تسجيل الدخول

بائعة البيض 1

بائعة البيض رواية قصيرة من صميم الحياة ، سأنشرها في حلقات ... بائعة البيض ، او زهرة بائعة البيض! قصة امرأة متمردة على مكانها في الحياة... اما مكانها في المجتمع فلم يخطر لها على بال.... وقعت احداث القصة عشية اندلاع ثورة نوفمبر - حين بدأ السكين يصل الى العظم - في قرية عين فزة بضواحى تلمسان.
إهداء
لا اهدي هذه القصة الى عيون عمشاء لا تستطيع ان تحدق الى عين الشمس في عز النهار... ولا اهديها الى من يرضى ان يشرب العلقم في كأس الذهب...؟ اهديها الى عشاق الحرية الذين شنقوا وسجنوا وعذبوا من اجلها.... والى التى تتفجر كالذرة داخل نفسها ولا احد يسمع انينها.... الى من يرفض ان يكون بيدقا في يد اللاعبين... الى معلمنا الفذ هوارى بو مدين رحمه الله.
بائعة البيض 1
زهرة ، ليست من بنات ( القايد او الشنبيط ) المتسلقين المتملقين ل ( خوصي ) شيخ البلدية ( السبنيولى ) ... وليست من بنات كبار الجماعة المتوددين للقايد والشنبيط... ولا هي حتى من بنات الخماسين المتذللين لكبار الجماعة ... هي طفلة لا مكان لها في الحياة! فتاة تدحرجت الى الدنيا ولا تملك شدا ولا رخاء ... تجد الخبز يوما ويغيب عنها اياما .
نشأت زهرة في ( براكة ) كوخ متطرف عن قرية عين فزة ، تخرج امها مبكرة لتعود بعد الغروب منهوكة مدمغة الاعضاء ... كانت تغسل الثياب في منازل خوصى وأشباهه ... وتقضى باقي يومها في البيوت التى تعاقدت معها بدون عقد حيث تغربل الدقيق في بيت القايد او أتباعه ، ثم تطهى لهم المسمن والثريد ... في المساء تعود بثمن اتعابها ... قد يكون كيس النخالة التى قد تبيعها ( لاسبنيول ويهود ) المعمرين الذين يسكنون القرية... او وقد يكون حواشى الثريد المعجن التى تقتسمها مع كلاب الحي... تتعشى عليها مع ابنتها وزوجها الضرير... ينامون في نفس المكان...على حصير بالي وعليه بعض القش...
كانت زهرة تعيش مع أم تكاد لا تراها ، ومع اب يعيش في ظلام ابدي ، فقد بصره وهي لا زالت خماسية... كان ذلك في حريق شب في مزرعة ( خوصي ) المدمر ... وقيل انها اشعلت بفعل فاعل... كانت زهرة ترافق اباها لبيع النخالة في منازل المعمرين ليبعثروها على حيوانات المزرعة ... ثم تقوده الى الصخرة التى كان يجلس عليها بين الاطفال ويقص عليهم حكايات الغول و( التركو ) نوع من الغيلان ، مقابل برقوقة او رمانة او نصيب من الجوز قد سرقوه من بساتين المعمرين...
كان ذلك في فصل الصيف والخريف ... حيث يشتغل الخماسون بالعناية في ارض اسيادهم ... كما ان عمال المياومة الذين يتقاضون الاجرة حسب الايام التى عملوا فيها يشتغلون في مداواة الكروم والأشجار المثمرة وفي الحصد وجني الثمار والعنب في مزارع المستدمرين .... هؤلاء العمال ليس لهم الوقت ليجسوا مع الضرير ... هم الذين يعتنون بالكروم وبالأرض ...يحرثون الارض ويحصدون الزرع ، يقطفون العنب ويعصرونه ويملئونه في براميله ويلصقون عليها طابع ( مسيو ارنوكس ) ... لان خمره محبوب ومعروف لدى الباريسيين...
اما عندما يستغنى ارنوكس وغيره من الملاكين عن اغلب سلالم المياومة أي العمال الذين يصعد على ظهرهم ارنوكس وأمثاله ، وهم لا يصعدون ابدا ...كانت زهرة تقود اباها الى مجالس البطالين في الحقول يجلسون تحت الشمس اذا كان الجو مشمسا ... اما اذا كان فصل الشتاء باردا يجلسون حول النار يقتلون اوقاتهم في القيل والقال ...يتحدثون في بلادة قاتلة وقلة وعي فادحة... يتحدثون عن محصول ارنوكس وتصدير خموره وعن مدخول فلان ونشاط فلتان هم يعدون وغيرهم يأكل... اما احوالهم فلا تهمهم ولم تكن موضوع حديث! ليس لهم مكان في الحياة حتى يطمعون في مكان في المجتمع ...حياتهم كلام تزاوج وتوالد عبيد خلفاء لأعمالهم وكدهم ... ماتت ارواحهم وخمدت بردت دماؤهم كما قصرت سواعدهم وطالت السنتهم ... لا ينتظرون إلا من يهاب الرزق لمن يشاء... يحمدون الله على ما اعطاهم ، ففيه خير وبركة... ولا يرجون زيادة او نقصان... لم يحفظوا من قيم دينهم غير ذلك ... هم لا يعرفون ان نبيهم الكريم قال : "المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف " ....و"كاد الفقر ان يكون " كفرا.... الواقع هم لم يسمعوا بذلك... كانت زهرة تأنف من منظرهم وتنفر من مجالسهم ... تشمئز من قهقهاتهم ورضاهم عن انفسهم .... كانت تقود ابها هناك مترددة وخوفا من ابيها....كانت دائما تقول في نفسها:
- اتفوه... لطم الله وجوهك ايها الخماس والمياوم...خراطة ، خردة فوق الارض... اغلق اهك بكم شقوق الارض....

يتبع

Zoulikha

عين فزة ذلك المكان الخيالي و تلك المغارات الجميلة .... أحجز مكاناً ايتها الاستاذة الفاضلة

شكرا على المرور وادامك الله ووفقك في سفرك
zoulikha

قصة جميلة للغاية سابقى وفيا له ساتبعها باستمرار

اسجل اعجابي