الصحافة الجزائرية بعد الاستقلال
07-04-2009, 07:48 PM
الصحافة الجزائرية بعد الاستقلال:
إن فترة الاستقلال لا يمكن النظر إليها كحدث ماضي,و الحكم عليه حاضرا بل يجب وضعها كأنه في فترة معاصرة تتعايش معها، لا يحكم عليها نهائيا, وإنما يقدم بعض التحليلات لجوانب من أحداثها تكتسي أهمية, و لها تأثير على مجرى الوقائع (7).
لقد عرفت الصحافة الجزائرية بعد الاستقلال تسرب بعض المثقفين الاندماجيين إلى بعض مراكز القرار, و جل وسائل الاتصال المكتوبة و السمعية البصرية، حيت تركوا بصماتهم واضحة في توجهها الأيديولوجي إلى يومنا هذا, و من أهم هذه الوسائل الصحافة المكتوبة التي لا زال معظمها يكتب باللغة الفرنسية (8), لذا فإن الصحافة الجزائرية بعد الاستقلال مرت بمحطتين هامتين وفقا للنظام السياسي لكل مرحلة ,وهما مرحلة الأحادية الإعلامية، مرحلة التعددية الإعلامية.
4-2-1-فترة الأحادية الإعلامية:
و تنقسم إلى مرحلتين و هما:
4-2-1-1- مرحلة الغموض "62-65": تبدأ من عهد الاستقلال, و تنتهي مع 19 جوان 1965 تاريخ التصحيح الثوري لبومدين على بن بلة, و الذي أحدث تغييرا في النظام السياسي من جهة, وحدثا صحفيا من جهة أخرى, وهو ظهور " المجاهد " بالفرنسية.
و على هذا, فقد عملت الحكومة على إنشاء يوميات جزائرية، القضاء على الصحافة الاستعمارية, و البحث عن حل للقضية ( Alger R république )؛ التي كانت تابعة للقطاع الخاص، هذه الأحداث الثلاث تتلخص في فكرة واحدة, و هي البحث عن طريقة لهيمنة الحزب و الحكومة على الصحافة المكتوبة (9).
لقد صدرت اليومية الجزائرية الأولى في 19 سبتمبر 1962, أعطي لهذه الجريدة اسم ( le peuple ), و كانت محررة باللغة الفرنسية تلتها اليومية الوحيدة باللغة العربية " الشعب" في 11 ديسمبر 1962, و بعد ذلك صدرت يوميتان جهويتان بالفرنسية الأولى بوهران, بتاريخ مارس 1963 باسم ( ELDJOUMHOURIA ), و الثانية بتاريخ سبتمبر 1963 باسم ( ENNASR ) بقسنطينة (10).
و في شهر أفريل 1964 تأسست اليومية المسائية الأولى ( Alger le Soir ), كما أصدرت الحكومة أسبوعية جديدة تحمل اسم ( Révolution Africaine ) في 02 فيفري 1963 ,و مجلة " الجيش" الشهرية بالفرنسية في جانفي 1963, و بالعربية في مارس 1964, و مجلات متخصصة أخرى مثل ( الشهاب) و ( المعرفة) و غيرها, كما أنه يجب الإشارة إلى صدور العديد من الصحف التابعة للملكية الخاصة, مثل جريدة ( الجماهير) التي أصدرها الكاتب ( الطاهر وطار), و الجريدة الناطقة باسم الحزب الشيوعي Alger Publicain , في سبتمبر 1963 اجتمع المكتب السياسي لجبهة التحرير الوطني مع أول دستور للبلاد في 8 سبتمبر, قرر تأميم هده الصحف ، فتوقفت عن الصدور و عوضت بصحف أخرى, تمثل أسماء جديدة مثل ( En-Nasr ) بدلا من ( la dépêche de Constantine ) و ( El Moujahade ) بدلا عن ( l’écho d’Oran ), و صدرت اليوميات الثلاثة: الشعب, النصر, الجمهورية, و في 18 سبتمبر1963 و بعناوين ضخمة في الصفحة الأولى تخبر بتأميم اليوميات الاستعمارية, و يقول القرار أن هذه الصحافة تذكر بالعهد الاستعماري, و أن وجودها لا يتلازم مع السيادة الوطنية, برغم موقفها الحالي المعتدل رغم وجود صحافة وطنية ناشئة لا تقوى على المنافسة (11). أما ( Alger pepublicain ) التي استأنفت نشاطها في اليوم الأول من الاستقلال, و رغم أنها أصبحت تؤيد أعمال الحكومة, و الحزب و برامجها نحو الاستقلال التام, و نحو الثورة الزراعية, و التقدم الاجتماعي و تحديد الثقافة الوطنية, و لكنها بهذه الصفة بقيت حرة لا تقوى عليها الصحافة الحكومية، كان هذا الوضع يقلق كثيرا الدولة الجزائرية, ويعرقل سياستها اتجاه وسائل الإعلام (12) ,فطرح الشكل أمام مؤتمر جبهة التحرير الوطني الذي أنعقد سنة 1964, حيت قرر إجراء مفاوضات مع مسئولي هذه اليومية حتى يتم إدماجها في الصحف الحكومية ,لكن هذا لم يحصل إلا بعد 19 جوان 1965 ,أين توقفت الجريدة بإرادة من مسيريها (13), و بزوال هذه الجريدة,تمت بصفة نهائية هيمنة الحكومة, و الحزب على الصحافة المكتوبة, و زالت معها الملكية الخاصة في الميدان الإعلامي.
4-2-1-2- مرحلة الإعلام الموجه:
و تبدأ بالتصحيح الثوري إلى غاية وفات الرئيس هواري بومدين يوم 27 ديسمبر 1978, و استلام الرئيس الشاذلي بن جديد السلطة, و تميزت هذه المرحلة بظهور أول لائحة خاصة بالإعلام, و تحويل يومية " le peuple " إلى " el moudjahid " ,التي سيطرت على الساحة ب 203 ألف نسخة لوحدها, مقابل 71 ألف نسخة لباقي الصحف عام 1978 ,و ظهور أسبوعية جديدة بالفرنسية Actualité " Alger " في 1965, كما وضعت جميع الصحف تحت وصاية وزارة الإعلام, و عرفت نهاية هذه المرحلة التعريب التدريجي لكل من يومية " النصر" ابتدءا من 1972, " الجمهورية" في 1976 (14) ,وقد مرت هذه المرحلة بعدة أوضاع منها :
أ- إقامة نظام اشتراكي للإعلام:
عملت الحكومة بهذا النظام, و يتمثل في إلغاء الصحافة, و توجيه الصحافة الحكومية و الحزبية ( الحزب الواحد), حتى تكون أداة تستعملها الدولة لتعزيز سياستها, كما أممت الدولة شركة " هاشت" التي كانت تتولى توزيع الصحافة في الجزائر, و أسست شركة جزائرية " الشركة الجزائرية للنشر و الإشهار", و خولت لها حق الاحتكار في التوزيع, و لهذا لمراقبة ميدانية، و أدى هذا إلى تجميد الصحافة المكتوبة من حيت تعدد الصحف ,و نوعية الرسالة (15) .
ب- تعريب اليوميات:
في المرحلة الأولى للاستقلال, كانت هناك يومية واحدة معربة, أما مع بداية السبعينات طرحت قضية التعريب كمشكل سياسي, لذلك اتخذت عدة إجراءات كتعريب " النصر" بقسنطينة عام 1972, ثم" الجمهورية " بوهران عام 1976, و كان سير التعريب تدريجي ( أي صفحة بعد أخرى مثلا) – التعريب النهائي " الجمهورية ", كان في 1977 ( أي بعد عام تقريبا من بدايته), كان هذا التغيير في اللغة لم يعرف رواجا, فقد انخفض توزيع النصر في 20.000 نسخة في 1977، مما أدى بالحكومة لاتخاذ قرار تدعيم الهوة لمواصلة العملية و نجاحها,و لم تظهر إلا يومية واحدة بالفرنسية هي " المجاهد" (16).
جـ- توزيع الصحافة:
شبكة التوزيع لم تعرف تحسنا قبل بداية 1977, حيث و في عام 1976 لم تغط هذه الشبكة للتوزيع سوى 208/704 بلدية، أما في 19778, فقد غطت أكثر من نصف بلديات الجزائر، و تواصلت الجهود في 1978و 1979 مما أدى إلى ارتفاع متزايد في مبيعات اليوميات مثلا: في 1969 كان مجموع سحب اليوميات 155.00 نسخة, أما في 1970 فقد بلغت درجة السحب 430.000 نسخة, و هذه الفترة لم تعرف ازدهارا كبيرا للصحافة المكتوبة على حد قول عزي عبد الرحمن.
لكن ما يلاحظ على هذه المرحلة كذلك, هو بداية الاهتمام الفعلي بقضايا الإعلام ووسائله، خصوصا في ظل استكمال بناء مختلف المؤسسات, و الهياكل السياسية, و الاقتصادية, و بدأت معالم السياسة الإعلامية تنضج مع صدور أول (سياق وطني ) عام 1976, و الذي أشار إلى الدور الاستراتيجي لوسائل الإعلام في خدمة أهداف التنمية، كما دعا إلى ضرورة استحداث قوانين, و تشريعات تحدد دور الصحافة و الإذاعة و التلفزيون, و السينما في مختلف المشاريع الوطنية, و الاهتمام بالتكوين في مجال الإعلام و توفير الكوادر الإعلامية و اللازمة لمواكبة خطط التنمية, و إشباع مختلف حاجات الجماهير إلى إعلام موضوعي وحيد (17) .
و قد عرفت بداية الثمانينات حدث سياسي هام, هو انعقاد المؤتمر الرابع لجبهة التحرير الوطني, الذي أصدر أول قانون للإعلام في الجزائر عام 1982، و قد تناول هذا القانون لأول مرة مختلف جوانب النشاط الإعلامي، و حدد هذا الأخير الإطار العام لموضوع الإعلام في الجزائر، إذ جاء في مادته الأولى:" الإعلام قطاع من قطاعات السيادة الوطنية، يعبر الإعلام بقيادة حزب جبهة التحرير الوطني، و في إطار الإمتيازات الاشتراكية المحددة في الميثاق عن إرادة الثروة، وترجمت المطابع الجماهير الشعبية، يعمل الإعلام على تعبئة كل القطاعات و تنظيمها لتحقيق الأهداف الوطنية".
كما تناول القانون الجديد جملة من القضايا المتعلقة بالنشاط الإعلامي، حيث جاء بهذا الخصوص في المادة الثانية:" الحق في الإعلام حق أساسي لجميع المواطنين، تعمل الدولة على توفير كامل و موضوعي"، و حدد الخطوط العامة لممارسة النشاط الإعلامي ضمن السياسة العامة للدولة المنصوص عليها في الدستور و الميثاق، حيث جاء في المادة الثالثة منه:" يمارس حق الإعلام بكل حرية ضمن نطاق الاختيارات الإيديولوجية للبلاد، و القيم الأخلاقية للأمة، وتوجيهات القيادة السياسية المنبثقة عن الميثاق الوطني، مع مراعاة الأحكام التي يتضمنها الدستور، و خاصة في مادتيه (55- 73)"، كما أكدت هذه الوثيقة على أن لغة الإعلام الوطني مستقبلا هي: اللغة العربية، في محاولة لحسم موضوع اللغة التي تستخدم في وسائل الإعلام الوطنية، وقد نصت المادة الرابعة من القانون على ذلك بما يلي:" مع العمل دوما على استعمال اللغة الوطنية و تعميمها، يتم الإعلام من خلال نشرات إخبارية عامة ونشرات متخصصة، ووسائل سمعية بصرية" (18).
و مع ضوء هذه النصوص الجديدة، حددت المهام التي يجب أن تقوم بها و سائل الإعلام عموما و الصحافة خصوصا، و هي إبراز الجهود التي تبذلها الدولة في مجال التنمية وتوعية المواطن بأهميتها، و ما يترتب عنها من فوائد، و تحسين المستوى المعيشي، و ذلك بإقناعه بضرورة المشاركة الفعالة في كل الخدمات الوطنية.
و هكذا عرفت الصحافة في هذه الفترة توجيهات جديدة أدت إلى تطوير هذا القطاع ،و خاصة في ظل انخفاض معدلات الأمية، وارتفاع عدد القراء، و كذا تجهيز مختلف مؤسسات الصحافة المكتوبة بوسائل طباعية حديثة، فبدأت بإصدار عناوين صحف جديدة نذكر منها (19):
- المساء: يومية وطنية مسائية باللغة العربية.
- آفاق( Horizons ): يومية وطنية مسائية باللغتين الفرنسية و الإنجليزية.
- أضواء:أسبوعية باللغة العربية.
- المنتخب: أسبوعية رياضية باللغة العربية.
- أحداث- اقتصاد ( Actualités Economies ) مجلة ثقافية تصدر باللغتين العربية، و الفرنسية.
- المسار المغربي ( Parcours Maghrébin ) مجلة ثقافية تصدر باللغتين العربية، والفرنسية (20).
كما جهزت اليوميات بأجهزة عصرية ملائمة، كان هناك تنوع بإصدار صحف جهوية و متخصصة، كما نشأ نوع من التنافس بين اليوميات الصباحية و المسائية (21)، ما يميز هذه المرحلة عموما هو هيكلة نصوص قانونية تحد من حرية الإعلام، فنصوص 1982لم تأتي بالجديد في الحقيقة، فالإعلام في عهد الحزب الواحد كان مجرد خطاب دعائي، فالصحافة كانت تصور الأحداث و تنقلها فقط، دون التعمق في أبعاد و تحليل محتوياتها، و تعدد استراتيجيات الدولة في وصول وسائل الاتصال من خلال الضغوطات الممارسة على مؤ طري مؤسسات الإعلام و كذا الصحفيين، مما أثار عدة شكوك حول مصداقية المعلومة ودفع بالكثير من الجمهور باستهلاك الأخبار من خلال وسائل اتصال غربية، حسب ما ذهب إليه ( Pierre Bourdieu ) في( Questions de sociologie ) ، حيت يرى أنه تمارس على العامل و المؤسسات ضغوط من طرف قوى مختلفة بواسطة قوانين صارمة، مؤسسة على بغية تحقيق أهداف فاصلة داخل وسط اجتماعي ملئ بالمتناقضات، فكل من يتحكم و يسيطر على الوسط له القدرة، و الوسائل التي تمكنه من تفعيل مصالحه في حدود مقاومتها والتحكم فيها، و بالتالي يتحول الوسط إلى الجهاز من خلال إلغاء ردود الأفعال المتحكم فيهم، و في المجتمع الجزائري، فإن ردود فعل الجمهور الصحفيين إزاء السياسة الإعلامية المطبقة من طرف الحزب الحاكم كانت متباينة كون : (22)
1- الجمهور أصبح يبحث عن معلومات أكثر مصداقية تعكس الواقع الجزائري في وسائل اتصال غربية بدلا من الوسائل الوطنية.
2- العديد من رجال حاولوا التحرر من القيود المفروضة من طرف النظام السياسي، و بناء الاستراتيجية تقوم على أساس الصدق في تقديم المعلومة، و حرية التعبير.
3- الاهتمام بالهياكل التقنية الخاصة بالمؤسسات الإعلامية مقارنة بنظيرتها في دول أخرى، مع محاولة تغطية كل الدولة إعلاميا، و كذا السماح بنوع من الحرية للصحافة في ممارسة نشاطاته بكل شفافية.
و عرفت أواخر هذه المرحلة، نوعا من الضغط الاقتصادي و السياسي، و الذي تمخضت عنه أحدات 08 أكتوبر 1988 الأليمة، التي تعتبر منعطفا حاسما في تاريخ الجزائر السياسي، و في جميع الميادين بما فيها الإعلام المكتوب، و من أثر هذه الحوادث دستور فبراير 1989، الذي سمح بتأسيس الجمعيات السياسية و حرية الصحافة و تنويعها. – المادة 39 من الدستور – فنشأت الصحف الخاصة و الحزبية المتخصصة، بل و الساخرة أيضا، لكن هذا الانفجار الحر الذي لم يسبق له مثيل في العالم العربي الإسلامي لم يعمر طويلا، حيت ظهرت بوادر كبح مع بداية الأزمة السياسية الخطيرة، التي طفت على السطح خلال صائفة 1991، وتخدرت في بداية العام الموالي، و مند ذلك الحين, و الشعب الجزائري بما فيه قطاع الإعلام المكتوب، يعاني من الآثار المدمرة لهذه الأزمة (23). بالإضافة إلى هذه العوامل السياسية، لعب الجانب الاقتصادي دورا كبيرا في التأثير على قطاع الإعلام، فالإصلاحات المتمثلة في استقلالية المؤسسات، و خوصصة القطاع العام و ألغت الاحتكار، و مست قطاع الصحافة المكتوبة، فالمادة 40 من قانون الإعلام الجديد بتاريخ 03افريل 1990، تضع حدا لهيمنة السلطة على الصحافة المكتوبة، و المادة 02 من هذا القانون عكس المادة 02 من القانون القديم، التي تنص بان السلطة:هي التي تضمن إعلاما كاملا و موضوعيا، كذلك على الحق في المشاركة في الإعلام بتطبيق حرية الأفكار، و الآراء و التطبيق (24) .
و الآن نلخص المرحلة الرابعة التي دخلت فيها الجزائر عهد حرية الصحافة ( في عهد بن جديد( و الذي كانت نهايته بانتهائها، و دخول الصحافة، و قانون الإعلام خاصة حالة الطوارئ الآن، حيث، و بالقانون طبعا يمكن لهم إيقاف أية صحيفة في أي زمان، في هذه المرحلة (89/91)، قد دعم الإعلام الجهوي بإصدارات جديدة ( النهار، العقيدة، الاوراس...)، و نشأت الصحف الخاصة ( الخبر، السلام، النور، الحياة، الجزائر اليوم، بريد الشرق، الشروق العربي)
Le Nouvel hebdo، Le Matin، El Watan ، Le Soir D’algerie ، Quotidien D’algerie , Liberté .
و كذلك الصحف الحزبية ( المنقذ، النهضة، النبأ)، و المتخصصة ( الوفاء، الرياضي، وعلاء الدين ALSIMSAR )، و الساخرة أيضا ( الصحافة EL MANCHAR ) .و هدا كله لتدعيم الإعلام العمومي الذي كان منفردا بالساحة الإعلامية إلى حد الآن، و كان ذلك بعد إرجاع أسبوعية " المجاهد" لجبهة التحرير الوطنين، و حولت معظم الصحف الوطنية – العامة- تفصيل قانون الإعلام رقم 90/07 لسنة 1990 إلى شركات مساهمة ذات مسؤولية محدودة تراقبها انتقاليا لجان وصاية، و تم " تحريض" أكبر عدد من المهنيين على اختيار طريق الصحافة الخاصة، و هذا يدفع مرتبات سنتين مسبقا لتكوين رأسمال، و تكوين مساعدات شتى للتأسيس ( كالحصول مثلا على مقر مجانا لمدة 05 سنوات )، و قروض خاصة لأجل التجهيز مع الاحتفاظ بحق العودة لمؤسساتهم الإعلامية الأصلية في حالة فشل المشروع الجديد (25).
كما تميزت هذه المرحلة باستفادة اليسار من أصل شيوعي في يومية " الجزائر الجمهورية" " Alger republicaine " ،التي كانت قد منحت في إطار تحالف انتهازي لجهاز جبهة التحرير الوطني مع نهاية عهد الرئيس بن بلة، و من تمثيل مهم في الصحف الخاصة ( خاصة الصادرة بالفرنسية)،التي دعمت الحكومة إنشائها، مما أدى بعض أحزاب المعارضة المتضررة من ذلك المطالبة – بدون جدوى- باقتسام الأجهزة الصحفية الموروثة عن الحزب الواحد بين الحركات السياسية بالتساوي (26).
فنشأت صحف حزبية خاصة منها الظاهرة، و منها المتنكرة في هذه المرحلة، و في التي تلتها و كأمثلة" السبيل" بحوالي 27 ألف نسخة في 93/94 المقربة من حزب النهضة " الإرشاد " التضامن "، و المقربتان من حزب حماس " البلاغ " ،و " الفرقان" المقربتان من الجبهة الإسلامية للانقاد. El HAQ" " المقربة من حزب جبهة القوى الاشتراكية " Liberte " المقربة من حزب الأمة...الخ.
و كانت معظمها ذات مقروئية متواضعة في بدايتها، لكن هذا الانفجار الإعلامي الحر حوالي 140 عنوانا عموميا و خاصا، أو حزبيا ( النصر 02/01/1991) الذي لم يسبق له مثيل في العالم العربي الإسلامي لكنه لم يعمر طويلا، حيث تجلت بوادر انحرافه مند البداية، فظهرت مشاكل مهنية مرتبطة بارتفاع تكاليف السحب، و مشاكل الطباعة الإشهار و التوزيع، عدم كفاية دعم الدولة للحق في الإعلام، خاصة فيما يتعلق بالتوزيع للجنوب، التميز المفرط بين الصحف في التعامل الإعلامي مما يساعد على ارتباط بعض مديري الصحافة الخاصة بالمال و مراكز القرار، فاختاروا سندا ماليا سياسيا، أو أكثر في آن واحد (27).
و ما يمكن ملاحظته في هذه الفترة، هو غلبة الصحف المفرنسة التي تلقت دعما ماليا كبيرا، أما الصحف المعربة، كما عبر عنها الاستاد محمد عباس في قوله:
" الأقلية الناطقة و الأغلبية العمومة " فقد وقعت في التركيب المعكوس (28). إذ سمحت لأول مرة بتعيير حر يعكس، و لحد كبير اهتمامات غالبية الشعب الجزائري، و تطلعاته، و توجهاته الفكرية.
إن فترة الاستقلال لا يمكن النظر إليها كحدث ماضي,و الحكم عليه حاضرا بل يجب وضعها كأنه في فترة معاصرة تتعايش معها، لا يحكم عليها نهائيا, وإنما يقدم بعض التحليلات لجوانب من أحداثها تكتسي أهمية, و لها تأثير على مجرى الوقائع (7).
لقد عرفت الصحافة الجزائرية بعد الاستقلال تسرب بعض المثقفين الاندماجيين إلى بعض مراكز القرار, و جل وسائل الاتصال المكتوبة و السمعية البصرية، حيت تركوا بصماتهم واضحة في توجهها الأيديولوجي إلى يومنا هذا, و من أهم هذه الوسائل الصحافة المكتوبة التي لا زال معظمها يكتب باللغة الفرنسية (8), لذا فإن الصحافة الجزائرية بعد الاستقلال مرت بمحطتين هامتين وفقا للنظام السياسي لكل مرحلة ,وهما مرحلة الأحادية الإعلامية، مرحلة التعددية الإعلامية.
4-2-1-فترة الأحادية الإعلامية:
و تنقسم إلى مرحلتين و هما:
4-2-1-1- مرحلة الغموض "62-65": تبدأ من عهد الاستقلال, و تنتهي مع 19 جوان 1965 تاريخ التصحيح الثوري لبومدين على بن بلة, و الذي أحدث تغييرا في النظام السياسي من جهة, وحدثا صحفيا من جهة أخرى, وهو ظهور " المجاهد " بالفرنسية.
و على هذا, فقد عملت الحكومة على إنشاء يوميات جزائرية، القضاء على الصحافة الاستعمارية, و البحث عن حل للقضية ( Alger R république )؛ التي كانت تابعة للقطاع الخاص، هذه الأحداث الثلاث تتلخص في فكرة واحدة, و هي البحث عن طريقة لهيمنة الحزب و الحكومة على الصحافة المكتوبة (9).
لقد صدرت اليومية الجزائرية الأولى في 19 سبتمبر 1962, أعطي لهذه الجريدة اسم ( le peuple ), و كانت محررة باللغة الفرنسية تلتها اليومية الوحيدة باللغة العربية " الشعب" في 11 ديسمبر 1962, و بعد ذلك صدرت يوميتان جهويتان بالفرنسية الأولى بوهران, بتاريخ مارس 1963 باسم ( ELDJOUMHOURIA ), و الثانية بتاريخ سبتمبر 1963 باسم ( ENNASR ) بقسنطينة (10).
و في شهر أفريل 1964 تأسست اليومية المسائية الأولى ( Alger le Soir ), كما أصدرت الحكومة أسبوعية جديدة تحمل اسم ( Révolution Africaine ) في 02 فيفري 1963 ,و مجلة " الجيش" الشهرية بالفرنسية في جانفي 1963, و بالعربية في مارس 1964, و مجلات متخصصة أخرى مثل ( الشهاب) و ( المعرفة) و غيرها, كما أنه يجب الإشارة إلى صدور العديد من الصحف التابعة للملكية الخاصة, مثل جريدة ( الجماهير) التي أصدرها الكاتب ( الطاهر وطار), و الجريدة الناطقة باسم الحزب الشيوعي Alger Publicain , في سبتمبر 1963 اجتمع المكتب السياسي لجبهة التحرير الوطني مع أول دستور للبلاد في 8 سبتمبر, قرر تأميم هده الصحف ، فتوقفت عن الصدور و عوضت بصحف أخرى, تمثل أسماء جديدة مثل ( En-Nasr ) بدلا من ( la dépêche de Constantine ) و ( El Moujahade ) بدلا عن ( l’écho d’Oran ), و صدرت اليوميات الثلاثة: الشعب, النصر, الجمهورية, و في 18 سبتمبر1963 و بعناوين ضخمة في الصفحة الأولى تخبر بتأميم اليوميات الاستعمارية, و يقول القرار أن هذه الصحافة تذكر بالعهد الاستعماري, و أن وجودها لا يتلازم مع السيادة الوطنية, برغم موقفها الحالي المعتدل رغم وجود صحافة وطنية ناشئة لا تقوى على المنافسة (11). أما ( Alger pepublicain ) التي استأنفت نشاطها في اليوم الأول من الاستقلال, و رغم أنها أصبحت تؤيد أعمال الحكومة, و الحزب و برامجها نحو الاستقلال التام, و نحو الثورة الزراعية, و التقدم الاجتماعي و تحديد الثقافة الوطنية, و لكنها بهذه الصفة بقيت حرة لا تقوى عليها الصحافة الحكومية، كان هذا الوضع يقلق كثيرا الدولة الجزائرية, ويعرقل سياستها اتجاه وسائل الإعلام (12) ,فطرح الشكل أمام مؤتمر جبهة التحرير الوطني الذي أنعقد سنة 1964, حيت قرر إجراء مفاوضات مع مسئولي هذه اليومية حتى يتم إدماجها في الصحف الحكومية ,لكن هذا لم يحصل إلا بعد 19 جوان 1965 ,أين توقفت الجريدة بإرادة من مسيريها (13), و بزوال هذه الجريدة,تمت بصفة نهائية هيمنة الحكومة, و الحزب على الصحافة المكتوبة, و زالت معها الملكية الخاصة في الميدان الإعلامي.
4-2-1-2- مرحلة الإعلام الموجه:
و تبدأ بالتصحيح الثوري إلى غاية وفات الرئيس هواري بومدين يوم 27 ديسمبر 1978, و استلام الرئيس الشاذلي بن جديد السلطة, و تميزت هذه المرحلة بظهور أول لائحة خاصة بالإعلام, و تحويل يومية " le peuple " إلى " el moudjahid " ,التي سيطرت على الساحة ب 203 ألف نسخة لوحدها, مقابل 71 ألف نسخة لباقي الصحف عام 1978 ,و ظهور أسبوعية جديدة بالفرنسية Actualité " Alger " في 1965, كما وضعت جميع الصحف تحت وصاية وزارة الإعلام, و عرفت نهاية هذه المرحلة التعريب التدريجي لكل من يومية " النصر" ابتدءا من 1972, " الجمهورية" في 1976 (14) ,وقد مرت هذه المرحلة بعدة أوضاع منها :
أ- إقامة نظام اشتراكي للإعلام:
عملت الحكومة بهذا النظام, و يتمثل في إلغاء الصحافة, و توجيه الصحافة الحكومية و الحزبية ( الحزب الواحد), حتى تكون أداة تستعملها الدولة لتعزيز سياستها, كما أممت الدولة شركة " هاشت" التي كانت تتولى توزيع الصحافة في الجزائر, و أسست شركة جزائرية " الشركة الجزائرية للنشر و الإشهار", و خولت لها حق الاحتكار في التوزيع, و لهذا لمراقبة ميدانية، و أدى هذا إلى تجميد الصحافة المكتوبة من حيت تعدد الصحف ,و نوعية الرسالة (15) .
ب- تعريب اليوميات:
في المرحلة الأولى للاستقلال, كانت هناك يومية واحدة معربة, أما مع بداية السبعينات طرحت قضية التعريب كمشكل سياسي, لذلك اتخذت عدة إجراءات كتعريب " النصر" بقسنطينة عام 1972, ثم" الجمهورية " بوهران عام 1976, و كان سير التعريب تدريجي ( أي صفحة بعد أخرى مثلا) – التعريب النهائي " الجمهورية ", كان في 1977 ( أي بعد عام تقريبا من بدايته), كان هذا التغيير في اللغة لم يعرف رواجا, فقد انخفض توزيع النصر في 20.000 نسخة في 1977، مما أدى بالحكومة لاتخاذ قرار تدعيم الهوة لمواصلة العملية و نجاحها,و لم تظهر إلا يومية واحدة بالفرنسية هي " المجاهد" (16).
جـ- توزيع الصحافة:
شبكة التوزيع لم تعرف تحسنا قبل بداية 1977, حيث و في عام 1976 لم تغط هذه الشبكة للتوزيع سوى 208/704 بلدية، أما في 19778, فقد غطت أكثر من نصف بلديات الجزائر، و تواصلت الجهود في 1978و 1979 مما أدى إلى ارتفاع متزايد في مبيعات اليوميات مثلا: في 1969 كان مجموع سحب اليوميات 155.00 نسخة, أما في 1970 فقد بلغت درجة السحب 430.000 نسخة, و هذه الفترة لم تعرف ازدهارا كبيرا للصحافة المكتوبة على حد قول عزي عبد الرحمن.
لكن ما يلاحظ على هذه المرحلة كذلك, هو بداية الاهتمام الفعلي بقضايا الإعلام ووسائله، خصوصا في ظل استكمال بناء مختلف المؤسسات, و الهياكل السياسية, و الاقتصادية, و بدأت معالم السياسة الإعلامية تنضج مع صدور أول (سياق وطني ) عام 1976, و الذي أشار إلى الدور الاستراتيجي لوسائل الإعلام في خدمة أهداف التنمية، كما دعا إلى ضرورة استحداث قوانين, و تشريعات تحدد دور الصحافة و الإذاعة و التلفزيون, و السينما في مختلف المشاريع الوطنية, و الاهتمام بالتكوين في مجال الإعلام و توفير الكوادر الإعلامية و اللازمة لمواكبة خطط التنمية, و إشباع مختلف حاجات الجماهير إلى إعلام موضوعي وحيد (17) .
و قد عرفت بداية الثمانينات حدث سياسي هام, هو انعقاد المؤتمر الرابع لجبهة التحرير الوطني, الذي أصدر أول قانون للإعلام في الجزائر عام 1982، و قد تناول هذا القانون لأول مرة مختلف جوانب النشاط الإعلامي، و حدد هذا الأخير الإطار العام لموضوع الإعلام في الجزائر، إذ جاء في مادته الأولى:" الإعلام قطاع من قطاعات السيادة الوطنية، يعبر الإعلام بقيادة حزب جبهة التحرير الوطني، و في إطار الإمتيازات الاشتراكية المحددة في الميثاق عن إرادة الثروة، وترجمت المطابع الجماهير الشعبية، يعمل الإعلام على تعبئة كل القطاعات و تنظيمها لتحقيق الأهداف الوطنية".
كما تناول القانون الجديد جملة من القضايا المتعلقة بالنشاط الإعلامي، حيث جاء بهذا الخصوص في المادة الثانية:" الحق في الإعلام حق أساسي لجميع المواطنين، تعمل الدولة على توفير كامل و موضوعي"، و حدد الخطوط العامة لممارسة النشاط الإعلامي ضمن السياسة العامة للدولة المنصوص عليها في الدستور و الميثاق، حيث جاء في المادة الثالثة منه:" يمارس حق الإعلام بكل حرية ضمن نطاق الاختيارات الإيديولوجية للبلاد، و القيم الأخلاقية للأمة، وتوجيهات القيادة السياسية المنبثقة عن الميثاق الوطني، مع مراعاة الأحكام التي يتضمنها الدستور، و خاصة في مادتيه (55- 73)"، كما أكدت هذه الوثيقة على أن لغة الإعلام الوطني مستقبلا هي: اللغة العربية، في محاولة لحسم موضوع اللغة التي تستخدم في وسائل الإعلام الوطنية، وقد نصت المادة الرابعة من القانون على ذلك بما يلي:" مع العمل دوما على استعمال اللغة الوطنية و تعميمها، يتم الإعلام من خلال نشرات إخبارية عامة ونشرات متخصصة، ووسائل سمعية بصرية" (18).
و مع ضوء هذه النصوص الجديدة، حددت المهام التي يجب أن تقوم بها و سائل الإعلام عموما و الصحافة خصوصا، و هي إبراز الجهود التي تبذلها الدولة في مجال التنمية وتوعية المواطن بأهميتها، و ما يترتب عنها من فوائد، و تحسين المستوى المعيشي، و ذلك بإقناعه بضرورة المشاركة الفعالة في كل الخدمات الوطنية.
و هكذا عرفت الصحافة في هذه الفترة توجيهات جديدة أدت إلى تطوير هذا القطاع ،و خاصة في ظل انخفاض معدلات الأمية، وارتفاع عدد القراء، و كذا تجهيز مختلف مؤسسات الصحافة المكتوبة بوسائل طباعية حديثة، فبدأت بإصدار عناوين صحف جديدة نذكر منها (19):
- المساء: يومية وطنية مسائية باللغة العربية.
- آفاق( Horizons ): يومية وطنية مسائية باللغتين الفرنسية و الإنجليزية.
- أضواء:أسبوعية باللغة العربية.
- المنتخب: أسبوعية رياضية باللغة العربية.
- أحداث- اقتصاد ( Actualités Economies ) مجلة ثقافية تصدر باللغتين العربية، و الفرنسية.
- المسار المغربي ( Parcours Maghrébin ) مجلة ثقافية تصدر باللغتين العربية، والفرنسية (20).
كما جهزت اليوميات بأجهزة عصرية ملائمة، كان هناك تنوع بإصدار صحف جهوية و متخصصة، كما نشأ نوع من التنافس بين اليوميات الصباحية و المسائية (21)، ما يميز هذه المرحلة عموما هو هيكلة نصوص قانونية تحد من حرية الإعلام، فنصوص 1982لم تأتي بالجديد في الحقيقة، فالإعلام في عهد الحزب الواحد كان مجرد خطاب دعائي، فالصحافة كانت تصور الأحداث و تنقلها فقط، دون التعمق في أبعاد و تحليل محتوياتها، و تعدد استراتيجيات الدولة في وصول وسائل الاتصال من خلال الضغوطات الممارسة على مؤ طري مؤسسات الإعلام و كذا الصحفيين، مما أثار عدة شكوك حول مصداقية المعلومة ودفع بالكثير من الجمهور باستهلاك الأخبار من خلال وسائل اتصال غربية، حسب ما ذهب إليه ( Pierre Bourdieu ) في( Questions de sociologie ) ، حيت يرى أنه تمارس على العامل و المؤسسات ضغوط من طرف قوى مختلفة بواسطة قوانين صارمة، مؤسسة على بغية تحقيق أهداف فاصلة داخل وسط اجتماعي ملئ بالمتناقضات، فكل من يتحكم و يسيطر على الوسط له القدرة، و الوسائل التي تمكنه من تفعيل مصالحه في حدود مقاومتها والتحكم فيها، و بالتالي يتحول الوسط إلى الجهاز من خلال إلغاء ردود الأفعال المتحكم فيهم، و في المجتمع الجزائري، فإن ردود فعل الجمهور الصحفيين إزاء السياسة الإعلامية المطبقة من طرف الحزب الحاكم كانت متباينة كون : (22)
1- الجمهور أصبح يبحث عن معلومات أكثر مصداقية تعكس الواقع الجزائري في وسائل اتصال غربية بدلا من الوسائل الوطنية.
2- العديد من رجال حاولوا التحرر من القيود المفروضة من طرف النظام السياسي، و بناء الاستراتيجية تقوم على أساس الصدق في تقديم المعلومة، و حرية التعبير.
3- الاهتمام بالهياكل التقنية الخاصة بالمؤسسات الإعلامية مقارنة بنظيرتها في دول أخرى، مع محاولة تغطية كل الدولة إعلاميا، و كذا السماح بنوع من الحرية للصحافة في ممارسة نشاطاته بكل شفافية.
و عرفت أواخر هذه المرحلة، نوعا من الضغط الاقتصادي و السياسي، و الذي تمخضت عنه أحدات 08 أكتوبر 1988 الأليمة، التي تعتبر منعطفا حاسما في تاريخ الجزائر السياسي، و في جميع الميادين بما فيها الإعلام المكتوب، و من أثر هذه الحوادث دستور فبراير 1989، الذي سمح بتأسيس الجمعيات السياسية و حرية الصحافة و تنويعها. – المادة 39 من الدستور – فنشأت الصحف الخاصة و الحزبية المتخصصة، بل و الساخرة أيضا، لكن هذا الانفجار الحر الذي لم يسبق له مثيل في العالم العربي الإسلامي لم يعمر طويلا، حيت ظهرت بوادر كبح مع بداية الأزمة السياسية الخطيرة، التي طفت على السطح خلال صائفة 1991، وتخدرت في بداية العام الموالي، و مند ذلك الحين, و الشعب الجزائري بما فيه قطاع الإعلام المكتوب، يعاني من الآثار المدمرة لهذه الأزمة (23). بالإضافة إلى هذه العوامل السياسية، لعب الجانب الاقتصادي دورا كبيرا في التأثير على قطاع الإعلام، فالإصلاحات المتمثلة في استقلالية المؤسسات، و خوصصة القطاع العام و ألغت الاحتكار، و مست قطاع الصحافة المكتوبة، فالمادة 40 من قانون الإعلام الجديد بتاريخ 03افريل 1990، تضع حدا لهيمنة السلطة على الصحافة المكتوبة، و المادة 02 من هذا القانون عكس المادة 02 من القانون القديم، التي تنص بان السلطة:هي التي تضمن إعلاما كاملا و موضوعيا، كذلك على الحق في المشاركة في الإعلام بتطبيق حرية الأفكار، و الآراء و التطبيق (24) .
و الآن نلخص المرحلة الرابعة التي دخلت فيها الجزائر عهد حرية الصحافة ( في عهد بن جديد( و الذي كانت نهايته بانتهائها، و دخول الصحافة، و قانون الإعلام خاصة حالة الطوارئ الآن، حيث، و بالقانون طبعا يمكن لهم إيقاف أية صحيفة في أي زمان، في هذه المرحلة (89/91)، قد دعم الإعلام الجهوي بإصدارات جديدة ( النهار، العقيدة، الاوراس...)، و نشأت الصحف الخاصة ( الخبر، السلام، النور، الحياة، الجزائر اليوم، بريد الشرق، الشروق العربي)
Le Nouvel hebdo، Le Matin، El Watan ، Le Soir D’algerie ، Quotidien D’algerie , Liberté .
و كذلك الصحف الحزبية ( المنقذ، النهضة، النبأ)، و المتخصصة ( الوفاء، الرياضي، وعلاء الدين ALSIMSAR )، و الساخرة أيضا ( الصحافة EL MANCHAR ) .و هدا كله لتدعيم الإعلام العمومي الذي كان منفردا بالساحة الإعلامية إلى حد الآن، و كان ذلك بعد إرجاع أسبوعية " المجاهد" لجبهة التحرير الوطنين، و حولت معظم الصحف الوطنية – العامة- تفصيل قانون الإعلام رقم 90/07 لسنة 1990 إلى شركات مساهمة ذات مسؤولية محدودة تراقبها انتقاليا لجان وصاية، و تم " تحريض" أكبر عدد من المهنيين على اختيار طريق الصحافة الخاصة، و هذا يدفع مرتبات سنتين مسبقا لتكوين رأسمال، و تكوين مساعدات شتى للتأسيس ( كالحصول مثلا على مقر مجانا لمدة 05 سنوات )، و قروض خاصة لأجل التجهيز مع الاحتفاظ بحق العودة لمؤسساتهم الإعلامية الأصلية في حالة فشل المشروع الجديد (25).
كما تميزت هذه المرحلة باستفادة اليسار من أصل شيوعي في يومية " الجزائر الجمهورية" " Alger republicaine " ،التي كانت قد منحت في إطار تحالف انتهازي لجهاز جبهة التحرير الوطني مع نهاية عهد الرئيس بن بلة، و من تمثيل مهم في الصحف الخاصة ( خاصة الصادرة بالفرنسية)،التي دعمت الحكومة إنشائها، مما أدى بعض أحزاب المعارضة المتضررة من ذلك المطالبة – بدون جدوى- باقتسام الأجهزة الصحفية الموروثة عن الحزب الواحد بين الحركات السياسية بالتساوي (26).
فنشأت صحف حزبية خاصة منها الظاهرة، و منها المتنكرة في هذه المرحلة، و في التي تلتها و كأمثلة" السبيل" بحوالي 27 ألف نسخة في 93/94 المقربة من حزب النهضة " الإرشاد " التضامن "، و المقربتان من حزب حماس " البلاغ " ،و " الفرقان" المقربتان من الجبهة الإسلامية للانقاد. El HAQ" " المقربة من حزب جبهة القوى الاشتراكية " Liberte " المقربة من حزب الأمة...الخ.
و كانت معظمها ذات مقروئية متواضعة في بدايتها، لكن هذا الانفجار الإعلامي الحر حوالي 140 عنوانا عموميا و خاصا، أو حزبيا ( النصر 02/01/1991) الذي لم يسبق له مثيل في العالم العربي الإسلامي لكنه لم يعمر طويلا، حيث تجلت بوادر انحرافه مند البداية، فظهرت مشاكل مهنية مرتبطة بارتفاع تكاليف السحب، و مشاكل الطباعة الإشهار و التوزيع، عدم كفاية دعم الدولة للحق في الإعلام، خاصة فيما يتعلق بالتوزيع للجنوب، التميز المفرط بين الصحف في التعامل الإعلامي مما يساعد على ارتباط بعض مديري الصحافة الخاصة بالمال و مراكز القرار، فاختاروا سندا ماليا سياسيا، أو أكثر في آن واحد (27).
و ما يمكن ملاحظته في هذه الفترة، هو غلبة الصحف المفرنسة التي تلقت دعما ماليا كبيرا، أما الصحف المعربة، كما عبر عنها الاستاد محمد عباس في قوله:
" الأقلية الناطقة و الأغلبية العمومة " فقد وقعت في التركيب المعكوس (28). إذ سمحت لأول مرة بتعيير حر يعكس، و لحد كبير اهتمامات غالبية الشعب الجزائري، و تطلعاته، و توجهاته الفكرية.

من مواضيعي
0 التغذية: نصائح وحيل حول الأكل الصحي اهمالها قد يسبب لنا مشاكل صحية لا نعرف اين سببها؟
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة
التعديل الأخير تم بواسطة ابن الجزائر1 ; 07-04-2009 الساعة 07:54 PM







