تفسير سورة القارعة
سورة القارعة { المصدر:تفسير السعدى والطبرى والقرطبى }
************************************************** * [وهي] مكية [1 ـ 11] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ * فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ} ... {1} الْقَارِعَةُ } :: أى السَّاعَة الَّتِي يَقْرَع قُلُوب النَّاس هَوْلهَا , وَعَظِيم مَا يَنْزِل بِهِمْ مِنْ الْبَلَاء عِنْدهَا , وَذَلِكَ صَبِيحَة لَا لَيْل بَعْدهَا . .وَذَلِكَ أَنَّهَا تَقْرَع الْخَلَائِق بِأَهْوَالِهَا وَأَفْزَاعهَا . {2} مَا الْقَارِعَةُ } :: اِسْتِفْهَام ; أَيْ أَيّ شَيْء هِيَ الْقَارِعَة ؟ يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُعَظِّمًا شَأْن الْقِيَامَة وَالسَّاعَة الَّتِي يَقْرَع الْعِبَاد هَوْلهَا ؛ أَيْ مَا أَعْظَمهَا وَأَفْظَعهَا وَأَهْوَلهَا . {3} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ } : يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَا أَشْعَرَك يَا مُحَمَّد أَيّ شَيْء الْقَارِعَة . {4} يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ } :: وَهُوَ الَّذِي يَتَسَاقَط فِي النَّار وَالسِّرَاج , لَيْسَ بِبَعُوضٍ وَلَا ذُبَاب , وَيَعْنِي بِالْمَبْثُوثِ : الْمُفَرَّق . ؛ وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ جَابِر , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَثَلِي وَمَثَلكُمْ كَمَثَلِ رَجُل أَوْقَدَ نَارًا , فَجَعَلَ الْجَنَادِب وَالْفَرَاش يَقَعْنَ فِيهَا , وَهُوَ يَذُبّهُنَّ عَنْهَا , وَأَنَا آخِذ بِحُجَزِكُمْ عَنْ النَّار , وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي ) . وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي هُرَيْرَة . وَالْمَبْثُوث الْمُتَفَرِّق . وَقَالَ فِي مَوْضِع آخَر : " كَأَنَّهُمْ جَرَاد مُنْتَشِر " [ الْقَمَر : 7 ] . فَأَوَّل حَالهمْ كَالْفَرَاشِ لَا وَجْه لَهُ , يَتَحَيَّر فِي كُلّ وَجْه , ثُمَّ يَكُونُونَ كَالْجَرَادِ ; لِأَنَّ لَهَا وَجْهًا تَقْصِدهُ . وَالْمَبْثُوث : الْمُتَفَرِّق وَالْمُنْتَشِر . {5} وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ } :: أَيْ الصُّوف الَّذِي يُنْفَش بِالْيَدِ , أَيْ تَصِير هَبَاء وَتَزُول ؛ يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَوْم تَكُون الْجِبَال كَالصُّوفِ الْمَنْفُوش ; وَالْعِهْن : هُوَ الْأَلْوَان مِنْ الصُّوف . {6} فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ } :: فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِين حَسَنَاته , يَعْنِي بِالْمَوَازِينِ : الْوَزْن ؛. وَأَنَّ لَهُ كِفَّة وَلِسَانًا تُوزَن فِيهِ الصُّحُف الْمَكْتُوب فِيهَا الْحَسَنَات وَالسَّيِّئَات .وَقِيلَ : إِنَّ الْمَوَازِين الْحُجَج وَالدَّلَائِل ؛, قَالَهُ عَبْد الْعَزِيز بْن يَحْيَى {7} فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ } :: فِي عِيشَة قَدْ رَضِيَهَا فِي الْجَنَّة , . وَقِيلَ : " عِيشَة رَاضِيَة " أَيْ فَاعِلَة لِلرِّضَا , وَهُوَ اللِّين وَالِانْقِيَاد لِأَهْلِهَا . فَالْفِعْل لِلْعِيشَةِ لِأَنَّهَا أَعْطَتْ الرِّضَا مِنْ نَفْسهَا , وَهُوَ اللِّين وَالِانْقِيَاد . فَالْعِيشَة كَلِمَة تَجْمَع النِّعَم الَّتِي فِي الْجَنَّة , فَهِيَ فَاعِلَة لِلرِّضَا {8} وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ } :: وَأَمَّا مَنْ خَفَّ وَزْن حَسَنَاته , {9} فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } :: يَعْنِي جَهَنَّم . وَسَمَّاهَا أُمًّا , لِأَنَّهُ يَأْوِي إِلَيْهَا كَمَا يَأْوِي إِلَى أُمّه , قَالَهُ اِبْن زَيْد . وقيل : فَمَأْوَاهُ وَمَسْكَنه الْهَاوِيَة , الَّتِي يَهْوِي فِيهَا عَلَى رَأْسه فِي جَهَنَّم . {10} وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ } :: قَوْله : { وَمَا أَدْرَاك مَا هِيَهْ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَا أَشْعَرَك يَا مُحَمَّد مَا الْهَاوِيَة , ثُمَّ بَيَّنَ مَا هِيَ , فَقَالَ : {11} نَارٌ حَامِيَةٌ } :: أَيْ شَدِيدَة الْحَرَارَة . وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( نَاركُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِد اِبْن آدَم جُزْء مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرّ جَهَنَّم ) قَالُوا : وَاَللَّه إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَة يَا رَسُول اللَّه . قَالَ ( فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا , كُلّهَا مِثْل حَرّهَا ) . وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا ثَقُلَ مِيزَان مَنْ ثَقُلَ مِيزَانه ; لِأَنَّهُ وُضِعَ فِيهِ الْحَقّ , وَحَقّ لِمِيزَانٍ يَكُون فِيهِ الْحَقّ أَنْ يَكُون ثَقِيلًا .وَإِنَّمَا خَفَّ مِيزَان مَنْ خَفَّ مِيزَانه ; لِأَنَّهُ وُضِعَ فِيهِ الْبَاطِل , وَحَقّ لِمِيزَانٍ يَكُون فِيهِ الْبَاطِل أَنْ يَكُون خَفِيفًا . وَفِي الْخَبَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَّ الْمَوْتَى يَسْأَلُونَ الرَّجُل يَأْتِيهِمْ عَنْ رَجُل مَاتَ قَبْله , فَيَقُول ذَلِكَ مَاتَ قَبْلِي , أَمَا مَرَّ بِكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ لَا وَاَللَّه , فَيَقُول إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ! ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمّه الْهَاوِيَة , فَبِئْسَ الْأُمّ , وَبِئْسَ الْمُرَبِّيَة ) . منقول |
رد: تفسير سورة القارعة
:16:جميل جدا جدا اخي
|
الساعة الآن 09:18 AM. |
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى