإقدام و الحكمة و الفائدة و تغطية المخاوف و زوالها و التغلب عليها و بحسب خلط هذه العناصر تزداد الشجاعة أو تقل . و الشجاعة لا تستمر و لاتكتمل بعد وقوع الآلام إن لم يدعمها و يرافقها خلق الصبر. قال تعالى ( إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون و ترجون من الله ما لا يرجون ) . قدم النابغة الجعدي للرسول صلى الله عليه و سلم يذكر بطولاته و أنا قابلنا أبطالاً سقونا الموت فسقيناهم الموت و لكننا صبرنا فقال في قصيدته أمام النبي صلى الله عليه و سلم :
تذكرت و الذكرى تهيج على الفتى ----- و من عادة المحزون أن يتذكرا
فلما قرعنا النبع بالنبع لم تكن ----- على البعد أبيانه أن تكسرا
سقيناهموا كأساً سقونا بمثلها ----- و لكننا كنا على الموت أصبرا
و ننكر يوم الروع ألوان خيلنا ----- من الضرب حتى نحسب الجون أشقرا
و ما زال يمدح في نفسه و في قومه المجاهدين حتى قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم :
بلغنا السماء جوداً و مجداً و سؤدداً ----- و إنا لنرجوا فوق ذلك مظهراً
فقال له صلى الله عليه و سلم : إلى أين يا أبا ليلى ؟ قال : إلى الجنة يا رسول الله .
و الشجاعة خلق نفسي له مواد تمده و تنميه: من ذلك الإيمان ؛ فإن الشجاعة في الإنسان تكون على قدر إيمانه و معرفته بربه و إيقانه أنه لا يصاب إلا بما كتب له و أن إقدامه إلى ما يرضي ربه يرفع قدره عنده عز و جل و أن الغاية هي الجنة و أن الدنيا لا تساوى شيئاً دون أن يمس ذلك الإقدام رزقه أو أجله أو يحول بينه و بين أي محبوب قدر أن يصل إليه كما قال النضر : الجنة الجنة و رب النضر ثم صاح يقول :
فيا رب إن حانت وفاتي فلا تكن ----- على شرعج عالي و خضر المطارف
و لكن أحن يومي سعيداً و فتية ----- يمسون في فج من الأرض خائف
عصائب من شيبان ألف بينهم ----- تقى الله نزاّلون يوم التزاحف
إذا فارقوا دنياهم فارقوا الأذى ----- و صاروا إلى موعود ما في المصاحف
؛ و لذلك كله فالانبياء هم أشجع الناس لأنهم أعلى الناس إيماناً ، و لأنهم باعوا أنفسهم و أموالهم إلى الله تعالى فإن الله يقول ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون و يُقتلون ) و ما عند الله لهم خير من الدنيا ( و ترجون من الله ما لا يرجون ) و العاقبة لهم في الدنيا و الآخرة و الخاتمة و السمعة الحسنة و درء الحوادث و الأعراض و النتيجة الطيبة في الدنيا و الآخرة ، و لأنهم يحملون مبدأ و يثقون بحفظ الله تعالى و رعايته ( و إن جندنا لهم الغالبون ) ( إنا لننصر رسلنا في الحياة الدنيا ) و يعلم العبد أنه سيلقى الله ملوما إذا لم يدعُ إلى الله و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر و يصبر على ما أصابه ( يا بني أقم الصلاة و أمر بالمعروف و انه عن المنكر و اصبر على ما أصابك ) ، ومما يمد بالشجاعة و ينميها قوة التوكل على الله و كمال الثقة بالله و الإيمان بالقضاء و القدر و ان الضر و النفع و الحياة و الموت بيد الله و علم العبد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه و ما أخطأه لم ليكن ليصيبه . ( وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً ) ( و لئن قتلتم في سبيل الله أاو متم لمغفرة من الله ) ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون ) و حديث( و أعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك و ما أخطأك لم يكن ليصيبك ) رواه الترمذي و أحمد بسند حسن . ( و أعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ) ( و عزتي و جلالي ما اعتصم بي عبد ثم كادت له السموات و الأرض إلا جعلت له من بينها فرجاً و مخرجاً و عزتي و جلالي ما اعتصم بغيري عبد إلا أسخت الأرض من بين قدميه ) ذُكر في السير و ذكره ابن كثير في تفسيره . قال علي: الأجل درع حصينة . خرج علي يوم صفين و عليه درع فخلع الدرع فقال ابنه محمد: كيف تخلع الدرع يا أبتاه و هو يقيك ؟ فقال:
أي يوميّ من الموت أفر ----- يوم لا قُّدر أم يوم قدر
يوم لا قُّدر لا أرهبه ----- و إذا ما جاء لا يغني الحذر
و قتل الحجاج ابناً لعجوز صباحاً فأدخلها عليه ظهراً فقال لها : يا فلانة لقد قتلنا ابنك فقالت : لو لم تقتله مات .
يقول المتنبي :
و لو أن الحياة تبقى لحيّ ----- لعددنا أضلنا الشجعانا
و إذا لم يكن من الموت بدّ ----- فمن العجز أن تموت جبانا
و من الأسباب ذكر الله تعالى و الثناء عليه كما قال تعالى ( يا أيها الذين إذا لقيتم فئة فاثبتوا و اذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون) . و من الأسباب تذكر محاسن ومنافع الشجاعة. الشجاعة لها مواد تمدها و منها قوة عزيمة في النفس تدفع للإقدام بعقل في مخاطرة بقول أو عمل لتحصيل خير أو دفع شر مع ما في ذلك من توقع الهلاك أو المضرة . و مما يقوي القلب و يطمئن الفؤاد و يجعل المرء يقدم العلم بالآثار الجليلة الناشئة عن الشجاعة .

الشجاعة فطرية و هناك شجاعة مكتسبة تزيد و تنقص بحسب الجو المحيط كتريبة الوالدين ، والتنعم و الترف يذهب بالشجاعة و كذلك الحال بالنسبة للجبن. أيضاً من أهم وسائل اكتساب الشجاعة: التمرين و التدريب العلمي حتى يصبح الإقدام ملكة له - التغلب على رهبة الموقف و يحصل بتكرار وضع النفس في المواقف التي يكون فيها الحرج و المأزق الشديد والرهبة لأن الرهبة شىء جديد على النفس فتتغلب عليه إذا ألفته و تعودت عليه فلا تصبح هناك صدمة أو مفاجأة - أن يقنع الإنسان نفسه بأن المخاوف أوهام أو ليست بالضرورة أن تحصل - استعراض مواقف الشجعان و قصصهم لأن النفس البشرية مفطورة على المحاكاة ثم المتابعة ثم المنافسة - إثارة دوافع التنافس و مكافأة الأشجع مع الثناء الشرعي عليه، و مما يزيد الشجاعة الإخلاص لله تعالى و عدم مراءاة الخلق لأنه حينئذ لا يهمه لوم اللائمين و مدح المادحين فيقدم على قول الحق لرضا رب العالمين ، و أما المرائي فما أسرع خوره في المقامات الرهيبة. كذلك التعوذ بالله من الهم و هو خوف ما يتوقع من حصول مكروه و كذلك من الحزن و هو الندم على ما مضى و ما فات و كلاهما يجبن الرجال و يجعله خوافاً و لا يجعله يقدم و لذلك كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ رواه الشيخان من حديث أنس . عَنْ سعد بن أبي وقاص رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا تُعَلَّمُ الْكِتَابَةُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْقَبْرِ *. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ رواه مسلم .- تخليص الجبان من الأوهام التي تثير لديه رعباً و جبناً . - الشجاعة استجابة للمؤثرات البيئية .- قال عمر بن الخطاب : أن الشجاعة و الجبن غرائز في الرجال تجد الرجل يقاتل لا يبالي ألاّ يؤوب إلى أهله و تجد الرجل يفر عن أمه و أبيه و تجد الرجل يقاتل ابتغاء وجه الله فذلك الشهيد . ذكره في صفوة الأخبار.
حكم الشجاعة :
إذا كان المقصود من الشجاعة نصر الحق والدفاع عنه و عن الفضيلة و المروءة و الكرامة ، و رد الباطل و الجور و الطغيان و تحصيل المنافع الفردية و الجماعية للإسلام و المسلمين فهي شجاعة محمودة، أما إذا كان يُقصد من الشجاعة غرض دنيىء فاسد حرام دنيوي كقطّّع الطرق فهي ذميمة بل هي شهوة بهيمية أو سبعية. الإقدام بغير عقل ليس شجاعة بل هو تهور و جنون و الإقدام بغير مخاطرة لا يعتبر شجاعة بل هو نشاط و همة و إذا كان الإقدام لا لتحصيل خير ولا لدفع شر فإنه تهور مذموم أو هلاك و جنوح في العقل كالانتحار . الشجاعة مسألة مهمة في الدين فذكر ابن تيمية كلا ماً نفيساً عن الشجاعة في كتابه الاستقامة. الشجاعة خصلة حميدة حث عليها النبي صلى الله عليه و سلم. الإسلام جعل الشجاعة جهاداً في سبيل الله لنشر الحق و العدل و ليس لتحقيق مآرب شخصية و منافع مادية .
أمثلة للشجاعة:
الأنبياء عليهم السلام حظوا بأوفر الحظ من الشجاعة ليكون لديهم من القوة ما يقوم به عملهم و هو دعوة الخلق للحق و هذا العمل لا يكون إلا بمواجهة النبي أمته بما جاء به و طلبه منهم الخضوع و نبذ ما هم عليه أبدأً ، و كذلك فإن الشجاعة في الإنسان تكون على قدر إيمانه و معرفته بربه و إيقانه أنه لا يصاب إلا بما كتب له و أن إقدامه إلى ما يرضي ربه يرفع قدره عنده عز و جل دون أن يمس ذلك الإقدام رزقه أو أجله أو يحول بينه و بين أي محبوب قُدِّر أن يصل إليه ؛ و لذلك كله فالانبياء هم أشجع الناس لأنهم أعلى الناس إيماناً (الذين يبلغون رسالات الله و يخشونه و لا يخشون أحداً إلا الله ). ومن أمثلة شجاعتهم ما ذكر الله تعالى من قول نوح عليه السلام لقومه ( يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي و تذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم و شركائكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلىّ و تنظرون) ، و ما قاله هود عليه السلام لقومه ( إني أشهد الله و أشهدوا أني برىء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون) ومن أسباب تلك الدرجة العالية من الشجاعة أن قلبه كان مملوءاً باعتقاد ماذكره عنه ربه من قوله بعد ذلك ( إني توكلت على الله ربي و ربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم) . . و إبراهيم له روغتان روغة الشجاعة عندما كسّر الأصنام و روغة الكرم عندما راغ و جاء بالعجل الحنيذ لأضيافه . و عندما قال قوم موسى عليه السلام له ( إنا لمدركون) عندما تبعهم فرعون و قومه و كان البحر الخضم المهلك أمامهم عندئذ قال لهم موسى ( كلا إن معي ربي سيهدين ) فضرب البحر بأمر الله فصار يبساً بقوة الله عز و جل فمشى عليه و قومه و نجوا ثم تبعهم الطاغية لكن لما صار على البحر رجع ماءً فغرق هو و قومه و من شجاعة موسى عليه السلام قوله لفرعون ( و إني لأظنك يا فرعون مسحوراً ) .

النبي محمد صلى الله عليه عليه وسلم كان أشجع الأنبياء ( و بالتالي فهو أشجع الخلق جميعاً) لأنه أقوى الأنبياء إيماناً و أكملهم في كل خلق كريم و معية الله تعالى معه و تأييده له أقوى من معيته لجميع الأنبياء عليهم الصلاة و السلام لكونه أكثرهم تقوى ، وتعوذ صلى الله عليه عليه وسلم أن يكون جباناً . عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه - وهو من أبطال الأمة و شجعانها- قال: ( إنا كنا إذا أشتد بنا البأس و احمرت الحدق اتقينا برسول الله صلى الله عليه و سلم فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه و لقد رأيتني يوم بدر و نحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم و هو أقربنا إلى العدو) رواه أحمد و الطبراني و النسائي ، و الرسول صلى الله عليه عليه وسلم كان هو الأقرب للعدو ليعتاد أصحابه على الإقدام للعدو و لأن ذلك فيه إما الشهادة في سبيل الله أو إيقاع الرعب في العدو و إشغاله بنفسه ليتحقق عز الإسلام و المسلمين. عن أنس رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه عليه وسلم أحسن الناس و أشجع الناس و أجود الناس -- ينام في بيت واحد و يُطوق بخمسين مقاتل و يخرج عليهم حاثياً عليهم التراب ( فجعلنا من بين أيديهم سداً و من خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) -- ينام في الغار و يقول لا تحزن إن الله معنا -- وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا. رواه البخاري و مسلم. و من مواقف شجاعته صلى الله عليه عليه وسلم قوله لقريش عندما نقلوا التهديد بقتله لعمه إبي طالب إن لم يترك دعوته لهم فقال ميئساً لهم ( و الله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته ) -- ما حصل بذات الرقاع عندما أخذ مشرك سيف الرسول صلى الله عليه وسلم و هو نائم وهمّ بقتله صلى الله عليه عليه وسلم فلما استيقظ قال: ما يمنعك مني قال : الله . متفق عليه و في بعض الروايات فسقط السيف -- طعنه لأُبىّ بن خلف في أحد في عنقه تدأدأ منها عن فرسه مراراً حتى قال أبيّ: لو بصق عليّ لقتلني . رواه عبدالرزاق و ابن سعد و البيهقي. -- موقفه يوم حنين عندما ولىّ الكثير من أصحابه وهو صامد ثابت رابط الجأش يقول : أنا النبي لا كذب أنا ابن عبدالمطلب فتحولت الهزيمة إلى نصر مؤزر-- حال الرسول صلى الله عليه عليه وسلم في الغار و الأعداء في طلبه - مواجهته للمعارضين في الدعوة إلى الله.

ومن شجاعة الصحابة: قال تعالى عنهم ( قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ) ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون ) ( قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم) ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلاً ) . أبو بكر في حرب الردة يقف على المنبر و يعترض الصحابة فيقول : و الذي نفسي بيده لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها ، و كان يقول في رواية أخرى: و الذي نفسي بيده لو أتت الكلاب فأخذتني في أعقابي ما خلفت جيشاً عن الغزو في سبيل الله و قال أبوبكر بشأن مسيلمة الكذاب عندما ادعى النبوة: و الله لأقاتلنه بقوم يحبون الموت كما يحب الحياة . و قال هذه المقولة أيضاً لأهل فارس و قالها غيره كثير . و قال أبوبكر : لأرسلن لهم خالد يذهب وساوس الشيطان من رؤوسهم . --- قيل لعلي بن أبي طالب : كيف تصرع الأبطال ؟ قال: إذا لقيت كنت أقدر أني أقتله و يقدر هو أني قاتله فاجتمع أنا و نفسه عليه فنهزمه . قيل لعلي : إذا جالت الخيل فأين نطلبك ؟ قال: حيث تركتموني . و كان يقول : و الذي نفس أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف أهون عليّ من موتة على فراش .--- حمزة بن عبدالمطلب البطل الضرغام أسد الله الإمام أبو عمارة --- الزبير بن العوام انتدب ( أي أجاب ) لما ندب ( دعا للجهاد ) الرسول صلى الله عليه و سلم أصحابه في غزوة الخندق و سماه الرسول حواريّه ( أي ناصره) رواه الشيخان . معاذ و معوذ ابنا عمرو بن الجموح في قتلهما أبي جهل في بدر --- ابن أم مكتوم أعمى يحمل اللواء بين الصفين --- خالد بن الوليد عند شربه السم متوكلاً على الله تعالى و لم يضره --- عبدالله بن مسعود أول من جهر بالقرآن بمكة --- و كذلك عبدالله بن الزبير و شجاعته المفرطة و بطولاته و تضحياته لما بلغ عبدالله بن الزبير قتل أخيه مصعب قال : " إن يقتل فقد قُتل أبوه و أخوه و عمه إنا و الله لا نموت حتفاً ، و لكن نموت قصعاً بأطراف الرماح و موتاً تحت ظلال السيوف " .-- و كذلك أبو ذر الغفاري --- و منهم البراء بن مالك الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم : رب أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك فكان أثناء المعركة يقول له الأنصار و المهاجرون : يا براء أقسم على الله أن ينصرنا ، حضروا تستر و هو معهم فقال أبو موسى قائد المعركة : يا براء نسألك بالله أن تقسم على الله أن ينصرنا فقال : اللهم إني أقسم عليك هذا اليوم أن تنصرنا و أن تجعلني أول قتيل فانتصروا و قُتل أول القتلى ، و كذلك ما ذكره الذهبي من شجاعة البراء بن عازب في حرب مسيلمة عند اقتحامه حديقة المرتدين على ترس و اشتهر عنه أنه قتل 100 من الشجعان مبارزة -- و منهم حبيب بن زيد الأنصاري قطع جسمه مسيلمة الكذاب قطعة قطعة و صمد حتى آخر قطرة من دمه -- و منهم خبيب بن عدي وقف على المشنقة و جسمه يُقطع و هو ينشد قائلاً :

و لست أبالي حين أقتل مسلماً ----- على أي جنب كان في الله مصرعي

و ذلك في ذات الإله و إن ----- يشأ يبارك على أشلاء شلو ممزع

و كان ابن سيرين لا ينازع في الشجاعة --- مع جيش عبدالله بن السرح ابن الزبير( الموصوف بالشجاعة و الفروسية) في قتله جرجير في أفريقيه --- أحمد بن إسحاق السرماني في قتله فارساً يعد بألف فارس ثم قتله 49 فارساً منتقين خارج سمرقند و قَتَل في المبارزة ألف مشرك ، كان شيخاً للبخاري قال عنه البخاري : أشجع الناس في الجاهلية و الإسلام السرماني ، وكان مع السرماني قطعة من حديد وزنها عدة أرطال يبارز بها يضرب بها الفارس على رأسه فإذا نخاعه شرقاً و دماغه في الأرض . --- شبيب بن يزيد الخارجي من أشجع الناس كان معه ستون مقاتل من الخوارج هزم الحجاج الذي معه ثلاثة الآف ثم تتبع الحجاج في كل غزوة ، كان من شجاعته ينام على البغلة في المعركة قال ابن كثير في ذلك : من قوة قلبه

وقفت و ما في الموت شك لواقف ----- كأنك في جفن الردى و هونائم

تمر بك الأبطال سلمى هزيمة ----- و وجهك وضاح و ثغرك باسم

شبيب كاد أن ينتصر على الحجاج لكن فرسه رأى بغلة (عشق بغلة ) فاقتحم ومن على نهر دجلة من على الجسر فوقع على النهر و كان شبيب مربط على الفرس فغطس به الفرس و ارتفع و غطس و ارتفع و أخذ يقول لله الأمر من قبل و من بعد ثم مات فلما تأكد الحجاج من موته شق بطنه وأخذ قلبه فوجده كالكرة ضرب به في الجدار فقفز قلبه ، و امرأته غزالة شجاعة مثله حضرت الحجاج و قاتلت الحجاج و دخلت بيت الأمارة فهرب الحجاج من الباب الآخر فدخلت المنبر و أخذت السيف و خطبت في الناس فيقول أحد المسلمين ممن سجنهم الحجاج : يا مجرم يا حجاج سجتنا و عذبتنا و فررت من غزالة.

أسد عليّ و في الحروب نعامة ----- فذخاء تنفر من صفير الصافر

هلاّ بارزت إلى غزالة في الوغى ----- إذ كان قلبك في جناحي طائر

سأل عمر بن الخطاب عمرو بن معد يكرب : أين صمصامتك التي تقتل بها النا س ؟ أي لم ير السيف قوية فقال عمر : ما أرى قوة فقال : إنك رأيتها و ما رأيت الساعد الذي يضرب بها و قال عمر : الحمد لله الذي خلقنا و خلق عمرو . اعتدت قبيلة كندة أو قبيلة أخرى على قبيلة عمرو بن معد يكرب فسلبت نسائهم و أخذت أموالهم فخرجوا في الصباح يقاتلون فانهزمت القبيلة و لم يكن عمرو معهم كان غائباً فلما حضر أخذ فرسه و أخذ السيف و نازل قبيلة كندة كلها فأخذ يقاتلهم و يقاتلونه حتى يقول في قصيدته :

أمن ريحانة الساعي السميع يؤرجني و أصحابي هجوع

إذا لم تستطع شيئاً فدعه و جاوزه إلى ما تستطيع

فأخذ يكيل لهم الضربات إلى صلاة العصر فهزمهم جميعاً ، فسمته العرب أقدم العرب حتى يقول أبو تمام للمعتصم :

إقدام عمرو في سماحة حاتم في حلم الأحنف في ذكاء إياس

و قد أسلم ثم ارتد رضي الله عنه ثم أسلم فقاتل في القادسية و انتصر نصرأ مؤزراً مع المسلمين ، و يُضرب به المثل في الشجاعة .

ومن الأسباب التي دعت الصحابة لاتخاذ مواقف الشجاعة: أن النبي صلى الله عليه عليه وسلم كان يحمس القوم و يحفزهم كما قال له أحدهم: أرأيت إن قتلت يا رسول الله أين أكون قال له: في الجنة فألقى تمرات فقتل - تقدير المسئولية حق قدرها كما أعطى صلى الله عليه وسلم السيف لأبي دجانه بحقه لقتل المشركين في أحد . كل ذلك بعد حثه صلى الله عليه عليه وسلم على الإعداد الحربي المسبق . في الصحيحين عن عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله و نحن عصابة حوله أن نقول الحق لا نخشى في الله لومة لائم . و عند ابن حبان عن أبي ذر قال : أخذ علي رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أقول الحق و لو كان مراً. مد رسول الله صلى الله عليه و سلم سيفاً فقال : من يأخذ مني السيف فمد الصحابة أياديهم فقال : بحقه ، فخفضوا أياديهم و بقيت يد أبي دجانة قال: أنا آخذه بحقه يا رسول الله ماحقه ؟ قال: أن تضرب به في الأعداء حتى ينحني . رواه مسلم فأخذ السيف ففلق به هام المشركين لما أخذ السيف أخرج عصابة حمراء عصابة الموت فذهل الناس حتى يقول في قصيدته :

أنا الذي عاهدني خليلي ----- ونحن في السفح لدى النخيل

الاّ أوم الدهر في الكيول ----- و أضرب بسيف الله و الرسول

ففقلق هام المشركين و قتلهم قتلاً حتى أتى بالسيف مع صلاة العصر و قد انحنى . و هذه الشجاعة الإيمانية .

- الثوري كان ينصح و ينكر على الظلمة و قال لأبي جعفر المنصور و هو ظالم : اتق الله يا أبا جعفر ،و دخل طاووس على أبي جعفر المنصور : فقال : ناولني الدواء يا طاووس قال: لا قال: و لمَ ؟ قال: إن كنت تكتم باطلاً فلا أعينك على الباطل و إن كنت تكتم حقاً فلست خادماً لك - الأوزاعي أنكر على عبدالله بن علي عم أبي جعفر فيما قتل من المسلمين في دمشق و ما فعل بهم و السيوف تقطر حوله دماً حتى قال بعض الوزراء كنت أجمع ثيابي خوفاً من دم الأوزاعي وكان يزجره و يحذره مما فعل بصوت يجلجل كصوت الأسد --العز بن عبدالسلام الملقب بسلطان العلماء في إنكاره على منكرات السلاطين - شجاعة شيخ الإسلام ابن تيمية في قول الحق - ،و دخل المهدي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام له الناس جميعاً إلا ابن أبي ذئب المحدث فقال له : لمَ لم تقم يا ابن أبي ذئب ؟ فقال : تذكرت قوله تعالى ( يوم يقوم الناس لرب العالمين ) فتركت القيام لذلك اليوم فقال : مكانك أجلس و الله ما تركت َ شعرة في رأسي إلا قامت -- سيد قطب الذي وقف في وجه حكومة الضباط حزب التحرير بأنهم يحكمون بغير ما أنزل الله و ألف قنبلة كتاب ( معالم في الطريق ) و أخيراً شنقوه و هو مبتسم -- أبو الأعلى المودودي سجنه خان عشر سنوات و طلب منه ورقة اعتذار فقال : أنا أكبر من أكتب له ورقة اعتذار فمات رحمه الله -- شجاعة العصاة : يقول الأمام أحمد لما دخل السجن : ما ربط على قلبي إلا قول أحد المسجونين سُجن في خمر يقول : يا أحمد أصبر على الحق و أصبر على السوط فإنك من أجل أمة محمد صلى الله عليه وسلم فإني قد جُلدت في الخمر 1600 سوط و إني ما تراجعت ، فربط على قلبي -- مرحب اليهودي قتل سبعة من المسلمين آخرهم عامر بن سنان بن الأكوع ، فخرج له علي بن أبي طالب يبارزه فقطع رأسه كأنه لم يُخلق له رأس فكان فتحاً من الله تعالى لرسول الله صلى الله عليه وسلم و من معه . يقول مرحب قبل المبارزة :

أنا الذي سمتني أمي مرحب شاكي السلاح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب

فقال علي :

أنا الذي سمتني أمي حيدرة كليث غابات كريه المنظرة أكيلكم بالسيف كيل السندرة.

--السمؤل بن عادية اليهودي قال :

يقرب حب الموت آجالنا لنا ----- و تكرهم آجالهم فتطول

وإنا قوم لا نرى الموت سفة ----- إذا ما رأته عامر و سلول

إذا مات منا سيد قام سيد ----- قؤول بما قال الرجال فعول

قيل لعبدالملك : من أشجع العرب في شعره ؟ فقال : عباس بن مرداس حين يقول :

أشد على الكتيبة لا أبالي ----- أحتفي كان فيها أم سواها

بابك القُرني قتل ألف ألف من العرب و العجم و الكفار و المشركين حتى أن المعتصم سهر ليال عديدة خاف أن يأتي يدخل عليه في بغداد وقف في الشمال يرسل الكتائب و يقاتل فقال المعتصم : من يأتيني به له ألف ألف درهم و أكتب أسمه مع أسمي و يُدعى له في المنابر فأرسل له قائد تركي يقاتله سنةً فظفر به ثم أتى به فقطع رأسه فصلب المعتصم رأسه في سامراء حتى قال البحتري : جعلته علماً في سامراء و مدحه الخليفة .
ابن فتحون من أشجع العرب و العجم في عصر الخليفة المستعين و كان المشركون يهابون نزاله .
الفرق بين الشجاعة و الجرأة :
مما ذكره ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح في مبحث الفروق أن الفرق بين الشجاعة و الجرأة أن الشجاعة من القلب و هي ثبات القلب و استقراره عند المخاوف و هو خلق يتولد من الصبر و حسن الظن ، و الجبن يتولد من قلة الصبر و سوء الظن و وسوسة الظن و ينشأ الجبن من الرئة فتنتفخ الرئة فزاحمت القلب في مكانه و ضيقت عليه حتى أزعجته عن مستقره فأصابته الزلازل و الأضطراب ، فإذا زال القلب عن مكانه ضاع تدبير العقل فظهر الفساد على الجوارح فوضعت الأمور على غير مواضعها ؛ فالشجاعة حرارة القلب و غضبه و قيامه و انتصابه و ثباته فإذا رأته الأعضاء كذلك أعانته فإنها خدم له و جنود كما أنه إذا ولى ولت سائر جنوده و أولها الرجلان .

أما الجرأة فهي إقدام سببه قلة المبالاة و عدم النظر في العاقبة و الأندفاع بدون تفكير و لا حكمة و لهذا جاء في حديث عبدالله بن عمرو ابن العاص فيما رواه أحمد و غيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: شر ما في المرء جبن خالع و شح هالع. و قال أبو جهل لعتبة بن ربيعة عندما قال له يوم بدر نرجع قال له أبو جهل : انتفخ سَحَرك ! ( أي رئتك).
العرب كانت لهم أمثال و عبارات يضربونها في الشجاعة :

حديث ( لا تمنَّوا لقاء العدو و إذا لقيتموهم فاثبتوا) ففيه حث على الشجاعة - قال أبوبكر لخالد بن الوليد العبارة المشهورة ( أحرص على الموت تُوهب لك الحياة) - لما سأل عمر بن الخطاب بعض بني عبس عن ظهورهم على أعدائهم فقالوا : كنا نصبر بعد الناس هنيهة - سئل عنترة العبسي عن قتالهم ضد ذبيان فقال: كنا ألفاً مثل الذهب الخالص ليس فيه غيرنا لم نكثر فنتواكل و لم نقل فنذل ، و قيل لعنترة : كيف تغلب الأبطال ؟ قال : أبدأ بالجبان فاضربه فأقسمه قسمين فإذا رأى الشجاعُ الجبانَ مقسوماً فرّ مني ، و قيل له : كيف تنتصر على الناس ؟ قال : بالصبر - قال الخارجي قطري بن الفجاءة:

أقول لها و قد طارات شعاعاً ----- من الأبطال و يحك لن تراعي

فإنك لو سألت بقاء يوم ----- على الأجل الذي لك لن تطاعي

فصبراً في مجال الموت صبراً ----- فما نيل الخلود بمستطاع

و لا ثوب البقاء بثوب عز ----- فيطوى عن أخ الخنع اليراع

سبيل الموت غاية كل حي ----- و داعيه إلى أهل الأرض داع

ومن لا يعتضد يهرم و يسقم ----- و تسلمه المنون إلى انقطاع.

قال المتنبي في الشجاعة :

أصارع خيلاً من فوارسها الدهر ----- وحيداً و ما قولي كذا و معي الصبر

و أشجع مني كل يوم سلامتي ----- و ما ثبتت إلا و في نفسها أمر

تمردت بالآفات حتى تركتها ----- تقول أمات الموت أم ذعر الذعر

وأقدمت إباء الأبي كأنني ----- سوى مهجتي أو كان لها عندي وتر

و قال المتنبي:

أرى كلنا يبغي الحياة بجهده ----- حريصاً عليها مستهاماً بها طبا

فحب الجبان النفس أورده البقا ----- و حب الشجاع الحرب أورده الحربا

من الشجعان محمد بن حميد الطوسي عمره ما يقارب 32 أختاره المعصتم لقيادة الجيوش الموحدة و كان له إمام حنفي و قاض و علماء معه يقاتلون الروم فلما حضرت المعركة خرج القائد الطوسي و لبس الأكفان عليه فأخذ يقاتل من صلاة الفجر إلى صلاة الظهر و من الظهر إلى صلاة المغرب ثم قُتل قبل الغروب فلما قُتل بدأت النوائح في بغداد فقال أبو تمام قصيدة يعزي المعتصم :

كذا فليجل الخطب و ليقدح الأمر ----- فليس لعينٍ لم يفض ماؤها عذر

توفيت الآمال بعد محمد ----- و أصبح في سفر عن السفر السفر

فتى كلما فاضت عيون قبيلة ----- دماً ضحكت عنه الأحاديث و الذكر

تردى ثياب الموت حُمراً فما أتى ----- لها الليل إلا و هي من سندس خضر

ثوى طاهر الأردان لم تبق بقعةً ----- غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر

عليك سلام الله وقفاً ----- فإنني رأيت الكريم الحر ليس له عمر

سمع المعتصم القصيدة و عيونه تهراق بالدموع فيقول : يا ليتني أنا المقتول و قيلت فيّ .

قالت العرب عن الجبان : نعامة خسخاء و قالوا عنه دجاجة و قالوا عنه الحدأة القتول و قالوا الظليم . و كانت العرب تشترط في من توليه سيداً أن يكون شجاعاً كريماً .

من أجبن العرب أبو حشية النميري أخذ سيفاً من خشب فكان يجلس في آخر قبيلته عند القتال فإن انتصروا ضارب معهم وإن انهزموا فرّ و كان يسمي سيفه ملاعب المنية و يعرضه أمامه و يقول : يا سيف كم من نفس أهدرتها و من دم أسلته قال عنه ابن قتيبة في عيون الأخبار و صاحب العقد الفريد : دخل كلب في ظلام الليل بيته فخرج هو و زوجته من المنزل و تناول سيفه الخشبي و قال : الله أكبر وعد الله حق فاجتمع أهل القرية و قالوا : مالك ؟ قال: عدو محارب انتهك عرضي دخل عليّ بيتي و هو الآن في البيت ، ثم قال : ياأيها الرجل إن تريد مبارزة فأنا أبو المبارزة و إن تريد قتلاً فأنا أم القتل كله و إن تريد المسالمة فأنا عندك في مسالمة قال : فبقي يضرب الباب بالسيف و ينادي فلما أحس الكلب بجلبة الناس خرج من بينهم فألقى السيف من الخوف و قال : الحمد لله الذي مسخك كلباً و كفانا حرباً . و من الجبناء قائد يسميه المؤرخون ضرطة الجمل أخذ القيادة بغير كفاية و لا قدرة و لا جدارة أخذ المسلمين إلى فارس و كان يمضي في الليل و ينام بالنهار شهراً حتى استعد أهل فارس و تترسوا و قووا كتائبهم ثم بدأ الهجوم فكان هو أول من انهزم و دخل المدينة على بغلته و ترك المسلمين يُقتَّلون فيقول الشاعر في قصيدة طويلة:

تركت أبنائنا تدمى كلومهم ----- و جئت منهزماً يا ضرطة الجمل

و قال قتيبة بن مسلم عنه : و الله لا أوليه و لا على شاة . - قال أبو جعفر المنصور لأبي دلامة لما بدأت إحدى المعارك : أخرج بارز ذلك الفارس فقال أبو دلامة : تعلم أني لست للمبارزة فقال : عزمت عليك أن تبارز فخرج فلما قرب من الفارس وضع سيفه فقال : و الله أنك تعلم أني أكره الموت على فراشي فكيف تقتلني هنا فضحك أبو جعفر و ضحك الناس و عاد أبو دلامة . - ذكر ابن كثير و الذهبي أن معاوية قال لعمرو بن العاص يوم صفين عزمت عليك أن تبارز علي قال : إنه علي . قال : عزمت عليك أن تبارز علي فلما خرج و رأى علي وضع السيف و قال : مكره أخاك لا بطل .

هناك أمور تساعد المرء أن يكون جباناً !: انطماس التوحيد و خوف البشر أكثر من الله للحفاظ على مصلحة دنيوية - عدم الاعتقاد أن الخالق الرازق هو الله - نسيان تقدير الآجال - تصور نفع الناس و ضرهم بغير مشيئة الله .

أبوصلاح الدين 24-03-2010 11:31 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق الثامن عشر :الشوري
قال الراغب في مفرداته أن المشاورة هي أخذ الرأي بمراجعة البعض الآخر
وقال :هي استنباط الرأي من غيره فيما يعرض له من مشكلات
والكلمة مأخوذة من قولهم :شار الدابة إذا ختبر جريها عندما تعرض عليه لشرائها
أومن قولهم شار العسل إذا استخرجه من موضعه صافيا نقيا من الشوائب
وهي استطلاع الرأي من ذوي الخبرة فيه للتوصل إلي أقرب الأمور للحق
منزلة هذا الخلق الكريم
الشوري لها منزلة خاصة في السياسة الشرعية وهي ضرورة من الضرورات فالإنسان ضعيف بمفرده قوي بإخوانه
وانظر إلي فرعون رغم استبداده وطغيانه يستشير الخاصة من قومه .قال تعالي : (قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من ارضكم بسحره فماذا تامرون قالوا ارجه وأخاه وارسل في المدائن حاشرين ياتوك بكل سحار عليم
فأشاروا عليه أن هذا مجرد ساحر وسيتصدون له . وحين ظهرت لهم الحقيقة (فألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسي وهارون )
وقد استشارت ملكة سبأ قومها يوم جاءها الخطاب من سيدنا سليمان عليه السلام (قالت يا أيها الملؤ افتوني في أمري ماكنت قاطعة أمرا حتي تشهدون قالوا نحن أولو قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تامرين).
كفار قريش كان إذا حزبهم أمر اجتمعوا في دار الندوة وتشاوروا ثم يتفقون علي رأي واحد
وكان عند اليونان مجلس الشيوخ
والشوري خلق معروف منذ قديم الزمن عند جميع الأقوام ويوم تضيع الشوري من أمة يحل الطغيان والدمار والظلام ثم الانهزام والانسحاب من حلبة التاريخ فالتاريخ لايتسابق فيه إلا الأقوياء
ونجد في كتب التراث التأكيد علي هذا الخلق المهم جدا
قال تعالي : (وشاورهم في الأمر ) ووصف المؤمنين بأنهم (وأمرهم شوري بينهم )
وقد حث رسول الله صلي الله عليه وسلم علي هذا الخلق فقال : (من أشار علي أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه )
وقال : (المستشار مؤتمن )
وقال الحسن :والله ما ستشار قوم قط إلا هدوا إلي الأفضل ما بح)ضرتهم ثم تلا (وأمرهم شوري بينهم )
وقد ورد في الأثلر عن ابن عباس مرفوعا (أما إن الله ورسوله لغنيان عنهما ولكن جعلها الله تعالي رحمة لأمتي فمن استشار منهم لم يعدم راشدا ومن تركها لم يعدم غنيا )
وقال علي رضي الله عنه :نعم المؤازرة المشاورة وبئس الاستعداد الاستبداد
وقال عمر بن عبد العزيز :إن المشورة والمناظرة بابا رحمة ومفتاحا بركة لايضل معهما رأي ولا يفقد معهما حزم
وقال بعض الحكماء :الاستشارة عين الهداية وقد خاطر من استغني برأيه
وقال بعض الأدباء :ماخاب من استشار ولا ندم من استخار
صفات المستشار
ذكر الماتوري رحمه الله في كتابه (أدب الدنيا والدين ) أن المستشار لابد له من صفات وهي
1.عقل كامل مع تجربة سابقة .فمن الغباء أن نستشير أحمقا أوسفيها معروف بخفة العقل أو تستشير في أمر مهم ممن لاخبرة له كأمور الحرب مثلا والمال والدماء
2.أن يكون ذا دين وتقي لأن صاحب الدين والتقوي تمنعه تقواه من أن يغشك فقد يكون الرجل عاقلا وله تجربة لكن لا أخلاق له فيغشك أما صاحب الدين فينهاه دينه عن ذالك
3.أن يكون ناصحا ودودا
فالمودة والإشفاق مهمان فقد يكون صاحب دين وتقوي ولا يغشك لكنه لايرفق بك
4.أن يكون سليم الفكر
وهو أمر ضروري .لاينبغي أن نستشير أحدا في أمر ما وهو في حالة غضب أو حالة حزن أو قد ألمت به مصيبة لأنه في مثل هذا الحال يجد نفسه مضطرا لينصحك وقد لايقلب الأمر علي كل وجوهه
5.أن لايكون له في الأمر المستشار غرض يريده
مظاهر خلق الشورى في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
أخي الحبيب...
لقد كان رسول صلى الله عليه وسلم أعقل الناس مع ما كان به الرسول صلى الله عليه وسلم من التأييد الالهي فلم يتركه الله تعالى في أي مسألة من مسائل حياته فلو ألم به مرض لتلقى الإلهام الإلهي بطريقة العلاج و الشفاء كما حدث في مسألة سحر لبيد بن الأعصم له فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ارتباط وثيق بعالم الملكوت..
إذن فما فائدة استشارته لأصحابه و حاله ما ذكر من الكمال؟
لقد تعددت إجابات المفسرون في ذلك الأمر:
1- قالت طائفة منهم : إن ذلك لتطييب نفوس أصحابه و رفعا لأقدارهم و تألفا على دينهم، و إن كان الله تعالى قد أغناه عن رأيهم بوحيه.
و قالوا: كانت سادات العرب إذا لم يشاوروا في الأمر شق عليهم فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يشاورهم في الأمر فإن ذلك أعطف لهم، و أذهب لأضغانهم و أطيب لنفوسهم فإذا شاورهم عرفوا إكرامه لهم.
2- و قال الحسن البصري – رحمه الله – و غيره من السلف: إن ذلك ليستن به من كان بعده ..
و قالوا ما أمر الله نبيه بالمشاورة لحاجة منه إلى رأيهم و إنما أراد أن يعلمهم ما في المشاورة من الفضل و لتقتدي به أمته من بعده.
و يؤيد هذا ما جاء عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال:
لما نزلت " و شاورهم في الأمر " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما إن الله و رسوله لغنيان عنها و لكن جعلها الله رحمة لأمتي فمن استشار منهم لم يعدم راشدا و من تركها لم يعدم غنيا".
فوائد الاستشارة
1.وضوح الحق ..يقول المثل أن اليد الواحدة لا تصفق والعقل الواحد لا يمكن أن يرعف أمر ما من كل وجوهه .وقد صدق الشاعر يوم قال :
أيها المدعي في العلم فلسفة علمت شيئا وغابت عنك أشياء
2.
حتي تتعلم النخبة كيف تتفاعل مع المسائل المصيرية.لأن الاستبداد يقتل العقول المبدعة ويظهر الفتور والكسل لكن حين تكون النخبة مدعوة بقوة لتبدي رأيها في مسألة من المسائل فإنها لن تعدم الحق
3.حتي لا يكون هناك أحد يعارض الحاكم بعد الاستشارة لأنه يحاجج المعارضين بأن هذا رأي النخبة وقل ما تخطيء الجماعة.
قال تعالي : (فبما رحمة من الله لنت لهم ولوكنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل علي الله إن الله يحب المتوكلين ).
مظاهر الشوري في حياة رسول الله صلي الله عليه وسلم
1.الاستشارة في القتال
ففي غزوة بدر لما علم المسلمون في المدينة خروج قافلة لقريش أرادوا أن يعترضوها لأن أموالهم بمكة كانت قريش قد استباحتها وأثناء الطريق علم الصحابة الكرام أن أبا سفيان قد غير مسار القافلة بقي رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : (أشيروا علي ) فتقدم أبا بكر الصديق رضي الله عنه وقال خير ا ثم قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال خيرا ثم قام المقداد بن عمرو رضي الله عنه وقال : (امض يارسول الله لما أمرك به فنحن معك والله لانقول كما قالت بنو إسرائيل (فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون )ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون فوالذي بعثك بالحق لوسرت بنا إلي برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتي نبلغه )
فسر رسول الله صلي الله عليه وسلم بما أبو بكر وعمر والمقداد رضي الله عنهم وبقي يقول (أشيروا علي أيها الناس ) ففهم الأنصار أنه يريدهم فقال سعد بن معاذ:والله لكأنك تريدنا يارسول الله ؟فقال : أجل
فقال له سعد :لقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ماجئت به هو الحق وأعطيناك علي ذالك عهودنا ومواثيقنا علي السمع والطاعة فامض يارسول الله لما أردت فنحن معك فوالذي بعثك بالحق لو خضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقي بنا عدونا غدا إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا علي بركة الله .فسر رسول الله وقال :سيروا أبشروا فإن الله قد وعدني إحدي الطائفتين والله لكأني الآن أنظر إلي مصارع القوم
2.الاستشارة في المكان
لقد تحرك جيش المسلمين ووصل إلي أدني ماء من مياه بدر فقام الحباب بن المنذر كخبير عسكري وقال :يارسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزلا أنزلكه الله تعالي ليس لنا أن نتقدمه اونتأخر عنه أم هو الحرب والمكيدة ؟
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (بل هو الرأي والحرب والمكيدة)
قال :يارسول الله فإن هذا ليس بمنزل فانهض حتي نأتي بالناس أدني ماء من القوم فننزله ثم نغور ما وراءه من القلب ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء ثم نقاتل فنشرب ولا يشربون فقال صلي الله عليه وسلم : ( لقد أشرت بالرأي )
فلم يستبد رسول الله برأيه بل عدل إلي رأي الحباب بن المنذر وهذا هو القائد الناجح يجعل من معه يفكر في الحلول
3.الاستشارة في الأسري
بعد الانتصار العظيم علي كفار قريش في أول معركة فاصلة كان هناك أسري استشار رسول الله صلي الله عليه وسلم أصحابه فيهم فقال أبو كبر الصديق رضي الله عنه:هم بنوا العم والعشيرة وإني أري أن نأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذناه قوة لنا علي الكفار وعسي الله أن يهديهم فيكونوا عضدا لنا
ثم قال رسول الله لعمر : ما تري يابن الخطاب
فقال عمر رضي الله عنه : لا أري ما يري أبو بكر ولكني أري أن تمكنني من قريب لي فأضرب عنقه وتمكن عليا من عقيل فيضربه وتمكن حمزة من فلان فيقتله حتي يعلم الله أنه ليس في قلوبنا هوادة للمشركين
فهوي رسول الله ماقال أبو بكر ولم يهو ما قال عمر رضي الله عنهم
ثم وجد عمر رسول الله صلي الله عليه وسلم وأبا بكر الصديق يبكيان
فقال :يارسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابهم أدني من هذه الشجرة ونزل قول الله :
ماكان لنبيء أن يكون له أسري حتي يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم وللا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم )
ثم قال رسول الله :وإن مثلك يا أبابكر كمثل إبراهيم عليه السلام لما قال lفمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم )ومثلك كمثل عيسي عليه السلام (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم
وإن مثلك يا عمر كمثل نوح عليه السلام (رب لاتذر علي الأرض من الكافرين ديارا ) وإن مثلك يا عمر كمثل موسي عليه السلام قال (واشدد علي قلوبهم فلا يومنوا حتي يرو العذاب الأليم )
4.استشارته أصحابه في غزوة أحد
لما علم رسول الله صلي الله عليه وسلم خروج قريش للانتقام لقتلاها يوم غزوة بدر واستشار رسول الله أصحابه فأشار عليه بن أبي بن سلول بأن يبقي في المدينة ويحاربهم في المدينة واختلفت أراء الصحابة الكرام فمنهم من أشار عليه بالبقاء في المدينة ومحاربتهم وآخرون أشاروا بالخروج لهم وعزم رسول الله علي ذالك فلبس لباس الحرب ثم خرج إليهم فقالوا :وقد استكرهنا رسول الله ولم يكن لنا ذالك فإن شئت فاقعد يا رسول الله
فقال صلي الله عليه وسلم (ما ينبغي لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتي يقاتل )
فالاستشارة واجبة لكن عند الاختلاف لابد من قرار حاسم وهذا ما فعله رسول الله صلي الله عليه وسلم
5.مشاورته أصحابه يوم الأحزاب
لقد ألب رؤوس اليهود القبائل العربية علي محمد وأنه الخطر الداهم وصدقتهم القبائل مثل ما هو الحال اليوم لمسألة (الإرهاب )زورا وبهتانا
فتحزبت القبائل وتحالفت لمقاتلة محمد وأجمعوا رأيهم أنها النهاية وقد صور القرآن الكريم هذا المشهد فقال تعالي : (إذ جاؤوكم من فوقكم ومن اسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المومنون وزلزلوا زلزالا شديدا )
واستشار رسول الله أصحابه ما الواجب لصد هذا العدوان فأشار سلمان الفارسي رضي الله عنه بحفر الخندق فأعجب رسول الله بهذا الرأي وبقو شهرا يحفرون الخندق
ويأتي رجلا من غظفان يريد من رسول الله أن يشاطرهم تمر المدينة لأن قبيلة غطفان تحالفت مع المسلمين فاستشارؤ رسول الله صلي الله عليه وسلم سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وسعد بن الربيع وسعد بن خيثمة وسعد بن مسعود رضي الله عنهم
فقالو ا: إن كان هو الوحي من الله فالتسليم لأمر الله وإن كان هو هواك يارسول الله ورأيك فهوانا ورأينا تبعا لرأيك وهواك وإن كنت تريد الإبقاء علينا فوالله لقد رأيتنا وإياهم علي سواء ما ينالون منا ثمرة إلا شراء أوقري فقال رسول الله يخاطب الحارث الغطفاني :هو ذا تسمعون ما يقولون
6.مشاورته يوم الحديبية
لقد خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم عام الحديبية يريد بيت الله وليس محاربة قريش فعلم أن قريش قد استعدت للحرب فبقي يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول لأصحابه : (أشيروا علي أيها الناس أترون أن أميل إلي عيالهم وذراري هؤلاء الذين يريدون أن يصدونا عن البيت فإن يأتونا كان الله عز وجل قد قطع عينا من المشركين وإلا تركناهم محروبين )
فقال أبو بكر الصديق : يارسول الله خرجت عامدا لهذا البيت لاتريد قتل أحد ولا حرب أحد فتوجه له فمن صدنا عنه قاتلناه
فقال :امضوا علي اسم الله
7.مشاورته لأم سلمة
لما وقع رسول الله صلي الله عليه وسلم عهد الصلح مع قريش لم يعجب ذالك كثير من المسلمين فقام رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي أصحابه قائلا لهم (قوموا فانحروا ثم احلقوا )فلم يقم منهم أحد .قالها ثلاثا ولم يقم منهم أحد فدخل رسول الله إلي زوجته أم سلمة يخبرها بما لقي من الناس فقالت :يا نبي الله أتحب ذالك ؟ اخرج لاتكلم منهم احدا منهم كلمة حتي تنحر دنك وتدعوا حالقك وفيحلقك فأخذ رسول الله صلي الله عليه وسلم برأيها فخرج فلم يكلم أحدا حتي فعل ذالك نحر بدنه ودعا بحالقه فحلقه فلما رأوا ذالك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يلحق بعضا حتي كادا بعضهم يقتل بعضا
8.مشاورته في حادثة الإفك
ظن رأس النفاق بن أبي بن سلول أنه أصاب البيت النبوي في مقتل يوم أشاع بين الناس أن زوجة رسول الله صلي الله عليه وسلم عائشة لم تنجوا من فلان ولا نجا منها وكانت قد تأخرت في إحدي الغزوات ووجدها صحابي جليل فأتي بها
وولما كثر القيل والقال دعا رسول الله بعلي بن أبي طالب وأسامة بن زيد فأما أسامة بن زيد فقال : أهلك ولا نعلم إلا خيرا
وأما علي فقال :يارسول الله لم يصيق الله عليك النساء سواها كثير وسل الجارية تصدقك فدعا رسول الله بريرة فقال :يابريرة هل رأيت شيئا يريبك ؟
فقالت له بريرة : والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمرا قط أغمصه غير أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله
ونزل براءة السيدة عائشة رضي الله عنها من السماء (إن الذين جاؤو ا بالإفك عصبة منكم لاتحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم )
9.مشاورته بريرة في شأن مغيث
اشترت السيدة عائشة رضي الله عنها بريرة فاشترط أهلها الولاء فقال رسول الله : (اشتريها واعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق ) فاشترتها وأعتقتها وكان لها زوج عبد دونها في الحرية وكان لها الخيار إما أن تبقي معه او تختار الطلاق وكان زوجها مغيث يحبها حبا شديدا فعلم بذالك رسول الله فقال : يابريرة لو راجعتيه ...)
فقالت :يارسول الله أتأمر ؟
فقال : إنما أنا أشفع
فقالت : لاحاجة لي فيه
فتأمل سبحان الله
أمة من عامة الناس وليست المسألة ذات بعد اجتماعي كبير وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم بإمكانه بكلمة أن يجبرها علي البقاء معه ومع ذالك لم يفعل رسول الله صلي الله عليه وسلم
لأنه فرق شاسع بين الوحي من الله ورأي الإنسان
من مشاورات الصحابة الكرام
1.كتب أهل منيج ومن وراء بحر عدن إلي عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعرضون عليه أن يدخلوا بتجارتهم أرض العرب ولهم العشور منها فشاور رعمر في ذالك أصحاب النبي وأجمعوا علي ذالك فهو أول من أخذ منهم العشور
2.وشاور عمر بن الخطاب الهرمزان وقد حسن إسلامه في فارس وأصبهان وأذربيجان فقال له : إصبهان الرأس وفارس وأذربيجان الجناحان فإن قطعت أحد الجناحين مال الرأس بالجناح الآخر وإن قطعت الرأس وقع الجناحان
3.وجاء رجل إلي عمر وقد غاب عن زوجته سنتين فوجدها حبلي فشاور عمر الصحابة الكرام فقال معاذ بن جبل :إن كان لك عليها سبيل فليس لك علي ما في بطنها من سبيل فاتركها حتي تضع فتركها فولدت غلاما قد خرجت ثنيتاه فعرف الرجل الشبه فيه فقال الرجل : ابني ورب الكعبة
فقال عمر :عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ لولا معاذ لهلك عمر
4.وأتوا بامرأة جهدها العطش فمرت علي راع فاستسقت فأبي أن يسقيها ففعلت فشاور الناس في رجمها فقال علي رضي الله عنه : هي مضطرة أري أن تخلي سبيلها
5. وشاورهم في شارب الخمر فقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يضرب بالنعال والجريد أربعين وأبو بكر ضرب أربعين فما ولي الخلافة عمر استشار الصحابة فأشاروا إلي صربه ثمانين جلدة
6.استب رجلان علي عهد عمر فقال أحدهما :ما أمي بزانية ولا أبي بزان .فشاور عمر الصحابة الكرام .فقالوا :مدح أباه وأمه فقال كان لهما من المدح غير هذا فضربه علي سبيل التعزير

أبوصلاح الدين 24-03-2010 11:39 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق التاسع عشر :العدل
عرفه الجرجاني فقال :هو الأمر المتوسط بين الإفراط والتفريط
وقال الجاحظ: هو استعمال الأمور في مواضعها وأوقاتها ووجوهها ومقاديرها من غير سرف ولا تقديم ولا تأخير
وقال المناوي العدل ه_و فصل الحكومة علي مافي كتاب الله سبحانه وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم لا الحكم بالرأي بالمجرد
وقال الفيروزآبادي العدل هو القسط علي سواء
وينظر مسكويه نظرة فلسفية عميقة شاملة فيقول : العدل بأنه فضيلة للنفس تحدث من اجتماع الفضائل الثلاث الحكمة والشجاعة والعفة وذالك عند مسالمة هذه القوي الثلاث بعضها لبعض واستسلامها للقوة المميزة حتي لاتتغالب ولا تتحرك نحو مطالبها علي سوم طبائعها ويحدث الإنسان بها سمة يختار بها أبدا الإنصاف من نفسه أولا ثم الانصاف والانتصاف من غير وله .
والعدل عموما هو الوقوف مع الحق كما أمر الله ورسوله ول علي الوالدين والأقربين
منزلة هذا الخلق .
ولأن هذا الخلق به قامت السموات والأرض وعلي أساسه قام الكون وتسمي الله جل وعلا به نتوقف مع هذه التأملات لحجة الإسلام الغزالي رحمه الله مع إسم العدل
قال أبو حامد الغزالي رحمه الله : (معناه العادل وهو الذي يصدر منه فعل العدل المضاد للجور والظلم ولن يعرف العادل من لم يعرف عدله ولا يعرف عدله من لم يعرف فعله فمن أراد أن يفهم هذا الوصف فينبغي أن يحيط علما بأفعال الله تعالى من ملكوت السموات إلى منتهى الثرى حتى إذا لم ير في خلق الرحمن من تفاوت ثم رجع البصر فما رأى من فطور ثم رجع مرة أخرى فانقلب إليه البصر خاسئا وهو حسير وقد بهره جمال الحضرة الربوبية وحيره اعتدالها وانتظامها فعند ذلك يعبق بفهمه شيء من معاني عدله تعالى وتقدس
وقد خلق أقسام الموجودات جسمانيها وروحانيها كاملها وناقصها وأعطى كل شيء خلقه وهو بذلك جواد ورتبها في مواضعها اللائقة بها وهو بذلك عدل فمن الأجسام العظام في العالم الأرض والماء والهواء والسموات والكواكب وقد خلقها ورتبها فوضع الأرض في أسفل السافلين وجعل الماء فوقها والهواء فوق الماء والسموات فوق الهواء ولو عكس هذا الترتيب لبطل النظام
ولعل شرح وجه استحقاق هذا الترتيب في العدل والنظام مما يصعب على أكثر الأفهام فلننزل إلى درجة العوام ونقول لينظر الإنسان إلى بدنه فإنه مركب من أعضاء مختلفة كما أن العالم مركب من أجسام مختلفة فأول اختلافه أنه ركبه من العظم واللحم والجلد وجعل العظم عمادا مستبطنا واللحم صوانا له مكتنفا إياه والجلد صوانا للحم فلو عكس هذا الترتيب وأظهر ما أبطن لبطل النظام
وإن خفي عليك هذا فقد خلق للإنسان أعضاء مختلفة مثل اليد والرجل والعين والأنف والأذن فهو بخلق هذه الأعضاء جواد وبوضعها مواضعها الخاصة عدل لأنه وضع العين في أولى المواضع بها من البدن إذ لو خلقها على القفا أو على الرجل أو على اليد أو على قمة الرأس لم يخف ما يتطرق إليه من
النقصان والتعرض للآفات وكذلك علق اليدين من المنكبين ولو علقهما من الرأس أو من الحقو أو من الركبتين لم يخف ما يتولد منه من الخلل وكذلك وضع جميع الحواس في الرأس فإنها جواسيس لتكون مشرفة على جميع البدن فلو وضعها في الرجل اختل نظامها قطعا وشرح ذلك في كل عضو يطول
وبالجملة فينبغي أن تعلم أنه لم يخلق شيء في موضع إلا لأنه متعين له ولو تيامن عنه أو تياسر أو تسفل أو تعلى لكان ناقصا أو باطلا أو قبيحا أو خارجا عن المتناسب كريها في المنظر وكما أن الأنف خلق على وسط الوجه ولو خلق على الجبهة أو على الخد لتطرق نقصان إلى فوائده
وإذا قوي فهمك على إدراك حكمته فاعلم أن الشمس أيضا لم يخلقها في السماء الرابعة وهي واسطة السموات السبع هزلا بل ما خلقها إلا بالحق وما وضعها إلا موضعها المستحق لها لحصول مقاصده منها إلا أنك ربما تعجز عن درك الحكمة فيه لأنك قليل التفكر في ملكوت السموات والأرض وعجائبها ولو نظرت فيها لرأيت من عجائبها ما تستحقر فيه عجائب بدنك وكيف لا وخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس وليتك وفيت بمعرفة عجائب نفسك وتفرغت للتأمل فيها وفيما يكتنفها من الأجسام فتكون ممن قال الله عز و جل فيهم سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم 41 سورة فصلت الآية 53 ومن أين لك أن تكون ممن قال فيهم وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض 6 سورة الأنعام الآية 75 وأنى تفتح أبواب السماء لمن استغرقه هم الدنيا واستعبده الحرص والهوى
فهذا هو الرمز إلى تفهيم مبدأ الطريق إلى معرفة هذا الاسم الواحد وشرحه يفتقر إلى مجلدات وكذا شرح معنى كل اسم من الأسامي فإن الأسامي المشتقة من الأفعال لا تفهم إلا بعد فهم الأفعال وكل ما في الوجود من أفعال الله تعالى
ومن لم يحط علما بتفاصيلها ولا بجملتها فلا يكون معه منها إلا محض التفسير واللغة ولا مطمع في العلم بتفصيلها فإنه لا نهاية له وأما الجملة فللعبد طريق إلى معرفتها وبقدر اتساع معرفته فيها يكون حظه من معرفة الأسماء وذلك يستغرق العلوم كلها وإنما غاية مثل هذا الكتاب الإيماء إلى مفاتحها ومعاقد جملها فقط تنبيه
حظ العبد من العدل لا يخفى فأول ما عليه من العدل في صفات نفسه وهو أن يجعل الشهوة والغضب أسيرين تحت إشارة العقل والدين ومهما جعل العقل خادما للشهوة والغضب فقد ظلم هذا جملة عدله في نفسه وتفصيله مراعاة حدود الشرع كلها وعدله في كل عضو أن يستعمله على الوجه الذي أذن الشرع فيه وأما عدله في أهله وذويه ثم في رعيته إن كان من أهل الولاية فلا يخفى
وربما يظن أن الظلم هو الإيذاء والعدل هو إيصال النفع إلى الناس وليس كذلك بل لو فتح الملك خزانته المشتملة على الأسلحة والكتب وفنون الأموال ولكن فرق الأموال على الأغنياء ووهب الأسلحة للعلماء وسلم إليهم القلاع ووهب الكتب للأجناد وأهل القتال وسلم إليهم المساجد والمدارس فقد نفع ولكنه قد ظلم وعدل عن العدل إذ وضع كل شيء في غير موضعه اللائق به ولو آذى المرضى بسقي الأدوية والفصد والحجامة وبالإجبار على ذلك وآذى الجناة بالعقوبة قتلا وقطعا وضربا كان عدلا لأنه وضعها في مواضعها
وحظ العبد دينا من مشاهدة هذا الوصف الإيمان بأن الله عز و جل عدل أن لا يعترض عليه في تدبيره وحكمه وسائر أفعاله وافق مراده أو لم
يوافق لأن كل ذلك عدل وهو كما ينبغي وعلى ما ينبغي ولو لم يفعل ما فعله لحصل منه أمر آخر هو أعظم ضررا مما حصل كما أن المريض لو لم يحتجم لتضرر ضررا يزيد على ألم الحجامة وبهذا يكون الله تعالى عدلا والإيمان به يقطع الإنكار والاعتراض ظاهرا وباطنا وتمامه أن لا يسب الدهر ولا ينسب الأشياء إلى الفلك ولا يعترض عليه كما جرت به العادة بل يعلم أن كل ذلك أسباب مسخرة وأنها رتبت ووجهت إلى المسببات أحسن ترتيب وتوجيه بأقصى وجوه العدل واللطف)
حث القرآن الكريم علي خلق العدل
وقد عبر عنه القرآن بكلمات ثلاث العدل والميزان والقسط
(وأقسطوا إن الله يحب المقسطين )
(والسماء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان )
(وإذا قلتم فاعدلوا ولوكان ذاقربي )
(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولوعلي أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أوفقيرا فالله أولي بهما فلا تتبعوا الهوي أن تعدلوا وإن تلوو أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا )
(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوي واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون )
(إن الله يامر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون )
(ولقد ارسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) زوالآيات كثيرة في هذا الباب مما يبين بيانا واضحا علي الأهمية القصوي التي أولاها كتاب الله تعالي لهذا الخلق العظيم
العدل من أخلاق الأنبياء
لقد خاطب الله سيدنا داوود عليه السلام فقال (ياداوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوي فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ) وهي وصية من الله تعالي كما يقول ابن كثير لولاة الأمور أن يحكموا بين الناس بالحق المنزل من عنده تبارك وتعالي ولا يعدلوا عنه فيضلوا عن سبيله وقد توعد تبارك وتعالي من ضل عن سبيله وتناسي يوم الحساب بالوعيد الأكيد والعذاب الشديد
قال الوليد بن عبد الملك لأحد العلماء :أيحاسب الخليفة فقال له :يا أمير المؤمنين أنت أكرم علي الله تعالي أم داوود عليه السلام إن الله جمع له الخلافة والنبوة ومع ذالك توعده إن لم يحكم بالعدل أن يضله عن سبيله
وروي عن النبي صلي الله عليه وسلم عن عدل سيدنا داوود عليه السلام فقال : (بينما امرأتان معها ابنان لهما إذا جاء الذئب فاخذ أحد الإبنين فتحاكما إلي داوود عليه السلام فقضي به للكبري فخرجتا فدعاهما سليمان عليه السلام وقال :هاتوا السكين أشقه بينكما فقالت الصغري :يرحمك الله هو ابنها لاتشقه فقضي به للصغري )
ومن عدل الإسلام أن رجلا من المسلمين سرق فظن المسلمون أن اليهودي هو الذي سرق فنزلت الآيات تبريء ساحة اليهودي وتبين السارق الحقيقي
قال تعالي : (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما
وبين الله جل وعلا أن من بني إسرائيل طائفة من أهل العدل
قال تعالي : (ومن قوم موسي أمة يهدون بالحق وبه يعدلون )
ومن اللطائف وهي قصة معروفة
جاءت امراه الى داوود عليه السلام
قالت: يا نبي الله ....ا ربك...!!! ظالم أم عادل ???ـ
فقال داود: ويحك يا امرأة هو العدل الذي لا يجور،
ثم قال لها ما قصتك
قالت: أنا أرملة عندي ثلاث بنات أقوم عليهن من غزل يدي
فلما كان أمس شدّدت غزلي في خرقة حمراء
و أردت أن أذهب إلى السوق لأبيعه و أبلّغ به أطفالي
فإذا أنا بطائر قد انقض عليّ و أخذ الخرقة و الغزل و ذهب،
و بقيت حزينة لاأملك شيئاً أبلّغ به أطفالي.
فبينما المرأة مع داود عليه السلام في الكلام

إذا بالباب يطرق على داود فأذن له بالدخول
وإذا بعشرة من التجار كل واحد بيده : مائة دينار
فقالوا يا نبي الله أعطها لمستحقها
فقال لهم داود عليه السلام: ما كان سبب حملكم هذا المال
قالوا يا نبي الله كنا في مركب فهاجت علينا الريح و أشرفنا
على الغرق فإذا بطائر قد ألقى علينا خرقة حمراء و فيه
غزل فسدّدنا به عيب المركب فهانت علينا الريح و انسد
العيب و نذرنا لله أن يتصدّق كل واحد منا بمائة دينا
و هذا المال بين يديك فتصدق به على من أردت،
فالتفت داود- عليه السلام- إلى المرأة و قال لها:ـ
رب يتجر لكِ في البر والبحر و تجعلينه ظالمًا،
و أعطاها الألف دينار و قال: أنفقيها على أطفالك.
مجالات العدل
والعدل مطلوب في كل الأمور
1.في مجال الكتابة (وليكتب بينكم كاتب بالعدل ) ولذالك علي كل موثق وكاتب في الإدارة وغيرهم أن يتق الله في المتخاصمين فلا يكتب إلا حقا وبدقة متناهية حتي لاتضيع الحقوق
2.العدل في إملاء الحق
(وليملل وليه بالعدل ) يظن البعض من المتخاصمين ان الذي يتخصمون إليه لايتفطن لبعض الصغائر فيعمدون إخفائها إو إقحامها لانها إما تخدمهم أو تضرهم .
3.العدل في الولاية علي اليتامي (وأن تقوموا لليتامي بالقسط) فلا يجوز لمن تولي أمر يتيم أن يسرف في أموالهم فيهدرها قبل بلوغهم .(إن الذين ياكلون أموال اليتامي ظلما إنما ياكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا )
4.العدل في الكيل والميزان
وهذه كانت محور قصة سيدنا شعيب عليه السلام مع قومه (وأوفوا الكيل والميزان بالقسط )
5.العدل بين الزوجات
وهو من أصعب الأمور لمن كانت له أكثر من زوجة (فانكحوا ماطاب لكم من النساء مثني وثلاث ورباع فإن خفتم ألاتعدلوا فواحدة أو ماملكت أيمانكم ) وقال تعالي (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولوحرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما )
6.العدل في الصلح بين المتخاصمين (وإن طائفتان من المومنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ..............فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين )ويتبين من خلال الآية أن القسط أرفع منزلة من العدل
7. العدل في الشهادة (وأشهدوا ذوي عدل منكم )
وقد أمر الله بالعدل في كل شيء . بين الزوجة والأم وبين الأولاد وبين الشركاء ومع الناس عموما
وصدق الشافعي لما قال : اذا ماظالم استحسن الظلم مذهبا ولج عتوا فى قبيح اكتسابه
فكله الى صرف الليالى فانها ستدعى له ما لم يكن فى حسابه
فكم قد رأينا ظالما متمردا يرى النجم تيها تحت ظل ركابه
فعما قليل وهو فى غفلاته اناخت صروف الحادتات ببابه
فأصبح لامال ولاحياه يرتجى ولاحسنات تتلقى فى كتابه
وجوزى بالامر الذى كان فاعلا وصب علية الله سوط عذابه
مظاهر العدل في حياة رسول الله صلي الله عليه وسلم
1.اشتراكه صلي الله عليه وسلم في حلف الفضول حتي أنه قال : (لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا مات أحب أن لي به حمر النعم ولوأدعي به إلي في الإسلام لأجبت)
2. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا ، أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَعْدِلْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ : وَيْلَكَ ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ ، قَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبَ عُنُقَهُ ، قَالَ : دَعْهُ ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَلا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ فَلا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، وَهُوَ الْقِدْحُ ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ ، إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلَ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ ، أَوْ مِثْلَ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ ، يَخْرُجُونَ عَلَى خَيْرِ فِرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ : فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ ، فَالْتُمِسَ فَوُجِدَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ الَّذِي نَعَتَ .
3. الحديث الذي روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها {أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا : من يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ؟ فقالوا : ومن يجترئ إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فكلمه أسامة , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتشفع في حد من حدود الله ؟ وأيمُ الله لو أن فاطمةَ بنت محمدٍ سرقت لقطعتُ يدها
4. عن أبي سعيد الخدري قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم شيئا إذ أكب عليه رجل ، فطعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرجون كان معه ، فصاح الرجل ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ تعال ] فاستقد . قال : بل عفوت يا رسول الله
6 قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر ، عن مقسم أبي القاسم ، مولى عبدالله بن الحارث بن نوفل ، قال ‏:‏

خرجت أنا وتليد بن كلاب الليثي ، حتى أتينا عبدالله بن عمرو بن العاص وهو يطوف بالبيت معلقا نعله بيده ، فقلنا له هل حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كلمه التميمي يوم حنين ‏؟‏ قال ‏:‏ نعم ، جاء رجل من بني تميم ، يقال له ذو الخويصرة ، فوقف عليه وهو يعطي الناس ، فقال ‏:‏ يا محمد قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ أجل فكيف رأيت ‏؟‏ فقال ‏:‏ لم أرك عدلت ، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال ‏:‏ ويحك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون ‏!‏

فقال عمر بن الخطاب ‏:‏ يا رسول الله ألا أقتله ‏؟‏ فقال ‏:‏ لا دعه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين ، حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية ينظر في النصل ، فلا يوجد شيء ، ثم في القدح ، فلا يوجد شيء ،ثم في القدح ، فلا يوجد شيء ثم في الفوق ، فلا يوجد شيء سبق الفرث والدم ‏.‏
ولا زلنا نري هاته النماذج من أهل الغلو في الدين وربما تهموا غيرهم بذالك.يحتقرون العلماء وعامة سواد المسلمين ولا يرون ان الفرقة الناجية سوي جزء لايكاد يمثل خمسة في المائة
7. سواد بن عزيّة يوم غزوة أحد ,, كان واقف في وسط الجيش
فقال النبي صلى الله عليه وسلم ,, للجيش :'
استووا.. استقيموا '. فينظر النبي فيرى سواد لم ينضبط
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
' استو يا سواد'
فقال سواد:
نعم يا رسول الله
ووقف ولكنه لم ينضبط،
فجاء النبي صلى الله عليه وسلم بسواكه ونغز سوادا في بطنه قال:
' استو يا سواد '، فقال سواد:
أوجعتني يا رسول الله،
وقد بعثك الله بالحق فأقدني !
فكشف النبي عن بطنه الشريفة وقال:
' اقتص يا سواد'.
فانكب سواد على بطن النبي يقبلها .
ويقول:
هذا ما أردت
وقال:
يا رسول الله أظن أن هذا اليوم يوم شهادة فأحببت أن يكون آخر العهد بك أن تمس جلدي جلدك
8. وبعد غزوة حنين قال قائل لرسول الله صلي الله عليه وسلم أعطيت عيينة مائة بعير والأقرع بن حابس مائة بعير وتركت جعيل بن سراقة فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (أما والذي نفس محمد بيده لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض كلهم مثل عيينة والأقرع ولكني تألفتهما ليسلما ووكلت جعيل بن سراقة إلي إسلامه ).
9.
لما أصاب رسول الله الغنائم يوم حنين ، وقسم للمتألفين من قريش وسائر العرب ما قسم ، ولم يكن في الأنصار شيء منها ، قليل ولا كثير ، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى قال قائلهم : لقى – والله – رسول الله قومه . فمشى سعد بن عبادة إلى رسول الله فقال : يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار وجدوا عليك في أنفسهم ؟ قال : فيم ؟ قال : فيما كان من قسمك هذه من الغنائم في قومك وفي سائر العرب ، ولم يكن فيهم من ذلك شيء . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأين أنت من ذلك يا سعد ؟ قال : ما أنا إلا امرؤ من قومي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اجمع لي قومك في هذه الحظيرة فإذا اجتمعوا فأعلمني ، فخرج سعد فصرخ فيهم فجمعهم في تلك الحظيرة . . . حتى إذا لم يبق من الأنصار أحد إلا اجتمع له أتاه ، فقال : يا رسول الله اجتمع لك هذا الحي من الأنصار حيث أمرتني أن أجمعهم . فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام فيهم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : يا معشر الأنصار ألم آتكم ضلالا فهداكم الله ، وعالة فأغناكم الله ، وأعداء فألف الله بين قلوبكم ؟ ؟ ؟ قالوا : بلى ! قال رسول الله : ألا تجيبون يا معشر الأنصار ؟ قالوا : وما نقول يا رسول الله وبماذا نجيبك ؟ المن لله ورسوله . قال : والله لو شئتم لقلتم فصدقتم وصدقتم : جئتنا طريدا فآويناك ، وعائلا فآسيناك ، وخائفا فأمناك ، ومخذولا فنصرناك . . . فقالوا : المن لله ورسوله . فقال : أوجدتم في نفوسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما أسلموا ، ووكلتكم إلى ما قسم الله لكم من الإسلام ! ! أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس إلى رحالهم بالشاء والبعير وتذهبون برسول الله إلى رحالكم ؟ . فوالذي نفسي بيده ، لو أن الناس سلكوا شعبا وسلكت الأنصار شعبا ، لسلكت شعب الأنصار ، ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار . اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار . فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم . وقالوا : رضينا بالله ربا ، ورسوله قسما ، ثم انصرف . . وتفرقوا . .

فتأملوا رحمكم الله إلى هذه الواقعة العظيمة و استخلصوا منها العبر و العظة
10.وانظر حاله مع زوجاته صلي الله عليه وسلم يوم كان يحب عائشة رضي الله عنها أكثر منهن فقال :اللهم هذا فعلي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك )
11. وكان حكيم بن حزام بن خويلد قدم من الشام برقيق فيهم زيد بن حارثة وصيف . فدخلت عليه عمته خديجة بنت خويلد ، وهي يومئذ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها : اختاري يا عمة أي هؤلاء الغلمان شئت فهو لك ، فاختارت زيدا فأخذته فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها ، فاستوهبه منها ، فوهبته له فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبناه وذلك قبل أن يوحى إليه .

وكان أبوه حارثة قد جزع عليه جزعا شديدا ، وبكى عليه حين فقده فقال

بكيت على زيد ولم أدر ما فعل

أحي ، فيرجى أم أتى دونه الأجل

فوالله ما أدري ، وإني لسائل

أغالك بعدي السهل أم غالك الجبل

ويا ليت شعري هل لك الدهر أوبة

فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل

تذكرنيه الشمس عند طلوعها

وتعرض ذكراه إذا غربها أفل

وإن هبت الأرواح هيجن ذكره

فيا طول ما حزني عليه وما وجل

سأعمل نص العيس في الأرض جاهدا

ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل

حياتي أو تأتي علي منيتي

فكل امرئ فان وإن غره الأمل


ثم قدم عليه - وهو عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن شئت فأقم عندي ، وإن شئت فانطلق مع أبيك فقال بل أقيم عندك فلم يزل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بعثه الله فصدقه وأسلم ، وصلى معه فلما أنزل الله عز وجل ادعوهم لآبائهم [ الأحزاب : 5 ] قال أنا زيد بن حارثة .
12.وتقول مرضعته حليمة السعدية :لقد أعطيته ثديي الأيمن فأقبل عليه بما شاء من لبن فحولته إلي الأيسر فأبي
وذالك من فطرته علي العدل وقد يتوقف بعض العلماء عند مثل هذه الروايات
13. عن ابن عباس عن أخيه الفضل بن العباس قال جاءني رسول اللهr فخرجت إليه
فوجدته موعوكاً قدعصب رأسه فقال خذ بيدي فضل فأخذت بيه فانطلق حتى
جلس على المنبرثم قال نادي في الناس فلما اجتمعوا إليه حمد الله وأثنى عليه ثم قال أما
بعد أيها الناس فإنه قد دنا مني حقوق من بين أظهركم من كنت جلدت له ظهرا
فهذا ظهري فليستقد منه ومن كنت أخذت له مالا فهذامالي فليأخذه و من كنت
شتمت له عرضا فهذاعرضي فليستقد منه ولا يقولن أحد إني أخشى الشحناء من رسول الله
ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتي ولا من شأني ألا وإن أحبكم إلي
من أخذ شيئا كان له أوحللني فلقيت الله وأنا طيب النفس وإني أرى أن هذا غير
مغن عني حتى أقوم فيكم مرارا ثم نزل فصلى الظهر ثم جلس على المنبر فعاد لمقالته
الأولى في الشحناء وغيرها فقام رجل فقال إذن والله لي عندك ثلاثة دراهم فقال أما
أنا لا نكذب قائلا ولا نستحلففبم كانت لك عندي فقال يارسول الله تذكر يوم
مر بك المسكين فأمرتني فأعطيته ثلاثة دراهم قال أعطه يافضل فأمر به فجلس ثم قال
أيها الناس من كان عليه شيء فليؤده فلا يقولن رجل فضوح الدنيا فإن فضوح الدنيا
أيسر من فضوح الآخرة فقام رجل فقال يارسول الله عند يثلاثة دراهم غللتها في
سبيل الله قال ولم غللتها قال كنت محتاجا قال خذها منه يافضل ثم قال رسول الله
أيها الناس من خشي من نفسه شيئا فليقم فلندع له فقام رجل فقال والله يا
رسول الله إني لكذاب إني لفاحش وإني لنوام فقال اللهم ارزقه صدقا وأذهب عنه
النوم إذا أراد ثم قام آخر فقال والله يارسول الله إني لكذاب وإني لمنافق وما من شيء
من الأشياء إلا وقد جنيته قال عمرفضحت نفسك أيهاالرجل فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم يابن الخطاب فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة ثم قال
اللهم ارزقه صدقا وإيمانا وصير أمره إلى خير قال فتكلم عمر رضي الله عنه بكلام فضحك رسول اللهr
وقال عمرمعي وأنا مع عمر والحق مع عمرحيث كان
14. جاء في الحديث الصحيح أن المصطفى عليه الصلاة والسلام كان عند عائشة رضي الله عنها .وكانت ليلتها من نبينا عليه الصلاة والسلام .وبينما هو معها إذ يدخل أنس رضي الله عنه حاملا لصحفة فيه طعام أرسلته حفصة رضي الله عنها إلى نبينا عليه الصلاة والسلام .عندها تكفت عائشة الصحفة ليسقط الطعام .غيرة منها على نبينا رضي الله تعالى عنها .ولك أن تتصور كيف سيكون موقف النبي عليه الصلاة والسلام .بكل أدب وحسن خلق .يلملم ما سقط من الطعام وهو يقول .غارت أمكم .غارت أمكم ..ثم أمر بصحفة أخرى وضع فيه طعام وأرسل إلى حفصة ..وقال صحفة بصحفة وطعام بطعام
15 وقوله صلي الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب وأبي لبابة يوم غزوة بدر وقد كان معهما يترادفون علي بعير لهما فقال لهما :ما أنتما بأقوي مني وما أغني عن الأجر منكما
16.وروي ابن ماجة أن ناقة للبراء بن عازب رضي الله عنه دخلت حائطا فأفسدت فيه فقضي رسول الله صلي الله عليه وسلم أن علي أهل اللحائط حفظها بالنهار وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن علي أهلها
17.وجاءه بشير أبو النعمان يريد أن يشهد رسول الله علي هبة لولد له إسمه النعمان فقال له رسول الله :رويدك ألك ولد غيره ؟
قال :نعم .قال :كلهم أعطيته مثل ما أعطيته
قال :لا قال :فلا تشهدني إذا فإني لا أشهد علي جور وإن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم . عن عوف بن مالك الأشجعي قال:
18
خرجت مع من خرج مع زيد بن حارثة من المسلمين في غزوة مؤتة، ووافقني مددي من اليمن، ليس معه غير سيفه، فنحر رجل من المسلمين جزورا، فسأله المددي طائفة من جلده فأعطاه إياه فاتخذه كهيئة الدرقة، ومضينا فلقينا جموع الروم وفيهم رجل على فرس له أشقر، عليه سرج مذهب وسلاح مذهب، فجعل الرومي يغري بالمسلمين، وقعد له المددي خلف صخرة، فمر به الرومي فعرقبه، فخر وعلاه فقتله، وحاز فرسه وسلاحه.
فلما فتح الله للمسلمين بعث إليه خالد بن الوليد يأخذ من السلب.
قال عوف: فأتيته فقلت: يا خالد أما علمت أن رسول الله قضى بالسلب للقاتل؟
قال: بلى، ولكني استكثرته فقلت؟
فقلت: لتردنه إليه أو لأعرفتكها عند رسول الله ، فأبى أن يرد عليه.
قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله فقصصت عليه قصة المددي وما فعل خالد، فقال رسول الله : «يا خالد رد عليه ما أخذت منه
حث رسول الله صلي الله عليه وسلم علي العدل
1.(ثلاث منجيات وثلاث مهلكات .فأما المنجيات فاعدل في الغضب والرضا وخشية الله في السر والعلن والقصد في الفقر والغني............-)
2.(إياكم والظلم فغن الظلم ظلمات يوم القيامة)
3.وفي الحديث المشهور (إن المقسطين عند الله علي منابر من نور عن يمين عرش الرحمان عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم واهليهم )
4.وقال صلي الله عليه وسلم (أهل الجنة ثلاثة ذوسلطان مقسط متصدق ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربي ومسلم عفيف متعفف ذوعيال )
5.(ما من أمير عشيرة إلا يؤتي به يوم القيامة مغلولا حتي يفكه العدل أويوبقه الجور )
6.وسمع رسول الله صلي الله عليه وسلم خصومة يوما فخرج إليهم وقال : (إنما أنا بشر وإنه ياتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ أوألحن من بعض فأحسب أنه صدق فأقضي له بذالك فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أوليتركها)
7.حتي أن المنتعل إذا انقطع شراك نعله يقول رسول الله (لينعلهما معا او ليخفهما معا ) وليس هذا علي سبيل الوجوب
8. (أربعة يبغضهم الله تعالي البياع الحلاف والفقير المحتال والشيخ الزاني والإمام الجائر )
9.(أشد الناس عذابا يوم القيامة إمام جائر )
10(صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي إمام ظلوم غشوم وكل غال مارق )
11. وكان النبي صلي الله عليه وسلم يقول (اللهم إني أعوذ بك أن أزل أو أزل أو أضل أوأضل أوأجهل أويجهل علي او أظلم أوأظلم )
12. والحديث المعروف (المسلم أخو المسلم لايظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ).
13.والحديث القدسي المعروف (ياعبادي إني حرمت الظلم علي نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا )
14.(اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب )
15. (ثلاثة لاترد دعوتهم الصائم حتي يفطر والإمام العادل ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول :وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين )
عدل الصحابة الكرام
1.عدل سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه
كان من عدله رضي الله عنه أن سوي في القسمة بين الحر والعبد والرجل والمرأة ولما حضرته الوفاة قال :انظروا ما ذا زاد في مالي منذ دخلت الإمارة فابعثوا به إلي الخليفة من بعدي فإني كنت أستحله
حتي قال عمر بن الخطاب عن أبي بكر رضي الله عنهما : رحمة الله علي أبي بكر لقد أتعب من بعده تعبا شديدا
عدل سيدنا عمر بن الخطاب
إذا ذُكِر عمر ذُكر العدل، وإذا ذُكر العدل ذُكر عمر.
روى الإمام أحمد بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ. (حديث رقم 8846)
من دلائل اتصاف الفاروق بالعدل أنه لا يخاف في الله لومة لائم، ويقيم الحدود على القريب والبعيد، الحبيب والغريب حتى إنه ليضرب به المثل في ذلك الأمر.
يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: شرب أخي عبد الرحمن بن عمر، وشرب معه أبو سروعة عقبة بن الحارث، ونحن بمصر في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسكرا.
فلما صحا انطلقا إلى عمرو بن العاص وهو أمير مصر فقالا: طهرنا فإنا قد سكرنا من شراب شربناه.
قال عبد الله بن عمر: فلم أشعر أنهما أتيا عمرو بن العاص، قال: فذكر لي أخي أنه قد سكر فقلت له: أدخل الدار أطهرك، قال: إنه قد حدث الأمير.

قال عبد الله: فقلت: والله لا تحلق اليوم على رءوس الناس، ادخل أحلقك وكانوا إذا ذاك يحلقون مع الحد، فدخل معي الدار. قال عبد الله: فحلقت أخي بيدي، ثم جلدهما عمرو بن العاص، فسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بذلك فكتب إلى عمرو: أن أبعث إليّ عبد الرحمن بن عمر على قتب.
ففعل ذلك عمرو، فلما قدم عبد الرحمن المدينة على أبيه الفاروق عمر رضي الله عنه جلده، وعاقبه من أجل مكانه منه، ثم أرسله فلبث أشهرًا صحيحًا، ثم أصابه قدره، فيحسب عامة الناس أنه مات من جلد عمر، ولم يمت من جلده.
فالفاروق رضي الله عنه لا يبالي على من وقع الحق، على ولده أم على غيره من الناس، فهو رجل لا تأخذه في الله لومة لائم، لذلك كان ينهى أهله أشد النهي حذرًا من وقوعهم في مخالفته.
يقول ابن عمر رضي الله عنهما: كان عمر إذا نهى الناس عن شيء جمع أهله وقال: إني قد نهيت الناس عن كذا وكذا وإنهم إنما ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم فإن وقعتم وقعوا، وإن هبتم هابوا، وأيم الله لا أوتي برجل منكم فعل الذي نهيت عنه إلا أضعفت عليه العقوبة، لمكانه مني فمن شاء فليتقدم ومن شاء فليتأخر. (مصنف عبدالرزاق20713).
قمة العدل في عهده رضي الله عنه
وغزت بعض جيوشه بلاد فارس حتى انتهت إلى نهر ليس عليه جسر فأمر أمير الجيش أحد جنوده أن ينزل في يوم شديد البرد لينظر للجيش مخاضة يعبر منها، فقال الرجل: إني أخاف إن دخلت الماء أن أموت.
دخل الرجل الماء وهو يصرخ: يا عمراه يا عمراه، ولم يلبث أن هلك فبلغ ذلك عمر وهو في سوق المدينة، فقال: يا لَبَيَّكَاه يا لَبَّيْكَاه، وبعث إلى أمير ذلك الجيش فنزعه، وقال: لولا أن تكون سنة لقدت منك، لا تعمل لي عملًا أبدًا.
يقول فضيل بن زيد الرقاشي رحمه الله وقد كان غزا على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه سبع غزوات: بعث عمر جيشًا، فكنت في ذلك قلنا: نرجع فنقيل، ثم نخرج فنفتحها.
فلما رجعنا تخلف عبد من عبيد المسلمين، فراطنهم فراطنوه، فكتب لهم كتابًا في صحيفة، ثم شده في سهم فرمى به إليهم، فخرجوا فلما رجعنا من العشي وجدناهم قد خرجوا، قلنا لهم: ما لكم؟
قالوا: أمنتمونا. قلنا: ما فعلنا، إنما الذي أمنكم عبد لا يقدر على شيء، فارجعوا حتى نكتب إلى عمر بن الخطاب. فقالوا: ما نعرف عبدكم من حُرِّكم، وما نحن براجعين، إن شئتم فاقتلونا، وإن شئتم ففوا لنا.
قال: فكتبنا إلى عمر أن عبد المسلمين من المسلمين، ذمته ذمتهم؟
قال: فأجاز عمر أمانه.
إن إقامة العدل بين الناس- أفرادا وجماعات ودولًا- ليست من الأ مور التطوعية التى تترك لمزاج الحاكم أو الأمير وهواه، بل إن إقامة العدل بين الناس في الدين الإسلامى تعد من أقدس الواجبات وأهمها، وقد اجتمعت الأمة على وجوب العدل، قال الفخر الرازي: أجمعوا على أن من كان حاكما وجب عليه أن يحكم بالعدل.
وهذا الحكم تؤيده النصوص القرآنية والسنة النبوية، فإن من أهداف دولة الإسلام إقامة المجتمع الإسلامي الذي تسود فيه قيم العدل والمساواة، ورفع الظلم ومحاربته بجميع أشكاله وأنواعه، وعليها أن تفسح المجال وتيسر السبل أمام كل إنسان يطلب حقه أن يصل إليه بأيسر السبل وأسرعها دون أن يكلفه ذلك جهدا أو مالا، وعليها أن تمنع أي وسيلة من الوساثل التى من شأنها أن تعيق صاحب الحق من الوصول إليه، وهذا ما فعله الفاروق في دولته، فقد فتح الأبواب على مصاريعها لوصول الرعية إلى حقوقها، وتفقد بنفسه أحوالها، فمنعها من الظلم ومنعه عنها، وأقام العدل بين الولاة والرعية، في أبهى صورة عرفها التاريخ فقد كان يعدل بين المتخاصمين ويحكم بالحق ولا يهمه أن يكون المحكوم عليهم من الأقرباء أو الأعداء أو الأغنياء أو الفقراء، قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ] {المائدة: 8}.
لقد كان الفاروق قدوة في عدله، فأسر القلوب وبهر العقول، فالعدل في نظره دعوة عملية للإسلام به تفتح قلوب الناس للإيمان، وقد سار على ذات نهج الرسول صلى الله عليه وسلم، فكانت سياسته تقوم على العدل الشامل بين الناس، وقد نجح في ذلك على صعيد الواقع والتطبيق نجاحا منقطع النظير لا تكاد تصدقه العقول حتى اقترن اسمه بالعدل، وبات من الصعب جدا على كل من عرف شيئا يسيرا من سيرته أن يفصل ما بين الاثنين، وقد ساعده على تحقيق ذلك النجاح الكبير عدة أسباب ومجموعة من العوامل منها:
1- أن مدة خلافته كانت أطول من مدة خلافة أبي بكر بحيث تجاوزت عشر سنوات في حين اقتصرت خلافة أبي بكر على سنتين وعدة شهور فقط.
2- أنه كان شديد التمسك بالحق حتى إنه كان على نفسه وأهله أشد منه على الناس كما رأينا.
3- أن فقه القدوم على الله كان قويا عنده لدرجة أنه كان في كل عمل يقوم به يتوخى مرضاة الله قبل مرضاة الناس، ويخشى الله ولا يخشى أحدا من الناس.
4- أن سلطان الشرع كان قويا في نفوس الصحابة والتابعين بحيث كانت أعمال عمر تلقى تأييدا وتجاوبا وتعاونا من الجميع.





العدل مع الجميع
في موطأ الإمام مالك بسنده عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اخْتَصَمَ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ وَيَهُودِيٌّ، فَرَأَى عُمَرُ أَنَّ الْحَقَّ لِلْيَهُودِيِّ، فَقَضَى لَهُ، فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: وَاللَّهِ لَقَدْ قَضَيْتَ بِالْحَقِّ. فَضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالدِّرَّةِ، ثُمَّ قَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ؟ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: إِنَّا نَجِدُ أَنَّهُ لَيْسَ قَاضٍ يَقْضِي بِالْحَقِّ إِلَّا كَانَ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ وَعَنْ شِمَالِهِ مَلَكٌ يُسَدِّدَانِهِ، وَيُوَفِّقَانِهِ لِلْحَقِّ مَا دَامَ مَعَ الْحَقِّ، فَإِذَا تَرَكَ الْحَقَّ عَرَجَا وَتَرَكَاهُ. (كتاب الأقضية- باب الترغيب في القضاء بالحق- حديث رقم 1206)

وكان رضي الله عنه يأمر عماله أن يوافوه بالمواسم، فإذا اجتمعوا قال:

أيها الناس إني لم أبعث عمالي عليكم ليصيبوا من أبشاركم، ولا من أموالكم، إنما بعثتهم ليحجزوا بينكم، وليقسموا فيئكم بينكم، فمن فُعل به غير ذلك فليقم، فما قام أحد إلا رجل واحد قام فقال: يا أمير المؤمنين إن عاملك ضربنى مائة سوط. قال: فيم ضربته؟ قم فاقتص منه. فقام عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين إنك إن فعلت هذا يكثر عليك ويكون سنة يأخذ بها من بعدك. فقال: أنا لا أقيد، وقد رأيت رسول الله يقيد من نفسه قال: فدعنا فلنرضه، قال: دونكم فأرضوه. فاقتدى منه بمائتى دينار كل سوط بدينارين ولو لم يرضوه لأقاده رضي الله عنه.

وعن أنس أن رجلا من أهل مصر أتى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين عائذ بك من الظلم قال: عذت معاذا. قال: سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته، فجعل يضربني بالسوط ويقول: أنا ابن الأكرمين. فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم ويقدم بابنه معه، فقدم فقال عمر: أين المصري؟ خذ السوط فاضرب فجعل يضربه بالسوط ويقول عمر: اضرب ابن الأكرمين. قال أنس: فضرب، فوالله لقد ضربه، ونحن نحب ضربه، فما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه، ثم قال عمر للمصري: ضع السوط على صلعة عمرو. فقال: يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذي ضربني وقد استقدت منه. فقال عمر لعمرو: مذ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ قال: يا أمير المؤمنين لم أعلم ولم يأتني (كنز العمال جزء 12- صفحة 873).

لقد قامت دولة الخلفاء الراشدين على مبدأ العدل وما أجمل ما قاله ابن تيمية: إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة... بالعدل تستصلح الرجال وتستغزر الأموال.

وأما مبدأ المساواة الذي اعتمده الفاروق في دولته، فيعد أحد المبادئ العامة التي أقرها الإسلام قال تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ] {الحجرات: 13}.

إن الناس جميعا في نظر الإسلام سواسية، الحاكم والمحكوم، الرجال والنساء، العرب والعجم، الأبيض والأسود، لقد ألغى الإسلام الفوارق بين الناس بسبب الجنس أواللون أو النسب أو الطبقة، والحكام والمحكومون كلهم في نظر الشرع سواء، وجاءت ممارسة الفاروق لهذا المبدأ خير شاهد،





المساواة في عهده رضي الله عنه
هذه بعض المواقف التي جسدت مبدأ المساواة في دولته

لم يقتصر مبدأ المساواة في التطبيق عند خلفاء الصدر الأول على المعاملة الواحدة للناس كافة، وإنما تعداه إلى شئون المجتمع الخاصة، ومنها ما يتعلق بالخادم والمخدوم، فعن ابن عباس أنه قال: قدم عمر بن الخطاب حاجًّا، فصنع له صفوان بن أمية طعاما، فجاءوا بجفنة يحملها أربعة، فوضعت بين يدى القوم يأكلون وقام الخدام فقال عمر: أترغبونه عنهم؟ فقال سفيان بن عبد الله: لا والله يا أمير المؤمنين، ولكنا نستأثر عليهم، فغضب عمر غضبا شديدا، ثم قال: ما لقوم يستأثرون على خدامهم، فعل الله بهم وفعل. ثم قال للخادم: اجلسوا فكلوا، فقعد الخدام يأكلون، ولم يأكل أمير المؤمنين.

ومن صور تطبيق المساواة بين الناس ما قام به عمر عندما جاءه مال فجعل يقسمه بين الناس، فازدحموا عليه، فأقبل سعد بن أبى وقاص يزاحم الناس، حتى خلص إليه، فعلاه بالدّرّة وقال: إنك أقبلت لا تهاب سلطان الله في الأرض، فأحببت أن أعلمك أن سلطان الله لن يهابك. فإذا عرفنا أن سعدا كان أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأنه فاتح العراق، ومدائن كسرى، وأحد الستة الذين عينهم للشورى؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وهو راض عنهم، وأنه كان يقال له فارس الإسلام، عرفنا مبلغ التزام عمر بتطبيق المساواة.

وكما رأينا أن عمرو بن العاص، أقام حد الخمر على عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب، يوم كان عامله على مصر. ومن المألوف أن يقام الحد في الساحة العامة للمدينة، لتتحقق من ذلك العبرة للجمهور، غير أن عمرو بن العاص أقام الحد على ابن الخليفة في البيت، فلما بلغ الخبر عمر كتب إلى عمرو بن العاص: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى العاص بن العاص: عجبت لك يا ابن العاص ولجرأتك عليّ، وخلاف عهدي. أما إني قد خالفت فيك أصحاب بدر عمن هو خير منك، واخترتك لجدالك عني وإنفاذ مهدي، فأراك تلوثت بما قد تلوثت، فما أراني إلا عازلك فمسيء عزلك، تضرب عبد الرحمن في بيتك، وقد عرفت أن هذا يخالفني؟ إنما عبد الرحمن رجل من رعيتك، تصنع به ما تصنع بغيره من المسلمين. ولكن قلت: هو ولد أمير المؤمنين وقد عرفت أن لا هوادة لأحد من الناس عندي في حق يجب لله عليه، فإذا جاءك كتابي هذا، فابعث به فى عباءة على قتب حتى يعرف سوء ما صنع. وقد تم إحضاره إلى المدينة وضربه الحد جهرا (روى ذلك ابن سعد، وأشار إليه ابن الزبير، وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن عمر مطولًا).

فهكذا نرى المساواة أمام الشريعة في أسمى درجاتها، فالمتهم هو ابن أمير المؤمنين، ولم يعفه الوالي من العقاب، ولكن الفاروق وجد أن ابنه تمتع ببعض الرعاية، فآلمه ذلك أشد الألم، وعاقب واليه- وهو فاتح مصر- أشد العقاب وأقساه. وأنزل بالابن ما يستحق من العقاب، حرصا على حدود الله، ورغبة في تأديب ابنه وتقويمه.
وهناك قصص كثيرة في العدل عن الصحابة الكرام ومن جاء من بعدهم من الحكام الصالحين كهارون الرشيد وصلاح الدين الأيوبي وعمر بن عبد العزيز قبل ذالك

أبوصلاح الدين 25-03-2010 11:06 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق العشرون :الحكمة
قال الراغب :الحكمة هي إصابة الحق بالعلم والعقل .ويختلف معني الحكمة باختلاف من يتصف بها .فالحكمة من الله تعالي معرفة وإيجادها علي غاية الإحكام
ومن الإنسان هي معرفة الموجودات وفعل الخيرات
والحكمة معرفة الحق لذاته والخير لأجل العمل به وهو التكاليف الشرعية
قال ابن حجر رحمه الله :اختلف في مراد الحكمة فقيل :الإصابة في القول
وقيل :الفهم عن الله
وقيل :ما يشهد العقل بصحته
وقيل :سرعة الجواب بالصواب
وعند علماء السلوك هي معرفة آفات النفس والشيطان والرياضيات ومعالجتها
والحكمة عموما كما يعرفها ابن القيم الجوزية رحمه الله هي فعل ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي علي الوجه الذي ينبغي
وهو تعريف دقيق وشامل
منزلة هذا الخلق الكريم
يكفي شرفا للحكمة أن المولي تبارك وتعالي تسمي بهذا الإسم (الحكيم )وذكر في عشرات المواضيع
وحكمة الله قد ندركها في بعض الأحيان وقد لاندركها
فمما ندركه التدرج في أحكام التشريع كتحريم الخمر والربا وغيرها مما كان شائعا بين الناس وأن التكليف يسقط عن الصغير والمجنون والنائم والمكره لغياب العقل أو الحرية
ومما لاندركه تفاوت الناس في الأرزاق والأشكال والحظوظ.
وقد وردت الحكمة في كتاب الله تعالي علي معاني مختلفة . منها :
1.الموعظة قال تعالي :حكمة بالغة فما تغن النذر )بمعني موعظة بالغة لأنها تهدي إلي فعل الصواب وضرورة الاعتبار
2.السنة (ويعلمهم الكتاب والحكمة )قال بعض العلماء المراد به السنة. وسميت السنة حكمة لأن الحكمة هي وضع النقاط علي الحروف وقد جاءت السنة مفشرة وشارحة ومؤكدة لما فيه كتاب الله تعالي
3.الفهم (ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ) وهذا هو الشائع عند الناس .فالحكمة هي دقة الفهم
4.النبوة قال تعالي l وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب )وكيف لاتكون النبوة حكمة وقد جاء الأنبياء عليهم السلام لرد البشرية إلي جادة الصواب بعد أن انحرفت عن الصراط المستقيم بسبب الشهوات والشبهات .
5.الدليل القاطع (ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة )فقيل هي الدليل القاطع . والدليل القطع لاينحصر أبدا في مرويات صحيحة السند واضحة المعني يقدر ما يعني القدرة علي تنزيل هاته المرويات ومعرفة الاستشهاد بها زمانا ومكانا.
6.علوم القرآن (يوت الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا)قال بعض العلماء المراد بالحكمة هناعلوم القرآن وقيل التأويل وقيل معاني أخري
مظاهر الحكمة في خلق رسول الله صلي الله عليه وسلم
الناس في طلب الحق ثلاثة .أحدهما يبحث عن الحق ويريد التمسك به
وآخر يغلب عليه العناد والمحاججة ولا يمكن أن ينقاد بسهولة
وأصحاب الفطرة السليمة
وقد عرف رسول الله صلي الله عليه وسلم هذه الأنواع الثلاثة
.حكمته مع الباحثين عن الحقيقة
1.

سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أستأذن على أمي؟ فقال: نعم. فقال الرجل: إني معها في البيت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استأذن عليها، أتحب أن تراها عارية؟ فقال: لا. قال: "فاستأذن عليها
فانظر إلي هذا الأسلوب الحكيم لأن هذا الرجل نظر إلي المسألة من جهة واحدة فقط .وكم حكمنا علي أمور في عجلة من أمرنا لأنه تبين لنا منها وجه واحد وظنناه الحق بعينه
ويمثل أحدهم للحقيقة بقصة رجل حكيم له أربعة أولاد أرسل أحدهم في فصل الشتاء إلي الشجرة الفلانية ثم قال :صفها لي .فوصفها ولده الأول بما رأي
ثم أرسل الولد الثاني في فصل الربيع إلي نفس الشجرة وقال :صفها لي
فوصفها الولد الثاني بما رأي
ثم أرسل الولد الثالث في فصل الصيف إلي نفس الشجرة
وقال :صفها لي
فوصفها الولد الثالث بما رأي وعرف
ثم أرسل الولد الرابع في فصل الخريف إلي نفس الشجرة ثم قال له :صفها لي
فوصفها الولد الرابع كما رآها من دون زيادة ولا نقصان
ثم جمع الأب الحكيم أولاده الأربعة وقال :صفوا لي الشجرة فاختلفوا وتنازعوا وعلت أصواتهم
فقال الشيخ :علي مهلكم .كلكم علي حق لأنكم رأيتموها في فصول مختلفة
ويضربون مثلا آخر أن بعض العميان جاؤوهم بفيل صخم فأمسكه أحدهم من الأذن وامسكه آخر من الخرطوم وثالث من الرجل ورابع وهكذا
ثم اختلفت أوصافهم بما لامسوه وتعلق كل واحد منهم بالجزء الذي شعر به
ومن النكت أن رجلا أعمي لم يبصر إلا مرة في حياته فرأي فأرا فكان كلما سمع عن شيء قال :هل هو مثل الفأر
وهكذا حال الناس أجمعهم لايعرفون إلا جزءا من الحقيقة
2.وفي رواية لمسلم بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : مه مه . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزرموه ، دعوه . فتركوه حتى بال ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له : إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر ، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن . فأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنّه عليه .

وعند أبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ، فصلى ركعتين ثم قال : اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحداً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد تحجرت واسعاً . ثم لم يلبث أن بال في ناحية المسجد ، فأسرع الناس إليه ، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : إنما بعثتم ميسرين ، ولم تبعثوا معسرين . صبوا عليه سجلا من ماء - أو قال - : ذنوبا من ماء .
فانظر كيف استطاع رسول الله صلي الله عليه وسلم بحكمته أن يحتوي المشكلة برمتها حتي خرج صاحب الخطأ مطمئنا فرحا مستبشرا ولو كان عند غيره لرأي العقاب الشديد
3. عن أبي أمامة قال :

إن فتى شابا اتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ! ائذن لي بالزنى . فأقبل القوم عليه فزجروه ، وقالوا مه مه ! فقال : ادنه . فدنا منه قريبا . قال : فجلس . قال أتحبه لأمك ؟ قال : لا والله ، جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لأمهاتهم . قال أفتحبه لابنتك ؟ قال : لا والله يا رسول الله ! جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لبناتهم . قال أتحبه لأختك ؟ قال : لا والله ، جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لأخواتهم . قال أتحبه لعمتك ؟ قال : لا والله ، جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لعماتهم . قال أتحبه لخالتك ؟ قال : لا والله ، جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لخالاتهم . قال : فوضع يده عليه ، وقال : اللهم ! اغفر ذنبه ، وطهر قلبه ، وحصن فرجه . فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء . ( وسنده صحيح ) .
4. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء رجل من بني فزارة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن امرأتي ولدت غلاما أسود -وهو يريد الانتفاء منه- فقال له: (هل لك من إبل؟) ، قال: نعم، قال: (ما ألوانها؟) ، قال: حُمْر، فقال له: (هل فيها من أورق؟) ، قال: نعم، قال: ( فأنى كان ذلك ؟) ، قال: أراه عرقٌ نزعه ، قال: ( فلعل ابنك هذا نزعه عرق) ، ولم يرخص له في الانتفاء منه" متفق عليه.
لقد استطاع رسول الله صلي الله عليه وسلم بحكمته البالغة وعقله الوافر أن يطمئن الرجل ويحافظ علي شمل الأسرة
حكمته مع أهل العناد والخصومات و هؤلاء تحوي قلوبهم الكبر و العناد و المجادلة بالباطل و يقصدون من وراء \لك إثارة الشغب و الخصام..
فقد كان صلي الله عليه وسلم بحكمته و فطانة عقله يلزمهم الحجة و يجادلهم بالتي هي احسن و يعاملهم بالرفق و اللين و هذه الحكمة و ذلك الاسلوب يسكن غضبهم و يوضح شغبهم ثم يفحمهم بالحجة الدامغة و البرهان الساطع الذي يكون بعده التسليم و الاذعان و من امثلة ذلك:
1- حكمته صلي الله عليه وسلم مع ابن الزبعري شاعر قريش في الجاهلية وقد سمع بقول مولانا تباركت اسماؤه و تعالت عن الاضداد صفاته:
" إنكم و ما تعبدون من دون الله حصب جهنم انتم لها واردون لو كان هؤلاء ءالهة ما وردوها و كل فيها خالدون لهم فيها زفير و هم فيها لا يسمعون".
قال أما و الله لو وجدت محمدا لخصمته فسلوا محمدا : أكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده؟ فنحن نعبد الملائكة و اليهود تعبد عزيرا و النصارى تعبد عيسى بن مريم فعجب الحاضرون مما قاله ابن الزبعري و رأوا أنه قد خصم رسول الله صلي الله عليه وسلم و غلبه فقال النبي صلي الله عليه وسلم :" إن كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده إنهم إنما يعبدون الشياطين و من أمرتهم بعبادته".
فانزل الله تصديقا لنبيه :" إن الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها و هم في ما اشتهت انفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الاكبر و تتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون".
2
عن ابن عباس ; أن أحبار يهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة : يا محمد ، أرأيت قولك : ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) ؟ [ الإسراء : 85 ] ، إيانا تريد أم قومك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلا " . فقالوا : ألست تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة فيها تبيان لكل شيء ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها في علم الله قليل ، وعندكم من ذلك ما يكفيكم " . وأنزل الله فيما سألوه عنه من ذلك : ( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام ) الآية .
فانظر إلي حكمته في الرد عليهم .فرسول الله مبعوث للناس أجمعين وليس اليهود فقط. ولذالك قال : كلا أردت
ثم بين أن التوراة قد لحقها التحريف ومع ذالك لو يطبقوا فقط ما عندهم لكفاهم.
3. قال ابن عباس [ رضي الله عنه ] حضرت عصابة من اليهود نبي الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبي . قال : " سلوني عما شئتم ، ولكن اجعلوا لي ذمة الله ، وما أخذ يعقوب على بنيه لئن أنا حدثتكم شيئا فعرفتموه لتتابعني على الإسلام " . قالوا : فذلك لك . قال : " فسلوني عما شئتم " قالوا : أخبرنا عن أربع خلال : أخبرنا أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه ؟ وكيف ماء المرأة وماء الرجل ؟ كيف هذا النبي الأمي في النوم ؟ ومن وليه من الملائكة ؟ فأخذ عليهم العهد لئن أخبرهم ليتابعنه وقال : " أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى : هل تعلمون أن إسرائيل مرض مرضا شديدا وطال سقمه ، فنذر لله نذرا لئن شفاه الله من سقمه ليحرمن أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه ، وكان أحب الطعام إليه لحمان الإبل ، وأحب الشراب إليه ألبانها " فقالوا : اللهم نعم . قال : " اللهم اشهد عليهم " . وقال : أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو ، الذي أنزل التوراة على موسى : هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ ، وماء المرأة أصفر رقيق ، فأيهما علا كان له الولد والشبه بإذن الله ، إن علا ماء الرجل ماء المرأة كان ذكرا بإذن الله وإن علا ماء [ ص: 75 ] المرأة ماء الرجل كان أنثى بإذن الله " . قالوا : نعم . قال : " اللهم اشهد عليهم " . وقال : " أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى : هل تعلمون أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ولا ينام قلبه " . قالوا : اللهم نعم . قال : " اللهم اشهد " . قالوا : وأنت الآن فحدثنا من وليك من الملائكة ؟ فعندها نجامعك أو نفارقك قال : " إن وليي جبريل ، ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه " . قالوا : فعندها نفارقك ، ولو كان وليك غيره لتابعناك ، فعند ذلك قال الله تعالى : ( قل من كان عدوا لجبريل ) الآية [ البقرة : 97 ] .
تبين من خلال محاورات كثيرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أفحم اليهود رغم التواءاتهم وتعقيداتهم . ولم يجدوا بدا من الإذعان.ومع ذالك طبيعة اليهود تأبي إلا الجحود والعناد والكفر
النوع الثالث :حكمته مع أصحاب الفطرة السليمة
1.لما أتي رسول الله صلي الله عليه وسلم المدينة وكانت قبيلتي الأوس والخزرج حديثي عهد بواقعة بعاث فأسس رسول الله المسجد وصار ملتقي لكل المسلمين
2..وآخي بين المهاجرين والأنصار
3.ولما كادت أن تشتعل فتنة بين المهاجرين والأنصار قال (دعوها فإنها منتنة
4.ولما حاول ذالك اليهودي الماكر أن يذكر قبيلتي الأوس والخزرج بما كانا بينهما في الماضي غضب رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال (أبدعوي الجاهلية وأنا بين أظهركم )
5.ولما تكلم بعض شباب الأنصار بعد غزوة حنين أن رسول الله صلي الله عليه وسلم يريد أن يرجع إلي أهله ولم يعطهم من الغنائم إلا القليل خطب فيهم خطب رجل حكيم بين أنه يحبهم أكثر من غيرهم وقد وكلهم إلي إسلامهم بينما كان البعض كما يقول الشيخ محمد الغزالي عليه رحمة الله كالبهيمة لا ينقاد إلا بإرسيم من الحشيش
6.وحاول رأس المنافقين بن أبي بن سلول محاولات عديدة لاجتثاث المسلمين وتكلم فيهم كلاما خبيثا وتآمر مع اليهود الاستئصال شأفتهم من المدينة . ولم يتحقق له شيء من ذالك واحتوي رسول الله صلي الله عليه وسلم كل ذالك بحكمته

أبوصلاح الدين 25-03-2010 11:08 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق الحادي والعشرون: حسن العشرة
العشرة هي كثرة المخالطة والتعامل اليومي مع طائفة من الناس .ومن هنا جاءت العشرة بين الزوجين وبين الجيران وبين الشركاء لأنها تتطلب تنازلات كثيرة
إذا تعلقت العشرة بالنساء كان المراد منها أمور المبيت والنفقة وطرق التواصل بين الزوجين ومظاهر الرحمة والعطف والحلم والتغافل
وقيل أن حسن المعاشرة مع الزوجة أن يتزين الزوج لزوجته كما تتزين له
وحسن العشرة مع الناس تعني طلاقة الوجة والتلطف في الكلام والتغافل وحسن الحياء والترفع عن بعض الصغائر كتشبيك الأصابع والعبث باللحية وتخليل الأسنان وإدخال الأصبع في الأنف وكثرة التمطي والتثاؤب ورفع الصوت وكثرة الملاحظات
وقد حث ربنا جل وعلا في القرآن الكريم علي حسن معاملة الزوجات بالمعروف
1.(وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسي أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا)
2.(فانكحوهن بإذن أهلن وآتوهن أجورهن بالمعروف )
3.(الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)
4.( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف )
5(ومتعوهن علي الموسع قدره وعلي المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا علي المحسنين )
6.( وللمطلقات متاع بالمعروف حقا علي المتقين )
7. (ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير )
8.( ومن آياته أن خلق لكم من انفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة ورحمة إن في ذالك لآيات لقوم يتفكرون )
عن عائشة قالت: كان النبي يشرب عسلاً عند زينب بنت جحش ويمكث عندها, فتواطأت أنا وحفصة على أيـَّتِنا دخل عليها فلتقل له: أكلت مغافير إني أجد منك ريح مغافير, قال: «لا ولكني كنت أشرب عسلاً عند زينت بنت جحش فلن أعود له وقد حلفت لا تخبري بذلك أحداً»... {تبتغي مرضات أزواجك}
وهذا الحديث له طرق كثيرة وخاض فيه من خاض لينال من عرض السيدة عائشة رضي الله عنها والسيدة حفصة رضي الله عنها
ويتبين هنا حسن معاشرته صلي الله عليه وسلم لزوجاته .
مظاهر حسن المعاشرة في حياة رسول الله صلي الله عليه وسلم
أولا :حسن معاشرته مع أهله
1.وهذه السيدة عائشة رضي الله عنها أقرب الناس إليه تقول :كنت مع النبي صلي الله عليه وسلم في سفر فسابقته فسبقته علي رجلي فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال لي lهذه بتلك )
2. عن أنس قال : كان للنبي تسع نسوة ، فكان إذا قسم بينهن لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلا في تسع ، فكن يجتمعن كل ليلة في بيت التي يأتيها ، فكان في بيت عائشة فجاءت زينب فمد يده إليها ، فقالت ــ أي عائشة ــ : هذه زينب ، فكف النبي يده ، فتقاولتا حتى استبتا وأقيمت الصلاة فمر أبو بكر على ذلك فسمع أصواتهما ، فقال اخرج يا رسول الله إلى الصلاة وأحث في أفواههن التراب فخرج النبي فقالت عائشة الآن يقضي النبي صلاته فيجيء أبو بكر فيفعل بي ويفعل فلما قضى النبي صلاته أتاها أبو بكر فقال لها قولا شديدا ( ).
قال ابن كثير( ): ... ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها .
ما أروع هاته الأخلاق العالية .من الناس من له زوجتان لا يستطيع حتي الجلوس بينهما .بل لا تحتمل إحداهما الأخري
3.وكان ينام مع نسائه في شعار واحد يضع علي كتفيه الرداء وينام بالإزار .تقول السيدة عائشة رضي الله عنها :كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يباشرني في شعار واحد وأنا حائض ولكنه كان أملككم لإربه أو يملك إربه
4. ‏عَنْ ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ‏ ‏قَالَتْ ‏
‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِنِّي لَأَعْرِفُ غَضَبَكِ وَرِضَاكِ قَالَتْ قُلْتُ وَكَيْفَ تَعْرِفُ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّكِ إِذَا كُنْتِ رَاضِيَةً قُلْتِ بَلَى وَرَبِّ ‏ ‏مُحَمَّدٍ ‏ ‏وَإِذَا كُنْتِ سَاخِطَةً قُلْتِ لَا وَرَبِّ ‏ ‏إِبْرَاهِيمَ ‏ ‏قَالَتْ قُلْتُ أَجَلْ لَسْتُ أُهَاجِرُ إِلَّا اسْمَكَ ‏
5. ومن حسن معاشرته صلي الله عليه وسلم ان السيدة عائشة رضي الله عنها تزوجها وهي صغيرة وكانت تأتيها بعض البنات يلعبن معها فإ\ا دخل رسول الله فررن فيردهن رسول الله صلي الله عليه وسلم
فعن ابن حبان أنها قالت :دخل علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنا ألعب اللعب فرفع الستر وقال :ما ه\ا ياعائشة
فقلت :لعب يارسول الله
قال :ما هذا الذي أري بينهن ؟
قلت :فرس يارسول الله قال :فرس من رقاع له جناح
فقالت : ألم يكن لسليمان بن داوود خيل لها أجنحة ؟ فضحك رسول الله صلي الله عليه وسلم
6. وقد جاءت امرأة إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال :يا عائشة أتعرفين هذه ؟
قالت :لا يا نبي الله
فقال : هذه قينة بني فلان تحبين أن تغنيك ؟
قالت :نعم
فأعطاها طبقا فغنتها فقال النبي صلي الله عليه وسلم ( قد نفخ الشيطان في منخريها ) يعني أخذها العجب والغرور أو نشوة الغناء
7. وعن عائشة رضي الله عنها أن أبابكر رضي الله عنه دخل عليها وعندها جاريتان في أيام مني تدففان وتضربان والنبي صلي الله عليه وسلم متغش في ثوبه فانتهزها أبو بكر فكشف النبي صلي الله عليه وسلم عن وجهه فقال : دعهما يا أبابكر فإنها أيام عيد
8. عن عروة بن الزبير قال قالت عائشة والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن حريصة على اللهو
9.وتخبرنا السيدة عائشة رضي الله عنها فتقول : كنت أشرب وأنا حائض ثم أناوله النبي صلي الله عليه وسلم فيضع فاه علي موضع في وأتعرق العرق وانا حائض ثم أناوله النبي صلي الله عليه وسلم فيضع فاه علي موضع في
وهذا كله زيادة في اللطف والمحبة .والحائض قد تمر بأحوال نفسية صعبة ولذالك علي الزوج أن يتفهما .وصدق رسول الله
10. عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال لم أزل حريصا على أن أسأل عمر رضي الله عنه عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله لهما إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما فحججت معه فعدل وعدلت معه بالإداوة فتبرز حتى جاء فسكبت على يديه من الإداوة فتوضأ فقلت يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله عز وجل لهما إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما فقال وا عجبي لك يا ابن عباس عائشة وحفصة ثم استقبل عمر الحديث يسوقه فقال إني كنت وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة وكنا نتناوب النزول على النبي صلى الله عليه وسلم فينزل يوما وأنزل يوما فإذا نزلت جئته من خبر ذلك اليوم من الأمر وغيره وإذا نزل فعل مثله وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا على الأنصار إذا [ ص: 872 ] هم قوم تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار فصحت على امرأتي فراجعتني فأنكرت أن تراجعني فقالت ولم تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل فأفزعني فقلت خابت من فعل منهن بعظيم ثم جمعت علي ثيابي فدخلت على حفصة فقلت أي حفصة أتغاضب إحداكن رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم حتى الليل فقالت نعم فقلت خابت وخسرت أفتأمن أن يغضب الله لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم فتهلكين لا تستكثري على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تراجعيه في شيء ولا تهجريه واسأليني ما بدا لك ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أوضأ منك وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد عائشة وكنا تحدثنا أن غسان تنعل النعال لغزونا فنزل صاحبي يوم نوبته فرجع عشاء فضرب بابي ضربا شديدا وقال أنائم هو ففزعت فخرجت إليه وقال حدث أمر عظيم قلت ما هو أجاءت غسان قال لا بل أعظم منه وأطول طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه قال قد خابت حفصة وخسرت كنت أظن أن هذا يوشك أن يكون فجمعت علي ثيابي فصليت صلاة الفجر مع النبي صلى الله عليه وسلم فدخل مشربة له فاعتزل فيها فدخلت على حفصة فإذا هي تبكي قلت ما يبكيك أولم أكن حذرتك أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لا أدري هو ذا في المشربة فخرجت فجئت المنبر فإذا حوله رهط يبكي بعضهم فجلست معهم قليلا ثم غلبني ما أجد فجئت المشربة التي هو فيها فقلت لغلام له أسود استأذن لعمر فدخل فكلم النبي صلى الله عليه وسلم ثم خرج فقال ذكرتك له فصمت فانصرفت حتى جلست مع الرهط الذين عند المنبر ثم غلبني ما أجد فجئت فذكر مثله فجلست مع الرهط الذين عند المنبر ثم غلبني ما أجد فجئت الغلام فقلت استأذن لعمر فذكر مثله فلما وليت منصرفا فإذا الغلام يدعوني قال أذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت عليه فإذا هو مضطجع على رمال حصير [ ص: 873 ] ليس بينه وبينه فراش قد أثر الرمال بجنبه متكئ على وسادة من أدم حشوها ليف فسلمت عليه ثم قلت وأنا قائم طلقت نساءك فرفع بصره إلي فقال لا ثم قلت وأنا قائم أستأنس يا رسول الله لو رأيتني وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا على قوم تغلبهم نساؤهم فذكره فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم ثم قلت لو رأيتني ودخلت على حفصة فقلت لا يغرنك أن كانت جارتك هي أوضأ منك وأحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد عائشة فتبسم أخرى فجلست حين رأيته تبسم ثم رفعت بصري في بيته فوالله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر غير أهبة ثلاثة فقلت ادع الله فليوسع على أمتك فإن فارس والروم وسع عليهم وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله وكان متكئا فقال أوفي شك أنت يا ابن الخطاب أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا فقلت يا رسول الله استغفر لي فاعتزل النبي صلى الله عليه وسلم من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة وكان قد قال ما أنا بداخل عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن حين عاتبه الله فلما مضت تسع وعشرون دخل على عائشة فبدأ بها فقالت له عائشة إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا وإنا أصبحنا لتسع وعشرين ليلة أعدها عدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم الشهر تسع وعشرون وكان ذلك الشهر تسعا وعشرين قالت عائشة فأنزلت آية التخيير فبدأ بي أول امرأة فقال إني ذاكر لك أمرا ولا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك قالت قد أعلم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقك ثم قال إن الله قال يا أيها النبي قل لأزواجك إلى قوله عظيما قلت أفي هذا أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ثم خير نساءه فقلن مثل ما قالت عائشة
والحديث بطوله كما تري في صحيح البخاري وفيه من الفوائد الشيء العجيب
وتظهر الصورة واضحة في حسن معاشرته صلي الله عليه وسلم لزوجاته
12. عن النعمان بن بشير قال : جاء أبو بكر يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فسمع عائشة وهى رافعة صوتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن له فدخل فقال يا ابنة أم رومان وتناولها أترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها قال فلما خرج أبو بكر جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها يترضاها ألا ترين انى قد حلت بين الرجل وبينك قال ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه فوجده يضاحكها قال فأذن له فدخل فقال له أبو بكر يا رسول الله أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما
حثه الأمة علي حسن عشرةالنساء
  • (استوصوا بالنساء خيرا فإنهمن خلقن من ضلع أعوج وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه إن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج )
  • وقال صلي الله عليه وسلم (لايفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي خلقا آخرا) ومعني لايفرك أي لايبغض
  • 3. (اتقوا الله في النساء فإنهم عوان عندكم )
  • (حبب إلي من دنياكم ثلاث النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة )
ثانيا :حسن عشرته مع أصحابه
1.يروي لنا أنس رضي الله عنه أنه لما قدم النبي صلي الله عليه وسلم اخذ أبو طلحة بيدي فانطلق بي لإلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال :يارسول الله إن أنسا غلام كيس فليخدمك فخدمته في الحضر والسفر فوالله ما قال لي شيء صنعته لم صنعته كذا ولا لشيء لم أصنعه لم لم تصنع هذا هكذا ؟
2. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خُلُقاً فأرسلني يوماً لحاجة ، فقلتُ : واللهِ لا أذهب – وفي نفسي أن أذهب لما أمرني نبي الله صلى الله عليه وسلم – قال :
فخرجتُ حتى أمرَّ على صبيان وهم يلعبون في السوق ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قابض بقفاي من ورائي ، فنظرت إليه وهو يضحك فقال : " يا أنيس ، اذهب حيث أمرتُكَ " قلت : نعم ، أنا أذهب يا رسول الله .
3. عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أنه قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت فاطمة فلم يجد عليا فقال: أين ابن عمك ؟
فقالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج. فقال النبي لرجل: انظر أين هو, فقال الرجل: هو في المسجد راقد.
فجاءه وهو مضطجع, وقد سقط رداؤه عن شقه فأصابه تراب, فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: قم يا أبا تراب ز قال سهل: وما كان له ( أي لعلي ) اسم أحب إليه منه.
هذا الحديث الشريف يرشد إلى ما يحسن بالأب أن يفعله, وبالزوجة أن تفعله, وبالزوج أن يفعله إذا حدث خلاف بين الزوج وزوجته.
فالنبي يسأل ابنته فاطمة, وقد زارها في بيتها عن زوجها علي, فتخبره رضي الله عنها أنه غاضبها في شيء, دون أن تذكر له هذا الشيء, وهذا كتمان جميل يحسن بكل زوجة أن تحرص عليه, فلا تخبر أهلها بتفاصيل الخلافات التي تحدث بينها وبين زوجها.
ثم نتأمل حكمة تصرف علي رضي الله عنه حين انسحب من ساحة الخلاف الذي ثار بينه وبين السيدة فاطمة رضي الله عنها " فغاضبني فخرج “, وهذا خير من مواصلة المغاضبة التي قد تتطور إلى شجار حاد.
وإلى أين ينسحب رضي الله عنه ؟ لم ينسحب إلى أصحابه , ولم ينسحب إلى أمكنة أخرى يذهب إليها الأزواج إثر نشوب خلافات مع زوجاتهم , بل انسحب – كرم الله وجهه – إلى المسجد , حيث تهدأ أعصابه الثائرة , وتطمئن النفس الغاضبة .

ونتعلم من النبي صلى الله عليه وسلم عدم تأجيله التوفيق بين صهره وابنته, بل بادر يسأل عنه, فلما أخبروه أنه في المسجد, جاءه وهو يقول " قم يا أبا تراب " بعد أن رأى التراب الذي أصاب جسمه وقد سقط رداؤه عنه.
ولم يعاتبه النبي عليه الصلاة والسلام, مما يشير إلى أن المصالحة التي تقوم على تطييب الخاطر خير من المصالحة التي تقوم على المحاسبة والمعاتبة.
ومما يؤكد أن نفس علي قد طابت قول سهل في نهاية الحديث: " وما كان له اسم أحب إليه منه
4.ويحكي لنا عباد بن شرحبيل قال : أصابني سنة أي جدب وقحط فدخلت حائطا من حيطان المدينة ففركت سنبلا فأكلت وحملت في ثوبي فجاء صاحبه فضربني وأخذ ثوبي فأتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال له :ما علمت إذ كان جاهلا ولا أطعمت إذ كان جائعا وأمره فرد علي ثوب وأعطاني وسقا ونصف وسق من طعام
5.ويقول سيدنا عثمان رضي الله عنه وهو يخطب يوما : 5إنا والله قد صحبنا رسول الله صلي الله عليه وسلم في السفر والحضر وكان يعود مرضانا ويتبع جنائزنا ويغزو معنا ويواسينا بالقليل والكثير وإن ناسا يعلموني به عسي أن لايكون أحدهم رآه قط –
6. وعن ابن عباس أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لما قدم مكة استقبله أغيلمة بني هاشم فحمل واحدا بين يديه وآخر خلفه
7. وعن أبي رافع بن عمرو الغفاري قال :كنت غلاما أرمي نخل الأنصار فأتي النبي صلي الله عليه وسلم فقال :يا غلام لم ترمي النخل ؟
قال : آكل .قال :فلا ترم النخل وكل مما يسقط في أسفلها ثم مسح رأسه وقال :اللهم أشبع بطنه
ثالثا :حسن معاشرته مع اليهود
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لابن صوريا 5أ\كركم بالله الذي نجاكم من آل فرعون وأقصعكم البحر وظلل عليكم الغمام وأنزل عليكم المن والسلوي وأنزل عليكم التوراة علي موسي أتجدون في كتابكم الرجم ؟
قال ابن صوريا :ذكرتني بعظيم ولا يسعني أن اكذبك
وكم هي من القصص الكثيرة في حسن معاشرته لليهود.لجاره اليهودي ولذالك الأعمي اليهوي الذي دخلوا حائطه وهم ذاهبون إلي غزوة أحد فبداهم يرميهم بالحجارة فهم به بعض الصحابة فقال :دعوه أعمي البصر والبصيرة اوكما قال عليه الصلاة والسلام
حسن معاشرته مع الخدم والعبيد
قد مرت بنا احاديث أنس وانه خدم رسول الله عشر سنين فما سمع منه كلمة يكرهها
ومن ذالك قصة المرأة السوداء التي كانت تقوم بنظافة المسجد فتوفيت فدفنها الصحابة رضي الله عنهم ولم يعلم بها رسول الله ولما سمع بها ذهب إلي قبرها وصلي عليها ودعا لها والقصة معروفة
وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسوزل الله صلي الله عليه وسلم قال (إذا صنع لأحدكم خادمه طعامه ثم جاء به وقد ولي حره ودخانه فليقعد معه فليأكل فإن كان الطعام قليلا فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين )
وعن ضمرة بن حبيب أن النبي لصي الله عليه وسلم قال : (أعظم القوم أجرا خادمهم ).
حث الرسول أتباعه علي حسن المعاشرة
1.(لا تحقرن من المعروف شيئا ولوأن تلقي أخاك بوجه طلق )
2.(ألا أدلكم علي شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم )
3 (لايؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه )
4.(المسلم أخو المسلم لايظلمه ولا يسلمه .من كان في حاجة اخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة )
5.(من عرض عليه ريحان فلا يسرده فإنه خفيف المحمل طيب الريح )
6.
(من أنظر معسرا او وضع له أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لاظل إلاظله )
7. (حوسب رجل ممن كان قبلكم فلك يوجد له من الخير شيئا إلا أنه كان يخالط الناس وكان موسرا فكان يأمر غلمانه ان يتجاوزا عن المعسر قال الله عز وجل :نحن أحق بذالك منه تجاوزوا عنه
8.وجاء رجل إلي النبي لصي الله عليه وسلم يشكوا إليه قائلا :يارسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعون وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عليهم ويجهلون علي فما ذا قال له رسول الله ؟
لئن كانت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله تعالي ظهير عليهم مادمت علي ذالك
9.(إذا كنتم في ثلاثة فلا يتناجي رجلان دون الآخر حتي يختلطوا بالناس فإن ذالك يحزنه
10 (إياكم والظن فإن الظن اكذب الحديث ولا تجسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا )
11.وسأل رجل رسول الله أي النساء خير
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (هي التي تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمر ولا تخالف في نفسها ومالها بما يكره
12.وعن خير الأزواج يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم (أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا كتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت
13.وعن حسن المعاشرة مع الكل يقول (لايحل لمسلم ان يهجر أخاه فوق ثلاث يعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام )

أبوصلاح الدين 25-03-2010 11:11 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق الثاني والعشرون :الإحسان
الإحسان ضد الإساءة والمحاسن تقابلها المساء
وتحسين الشيء يطلق علي تزيينه وإتقانه (وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات )
والإحسان كما قال النبي صلي الله عليه وسلم (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)
قال العلماء :ال
إحسان هنا مراقبة الله وحسن طاعته

قال الفيروزآبادي :الإحسان علي وجهين
الإنعام علي الغير (وأحسن كما أحسن الله إليك )
إحسان في فعله بمعني أن تقوم بعمل علي أكمل وجه ممكن
قال المناوي رحمه الله : الإحسان إسلام ظاهري يقيمه إيمان باطن يكمله إحسان شهودي
وقال الراغب : الإحسان فعل ما ينبغي فعله من المعروف
وقال الكفوي :الإحسان هو فعل الإنسان ما ينفع غيره بحيث يصير الغير حسنا كإطعام الجائع
منزلة الإحسان.
وهذه هي منزلة الإحسان كما يبينها لنا ابن القيم الجوزية رحمه الله في كتابه مدارج السالكين

فصل ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الإحسان
وهي لب الإيمان وروحه وكماله وهذه المنزلة تجمع جميع المنازل فجميعها منطوية فيها وكل ما قيل من أول الكتاب إلى ههنا فهو من الإحسان

قال صاحب المنازل رحمه الله وقد استشهد على هذه المنزلة بقوله تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ} [ الرحمن: 60 ]: فالإحسان جامع لجميع أبواب الحقائق وهو أن تعبد الله كأنك تراه أما الآية: فقال ابن عباس رضي الله عنه والمفسرون: هل جزاء من قال: لا إله إلا الله وعمل بما جاء به محمد إلا الجنة وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ: {هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ} [ الرحمن: 60 ] ثم قال: هل تدورن ماذا قال ربكم قالوا: الله ورسوله أعلم قال: يقول: هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة وأما الحديث: فإشارة إلى كمال الحضور مع الله عز وجل ومراقبته الجامعة لخشيته ومحبته ومعرفته والإنابة إليه والإخلاص له ولجميع مقامات الإيمان قال: وهو على ثلاث درجات الدرجة الأولى: الإحسان في القصد بتهذيبه علما وإبرامه عزما وتصفيته حالا يعني إحسان القصد يكون بثلاثة أشياء أحدها: تهذيبه علما بأن يجعله تابعا للعلم على مقتضاه مهذبا به منقى من شوائب الحظوظ فلا يقصد إلا ما يجوز في العلم و العلم هو اتباع الأمر والشرع والثاني: إبرامه عزما و الإبرام الإحكام والقوة أي يقارنه عزم يمضيه ولا يصحبه فتور وتوان يضعفه ويوهنه الثالث: تصفيته حالا أي يكون حال صاحبه صافيا من الأكدار والشوائب التي تدل على كدر قصده فإن الحال مظهر القصد وثمرته وهو أيضا مادته وباعثه فكل منهما ينفعل عن الآخر فصفاؤه وتخليصه من تمام صفاء الآخر وتخليصه
فصل قال: الدرجة الثانية: الإحسان في الأحوال وهو أن تراعيها غيرة
وتسترها تظرفا وتصححها تحقيقا

يريد بمراعاتها: حفظها وصونها غيرة عليها أن تحول فإنها تمر مر السحاب فإن لم يرع حقوقها حالت ومراعاتها: بدوام الوفاء وتجنب الجفاء ويراعيها أيضا بإكرام نزلها فإنها ضيف والضيف إن لم تكرم نزله ارتحل
ويراعيها أيضا بضبطها ملكة وشد يده عليها وأن لا يسمح بها لقاطع طريق ولا ناهب ويراعيها أيضا: بالانقياد إلى حكمها والإذعان لسلطانها إذا وافق الأمر ويراعيها أيضا: بسترها تظرفا وهو أن يسترها عن الناس ما أمكنه لئلا يعلموا بها ولا يظهرها إلا لحجة أو حاجة أو مصلحة راجحة فإن في إظهارها بدون ذلك آفات عديدة مع تعريضها للصوص والسراق والمغيرين وإظهار الحال للناس عند الصادقين: حمق وعجز وهو من حظوظ النفس والشيطان وأهل الصدق والعزم لها أستر وأكتم من أرباب الكنوز من الأموال لأموالهم حتى إن منهم من يظهر أضدادها نفيا وجحدا وهم أصحاب الملامتيه ولهم طريقة معروفة وكان شيخ هذه الطائفة عبدالله بن منازل واتفقت الطائفة على أن من أطلع الناس على حاله مع الله: فقد دنس طريقته إلا لحجة أو حاجة أو ضرورة وقوله: وتصحيحها تحقيقا أي يجتهد في تحقيق أحواله وتصحيحها وتخليصها فإن الحال قد يمتزج بحق وباطل ولا يميزه إلا أولو البصائر والعلم وأهل هذه الطريق يقولون: إن الوارد الذي يبتدىء العبد من جانبه الأيمن والهواتف والخطاب: يكون في الغالب حقا والذي يبتدىء من الجانب الأيسر: يكون في الغالب باطلا وكذبا فإن أهل اليمين: هم أهل الحق وبأيمانهم يأخذون كتبهم ونورهم الظاهر على الصراط يكون بأيمانهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم

يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وشأنه كله والله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف وأخبر أن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله وحظه من ابن آدم جهة الشمال ولهذا تكون اليد الشمال للاستجمار وإزالة النجاسة والأذى ويبدأ بالرجل الشمال عند دخول الخلاء ومن الفرقان أيضا: أن كل وارد يبقي الإنسان بعد انفصاله نشيطا مسرورا نشوانا: فإنه وارد ملكي وكل وارد يبقي الإنسان بعد انفصالة خبيث النفس كسلان ثقيل الأعضاء والروح يجنح إلى فتور: فهو وارد شيطاني ومن الفرقان أيضا: أن كل وارد أعقب في القلب: معرفة بالله ومحبة له وأنسا به وطمأنينة بذكره وسكونا إليه: فهو ملكي إلهي وخلافه بخلافه
ومن الفرقان أيضا: أن كل وارد أعقب صاحبه تقدما إلى الله تعالى والدار الآخرة وحضورا فيها حتى كأنه يشاهد الجنة قد أزلفت والجحيم قد سعرت: فهو إلهي ملكي وخلافه شيطاني نفساني ومن الفرقان أيضا: أن كل وارد كان سببه النصيحة في امتثال الأمر والإخلاص والصدق فيه: فهو إلهي ملكي وإلا فهو شيطاني ومن الفرقان أيضا: أن كل وارد استنار به القلب وانشرح له الصدر وقوي به القلب: إلهي ملكي وإلا فهو شيطاني ومن الفرقان أيضا: أن كل وارد جمعك على الله فهو منه وكل وارد فرقك عنه وأخذك عنه: فمن الشيطان ومن الفرقان أيضا: أن الوارد الإلهي لا يصرف إلا في قربة وطاعة ولا يكون سببه إلا قربة وطاعة فمستخرجه الأمر ومصرفه الأمر والشيطاني بخلافه ومن الفرقان أيضا: أن الوارد الرحماني لا يتناقض ولا يتفاوت ولا يختلف بل يصدق بعضه بعضا والشيطاني بخلافه يكذب بعضه بعضا والله سبحانه أعلم

فصل قال: الدرجة الثالثة: الإحسان في الوقت وهو أن لا تزايل المشاهدة أبدا ولا تخلط بهمتك أحدا وتجعل هجرتك إلى الحق سرمدا أي لا تفارق حال الشهود وهذا إنما يقدر عليه أهل التمكن الذين ظفروا بنفوسهم وقطعوا المسافات التي بين النفس وبين القلب والمسافات التي بين القلب وبين الله بمجاهدة القطاع التي على تلك المسافات وقوله: ولا تخلط بهمتك أحدا
يعني: أن تعلق همتك بالحق وحده ولا تعلق همتك بأحد غيره فإن ذلك شرك في طريق الصادقين قوله: وأن تجعل هجرتك إلى الحق سرمدا يعني: أن كل متوجه إلى الله بالصدق والإخلاص فإنه من المهاجرين إليه فلا ينبغي أن يتخلف عن هذه الهجرة بل ينبغي أن يصحبها سرمدا حتى يلحق بالله عز وجل
فما هي إلا ساعة ثم تنقضي ويحمد غب السير من هو سائر
ولله على كل قلب هجرتان وهما فرض لازم له على الأنفاس: هجرة إلى الله سبحانه بالتوحيد والإخلاص والإنابة والحب والخوف والرجاء والعبودية وهجرة إلى رسوله: بالتحكيم له والتسليم والتفويض والانقياد لحكمه وتلقي أحكام الظاهر والباطن من مشكاته فيكون تعبده به أعظم من تعبد الركب بالدليل الماهر في ظلم الليل ومتاهات الطريق فما لم يكن لقلبه هاتان الهجرتان فليحث على رأسه الرماد وليراجع الإيمان من أصله فيرجع وراءه ليقتبس نورا قبل أن يحال بينه وبينه ويقال له ذلك على الصراط من وراء السور والله المستعان
ميادين الإحسان
1.مواجهة الملمات بالصبر عليها (واصبر فإن الله لايضيع أجر المحسنين
2.أداء الدية لولي القتيل (فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان )فقد أمر الله بالإحسان لأهل القتيل مادام قد أحسنوا بالعفو عن القاتل
3.معاملة المطلقات .يلاحظ عند البعض من الأزواج عند وقوع نفرة أو طلاق لايبقي إحسان بينهم بل يريد أن ينتقم أحدهما من الآخر بأبشع الطرق .قال تعالي (لاجناح عليكم إن طلقتم النساء مالم تمسوهن أوتفرضوا لهن فريضة ومتعوهن علي الموسع قدره وعلي المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا علي المحسنين
(الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أوتسريح بإحسان )
4.مجاهدة النفس والجهاد (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) فهؤلاء سيحسن الله جل وعلا لهم بإحسان فهو المتفضل به
5.ومن أروع صور الإحسان في هذه الآية الكريمة (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب
المحسنين )
6.الإحسان حتي في القول (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم ) فلا بد من اختيار أحسن الألفاظ حتي لايجد الشيطان منفذا ليتأول أخاك كلاما لاتقصد به شيئا من السصوء
7.التحاور بين المسلمين (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن )فكيف بالمسليمن فيما بينهم ونحن نري ممن يشار إليهم بالبنان أحسانا ينتقون أقسي وأشد الكلمات وبنبرات خشنة ليردوا علي مخالفيهم .وهو ليس من لب الإسلام في شيء
8.الخصومة والخلافات (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن )
9.معاملة اليتامي والضعفاء وهم أشد الناس احتياجا للإحسان (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن )
10.العلاقات فيما بين المسلمين (وإذا حييت بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها )
11.العلاقات عموما فيما بين الناس (وأحسن كما أحسن الله إليك )فكما أحسن الله إليك في المال فتذكر الفقراء والمساكين والمحاويج
وكما أحسن الله إليك بمقام اجتماعي رفيع فاسع في خدمة الناس
وكما أنعم الله عليك بذكاء فأحسن إلي من هو أقل منك في ذالك
وهكذا لابد من الإحسان في كل شيء
مظاهر الإحسان في حياة رسول الله صلي الله عليه وسلم
أولا :الإحسان إلي الجيران
1عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال :5مازال جبريل يوصيني بالجار حتي ظننت أنه سيورثه )
2.(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلي جاره) فالإحسان إلي الجيران من الإيمان
3.(والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل :من يا رسول الله ؟قال :الذي لا يؤمن جاره بوائقه )والتشديد والترهيب واضح في الحديث وفي ذالك عبرة لمن يعتبر
4.وهاهو رسول الله صلي الله عليه وسلم يوصي أبا ذر الغفاري رضي الله عنه فيقول :(إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه ثم انظر أقرب أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف
5.(يا نساء المؤمنات لاتحقرن جارة لجارتها ولوفرسني شاة ) أي ظلفها
6.(لايمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره )ثم قال أبوهريرة رضي الله عنه :ما لي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم )
7.وسألت السيدة عائشة رسول الله عليه وسلم فقالت :يارسول الله إن لي جارين فإلي أيهما أهدي ؟فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (إلي أقربهما منك بابا )
8.(ماآمن بي من بات شبعان وجاره جائع )
9.(ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع
10.وذكر عند رسول الله أن فلانة تكثر من صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها فقال :هي في النار ) وأن فلانة قليلة الصلاة والصدقة والصيام غير أنها لاتؤذي جيرانها قال : هي في الجنة )
11.وفي الحديث :ما تقولون في الزنا ؟قالوا :حرام حرمه الله ورسوله فهو حرام إلي يوم القيامة فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره )ثم قال :ما تقولون في السرقة ؟قالوا :حرام حرمها الله ورسوله فهي حرام إلي يوم القيامة فقال : لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره)
12.ويسأل ابن مسعود رسول الله فيقول :يا رسول الله كيف لي أن أعلم إذا أحسنت أو أسأت
قال :إذا سمعت جيرانك يقولون قد أحسنت فقد أحسنت وإن سمعتهم يقولون :قد أسأت فقد أسات )
13. (وما من مسلم يموت فيشهد له أربعة من أبيات جيرانه الأدنيين أنهم لايعلمون منه إلا خيرا إلا قال الله تبارك وتعالي :قد قبلت قولكم أوقال :بشهادتكم وغفرت له ما لاتعلمون )
ثانيا :إحسانه إلي اليتامي والأرامل
  • عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سألت ربي مسألة وددت أني لم أسأله، قلت: قد كان قبلي أنبياء منهم من سخرت له الريح، ومنهم من يحيي الموتى... قال: يا محمد ألم أجدك يتيما فأويتك؟ قلت: بلى يا رب، قال: ألم أجدك ضالا فهديتك؟ قلت: بلى يا رب، قال: ألم أجدك عائلا فأغنيتك، قلت: بلى يا رب، قال: ألم أشرح لك صدرك؟ ألم أرفع لك ذكرك، قلت: بلى يا رب.
  • 2عن زياد بن أبي مريم قالت أم سلمة لأبي سلمة بلغني أنه ليس امرأة يموت زوجها وهو من أهل الجنة ثم لم تزوج إلا جمع الله بينهما في الجنة فتعال أعاهدك ألا تزوج بعدي ولا أتزوج بعدك قال أتطيعينني قالت نعم قال إذا مت تزوجي اللهم ارزق أم سلمة بعدي رجلا خيرا مني لا يحزنها ولا يؤذيها فلما مات قلت من خير من أبي سلمة فما لبثت وجاء رسول الله فقام على الباب فذكر الخطبة إلى ابن أخيها أو إبنها فقالت أرد على رسول الله أو أتقدم عليه بعيالي ثم جاء الغد فخطب عفان حدثنا حماد حدثنا ثابت حدثني ابن عمر بن أبي سلمة عن أبيه أن أم سلمة لما انقضت عدتها خطبها أبو بكر فردته ثم عمر فردته فبعث إليها رسول الله فقالت مرحبا أخبر رسول الله أني غيرى وأني مصبية وليس أحد من أوليائي شاهدا فبعث إليها أما قولك إني مصبية فإن الله سيكفيك صبيانك وأما قولك إني غيرى فسأدعو الله أن يذهب غيرتك وأما الأولياء فليس احد منهم إلا سيرضى بي قالت يا عمر قم فزوج رسول الله وقال رسول الله أما أني لا أنقصك مما أعطيت فلانة الحديث عبد الله بن نمير حدثنا أبو حيان التيمي عن حبيب بن أبي ثابت قال قالت أم سلمة أتاني رسول الله فكلمني وبيننا حجاب فخطبني فقلت وما تريد إلي ما أقول هذا إلا رغبة لك عن نفسي إني امرأة قد أدبر من سني وإني أم أيتام وأنا شديدة الغيرة وأنت يا رسول الله تجمع النساء قال أما الغيرة فيذهبها الله وأما السن فأنا أكبر منك وأما أيتامك فعلى الله وعلى رسوله فأذنت فتزوجني
عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما) رواه البخاري قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث: [قال ابن بطال : حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك] ثم قال الحافظ ابن حجر: وفيه إشارة إلى أن بين درجة النبي صلى الله عليه وسلم، وكافل اليتيم قدر تفاوت ما بين السبابة والوسطى. وقال الحافظ أيضاً: قال شيخنا في شرح الترمذي: لعل الحكمة في كون كافل اليتيم يشبه في دخول الجنة، أو شبهت منزلته في الجنة بالقرب من النبي صلى الله عليه وسلم، أو منزلة النبي صلى الله عليه وسلم لكون النبي صلى الله عليه وسلم شأنه أن يبعث إلى قوم لا يعقلون أمر دينهم فيكون كافلاً لهم ومعلماً ومرشداً، وكذلك كافل اليتيم يقوم بكفالة من لا يعقل أمر دينه بل، ولا دنياه، ويرشده، ويعلمه، ويحسن أدبه فظهرت مناسبة ذلك.

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال: وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم لا يفطر) رواه البخاري ومسلم.

عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة) رواه مسلم

قال النبي صلى الله عليه وسلم :(من ضم يتيماً بين مسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له الجنة ] رواه أبو يعلى والطبراني وأحمد

عن أبي الدرداء قال: (أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه ؟ قال: أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك) رواه الطبراني

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من وضع يده على رأس يتيم رحمة، كتب الله له بكل شعرة مدت على يده حسنة) رواه الإمام أحمد

عن أبي هريرة قال "أن رجلاً شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال له:إن أردت تليين قلبك، فأطعم المسكين، وامسح رأس اليتيم. رواه أحمد

عن مالك بن الحارث أنه سمع النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: من ضم يتيماً بين أبوين مسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له -الجنة- ألبتة، ومن أعتق أمرءاً مسلماً كان فكاكه من النار يجزي بكل عضو منه عضواً من النار". رواه أحمد

عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وفرَّق بين أصبعيه السباحة والوسطى".

عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن هذا المال خضرة حلوة ونعم صاحب المسلم هو لمن أعطى منه اليتيم والمسكين وابن السبيل) رواه أحمد

عن ابنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ قَبَضَ يَتِيماً مِنْ بَيْنَ المُسْلِمينَ إلىَ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ أَدْخَلَهُ الله الجَنَّةَ البَتَّةَ إلاَّ أَنْ يَعْمَلَ ذَنْباً لا يُغْفَرُ له". رواه الترمذي

قال علي بن أبي طالب (أعينوا الضعيف والمظلوم والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب، وارحموا الأرملة واليتيم)

كان من جملة ما أوصى به علي بن أبي طالب : " بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب...... الله الله في الأيتام فلا تعفو أفواههم ولا يضيعن بحضرتكم"
ثالثا :إحسانه إلي الأرامل
الأرامل صنف من الناس يحتاج إلي عناية خاصة. ومن هنا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (الساعي علي الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله .قال الراوي :وأحسبه قال : (وكالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر
وقد كان رسول الله عملا ممن يعتني بهذا الصنف فقد تزوج سودة وأم سلمة وحفصة بعد ما مات أزواجهم
رابعا : إحسانه إلي الفقراء والمساكين
1.
ففي الحديث المشهور وإن كان فيه مقال (اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين) فقد فضل رسول الله صلي الله عليه وسلم حياة الفقر والمسكنة علي حياة الغني والبذخ
وقد جاءه أغنياء قريش وقد كانوا يرون الفقراء من الصحابة يحيطون برسول الله فقالوا له :لو تجعل لنا مجلسا خاصا بنا .وكأن رسول الله هم بذالك فنزل قول الله تعالي (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا )
وفي آية أخري (وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلي ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين )
2.
وفي صحيح مسلم أن سلمان وصهيب وبلال ونفر قالوا : والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها
قال :فقال أبو بكر :أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم .فأتي رسول الله صلي الله عليه وسلم فأخبره فقال له : ( يا أبا بكر لعلك أغضبتهم .لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك
فأتاهم أبو بكر فقال : يا إخوتاه .أغضبتكم ؟ فقالوا : لا يغفر الله لك يا أخي
3.(يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام نصف يوم )
4.وفي دعائه صلي الله عليه وسلم ( اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني غير مفتون وأسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني إلي حبك )
5.وعن أسامة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : (قمت علي باب الجنة فكان عامة من دخلها المساكين وقمت علي باب النار فإذا عامة من دخلها النساء )
6.(أطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء وأطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء )
7.ويحدثنا أبو ذر الغفاري رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال له :أنظر إلي أرفع رجل في المسجد .قال :فنظرت فإذا رجل عليه حلة قلت :هذا قال :قال لي : أنظر أوضع رجل في المسجد قال : فنظرت فإذا رجل عليه أخلاق .أي ثياب بالية )فقلت :هذا
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : لهذا أخير عند الله يوم القيامة من ملء الأرض مثل هذا
وفي رواية أخري للبخاري أنه مر رجل بالصحابة ورسول الله معهم فقال :ما تقولون في هذا ؟قالوا :حري إن خطب أن ينكح وإن شفع أن يشفع وإن قال أن يستمع .قال :ثم سكت فمر رجل من فقراء المسلمين فقال :ما تقولون في هذا ؟قالوا : حري إن خطب أن لا ينكح وإن شفع أن لا يشفع وإن قال لا يستمع
فقال رسول الله :هذا خير من ملء الأرض من هذا
8.وعند الترمذي (أبغوني في ضعفائكم فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم )
9.وقوله صلي الله عليه وسلم ( ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضاعف لو أقسم علي الله لأبره ألا أخبركم بأهل النار كل عتل جواظ مستكبر
خامسا : إحسانه إلي الفقراء
1.قال أبوهريرة رضي الله عنه : كنت من أهل الصفة وكنا إذا أمسينا حضرنا رسول الله فيأمر كل رجل فينصرف برجل أو اثنين فيبقي من بقي عشرة أو أقل أو أكثر فيأتي النبي صلي الله عليه وسلم بعشائه فنتعشي معه فإذا فرغنا قال : ناموا في المسجد
2.وقال ذات يوم لأصحابه (من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس أو سادس
وأنا أبا بكر جاء بثلاثة ورسول الله بعشرة
3.وعن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال : بتنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في الصفة فجعل يوجه الرجل من المهاجرين مع الرجل من الأنصار والرجلين والثلاثة حتي بقيت في أربعة ورسول الله صلي الله عليه وسلم خامسنا فقال لهم رسول الله :انطلقوا بنا فلما جئنا قال : يا عائشة عشينا فجاءت بجشيشة أي بطعام مصنوع من الحنطة والتمر ثم قال :يا عائشة أطعمينا فجاءت بحيسة وهو طعام متخذ من التمر والسمن ثم قال :يا عائشة أسقينا فجاءت بجريعة من لبن فشربنا
4.
عن أبي عمرو جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال كنا في صدر النهار عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه قوم عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف عامتهم بل كلهم من مضر فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلال فأذن وأقام ثم صلى ثم خطب فقال : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ إلى آخر الآية إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا والآية الأخرى التي في آخر الحشر يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره حتى قال ولو بشق تمرة فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء رواه مسلم
5. ودخل رجل المسجد فأمر روسل الله صلي الله عليه وسلم أن يطرحوا ثيابا فأمر له منها بثوبين فحث علي الصدقة أيضا فطرح أحد الثوبين فقال له رسول الله 5خذ ثوبك -.
أحاديث عامة في الإحسان
1(إن الله كتب الإحسان علي كل شيء إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته)
2.(ومن أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر)
3.(صل من قطعك وأحسن إلي من أساء إليك وقل الحق ولوعلي نفسك)
4.(من أحسن فيما بقي غفر له ما قد مضي ومن أساء فيما بقي أخذ بما مضي وما بقي )
5.وجاء رجل إلي رسول الله فقال : يانبي الله جئت أبايعك علي الهجرة والجهاد
قال :فهل من والديك أحد حي
قال :نعم بل كلاهما
قال : أفتبتغي الأجر من الله ؟ قال نعم
قال : فارجع إلي والديك فأحسن صحبتهما
6.(من ابتلي بشيء من البنات فأحسن إليهن كن له سترا من النار
7.(خمس صلوات افترضهن الله تعالي من أحسن وضوءهن وصلاتهن لوقتهن وأتم ركوعهن وخشوعهن كان له علي الله أن يغفر له ومن لم يفعل فليس له علي الله عهد إن شاء غفر له وإن شاء عذبه )
من فوائد (الإحسان)
1- للإحسان ثمرة عظيمة تتجلّى في تماسك بنيان المجتمع وحمايته من الخراب والتّهلكة ووقايته من الآفات الاجتماعيّة النّاجمة عن الخلل الاقتصاديّ «7».
2- الإحسان هو المقياس الّذي يقاس به نجاح الإنسان في علاقته بالحياة- وهي علاقة ابتلاء «8».
3- المحسن يكون في معيّة اللّه عزّ وجلّ، ومن كان اللّه معه فإنّه لا يخاف بأسا ولا رهقا (انظر الشواهد القرآنية 28، 29).
4- المحسن يكتسب بإحسانه محبّة اللّه عزّ وجلّ (انظر الشواهد 30- 34).
5- وإذا أحبّ اللّه العبد جعله محبوبا من النّاس، وعلى ذلك فالمحسنون أحبّاء للنّاس يلتفّون حولهم ويدافعون عنهم إذا أحدق بهم الخطر.
6- للمحسنين أجر عظيم في الآخرة حيث يكونون في مأمن من الخوف والحزن (انظر الشاهد 36، 39، 63).
7- من ثمرات الإحسان التّمكين فى الأرض (انظر الشاهد 48، 60).
8- المحسن قريب من رحمة اللّه عزّ وجلّ (انظر
__________
(1) نبتاعه: أي نشتريه.
(2) أوان أويتهم: أي وقت رجوعهم.
(3) الملة: الرماد الحار والجمر.
(4) انظر الأثر كاملا في صفة (الكلم الطيب) ج 8 ص 3291 (أثر رقم 50).
(5) انظر المنتقى من مكارم الأخلاق للخرائطي (137- 141).
(6) ديوان «عنوان الحكم» للبستي.
(7) انظر في ذلك «العلاقات الاقتصادية» التي تشكل الميدان الثاني عشر من ميادين الإحسان ص 75.
(8) انظر تفصيلا أكثر عن علاقة الإنسان بالحياة وهي علاقة الابتلاء ج 1 ص 5 وما بعدها.

الشاهد 41).
9- للمحسن البشرى بخيري الدّنيا والآخرة (انظر الشاهد 55، 63).
10- الإحسان هو وسيلة المجتمع للرّقيّ والتّقدّم، وإذا كان صنوه أي العدل وسيلة لحفظ النّوع البشريّ فإنّ الإحسان هو وسيلة تقدّمه ورقيّه لأنّه يؤدّى إلى توثيق الرّوابط وتوفير التّعاون «1».
11- الإحسان وسيلة لحصول البركة في العمر والمال والأهل.
12- الإحسان وسيلة لاستشعار الخشية والخوف من اللّه تعالى، كما أنّه وسيلة لرجاء رحمته عزّ وجلّ.
13- الإحسان وسيلة لإزالة ما في النّفوس من الكدر وسوء الفهم وسوء الظّنّ ونحو ذلك.
14- الإحسان وسيلة لمساعدة الإنسان على ترك العجب بالنّفس لما في الإحسان من نيّة صادقة.
15- الإحسان طريق ييسّر لصاحبه طريق العلم ويفجّر فيه ينابيع الحكمة.
16- الدّفع بالحسنة- وهي إحدى صور الإحسان- يقضي على العداوات بين النّاس ويبدّلها صداقة حميمة ومودّة رحيمة وتنطفيء بذلك نار الفتن وتنتهي أسباب الصّراعات، أمّا الدّفع بالسّيّئة، أي مقابلة السّيّئة بمثلها فإنّه يؤدّي إلى تدهور العلاقات وإشعال نيران الفتن وتفاقم أسباب الصّراع ويهبط بالنّوع البشريّ إلى حضيض التّخلّف ويعرّض بقاءه لخطر الفناء «2». (انظر الشاهد رقم 62).
17- إذا اقترن إسلام الوجه للّه بالإحسان فإنّ ذلك يثمر الاستمساك بالعروة الوثقى الّتي يرجى معها خير الدّنيا والآخرة، أي أنّ المحسن يحتاط لنفسه بأن يستمسك بأوثق عروة من حبل متين مأمون انقطاعه «3». (الشاهد 15).
18- لبعض أنواع الإحسان ثمار خاصّة تعود على المحسن بالخير العميم في الدّنيا والآخرة، فمن ذلك:
أ- إحسان المرء وضوءه وخشوعه وركوعه يكفّر السّيّئات الماضية، ويستمرّ التّكفير ما استمرّ الإحسان (انظر الحديث رقم 14).
ب- إحسان المرء إلى جاره علامة صادقة على حسن إسلامه (انظر الحديث 2، 16).
ج- إحسان المرء في تربية بناته والسّعي على رزقهنّ يجعل من هذه البنات سترا له من النّار (الحديث رقم 5).
د- في الإحسان إلى النّساء في الكسوة والطّعام وما أشبه ذلك قيام بحقّهنّ يثمر التّرابط الأسريّ، ويحقّق الاستقرار العائليّ (انظر الحديث رقم 6).

أبوصلاح الدين 25-03-2010 11:14 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق الثالث والعشرون :معاملة ذوي القربي والأرحام
الأقارب هم الذين تجمعهم رحم واحدة ومنه الأرحام فهي مشتقة من الرحم .وفيها معني الرأفة والرحمة والتراحم
قال النووي :اختلفوا في حد الرحم التي يجب وصلها والتي أوصي الله بها فقيل :كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكر والأخري أنثي حرمت مناكحتهما
وقيل هو عام في كل قريب يشتركان من أي طريق معلوم بالعادة كالخال والعم والأقارب من جهة الأب والأقارب من جهة الأم
وحقيقة صلة الرحم .العطف والرحمة
قال القاضي عياض : لاخلاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة وقطيعتها معصية كبيرة

القرآن الكريم يحث علي صلة الرحم
1.قال تعالي : (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرؤون بالحسنة الشيئة أو لئك لهم عقبي الدار )
فهذه علامات المؤمنين .ومن أهمها صلة الرحم
وبين الجزاء بعد ذالك فقال : (أولئك لهم عقبي الدار جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار
ثم بين عقوبة قاطع الرحم وغيرها من المعاصي فقال (والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار )
2.(وآت ذا القربي حقه والمسكين وابن السبيل )
3.(وإذا أخذنا ميثاق بني إسرائيل لاتعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربي واليتامي والمساكين وقولوا للناس حسنا )
4.(وإذا حضر القسمة أولوا القربي واليتامي والمساكين فارزوقهم منه وقولوا لهم قولا معروفا )
5.(إن الله يامر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي )
6.(فآت ذا القربي حقه والمسكين وابن السبيل ذالك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون )
7.وبين القرآن الكريم أهمية القرابة حتي عند اختلاف الدين فقال (وإن جاهداك علي أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا )
وقال جلا جلاله : (لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من ديارهم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين )
ورد في سبب نزول هذه الآية أن فتيلة بنت أسماء بنت أبي بكر الصديق وهي مشركة فأبت أسماء أن تقبلها وأن تدخل بيتها حتي سألت النبي صلي الله عليه وسلم فأمرها بقبول الهدية ودخول البيت ونزلت الآية
عقوبة قاطع الرحم
يقول فضيلة الدكتور عبد العزيز عزام -أستاذ الفقه بجامعة الأزهر-:
صلة الأرحام والبر بهم ، والسعي في مصالحهم، وعدم قطيعتهم، وإدخال السرور عليهم له ثواب عظيم عند الله في الدنيا والآخرة، فقد قال الله ـ تعالى ـ في فضل صلة الرحم: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفًا كان ذلك في الكتاب مسطورًا).

وبين رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن صلة الأرحام تزيد في العمر وتغمر الديار وتكثر الأموال، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر". وقال صلى الله عليه وسلم: "إن البر والصلة ليطيلان الأعمار ويعمران الديار ويكثران الأموال".

فمن سره أن يمد الله في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه كما أمر الله ـ تعالى ـ فقد قال جل ذكره: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرًا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا). وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك". ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرءوا إن شئتم: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها).

وإن قاطع الرحم لا يقبل الله منه عملاً، ولا يستجيب له دعاءً، وإن الله يعجل له العقوبة في الدنيا، غير ما يؤخر له في الآخرة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "ذنبان لا يؤخران: البغي وقطيعة الرحم".
وكان ابن مسعود جالسًا بعد الصبح في حلقة، فقال: أنشد الله قاطع الرحم إلا قام عنا، فإنا نريد أن ندعو ربنا، وإن أبواب السماء مرتجة؛ أي مغلقة دون قاطع الرحم". رواه الطبراني وصححه، فعلى المسلم أن يصل من قطعه، وأن يعفو عمن ظلمه، ويعطي من حرمه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها". فعلى هذا الأخ الأكبر للسائلة أن يتقي الله في أخته، وأن يصلها حتى يرضى الله عنه.
والله أعلم.
مظاهر إحسان الرسول صلي الله عليه وسلم إلي أقاربه
1.لما نزلت الآية الكريمة (وأنذر عشيرتك الأقربين )دعا رسول الله صلي الله عليه وسلم قريشا وقال
يابني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار
يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار
يا بني هاشم انقذو ا أنقسكم من النار
يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار .. فإني لا أملك لك من الله شيئا غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها
وكان لهذا النداء
أثره العجيب فقد أسلم معظم أقارب النبي صلي الله عليه وسلم

2.وقد حاول جهده أن يسلم أبا طالب ولكن لحكمة أراد الله جل جلاله لم يسلم أبا طالب . وحزن عليه النبي صلي الله عليه وسلم فنزل قول الله تعالي (إنك لاتهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء ) وكان النبي قد أقسم أن يستغفر له فقال : والله لأستغفرن لك ما لم أنه عن ذالك
فنزل قول الله تعالي (ما كان للنبيء والذين آمنوا معه أن يستغفروا للمشركين ولوكانوا أولي قربي من بعد ما تبين لهم أنه أصحاب الجحيم )
3.ومع ما فعله أهل قريش بالنبي صلي الله عليه وسلم لكنه كان بهم رحيما فقد دعا عليهم بسنين كسنيني يوسف حتي كادت أن تهلك قريش ثم أشفق عليهم ودعا الله جل جلاله أن يسقيهم
4.وأوصي الصحابة خيرا بالعباس في غزوة بدر فقال لهم : (من لقي منكم العباس فليكف عنه )فقال بعض الصحابة كيف نقتل أهلينا ولا نقتله فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (يابن الخطاب أيقتل عم رسول الله ) فندم ذالك الصحابي علي ما قال
5وأوذي العباس عم النبي صلي الله عليه وسلم ذات يوم فخطب رسول الله قائلا (والذي نفسي بيده لايدخل قلب رجل الإيمان حتي يحبكم لله عز وجل ولرسوله صلي الله عليه وسلم ثم قال : (يا أيها الناس من آذي العباس فقد آذاني إنما عم الرجل صنو أبيه)
6.وكان أول لواء عقده رسول الله في المدينة كان لحمزة عم النبي صلي الله عليه وسلم ليتجه في ثلاثين راكبا من المهاجرين
7.وتأمل أقواله في ابن عمه علي بن أبي طالب رضي الله عنه
(من كان علي مولاه فانا مولاه اللهم وال من ولاه وعاد من عاداه )
(أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي غير أنه لانبي بعدي )
(لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ويفتح علي يديه )قالها يوم غزوة خيبر والقصة معروفة
حث النبي صلي الله عليه وسلم علي ال إحسان إلي الأقارب
1‏يزيد بن حيان ‏ ‏قال ‏ ‏انطلقت أنا ‏ ‏وحصين بن سبرة ‏ ‏وعمر بن مسلم ‏ ‏إلى ‏ ‏زيد بن أرقم ‏ ‏فلما جلسنا إليه قال له ‏ ‏حصين ‏ ‏لقد لقيت يا ‏ ‏زيد ‏ ‏خيرا كثيرا ‏
‏رأيت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه لقد لقيت يا ‏ ‏زيد ‏ ‏خيرا كثيرا حدثنا يا ‏ ‏زيد ‏ ‏ما سمعت من رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال يا ابن أخي والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت ‏ ‏أعي ‏ ‏من رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فما حدثتكم فاقبلوا وما لا فلا تكلفونيه ثم قال قام رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين ‏ ‏مكة ‏ ‏والمدينة ‏ ‏فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال ‏ ‏أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ‏ ‏ثقلين ‏ ‏أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي فقال له ‏ ‏حصين ‏ ‏ومن أهل بيته يا ‏ ‏زيد ‏ ‏أليس نساؤه من أهل بيته قال نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده قال ومن هم قال هم آل ‏ ‏علي ‏ ‏وآل ‏ ‏عقيل ‏ ‏وآل ‏ ‏جعفر ‏ ‏وآل ‏ ‏عباس ‏ ‏قال كل هؤلاء حرم الصدقة قال نعم :

2 عن أبي أيوب الأنصاري- رضي الله عنه - أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أخبرني بعمل يدخلني الجنة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( تعبد الله،ولا تشرك به شيئاً،وتقيم الصلاة،وتؤتي الزكاة،وتصل الرحم)) البخاري-الفتح3(1396) واللفظ له ، ومسلم (14) .

3- عن أنس-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله : (( إن الرحم شُجْنةُ متمِسكة بالعرش تكلم بلسان ذُلَق ، اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني ، فيقول ـ تبارك وتعالى ـ : أنا الرحمن الرحيم ، و إني شققت للرحم من اسمي ، فمن وصلها وصلته،ومن نكثها نكثه)) الحديث له اصل في البخاري – الفتح 10(5988) والأدب المفرد ومجمع الزوائد (5/151) واللفظ له وقال : رواه البزار وإسناده حسن والترغيب والترهيب (3/340) وقال إسنادة حسن.

4.عن أبي ذر- رضي الله عنه- أنه قال : (( أوصاني خليلي أن لا تأخذني في الله لومةُ لائم ، وأوصاني بصلة الرحم وإن أدبرت )) : ذكره في المجمع وقال : رواه الطبراني في الصغير(2/48) حديث رقم (758) والكبير (2/265) ورجال الطبراني رجال الصحيح غير سلام بن المنذر وهو ثقه (8/154) .

5- عن عائشة_ رضي الله عنها_ قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله،ومن قطعني قطعه الله )) البخاري- الفتح10(5989). ومسلم (2555) وهذا لفظه.

6- عن أنس بن مالك_ رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من سرهُ أن يبسط له في رزقه ، ويُنسأ له في أثرة فليصل رحمه)) البخاري الفتح10(5986) ومسلم (2557)
7- عن عبدا لله بن سلام _ رضي الله عنه_قال : لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، انجفل الناس قِبَلهُ . وقيل : قد قدم رسول لله صلى الله عليه وسلم ، قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً فجئت في الناس لأنظُرَ فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب ،فكان أول شيء سمعتهُ تكلم به أن قال : (( يا أيها الناس أفشوا السلام ،وأطعموا الطعام،وصلوا الأرحام،وصلوا بالليل والناس نيام،تدخلوا الجنة بسلام)) الترمذي(2485).وابن ماجه (3251) . واللفظ له . وأحمد (5/451) . وذكره الألباني في الصحيحة برقم (456).

8- عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه،ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)) البخاري-الفتح 10(6138) واللفظ له ، ومسلم (47).

9 ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم )) رواه أحمد وإسناده صحيح
10 ـ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر وقاطع الرحم)) رواه أحمد . 11ـ وعن جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ قال . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا يدخل الجنة قاطع)) أي قاطع رحم .
قال الأصمعي : بينما أنا أطوف بالبيت ذات ليلة إذ رأيت شابًا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول :
يا من يـجيب المضــــــطر في الظلم يا كاشف الضر و البلوى مع السقم
قد نام وفــدك حــول البيت وانتبهوا وأنت يا حي يا قيـــــوم لم تنـــــــــم
أدعوك ربي حزينًا هائــــمًا قلقــــــًا فارحم بكائي بحـــق البيت والحــرم
إن كان جودك لا يرجــــوه ذو سفه فمن يجود على العاصــــــين بالكرم
ثم بكى بكاءً شديدًا و أنشد يقول :
ألا أيها المقصــود في كل حاجــــتي شكوت إليك الضّر فارحم شكــــايتي
ألا يا رجائي أنت تكشـــف كـــربتي فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتـي
أتيت بأعمــــال قبـــــــاح رديئــــــة وما في الورى عبد جنى كجنــــايتي
أتحرقني بالنـــــار يا غــــاية المنى فـــأين رجـــائي ثم أين مخـــــــافتي
يقول الأصمعي : فدنوت منه.. فإذا هو زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب سلام الله عليهم أجمعين.. فقلت له : سيدي ما هذا البكاء والجزع ؟!!.. وأنت من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ؟!!.. أليس الله تعالى يقول : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرًا } ؟!!
فقال عليه السلام : ' هيهات هيهات يا أصمعي إن الله خلق الجنة لمن أطاعه.. ولو كان عبدًا حبشيًا... وخلق النار لمن عصاه ولو كان حرًا قرشيًا.. أليس الله تعالى يقول : { فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون o فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون o ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم فى جهنم خالدون } '. 1- صلة الرحم سبب لصلة الله للواصل في الحديثالمتفق عليه عن أبي هريرة : ((إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قالتالرحم هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك واقطعمن قطعك قالت بلى يا رب قال فهو لك)) رواه البخاري واللفظ له (5987) ومسلم(2554)
فوائد صلة الرحم
1- صلة الرحم سبب لصلة الله للواصل في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة : ((إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قالت الرحم هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك واقطع من قطعك قالت بلى يا رب قال فهو لك)) رواه البخاري واللفظ له (5987) ومسلم(2554)
2- صلة الرحم سبب لدخول الجنة في الحديث المتفق عليه عن أبي أيوب الأنصاري أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عمل يدخله الجنة ويباعده من النار فقال صلى الله عليه وسلم : (( تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم )) رواه البخاري (1396) ومسلم (13) .

وعن عبدالله بن سلام قال قال صلى الله عليه وسلم (يا أيها الناس أفشوا السلام أطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام) رواه الترمذي 2485 وابن ماجة 3251 وصححه الألباني في الصحيحة ( 569) .
3- صلة الرحم امتثال لأمر الله قال تعالى : (( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب)) ( الرعد 21) .
4- صلة الرحم تدل على الأيمان بالله واليوم الآخر: عن أبي هريرة قال قال صلى الله عليه وسلم : ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه)) رواه البخاري (6138) .
5- صلة الرحم من أحب الأعمال إلى الله: فقد سأل رجل من خثعم رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الإيمان بالله، قال: ثم مه ؟ قال: ثم صلة الرحم، قال: ثم مه ؟ قال : الأمربالمعروف والنهي عن المنكر. قال: قلت يا رسول الله أي الأعمال أبغض إلى الله ؟قال : الإشراك بالله ، قال: قلت يا رسول الله ثم مه؟ قال: ثم قطيعة الرحم، قال: قلت يا رسول الله ثم مه ؟ قال : الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف)) رواه أبويعلى بإسناد جيد, كما ذكر ذلك المنذري في الترغيب والترهيب 3/336, وانظر جمعالزوائد 8/151.
6- صلة الرحم تنفيذ لوصية النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر أنه قال (( أوصاني خليلي أن لا تأخذني في الله لومة لائم وأوصاني بصلة الرحم وإن أدبرت)) مجمع الزوائد 8/154 وقال رواه الطبراني في الصغير والكبير ورجاله رجال الصحيح غير سلام بن المنذر وهو ثقة.
ولا يخفى عليك أخي القارئ الحديث الذي فيه قصة أبي سفيان مع هرقل وأن أبا سفيان أجاب هرقل حينما سأله ماذا يأمركم ؟ قال : قلت (أبو سفيان) قلت يقول : (( اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئاً واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاةوالصدق والعفاف والصلة )) رواه البخاري 7 ومسلم 1773
7- الرحم تشهد للواصل بالوصل يوم القيامة عن ابن عباس قال: قال صلى الله عليه وسلم : (( وكل رحم آتية يوم القيامة أمام صاحبها تشهد له بصلة إن كان وصلها وعليه بقطيعة إن كان قطعها)) رواه البخاري في الأدب المفرد والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين.
8- صلة الرحم سبب لزيادة العمر وبسط الرزق عن أنسبن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه)) رواه البخاري 5986, مسلم 2557.
وقيل : إن معنى زيادة العمر وبسط الرزق أن يبارك الله في عمر الإنسان ورزقه فيعمل في وقته ما لا يعمله غيره فيه.
وقيل : إن معنى زيادة العمر وبسط الرزق على حقيقتها فيزيد الله في عمره ويزيد في رزقه ولا يشكل على هذا أن الأجل محدود والرزق مكتوب فكيف يزاد ؟ وذلك لأن الأجل والرزق على نوعين : أجل مطلق يعلمه الله وأجل مقيد, ورزق مطلق يعلمه ورزق مقيد, فالمطلق هو ما علمه الله أنه يؤجله إليه أو ما علمه الله أنه يرزقه فهذالا يتغير, والثاني يكون كتبه الله واعلم به الملائكة فهذا يزيد وينقص بحسب الأسباب [مجموع فتاوى ابن تيمية 8/517,540].
9- صلة الرحم تعجل الثواب وقطيعتها تعجل العقاب, عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ليس شيء أُطِيع الله فيه أعجل ثواباً من صلة الرحم وليس شيء أعجل عقاباً من البغي وقطيعة الرحم)) البيهقي في السنن الكبرى 10/62 وصححه الألباني في صحيح الجامع 2/950.
10- صلة الرحم تدفع ميتة السوء عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( من سره أن يمد له في عمره ويوسع له في رزقه ويدفع عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه)) رواه عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند وصححه أحمد شاكر, وجود إسناده المنذري في الترغيب والترهيب 3/335, وانظره في مجمع الزوائد 8/152, 153.
11- صلة الرحم أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة, عن عقبة بن عامر أنه قال لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدرته فأخذت بيده وبدرني فأخذ بيدي فقال : (( يا عقبة ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك, ألا ومن أراد أن يمد له في عمره ويبسط في رزقه فليصل ذا رحمه )) الحاكم في المستدرك 4/161 وسكت عنه الذهبي وذكره المنذري في الترغيب والترهيب 3/342.
12- صلة الرحم تثمر الأموال وتعمر الديار عند أحمد ورجاله ثقات عن عائشة رضي الله عنها : (( صلة الرحم وحسن الجوار أو حسن الخلق يعمران الديار ويزيدان في الأعمار)) رواه أحمد 6/159 , وانظر فتح الباري 10/415 , والترغيب والترهيب 3/337.
وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله ليعمّر بالقوم الديار ويثمر لهم الأموال وما نظر إليهم منذ خلقهم بغضاً لهم, قيل وكيف ذلك يا رسول الله قال بصلتهم لأرحامهم)) رواه الطبراني وإسناده حسن انظر جمع الزوائد 8/155.
13- صلة الرحم سبب لمحبة الأهل للواصل: روىالترمذي وحسنه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر)) وصححها لألباني في صحيح الجامع 1/570.
14- أن قاطع الرحم لا يدخل الجنة : في الحديث المتفق عليه عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يدخل الجنة قاطع)) رواه البخاري 5984 ومسلم 2556 قال سفيان بن عيينة أحد الرواة يعني قاطع رحم ( فتح الباري 10/415).
15- أن قاطع الرحم لا يقبل عمله : عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم)) رواه أحمد وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/154 رجاله ثقات وصحح إسناده أحمد شاكر.
16- أن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم : رواه البخاري في الأدب المفرد قال الطيبي يحتمل أن يراد بالقوم الذين يساعدونه على قطيعة الرحم ولا ينكرونه عليه, ويحتمل أن يراد بالرحمة المطر وأنه يحبس عن الناس بشؤم التقاطع.(فتح الباري

أبوصلاح الدين 25-03-2010 11:19 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق الرابع والعشرون :المزاح
للشيخ القرضاوي حفظه الله كلمة جامعة ما نعة في هذا الموضوع نوردها كاملة
الحياة رحلة شاقة، حافلة بالمتاعب والآلام، ولا يسلم امرؤ فيها من تجرع لون أو ألوان من غصصها ، ومكابدة آلامها وإن ولد وفي فمه ملعقة من ذهب كما يقولون .
وقد أشار القرآن إلى ذلك حين قال: (لقد خلقنا الإنسان في كبد ) . (البلد 4) .
وأهل الإيمان أكثر تعرضاً لبلاء الدنيا من غيرهم ، نظراً لخطورة مطلبهم ، من ناحية، وكثرة من يعارضهم ويقطع عليهم طريقهم من ناحية أخرى.
حتى ورد في بعض الآثار: [ المؤمن بين خمس شدائد: مسلم يحسده، ومنافق يبغضه، وكافر يقاتله ، وشيطان يضله ، ونفس تنازعه ] .
وثبت في الحديث أن [ أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ] .
لهذا كان الناس - كلُ الناس - في حاجة إلى واحات في طريقهم تخفف عنهم بعض عناء رحلة الحياة، وكان لا بد لهم من أشياء يروحون بها أنفسهم، حتى يضحكوا ويفرحوا ويمرحوا، ولا يغلب عليهم الغم والحزن والنكد، فينغص عليهم عيشهم، ويكدر عليهم صفوهم.
من تلك الواحات : الفكاهة والمزح ، وكل ما يستخرج الضحك من الإنسان ، ويطارد الحزن من قلبه، والعبوس من وجهه، والكآبة من حياته.
فهل يرحب الدين بهذا الفن "الكوميدي" أو يضيق به ؟ هل يحله أو يحرمه ؟
الفكاهة والمرح في واقع المسلمين:
ولقد رأيت الناس - بفطرتهم ، وعلى قدر ما سمحت به إمكاناتهم، وفي ضوء ما عرفوه من سماحة دينهم - قد ابتكروا ألواناً من الوسائل والأدوات التي تقوم بوظيفة الترويح والإضحاك لهم .
من ذلك: "النكت" التي برع فيها المصريون ، واشتهروا بها بين الشعوب ، وهي أنواع مختلفة ،ولها مهمات متعددة ، ومنها : " النكت السياسية " التي تهزأ بالحكام وأعوانهم ، وخصوصاً في أوقات التسلط والاستبداد السياسي.
ولا يكاد يجلس الناس بعضهم إلى بعض إلا حكوا من هذه النكت ما يضحكهم ويسرِّي عنهم بعض ما يعانون، أحياناً يسندونها إلى أسماء معروفة، مثل جحاً، أو أبي نواس، أو غيرهما، وأحياناً لا ينسبونها إلى معين.
وهناك أناس لا يقتصرون على حكاية النكت عن غيرهم، بل هم ينشئون نكتاً على البديهة، وهذا شأن الشخصيات الفكهة ، مثل "أشعب" قديماً ، ومثل الشيخ "عبد العزيز البشري" حديثاً في مصر.
وكانت في مصر بعض المجلات المتخصصة في هذا اللون، أشهرها مجلة "البعكوكة".
ويلحق بذلك فن "القفشات" وما يسميه المصريون " الدخول في قافية " وهو لون من استخدام المجاز والتورية حول موضوع واحد، يتطارح فيه الطرفان .
ومن ذلك : ألوان من الألعاب التي تدعو إلى الضحك والمرح ، مثل لعبة "الأراجوز" ، ومثله "خيال الظل" الذي كان يعتبر نوعاً من التمثيل الشعبي الفكاهي .0000
ومن ذلك : الألغاز والأحاجي، أو ما يسمى في لغة العامة " الفوازير " .
ومن ذلك : القصص الفكاهية ، أو ما يسميه العوام "الحواديت" المسلية والمرفهة.
ومن ذلك : "الأمثال الشعبية" التي كثيراً ما تتضمن أفكاراً أو تعبيرات تبعث على الضحك والمرح.
إلى غير ذلك من الألوان، التي تخترعها الشعوب بوساطة فنانين معروفين أو مجهولين غالباً، ملائمة لكل بيئة وما يسودها من قيم ومفاهيم ، وما تمر به من ظروف وأحوال.
وكل عصر يضيف أشياء جديدة، ويطور الأشياء القديمة، وقد يستغنى عن بعضها.
كما نرى في عصرنا فن "الكاريكاتير" الذي حوّل النكتة من مجرد كلمة تقال إلى صورة معبرة، مصحوبة ببعض الكلام، أو غير مصحوبة.
وقد سئلت عن موقف الدين من الضحك والمرح والفكاهة ، نظراً لما يبدو على بعض المتدينين من العبوس والتجهم فيكادون لا يضحكون ، ولا يمزحون ، حتى حسب بعض الناس أن هذه هي طبيعة الدين والتدين.
وكان جوابي : أن الضحك من خصائص الإنسان، فالحيوانات لا تضحك؛ لأن الضحك يأتي بعد نوع من الفهم والمعرفة لقول يسمعه، أو موقف يراه، فيضحك منه.
ولهذا قيل : الإنسان حيوان ضاحك ، ويصدق القول هنا : أنا أضحك، إذا أنا إنسان .
والإسلام - بوصفه دين الفطرة - لا يُتصور منه أن يصادر نزوع الإنسان الفطري إلى الضحك والانبساط، بل هو على العكس يرحب بكل ما يجعل الحياة باسمة طيبة، ويحب للمسلم أن تكون شخصيته متفائله باشة، ويكره الشخصية المكتئبة المتطيرة، التي لا تنظر إلى الحياة والناس إلا من خلال منظار قاتم أسود.
وأسوة المسلمين في ذلك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان - برغم همومه الكثيرة والمتنوعة - يمزح ولا يقول إلا حقاً، ويحيا مع أصحابه حياة فطرية عادية، يشاركهم في ضحكهم ولعبهم ومزاحهم، كما يشاركهم آلامهم وأحزانهم ومصائبهم.
يقول زيد بن ثابت، وقد طُلب إليه أن يحدثهم عن حال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : [ كنت جاره، فكان إذا نزل عليه الوحي بعث إليّ فكتبته له، فكان إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا، قال: فكل هذا أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ]. [رواه البيهقي] .
وقد وصفه أصحابه بأنه كان من أفكه الناس.
وقد رأيناه في بيته - صلى الله عليه وسلم - يمازح زوجاته ويداعبهن، ويستمع إلى أقاصيصهن ، كما في حديث أم زرع الشهير في صحيح البخاري .
وكما رأينا في تسابقه مع عائشة رضي الله عنها، حيث سبقته مرة، وبعد مدة تسابقا فسبقها، فقال لها: هذه بتلك!
وقد روى أنه وطأ ظهره لسبطيه الحسن والحسين، في طفولتهما ليركبا، ويستمتعا دون تزمت ولا حرج، وقد دخل عليه أحد الصحابة ورأى هذا المشهد فقال: نعم المركب ركبتما، فقال عليه الصلاة والسلام: [ ونِعم الفارسان هما ] !.
ورأيناه يمزح مع تلك المرأة العجوز التي جاءت تقول له: ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال لها: [يا أم فلان ، إنّ الجنة لا يدخلها عجوز ] ! فبكت المرأة ، حيث أخذت الكلام على ظاهره، فأفهمها : أنها حين تدخل الجنة لن تدخلها عجوزاً ، بل شابة حسناء ، وتلا عليها قول الله تعالى في نساء الجنة: (إنا أنشأناهن إنشاءً* فجعلناهن أبكاراً* عُرباً أتراباً) . [ الواقعة 35-37 والحديث أخرجه الترمذي] .
وجاء رجل يسأله أن يحمله على بعير، فقال له عليه الصلاة والسلام: [لا أحملك إلا على ولد الناقة] ! فقال: يا رسول الله، وماذا أصنع بولد الناقة؟! - انصرف ذهنه إلى الحُوار الصغير - فقال: [ وهل تلد الإبل إلا النوق ؟ ] . [رواه الترمذي] .
وقال زيد بن أسلم: إن امرأة يقال لها أم أيمن جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن زوجي يدعوك، قال: [ومن هو؟ أهو الذي بعينه بياض] ؟ قالت: والله ما بعينه بياض! فقال: [بلى إنّ بعينه بياضاً] فقالت: لا والله، فقال صلى الله عليه وسلم: [ ما من أحد إلا بعينه بياض ] [رواه ابن أبي الدنيا] ، وأراد به البياض المحيط بالحدقة.
وقال أنس: كان لأبي طلحة ابن يقال له أبو عمير، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيهم ويقول: [يا أبا عمير ما فعل النُّغَير ؟ ] [متفق عليه] لنغير كان يلعب به وهو فرخ العصفور.
وقالت عائشة رضي الله عنها؛ كان عندي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسودة بنت زمعة فصنعت حريرة - دقيق يطبخ بلبن أو دسم - وجئت به ، فقلت لسودة : كلي ، فقالت : لا أحبه ، فقلت : والله لتأكلن أو لألطخن به وجهك، فقالت: ما أنا بذائقته ، فأخذت بيدي من الصحفة شيئاً منه فلطخت به وجهها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بيني وبينها، فخفض لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبتيه لتستقيد مني، فتناولت من الصفحة شيئاً فمسحت به وجهي! وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك. [ رواه أبو يعلى ].
وروي أن الضحاك بن سفيان الكلابي كان رجلاً دميماً قبيحاً، فلما بايعه النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن عندي امرأتين أحسن من هذه الحميراء - وذلك قبل أن تنزل آية الحجاب - أفلا أنزل لك عن إحداهما فتتزوجها ! وعائشة جالسة تسمع ، فقالت: أهي أحسن أم أنت ؟ فقال: بل أنا أحسن منها وأكرم، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم من سؤالها إياه؛ لأنه كان دميماً.
وكان صلى الله عليه وسلم يحب إشاعة السرور والبهجة في حياة الناس ، وخصوصاً في المناسبات مثل الأعياد والأعراس .
ولما أنكر الصديق أبو بكر رضي الله عنه غناء الجاريتين يوم العيد في بيته وانتهرهما، قال له: [ دعهما يا أبا بكر ، فإنها أيام عيد ] !
وفي بعض الروايات: [حتى يعلم يهود أنّ في ديننا فُسحة].
وقد أذن للحبشة أن يلعبوا بحرابهم في مسجده عليه الصلاة والسلام في أحد أيام الأعياد، وكان يحرضهم ويقول : [ دونكم يا بني أرفدة] .
وأتاح لعائشة أن تنظر إليهم من خلفه، وهم يلعبون ويرقصون، ولم ير في ذلك بأساً ولا حرجاً.
واستنكر يوماً أن تُزف فتاة إلى زوجها زفافاً صامتاً، لم يصحبه لهو ولا غناء، وقال: [هلاّ كان معها لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو، أو الغزل] .
وفي بعض الروايات : [ هلاّ بعثتم معها من تغني وتقول : أتيناكم أتيناكم … فحيونا نحييكم ] .
وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان في خير قرون الأمة يضحكون ويمزحون ، اقتداءً بنبيهم صلى الله عليه وسلم واهتداءً بهديه ، حتى أن رجلاً مثل عمر بن الخطاب - على ما عُرف عنه من الصرامة والشدة - يُروى عنه أنه مازح جارية له، فقال لها: خلقني خالق الكرام ، وخلقك خالق اللئام! فلما رآها ابتأست من هذا القول ، قال لها مبيناً: وهل خالق الكرام واللئام إلا الله عز وجل ؟!
وقد عُرف بعضهم بذلك في حياته صلى الله عليه وسلم، وأقره عليه، واستمر على ذلك من بعده ، وقبله الصحابة ، ولم يجدوا فيه ما ينكر ، برغم أن بعض الوقائع المروية في ذلك لو حدثت اليوم لأنكرها معظم المتدينين أشد الإنكار ، وعدوا فاعلها من الفاسقين أو المنحرفين !
من هؤلاء المعروفين بروح المرح والفكاهة والميل إلى الضحك والمزاح : النعيمان بن عمر الأنصاري رضي الله عنه ، الذي رويت عنه في ذلك نوادر عجيبة وغريبة .
وقد ذكروا أنه كان ممن شهد العقبة الأخيرة ، وشهد بدراً وأحداً ، والخندق ، والمشاهد كلها.
روى عنه الزبير بن بكار عدداً من النوادر الطريفة في كتابه "الفكاهة والمرح" نذكر بعضاً منها…
قال : وكان لا يدخل المدينة طُرفة إلا اشترى منها، ثم جاء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : هذا أهديته لك ، فإذا جاء صاحبها يطلب نعيمان بثمنها ، أحضره إلى النبي صلى الله عليه وسلم قائلا ً: أعط هذا ثمن متاعه، فيقول :
" أو لم تهده لي " ؟ فيقول : إنه والله لم يكن عندي ثمنه، ولقد أحببت أن تأكله! فيضحك، ويأمر لصاحبه بثمنه.
وأخرج الزبير قصة أخرى من طريق ربيعة بن عثمان قال: دخل أعرابي على النبي صلى الله عليه وسلم، وأناخ ناقته بفنائه، فقال بعض الصحابة للنعيمان الأنصاري: لو عقرتها فأكلناها، فإنّا قد قرمنا إلى اللحم ؟ ففعل ، فخرج الأعرابي وصاح : واعقراه يا محمد! فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من فعل هذا"؟ فقالوا: النعيمان ، فأتبعه يسأل عنه حتى وجده قد دخل دار ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، واستخفى تحت سرب لها فوقه جريد، فأشار رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم حيث هو فأخرجه فقال له : " ما حملك على ما صنعت ؟ قال: الذين دلوك عليّ يا رسول الله هم الذين أمروني بذلك قال: فجعل يمسح التراب عن وجهه ويضحك ، ثم غرمها للأعرابي.
وقال الزبير أيضاً: حدثني عمي عن جدي قال: كان مخرمة بن نوفل قد بلغ مائة وخمس عشرة سنة ، فقام في المسجد يريد أن يبول ، فصاح به الناس : المسجدَ المسجدَ ، فأخذه نعيمان بن عمرو بيده، وتنحى به، ثم أجلسه في ناحية أخرى من المسجد فقال له : بل هنا . قال : فصاح به الناس فقال : ويحكم ، فمن أتى بي إلى هذا الموضع ؟! قالوا : نعيمان ،قال: أما إن لله عليّ إن ظفرتُ به أن أضربه بعصاي هذه ضربة تبلغ منه ما بلغت! فبلغ ذلك نعيمان، فمكث ما شاء الله، ثم أتاه يوماً، وعثمان قائم يصلي في ناحية المسجد، فقال لمخرمة: هل لك في نعيمان؟ قال: نعم، قال: فأخذه بيده حتى أوقفه على عثمان ، وكان إذا صلى لا يلتفت فقال: دونك هذا نعيمان ، فجمع يده بعصاه، فضرب عثمان فشجه، فصاحوا به: ضربت أمير المؤمنين ! فذكر بقية القصة.
ومن الطرائف أن صحابياً آخر من أهل الفكاهة والمزاح، استطاع أن يوقع نعيمان في بعض ما أوقع فيه غيره من " المقالب " كما في قصة سويبط بين حرملة معه ، وكان ممن شهد بدراً أيضاً ، قال ابن عبد البر في " الاستيعاب" في ترجمة سويبط رضي الله عنه، وكان مزاحاً يفرط في الدعابة، وله قصة ظريفة مع نعيمان وأبي بكر الصديق رضي الله عنهم ، نذكرها لما فيها من الظرف ، وحسن الخُلق .
وروي عن أم سلمة قالت : خرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه في تجارة إلى بصرى قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بعام ، ومعه نعيمان وسويبط بن حرملة ، وكانا قد شهدا بدراً، وكان نعيمان على الزاد، فقال له سويبط - وكان رجلاً مزّاحاً - : " أطعمني فقال : لا ، حتى يجيء أبو بكر رضي الله عنه، فقال: أما والله لأغيظنك، فمروا بقوم فقال لهم سويبط، تشترون مني عبداً ؟ قالوا : نعم، قال: إنه عبد له كلام، وهو قائل لكم: إني حر، فإن كنتم إذا قال لكم هذه المقالة تركتموه، فلا تفسدوا عليّ عبدي ، قالوا : بل نشتريه منك ، قال : فاشتروه منه بعشر قلائص ، قال : فجاؤوا فوضعوا في عنقه عمامة أو حبلاً، فقال نعيمان :
إن هذا يستهزىء بكم، وإني حر ، لست بعبد ، قالوا : قد أخبرنا خبرك، فانطلقوا به، فجاء أبو بكر رضي الله عنه ، فأخبره سويبط فأتبعهم ، فرد عليهم القلائص وأخذه، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه قال : فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه منها حولاً .
· موقف المتشددين:
ولا ريب أن هناك من الحكماء والأدباء والشعراء من ذم المزاح، وحذّر من سوء عاقبته، ونظر إلى جانب الخطر والضرر فيه، وأغفل الجوانب الأخرى.
ولكن ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أحق أن يُتبع، وهو يمثل التوازن والاعتدال.
وقد قال لحنظلة حين فزع من تغير حاله في بيته عن حاله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتهم نفسه بالنفاق: [يا حنظلة؛ لو دمتم على الحال التي تكونون عليها عندي لصافحتكم الملائكة في الطرقات، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ، وهذه هي الفطرة، وهذا هو العدل].
روى ابن أبي شيبة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متحزقين ولا متماوتين، كانوا يتناشدون الأشعار، ويذكرون أمر جاهليتهم، فإذا أريد أحدهم على شيء من أمر دينه دارت حماليق عينيه كأنه مجنون .
والتحزق _ كما يقول الإمام الخطابي _ : التجمع وشدة التقبض .
وفي النهاية لابن الأثير: متحزقين: أي منقبضين ومجتمعين.
وسئل ابن سيرين عن الصحابة : هل كانوا يتمازحون؟ فقال: ما كانوا إلا كالناس. كان ابن عمر يمزح وينشد الشعر.
وبهذا يكون موقف أولئك النفر من المتدينين أو المتحمسين للدين، وعبوسهم وتجهمهم الذي ظنه البعض من صميم الدين، لا يمثل حقيقة الدين في شيء، ولا يتفق مع هدي الرسول الكريم وأصحابه.
إنما يرجع إلى سوء فهمهم للإسلام، أو لطبيعتهم الشخصية، أو لظروف نشأتهم وتربيتهم.
وعلى كل حال، لا يجهل مسلم أن الإسلام لا يؤخذ من سلوك فرد أو مجموعة من الناس، يخطئون ويصيبون، والإسلام حُجة عليهم، وليسوا هم حُجة على الإسلام، إنما يؤخذ الإسلام من القرآن والسنة الثابتة.
· حدود المشروعية في الضحك والمزاح:
إن الضحك والمرح والمزاح أمر مشروع في الإسلام كما دلت على ذلك النصوص القولية، والمواقف العملية للرسول الكريم وأصحابه صلى الله عليه وسلم .
وما ذلك إلا لحاجة الفطرة الإنسانية إلى شيء من الترويح يخفف عنها لأواء الحياة وقسوتها، وتشعب همومها وأعبائها.
كما أن هذا الضرب من اللهو والترفيه يقوم بمهمة التنشيط للنفس، حتى تستطيع مواصلة السير والمضي في طريق العمل الطويل، كما يريح الإنسان دابته في السفر، حتى لا تنقطع به.
فمشروعية الضحك والمرح والمزاح لا شك فيها في الأصل، ولكنها مقيدة بقيود وشروط لا بد أن تُراعى.
أولها : ألا يكون الكذب والاختلاق أداة الإضحاك للناس، كما يفعل بعض الناس في أول إبريل - نيسان - فيما يسمونه "كذبة إبريل".
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: [ويل للذي يُحدث فيكذب، ليُضحك القوم، ويل له، ويل له، ويل له ] . [رواه أبو داود والترمذي].
وقد كان صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقاً.
ثانياً: ألا يشتمل على تحقير لإنسان آخر، أو استهزاء به وسخرية منه، إلا إذا أذن بذلك ورضي.
قال تعالى: (يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساءًٌ من نساءٍ عسى أن يكنّ خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفُسوق بعد الإيمان) . (الحجرات 11) .
وجاء في صحيح مسلم : [ بحسْب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ] .
وذكرت عائشة أمام النبي صلى الله عليه وسلم إحدى ضرائرها، فوصفتها بالقصر تعيبها به، فقال: [ يا عائشة ، لقد قلت كلمة لو مُزجت بماء البحر لمزجته] قالت: وحكيت له إنساناً - أي قلدته في حركته أو صوته أو نحو ذلك - فقال :
[ ما أحب أني حكيت إنساناً وأن لي كذا وكذا ] . [رواه أبو داود والترمذي] .
ثالثاً: ألا يترتب عليه تفزيع وترويع لمسلم.
فقد روى أبو داود عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى قال : حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم فنام رجل منهم ، فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ، ففزع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ لا يحل لرجل أن يروِّع مسلماً ] .
وعن النعمان بن بشير قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير، فخفق رجل على راحلته - أي نعس - فأخذ رجل سهماً من كنانته فانتبه الرجل، ففزع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [لا يحل لرجل أن يروع مسلماً] (رواه الطبراني في الكبير ورواته ثقات) . والسياق يدل على أن الذي فعل ذلك كان يمازحه.
وقد جاء في الحديث الآخر: [لا يأخذ أحدكم متاع أخيه لاعباً ولا جاداً] . (رواه الترمذي وحسّنه) .
رابعاً : ألا يهزل في موضع الجِد، ولا يضحك في مجال يستوجب البكاء، فلكل شيء أوانه، ولكل أمر مكانه، ولكل مقام مقال، والحكمة وضع الشيء في موضعه المناسب.
ومن ممادح الشعراء:
إذا جدّ عند الجِد أرضاك جِده وذو باطل إن شئت ألهاك باطلُه!
والباطل هنا يقصد به اللهو والمرح.
وقال آخر:
أهازلُ حيث الهزلُ يَحسُنُ بالفتى وإني إذا جدّ الرجال لَذو جِدّ!
وروى الأصمعي أنه رأى امرأة بالبادية تصلي على سجادتها خاشعة ضارعة فلما فرغت، وقفت أمام المرآة تتجمل وتتزين، فقال لها: أين هذه من تلك! فأنشدت تقول:
ولله مني جانب لا أضيعه وللهو مني والبطالة جانب!
قال : فعرفت أنها امرأة عابدة لها زوج تتجمل له.
وقد عاب الله تعالى على المشركين أنهم كانون يضحكون عند سماع القرآن وكان أولى بهم أن يبكوا ، فقال تعالى : ( أفمن هذا الحديث تعجبون* وتضحكون ولا تبكون* وأنتم سامدون ) . (النجم 59-61) .
خامساً : أن يكون ذلك بقدر معقول، وفي حدود الاعتدال والتوازن، الذي تقبله الفطرة السليمة ، ويرضاه العقل الرشيد ، ويلائم المجتمع الإيجابي العامل .
والإسلام يكره الغلو والإسراف في كل شيء، ولو في العبادة ، فكيف باللهو والمرح ؟!
ولهذا كان التوجيه النبوي : " ولا تكثر من الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب " فالمنهي عنه هو الإكثار والمبالغة .
وقد ورد عن علي رضي الله عنه قوله : " أعط الكلام من المزح بمقدار ما تعطي الطعام من الملح " وهو قول حكيم، يدل على عدم الاستغناء عن المزح، كما يدل على ضرر الإفراط فيه وخير الأمور هو الوسط دائماً ، وهو نهج الإسلام وخَصيصته الكبرى ، ومناط فضل أمته على غيرها

قال ابن قتيبة :إنما كان يمزح لأن الناس مأمورون بالتأسي به والاقتداء بهديه فلو ترك الطلاقة والبشاشة ولزم العبوس والقطوب لأخذ الناس بأنفسهم ب\الك علي ما في مخالفة الغريزة من المشقة والعناء فمزح ليمزحوا
ولم يكن مزاحه إلا حقا كما قال أبو هريرة رضي الله عنه :يارسول الله إنك تداعبنا
فقال:إني لا أقول إلا حقا
وقد حذر من الذي يضحك الناس ويخلق جوا من الفكاهة والحيوية لكن من خلال الكذب .فقال : (ويل للذي يحدث القوم ثم يكذب ليضحكهم ويل له ويل له )
وقال : (إن الرجل ليتكلم بالكلمة لايري بها بأسا إلا ليضحك بها القوم فإنه ليقع منها أبعد من السماء )
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قالl إن الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك بها جلساءه يهوي بها من أبعد من الثريا)
وقد حدث في عهد النبي صلي الله عليه وسلم أن رجلا منهم نام فأخذوا نبله فلما استيقظ فزع فضحك القوم فقال رسول الله : (ما يضحككم ؟)فقالوا :لا إلا أنا أخذنا نبل هذا ففزع
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (لايحل لمسلم أن يروع مسلما )
وضحك الصحابة رضوان الله عليهم من دقة ساقي عبد الله ابن مسعود لأنه كان نحيفا فقال النبي صلي الله عليهç وسلم (مم تضحكون ؟)
فقالوا :من دقة ساقيه
فقال :والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من جبل أحد )
وكان النبي صلي الله ليه وسلم يمزح ولكن كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في وصفه (من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه
وقال آخر (لم أر قبله ولا بعده مثله )
وقال عمرو بن العاص (ما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا أجل في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له ولوسئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه
ولذا وصفه عروة بن مسعود عند صلح الحديبية فقال (والله ما أمر أمرا إلا ابتدوا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون علي وضوئه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يمدون إليه النظر تعظيما له ولقد وفدت علي قيصر وكسري والنجاشي فما رأيت قط ملكا يعظمه أصحابه مثل ما يعظم محمدا أصحابه )
ورغم هذا لم يرد منهم تعظيما غير مشروع ولا قياما من غير سبب ولا غلوا في الثناء عليه (لاتطروني كما أطرت المسيح عيسي ابن مريم )
ولما هابه أحدهم قال له :هون عليك إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد
أمثلة من فكاهة رسول الله صلي الله عليه وسلم
صور من مزاح النبى صلى الله عليه وسلم


1- مزاحه صلى الله عليه وسلم بالأفعال:

كان النبى صلى الله عليه وسلم يمازح صحابته بأفعاله وأقواله، فمن نماذج مزاحه بأفعاله:


مزاح النبى صلى الله عليه وسلم وزاهر بن حرام – رضى الله عنه -:

تحكى كتب السنة لنا ما دار بين النبى صلى الله عليه وسلم وزاهر بن حرام، وكان من الصحابة الذين يبعثون الهدايا للنبى صلى الله عليه وسلم، ولندع أنساً – رضى الله عنه – يروى لنا هذه الدعابة:
عن أنس – رضى الله عنه - : "أن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهر بن حرام وكان يهدى للنبى صلى الله عليه وسلم الهدية من البادية، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يحبه وكان دميماً فأتاه النبى صلى الله عليه وسلم يوماً وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، فقال: أرسلنى من هذا؟ فالتفت، فعرف النبى صلى الله عليه وسلم فجعل لا يألو ما ألزق ظهره بصدر النبى صلى الله عليه وسلم حين عرفه، وجعل النبى صلى الله عليه وسلم يقول: من يشترى العبد؟ فقال: يا رسول الله إذاً والله تجدنى كاسداً، فقال النبى صلى الله عليه وسلم لكن عند الله لست بكاسد أنت غال، وفى رواية: أنت عند الله رابح".

مع عائشة – رضى الله عنها - :

كان صلى الله عليه وسلم يقطع ملل الحياة الزوجية ببعض المزاح لترفيه عن أهله، فقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يسابق بعض زوجاته:
فعن عائشة – رضى الله عنها - : "أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر، وهى جارية، فقال لأصحابه: تقدموا، ثم قال: تعالى أسابقك، فسابقته، فسبقته على رجلى، فلما كان بعد، خرجت معه فى سفر، فقال لأصحابه: تقدموا، ثم قال: تعالى أسابقك، ونسيت الذى كان وقد حملت اللحم، فقلت: كيف أسابقك يا رسول الله، وأنا على هذه الحال؟ فقال: لتفعلن، فسابقته فسبقنى، فقال: هذه بتلك السبقة".

مع الأطفال:

حتى الأطفال كان صلى الله عليه وسلم يمازحهم ويشاركهم لعبهم:
فروى عن عبد الله بن الحارث قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف عبدالله وعبيد الله وكثير بن العباس ثم يقول: "من سبق إلى فله كذا وكذا، قال: فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلتزمهم".

مع رجل من الأنصار:


كان الأنصار – رضى الله عنهم – يتمازحون ويتضاحكون، ويحكى لنا أسيد بن حضير ما حدث بين النبى صلى الله عليه وسلم ورجل منهم:
يقول أسيد: "بينما رجل من الأنصار يحدث القوم وكان فيه مزاح بيننا يضحكهم، فطعنه النبى صلى الله عليه وسلم فى خاصرته بعود، فقال: أصبرنى، فقال: أصطبر، قال: إن عليك قميصاً وليس على قميص، فرفع النبى صلى الله عليه وسلم عن قميصه فاحتضنه وجعل الرجل يقبل كشحه، قال: إنما أردت هذا يا رسول الله".

2- مزاحه صلى الله عليه وسلم بحيلة لغوية:

كان صلى الله عليه وسلم يستخدم الحيل اللغوية فى دعابته، وذلك بأن يأتى بالكلام الذى يحتمل معنيين: معنى قريب متبادر إلى الذهن، ومعنى بعيد لا يفهمه إلا الخواص، ويقصد المعنى البعيد، وهو ما يسمى فى البلاغة بالتورية، وحدث ذلك منه صلى الله عليه وسلم فى أكثر من موقف منها:

مع عجوز من الأنصار:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواضعاً منبسطاً مع عامة المسلمين على اختلاف منازلهم، فتحكى السيدة عائشة – رضى الله عنها – ممازحته لعجوز من الأنصار فتقول:
"أتت عجوز إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يدخلنى الجنة، فقال لها: يا أم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز، قال: فولت – المرأة – تبكى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبروها أنها لا تدخلها وهى عجوز، إن الله يقول: "إنا أنشاناهن إنشاء، فجعلناهن أبكاراً، عربا أتراباً" (الواقعة: 35-37).

مع الأعرابى الذى سأله جملاً:

يحكى لنا أنس – رضى الله عنه – مداعبة النبى صلى الله عليه وسلم للأعرابى الذى طلب منه ناقة يحمل عليه متاعه فى سفره:
يقول أنس – رضى الله عنه - : استحمل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: "إنى حاملك على ولد ناقة، فقال الرجل: يا رسول الله، وما أصنع بولد الناقة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهل تلد الإبل إلا النوق ..".

3- دعابته صلى الله عليه وسلم بحيلة لغوية ورد الصحابى عليه بالمثل:

قد يكون من يكلمه صلى الله عليه وسلم متنبهاً فلا يقع فى خطأ، ولكن يستطيع أن يرد عليه متخلصاً من سؤاله أو كلامه، وهذا ما حدث مع صهيب وهو ما يسمى بالتشتيت اللغوى، إذ كان الصحابى الجليل صهيب – رضى الله عنه – مريض وكان النبى صلى الله عليه وسلم يمازحه ويخفف عنه، وهذا ما جاء فى هذه الرواية وإليك نصها:
عن صهيب – رضى الله عنه – قال : "أنه كان يأكل التمر وبه رمد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أتأكل وأنت أرمد؟"، فقال: أنا آكل بالشق الآخر، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفى رواية أخرى قال صهيب: "قدمت على النبى صلى الله عليه وسلم وبين يديه خبز وتمر، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: ادن فكل، فأخذت آكل من التمر، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: تأكل تمراً وبك رمد؟ قال: فقلت: إنى أمضغ من ناحية أخرى، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم".

4- نوادر ادعاء الغفلة معه صلي الله عليه وسلم

كان بعض الصحابة يمازح النبي صلي الله عليه وسلم بتغافله بأن يقول قولاً لايصدر إلا من غافل ساه لكنه غير ذلك، ومن ذلك:

عوف بن مالك معه صلي الله عليه وسلم:

كان صلي الله عليه وسلم يداعب عوف بن مالك عندما يدخل عليه صلي الله عليه وسلم وهو ما توضحه هذه الرواية :
عن عوف الأشجعي قال : "أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزوة تبوك و هو في قبة من أدم، فسلمت فرد وقال : أدخل، فقلت : أكلي يارسول الله؟ قال: كلك، فدخلت". قال عثمان بن أبي العاتكة : " إنما قال : أدخل كلي من صغر القبة". وقد يكون مزاحاً بين الصحابي والرسول صلي الله عليه وسلم، إذ كيف يدخل بعض الإنسان أو يستأذن لبعضه، فلو أستأذن لرأس لكان إذناً له كله.
5 – تعريضه صلي الله عليه وسلم في الكلام:
وقد يعرض النبي صلي الله عليه وسلم في تعليقه على موقف رآه فيعرض فيه بالشبه و غيره بما قد يفهم غير مراده :
مع سفينة مولى رسول الله صاى الله عليه و سلم
قال : ثقل علي القوم متاعهم ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " أبسط كساءك" ، فجعلوا فيه متاعهم، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " أحمل فإنما أنت سفينة، قال : فلو حملت من يومئذ وقر بعير أو بعيرين أو ثلاثة، حتي بلغ سبعة ما ثقل علي ".
مع بريده – رضي الله عنه -:
عن أبي طيبة عبد الله بن مسلم، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: " كنت مع النبي صلي الله عليه وسلم في سفر فثقل علي القوم بعض متاعهم، فجعلوا يطرحونه علي، فمر بي النبي صلي الله عليه وسلم، فقال: انت زاملة".
قوله صلي الله عليه وسلم لرجل: أنت أبو الورد:روي ان النبي صلي الله عليه وسلم رأي رجلاً ذو بشرة مشوبة بحمرة فداعبه مداعبة لطيفة وهذا كما توضحه هذه الرواية:
عن حميد الطويل، عن ابن أبي الورد، عن أبيه قال: " رآني النبي صلي الله عليه وسلم، فرآني رجلاً أحمر، فقال : أنت أبو الورد، فقال جبارة: يعني يمازحه".
6 – تعريض خاص به صلي الله عليه وسلم:
وذلك بأن يقول كلاماً يفهم منه شئ وهو يريد شيئاً لايعرفة إلا هو وهو خاص به وحده، ومنه مما روي عن ابن حبان في صحيحه أن النبي صلي الله عليه وسلم رأي جارية يتيمة في بيت أم سليم فمازحها النبي صلي الله عليه وسلم:
وفي ذلك يقول أنس بن مالك- رضي الله عنه- : " رأي نبي الله صلي الله عليه وسلم جارية يتيمة عند أم سليم، وهي أم أنس بن مالك، فقال لها النبي يا رسول الله علي يتيمتي أن لا يشب الله قرنها، فو الله لا يشب أبداً، فقال النبي: يا أم سليم، أو ما علمت أني اتخذت عند ربي عهداً، أيما أحد من أمتي دعوت عليه ليس من أهلها أن يجعلها له طهور أو قربة يقربه بها يوم القيامة.
أي ان هذا الذى ورد خاص به صلي الله عليه وسلم، ولايجوز أن يدعوا إنسان علي غيره في أهلة أو ماله، إذا كان غير مستحق ان يدعي عليه بحجة فعله صلي الله عليه وسلم، فهذا شئ خاص به.
7 – ذكره صلي الله عليه وسلم حقيقة واقعة:
مع أنس بن مالك – رضي الله عنه :
وكان صلي الله عليه وسلم يلاطف أنساً ويداعبة، وفي ذلك يقول عاصم الأحول : حدثني أنس – رضي الله عنه – أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : "يا ذا الأذنين، قال أبو أسامة : يعني مازحه ".
8 – تذكيره صلي الله عليه وسلم بحوادث طريفة سابقة:
وكان من كريم اخلاقة صلي الله عليه وسلم ورحمته بالأطفال انه كان يمازحهم ويداعبهم، وفي ذلك يقول انس بن مالك رضي الله عنه
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أحسن الناس خلقاً و كان لي أخ يقال له : أبو عمير فكان اذا جاء النبي صلى الله عليه و سلم فرآه قال : يا أبا عمير ما فعل النغير ؟
و في رواية : " دخل علي أبي طلحة رضي الله عنه فرأي ابنا له يكني ابا عمير حزيناً، قال أنس: وكان النبي صلي الله عليه وسلم إذا راه مازحه". فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " مالي أري أبا عمير حزيناً؟ قالوا : يارسول الله ، مات نغره الذى كان يلعب به ".
قال انس : فجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :" يا أبا عمير ما فعل النغير".
يا مـنزل الآيـات والفـرقان بـيني وبينـك حـرمة القرآن
اشرح به صـدري لمعرفة الهدى واعصـم به قلبي من الشيطـان
يســر به أمري واقض مآربي وأجرْ به جسدي من النيران
واحطط به وزري وأخلص نيتي واشدد به أزري وأصلح شاني
واكشف به ضري وحقق توبتي أربِح به بيعي بلا خسران
طهر به قلبي وصفِّ سريرتي أجمل به ذكري وأعلِ مكاني
واقطع به طمعي وشرِّف همتي كثِّر به ورعي وأحيي جناني
أسهر به ليلي وأظم جوارحي أسبِل بفيض دموعها أجفاني
أمزجه يا ربي بلحمي مع دمي واغسل به قلبي من الأضغان
أنت الذي صوَّرتني وخلقتني وهديتني لشرائع الإيمان
أنت الذي علمتني ورحمتني وجعلت صدري واعي القرآن
أنت الـذي أطـعمتني وسقيتني من غـير كسب يد ولا دكـان
وجبرتني وسترتني ونصرتني وغمرتني بالفضل والإحسان
أنت الـذي آويتــني وحبوتني وهـديتني من حيرة الخذلان
وزرعـت لي بين القلوب مودة والـعطفَ منـك برحمـة وحنان
ونشـرت لي في العالمين محامداً وسترت عن أبصــارهم عصيـاني
وجعلت ذِكري في البريّة شائعاً حـتى جعـلت جميعهـم إخـواني
والله لو علــموا قبيح سريرتي لأبى السـلام علـيَّ مـن يلقـاني
ولأعرضوا عني ومـلّوا صحـبتي ولبؤت بعـد كـرامـة بهــوان
لكن سترت معـايبي ومثـالـبي وحلُـمتَ عـن سقطي وعن طغياني
فـــلك المحامد والمدائح كلها بخواطـــري وجوارحي ولساني
ولقـد مننت عليَّ ربِّ بأنعُــمٍ مـا لـي بشكـر أقلِّـهن يـدان
فوَحـق حكمتـك التي آتيتـني حـتى شـددت بنـورها أركـاني
لإن اجتبتني من رضاك مـــعونة حــــــتى يقوي أيدُها إيماني
لأُسبحنـك بكــرة وعشيـة ولَـتخدمنك في الـدجـى أركـاني
ولأذكرنـك قائمـاً أو قـاعداً ولأشـكـرنك سـائر الأحيــان
ولأكتمنَّ عن الـــبرية خِلّتي ولأشكــــونّ إليك جهد زماني
ولأجعلنّ المقلتين كـلاهــما من خشيـة الــرحمـن باكيتـان
ولأجعلن رضاك أكبر هـِمـتي ولأقبضـنّ عـن الفـجـور عنـاني
ولأمنعن النفس عن شهواتهـــا ولأجعـلن الـزهد مـن أعــواني
ولأحسمن عن الأنام مطامعي بحســـــام يأس لم تشبه بنان
ولأقصدنك في جميع حوائجــي من دون قصـد فــلانة وفــلان
ولأتلونَّ حروف وحيك في الـدجى ولأُحـرِقــنّ بنـوره شيـطـاني
ملاحظة :أثبتنا هاته الأبيات لأن صاحب الكتاب الشيخ عبد العاطي بحيري حفظه الله أثبتها في آخرالفصل وهي أبيات جديرة بالتذكير

أبوصلاح الدين 26-03-2010 06:22 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
الخلق الخامس والعشرون :البشاشة
البشاشة هي اللقاء الجميل والضحك إلي الإنسان سرورا وقيل هي حسن التقاء الناس والتبسم في وجوههم وقيل هي طلاقة الوجة وطيبة اللقاء والفرح بالمرء والانبساط له والأنس به
وقد بين الله جل جلاله في القرآن الكريم هذه المعني في مثل هذه الآيات
1(وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة )
2.(وجوه يومئذ ناعمة لسعيها راضية
3.(تعرف في وجوههم نضرة النعيم )
4. (وينقلب إلي أهله مسرورا )
كان رسول الله صلي الله عليه وسلم حلو الشمائل كلها .باسم الثغر حسن المنظر سمح النفس طاهر القلب عظيم الصبر راسخ الحلم كثير العفو جم التواصل موصول الرحمة
مظاهر البشاشة في حياة النبي صلي الله عليه وسلم
1.شهدت له السيدة عائشة رضي الله عنها لما قالت :ما رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم مستجمعا قط ضاحكا حتي أري منه لهواته إنما كان يبتسم
2.وقال جابر :كان رسول الله صلي الله عليه وسلم طويل الصمت قليل الضحك
3.وسئل جابر رضي الله عنه :أكنت تجالس رسول الله ؟قال :نعم فكان طويل الصمت قليل الضحك وكان أصحابه يذكرون عنده الشعر وأشياء من أمورهم فيضحكون وربما يبتسم
4.وقال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه : ما رآني رسول الله صلي الله عليه وسلم إلا تبسم في وجهي وفي رواية عنه إلا ضحك
5.وقال عبد الله بن الحارث الزبيدي : ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلي الله عليه وسلم
6.وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنه :كان رسول الله صلي الله عليه وسلم حسن المضحك وقال :وكان أجود الناس أبش
7.وقال كعب بن مالك رضي الله عنه :كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه كأنه قطعة قمر وكنا نعرف ذالك منه
وقد يري البعض أن الإسلام ينهي عن الضحك كحديث (أنه كان متواصل الأحزان )فهو ضعيف وحديث (لاتكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميث القلب ) ومات يصب في هذا الباب فالمقصود به الإفراط والمبالغة في ذالك
مواقف ضحك فيها رسول الله ضلي الله عليه وسلم

1.عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن يهوديا جاء إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقال :يامحمد إن الله يمسك السماوات والأرض علي إصبع والجبال علي إصبع والأرضين علي إصبع والشجر علي إصبع والخلائق علي إصبع ثم يقول :أنا الملك
فضحك رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي بدت نواجذه ثم قرأ : ( وما قدرو الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالي عما يشركون )ضحك تعجبا وتصديقا
2.وعند الترمذي أن اليهودي قال : يا أبا القاسم إذا وضع الله السماوات علي ذه والأرضين علي ذه والماء علي ذه والجبال علي ذه وسائر الخلق علي ذه ويشير إلي أصابعه فضحك رسول الله صلي الله عليه وسلم
3.ولما جاءته سهلة بنت سهيل فقالت : يارسول الله إني أري في وجه أبي حذيفة من دخول سالم شيء أي من الغيرة وهو حليفه فقال النبي صلي الله عليه وسلم : أرضعيه
قالت :كيف أرضعه وهو رجل كبير فتبسم رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال : (قد علمت أنه رجل كبير )ثم ضحك رسول الله صلي الله عليه وسلم .
4.وعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال : أصبت جرابا من شحم يوم خيبر فالتزمته فقلت : لا أعطي اليوم أحدا من هذا شئا فإذا رسول الله صلي الله عليه وسلم متبسما .
5.وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ككنا عند رسول الله صلي الله عليه وسلم فضحك فقال :أتدرون مما أضحك ؟فقال الصحابة رضوان الله عليهم الله ورسوله اعلم
قال صلي الله عليه وسلم كمن مخاطبة العبد ربه يقول :يارب ألم تجرني من الظلم ؟فيقول الله :بلي .فيقول العبد :فإني لااجيز علي نفسي إلا شاهدا مني .فيقول الله تعالي ك كفي بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين شهودا
قال :فيختم علي فيه فيقال لأركانه أي لجوارحه : انطقي فتنطق بأعماله ثم يخلي بينه وبين الكلام فيقول العبد لأركانه :بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل
6.وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال :يؤتي بالرجل يوم القيامة فيقال :اعرضوا عليه صغار ذنوبه فتعرض عليه ويخبأ عنه كبارها فيقال:عملت يوم كذا وكذا وكذا وهو مقر لاينكر وهو مشفق من الكبار
قال :فيقول :إن لي ذنوبا ما أراها ؟
قال أبو ذر :فرأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم ضحك حتي بدت نواجذه
7.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال حدثتني أم حرام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما في بيتها فاستيقظ وهو يضحك قالت يا رسول الله ما يضحكك قال عجبت من قوم من أمتي يركبون البحر كالملوك على الأسرة فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فقال أنت منهم ثم نام فاستيقظ وهو يضحك فقال مثل ذلك مرتين أو ثلاثا قلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فيقول أنت من الأولين فتزوج بها عبادة بن الصامت فخرج بها إلى الغزو فلما رجعت قربت دابة لتركبها فوقعت فاندقت عنقها
8.وعن أنس رضي الله عنه قال :بينما رسول الله صلي الله عليه وسلم \ات يوم بين أظهرنا إ\ أغفي إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما فقلنا :ما أضحكك يارسول الله
قال : أنزلت علي آنفا سورة فقرأ 5إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر –
ثم قال : اتدرون ما الكوثر ؟فقلنا : الله ورسوله أعلم
قال :فإنه نهر وعدنيه ربي عزوجل عليه خير كثير .هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم
9.
وعن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - ، قال : كنت جالسا عند النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، إذ جاءه رجل من أهل اليمن ، فقال : إن ثلاثة من أهل اليمن أتوا عليا - رضي الله عنه - يختصمون إليه في ولد ، وقعوا على امرأة في طهر واحد ، فقال للاثنين منهما : طيبا بالولد لهذا ، فقالا : لا . ثم قال للاثنين : طيبا بالولد لهذا ، فقالا : لا . ثم قال للاثنين : طيبا بالولد لهذا ، فقالا : لا . ثم قال : أنتم شركاء متشاكسون ، إني مقرع بينكم ، فمن قرع فله الولد ، وعليه لصاحبيه ثلثا الدية ، فأقرع بينهم ، فجعله لمن قرع ، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى بدت أضراسه - أو قال : نواجذه
10
عن عمرو بن العاص قال احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك لرسول الله r فقال يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت إني سمعت الله عز وجل يقول( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) فضحك نبي الله r ولم يقل شيئا فدل هذا الحديث على إباحة التيمم مع الخوف لا مع اليقين.
11. عن أبي هريرة t قال خرجت أنا ورسول الله r ويده في يدي أو يدي في يده فأتى على رجل رث الهيئة فقال أي فلان ما بلغ بك ما أرى قال السقم والضر يا رسول الله قال ألا أعلمك كلمات تذهب عنك السقم والضر قال لي ما يسرني أن شهدت بها معك بدرا أو أحدا قال فضحك رسول الله r وقال وهل يدرك أهل بدر وأهل أحد ما يدرك الفقير القانع قال فقال أبو هريرة يا رسول الله إياي فعلمني قال فقل يا أبا هريرة (توكلت على الحي الذي لا يموت الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ) قال فأتى علي رسول الله r وقد حسنت حالي قال: فقال لي مهيم قال: قلت يا رسول الله لم أزل أقول الكلمات التي علمتني.
12.عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال دخل أعرابي على رسول الله r المسجد وهو جالس فقال اللهم اغفر لي ولمحمد ولا تغفر لأحد معنا قال فضحك رسول الله r ثم قال لقد احتظرت واسعا ثم ولى الأعرابي حتى إذا كان في ناحية المسجد فحج ليبول فقال الأعرابي بعد أن فقه في الإسلام فقام إلي رسول الله فلم يؤنبني ولم يسبني وقال إنما بني هذا المسجد لذكر الله والصلاة وإنه لا يبال فيه ثم دعا بسجل من ماء فأفرغه عليه .
13
عن صهيب قال أتيت النبي r وبين يديه تمر يأكل فقال أصب من هذا الطعام فجعلت آكل من التمر فقال: تأكل من التمر وأنت رمد فقلت إنما أمضغ من الجانب الآخر فضحك رسول الله
14.
عن عائشة قالت جاءت امرأة رفاعة إلى رسول الله فقالت إن رفاعة طلقني فأبت طلاقي وإني تزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وما معه إلا مثل هدية الثوب فضحك رسول الله وقال لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة , لا ,حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته
15. .
عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي فقال رأيت رأسي في المنام ضرب فرأيته يتدهده فضحك وقال يعمد الشيطان إلى أحدكم فيتهوله ثم يغدو ويخبر به الناس.
16
عن أنس رضي الله عنه قال بينا رسول الله r جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه فقال عمر ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي فقال رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة تبارك وتعالى فقال أحدهما يارب خذ لي مظلمتي من أخي قال الله تعالى أعط أخاك مظلمته قال يارب لم يبق من حسناتي شيء قال رب فليحمل عني من أوزاري قال ففاضت عينا رسول الله r بالبكاء ثم قال إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس إلى من يتحمل عنهم من أوزارهم فقال الله تعالى للطالب ارفع بصرك وانظر في الجنان فرفع رأسه فقال يارب أرى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ لأي نبي هذا لأي صديق هذا لأي شهيد هذا قال هذا لمن أعطى ثمنه قال رب ومن يملك ثمنه قال أنت تملكه قال ماذا يارب قال تعفو عن أخيك قال يارب فإني قد عفوت عنه قال الله تعالى خذ بيد أخيك فادخلا الجنة ثم قال رسول الله فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة.
وهناك كتاب (مائة ضحكة وابتسامة للنبي صلي الله عليه وسلم )وهو متوفر علي النت لمن أراد الاستزادة

ام زين الدين 02-01-2015 12:00 PM

رد: من أخلاق الرسول
 
اللهم صلي وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد، عليه أفضل الصلاة والسلام

شكرا وبارك الله فيك على الموضوع


الساعة الآن 11:57 AM.

Powered by vBulletin
قوانين المنتدى