جذور العنف ... لدى الجماعات الإسلامية السياسية ...
15-02-2008, 11:25 AM
السلام .( الفقرة الأولى )
ان الجزائر قد ذاقت الويلات من العنف تحت الغطاء الديني و على هذا إني احاول من خلال هذا التدخل ان أكون صائبا في إبراز دوافع العنف اللابس للدين أو لأيديولوجية ثورية . و لمعرفة ما أصاب امتي الجزائر التي لم تستريح بعد من تناقضات و أشكال أرهقت المجتمع كانت نتيجة فترة إستعمارية طويلة و المخاض الذي يراه البعض حتمي و شرعي يتنساه الجميع من الجذور و على هذا إني سأحاول أن أحوم حول هذه الطابوهات المخيفة مرة و المقلقة مرة أخرى و هذا و فقا للشرع الإسلامي الذي نسأل الله عز و جل ان يوفقنا و أن يلهم كل الناس و خاصة الشباب أن يتفهموا الوضع لنجتنب عنفا لم يكن علينا حتميا .
ينزع اغلب الباحثين في رد ظاهرة العنف لدى الجماعات الإسلامية السياسية الى أسباب إجتماعية , و مع تقديري البالغ لأهمية التفسير السيولوجي في هذا المجال فإنه لا يكفي وحده . لان ظاهرة العنف الديني او العنف الذي تمارسه الجماعات السياسية , ذات التمحور الديني , له خصوصية تختلف إختلافا جذريا عن العنف الذي تقوم به الجماعات السياسية الأخرى البعيدة عن البواعث الدينية , مثل المنظمة الإرهابية العدمية ( نارودنايا قوليا ) أو إرادة الشعب .. و مرد هذه الخصوصية يرجع إلى أمر ذاتي يتعلق بالمنتمين إلى الجماعات الدينية أمراء كانوا أم أعضاء - بل في الحقيقة يشمل كافة المؤمنين بالأديان السماوية او السامية أو الإبراهيمية و هو يزداد توهجا كلما كانت الشحنة الإيمانية لدى المؤمن أو التابع ثقيلة " إنا سنلتقي عليك قولا ثقيلا " (1)., فأتباع هذه الأديان يؤمن كل واحد منهم بأمرين ..
1ـ الإصطفائية: أي أن الله جل جلاله قد ميز الدين الذي إنضوى تحت جناحه و آمن به بأن إصطفى الرسول الذي بلغ الرسالة الخاصة به وإصطفى أصحابه (الرسول) الذين عاونوه على التبليغ الذي واصلوا حمل دعوته من بعده وإصطفى أمته على سائر الامم، وتستمر هذه الاصطفائية حتى نهاية الزمن .
2 ـ الحقيقة المطلقة : فالدين الذي يعتنقه هو وحده من دون سائر الأديان والعقائد هو الذي يملك الحقيقة المطلقة في كافة الشؤون وسائر الأمور والتي لايأتيها الباطل من بين يديها أو من خلفها وإنها سوف تظل هي كلمة الرب الأخيرة حتى يرث الله الأرض و من عليها، ونريد فيما يلي النصوص المقدسة من كل ديانة من الديانات التي تؤكد ذالك.
نبدأ بالإصطفائية ونلتزم بالتسلسل التريخي لاتلك الأديان.
أولا: في اليهودية : (1) إصطفاء الرسول وهو موسى عليه السلام:
في الأصول الثالثة عشر التي وضعها موسى بن ميمون وجعلها أركان الإ يمان اليهودي ينص الأصل السابع على مايلي:
" أنا أؤمن إيمانا كاملا بأن نبوة سيدنا موسى عليه السلام كانت حقا وإنه كان أبا للأ نبياء من جاء منهم قبله ومن جاء بعده " (2 ) .
"وقال الله أيضا لموسى هاكذ تقول لبني إسرائيل: يهوه إله أبائكم إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب أرسلني اليكم هذا إسمي الى الأبد ."(3 )
فقال موسى من أنا حتى أذهب الى فرعون وحتى أخرج بني إسرائيل من مصر فقال إني معك، وهذه تكون لك العلامة أني أرسلتك ."(4 )
وأعطى الله سبحانه وتعالى لموسى عشرة علامات (أيات) لثبت لفرعون وملأه إصطفاء الله له رسولا وهي: الدم والضفادع والقمل والذباب ووباء المواشي والبرد والجراد والإظلام وضرب ( ذبح) الأبكار من بكر فرعون الجالس على كرسيه الى بكر الأسير الذي في السجن بل حتى أبكار البهائم ـ وتفصيل ذلك كله مدون في سفر الخروج .
ثانيا : إصطفاء أصحاب الرسول:
ويشمل الإ صطفاء معاوني الرسول ومساعديه المخلصين الذين آزروه في تبليغ الرسالة حال حياته وأكملوا التبليغ بعد وفاته أورفعه إلى السماء وتطلق عليهم أسماء متعددة: الشيوخ أو الرسل أو التلاميذ أو الصحابة أو الحواريون أو " الذين معه" .
" ثم مضى موسى وهارون وجمع من شيوخ بني إسرائيل فتكلم هارون بجميع الكلام الذي كلام الرب موسى به وصنع الآيات أمام عيون الشعب وآمن به الشعب "(5 ) ثم صدق موسى وهارون ونداب وأبيهو وسبعون من شيوخ بني إسرائيل ورأوا إله إسرائيل " (6 ) .
وإصفاء سبعين رجلا من أصحاب موسى عليه السلام أمر ورد ذكره في القرآن الكريم: " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا " (7 ) .
ثالثا: إصطفاء أمة الرسول (بني إسرائيل)
ثم ينتقل الاصطفاء الى أمة الرسول، لافرق أن تكون أمة مخصوصة تتسم بالمحدودية والانغلاق كبني إسرائيل ( في اليهودية) أم أمة عالمية لا تخص بجنس دون آخر كما في المسيحية والإسلام، لأن الأمة هنا معناها مجموع من آمن برسالة الرسول وماجاء به من عند الله تبارك إسمه .
" وإن سمعت سمعا لصوت الرب الهك لتحرص على أن تعمل بجميع وصاياه التي أنا أوصيك بها اليوم يجعلك إلهك مستعليا على جميع قبائل الأرض وتأتي عليك جميع هذه البركات وتدركك إذا سمعت لصوت الرب إلهك مباركا تكون في المدينة ومباركا تكون في الحقل " (8 )
"ثم كلم موسى والكهنة اللاويون جميع بني إسرائيل قائلين أنصت وأسمع يا إسرائيل اليوم صرت شعبا للرب إلهك " (9 )
ويرى سيحموند فرويد أن موسى هو الذي وسم الشعب اليهودي بسمة " شعب الله المختار " . ولكن الدكتور عبد المنعم حقي ينكر عليه ذلك ويقرر أن ذلك كان بفعل أحبار بني إسرائيل (10 ) . وسواء كان هذا الاصطفاء من الله جل جلاله أو من موسى عليه السلام أو من أحبار بني إسرائيل، فإن المحصل النهائية هي أن
الا صطفائية للأمة اليهودية عقيدة راسخة لدى بني إسرائيل : هي على ذات الدراجة من الرسوخ عند المسيحيين والمسلمين .
ونلفت النظر الى أن الاصطفائية هنا بالنسبة للديانة اليهودية ليست هي( الاختيارية) الخاصة باليهود في كونهم " شعب الله المختار " لأن تفسير " الاختيارية " قد تعددت وجهه ومنها أن الرب إختار اليهود لموسى عليه السلام وأبدلهم له بالمصريين الذين لا يستحقون رسالة " التوحيد" ومنها أنهم الشعب الذين إختارهم الرب لسكنى " أرض الميعاد" وواضح أنها تفسيرات أسطورية، المهم أنها بخلاف ( الاصطفائية) التي تتعلق بالعقيدة والتي هي أولى السمتين اللتين تضفيهما على أتباعها والديانات الثلاث السماوية أو السامية أوالابراهيمية .
ثانيا: في المسيحية : (1 ) إصطفاء الرسول: المسيح عيسى بن مريم عليه السلام.
بلغت الاصطفائية في المسيحية بالنسبة لمن بلغ الرسالة درجة لم يبلغها ( الرسول) لدى الديانتين الأخرتين( اليهودية والاسلام) اذ وصلت بالمسيح عليه السلام الى مرتبة الألوهية ( في نظر المسحيين )، وإختلاف الرأي في المسيح في هذه الدرجة سواء لدى اليهود أو المسلمين أو حتى بعض الملل داخل المسيحية ذاتها ليس هنا موضيعه إنما الذي يعنينا هو ماجاء في بيان ( الاصطفائية) بشآنه من خلال الكتب المقدسة لدين المسيحي :
" وخاطبهم يسوع أيضا فقال أنا نور العالم من تبعني فلا يتخبط في الظلام بل يكون له نور الحياة " (11 )
وهو صورة الله ( المسيح) الذي لايرى والبكر على ما قد خلق إذ به خلقت جميع الأشياء: ما في السموات وما في الأرض ما يرى وما لا يرى عروشا كانت أم سيادات أو رئاسات أم سلطات، كل ما في الكون قد خلق بواسطته ولأجله ، هو كائن قبل كل شيئ وبه يدوم كل شيئ هو رأس الجسد أي الكنيسة "(12 )
" الحق الحق أقول لكم: أنا باب الخراف، جميع الذين جاءوا قبلي كانوا لصوصا وسراقا ولكن الخراف لم تضع إليهم أنا الباب من دخل بني يخلص فيدخل ويجد المرعى" (13 )
" إذن أيها الاخوةالقديسيون الذي اشتركتم في الدعوة السماوية، تأملوا يسوع الرسول والكاهن الأعلى في الإيمان الذي نتمسك به فهو أمين الله في المهمة التي عينه لها كما كان موسى أمينا في القيام بخدمته في بيت الله الا أنه ( المسيح) يستحق مجدا أعظم ." (14 )
2 ـ إصطفاء أصحاب الرسول :
وبينما كان يسوع يمشي على شاطئ بحيرة الجليل رأى أخوين هما سمعان الذي يدعى بطرس وأندراوس أخه يلقيان الشبكة في البحيرة اذ كانا صيادين فقال لهما : أتبعاني فأجعلكما صيادين للناس "(15 )
" ثم دعا اليه تلاميذه الاثنى عشر وأعطاهم سلطة على الأرواح النجسة ليطردوها ويشفوا كل مرض وعلة وهذه هي أسماء الاثنى عشر........(16 )
" فإن إنطلقوا يجتازونا في القرى وهم يبشرون ويشفون في كل مكان " (17 )
" ولما جاء اليوم الخمسون كان الاخوة مجتمعين معا في مكان واحد وفجأة حدث صوت من السماء كأنه دوي ريح عاصفة فملأ البيت الذي كانوا جالسين فيه ثم ظهرت لهم ألسنة كلها من نار وقد توزعت على كل واحد منهم فامتلأوا جميعا بروح القدس وأخذوا يتكلمون بلغات أخرى مثلما منحهم الروح أن ينطقوا " (18 )
وقد أطلق القرآن الكرم على تلامذة المسيح المصطفين هؤلاء ( الحواريين) وأن الله هو الذي أوحى اليهم ليؤمنوا به وبرسوله وانهم إستجابوا لذلك وآمنوا وطلبوا من عيسى عليه السلام أن ينزل عليهم مائدة من السماء فدعاه عيسى فإستجاب له وأنزل تلك المائدة التي غدت عيدا لأولهم وآخرهم وآية شاهدة على صدق نبوة عبدالله ورسوله المسيح عليه السلام وسميت صورة في القرآن بإسمها ( المائدة) ويطلق عليها المسيحيون ( العشاء الرباني أو العشاء الأخير) " (19 )
" و قال الحواريون نحن أنصار الله " (20)
" و بعد ذلك عين الرب إثنين و سبعين آخرين وأرسلهم إثنين إثنين ليسبقوه إلى كل مدينة و مكان كان على وشك الذهاب إليه " (21)
و بعدئذ رجع الإثنان و السبعون فرحين وقالوا يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك ......فقال لهم ......بل إفرحوا بأن أسمائكم قد كتبت في السموات "(22).
3ـ إصطفاء امة الرسول:
تؤكد الكتب المقدسة ( الإنجيل و أعمال الرسل ) أن أمة المسيح امة مصطفاة، فمرة تسميها ( ملح الأرض ) و أخرى ( نور العالم ) و ثالثة ( الموهوبة روح القدس ) .
" انتم ملح الأرض فإذا فسد الملح فماذا يعيد له ملوحته إنه لا يعود يصلح لشىء ، إلا ان يطرح جانبا لتدوسه الناس ... أنتم نور العالم لا يمكن أن تخفى مدينة مبنية على جبل ، و لا يضىء الناس مصباحا ثم يضعونه تحت مكيال ، بل يضعونه في مكان مرتفع ليضىء لجميع من في البيت ، هكذا فليضىء نوركم أمام الناس ليروا أعمالكم الحسنة و يمجدوا أباكم الذي في السموات " (23)
" فلما سمع الحاضرون هذا الكلام و قرتهم قلوبهم فسألوا بطرس و باقي الرسل : ماذا تعمل أيها الإخوة ؟ أجابهم بطرس: توبوا و ليتعمد كل واحد منكم باسم يسوع المسيح فيغفر الله خطاياكم و تنالوا هبة الروح القدس لأن الوعد هو لكم و لأولادكم و للبعيدين جميعا يناله كل من يدعوه الرب إلهنا " (24) ..
يتبع .... الفقرة القادمة الإصطفاءفي الإسلام ...
ان الجزائر قد ذاقت الويلات من العنف تحت الغطاء الديني و على هذا إني احاول من خلال هذا التدخل ان أكون صائبا في إبراز دوافع العنف اللابس للدين أو لأيديولوجية ثورية . و لمعرفة ما أصاب امتي الجزائر التي لم تستريح بعد من تناقضات و أشكال أرهقت المجتمع كانت نتيجة فترة إستعمارية طويلة و المخاض الذي يراه البعض حتمي و شرعي يتنساه الجميع من الجذور و على هذا إني سأحاول أن أحوم حول هذه الطابوهات المخيفة مرة و المقلقة مرة أخرى و هذا و فقا للشرع الإسلامي الذي نسأل الله عز و جل ان يوفقنا و أن يلهم كل الناس و خاصة الشباب أن يتفهموا الوضع لنجتنب عنفا لم يكن علينا حتميا .
ينزع اغلب الباحثين في رد ظاهرة العنف لدى الجماعات الإسلامية السياسية الى أسباب إجتماعية , و مع تقديري البالغ لأهمية التفسير السيولوجي في هذا المجال فإنه لا يكفي وحده . لان ظاهرة العنف الديني او العنف الذي تمارسه الجماعات السياسية , ذات التمحور الديني , له خصوصية تختلف إختلافا جذريا عن العنف الذي تقوم به الجماعات السياسية الأخرى البعيدة عن البواعث الدينية , مثل المنظمة الإرهابية العدمية ( نارودنايا قوليا ) أو إرادة الشعب .. و مرد هذه الخصوصية يرجع إلى أمر ذاتي يتعلق بالمنتمين إلى الجماعات الدينية أمراء كانوا أم أعضاء - بل في الحقيقة يشمل كافة المؤمنين بالأديان السماوية او السامية أو الإبراهيمية و هو يزداد توهجا كلما كانت الشحنة الإيمانية لدى المؤمن أو التابع ثقيلة " إنا سنلتقي عليك قولا ثقيلا " (1)., فأتباع هذه الأديان يؤمن كل واحد منهم بأمرين ..
1ـ الإصطفائية: أي أن الله جل جلاله قد ميز الدين الذي إنضوى تحت جناحه و آمن به بأن إصطفى الرسول الذي بلغ الرسالة الخاصة به وإصطفى أصحابه (الرسول) الذين عاونوه على التبليغ الذي واصلوا حمل دعوته من بعده وإصطفى أمته على سائر الامم، وتستمر هذه الاصطفائية حتى نهاية الزمن .
2 ـ الحقيقة المطلقة : فالدين الذي يعتنقه هو وحده من دون سائر الأديان والعقائد هو الذي يملك الحقيقة المطلقة في كافة الشؤون وسائر الأمور والتي لايأتيها الباطل من بين يديها أو من خلفها وإنها سوف تظل هي كلمة الرب الأخيرة حتى يرث الله الأرض و من عليها، ونريد فيما يلي النصوص المقدسة من كل ديانة من الديانات التي تؤكد ذالك.
نبدأ بالإصطفائية ونلتزم بالتسلسل التريخي لاتلك الأديان.
أولا: في اليهودية : (1) إصطفاء الرسول وهو موسى عليه السلام:
في الأصول الثالثة عشر التي وضعها موسى بن ميمون وجعلها أركان الإ يمان اليهودي ينص الأصل السابع على مايلي:
" أنا أؤمن إيمانا كاملا بأن نبوة سيدنا موسى عليه السلام كانت حقا وإنه كان أبا للأ نبياء من جاء منهم قبله ومن جاء بعده " (2 ) .
"وقال الله أيضا لموسى هاكذ تقول لبني إسرائيل: يهوه إله أبائكم إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب أرسلني اليكم هذا إسمي الى الأبد ."(3 )
فقال موسى من أنا حتى أذهب الى فرعون وحتى أخرج بني إسرائيل من مصر فقال إني معك، وهذه تكون لك العلامة أني أرسلتك ."(4 )
وأعطى الله سبحانه وتعالى لموسى عشرة علامات (أيات) لثبت لفرعون وملأه إصطفاء الله له رسولا وهي: الدم والضفادع والقمل والذباب ووباء المواشي والبرد والجراد والإظلام وضرب ( ذبح) الأبكار من بكر فرعون الجالس على كرسيه الى بكر الأسير الذي في السجن بل حتى أبكار البهائم ـ وتفصيل ذلك كله مدون في سفر الخروج .
ثانيا : إصطفاء أصحاب الرسول:
ويشمل الإ صطفاء معاوني الرسول ومساعديه المخلصين الذين آزروه في تبليغ الرسالة حال حياته وأكملوا التبليغ بعد وفاته أورفعه إلى السماء وتطلق عليهم أسماء متعددة: الشيوخ أو الرسل أو التلاميذ أو الصحابة أو الحواريون أو " الذين معه" .
" ثم مضى موسى وهارون وجمع من شيوخ بني إسرائيل فتكلم هارون بجميع الكلام الذي كلام الرب موسى به وصنع الآيات أمام عيون الشعب وآمن به الشعب "(5 ) ثم صدق موسى وهارون ونداب وأبيهو وسبعون من شيوخ بني إسرائيل ورأوا إله إسرائيل " (6 ) .
وإصفاء سبعين رجلا من أصحاب موسى عليه السلام أمر ورد ذكره في القرآن الكريم: " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا " (7 ) .
ثالثا: إصطفاء أمة الرسول (بني إسرائيل)
ثم ينتقل الاصطفاء الى أمة الرسول، لافرق أن تكون أمة مخصوصة تتسم بالمحدودية والانغلاق كبني إسرائيل ( في اليهودية) أم أمة عالمية لا تخص بجنس دون آخر كما في المسيحية والإسلام، لأن الأمة هنا معناها مجموع من آمن برسالة الرسول وماجاء به من عند الله تبارك إسمه .
" وإن سمعت سمعا لصوت الرب الهك لتحرص على أن تعمل بجميع وصاياه التي أنا أوصيك بها اليوم يجعلك إلهك مستعليا على جميع قبائل الأرض وتأتي عليك جميع هذه البركات وتدركك إذا سمعت لصوت الرب إلهك مباركا تكون في المدينة ومباركا تكون في الحقل " (8 )
"ثم كلم موسى والكهنة اللاويون جميع بني إسرائيل قائلين أنصت وأسمع يا إسرائيل اليوم صرت شعبا للرب إلهك " (9 )
ويرى سيحموند فرويد أن موسى هو الذي وسم الشعب اليهودي بسمة " شعب الله المختار " . ولكن الدكتور عبد المنعم حقي ينكر عليه ذلك ويقرر أن ذلك كان بفعل أحبار بني إسرائيل (10 ) . وسواء كان هذا الاصطفاء من الله جل جلاله أو من موسى عليه السلام أو من أحبار بني إسرائيل، فإن المحصل النهائية هي أن
الا صطفائية للأمة اليهودية عقيدة راسخة لدى بني إسرائيل : هي على ذات الدراجة من الرسوخ عند المسيحيين والمسلمين .
ونلفت النظر الى أن الاصطفائية هنا بالنسبة للديانة اليهودية ليست هي( الاختيارية) الخاصة باليهود في كونهم " شعب الله المختار " لأن تفسير " الاختيارية " قد تعددت وجهه ومنها أن الرب إختار اليهود لموسى عليه السلام وأبدلهم له بالمصريين الذين لا يستحقون رسالة " التوحيد" ومنها أنهم الشعب الذين إختارهم الرب لسكنى " أرض الميعاد" وواضح أنها تفسيرات أسطورية، المهم أنها بخلاف ( الاصطفائية) التي تتعلق بالعقيدة والتي هي أولى السمتين اللتين تضفيهما على أتباعها والديانات الثلاث السماوية أو السامية أوالابراهيمية .
ثانيا: في المسيحية : (1 ) إصطفاء الرسول: المسيح عيسى بن مريم عليه السلام.
بلغت الاصطفائية في المسيحية بالنسبة لمن بلغ الرسالة درجة لم يبلغها ( الرسول) لدى الديانتين الأخرتين( اليهودية والاسلام) اذ وصلت بالمسيح عليه السلام الى مرتبة الألوهية ( في نظر المسحيين )، وإختلاف الرأي في المسيح في هذه الدرجة سواء لدى اليهود أو المسلمين أو حتى بعض الملل داخل المسيحية ذاتها ليس هنا موضيعه إنما الذي يعنينا هو ماجاء في بيان ( الاصطفائية) بشآنه من خلال الكتب المقدسة لدين المسيحي :
" وخاطبهم يسوع أيضا فقال أنا نور العالم من تبعني فلا يتخبط في الظلام بل يكون له نور الحياة " (11 )
وهو صورة الله ( المسيح) الذي لايرى والبكر على ما قد خلق إذ به خلقت جميع الأشياء: ما في السموات وما في الأرض ما يرى وما لا يرى عروشا كانت أم سيادات أو رئاسات أم سلطات، كل ما في الكون قد خلق بواسطته ولأجله ، هو كائن قبل كل شيئ وبه يدوم كل شيئ هو رأس الجسد أي الكنيسة "(12 )
" الحق الحق أقول لكم: أنا باب الخراف، جميع الذين جاءوا قبلي كانوا لصوصا وسراقا ولكن الخراف لم تضع إليهم أنا الباب من دخل بني يخلص فيدخل ويجد المرعى" (13 )
" إذن أيها الاخوةالقديسيون الذي اشتركتم في الدعوة السماوية، تأملوا يسوع الرسول والكاهن الأعلى في الإيمان الذي نتمسك به فهو أمين الله في المهمة التي عينه لها كما كان موسى أمينا في القيام بخدمته في بيت الله الا أنه ( المسيح) يستحق مجدا أعظم ." (14 )
2 ـ إصطفاء أصحاب الرسول :
وبينما كان يسوع يمشي على شاطئ بحيرة الجليل رأى أخوين هما سمعان الذي يدعى بطرس وأندراوس أخه يلقيان الشبكة في البحيرة اذ كانا صيادين فقال لهما : أتبعاني فأجعلكما صيادين للناس "(15 )
" ثم دعا اليه تلاميذه الاثنى عشر وأعطاهم سلطة على الأرواح النجسة ليطردوها ويشفوا كل مرض وعلة وهذه هي أسماء الاثنى عشر........(16 )
" فإن إنطلقوا يجتازونا في القرى وهم يبشرون ويشفون في كل مكان " (17 )
" ولما جاء اليوم الخمسون كان الاخوة مجتمعين معا في مكان واحد وفجأة حدث صوت من السماء كأنه دوي ريح عاصفة فملأ البيت الذي كانوا جالسين فيه ثم ظهرت لهم ألسنة كلها من نار وقد توزعت على كل واحد منهم فامتلأوا جميعا بروح القدس وأخذوا يتكلمون بلغات أخرى مثلما منحهم الروح أن ينطقوا " (18 )
وقد أطلق القرآن الكرم على تلامذة المسيح المصطفين هؤلاء ( الحواريين) وأن الله هو الذي أوحى اليهم ليؤمنوا به وبرسوله وانهم إستجابوا لذلك وآمنوا وطلبوا من عيسى عليه السلام أن ينزل عليهم مائدة من السماء فدعاه عيسى فإستجاب له وأنزل تلك المائدة التي غدت عيدا لأولهم وآخرهم وآية شاهدة على صدق نبوة عبدالله ورسوله المسيح عليه السلام وسميت صورة في القرآن بإسمها ( المائدة) ويطلق عليها المسيحيون ( العشاء الرباني أو العشاء الأخير) " (19 )
" و قال الحواريون نحن أنصار الله " (20)
" و بعد ذلك عين الرب إثنين و سبعين آخرين وأرسلهم إثنين إثنين ليسبقوه إلى كل مدينة و مكان كان على وشك الذهاب إليه " (21)
و بعدئذ رجع الإثنان و السبعون فرحين وقالوا يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك ......فقال لهم ......بل إفرحوا بأن أسمائكم قد كتبت في السموات "(22).
3ـ إصطفاء امة الرسول:
تؤكد الكتب المقدسة ( الإنجيل و أعمال الرسل ) أن أمة المسيح امة مصطفاة، فمرة تسميها ( ملح الأرض ) و أخرى ( نور العالم ) و ثالثة ( الموهوبة روح القدس ) .
" انتم ملح الأرض فإذا فسد الملح فماذا يعيد له ملوحته إنه لا يعود يصلح لشىء ، إلا ان يطرح جانبا لتدوسه الناس ... أنتم نور العالم لا يمكن أن تخفى مدينة مبنية على جبل ، و لا يضىء الناس مصباحا ثم يضعونه تحت مكيال ، بل يضعونه في مكان مرتفع ليضىء لجميع من في البيت ، هكذا فليضىء نوركم أمام الناس ليروا أعمالكم الحسنة و يمجدوا أباكم الذي في السموات " (23)
" فلما سمع الحاضرون هذا الكلام و قرتهم قلوبهم فسألوا بطرس و باقي الرسل : ماذا تعمل أيها الإخوة ؟ أجابهم بطرس: توبوا و ليتعمد كل واحد منكم باسم يسوع المسيح فيغفر الله خطاياكم و تنالوا هبة الروح القدس لأن الوعد هو لكم و لأولادكم و للبعيدين جميعا يناله كل من يدعوه الرب إلهنا " (24) ..
يتبع .... الفقرة القادمة الإصطفاءفي الإسلام ...
من مواضيعي
0 Notre ami belloumi meilleures voeux de l aid
0 إقرأ للاخوة تتقي شرهم ......و تعرف مكائدهم
0 شكرا لك يا مطر
0 لخضر بلومي و عباسي مدني .... الله غالب ...
0 بعض الغرر بهم و بعض المرتزقة ... أخذ الدرس و اجب
0 العلمانية بين المد و الجزر
0 إقرأ للاخوة تتقي شرهم ......و تعرف مكائدهم
0 شكرا لك يا مطر
0 لخضر بلومي و عباسي مدني .... الله غالب ...
0 بعض الغرر بهم و بعض المرتزقة ... أخذ الدرس و اجب
0 العلمانية بين المد و الجزر