الفردوس تحت أقدامكم
03-05-2008, 05:38 PM
الفردوس تحت أقدامكم...
والأبناء يختارون حل أزمة الشخص بدل أزمة الوطن(الحل الفردي، بدل الحل الجماعي)، فلجأ للهجرة إلى دول أوربا والهجرة إلى الداخل، إلى التيارات الدينية الراديكالية، استعدادا للخلاص، أو الهجرة إلى غيبوبة تناول المخدرات، فالوهم أفضل من الواقع، وكلهم يبني فردوسا "دونكيشوتيا" يتوهم فيه واقعا جديدا.
الهجرة إذا هجرات وقد حصرناها في ثلاثة: واحدة خارجية واثنان داخليتان، الأولى هي الهجرة المشهورة بقوارب الموت، إنها نعوش بمحركات دييزل تسجى إلى مقبرة المتوسطي، تسوقها أسطورة مفادها أن وراء البحر العالي الجنة، وتنسى أن أسفل نفس البحر شياطين القرش، لقد تحولت الحرڨة إلى أسطورة "ميثيولوجيا الحرڨة"، تروى في أوساط الشباب عن بلاد النور
والأحلام "الإلدورادو".
الهجرة الثانية إلى الماضي إلى عصر السلف الصالح، وهو اغتراب من نوع جديد يعيش فيه الشباب زمانا غير زمانهم، إنها هجرة داخلية، وتبلغ من التطرف حدها، عندما تتكلم لغة العنف والتكفير، هي هجرة قواربها منشورات مستوردة، وفتاوى معلبة، ومواقع الانترانت "جهادوبونكمية" فردوسها حور العين الموعودة ؟.
الهجرة الثالثة هي داخلية كذلك إنها الهجرة بالمخدرات قواربها كثيرة، سيجارة مخدرة أو أقراص مهلوسة، لا تكاد تبتلعها حتى تنقلك إلى الجنة المؤقته، والموت فيها على أصناف، قد يكون موتا بطيئا محققا، أو جريمة مفاجئة.
وكل هذه الهجرات تلتقي في أنها هروب من الواقع، وهو تناقض بين الخوف من المستقبل والأمل الحالم فيه، إنه فقدان للوعي بالزمن، فتقودك كبسولة الزمن إلى الماضي حيث القرن الأول الهجري، أو ترحل بك إلى المستقبل، أو تتصعد بك في حاضرا خيالي منفلت عن الواقع، كما أن الموت أو العنف قاسمهم المشترك، إما الموت في أعالي البحار أو بحزام ناسف في المدن أو سكين الجريمة، ينهش لحمه الحوت أو الديناميت أو الموت البطيء بالمخدرات.
فالهجرة البحرية ما هي إلا شكل من أشكال الهجرات !!!،....وكما أحرق أسلافنا السفن في أوربا كي لا يتخاذلون، اليوم نحن "نحرڨ" كي لا نعود، وما ترانا نقول: العدو أمامكم! ! !، وكما كان يخشى الأوربيون سفن الرايس حميدو، يخشون اليوم قوارب الجزائريين وشتان بين الأمس واليوم!، وهل سنبني أكبر أسطول للهجرة السرية ؟ ونعيد أمجاد الأسطول البحري الجزائري!
لقد قال الرسام نصر الدين ديني عن بوسعادة: "إذا كانت الجنة في الأرض، فإنها بوسعادة، وإذا كانت فوق الأرض، فهي فوق بوسعادة، هذا الحال بالنسبة لقطعة من الجزائر، فما بالك بالجزائر كلها، وكأن هذا الفنان يقول: أتبحثون عن الفردوس انه تحت أقدامكم...










