تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > منتدى القرآن الكريم

> رسائل الأنس مع القرآن الكريم ـ مع سورة الإسراء بقلم المختار العروسي البوعبدلي

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
المختار العروسي
عضو جديد
  • تاريخ التسجيل : 02-05-2008
  • المشاركات : 3
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • المختار العروسي is on a distinguished road
المختار العروسي
عضو جديد
رسائل الأنس مع القرآن الكريم ـ مع سورة الإسراء بقلم المختار العروسي البوعبدلي
21-05-2008, 06:28 PM
هذه التأملات كانت عبارة عن جلسات إيمانية منزلية مع بعض الإخوة الكرام ويطيب لنا أن تشاركونا فيها لعل الله يوفقنا إلى ما يحب ويرضى.
بقلم العروسي المختار البوعبدلي

سورة الإسراء
بـــــــــسم الله الرحمن الرحيم
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)
في هذه السورة بدأ الله عز وجل بتنزيه نفسه عن النقص وتبرئتها منه، إثباتا لأسمائه وصفاته، وتتضمن الأمر لنا بالتسبيح أي تنزيهه عز وجل عما يقول به المشركون من إنكار الإسراء والمعراج وغيره مما أنكروه من الرسالة الإسلامية، ليكون لنا فيه التصديق المطلق بأنه القوي الشديد له الأسماء الحسنى، إذ أن أمر الله عز وجل بالتسبيح في كتابه تعليم وتربية وتهذيب وتأديب، تبيينا لكيفية بناء علاقتنا به تعالى من خلال تصديقنا بما يخرج عن قدرتنا العقلية العملية إلى إعجازه الجازم بقدرته وعلمه، وبالأحرى أسمائه وصفاته المطلقة فسبحان الله عما يصفون. وذلك لما كان من الدليل الوصفي الصادق المصاحب للرؤية العينية اليقينية من رسوله صلى الله عليه وسلم، كما أن هذه الآية فيها إشارة إلى أن التسبيح اليقيني لا يتحقق إلا بإتيان العبادة على أكمل وجه كما جاءت في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لأن التسبيح لا يكون إلاّ لله وحده لا شريك له قولا، ولا يتم ذلك إلاّ بإتيان الأمر والابتعاد عن النهي.
ومن هذا فإن التسبيح إنما يكون من معرفة وعلم بقدرة الخالق وإرادته وعلمه وقوته أي الإيمان بأسمائه وصفاته.
ومما كان أثناء الإسراء و المعراج أن فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبرد، بمعنى تعطل القوانين الزمنية " الوقت الطبيعي" فهو سبحانه الأول والآخر، ومن هذا نقرأ إن ما يمضي من عمر الإنسان يقاس بما قدمه من عمل، ليتم العدل الإلهي الجزاء من جنس العمل، ورحمة الله سبقت كل شيء، وأما المكان فدلالة على الوجود وكل موجود له واجد والخلق كله لله تعالى لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا فهذه صورة إيمانية بما يكون من الجزاء في اليوم الآخر بأن الله تعالى يعوض المكان الدنيوي بمكان ينعدم الزمن فيه بسيادة الحق وفناء الباطل، ويكون فيها كمال العبودية لله وحده لا شريك له. ثم إن الله سبحانه وتعالى يكشف لنا غيب الماضي من تاريخ البشر وما كان من تعاملهم وتفاعلهم مع رسالات الله تعالى وأنبيائه، ليبين منها حقيقة حركة التاريخ وبأن العمل فردي والأثر جماعي، وكيف أن الخروج عن سنن الفطرة لتحقيق عملية الاستخلاف في البناء الحضاري المؤسس على التكوين الأخلاقي الفاضل الصالح، هذا الخروج عن الفطرة يؤدي إلى اندثار واضمحلال وضعف ولا يكون الزوال لها فيما تعلق بالأمر والنهي. بمعنى استمرار الصراع بين الحق و الباطل وفق مبدأ الغلبة. وهذه داخلة في قضايا التغيير و التغير.
وقوله تعالى:{ وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي ‎وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8)} يبين بعض ما كان من سنن حركة التاريخ حسب القيم المتواجدة في إطار العلاقات الدولية، الحاصلة من علاقات المجتمعات والشعوب المعمول بها فيما كان من عقائد وتنظيمات سياسية واقتصادية و.....، مع أن الأصل في الصراع ما كان من الصراع العقائدي، وهذا ما يبرز سنة من سنن الله تعالى ألا وهي سنة التدافع. فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) البقرة ، وهذا فيه إشارة إلى أن الحق باق إلى يوم الدين وإن مرّ بوقت ضعف، وبقائه ولو على مستوى الأفراد، ثم إن الله تعالى يبين حقيقة بل بالأحرى عناصر القوة والتي كانت في العامل الاقتصادي، الذي يعبر عن التجهيز الحياتي في جميع المجالات والميادين وعلى كل المستويات وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ ، والعامل التكويني في البناء القوي للشخصية العامة المتميزة بروح الممانعة والمقاومة والثبات على الفكرة والسعي لتبليغها وسيادتها، وهذا لا يتم إلا عن طريق أولا:التربية، ثانيا: الإعلام وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا ، ثم إن هذا لا يتم إلا بأهم عنصر وعامل ومحور ألا وهو العلم بشقيه الديني والمادي. وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا قوة علمية فقوة اقتصادية فقوة عسكرية.وكل شيء مرده إلى الله تعالى. .../... يتبع
  • ملف العضو
  • معلومات
المختار العروسي
عضو جديد
  • تاريخ التسجيل : 02-05-2008
  • المشاركات : 3
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • المختار العروسي is on a distinguished road
المختار العروسي
عضو جديد
رد: رسائل الأنس مع القرآن الكريم ـ مع سورة الإسراء بقلم المختار العروسي البوعبدل
21-05-2008, 06:31 PM
.../... تابع رسائل الأنس ـ مع سورة الإسراء ـ

إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10) وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12) وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15) وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17) مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19) كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21) وفي هذا يأتي الاستثناء في أن آخر الرسالات باقية ببقاء الحياة الدنيا، و التي تحمل الحرية في الاعتقاد من غير إكراه ولا قهر مع بيان أنها الأقوم، و الأقوم لما فيه من مجموع القوانين الضابطة والمنظمة للمعاملات والعلاقات بالنفس بالآخر بالله، بمعنى إثبات أن القرآن الكريم يعبر عن الكمال في ما يبينه و يضبطه من العبادات والمعاملات على المستوى الفردي والجماعي، ومن هذا نخلص إلى أن الله تعالى سخر كل خلقه لخدمة الإنسان وحتى إبليس الذي كان ولا يزال عدوا لبني آدم، إذ في خلق الله لإبليس تعبير عن التسخير حيث أنه لا يعرف الشيء إلا بنقيضه، فلن نعرف الحق إلا بوجود الباطل، ليحاججنا به من كتابه المفتوح وكذا المقروء، في إطار البلاغ والبيان ببعثته الأنبياء والرسل من إعجاز يخرق القوانين والنواميس الكونية أو يعطلها مؤقتا أو إعجاز كاشف لها أي للقوانين والنواميس الكونية الضابطة لحركته، وجعل الخروج عنها يكون منه العقاب السماوي ، ثم بين أن العقاب السماوي انتهى مع آخر الرسالات ويبقى العقاب السماوي بحيث أنه لا يخرج عن طبيعة القوانين الخلقية كما بينا ذلك في الرسالة 01 من رسائل الأنس في القرآن.
والذي نريد أن نصل إليه ما هي طبيعة العقاب في هذه الآيات؟ وكأن فيها إشارة إلى أن العقاب يحل على المستوى الداخلي وفق ما كان من حاصل عمل إذ أنه خرج عن الحق. ونؤكد على قولنا العقاب يكون من الداخل وفيه، وفق قوانين حركة المجتمع، وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17) الهلاك بإرادة الله و مشيئته، و الهلاك عقاب و أنواعه مختلفة وبأساليب وطرق متعددة، ومن أساليبه وطرقه شيوع الترف والذي يحصل منه الفسق فما الترف؟ وما نتيجته و الحاصل منه المتمثل في الفسق .؟ الترف والفسق يمثلان شقي الفساد بمعنى أن الترف هو الشق النظري له والفسق هو الشق التطبيقي له وبالمعنى الأدق الفسق أحد مظاهر الفساد، فالترف في القرآن الكريم وفي ما جاء في آياته متعلق بالجانب الإيماني وما كان من المترفين في إنكارهم لحقيقة التوحيد المبينة في مجموع الرسائل والنبوءات، الموجهة للعقل البشري حتى يتم إدراكها واعتقادها والعمل بها، فكان إنكارهم لها حاصل من جهل بالحق أو عناد أو كبر أو غرور وهذا غالبا ما يكون من ذلك الفهم في تسخير القوانين المادية و التحكم في الترتيب حتى يتم التركيب وفق تقنيات ومعادلات من إنتاج عقلي في التعامل مع قوانين الأشياء، فيصير بذلك ما كان من تحصيل للعلم المادي مبعث لإلغاء صفة الخلق عن الخالق "وسبحان الله عما يصفون" ويكون العلم المادي هو السبيل لذلك والعلم ظنا منهم فانٍ بفناء الإنسان فلا يكون منه الجزاء والعقاب،وذلك من توهم التحكم فيه أي العلم، وما تحكمتَ في قوانينه يسهل الإحاطة به أو التخلص منه، ومن هذا كله يصير الإنسان متفرغ لتحقيق الهوى وما يملي عليه الشيطان من إفساد. ثم إنه يكون من الترف التسلط وفرض القناعات وفق الدليل المادي الباطل على أساس الإيمان بالموجود ظنا منهم أن الواجد فانٍ بفناء الموجود كما ذكرنا، وقد يكون بالإكراه والقهر كما كان من عمل محاكم التفتيش. فالترف يكون من كثرة المال أو البنين أو قوة العلم أو السلطة أو كلها معا، أي التعامل مع الموجود الظاهر، بمعنى طغيان متاع الدنيا على التعامل والتفاعل مع الغير، ليكون منه القدرة على التأثير، ثم بهذا قد يكون حاصله فسق والفسق غالبا ما يكون من إشاعة الفساد. ـ ومن قمة العدل الإلهي أن جعل الأصل في المعصية الستر والأصل في المجاهرة بها إقامة الحد" وتوفر عدد الشهود في إقامة الحد دليل على المجاهرة بها"، والاعتراف بها توبة ـ . ثم إن الله تعالى يبين حقيقة الدنيا وما فيها وما حفت به سبيل الحق وكذا سبيل الباطل وذلك من قوله تعالى:{ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)} الحديد، و قال تعالى: { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) } آل عمران
فالآية 20 من سورة الحديد جاءت في حقيقة الحياة الدنيا واصفة إياها وصفا دقيقا واضحا و قد ورد فيها خمس منها، وقبل ذكر الخمسة أوصاف نعرج للتعريف بالحياة، ثم الحياة الدنيا.
فالحياة: نقيض الموت و الفناء و تأخذ معنى البقاء و التملك للأشياء لتحسين الحال. و بحث و إقبال من عجل حثيث و إسراع في الطلب للسكون و الراحة.
و الحياة الدنيا: القربة من علم و معرفة الإنسان بها إذ يتشكل إدراكا يقينيا بها لحصول حالها و تأخذ الحياة الدنيا معان مترابطة إذ فيها الضيق الحاصل من قِصر في العقل و القدرة و الاستطاعة .فهي ملازمة للإنسان لقربها الفطري منه، و منها و فيها يكون الحال.
و أول الوصف أنها لعب: الأصل فيه القصد الخطأ من إقامة الفعل مع خلوه من الجد.وهذا يتطابق مع ما يميل إليه الإنسان بما يوافق خدمة البدن لتحقيق المطالب الغريزية، ويلغى بذلك خطاب الفطرة للعقل، وهذا الغياب لتفعيل العمل العقلي الذي من المفروض أن يتم به الإدراك اليقيني لخطاب الشارع الحكيم، يوصل صاحبه إلى الحيوانية فالعبثية ثم إلى العدمية.
واللهو: إعجاب بالشيء من أنس نفسي فتقرب بتبرير عقلي فاشتغال وجداني عملي فنسيان الحق و منه الغفلة عنه و منها الترك له و يترتب منه الخطأ و تراكم الخطأ يترسب منه سلا للعقل لرضا عنها، و إلتهاء به ليكون منه نزاع مع الحق بغير حق
و الزينة: ما يُظهر الحسن و الجمال من رؤية البصر، أو البصيرة أو معا، فهو انعكاس من حالين
ـ الأول: ما هو حسن جميل لذاته و هذا متفق عليه بإجماع الإنسان

.../... يتبع
  • ملف العضو
  • معلومات
المختار العروسي
عضو جديد
  • تاريخ التسجيل : 02-05-2008
  • المشاركات : 3
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • المختار العروسي is on a distinguished road
المختار العروسي
عضو جديد
رد: رسائل الأنس مع القرآن الكريم ـ مع سورة الإسراء بقلم المختار العروسي البوعبدل
21-05-2008, 06:34 PM
.../... تابع رسائل الأنس ـ مع سورة الإسراء ـ


ـ الثاني: ما نراه في مظهره حسن جميل من ذوق فردي نابع من نظرة خاصة من معرفتنا للحُسن و الجمال .
و في الموضع من الآية ما يراه الإنسان من حسن و جمال حسب ذوقه الفردي.
و الحسن و الجمال محلا إغراء ،فإن طاوع الإنسان لهما نفسه ذهب مذهب الخسران، و إن ألزم نفسه الشرع فاتبع زينة الحياة الدنيا بما أراده الله له فقد فاز فوزا عظيما بإذن الله.
والتفاخر: سلوك يعبر عما انعكس في النفس من صور إبراز مواطن القوة و الجمال من مال و جاه و..........، و منه التباهي .
التكاثر: ويكون من تنافس حول الزيادة و النماء في الماديات و المعنويات. و منها المال و الولد و الجاه و العز .........، من دافع التباهي به و التباري فيه.
ففي الآية تحذير رباني إلاهي من تعريفه الوصفي للحياة الدنيا بنوعيها
الأول: ما ذكرناه من خمس صفات.
الثاني: ما كان من إتيان الشرع الكامل بتفصيله و ترتيبه للقيم الإيمانية والأخلاقية الصالحة و العملية، في العبادات و المعاملات و غيرهما من المقاصد.
فهذه الآية دالة على وجوب الانتهاء عما نهى عنه الله و الائتمار بما أمر على مستوى الوسيلة و الطريقة والنهج من غير تغيير و لا تحريف و لا خروج عن القواعد العامة الشاملة له.
و قول الله في الآية 14 من آل عمران فإنما مورس التزيين على جزء من الدنيا بأمر الله على ما زينه، فالزينة مرتبطة بالأشياء المقصودة من الآية و للبشر أصوله الخلقية الإنسانية من فصل و تمييز وفق الضوابط و المقاييس الشرعية، ليتبين له ما يريد إتيانه، فالإنسان لم يجبر على إتيان الشهوات فعلا إنما كان له حبها و هذا شعور يمكن توجيهه إلى البدائل التي أحلها خالق الخلق و على هذا كله، الحياة الدنيا ، إنما أن تكون وسيلة مضبوطة بما شرعه الله لنيل رضاه من غير إفراط و لا تفريط، و الدنيا متاع للآخرة أي كما لنا من متاع الدنيا من دينار أو درهم فهي و كأنها تمثل من المقدار، إن عمل فيها للحق بالحق، و اليقين بأن الدنيا بما فيها هي أقل بكثير من موضع السوط في الجنة.
ونرجع إلى موضوعنا لنقول إن إشاعة الفساد إن كانت من المترف في الحياة الدنيا أي الذي له القدرة على التأثير في غيره فهي هتك لكل القيم وتجاوز لكل الشرائع حيث أن الإنسان يشترك ويتفق على مجموع من القيم الأخلاقية الإنسانية لأنها من الفطرة كتحريم السرقة والزنا وو..... رغم اختلافنا في طبيعة و تفاصيل إقامة الحد إلا أننا نتفق في القيمة حسب المفهوم العام لها، ومن الآية السابقة قول الله تعالى :{ أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا} الفسق الصادر من المترف أي ممن القدرة له على التأثير في غيره، بالمال أو العلم أو السلطة أو..... وهذا ما يظهر لنا اليوم، من مظاهر الفسق الحاصل في بلادنا من كثرة الهرج والمرج فحق علينا القول من شتات وفرقة وسيطرة الأعداء علينا وعلى ثرواتنا، وذلك نتيجة إشاعة الفساد والمجاهرة به، وكلما كان الفسق مشاعا مجاهرا به فإن رسم خطوات التاريخ وفق الإستراتيجيات المستقبلية من صناعتنا للحدث على مستوى الأفراد أو الجماعات وحتى في بناء مؤسسات الدولة يكون عبثيا لطبيعة ما ساد من فساد في صناعة الحدث، و من هذا نأخذ هذه الجزء أي " صناعة الحدث " لنقول فيه.
إن صناعة الحدث في جانب منه تُعبر عن محاولة إنجاز ذلك البناء المتجانس للدولة، مما نراه واجبا علينا فهمه ليُراعى فيه، إذا اعتبرنا الدولة في جزء من تكوينها و بنائها العام هي:
01)النظام: الجهة الحاكمة، الفئة صاحبة القرار حسب مصادر التشريع المعمول بها.
02 )الدواوين: و هي الجهة الوسيطة في العمل بالقرارات و القوانين (الإدارة).
03)العامة: و هي الفئة الممثلة للشرائح المختلفة التي تنظمها و تضبط ممارستها القرارات و القوانين.
لندرك إنما قوة الدولة في استجابة العامة لما هو معمول به من القوانين و القرارات......... ....وغيرها، وفق استعداد الوسيطة في التنفيذ و التطبيق لها، أي أن الوسيطة إذا فقدت ذلك التجانس المتشابك الموجود بين المسؤولية القانونية و المسؤولية الأدبية، و التي تنعكس حتما على العامة إيجابا أو سلبا حسب مدى وعي العامة بالقوانين ........و قبولهم لها، و هنا مكمن الفساد و الضعف في الدولة الموجود في أوساط غالبية الفئة الوسيطة، إذ أننا عبر التاريخ بالنسبة للفئة الحاكمة ( المتمثلة في فئة النظام)، و في ما يخص استخراج، و توزيع و استهلاك الموارد بمجموعها، نجدها تعيش حياة الرفاهية، مع أن قراراتها و إجراءاتها قد تكون عادلة في ما يخص السلطة القضائية وذلك بالنسبة للقضايا في جانب المعاملات من حفظ للحقوق و الواجبات خاصة في أوساط الفئة العامة، أي أننا لو رجعنا إلى تاريخ بعض عناصر استمرار واستقرار الدول، لوجدناها قد اعتمدت حالين:
أولا: الأمن الغذائي بما يحمل من {المأكل، المشرب، المسكن، العمل، الصحة،الصناعة العلم ،.........}.
ثانيا: الاستقرار الأمني بما يحمل من{الحياة، الحرية، المحافظة على الممتلكات،..........}.
قال تعالى: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)} قريش.
فلا يكون الأمن الغذائي و الاستقرار الأمني إلا ّ بالعدل على المستوى الداخلي، الذي نقصد به العدل بين أفراد الفئة العامة، و أما الخارج فانشغالها بالمحافظة على مصالحها، أو زيادتها، وفق ما شرعته من قوانين، واعتمدته من تشريعات، فقوة الدولة تصنع بشرطين: العدل و الأخلاق، فإن غاب العدل غابت الأخلاق، ومنه غياب لمؤسسات الدولة ليكون حاصل الغياب فقدان القرار على المستويين الداخلي والخارجي، و تصير الفوضى المميز الأساسي للممارسة الواسعة عند كل الفئات، مع العلم أن الفئة الوسيطة هي التي تحدث التوازنات الكلية بين الفئة الحاكمة و الفئة العامة وفق التشريعات المعتمدة، ليكون لها دور تثبيت الأمن بشكليه، فنسأل أين مكامن الفساد الذي يؤدي إلى الهبوط.؟ إذ من هذا نستخلص أن مواضع الفساد إنما مصدرها الفئة الوسيطة، التي تشكل أهم عامل من عوامل القوة أو الضعف، و الضعف هو سقوط هياكل الدولة، و منه سيادة قوانين الفوضى .
و أما غياب الأخلاق عن الدولة فيؤدي إلى عدم التوازن داخل المجتمع، وذلك من حيث أنه يسود مبدأ الغلبة للأقوى في جانب تحصيل الثروة في أغلب الحالات، و هذا إنما حاصل من تغيير القوانين الوضعية وفق ما تقتضيه المصالح الدنيوية الوقتية، ـ نقصد بالمصالح الدنيوية الوقتية بمصالح الأفراد المتعلقة بتحصيل الثروة ممن يمثلون معالم التحكم في الاقتصاد، و مصالح الأفراد خاضعة إلى وقت محدود متعلق بوجود صاحب المصالح ـ، و من هذا تكون قيمة العدل خاضعة للمتغيرات من القوانين، مع العلم أن طبيعة الفرد انقيادية لما اختار فاتبع من قوانين، كما أن غياب الأخلاق عن الدولة بكل جهاتها وكل فئاتها يُوَرِّثُ إتباع مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، إذ يصير منه تفكير العامة وفق أهوائها، و هذا ما يُفْقِدُهَا المعرفة الْمُدرِكة لطبيعة ما شُرِّعَ من قوانين، ومنه يَنتجُ الخواء الروحي، الذي له انعكاسات كثيرة منها عدم الاستقرار النفسي العام ـ إن جاز التعبير ـ الذي يؤدي إلى التفكك والفرقة والتشتت ................و غيره، و يصير مبدأ الحفاظ على المصالح، يفرض عدم المساس بالمصالح المادية للآخر وذلك في غياب المسؤولية الأدبية، و بروز المسؤولية القانونية فقط أي الخوف من الجزاء الحاصل من تجاوز القانون الدنيوي العقلي المبني على المصلحة المادية البحتة، و هذا من العدل إلا أنه مبتور، فلا يتم العدل إلا بشقي المسؤولية القانونية منها و الأدبية، فدولة القوة في غياب الأخلاق ووجود العدل المبتور قد يحقق استمرارا للحكم فيها لا استقرار لها، وهذا ما يعطي صورة لزمن ثقافي يرسم معلما من معالم التاريخ، ليكون للإنسان منه مدعاة للتفكير والتروي في صناعته للتاريخ وتحريك المجتمع، وصدق ابن خلدون حينما قال: العدل أساس الملك. وهذا أحد مظاهر الفسق الذي يكون من مظاهر التعامل مع القوانين عند الفئة الوسيطة.
.../... يتبع مع الأيام القادمة إن شاء الله تعالى
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
  • تاريخ التسجيل : 28-12-2006
  • الدولة : مدينة ميلة , ولاية ميلة , الجزائر
  • العمر : 70
  • المشاركات : 5,284
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • رميته will become famous soon enough
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
رد: رسائل الأنس مع القرآن الكريم ـ مع سورة الإسراء بقلم المختار العروسي البوعبدل
21-05-2008, 07:39 PM
الرجاء النشر على أجزاء قصيرة , حتى يتسنى لنا الاستفادة مما ينشر , وإلا فإن النشر يصبح - في رأيي - من أجل النشر ليس إلا .
شكرا جزيلا لك مع ذلك ونفعنا الله جميعا بما تنشر .
وفقك الله أخي الحبيب لكل خير وجعلك الله من أهل الجنة , آمين .

اللهم اغفر لأهل منتديات الشروق وارحمهم واجعلهم جميعا من أهل الجنة
موضوع مغلق
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


المواضيع المتشابهه
الموضوع
○○○اروع 72 موقع عربي لقراءة و حفظ و الاستماع الى القران الكريم○○
إحصائيات في القرآن الكريم
اسئلة واجوبة فى القران الكريم مفيد جدااااااااااا
مقاصد السّور وأثر ذلك في فهم التفسير
القرآن الكريم كاملا بصيغه amr
الساعة الآن 07:53 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى