بائعة البيض 6
28-04-2015, 09:00 AM
بائعة البيض 6
تابع
زهرة تمردت على اوضاعها ... وتخلصت من عيون والسنة اهلها ؟ ولم تحزن ، بل ادركت الحزن...! كيف تخرج من مصيبتها مع كامى ؟
---------------------------
هكذا بليت زهرة بمساحيق الدهر ، وارتمت في احضان قدر قاس وظروف اقسي ... انطوت كالزهرة في الشوك...ضاع منها اخر بصيص من الامل... كانت وجدته في ذالك الشغل وتلك الصداقة الموهومة... استسلمت للألم ... ليس جبنا بل قهرا من قوى جبارة لا ترحم .
غادرت زهرة مزرعة ارنوكس ... حملت اطمارها وأوانيها ... كان اباها اوصاها ألا تأكل في اوني النصارى ، ذلك حرام ،لأنهم يتناولون الخنزير... حاولت ان تلقي اخر نظرة على علي في طريقها ... شاح عنها بوجهه ... لم تفهم ؟ احست بخنجر يشق صدرها...
- تساءلت : هل عرف ما حدث مع كامى ؟ ومن اخبره ؟ لا... الحمد لله لم يرانى احد !... كان ابى يقول لى دائما انهم غدارون...انهم اعداؤنا وأعداء نبينا... الوحش اهاننى ... تظاهر بالصداقة وكان يضرب اخماسا لأسداس... كل همه ان يبهدلنى ويتزوج من خطيبته مارى الانيقة المتعلمة...لماذا يا رب ؟ ألست جديرة على الاقل بالاحترام ؟ ماذا فعلت ؟ كل جدار اسندت عليه ظهرى انهار ؟....
لم تدر زهر ما ينتظرها في القرية ... ما كادت تقترب من القرية حتى استقبلها الصبية بالحجارة والشيوخ باللعنة... والعجائز بالبصاق... نثروا شعرها... مزقوا اثوابها ...لطموا وجهها البريء ... شتموها... سبوها:
- عاهرة ، عاهرة ، عشيقة اسبنيول... تنمرت القرية و استكلبت ... في غير وعي ... لم تكن تلك النقمة على زهرة فقط ؟ بل كانت تجسد العدو الذى اخذ منهم بلادهم ، وامتص أرزاقهم ، وهتك اعراضهم ، جعلهم عاجزين على انقاذ الشرف... هربها بعضهم الى كوخها ... وجدت الضرير ينتظرها بعصى غليظة :
- خذى ايتها الخائنة ... الم اقل لك حرام عليك ان تحدقي في عين اليهودى والرومى ؟ خنت ربك وأباك ونفسك...
لم تحاول زهرة ان تهرب من ضرب ابيها ، حتى لا يشعر بالنقص والعجز... تركته يضرب ويزبد....كأنها راضية بالضرب... او كأنها تقف مع الكل ضد نفسها ... او كأنها ترى انها تستحق كل ذلك العقاب؟ ... شفى الضرير نفسه في ابنته ونفسه... تركها مرمية على الحصير.... ثم هدأ... شعر بعطف وندامة تمزق صدره ... هو واثق من طهارة ابنته ... لماذا فعل بها هكذا... تدحرجت الدموع من عينيه المظلمتين ... حاول ان يلمس وجه ابنته التى لم يراها منذ ان كانت في الخامسة ... صرخت زهرة ... ظنته يريد خنقها ...
- لا يا ابى لا... سوف يحبسوك....
- حضنها في عبرة وألم : لا تخافى ! لكن من اليوم لا تخرجى خلف هذا الكوخ !... اياك ان تخبري المدام ارنكس او احد من عائلتها بما فعلته بك القرية... اذا طلب ارنوكس عودتك قولى له انك تعبت وانك مريضة... حذار لأنه يحقد على العمال ويطردهم.
انزوى الشيخ وابنته في وحدة امر من المر...يحترقان بنار النقمة ... يكتويان بلهيب العار ... اعتزل الشيخ في كوخه يصلى ويتعبد ويرجو رحمة الله... يدعو ابتنه الى الصراط المستقيم ... هجره الاطفال... جفاه الاصحاب ... إلا من الذين لم ينزع الله من قلوبهم رحمة ... كانوا يزورنه ويخففون عنه ، و يتصدقون عليهما بالخبز والحليب ، او ببقايا ما يأكلون .
جهز ارنوكس خمره : ملا العمال قنانيه وبراميله خمرا ، ومطامره حبا ... اتى على الغلة والمحصول ... ولا تشكر زيدا على عمرو! مثل ارنوكس فعل الملاكون... والاختلاف بينهم في التسويق فقط : اسواقهم قريبة لا تكلف الجهد ! يبيعون انتاجهم على الاشجار يشتريها ارنكس وأمثاله... اما اسواق ارنوكس بعيدة ...في اوربا ... تتطلب البحث والدراسة... اما سلالم الحياة فقد انتهى دورهم... لجئوا الى اكواخهم ليعيشوا مع اسرهم في تقشف واحتياج... تغشاهم غمامة الضلال ... تغطيهم سحابة الاقتناع... يقضون اوقاتهم في ترديد حوادث الزمان... وما امتصتها ذاكرتهم من ماضيهم.
مرت فترة تكورت فيها الليالى على الايام ... ارعدت السماء وأمطرت...هبت الرياح وعصفت ... سقطت الثلوج وابيض كل شيء إلا قلب زهرة ... اختفى كوخها خلف الضباب... يئس الاب وماتت الدجاجة.... يبست نقلة الطماطم التى زرعها حول الكوخ ... حاول الضرير ان يبيع البندقية التي ورثها عن ابيه ... كان ابوه سرقها من الخدمة العسكرية... كان الضرير يحتفظ بها لزفاف ابنته .... اخرجها من الصندوق ... جرت اليه زهرة مستعطفة:
- لا .. لا يا ابى ارجوك! دعنى احمي بها نفسي من الذئاب!
سكت الشيخ طويلا ثم اعاد البندقية الى مكانها .... في الواقع ليس له رخصة حمل السلاح... وهو ايضا يعتز بها !...
عاد ارنوكس مع عائلته بعد ان قضوا عطلتهم في باريس... احتفل القايد وشنبيطه بالمولود الجديد..... تزوج علي من بنت خالته... لم تكن لتلك الاحداث اية صدمة على قلب الزهراء ... في رأسها مشروع اخر !... لم يبق في قلبها مكان للأمل ولا للشفقة ولا حتى للكراهية ... ما عدا الثأر....صعدت على صفحات قلبها رسوبات من الواجبات استبدت بكيانها وأصبحت تسيطر على عقلها...
استيقظ الضرير نهض لصلاة الصبح ... بحث عن الماء للوضوء... فلم يجد الوعاء... نادى ونادى زهرة...لم يسمع لها صوتا... خرج مادا يده الى الامام باحثا عنها فى كل مكان... لم يعثر لها على اثر... هرول ، سقط...تدحرج على سفح الهضبة... قام ... ضاعت منه بلغته ... سار حافيا صارخا:
- زهرا------ة... اين انت يا زهرتى؟
لا زهرة تجيب ولا احد يخبره عنها ...غادرت الكوخ في جنح الليل الداجى... مرت بحليمة العجوز ... اوصتها بأبيها ... لم تخبرها الى اين هي ذاهبة ...
- نصحتها العجوز : أتتركين اباها في هذا الظلام... الى اين انت ذاهبة.... ؟
لم تسمع زهرة... اعماها الحزن والغضب .... اغشى بصيرتها الانتقام... اسأنفت زهرة الشغل عند ارنوكس... رحبت بها المزرعة ... سهولها وأشجارها... والكلاب التى كانت تطعمها...رقص لها ذيل بوبى... فرحت المدام ، لم تجد مثلها في الشطارة ... الا العمال شاحوا عنها بوجوههم...
يتبع
Zoulikha
تابع
زهرة تمردت على اوضاعها ... وتخلصت من عيون والسنة اهلها ؟ ولم تحزن ، بل ادركت الحزن...! كيف تخرج من مصيبتها مع كامى ؟
---------------------------
هكذا بليت زهرة بمساحيق الدهر ، وارتمت في احضان قدر قاس وظروف اقسي ... انطوت كالزهرة في الشوك...ضاع منها اخر بصيص من الامل... كانت وجدته في ذالك الشغل وتلك الصداقة الموهومة... استسلمت للألم ... ليس جبنا بل قهرا من قوى جبارة لا ترحم .
غادرت زهرة مزرعة ارنوكس ... حملت اطمارها وأوانيها ... كان اباها اوصاها ألا تأكل في اوني النصارى ، ذلك حرام ،لأنهم يتناولون الخنزير... حاولت ان تلقي اخر نظرة على علي في طريقها ... شاح عنها بوجهه ... لم تفهم ؟ احست بخنجر يشق صدرها...
- تساءلت : هل عرف ما حدث مع كامى ؟ ومن اخبره ؟ لا... الحمد لله لم يرانى احد !... كان ابى يقول لى دائما انهم غدارون...انهم اعداؤنا وأعداء نبينا... الوحش اهاننى ... تظاهر بالصداقة وكان يضرب اخماسا لأسداس... كل همه ان يبهدلنى ويتزوج من خطيبته مارى الانيقة المتعلمة...لماذا يا رب ؟ ألست جديرة على الاقل بالاحترام ؟ ماذا فعلت ؟ كل جدار اسندت عليه ظهرى انهار ؟....
لم تدر زهر ما ينتظرها في القرية ... ما كادت تقترب من القرية حتى استقبلها الصبية بالحجارة والشيوخ باللعنة... والعجائز بالبصاق... نثروا شعرها... مزقوا اثوابها ...لطموا وجهها البريء ... شتموها... سبوها:
- عاهرة ، عاهرة ، عشيقة اسبنيول... تنمرت القرية و استكلبت ... في غير وعي ... لم تكن تلك النقمة على زهرة فقط ؟ بل كانت تجسد العدو الذى اخذ منهم بلادهم ، وامتص أرزاقهم ، وهتك اعراضهم ، جعلهم عاجزين على انقاذ الشرف... هربها بعضهم الى كوخها ... وجدت الضرير ينتظرها بعصى غليظة :
- خذى ايتها الخائنة ... الم اقل لك حرام عليك ان تحدقي في عين اليهودى والرومى ؟ خنت ربك وأباك ونفسك...
لم تحاول زهرة ان تهرب من ضرب ابيها ، حتى لا يشعر بالنقص والعجز... تركته يضرب ويزبد....كأنها راضية بالضرب... او كأنها تقف مع الكل ضد نفسها ... او كأنها ترى انها تستحق كل ذلك العقاب؟ ... شفى الضرير نفسه في ابنته ونفسه... تركها مرمية على الحصير.... ثم هدأ... شعر بعطف وندامة تمزق صدره ... هو واثق من طهارة ابنته ... لماذا فعل بها هكذا... تدحرجت الدموع من عينيه المظلمتين ... حاول ان يلمس وجه ابنته التى لم يراها منذ ان كانت في الخامسة ... صرخت زهرة ... ظنته يريد خنقها ...
- لا يا ابى لا... سوف يحبسوك....
- حضنها في عبرة وألم : لا تخافى ! لكن من اليوم لا تخرجى خلف هذا الكوخ !... اياك ان تخبري المدام ارنكس او احد من عائلتها بما فعلته بك القرية... اذا طلب ارنوكس عودتك قولى له انك تعبت وانك مريضة... حذار لأنه يحقد على العمال ويطردهم.
انزوى الشيخ وابنته في وحدة امر من المر...يحترقان بنار النقمة ... يكتويان بلهيب العار ... اعتزل الشيخ في كوخه يصلى ويتعبد ويرجو رحمة الله... يدعو ابتنه الى الصراط المستقيم ... هجره الاطفال... جفاه الاصحاب ... إلا من الذين لم ينزع الله من قلوبهم رحمة ... كانوا يزورنه ويخففون عنه ، و يتصدقون عليهما بالخبز والحليب ، او ببقايا ما يأكلون .
جهز ارنوكس خمره : ملا العمال قنانيه وبراميله خمرا ، ومطامره حبا ... اتى على الغلة والمحصول ... ولا تشكر زيدا على عمرو! مثل ارنوكس فعل الملاكون... والاختلاف بينهم في التسويق فقط : اسواقهم قريبة لا تكلف الجهد ! يبيعون انتاجهم على الاشجار يشتريها ارنكس وأمثاله... اما اسواق ارنوكس بعيدة ...في اوربا ... تتطلب البحث والدراسة... اما سلالم الحياة فقد انتهى دورهم... لجئوا الى اكواخهم ليعيشوا مع اسرهم في تقشف واحتياج... تغشاهم غمامة الضلال ... تغطيهم سحابة الاقتناع... يقضون اوقاتهم في ترديد حوادث الزمان... وما امتصتها ذاكرتهم من ماضيهم.
مرت فترة تكورت فيها الليالى على الايام ... ارعدت السماء وأمطرت...هبت الرياح وعصفت ... سقطت الثلوج وابيض كل شيء إلا قلب زهرة ... اختفى كوخها خلف الضباب... يئس الاب وماتت الدجاجة.... يبست نقلة الطماطم التى زرعها حول الكوخ ... حاول الضرير ان يبيع البندقية التي ورثها عن ابيه ... كان ابوه سرقها من الخدمة العسكرية... كان الضرير يحتفظ بها لزفاف ابنته .... اخرجها من الصندوق ... جرت اليه زهرة مستعطفة:
- لا .. لا يا ابى ارجوك! دعنى احمي بها نفسي من الذئاب!
سكت الشيخ طويلا ثم اعاد البندقية الى مكانها .... في الواقع ليس له رخصة حمل السلاح... وهو ايضا يعتز بها !...
عاد ارنوكس مع عائلته بعد ان قضوا عطلتهم في باريس... احتفل القايد وشنبيطه بالمولود الجديد..... تزوج علي من بنت خالته... لم تكن لتلك الاحداث اية صدمة على قلب الزهراء ... في رأسها مشروع اخر !... لم يبق في قلبها مكان للأمل ولا للشفقة ولا حتى للكراهية ... ما عدا الثأر....صعدت على صفحات قلبها رسوبات من الواجبات استبدت بكيانها وأصبحت تسيطر على عقلها...
استيقظ الضرير نهض لصلاة الصبح ... بحث عن الماء للوضوء... فلم يجد الوعاء... نادى ونادى زهرة...لم يسمع لها صوتا... خرج مادا يده الى الامام باحثا عنها فى كل مكان... لم يعثر لها على اثر... هرول ، سقط...تدحرج على سفح الهضبة... قام ... ضاعت منه بلغته ... سار حافيا صارخا:
- زهرا------ة... اين انت يا زهرتى؟
لا زهرة تجيب ولا احد يخبره عنها ...غادرت الكوخ في جنح الليل الداجى... مرت بحليمة العجوز ... اوصتها بأبيها ... لم تخبرها الى اين هي ذاهبة ...
- نصحتها العجوز : أتتركين اباها في هذا الظلام... الى اين انت ذاهبة.... ؟
لم تسمع زهرة... اعماها الحزن والغضب .... اغشى بصيرتها الانتقام... اسأنفت زهرة الشغل عند ارنوكس... رحبت بها المزرعة ... سهولها وأشجارها... والكلاب التى كانت تطعمها...رقص لها ذيل بوبى... فرحت المدام ، لم تجد مثلها في الشطارة ... الا العمال شاحوا عنها بوجوههم...
يتبع
Zoulikha
ربنا زدنا علما وعملا بما علمتنا
من مواضيعي
0 الهُوية؟
0 أين أمتنا من النحل الياباني!
0 عدت با نوفمبر وعودك محمود!
0 الكفرة الفجرة؟
0 دعه يسقط!
0 الشهيد
0 أين أمتنا من النحل الياباني!
0 عدت با نوفمبر وعودك محمود!
0 الكفرة الفجرة؟
0 دعه يسقط!
0 الشهيد
التعديل الأخير تم بواسطة zoulikha2 ; 28-04-2015 الساعة 09:27 AM
سبب آخر: خطأ بسيط







