الردح الإعلامي وقضية الدم الفاسد في مصر
21-11-2009, 10:02 AM
الردح الإعلامي وقضية الدم الفاسد في مصر






رومان حداد
الشعوب العربية شعوب مأزومة وتعاني من مشكلة حادة في تحديد هويتها، هدف واحد في مباراة كرة القدم كان كفيلاً بإزالة ورقة التوت عن عري فاضح، والإعلام يمارس دوره المسموم والمرسوم في تأجيج الصراع، فهواء الفضائيات انفتح على مقولات شوفينية وحاقدة بين من يُفترض أنهم أشقاء، والقنوات الديبلوماسية التي تبقى غير مستعملة في كثير من الحروب والاعتداءات التي تعرض لها العرب تفتح بسهولة ويتم استدعاء السفير المصري من الجزائر للتشاور وإبلاغ السفير الجزائري رسالة غضب مصرية، وظهور وزير الخارجية المصري أبو الغيط بتصريحاته، واستخدام عبارة "الرئيس غاضب...وكفى" كل ذلك بحاجة لقراءة مستفيضة عن حالة التردي التي وصلنا لها.
ماذا يعني أن يخرج مذيعو الفضائية المصرية عن أصول الميثاق الأخلاقي الإعلامي الذي تلتزم به الفضائيات الرسمية ويرددوا عبارة "الطغمة الحاكمة" عن الفئة الحاكمة في الجزائر، أو أن تقول الفنانة صابرين إن القومية العربية شعارات كاذبة وزائفة، وتدعو المصريين أن يرفعوا أعلام الدولة التي تهزم الجزائر في نهائيات كأس العالم ويحتفلوا لخروج الجزائريين من النهائيات، ليضيف المذيع بما يشبه تقنيات "الردح" أنه يتمنى أن يتوه الجزائريون ولا يعرفوا الوصول إلى جنوب إفريقيا حيث تقام النهائيات.
وماذا يعني أن يتم رمي السفارة الجزائرية بالحجارة والمطالبة بقطع العلاقات الديبلوماسية، ويظهر نقيب الفنانين المصريين والدموع تبلل خديه ويعلن بملء الفم عن إيقاف تكريم السينما الجزائرية في مهرجان القاهرة السينمائي ومنع التعامل مع أي فنان أو فنانة أو فني أو فنية، كل ذلك تحت شعار حفاظاً على كرامة مصر. وعلى الجانب الآخر يتم التهجم على الشركات المصرية في الجزائر، والتهجم على المصريين وترديد عبارة أنهم شعب يجمعه طبل وتفرقه عصا.
إفلاس الأنظمة السياسية العربية وتراجعها السياسي والقيمي والأخلاقي جعلها تتهافت على التحالف مع غوغاء شعبية واستخدام الإعلام المتردي لإظهار تحالف نادر بين السلطة والشعب، على أمل تجيير هذا التحالف لمصالحها السياسية في الأيام المقبلة.
نستطيع أن نفهم ـ لا أن نبرر ـ سر تفاعل الشعوب العربية مع الرياضة، فهي المساحة التي تستطيع الشعوب أن تعبر عن نفسها من دون قمع من السلطات السياسية، وأن تنسى هذه الشعوب تخندقها واصطفافها استناداً لمعايير اقتصادية وحزبية ودينية واجتماعية وإثنية، وأن يشعر كل من يشجع منتخب وطنه أنه ينتمي لهذا الوطن من دون عوائق.
كي نتذكر جميعنا، لم تقم دولة عربية بسحب سفيرها من الولايات المتحدة الأميركية أو بريطانيا بسبب احتلالهما للعراق، ولم يتم سحب السفراء العرب من إيران رغم حتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، ولم يتم سحب السفراء العرب من إسرائيل بسبب تعنتها واستمرارها بالاستيطان وتهجمها على المسجد الأقصى، فما سبق لا يوجب وفق السياسة العربية سحب السفراء أو قطع العلاقات الديبلوماسية بل يوجب ضبط النفس والتفكير بعقلانية، ولكن هدفا واحدا في شباك مرمى فريق في مباراة كرة قدم يجعل الأمور تفلت من عقالها وتلزم الدول باتخاذ إجراءات حازمة لحماية هيبة الدولة.
لماذا تحول الإعلام لساحة معركة مفتوحة بين الدول العربية، ولماذا يقبل الإعلاميون أن يتنازلوا عن شرفهم المهني ويثيروا العصبيات ويبثوا أسباب النزاع والشقاق بين الأشقاء، معتبرين أنفسهم يخوضون معركة قومية كبرى وصراع وجود، ويهدرون الساعات للتآمر على العقل العربي؟
إفلاس الحالة العربية الراهنة بسبب ضعف الأداء السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وفساد النخب العربية، إذا جاز لنا أن نطلق على من هم في مراكز صنع القرار المختلفة بالنخب، أوصلنا إلى الدرك الأسفل، وجعل من الشعوب العربية وقوداً لحروب وهمية ومفتعلة، وصار من السهل استغلال تفاعلهم وانفعالهم للبداية بمعركة جيدة بعيدة كل البعد عن أرض المعركة الحقيقية، لعل هذه الشعوب تتلهي بالصغائر كي يخلو الجو وتمارِس السلطات السياسية الكبائر.
لا أحب أن أؤمن بنظرية المؤامرة، ولكن أسأل، هل تم استغلال الإعلام لتثوير الشعب المصري بعد المباراة كي لا يلتفت الإعلام ولا الشعب أيضاً إلى الحكم القضائي الصادر عن محكمة النقض المصرية والتي حكمت بتجريم مجموعة من الاقتصاديين "المصريين" بتوريد دم فاسد إلى المستفشيات الحكومية المصرية، وهم من أعضاء الحزب الحاكم والمقربين من تيار جمال مبارك، وهل باتت كرة القدم تمثل هيبة الدولة أكثر من دم فاسد يجري في العروق؟.
*نقلا عن "الغد" الأردنية





رومان حداد
الشعوب العربية شعوب مأزومة وتعاني من مشكلة حادة في تحديد هويتها، هدف واحد في مباراة كرة القدم كان كفيلاً بإزالة ورقة التوت عن عري فاضح، والإعلام يمارس دوره المسموم والمرسوم في تأجيج الصراع، فهواء الفضائيات انفتح على مقولات شوفينية وحاقدة بين من يُفترض أنهم أشقاء، والقنوات الديبلوماسية التي تبقى غير مستعملة في كثير من الحروب والاعتداءات التي تعرض لها العرب تفتح بسهولة ويتم استدعاء السفير المصري من الجزائر للتشاور وإبلاغ السفير الجزائري رسالة غضب مصرية، وظهور وزير الخارجية المصري أبو الغيط بتصريحاته، واستخدام عبارة "الرئيس غاضب...وكفى" كل ذلك بحاجة لقراءة مستفيضة عن حالة التردي التي وصلنا لها.
ماذا يعني أن يخرج مذيعو الفضائية المصرية عن أصول الميثاق الأخلاقي الإعلامي الذي تلتزم به الفضائيات الرسمية ويرددوا عبارة "الطغمة الحاكمة" عن الفئة الحاكمة في الجزائر، أو أن تقول الفنانة صابرين إن القومية العربية شعارات كاذبة وزائفة، وتدعو المصريين أن يرفعوا أعلام الدولة التي تهزم الجزائر في نهائيات كأس العالم ويحتفلوا لخروج الجزائريين من النهائيات، ليضيف المذيع بما يشبه تقنيات "الردح" أنه يتمنى أن يتوه الجزائريون ولا يعرفوا الوصول إلى جنوب إفريقيا حيث تقام النهائيات.
وماذا يعني أن يتم رمي السفارة الجزائرية بالحجارة والمطالبة بقطع العلاقات الديبلوماسية، ويظهر نقيب الفنانين المصريين والدموع تبلل خديه ويعلن بملء الفم عن إيقاف تكريم السينما الجزائرية في مهرجان القاهرة السينمائي ومنع التعامل مع أي فنان أو فنانة أو فني أو فنية، كل ذلك تحت شعار حفاظاً على كرامة مصر. وعلى الجانب الآخر يتم التهجم على الشركات المصرية في الجزائر، والتهجم على المصريين وترديد عبارة أنهم شعب يجمعه طبل وتفرقه عصا.
إفلاس الأنظمة السياسية العربية وتراجعها السياسي والقيمي والأخلاقي جعلها تتهافت على التحالف مع غوغاء شعبية واستخدام الإعلام المتردي لإظهار تحالف نادر بين السلطة والشعب، على أمل تجيير هذا التحالف لمصالحها السياسية في الأيام المقبلة.
نستطيع أن نفهم ـ لا أن نبرر ـ سر تفاعل الشعوب العربية مع الرياضة، فهي المساحة التي تستطيع الشعوب أن تعبر عن نفسها من دون قمع من السلطات السياسية، وأن تنسى هذه الشعوب تخندقها واصطفافها استناداً لمعايير اقتصادية وحزبية ودينية واجتماعية وإثنية، وأن يشعر كل من يشجع منتخب وطنه أنه ينتمي لهذا الوطن من دون عوائق.
كي نتذكر جميعنا، لم تقم دولة عربية بسحب سفيرها من الولايات المتحدة الأميركية أو بريطانيا بسبب احتلالهما للعراق، ولم يتم سحب السفراء العرب من إيران رغم حتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، ولم يتم سحب السفراء العرب من إسرائيل بسبب تعنتها واستمرارها بالاستيطان وتهجمها على المسجد الأقصى، فما سبق لا يوجب وفق السياسة العربية سحب السفراء أو قطع العلاقات الديبلوماسية بل يوجب ضبط النفس والتفكير بعقلانية، ولكن هدفا واحدا في شباك مرمى فريق في مباراة كرة قدم يجعل الأمور تفلت من عقالها وتلزم الدول باتخاذ إجراءات حازمة لحماية هيبة الدولة.
لماذا تحول الإعلام لساحة معركة مفتوحة بين الدول العربية، ولماذا يقبل الإعلاميون أن يتنازلوا عن شرفهم المهني ويثيروا العصبيات ويبثوا أسباب النزاع والشقاق بين الأشقاء، معتبرين أنفسهم يخوضون معركة قومية كبرى وصراع وجود، ويهدرون الساعات للتآمر على العقل العربي؟
إفلاس الحالة العربية الراهنة بسبب ضعف الأداء السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وفساد النخب العربية، إذا جاز لنا أن نطلق على من هم في مراكز صنع القرار المختلفة بالنخب، أوصلنا إلى الدرك الأسفل، وجعل من الشعوب العربية وقوداً لحروب وهمية ومفتعلة، وصار من السهل استغلال تفاعلهم وانفعالهم للبداية بمعركة جيدة بعيدة كل البعد عن أرض المعركة الحقيقية، لعل هذه الشعوب تتلهي بالصغائر كي يخلو الجو وتمارِس السلطات السياسية الكبائر.
لا أحب أن أؤمن بنظرية المؤامرة، ولكن أسأل، هل تم استغلال الإعلام لتثوير الشعب المصري بعد المباراة كي لا يلتفت الإعلام ولا الشعب أيضاً إلى الحكم القضائي الصادر عن محكمة النقض المصرية والتي حكمت بتجريم مجموعة من الاقتصاديين "المصريين" بتوريد دم فاسد إلى المستفشيات الحكومية المصرية، وهم من أعضاء الحزب الحاكم والمقربين من تيار جمال مبارك، وهل باتت كرة القدم تمثل هيبة الدولة أكثر من دم فاسد يجري في العروق؟.
*نقلا عن "الغد" الأردنية
−ـ‗ღ ღ‗ـ−
أمــي : گوني رآضيـة عنـي ، فـ حلمي تحـت قدميگ
−ـ‗ღ ღ‗ـ−
من مواضيعي
0 نبذه عن الذكاء الانفعالي ..ثم اتبع الاستبيان لتختبر درجته لديك ...
0 إبحث عن الرجل في الصورة
0 ادخلوا و صوتوا لمولودية العاصمة و وفاق سطيف في استفتاء صدى الملاعب
0 ادخلوا و صوتوا لمولودية العاصمة و وفاق سطيف في استفتاء صدى الملاعب
0 ادخل تعرف اخر اخبار المنتخب الوطني حصريا على العربية
0 من شعب الجزائر الى شعب مصر....الحلقة2 (فيديو)
0 إبحث عن الرجل في الصورة
0 ادخلوا و صوتوا لمولودية العاصمة و وفاق سطيف في استفتاء صدى الملاعب
0 ادخلوا و صوتوا لمولودية العاصمة و وفاق سطيف في استفتاء صدى الملاعب
0 ادخل تعرف اخر اخبار المنتخب الوطني حصريا على العربية
0 من شعب الجزائر الى شعب مصر....الحلقة2 (فيديو)







