تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
abchir
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 19-02-2014
  • المشاركات : 1,075
  • معدل تقييم المستوى :

    12

  • abchir is on a distinguished road
abchir
عضو متميز
شرح حديث "إن الله طيّب..." ح10/40
14-05-2014, 06:38 PM
الحديث العاشر
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم«إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيَّبٌ لََا يَقْبَلُ إِلاَّ طَيَّبًا، وَإنَّ الله أَمَرَ المُؤْمِنِينَ بِمَا بِهِ الْمُرْسلِينْ، فَقَالَ تَعَالَى(يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا)[المؤمنون:51]، وقال تعالى:(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)[البقرة:172]. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغَْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبَّ؛ ياَ رَبَّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغَذيَ باِلْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ؟»[رواه مسلم ].
الشرح:
هذا الحديث أيضا من الأحاديث التي قيل فيها: إنها أصل من أصول الدين، يعني أن كثيرا من الأحكام تدور عليها، وهذا الحديث فيه الأمر بالأكل من الطيّب، وأنه سمة المرسلين، وسمة المؤمنين بالمرسلين، وأثر ذلك الأكل الطيب من الحلال على عبادة المرء، وعلى دعائه، وعلى قَبول الله جل وعلا لعمله، فقال رحمه الله تعالى (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إِنَّ اللهَ طَيَّبٌ لََا يَقْبَلُ إِلاَّ طَيَّبًا».) وقوله (إِنَّ اللهَ طَيَّبٌ) يعني أنه جل وعلا منزَّه عن النقائص والعيوب، وأنه جل وعلا له أنواع الكمالات في القول والفعل، فكلامه جل وعلا أطيب الكلام، وأفعاله جل وعلا كلها أفعال خير وحكمة، والشر ليس إلى الله جل وعلا، فالله سبحانه طيب بما يرجع إلى ذاته، وإلى أسمائه، وإلى صفاته جل وعلا، ومن أوجه كونه طيبا أنه جل وعلا هو المستحق للعبادة وحده دونما سواه، وهو المستحق لأنْ يُسلم المرء وجهه وقلبه إليه سبحانه دونما سواه. ولكونه جل وعلا طيبا لا يقبل إلا طيب، فقال عليه الصلاة والسلام (إِنَّ اللهَ طَيَّبٌ لََا يَقْبَلُ إِلاَّ طَيَّبًا).
ومعنى قوله (لََا يَقْبَلُ) يعني لا يرضى، ولا يحب إلا الطيب، وأيضا يعني لا يثيب، ولا يأجر إلا على الطيب. فإنّ كلمة (لََا يَقْبَلُ) هذه في نظائرها مما جاء في السنة:
1. قد تتوجه إلى إبطال العمل.
2. وقد تتوجه إلى إبطال الثواب.
3. وقد تتوجه إلى إبطال الرضا بالعمل، وهو مستلزِم في الغالب لإبطال الثواب والأجر؛ يعني أن العمل قد يقع مُجْزئًا ولا يكون مقبولا، كما جاء في الحديث «لا يقبل الله صلاة عبد إذا أبق حتى يرجع». و«من أتى كاهنا أو عرافا لم تقبل له صلاة أربعين ليلة» وأشباه ذلك. فتقرر أن كلمة (لََا يَقْبَلُ) هذه تتجه إلى نفي أصل العمل، يعني إلى إبطاله، كما في قوله «لا يَقْبَلُ الله صَلاَةَ حائِضٍ إِلاّ بِالخِمارٍ»، «لاَ يَقْبَلُ الله صَلاَةَ أحَدِكُم إذَا أحْدَثَ حَتّى يَتَوَضّأَ»، هذه فيه إبطال العمل إلا بهذا الشرط، وقد تتجه إلى إبطال الرضا به، أو الثواب عليه، فهذه ثلاثة أقسام.
هنا (إِنَّ اللهَ طَيَّبٌ لََا يَقْبَلُ إِلاَّ طَيَّبًا) تحتمل بحسب العمل:
• أن يكون المنفي الإجزاء.
• أو أن يكون المنفي الأجر والثواب.
• أو أن يكون المنفي الرضا به والمحبة له، يعني لهذا العبد حين عمل هذا العمل.
فقال (لََا يَقْبَلُ إِلاَّ طَيَّبًا) يعني الذي يوصف بأنه مجزئ، وأنه مرضي عنه عند الله جل وعلا وأنه يثاب عليه العبد هو الطيب، وأما غير الطيب فليس كذلك، فقد يكون غير مرضي، أو غير مثاب عليه، وقد يكون غير مجزئ أصلا، بحسب تفاصيل ذلك في الفروع الفقهية. إذا تقرر هذا فقوله عليه الصلاة والسلام هنا (لََا يَقْبَلُ إِلاَّ طَيَّبًا) هذا فيه أنّ الله جل وعلا إنما يقبل الطيب على الحصر، والطيب جاءت النصوص ببيان أن الطيب يرجع إلى الأقوال، وإلى الأعمال، وإلى الاعتقادات، فحصل أن الله جل وعلا من آثار أنه طيب أنه لا يقبل من الأقوال إلا الطيب، ولا يقبل من الأعمال إلا الطيب، ولا يقبل من الاعتقادات إلا الطيب. ما هو القول الطيب، والعمل الطيب، والاعتقاد الطيب؟ فسّرْنا الطيب أولا بأنه هو المبرأ من النقائص والعيوب، وكذلك القول والعمل والاعتقاد هو المبرأ من النقص والعيب، يعني الذي صار بريئا من خلاف الشريعة. فالطيب هو الذي وُوفِقَ فيه الشرع، فالقول والطيب هو الذي كان على منهاج الشريعة، والعمل الطيب هو الذي كان على منهاج المصطفى صلى الله عليه وسلم، والاعتقاد الطيب ما كان عليه الدليل من الكتاب ومن السنة، فهذا هو الطيب من الأقوال والأعمال والاعتقادات. وإذا صار قول المرء طيبا فإنه لا يكون خبيثا، والخبيث لا يستوي والطيب، كما في آية المائدة(قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ[المائدة:100]، وكذلك في الأعمال والاعتقادات، فنتج من ذلك أن العبد إذا تحقق بالطِيبِ في قوله وعمله واعتقاده صار طيبا في ذاته، والطيب له دار الطيبين، كما قال جل وعلا(الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ)[النحل:32]، ومن صار عنده خبث في بدنه وروحه، نتيجة لخبث قوله، أو خبث عمله، أو خبث اعتقاد، ولم يغفر الله جل وعلا له، فإنه يُطَهَّر بالنار حتى يدخل الجنة طيبا؛ لأن الجنة طيبة لا يصلح لها إلا الطيب. وهذا في الحقيقة فيه تحذير شديد، ووعيد وتخويف من كل قول أو عمل أو اعتقاد خبيث، يعني لم يكن على وَفْقِ الشريعة، فالطيب هو المبرأ من النقص، وأعظم النقص في العمل، أو من أعظم ما ينقص العمل أن يتوجه به إلى غير الله جل وعلا، وأن تُقْصَد به الدنيا.
فتَحَصَّل هنا أن قوله (إِنَّ اللهَ طَيَّبٌ لََا يَقْبَلُ إِلاَّ طَيَّبًا) يعني لا يقبل من العمل والقول والاعتقاد إلا ما كان على وفق الشريعة، وأُرِيدَ به وجهه جل وعلا، هذا حاصل تعريف الطيب؛ لأن العلماء نظروا في كلمة (طيب) في وصف الله جل وعلا وفيما ما يقابلها، وتنوعت أقوالهم، والذي يحقق المقام هو ما ذكرته لك.
قال عليه الصلاة والسلام «وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين» المرسلون أُمِرُوا، وأتباع المرسلين الذين هم المؤمنون أُمروا أيضا بما أُمر به المرسلون، فقال جل وعلا في قوله(يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا)[المؤمنون:51]في آية المؤمنون، وقال جل وعلا في وصف المؤمنين، أو في أمره للمؤمنين في آية البقرة(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)[البقرة:172] فأمر المؤمنين بأن يأكلوا من الطيبات، وأمر المرسلين بأن يأكلوا من الطيبات، وأمر الجميع بأن يعملوا صالحا، وهذا يدل على أثر أكل الطيبات في العمل الصالح؛ لأن الاقتران في قوله(يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا)[المؤمنون:51] لأن الاقتران يدل على أن بينهما صلة، والصلة ما بين أكل الطيب والعمل الصالح هي تأثير الأكل الطيب في العمل الصالح، ولهذا قال كثير من أهل العلم: إن العمل لا يكون صالحا حتى يكون من مال طيب.
فالصلاة لا تكون صلاة صالحة مقبولة حتى يكون فيها الطيب من الأقوال، ويكون لباس المرء طيبا، ويكون تخلَّص من الخبيث من النجاسات وغيرها، إلى آخر ذلك. والزكاة لا تكون مقبولة حتى تكون طيبة، بأن تكون عن نفس طيبة، وألا يراد بها رياء ولا سمعة إلى آخر ذلك. والحج كذلك؛ فمن حج من مال حرام لم يُقْبَل حجه؛ لأن الله جل وعلا لا يقبل إلا الطيب.
ثم ذكر عليه الصلاة والسلام مثالا من أمثلة تأثير الأكل الطيب في بعض الأعمال الصالحة، وأثر أكل الحرام في بعض الأعمال الصالحة، فقال أبو هريرة عليه الرضوان (ثُمَّ ذَكَرَ -يعني النبي عليه الصلاة والسلام- الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغَْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبَّ؛ ياَ رَبَّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذيَ باِلْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لذلك). قال: (ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغَْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ) ذكر هذه الصفات؛ لأن هذه الصفات مظنة الإجابة؛ فالسفر من أسباب إجابة الدعاء، قد جاء في الحديث الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة يستجاب لهم» وذكر منهم المسافر، فالسفر من أسباب الإجابة، وهذا قد تعرَّض لسبب من أسباب الإجابة وهو السفر، ووصفه بقوله (يُطِيلُ السَّفَرَ) وإطالة السفر تعطي كثيرا من الاغتراب، وفيه انكسار النفس، وحاجة النفس إلى الله جل وعلا إذا كان السفر للحاجة، قد يطيل السفر، يعني من حاجته يحتاج إلى السفر في معيشته، يحتاج إلى السفر في أموره، وإلا فإن المرء لا يختار إطالة السفر إلا لحاجة.
قال (يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغَْبَرَ) وهاتان الصفتان تدلان على ذِلّته، وعلى استكانته، وهذه يحبها الله جل وعلا، وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لبس شيئا خَلِقًا، ولم يتزين، وإنما صار أشعث، ثم توجه في خلوة، ودعا الله جل وعلا وقال إنه أقرب للإجابة؛ لما في هذه الصفة من انتفاء الكبر، وقرب التذلل والاستكانة، وهذه يكون معها الاضطرار والرغب، وعدم الاستغناء. فذكر عليه الصلاة والسلام هذه الصفة، فقال (أَشْعَثَ أَغَْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ) وهذه الصفة أيضا ثالثة، في أنه يمد يديه إلى السماء في رغب أن يكون أتى بما يُجَابُ معه دعاء، ورفع اليدين في الدعاء سنة، كما سيأتي بيان بعض ذلك. يقول (يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبْ؛ ياَ رَبْ) وذكره هنا (ياَ رَبَّ) مكررة، ويجوز أن تقول: ياَ رَبَّ على حذف الياء، أو يا ربُّ على القطع، في تكريرها ذكر لصفة الربوبية، ومعلوم أن إجابة الدعاء من آثار ربوبية الله جل وعلا على خلقه، ولهذا لم تكن إجابة الدعاء للمؤمن دون الكافر، بل قد يجاب للكافر، ويجاب للمارد، وقد أجيب لإبليس؛ وذلك لأن إجابة الدعاء من آثار الربوبية، كرزق الله جل وعلا لعباده، وكإعطائه لهم، وكإصحاحه إياهم، وإمدادهم بالمطر، وأشباه ذلك مما قد يحتاجون إليه، فقد يدعو النصراني ويستجاب له، وقد يدعو المشرك ويستجاب له، إلى آخر ذلك، وتكون هنا الاستجابة لا لأنه متأهل لها؛ ولكن لأنه قام بقلبه الاضطرار والاحتياج لربه جل وعلا، والربوبية عامة للمؤمن وللكافر.
ذكر هنا (يَا رَبَّ؛ ياَ رَبَّ) وهذا من آداب الدعاء العام كما سيأتي، وذكر هذا بلفظ الربوبية أيضا من أسباب إجابة الدعاء. قال في وصف حاله مع أنه تعرض لهذه الأنواع مما يجاب معه الدعاء قال في وصف حاله (وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ) بالتخفيف، فغلط من يقولها بالتشديد غُذِّيَ، لا، هي غُذِيَ من الغذاء، (غَذِيَ باِلْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لذلك)، يعني فبعيد ويتعجب أن يستجاب لذلك وهو على هذه الحال، فمن كان ذا مطعم حرام، وذا مشرب حرام، وذا ملبس حرام، وغذي بالحرام، فهذه يستبعد أن يستجاب له، وقد جاء في معجم الطبرانى بإسناد ضعيف: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال له سعد بن أبي وقاص: يا رسول الله، اُدع الله لى أن أكون مجاب الدعاء. فقال «يا سعد، أَطِبْ مطعمك تكن مستجاب الدعوة»، وهذا في معنى هذا الحديث، فإن إطابة المطعم من أسباب الإجابة، فهذا تعرض لأنواع كثيرة من أسباب الإجابة، ولكنه لم يأكل طيبا؛ بل أكل حراما، فمُنِعَ الإجابة، واستُغْرِب أن يجاب له.
وقد جاء أيضا في بعض الآثار الإلهية أن موسى عليه السلام طلب من ربه أن يجيب لقومه دعاءهم، فقال: يا موسى، إنهم يرفعون أيديهم، وقد سفكوا بها الدم الحرام، وأكلوا بها الحرام، واستعملوها في حرام، فكيف يجابون؟
وهذا لا شك أنه مما يخيف المؤمن؛ لأن حاجته للدعاء أعظم حاجة، فدل هذا على أنّ إطابة المطعم من أعظم أسباب إجابة الدعاء، وأنه إذا تخلف هذا السبب ولو وُجدت الأسباب الأخر فإنها لا تجاب الدعوة غالبا لقوله (فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لذلك). هذا الحديث دَلَّنَا في آخره على آداب من آداب الدعاء، فذكر منها السفر يعني من أسباب إجابة الدعاء، فالسفر يُتَحَرَّى فيه الدعاء، والإتيان للدعاء بتذلل واستكانة في الظاهر والباطن، هذا أيضا من أسباب إجابة الدعاء، ورفع اليدين إلى السماء في الدعاء، هذا أيضا من أسباب إجابة الدعاء، ورفع اليدين إلى السماء له ثلاث صفات في ثلاثة أحوال دلت عليها السنة:
أما الأول: فهو بالنسبة للخطيب القائم، فإنه إذا دعا يشير بإصبعه فقط، بإصبعه السبابة، وهذا دليل دعائه وتوحيده، ولا يُشْرع له أن يرفع يديه إذا خطب قائما على المنبر أو على غيره، إلا إذا استسقى، فإنه يرفع يديه، ويرفع الناس معه أيديهم، كما جاء في حديث أنس وغيره في البخاري والنسائى وغيرهما، هذه الحالة الأولى، رفع اليدين بالاكتفاء برفع الإصبع.
والثاني: أن يرفع يديه إلى السماء رفعا شديدا، بحيث يُرَى بياض الإبطين، يعني شديد جدا هكذا، وهذا إنما يكون في الاستسقاء، وفي الأمر الذي يصيب المرء معه كرب شديد، بما فيه استجارة عظيمة، وكرب شديد، فهذا يرفع يديه إلى السماء بشدة، وهذه لها صفتان: إما أن تكون اليدان بَطْنُهما إلى السماء، وإما أن تكون اليدان ظهرهما إلى السماء، ورد هذا عن النبي عليه الصلاة والسلام، وورد هذا، وتفاصيل هذا يعني تحتاج إلى وقت.
الثالث: أن يرفع يديه مبسوطة الكفين إلى الصدر، يعني إلى موازاة ثديي الرجل والمرء، وهذا هو أغلب دعاء النبي عليه الصلاة والسلام، بل كان دعاؤه في عرفه هكذا؛ يرفع يديه إلى الثديين، ويمدهما كهيئة المستطعم، لا يجعلهما إلى الوجه هكذا، ولا بعيدة عنه بحيث ما تكون إلى الثديين، بل يبسطها كهيئة المستطعم المسكين، يعني: كهيئة المسكين الذي يريد أن يُعْطَى شيئا في يديه.
وقد ثبت بالسنن من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله حَييٌّ كريم، يستحيي من عبده أن يمد إليه يديه، يطلب فيها خيرا، فيرُدَّهما صفرا خائبتين»، وهذا من أعظم الآداب.
فإذن نخلص من ذلك إلى أن آداب الدعاء كثيرة، وهذا مثل قاله عليه الصلاة والسلام يعني مثل أثر الحلال الطيب في العبادة ذكر الدعاء، كذلك له أثر في الصلاة،، له أثر في العبادات، في الذكر، إلى آخره. فالله جل وعلا لا يقبل إلا طيبا، فمن أكل حراما فيتحرك بجسده في حرام، فقد تجزؤه صلاته، لكن لا يكون بتحركه في بدنه بحرام مرضيا عند الله جل وعلا، ولو كانت صلاته خاشعة؛ بل أعظم ما يُبَرّ به البدن أن يكون البدن طيبا بالأكل، فلا يأكل إلا ما يعلم أنه حلال، بما يعلم أنه طيب، فهذا له أثر في رضا الله جل وعلا عن العبد، وقبوله لصلاته وصيامه، وقبوله لأعماله كلها.
قوله في آخره (فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لذلك) يعني عجيب وبعيد أن يستجاب له، وقد يستجاب له، قد يستجاب له لعارض آخر، صادفه اضطرار، وشدة إلحاح، وحاجة ماسة، فهذه يُعْطَى معها حتى الكافر(فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)[العنكبوت:65]، المشرك قد يستجاب له، وكذلك المؤمن العاصي الذي أكل الحرام قد يستجاب له، لكن في حالات قليلة، وذلك إذا كان معها حالة اضطرار، أو شفع له غيره، وكان مع مُجاب الدعوة فأَمَّنَ عليه، أو ما شابه ذلك من الاستثناءات التي ذكرها أهل العلم.

اللهم إنفعنا بما علّمتنا وعلمنا ما ينفعنا آمـــــين
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية مُسلِمة
مُسلِمة
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 04-09-2012
  • المشاركات : 4,418
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • مُسلِمة has a spectacular aura aboutمُسلِمة has a spectacular aura about
الصورة الرمزية مُسلِمة
مُسلِمة
شروقي
رد: شرح حديث "إن الله طيّب..." ح10/40
14-05-2014, 08:38 PM
السلام عليكم

بارك الله فيك و أثابك على الجهد المبدول

أسجل متابعتي لشرح أحاديث الأربعون النووية وفقكم الله لإكمال نقلها

من الفوائد المستخلصة من الحديث :

1 ــ من أسماء الله الطيِّب ومعناه المنزه عن النقائص وأن من صفاته الطيب لأن أسماء الله كلها مشتقة وتدل على صفات مشتقة منها

2 ــ على المسلم أن يأتي بالطيب من الأعمال والمكاسب

3 ــ الصدقة لا تقبل إلا من مال حلال وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول" رواه مسلم

4 ــ تفضل الله على عباده بالنعم وأمرهم بأن يأكلوا من الطيبات

5 ــ أكل الحرام من أسباب عدم قبول الدعاء

6 ــ أمن أسباب قبول الدعاء السفر وكون الداعي أشعث أغبر

7 ــ من أسباب قبوله أيضا رفع اليدين بالدعاء

8 ــ من أسبابه أيضا التوسل بالأسماء

9 ــ من أسبابه الإلحاح على الله فيه

  • ملف العضو
  • معلومات
أم زيد
مشرفة شرفية
  • تاريخ التسجيل : 09-06-2009
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 5,673
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • أم زيد is a jewel in the roughأم زيد is a jewel in the roughأم زيد is a jewel in the rough
أم زيد
مشرفة شرفية
رد: شرح حديث "إن الله طيّب..." ح10/40
14-05-2014, 10:06 PM
بارك الله فيك يا أبشر

و لكن

حاول التلخيص لتفيد بمواضيعك أكثر

و إن كان الموضوع كبيرا فاكتبه في 3 مشاركات أو أكثر.


عندما أرى حسرة أطفال مالي و حرائر سوريا في شوارعنا

أشكر الله ألف مرة على نعمة الأمن و الأمان في بلدي

اللهم أدمها نعمة و امنعها من الزّوال.
  • ملف العضو
  • معلومات
abchir
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 19-02-2014
  • المشاركات : 1,075
  • معدل تقييم المستوى :

    12

  • abchir is on a distinguished road
abchir
عضو متميز
رد: شرح حديث "إن الله طيّب..." ح10/40
15-05-2014, 06:36 PM
السلام عليكم
بارك الله فيك أم زيد على الإطلاع والتنبيه والله فرحت كثيرا به ،بيني وبينك أنا جديد في هذا المجال(أقصد المنتديات) لهذا تريني غير منتبه لكثير من الأبجديات لهذا هكذا تنبيهات لأخوكم فيها الفائدة والبركة، أما مسألة الأختصار فإني أحاول نقل ما كان بسيط ولكن بيني وبينكم الشيخ إبن عثيمين ـ رحمه الله ـ مبدع في هذا المجال(الشروحات) فتجدني وأنا أقرأ محاولا الإختصار أنقل مجمل الكلام فمعذرة.يبقى أني أحاول في قادم المشاركات تقسيم الوحدات.
فشكرا مرة أخرى
لو كنت أعرف فوق الشكر منزلة * * * أعلى من الشكر عند الله في الثمنِ
إذن منحتُكَهـا منـي مهـذبـة * * * حذوا على حذو ما أوليت مِن مِنَنِ
  • ملف العضو
  • معلومات
abchir
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 19-02-2014
  • المشاركات : 1,075
  • معدل تقييم المستوى :

    12

  • abchir is on a distinguished road
abchir
عضو متميز
رد: شرح حديث "إن الله طيّب..." ح10/40
15-05-2014, 06:49 PM
الشكر موصول أيضا للأخت مسلمة على المتابعة والإضافة ،بارك الله فيك وزادنا وإياكي حرصا وفقها في الدين ،وللفائدة أنقل أيضا 4 فوائد من جملة فوائد ذكرها الشيخ العثيمين تعقيبا على الحديث:

.1 أن المؤمنين مأمورون منهيون لقوله: "وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرسَلِينَ" وكلما كان الإنسان أقوى إيماناً كان أكثر امتثالاً لأمر الله عزّ وجل، وإذا رأيت من نفسك هبوطاً في امتثال الأوامر فاتّهمها بنقص الإيمان وصحح الوضع قبل أن يستشري هذا المرض فتعجز عن الاستقامة فيما بعد.
.2 استعمال ما يشجع على العمل، وجهه: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله أَمَرَ المُؤمنينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرسَلِيْنَ" فإذا علم المؤمن أن هذا من مأمورات المرسلين فإنه يتقوَّى ويتشجّع على الامتثال.
.3 الأمر بالأكل من الطيبات للمؤمنين والمرسلين.
ويتفرّع على هذا فائدة: ذم من امتنع عن الطيبات بدون سبب شرعي، فلو أن إنساناً بعد أن منَّ الله على الأمة بالغنى وأنواع الثمار والفواكه قال: أنا لن آكل هذه تورّعاً لا لعدم الرّغبة، فإنه قد أخطأ وعمله خلاف عمل السلف الصالح، لأن السلف الصالح لما فتحوا البلاد صاروا يأكلون ويشربون أكلاً وشرباً لايعرفونه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن امتنع عن الطيبات بغير سبب شرعي فهو مذموم رادٌّ لمنّة الله عزّ وجل عليه، ومن المعلوم بالعقل أن ردّ منّة ذي المنّة إساءة أدب، فلو أن رجلاً من الكرماء أهدى إليك هدية ورددتها فإن هذا يعتبر سوء خلق وأدب، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرد الهدية ، ولو كانت الهدية شيئاً قليلاً فإنه يقبلها ويثيب عليها.
والخلاصة: أن الامتناع عن الطيّبات لغير سبب شرعي مذموم.
.4أنه يجب شكر نعمة الله عزّ وجل بالعمل الصالح لقوله تعالى: ( كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً)(المؤمنون: الآية51) وفي المؤمنين قال: ( كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّه)(البقرة: الآية172)
ويتفرّع من الجمع بين الآيتين: أن الشكر هو العمل الصالح،لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمِنِيْنَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ" والذي أمر به المرسلين شيئان:
الأول: الأكل من الطيبات .
والثاني: العمل الصالح.
فليس كل من قال: الشكر لله، والحمد لله يكون شاكراً حتى يعمل صالحاً، ولهذا قال بعض الفقهاء: الشكر طاعة المنعم، أي القيام بطاعته، وهذا معنى قوله (وَاعْمَلُوا صَالِحاً ) المؤمنون 51)
والله الموفق
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية رحيل
رحيل
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 26-12-2006
  • الدولة : الجزائر...
  • المشاركات : 6,888

  • اجمل صورة وسام التحرير 

  • معدل تقييم المستوى :

    25

  • رحيل will become famous soon enoughرحيل will become famous soon enough
الصورة الرمزية رحيل
رحيل
شروقي
رد: شرح حديث "إن الله طيّب..." ح10/40
15-05-2014, 07:11 PM
السلام ليكم

بارك الله فيك اخي
في المتابعة ان شاء الله


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مُسلِمة مشاهدة المشاركة

1 ــ من أسماء الله الطيِّب ومعناه المنزه عن النقائص وأن من صفاته الطيب لأن أسماء الله كلها مشتقة وتدل على صفات مشتقة منها

بوركت على الاضافة اختي مسلمة
ذكرتني بالاستاذ قسورة الابراهيمي فقد درا بيني وبينه نقاش حول "الطيب" ان كان اسما من اسماء الله الحسنى ام لا
اسال الله في هذا المقام ان يشفيه و يعافيه و يرده الى بيته الازرق سالما معافى

سنلتقي يوم الحساب يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم

  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية LILI.nas
LILI.nas
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 06-06-2012
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 3,555
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • LILI.nas will become famous soon enough
الصورة الرمزية LILI.nas
LILI.nas
شروقي
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 05:26 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى