مسعود حينما يعود
30-01-2012, 11:03 AM
مع كل موعد انتخابي يكثر القيل و القال ، و تكثر الحركة في أي اتجاه ، و تصير مواد التجميل سلعة رائجة عند أصحاب المصالح و النفوس الشريرة.
من يملك دينارا يريد مليارا و من يملك حبة يريد قبة ، يهرولون في كل مكان و هم يعضون أطراف عباءاتهم حتى يدركوا و لو صوتا واحدا مبحوحا لم يأخذه الصدى.
اليوم في وطني يصبح المواطن المعدوم محل اهتمام و تقدير ، ستصافح يده المتشققة آلاف الأيدي الناعمة ، و تحيط به آلاف الآذان ، و ستغرق آلاف الأقدام في وحل يحيط بمنزله ، وحل أكثر ما يكون في الوعد أن يزيله أحدهم بمقدار ما يعلق في كعب حذائه.
يدخل قريته التي فارقها منذ زمن بعيد ، بعدما ارتدى بذلة كلاسيكية و ربطة العنق و صار من ذوي النفوذ ، و اختار لنفسه زوجة ثانية يستطيع أن يعيش معها حياة جديدة غير تلك التي كان يحياها مع خبازة المطلوع ، لقد بنى لنفسه مكانا في سلسلة غذائية و وجد لنفسه فسحة تحت قمة الهرم.
لم يكن يهمه قبل ذاك سوى الذهاب إلى الدزاير ، تلك المدينة الساحرة التي كانت تبعد عن شهيقه و زفيره آلاف الأيام الضوئية ، كان مسكينا عندما سمع رد إداري خبيث في المدينة ليقول له ( دوسيك راه فالدزاير ) ( روح تشكي فالدزاير ) ، لذلك بحث عن كل السبل ليصل إلى هناك.
بدأ رحلته بالجلوس في آخر صف على آخر مقعد قرب الباب في اجتماع عقده رجل مجهول في قاعة لحفلات الأعراس و الختان ، كان يصغي باهتمام بالغ للكلمات الرنانة و بين كل جملة و أخرى من فم ذلك الرجل المجهول يصفق بحرارة و ابتسام مع المصفقين ، يضيف عليهما إيماءة برأسه توحي بالرضى و القبول بهذه الأفكار النيرة و هذا الحق المبين ، و بعد انتهاء الإجتماع في أقل من ساعة تفرقوا و بقيت آخر الكلمات تتردد في أذنه كرنين الجرس ( تاحيا الجازاير – المجد و الخلود لشهدائنا الأبرار ) ، قال في نفسه ( هاذي هي الدزاير ).
عند المساء و بعد تفقد دخول قطيع غنمه إلى الزريبة و محاسبة الرعاة ،ذهب كعادته إلى المقهى حيث يقضي وقته في لعب الدومينو و الروندا و وجد هناك سي الشريف بن شريف الذي وصفه بالوطني وعرض عليه فكرة الإنضمام إلى قائمته الإنتخابية و الترشح للإنتخاب المقبل حتى يصبح ديبيتي فالبار لامان ، و كان له ذلك قدرا في وقت سريع جدا على الرغم من الطلوع و الهبوط و تكسار الراس و الحشايم و يرحم والديك ، حظ لم يتوفر لغيره ممن ليست لهم الكفاءة الأخلاقية و العلمية و المهنية ولأنهم نتاع خبز و تخطي راسي و تفوت.
لقد ضمن لنفسه مقعدا يستريح عليه و ما كان عليه إلا ان يرفع يده و ينزلها ، فلم يكن يجيد كتابة و لا قراءة ، لم يكن يعرف إلا أن يقول ( ديبيتي ) أو ( نخدم فالمزلش ) و هذا فقط عندما يجتاز حاجزا امنيا أو لدخول إحدى دوائر السلطة.
لقد فرح أهل قريته كثيرا و ذبحوا كل الدجاج و الأرانب و أقاموا ليلة للفرح لأن مسعود رايح للدزاير ، سوف يتحدث مع المسؤولين الكبار عن معاناتهم اليومية و عن مآسيهم ، سينوب عنهم في شرح عذابهم مع انقطاع الكهرباء و الغاز و الماء و انعدام الطرق و بعد المدارس و المراكز الصحية و عودة الجرب و القمل ، سيتحدث عن الأرامل و الأيتام و عن كبار السن حينما يجلسون للتشمس دون معيل او دواء قرب ذلك الجدار المنسي في تلك القرية المنسية.
غربت الشمس في اليوم الذي ودعهم فيه حاملا معه حقيبة و كيسا بلاستيكيا ، لكنها لم تشرق بعده ، آه يا وطني ، كم هم كثر أمثال مسعود ، لم يرى له اثر و لم يسمع عنه خبر ، لمدة خمس سنين ، و دون خجل عاد لقريته و ركن سيارته خارج حدودها لأن مسالكها وعرة ، إنه يريد أن يبدأ من جديد.
من يملك دينارا يريد مليارا و من يملك حبة يريد قبة ، يهرولون في كل مكان و هم يعضون أطراف عباءاتهم حتى يدركوا و لو صوتا واحدا مبحوحا لم يأخذه الصدى.
اليوم في وطني يصبح المواطن المعدوم محل اهتمام و تقدير ، ستصافح يده المتشققة آلاف الأيدي الناعمة ، و تحيط به آلاف الآذان ، و ستغرق آلاف الأقدام في وحل يحيط بمنزله ، وحل أكثر ما يكون في الوعد أن يزيله أحدهم بمقدار ما يعلق في كعب حذائه.
يدخل قريته التي فارقها منذ زمن بعيد ، بعدما ارتدى بذلة كلاسيكية و ربطة العنق و صار من ذوي النفوذ ، و اختار لنفسه زوجة ثانية يستطيع أن يعيش معها حياة جديدة غير تلك التي كان يحياها مع خبازة المطلوع ، لقد بنى لنفسه مكانا في سلسلة غذائية و وجد لنفسه فسحة تحت قمة الهرم.
لم يكن يهمه قبل ذاك سوى الذهاب إلى الدزاير ، تلك المدينة الساحرة التي كانت تبعد عن شهيقه و زفيره آلاف الأيام الضوئية ، كان مسكينا عندما سمع رد إداري خبيث في المدينة ليقول له ( دوسيك راه فالدزاير ) ( روح تشكي فالدزاير ) ، لذلك بحث عن كل السبل ليصل إلى هناك.
بدأ رحلته بالجلوس في آخر صف على آخر مقعد قرب الباب في اجتماع عقده رجل مجهول في قاعة لحفلات الأعراس و الختان ، كان يصغي باهتمام بالغ للكلمات الرنانة و بين كل جملة و أخرى من فم ذلك الرجل المجهول يصفق بحرارة و ابتسام مع المصفقين ، يضيف عليهما إيماءة برأسه توحي بالرضى و القبول بهذه الأفكار النيرة و هذا الحق المبين ، و بعد انتهاء الإجتماع في أقل من ساعة تفرقوا و بقيت آخر الكلمات تتردد في أذنه كرنين الجرس ( تاحيا الجازاير – المجد و الخلود لشهدائنا الأبرار ) ، قال في نفسه ( هاذي هي الدزاير ).
عند المساء و بعد تفقد دخول قطيع غنمه إلى الزريبة و محاسبة الرعاة ،ذهب كعادته إلى المقهى حيث يقضي وقته في لعب الدومينو و الروندا و وجد هناك سي الشريف بن شريف الذي وصفه بالوطني وعرض عليه فكرة الإنضمام إلى قائمته الإنتخابية و الترشح للإنتخاب المقبل حتى يصبح ديبيتي فالبار لامان ، و كان له ذلك قدرا في وقت سريع جدا على الرغم من الطلوع و الهبوط و تكسار الراس و الحشايم و يرحم والديك ، حظ لم يتوفر لغيره ممن ليست لهم الكفاءة الأخلاقية و العلمية و المهنية ولأنهم نتاع خبز و تخطي راسي و تفوت.
لقد ضمن لنفسه مقعدا يستريح عليه و ما كان عليه إلا ان يرفع يده و ينزلها ، فلم يكن يجيد كتابة و لا قراءة ، لم يكن يعرف إلا أن يقول ( ديبيتي ) أو ( نخدم فالمزلش ) و هذا فقط عندما يجتاز حاجزا امنيا أو لدخول إحدى دوائر السلطة.
لقد فرح أهل قريته كثيرا و ذبحوا كل الدجاج و الأرانب و أقاموا ليلة للفرح لأن مسعود رايح للدزاير ، سوف يتحدث مع المسؤولين الكبار عن معاناتهم اليومية و عن مآسيهم ، سينوب عنهم في شرح عذابهم مع انقطاع الكهرباء و الغاز و الماء و انعدام الطرق و بعد المدارس و المراكز الصحية و عودة الجرب و القمل ، سيتحدث عن الأرامل و الأيتام و عن كبار السن حينما يجلسون للتشمس دون معيل او دواء قرب ذلك الجدار المنسي في تلك القرية المنسية.
غربت الشمس في اليوم الذي ودعهم فيه حاملا معه حقيبة و كيسا بلاستيكيا ، لكنها لم تشرق بعده ، آه يا وطني ، كم هم كثر أمثال مسعود ، لم يرى له اثر و لم يسمع عنه خبر ، لمدة خمس سنين ، و دون خجل عاد لقريته و ركن سيارته خارج حدودها لأن مسالكها وعرة ، إنه يريد أن يبدأ من جديد.
رحم الله من أهدى الي عيوبي














