فائدة ـــ في تفسير قول الله تعالى ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ )
08-05-2008, 08:28 AM
قال الله تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ﴾ [آل عمران:110].
قال ابن الجوزي: "وفيمن أريد بهذه الآية أربعة أقوال:
أحدها: أنهم أهل بدر.
والثاني: أنهم المهاجرون.
والثالث: جميع الصحابة.
الرابع: جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم نُقِلت هذه الأقوال كلها عن ابن عباس"
زاد المسير لابن الجوزي (2/16).
وقال السفاريني: "﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ قيل: اتفق المفسرون أن ذلك في الصحابة، لكن الخلاف في التفاسير مشهور ورجح كثير عمومها في أمة محمد صلى الله عليه وسلم"
لوامع الأنوار البهية للسفاريني (2/377).
(( ـ قوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون} [آل عمران: 104].
أمر الله عزَّ وجلَّ في هذه الآية بأن يكون في بلاد المسلمين طوائف منهم يدعون إلى الخير ويبصرون بطريق الحق والهدى، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وهذا التصدي من هذه الطوائف للقيام بالدعوة إلى الخير هو من فروض الكفايات، وعلى كل مسلم القيام بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب قدرته وطاقته، كما جاء ذلك مبيناً في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يقول: (( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان )) رواه مسلم (177).
وهذا الحديث من جوامع الكلم، وهو الحديث الرابع والثلاثون من الأربعين النووية، وقد قلت في شرحي: (( هذا الحديث مشتمل على درجات إنكار المنكر، وأن من قدر على التغيير باليد تعيّن عليه ذلك، وهذا يكون من السلطان ونوابه في الولايات العامة، ويكون أيضاً من صاحب البيت في أهل بيته في الولايات الخاصة، ورؤية المنكر يحتمل أن يكون المراد منها الرؤية البصرية، أو ما يشملها ويشمل الرؤية العلمية، فإن لم يكن من أهل التغيير باليد، انتقل إلى التغيير باللسان، حيث يكون قادراً عليه، وإلاّ فقد بقي عليه التغيير بالقلب، وهو أضعف الإيمان، وتغيير المنكر بالقلب يكون بكراهة المنكر وحصول الأثر على القلب بسبب ذلك، ولا تنافي بين ما جاء في هذا الحديث من الأمر بتغيير المنكر وقول الله عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105]، فإن المعنى: إذا قمتم بما هو مطلوب منكم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد أديتم ما عليكم، ولا يضركم بعد ذلك ضلال من ضلّ إذا اهتديتم )).
ولقيام هذه الأمة بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كانت خير أمة أخرجت للناس، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [آل عمران: 110].
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: (( والصحيح أن هذه الآية عامة في جميع الأمة، كل قرن بحسبه، وخير قرونهم الذين بُعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، كما قال في الآية الأخرى: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } أي: خياراً، { لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا })).
وقد لُعن من لعن من بني إسرائيل على ألسنة أنبيائهم لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال عزَّ وجلَّ: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُون * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُون} [المائدة: 78 ـ 79].
ولشيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله عند الكلام على آية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ}الآية، في كتابه أضواء البيان تحقيقات جيدة في مسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ))
المصدر : من كنوز القرآن الكريم (تفسير آيات من الكتاب العزيز) - تأليف عبد المحسن بن حمد العباد - من صفحة رقم 60 إلى صفحة رقم 62 - طبعة دار نور الكتاب - القبة - الجزائر
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقول
قال ابن الجوزي: "وفيمن أريد بهذه الآية أربعة أقوال:
أحدها: أنهم أهل بدر.
والثاني: أنهم المهاجرون.
والثالث: جميع الصحابة.
الرابع: جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم نُقِلت هذه الأقوال كلها عن ابن عباس"
زاد المسير لابن الجوزي (2/16).
وقال السفاريني: "﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ قيل: اتفق المفسرون أن ذلك في الصحابة، لكن الخلاف في التفاسير مشهور ورجح كثير عمومها في أمة محمد صلى الله عليه وسلم"
لوامع الأنوار البهية للسفاريني (2/377).
(( ـ قوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون} [آل عمران: 104].
أمر الله عزَّ وجلَّ في هذه الآية بأن يكون في بلاد المسلمين طوائف منهم يدعون إلى الخير ويبصرون بطريق الحق والهدى، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وهذا التصدي من هذه الطوائف للقيام بالدعوة إلى الخير هو من فروض الكفايات، وعلى كل مسلم القيام بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب قدرته وطاقته، كما جاء ذلك مبيناً في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يقول: (( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان )) رواه مسلم (177).
وهذا الحديث من جوامع الكلم، وهو الحديث الرابع والثلاثون من الأربعين النووية، وقد قلت في شرحي: (( هذا الحديث مشتمل على درجات إنكار المنكر، وأن من قدر على التغيير باليد تعيّن عليه ذلك، وهذا يكون من السلطان ونوابه في الولايات العامة، ويكون أيضاً من صاحب البيت في أهل بيته في الولايات الخاصة، ورؤية المنكر يحتمل أن يكون المراد منها الرؤية البصرية، أو ما يشملها ويشمل الرؤية العلمية، فإن لم يكن من أهل التغيير باليد، انتقل إلى التغيير باللسان، حيث يكون قادراً عليه، وإلاّ فقد بقي عليه التغيير بالقلب، وهو أضعف الإيمان، وتغيير المنكر بالقلب يكون بكراهة المنكر وحصول الأثر على القلب بسبب ذلك، ولا تنافي بين ما جاء في هذا الحديث من الأمر بتغيير المنكر وقول الله عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105]، فإن المعنى: إذا قمتم بما هو مطلوب منكم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد أديتم ما عليكم، ولا يضركم بعد ذلك ضلال من ضلّ إذا اهتديتم )).
ولقيام هذه الأمة بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كانت خير أمة أخرجت للناس، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [آل عمران: 110].
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: (( والصحيح أن هذه الآية عامة في جميع الأمة، كل قرن بحسبه، وخير قرونهم الذين بُعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، كما قال في الآية الأخرى: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } أي: خياراً، { لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا })).
وقد لُعن من لعن من بني إسرائيل على ألسنة أنبيائهم لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال عزَّ وجلَّ: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُون * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُون} [المائدة: 78 ـ 79].
ولشيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله عند الكلام على آية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ}الآية، في كتابه أضواء البيان تحقيقات جيدة في مسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ))
المصدر : من كنوز القرآن الكريم (تفسير آيات من الكتاب العزيز) - تأليف عبد المحسن بن حمد العباد - من صفحة رقم 60 إلى صفحة رقم 62 - طبعة دار نور الكتاب - القبة - الجزائر
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقول
من مواضيعي
0 رسالة خطيرة لولاة الأمر من محكم جزائري لمسابقة القرآن الكريم الدولية في ايران
0 القرضاوي يحرم المظاهرات ضد الرئيس مرسي
0 مرحلة جديدة من الصراع بين الجيش وبوتفليقة على مشارف رئاسيات 2014
0 الجيش الحر يستولي على مركز لـ الشبيحة في حمص و المفاجأة
0 الكشف عن ممر سري لعبور مقاتلي الصدر الشيعة للقتال في سوريا
0 إيران تحرّف في خطاب مرسي بحذف اسمي أبوبكر وعمر وتقحم كذبا البحرين في الربيع العر
0 القرضاوي يحرم المظاهرات ضد الرئيس مرسي
0 مرحلة جديدة من الصراع بين الجيش وبوتفليقة على مشارف رئاسيات 2014
0 الجيش الحر يستولي على مركز لـ الشبيحة في حمص و المفاجأة
0 الكشف عن ممر سري لعبور مقاتلي الصدر الشيعة للقتال في سوريا
0 إيران تحرّف في خطاب مرسي بحذف اسمي أبوبكر وعمر وتقحم كذبا البحرين في الربيع العر
التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الرحمن يوسف ; 08-05-2008 الساعة 08:32 AM







