بدر التمام في الذب عن أعراض بعض الأئمة الأعلام
27-10-2007, 10:32 AM
الحمد الله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وبعد :
قرأت مقال عقيدة المواضيع والمناكير بعد ردي على موضوع البعطوشي التوسل وشد الرحال فيحق لي أن أقول
من أركان مواضيع البعطوشي إثنان : الأول الكذب (ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا)
الثاني : السب والشتم والتشنيع وهنا يصدق عليه قول ابن القيم في الجهمية (ونعلم قبل المطالبة أن كل الجهميين على وجه الأرض لو اجتمعوا لما أجابوا عنه بغير المكابرة والتشنيع على أهل الإثبات بالتجسيم والسب هذه وظيفة كل مبطل قامت عليه حجة الله تعالى )
وستجد بإذن الله فيما يلي تقويض الركن الأول الذي بهدمه يهدم المقال، وإن كان كما هي عادته يثير عشرات المسائل التي تحتاج كل واحدة منها إلى موضوع منفصل.
أولا : الكوثري إمام البعطوشي
أغلب ما سود به البعطوشي موضوعه هو منقول عن الكوثري، الذي وصفه بشيخ السنة وبالإمام الكوثري، وقد صرح بالنقل من كتاب التأنيب عند طعنه في نعيم بن حماد. فمن هو الكوثري الحنفي ؟ نجد في كتابه التأنيب هذا طعن في بعض الصحابة ومن بعدهم كمالك والشافعي وأحمد وهاك أمثلة :
الإمام مالك :قال الكوثري ص116 وهو يتكلم عن أبي حنيفة ومعرضا بمالك (مع أنه(أي أبا حنيفة) لم يكن متساهلا في أمر الطهور ولا متبرئا من المسح على الخفين في رواية من الراويات ولا منقطعا عن الجمعة والجماعات) ذكر أمورا تنسب إلى مالك
وقال ص 67 : ذكر المبرد ... عن الأصمعي قال : دخلت المدينة على مالك بن أنس فما هبت أحدا هيبتي له فتكلم فلحن فقال : مطرنا البارحة مطرا أي مطرا . فخف في عيني
الإمام أحمد : قال عنه ( وليس بقليل بين الفقهاء من لم يرض تدوين أقوال أحمد في عداد أقوال الفقه باعتبار أنه محدث غير فقيه عنده، وأنَّى لغير الفقيه إبداء رأي متزن في فقه الفقهاء)
الإمامان الثوري والأوزاعي : قال ص 72 : ( لو كان هذا الخبر ثبت عن الثوري والأوزاعي لسقطا بتلك الكلمة وحدها في هوة الهوى والمجازفة كما سقط مذهباهما بعدهما سقوطا لا نهوض لهما أمام الفقه الناضج)
البخاري صاحب الصحيح : ص48 زعم أن كلام البخاري في أحد الرواة من (تقولات جهلة النقلة) وقال عنه (خارجي يزكي مثل عمران بن حطان)
الدارقطني: ذكر في ص 167 عنه (وهو الأعمى المسكين بين عور حيث ضل في المعتقد وتابع الهوى في الكلام على الأحاديث واضطراب)
ابن حجر: قال في حاشية ص3 (فنعد صنيع ابن حجر هذا من تجاهلاته المعروفة – لحاجة في النفس – وقانا الله إتباع الهوى)
وقد استفدت ما مضى من كتاب المعلمي التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل.
أقول : إذا كان هذا حال الأئمة الثلاثة ممن لهم أتباع، والأئمة الذين لهم قبول كالبخاري والدارقطني فما بالك بغيرهم؟ وما الفرق بينه وبين الشيعة الرافضة تجاه هؤلاء الأئمة ؟
وقد كنت أقول عن هذا البعطوشي يحتمل أنه يظن نفسه ذا الجناحين –كما يزعمون-، جناح مالكي وآخر عربي تلمساني، يستعمل الرمز لباطنه المستور، الذي فقده حسين بن منصور.
أما الآن لا أدري حقيقة هل هو جزائري مالكي؟ وإلا كيف يكون الكوثري إمامه ؟ وهذه رسالة لمن يبارك مواضيعه في المنتدى كالطاهر وغيره.
ثانيا : زاد المعاد في الذب عن الإمام العلامة الحافظ نعيم بن حماد
مما وصفه به الذهبي في السير 10/597 : (الإمام العلامة الحافظ أبو عبد الله الخزاعي...من كبار أوعية العلم...ونقل عنه قوله : أنا كنت جهميا، فلذلك عرفت كلامهم، فلما طلبت الحديث، عرفت أن أمرهم يرجع إلى التعطيل).
قال الدارقطني عنه: إمام في السنة. تهذيب التهذيب 10/412 فهل السنة التي يقصدها الدارقطني ما هي إلا محض التجسيم والبدعة كما زعمت يا بعطوشي.
أما ما نقلته فهاك تبيين كذبك :
قال ابن عدي : قال ابن حماد (أي الدولابي): وقال غيره (أي غير النسائي): كان يضع الحديث في تقوية السنة وحكايات عن العلماء في ثلب أبي حنيفة كلها كذب. قال ابن عدي : ابن حماد متهم فيما يقوله في نعيم لصلابته في أهل الرأي. انظر تهذيب الكمال للمزي 29/476 تهذيب التهذيب لابن حجر 10/412 السير للذهبي 10/597 و 14/310 عند ترجمة أبو البشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي ومقدمة الفتح لابن حجر 525
فالنص يوضح أن الكلام ليس لابن عدي كما افتريت، وأن ابن عدي قد تعقب واتهم القائل محمد بن أحمد بن حماد الدولابي.
فهذه خيانة أخرى في النقل تزيد في إثبات كذب البعطوشي وتسقط الثقة بما ينقله ثم يزيد في غيه وعيه فيقول ودونك تهذيب الكمال
صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ أخبرنا أنه:(سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب و يكذب فيها الصادق و يؤتمن فيها الخائن و يخون فيها الأمين و ينطق فيها الرويبضة . قيل : و ما الرويبضة ? قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة) رواه ابن ماجه وغيره وهو صحيح كما في الصحيحة 1887
(أما كفى الجهمية وغيرهم أن اضطهدوا هذا الإمام في حياته إذ حاولوا إكراهه على أن يعترف بخلق القرآن فأبى فخلدوه في السجن مثقلاً بالحديد حتى مات ، فجر بحديده فألقي في حفرة ولم يكفن ولم يصل عليه حتى تتبعوه بعد موته بالتضليل والتكذيب) (اقتبسته من كلام المعلمي)
كلمات ابن عبد البر المالكي السلفية، في نزول واستواء رب البرية، تدحض شبه البعطوشي الخلفية
أما قول البعطوشي ولقد استنكر الحافظ العلامة ابن عبد البر المالكي لفظ ينزل بذاته التي وضعها نعيم بن حماد. وهنا نعلم خطأ من نسب الإمام ابن عبد البر المالكي إلى التجسيم فالكذابون كثير فلعلهم ركبوا عليه قصص وأحاجي في التجسيم والمنصف يعلم أن ابن عبد البر منزه وخير دليل كلامه الذي في التمهيد.
ففي الموضع المشار إليه من التمهيد 7/128-145 نجد رد على المعتزلة والجهمية ومن سار على نهجهم كالأشاعرة قال ابن عبد البر:
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له هذا حديث ثابت من جهة النقل صحيح الإسناد لا يختلف أهل الحديث في صحته...
وفيه دليل على أن الله عز وجل في السماء على العرش من فوق سبع سموات كما قالت الجماعة وهو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم إن الله عز وجل في كل مكان وليس على العرش ...(ثم استدل بآيات وقال)
هذه الآيات كلها واضحات في إبطال قول المعتزلة وأما ادعاؤهم المجاز في الاستواء وقولهم في تأويل استوى استولى فلا معنى له ظاهر في اللغة ومعنى الاستيلاء في اللغة المغالبة والله لا يغالبه ولا يعلوه أحد وهو الواحد الصمد ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته
أما سمعوا الله عز وجل حيث يقول وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا فدل على أن موسى عليه السلام كان يقول الهي في السماء وفرعون يظنه كاذبا...
والذي عليه جمهور أئمة أهل السنة أنهم يقولون ينزل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصدقون بهذا الحديث ولا يكيفون والقول في كيفية النزول كالقول في كيفية الإستواء والمجيء والحجة في ذلك واحدة وقد قال قوم من أهل الأثر أيضا...
وقال آخرون ينزل بذاته...وقال نعيم ينزل بذاته وهو على كرسيه قال أبو عمر ليس هذا بشيء ...
قال أبو عمر أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة ويزعمون أن من أقر بها مشبه وهم ثم من أثبتها نافون للمعبود والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله وهم أئمة الجماعة والحمد لله.
أود أن ألخص كلام ابن عبد البر في عدة نقاط:
1. أهل السنة والجماعة يقولون الله مستو على عرشه حقيقة وينزل حقيقة وخالفهم المعتزلة والجهمية، فأين تضع نفسك يا بعطوشي وأين تضع نعيم بن حماد؟
2. الجهمية والمعتزلة يتهمون أهل السنة بأنهم مشبهة لأنهم يثبتون الصفات، فأين أنت يابعطوشي من هذا وأين هو نعيم بن حماد؟
3. ذكر ابن عبد البر قول نعيم بن حماد ضمن قول أهل السنة كما هو واضح ولم ينسبه إلى التجسيم كما افتريت.
4. لم يتهمه بالوضع (وهو الكذب) كما فعلت لأنه لم ينسبها للنبي صلى الله عليه وسلم وإنما فسر النزول. ولعل إنكار ابن عبد البر مبني على عدم ورودها عن السلف مع أنها مفسرة لقول أهل السنة الذي نقله ابن عبد البر ينزل حقيقة، وهذا كما قال ابن أبي زيد القيرواني المالكي (مالك الصغير) في الرسالة المشهورة والمتداولة عندنا بالجزائر (وأنه فوق عرشه المجيد بذاته)
وعن هذه الأخيرة قال الألباني في مختصره للعلو وهذه اللفظة ( بذاته ) وإن كانت عندي معقولة المعنى وأنه لا بأس من ذكرها للتوضيح فهي كاللفظة الأخرى التي كثر ورودها في عقيدة السلف وهي لفظة ( بائن ) في قولهم ( هو تعالى على عرشه بائن من خلقه ) . وقد قال هذا جماعة منهم (ثم عدد بعضهم وقال) ومن هذا العرض يتبين أن هاتين اللفظتين: ( ذاته ) و( بائن ) لم تكونا معروفين في عهد الصحابة رضي الله عنهم . ولكن لما ابتدع الجهم وأتباعه القول بأن الله في كل مكان اقتضى ضرورة البيان أن يتلفظ هؤلاء الأئمة الأعلام بلفظ ( بائن ) دون أن ينكره أحد منهم . اهـ
هل مازال عندك ابن عبد البر منزها أم أنه أصبح مجسما ؟
ثالثا : تصحيح الألباني
بحثت في مختصر العلو عن تصحيح الألباني لحديث (لما قضى الله خلقه استلقى ووضع إحدى رجليه على الأخرى) فلم أجده، فلعل البعطوشي يصور لنا الصفحة الكاملة أو ينقلها، وإن كان يغلب على ظني –والله أعلم- أنها من كذبه المعروف في غيرها، رجح لي ذلك قول الألباني عنه في الضعيفة (ج2 / رقم 775 ) و أنا أعتقد أن أصل هذا الحديث من الإسرائيليات ... و جملة القول إن هذا الحديث منكر جدا عندي, و لقد قف شعري منه حين وقفت عليه.
فكيف قف شعره حين وقف عليه، ثم صححه ؟
رابعا : نقل ابن تيمية تحديث العلماء المرضيين
قال ابن تيمية في معرض كلامه على تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم على الملائكة (فقد حدَّثَ العلماء المرضيون وأولياؤه المقبولون: أن محمدًا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يجلسه ربه على العرش معه. روى ذلك محمد بن فُضَيل، عن ليث، عن مجاهد، في تفسير: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} [الإسراء: 79] وذكر ذلك من وجوه أخرى مرفوعة وغير مرفوعة. قال ابن جرير: وهذا ليس مناقضًا لما استفاضت به الأحاديث من أن المقام المحمود هو الشفاعة، باتفاق الأئمة من جميع من ينتحل الإسلام ويدعيه) وتجد هذا في تفسير ابن جرير 15/143 وما ابن تيمية هنا إلا ناقل. فالمحدثون بذلك ابن جرير المفسر ومجاهد التابعي وغيرهما الذين وصفهم بذلك الوصف. بغض النظر عن صحة التفسير من عدمه أفليسوا علماء مرضيين عندك يا بعطوشي ؟
خامسا : تكذيب ابن تيمية ما نسبه البعطوشي لأهل السنة كذبا
من العجب أن يرمي البعطوشي أتباع السلف بما رماهم به الشيعي الرافضي المعتزلي الحلي، ولكل قوم وارث، فأجاب ابن تيمية في منهاج السنة ج2 (وهو من مراجع البعطوشي)
(أما لفظ الحشوية ... قد قيل أول ماتكلم بهذا اللفظ عمرو بن عبيد (أي المعتزلي) فقال : كان عبدالله بن عمر (أي الصحابي) حشويا) اهـ وتجده يابعطوشي في الإكمال لابن ماكولا 7/266، ولكل قوم وارث.
نقل عن الأشعري ما قاله عن بعض النساك والصوفية (ومن من يجوز على الله تعالى المعانقة والملامسة والمجالسة في الدنيا ومنهم من يزعم أن الله تعالى ذو أعضاء وجوارح وأبعاض...وفيهم من يزعم أن العبادة تبلغ بهم إلى أن يروا الله) قال ابن تيمية (هذه مقالات منكرة باتفاق علماء أهل السنة والجماعة)
ثم ذكر بعض الأحاديث المكذوبة وقال (والذين وضعوها منهم طائفة وضعوها على أهل الحديث ليقال إنهم ينقلون مثل هذا كما وضعوا مثل حديث عرق الخيل عليهم)
سادسا : القول المسدد في الذب عن عبد الله بن أحمد
قال الذهبي في السير 13/518 (الإمام، الحافظ، الناقد، محدث بغداد...) ثم نقل عن الإمام أحمد قوله عن ابنه عبد الله (إن أبا عبد الرحمن قد وعى علما كثيرا).
ونقل عن ابن المنادى قوله (ومازلنا نرى أكابر شيوخنا يشهدون له بمعرفة الرجال وعلل الحديث، والأسماء والكنى، والمواظبة على طلب الحديث في العراق وغيرها، ويذكرون عن أسلافهم الإقرار له بذلك، حتى إن بعضهم أسرف في تقريظه إياه بالمعرفة، وزيادة السماع للحديث على أبيه)
(قال أبو أحمد بن عدي: نبل عبد الله بن أحمد بأبيه، وله في نفسه محل في العلم، أحيا علم أبيه من (مسنده)...
قال بدر بن أبي بدر البغدادي: عبد الله بن أحمد جهبذ ابن جهبذ.
وقال الخطيب: كان ثقة ثبتا فهما.)
قال الذهبي (وكان صينا دينا صادقا، صاحب حديث واتباع وبصر بالرجال)
كتاب السنة لعبد الله بن أحمد
يقول العلماء : المحدث إذا ذكر الحديث بسنده فقد برأت ذمته، لذلك تجد في جل كتب الحديث كالسنن والمسانيد الضعيف و الموضوع. فمثلا حين نجد عند أبي داود في كتابه السنن حديثا موضوعا فهل هذا يعني أنه يضع ويكذب ؟ الجواب : لا، فهل يعني أنه يحتج بالموضوع في الأحكام الجواب : لا.
ونجد عند ابن جرير في تاريخه أخبار مكذوبة في الطعن في الصحابة، فهل ابن جرير شيعي رافضي. الجواب الذي يعلمه كل مبتدأ في هذه العلوم أشار إليه ابن جرير في المقدمة (فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه من أجل أنه لم يعرف له وجها في الصحة ولا معنى في الحقيقة فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا وإنما أتي من قبل بعض ناقليه إلينا وأنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا)
نفس الأمر هنا بالنسبة للجهبذ ابن الجهبذ عبد الله بن أحمد في كتابه السنة فقد أسند الأحاديث فقد برأت ذمته. إذن لم يشوش هذا المفتري على المسلمين ؟ فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم.
بحثت عن الأحاديث التي ذكرها فوجدت
1. حديث أطيط الرحل السنة(1/305) قال بعده عبد الله بن أحمد إسناده ضعيف والحديث رواه بلفظه ابن جرير في تفسيره 3/10 والمقدسي في الأحاديث المختارة 1/264 وحسنه وابن الجوزي في العلل المتناهية 1/20 وقال هذا حديث لا يصح وإسناده مضطرب. وبدون ذكر جملة الأصابع فقد رواه جمع ذكر بعضهم ابن كثير في تفسيره 1/311.
فما يقول البعطوشي في هؤلاء وكثير منهم لم يعقب كما عقب عبد الله بن أحمد فقال إسناده ضعيف ؟
2. تفسير السماء منفطر به روى عبد الله بن أحمد بسنده عن ابن عباس وعن عكرمة قالا ممتلئ به وتعقب السند الأول فقال إسناده ضعيف وتعقب الطريق الأولى عن عكرمة وقال فيه وكيع بن سفيان. وليس اللفظ كما ذكرت (وأن السماء ممتلئ بالله عز وجل) ولم يسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وهذان تلبيسان منك.
وقد رواه ابن جرير في تفسيره 29/138 فما يقول البعطوشي في ابن جرير الذي لم يعقب بشيء؟
3. أثر عكرمة أبدى عن بعضه وعقب عبد الله بن أحمد الأثر بقوله 2/470 في سنده يحيى بن أبي كثير. إذن فليس بحديث كما أوهمت.
4. الكرسي كالنعل في قدميه ليس حديثا بل هو أثر عن ابن وهب وقد رواه الأصبهاني في العظمة 4/1399. وقد روى الحاكم في مستدركه 2/310 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال الكرسي موضع قدميه والعرش لا يقدر قدره وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي والألباني. فما قولك في ابن عباس ؟
5. أثر النزول كل عشية مابين المغرب والعصر2/471 قال عبد الله بن أحمد سنده موقوف على عكرمة. إذن فليس بحديث وهو مخالف للحديث الذي رواه عبد الله بن أحمد بعد 10 صفحات (وهو عند البخاري1094 ومسلم758 ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له) فما هو قولك في الأمة التي تلقت هذا السنة النبوية بالقبول ؟ هل هم مجسمة ؟
6. حديث الأربعة ملائكة السنة 1/176 قلت عنه (فلقد تكلم الحفاظ عنه فجزاهم الله خيرا) أقول وجزى الله خيرا الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل إذ ذكر سنده ليتكلم عنه الحفاظ وكان يكفيه ذلك، وجزاه خيرا لأنه من الحفاظ الذي تكلموا فيه فقال مباشرة بعده إسناده ضعيف فيه انقطاع.
وهذه الآثار والأحاديث التي ذكرها البعطوشي ليشنع على الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل قد رواها بسنده كما يفعل المحدثون فبرأت ذمتهم، وقد رواها غيره ممن لا أظن أن البعطوشي يجرأ فيطعن فيهم كما فعل الكوثري، كابن جرير وغيره، وأكثرها قد تعقبها الإمام عبد الله بن أحمد فجزاه الله خيرا.
هذا ما استطعت أن أشارك به في هذا الموضوع، أما ما تبقى فيه فهو إما كذب وتدليس من البعطوشي وإما حق يعتقده أهل السنة بلا خلاف وخالفهم الجهمية والمعتزلة ومن تابعهم (انظر كلام ابن عبد البر أعلاه) كصفة الإستواء والعلو وأنه فوق عرشه وصفة اليد وصفة العينين وغيرها المذكورة كلها في القرآن والسنة وتواتر عن سلف الأمة وإن كان السلف أهل السنة تنازعوا –مع اتفاقهم على إثبات حقيقة الصفات- في إطلاق بعض الألفاظ للتبيين والرد على المبتدعة كلفظ بذاته التي ذكرها نعيم وغيره في النزول وذكرها ابن أبي زيد القيرواني المالكي وغيره في الإستواء، وآثر بعضهم الوقوف عند الوارد حتى في الرد.
ولعل الله ييسر لي أن أجد متسعا من الوقت كي أتعقب بقية الموضوع وغيره مما هي على شاكلته، ولا أظنه إلا مثله .
وعجبا ممن يدعي سلوك طريق لتهذيب الأخلاق، وهو يفتري على خيار عباد الملك الخلاق.
واللبيب تكفيه الإشارة والبليد لا تنفعه صريح العبارة.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
قرأت مقال عقيدة المواضيع والمناكير بعد ردي على موضوع البعطوشي التوسل وشد الرحال فيحق لي أن أقول
من أركان مواضيع البعطوشي إثنان : الأول الكذب (ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا)
الثاني : السب والشتم والتشنيع وهنا يصدق عليه قول ابن القيم في الجهمية (ونعلم قبل المطالبة أن كل الجهميين على وجه الأرض لو اجتمعوا لما أجابوا عنه بغير المكابرة والتشنيع على أهل الإثبات بالتجسيم والسب هذه وظيفة كل مبطل قامت عليه حجة الله تعالى )
وستجد بإذن الله فيما يلي تقويض الركن الأول الذي بهدمه يهدم المقال، وإن كان كما هي عادته يثير عشرات المسائل التي تحتاج كل واحدة منها إلى موضوع منفصل.
أولا : الكوثري إمام البعطوشي
أغلب ما سود به البعطوشي موضوعه هو منقول عن الكوثري، الذي وصفه بشيخ السنة وبالإمام الكوثري، وقد صرح بالنقل من كتاب التأنيب عند طعنه في نعيم بن حماد. فمن هو الكوثري الحنفي ؟ نجد في كتابه التأنيب هذا طعن في بعض الصحابة ومن بعدهم كمالك والشافعي وأحمد وهاك أمثلة :
الإمام مالك :قال الكوثري ص116 وهو يتكلم عن أبي حنيفة ومعرضا بمالك (مع أنه(أي أبا حنيفة) لم يكن متساهلا في أمر الطهور ولا متبرئا من المسح على الخفين في رواية من الراويات ولا منقطعا عن الجمعة والجماعات) ذكر أمورا تنسب إلى مالك
وقال ص 67 : ذكر المبرد ... عن الأصمعي قال : دخلت المدينة على مالك بن أنس فما هبت أحدا هيبتي له فتكلم فلحن فقال : مطرنا البارحة مطرا أي مطرا . فخف في عيني
الإمام أحمد : قال عنه ( وليس بقليل بين الفقهاء من لم يرض تدوين أقوال أحمد في عداد أقوال الفقه باعتبار أنه محدث غير فقيه عنده، وأنَّى لغير الفقيه إبداء رأي متزن في فقه الفقهاء)
الإمامان الثوري والأوزاعي : قال ص 72 : ( لو كان هذا الخبر ثبت عن الثوري والأوزاعي لسقطا بتلك الكلمة وحدها في هوة الهوى والمجازفة كما سقط مذهباهما بعدهما سقوطا لا نهوض لهما أمام الفقه الناضج)
البخاري صاحب الصحيح : ص48 زعم أن كلام البخاري في أحد الرواة من (تقولات جهلة النقلة) وقال عنه (خارجي يزكي مثل عمران بن حطان)
الدارقطني: ذكر في ص 167 عنه (وهو الأعمى المسكين بين عور حيث ضل في المعتقد وتابع الهوى في الكلام على الأحاديث واضطراب)
ابن حجر: قال في حاشية ص3 (فنعد صنيع ابن حجر هذا من تجاهلاته المعروفة – لحاجة في النفس – وقانا الله إتباع الهوى)
وقد استفدت ما مضى من كتاب المعلمي التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل.
أقول : إذا كان هذا حال الأئمة الثلاثة ممن لهم أتباع، والأئمة الذين لهم قبول كالبخاري والدارقطني فما بالك بغيرهم؟ وما الفرق بينه وبين الشيعة الرافضة تجاه هؤلاء الأئمة ؟
وقد كنت أقول عن هذا البعطوشي يحتمل أنه يظن نفسه ذا الجناحين –كما يزعمون-، جناح مالكي وآخر عربي تلمساني، يستعمل الرمز لباطنه المستور، الذي فقده حسين بن منصور.
أما الآن لا أدري حقيقة هل هو جزائري مالكي؟ وإلا كيف يكون الكوثري إمامه ؟ وهذه رسالة لمن يبارك مواضيعه في المنتدى كالطاهر وغيره.
ثانيا : زاد المعاد في الذب عن الإمام العلامة الحافظ نعيم بن حماد
مما وصفه به الذهبي في السير 10/597 : (الإمام العلامة الحافظ أبو عبد الله الخزاعي...من كبار أوعية العلم...ونقل عنه قوله : أنا كنت جهميا، فلذلك عرفت كلامهم، فلما طلبت الحديث، عرفت أن أمرهم يرجع إلى التعطيل).
قال الدارقطني عنه: إمام في السنة. تهذيب التهذيب 10/412 فهل السنة التي يقصدها الدارقطني ما هي إلا محض التجسيم والبدعة كما زعمت يا بعطوشي.
أما ما نقلته فهاك تبيين كذبك :
قال ابن عدي : قال ابن حماد (أي الدولابي): وقال غيره (أي غير النسائي): كان يضع الحديث في تقوية السنة وحكايات عن العلماء في ثلب أبي حنيفة كلها كذب. قال ابن عدي : ابن حماد متهم فيما يقوله في نعيم لصلابته في أهل الرأي. انظر تهذيب الكمال للمزي 29/476 تهذيب التهذيب لابن حجر 10/412 السير للذهبي 10/597 و 14/310 عند ترجمة أبو البشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي ومقدمة الفتح لابن حجر 525
فالنص يوضح أن الكلام ليس لابن عدي كما افتريت، وأن ابن عدي قد تعقب واتهم القائل محمد بن أحمد بن حماد الدولابي.
فهذه خيانة أخرى في النقل تزيد في إثبات كذب البعطوشي وتسقط الثقة بما ينقله ثم يزيد في غيه وعيه فيقول ودونك تهذيب الكمال
صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ أخبرنا أنه:(سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب و يكذب فيها الصادق و يؤتمن فيها الخائن و يخون فيها الأمين و ينطق فيها الرويبضة . قيل : و ما الرويبضة ? قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة) رواه ابن ماجه وغيره وهو صحيح كما في الصحيحة 1887
(أما كفى الجهمية وغيرهم أن اضطهدوا هذا الإمام في حياته إذ حاولوا إكراهه على أن يعترف بخلق القرآن فأبى فخلدوه في السجن مثقلاً بالحديد حتى مات ، فجر بحديده فألقي في حفرة ولم يكفن ولم يصل عليه حتى تتبعوه بعد موته بالتضليل والتكذيب) (اقتبسته من كلام المعلمي)
كلمات ابن عبد البر المالكي السلفية، في نزول واستواء رب البرية، تدحض شبه البعطوشي الخلفية
أما قول البعطوشي ولقد استنكر الحافظ العلامة ابن عبد البر المالكي لفظ ينزل بذاته التي وضعها نعيم بن حماد. وهنا نعلم خطأ من نسب الإمام ابن عبد البر المالكي إلى التجسيم فالكذابون كثير فلعلهم ركبوا عليه قصص وأحاجي في التجسيم والمنصف يعلم أن ابن عبد البر منزه وخير دليل كلامه الذي في التمهيد.
ففي الموضع المشار إليه من التمهيد 7/128-145 نجد رد على المعتزلة والجهمية ومن سار على نهجهم كالأشاعرة قال ابن عبد البر:
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له هذا حديث ثابت من جهة النقل صحيح الإسناد لا يختلف أهل الحديث في صحته...
وفيه دليل على أن الله عز وجل في السماء على العرش من فوق سبع سموات كما قالت الجماعة وهو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم إن الله عز وجل في كل مكان وليس على العرش ...(ثم استدل بآيات وقال)
هذه الآيات كلها واضحات في إبطال قول المعتزلة وأما ادعاؤهم المجاز في الاستواء وقولهم في تأويل استوى استولى فلا معنى له ظاهر في اللغة ومعنى الاستيلاء في اللغة المغالبة والله لا يغالبه ولا يعلوه أحد وهو الواحد الصمد ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته
أما سمعوا الله عز وجل حيث يقول وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا فدل على أن موسى عليه السلام كان يقول الهي في السماء وفرعون يظنه كاذبا...
والذي عليه جمهور أئمة أهل السنة أنهم يقولون ينزل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصدقون بهذا الحديث ولا يكيفون والقول في كيفية النزول كالقول في كيفية الإستواء والمجيء والحجة في ذلك واحدة وقد قال قوم من أهل الأثر أيضا...
وقال آخرون ينزل بذاته...وقال نعيم ينزل بذاته وهو على كرسيه قال أبو عمر ليس هذا بشيء ...
قال أبو عمر أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة ويزعمون أن من أقر بها مشبه وهم ثم من أثبتها نافون للمعبود والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله وهم أئمة الجماعة والحمد لله.
أود أن ألخص كلام ابن عبد البر في عدة نقاط:
1. أهل السنة والجماعة يقولون الله مستو على عرشه حقيقة وينزل حقيقة وخالفهم المعتزلة والجهمية، فأين تضع نفسك يا بعطوشي وأين تضع نعيم بن حماد؟
2. الجهمية والمعتزلة يتهمون أهل السنة بأنهم مشبهة لأنهم يثبتون الصفات، فأين أنت يابعطوشي من هذا وأين هو نعيم بن حماد؟
3. ذكر ابن عبد البر قول نعيم بن حماد ضمن قول أهل السنة كما هو واضح ولم ينسبه إلى التجسيم كما افتريت.
4. لم يتهمه بالوضع (وهو الكذب) كما فعلت لأنه لم ينسبها للنبي صلى الله عليه وسلم وإنما فسر النزول. ولعل إنكار ابن عبد البر مبني على عدم ورودها عن السلف مع أنها مفسرة لقول أهل السنة الذي نقله ابن عبد البر ينزل حقيقة، وهذا كما قال ابن أبي زيد القيرواني المالكي (مالك الصغير) في الرسالة المشهورة والمتداولة عندنا بالجزائر (وأنه فوق عرشه المجيد بذاته)
وعن هذه الأخيرة قال الألباني في مختصره للعلو وهذه اللفظة ( بذاته ) وإن كانت عندي معقولة المعنى وأنه لا بأس من ذكرها للتوضيح فهي كاللفظة الأخرى التي كثر ورودها في عقيدة السلف وهي لفظة ( بائن ) في قولهم ( هو تعالى على عرشه بائن من خلقه ) . وقد قال هذا جماعة منهم (ثم عدد بعضهم وقال) ومن هذا العرض يتبين أن هاتين اللفظتين: ( ذاته ) و( بائن ) لم تكونا معروفين في عهد الصحابة رضي الله عنهم . ولكن لما ابتدع الجهم وأتباعه القول بأن الله في كل مكان اقتضى ضرورة البيان أن يتلفظ هؤلاء الأئمة الأعلام بلفظ ( بائن ) دون أن ينكره أحد منهم . اهـ
هل مازال عندك ابن عبد البر منزها أم أنه أصبح مجسما ؟
ثالثا : تصحيح الألباني
بحثت في مختصر العلو عن تصحيح الألباني لحديث (لما قضى الله خلقه استلقى ووضع إحدى رجليه على الأخرى) فلم أجده، فلعل البعطوشي يصور لنا الصفحة الكاملة أو ينقلها، وإن كان يغلب على ظني –والله أعلم- أنها من كذبه المعروف في غيرها، رجح لي ذلك قول الألباني عنه في الضعيفة (ج2 / رقم 775 ) و أنا أعتقد أن أصل هذا الحديث من الإسرائيليات ... و جملة القول إن هذا الحديث منكر جدا عندي, و لقد قف شعري منه حين وقفت عليه.
فكيف قف شعره حين وقف عليه، ثم صححه ؟
رابعا : نقل ابن تيمية تحديث العلماء المرضيين
قال ابن تيمية في معرض كلامه على تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم على الملائكة (فقد حدَّثَ العلماء المرضيون وأولياؤه المقبولون: أن محمدًا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يجلسه ربه على العرش معه. روى ذلك محمد بن فُضَيل، عن ليث، عن مجاهد، في تفسير: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} [الإسراء: 79] وذكر ذلك من وجوه أخرى مرفوعة وغير مرفوعة. قال ابن جرير: وهذا ليس مناقضًا لما استفاضت به الأحاديث من أن المقام المحمود هو الشفاعة، باتفاق الأئمة من جميع من ينتحل الإسلام ويدعيه) وتجد هذا في تفسير ابن جرير 15/143 وما ابن تيمية هنا إلا ناقل. فالمحدثون بذلك ابن جرير المفسر ومجاهد التابعي وغيرهما الذين وصفهم بذلك الوصف. بغض النظر عن صحة التفسير من عدمه أفليسوا علماء مرضيين عندك يا بعطوشي ؟
خامسا : تكذيب ابن تيمية ما نسبه البعطوشي لأهل السنة كذبا
من العجب أن يرمي البعطوشي أتباع السلف بما رماهم به الشيعي الرافضي المعتزلي الحلي، ولكل قوم وارث، فأجاب ابن تيمية في منهاج السنة ج2 (وهو من مراجع البعطوشي)
(أما لفظ الحشوية ... قد قيل أول ماتكلم بهذا اللفظ عمرو بن عبيد (أي المعتزلي) فقال : كان عبدالله بن عمر (أي الصحابي) حشويا) اهـ وتجده يابعطوشي في الإكمال لابن ماكولا 7/266، ولكل قوم وارث.
نقل عن الأشعري ما قاله عن بعض النساك والصوفية (ومن من يجوز على الله تعالى المعانقة والملامسة والمجالسة في الدنيا ومنهم من يزعم أن الله تعالى ذو أعضاء وجوارح وأبعاض...وفيهم من يزعم أن العبادة تبلغ بهم إلى أن يروا الله) قال ابن تيمية (هذه مقالات منكرة باتفاق علماء أهل السنة والجماعة)
ثم ذكر بعض الأحاديث المكذوبة وقال (والذين وضعوها منهم طائفة وضعوها على أهل الحديث ليقال إنهم ينقلون مثل هذا كما وضعوا مثل حديث عرق الخيل عليهم)
سادسا : القول المسدد في الذب عن عبد الله بن أحمد
قال الذهبي في السير 13/518 (الإمام، الحافظ، الناقد، محدث بغداد...) ثم نقل عن الإمام أحمد قوله عن ابنه عبد الله (إن أبا عبد الرحمن قد وعى علما كثيرا).
ونقل عن ابن المنادى قوله (ومازلنا نرى أكابر شيوخنا يشهدون له بمعرفة الرجال وعلل الحديث، والأسماء والكنى، والمواظبة على طلب الحديث في العراق وغيرها، ويذكرون عن أسلافهم الإقرار له بذلك، حتى إن بعضهم أسرف في تقريظه إياه بالمعرفة، وزيادة السماع للحديث على أبيه)
(قال أبو أحمد بن عدي: نبل عبد الله بن أحمد بأبيه، وله في نفسه محل في العلم، أحيا علم أبيه من (مسنده)...
قال بدر بن أبي بدر البغدادي: عبد الله بن أحمد جهبذ ابن جهبذ.
وقال الخطيب: كان ثقة ثبتا فهما.)
قال الذهبي (وكان صينا دينا صادقا، صاحب حديث واتباع وبصر بالرجال)
كتاب السنة لعبد الله بن أحمد
يقول العلماء : المحدث إذا ذكر الحديث بسنده فقد برأت ذمته، لذلك تجد في جل كتب الحديث كالسنن والمسانيد الضعيف و الموضوع. فمثلا حين نجد عند أبي داود في كتابه السنن حديثا موضوعا فهل هذا يعني أنه يضع ويكذب ؟ الجواب : لا، فهل يعني أنه يحتج بالموضوع في الأحكام الجواب : لا.
ونجد عند ابن جرير في تاريخه أخبار مكذوبة في الطعن في الصحابة، فهل ابن جرير شيعي رافضي. الجواب الذي يعلمه كل مبتدأ في هذه العلوم أشار إليه ابن جرير في المقدمة (فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه من أجل أنه لم يعرف له وجها في الصحة ولا معنى في الحقيقة فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا وإنما أتي من قبل بعض ناقليه إلينا وأنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا)
نفس الأمر هنا بالنسبة للجهبذ ابن الجهبذ عبد الله بن أحمد في كتابه السنة فقد أسند الأحاديث فقد برأت ذمته. إذن لم يشوش هذا المفتري على المسلمين ؟ فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم.
بحثت عن الأحاديث التي ذكرها فوجدت
1. حديث أطيط الرحل السنة(1/305) قال بعده عبد الله بن أحمد إسناده ضعيف والحديث رواه بلفظه ابن جرير في تفسيره 3/10 والمقدسي في الأحاديث المختارة 1/264 وحسنه وابن الجوزي في العلل المتناهية 1/20 وقال هذا حديث لا يصح وإسناده مضطرب. وبدون ذكر جملة الأصابع فقد رواه جمع ذكر بعضهم ابن كثير في تفسيره 1/311.
فما يقول البعطوشي في هؤلاء وكثير منهم لم يعقب كما عقب عبد الله بن أحمد فقال إسناده ضعيف ؟
2. تفسير السماء منفطر به روى عبد الله بن أحمد بسنده عن ابن عباس وعن عكرمة قالا ممتلئ به وتعقب السند الأول فقال إسناده ضعيف وتعقب الطريق الأولى عن عكرمة وقال فيه وكيع بن سفيان. وليس اللفظ كما ذكرت (وأن السماء ممتلئ بالله عز وجل) ولم يسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وهذان تلبيسان منك.
وقد رواه ابن جرير في تفسيره 29/138 فما يقول البعطوشي في ابن جرير الذي لم يعقب بشيء؟
3. أثر عكرمة أبدى عن بعضه وعقب عبد الله بن أحمد الأثر بقوله 2/470 في سنده يحيى بن أبي كثير. إذن فليس بحديث كما أوهمت.
4. الكرسي كالنعل في قدميه ليس حديثا بل هو أثر عن ابن وهب وقد رواه الأصبهاني في العظمة 4/1399. وقد روى الحاكم في مستدركه 2/310 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال الكرسي موضع قدميه والعرش لا يقدر قدره وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي والألباني. فما قولك في ابن عباس ؟
5. أثر النزول كل عشية مابين المغرب والعصر2/471 قال عبد الله بن أحمد سنده موقوف على عكرمة. إذن فليس بحديث وهو مخالف للحديث الذي رواه عبد الله بن أحمد بعد 10 صفحات (وهو عند البخاري1094 ومسلم758 ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له) فما هو قولك في الأمة التي تلقت هذا السنة النبوية بالقبول ؟ هل هم مجسمة ؟
6. حديث الأربعة ملائكة السنة 1/176 قلت عنه (فلقد تكلم الحفاظ عنه فجزاهم الله خيرا) أقول وجزى الله خيرا الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل إذ ذكر سنده ليتكلم عنه الحفاظ وكان يكفيه ذلك، وجزاه خيرا لأنه من الحفاظ الذي تكلموا فيه فقال مباشرة بعده إسناده ضعيف فيه انقطاع.
وهذه الآثار والأحاديث التي ذكرها البعطوشي ليشنع على الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل قد رواها بسنده كما يفعل المحدثون فبرأت ذمتهم، وقد رواها غيره ممن لا أظن أن البعطوشي يجرأ فيطعن فيهم كما فعل الكوثري، كابن جرير وغيره، وأكثرها قد تعقبها الإمام عبد الله بن أحمد فجزاه الله خيرا.
هذا ما استطعت أن أشارك به في هذا الموضوع، أما ما تبقى فيه فهو إما كذب وتدليس من البعطوشي وإما حق يعتقده أهل السنة بلا خلاف وخالفهم الجهمية والمعتزلة ومن تابعهم (انظر كلام ابن عبد البر أعلاه) كصفة الإستواء والعلو وأنه فوق عرشه وصفة اليد وصفة العينين وغيرها المذكورة كلها في القرآن والسنة وتواتر عن سلف الأمة وإن كان السلف أهل السنة تنازعوا –مع اتفاقهم على إثبات حقيقة الصفات- في إطلاق بعض الألفاظ للتبيين والرد على المبتدعة كلفظ بذاته التي ذكرها نعيم وغيره في النزول وذكرها ابن أبي زيد القيرواني المالكي وغيره في الإستواء، وآثر بعضهم الوقوف عند الوارد حتى في الرد.
ولعل الله ييسر لي أن أجد متسعا من الوقت كي أتعقب بقية الموضوع وغيره مما هي على شاكلته، ولا أظنه إلا مثله .
وعجبا ممن يدعي سلوك طريق لتهذيب الأخلاق، وهو يفتري على خيار عباد الملك الخلاق.
واللبيب تكفيه الإشارة والبليد لا تنفعه صريح العبارة.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
من مواضيعي
0 طلب توقيف العضوية
0 الجزء التاسع : تدارس كتاب الثلاثة أصول و أدلتها
0 التوحيد أولا يادعاة الإسلام للألباني رحمه الله
0 بل الحياء من الدين
0 اسكت لي أسكت لك واسمح لي أسمح لك
0 للفتاة الحيية فقط : الحياء كله خير
0 الجزء التاسع : تدارس كتاب الثلاثة أصول و أدلتها
0 التوحيد أولا يادعاة الإسلام للألباني رحمه الله
0 بل الحياء من الدين
0 اسكت لي أسكت لك واسمح لي أسمح لك
0 للفتاة الحيية فقط : الحياء كله خير









