رد: Re: رد: هام جدًا جدًا
02-03-2009, 03:55 PM
شكرا على الرد أخي moondroit
طيب
أرى أننا وحدنا في النقاش, و لكن استسمحك بالرد على ما أسلفته نقطة نقطة
عن: أولا: ليس هناك اعتبار في مناقشة موضوعية لواقع جدي.
تحججتم بالخطأ القضائي: الخطأ استثناء شد عن القاعدة, و الشاد لا يقاس عليه,
الجمعيات و المنظمات عن ملايين المساجين تحت لثام خطأ طال أحدهم.
عن: ثانيا آمل أن يفهم الكلام على مقصده, فلا يتم تقويلي ما لم أقله,
لكي لا نخرج عن الموضوع, لم أتجه إلى إجراء مقارنة أو إعابة القانون الوضعي لعدم تطابقه و القانون الشرعي. ذلك موضوع آخر له أهله.
موضوعنا أكثر دقة من وصفه بالعلم الجنائي, فالأمر يخص دراسة فلسفة العقاب و نظرياته.
تلعم أن السجن لا يأتي في الجنح إلا إذا رافق الجرم ظرف مشدد, و نية المشرع أولى بالدراسة لمعرفة العبرة من اعتبار ظرف معين بأنه مشدد أو مخفف, فالمتهم قبل أن يزج به في السجن, له فرصة أن يقضي عقوبة غير نافذة, و هي المرحلة الأولى من مراحل إصلاحه لعله يندم و يكف إن كان فيه ذرة خير, فإن حدث العود و تكرر الفعل من طرفه قبل تقادم عقوبة الأول أعملنا الردع في مواجهته, بالحكم بعقوبة نافذة, فإن عاد مرة ثالثة تكون أغلظ على أن لا تتجاوز حدها المقرر بالنص. ثم إن عاد مرة رابعة و خامسة و و و... فحوَّل صحيفته إلى مجلة, فما رأيك؟ طبعا هو في حاجة إلى حنان جمعية أو منظمة لتكافئه عن أفعاله.
و أنا لم أتحدث عن علاقة ذلك بالشريعة الإسلامية حتى يشار في الرد إلى ذلك. و لا يعني هذا أنني ليس لذي معلومات شرعية أخشى الخوض فيها... بقدر ما يهمني أن نصل في الأخير إلى مجتمع خال من المجرمين المدللين.
عن: ثالثا:
أرجو عدم التسرع في الرد, فما قلته جملة خبرية مفهومة جدا.
آسف... أفكارك خاطئة, موضوع في غاية الجدية كهذا يتطلب التأكد من المعلومة قبل عرضها على ملايين الزوار, خاصة و أنك تدعم بها ما لم أقله.
فالصواب ـ و إن كان ذلك خارج عن الموضوع ـ أنه يوجد في شريعتنا الإسلامية الغراء ما ينص على العقاب عن طريق الحبس, أنا لا أتحدث عن سجن عزيز مصر الذي قبع فيه يوسف عليه السلام, و لا عن سجن فرعون الذي هدد به موسى في الآية 29 الشعراء, و إنما عن عهد الرسول صلى الله عليه و سلم, و ما بعده.
طلبت مني البحث في ملايين الكتب فوجدت في أهمها على الإطلاق, و هو صحيح البخاري فتح الباري و من لا يعرفه؟ بابا بعنوان "باب الربط و الحبس" حتى أن ابن حجر علق عن ذلك فقال لا ينبغى لبيت عذاب أن يكون فى بيت رحمة. لأن عمر ابن الخطاب إن لم تكن تعرف هو أول من اعتمد دارا للحبس و كانت في مكة , و بالضبط فقد اشتراها من صفوان بن أمية و بالضبط بـ 4000 درهم ، و بالضبط جعله تحت سلطة العامل "نافع بن عبد الحرث الخزاعى", و لأن الحبس لا يتعارض مع الدين ـ كما نسبته إلي و أنا لم أقله ـ فاعلم أن القاضى شريح هو أول من كان قد أعمل الحبس فى الدين.
و اعلم أيضا أن من أهم قضايا الحبس التي يعلمها كل من هب و دب, قضية الشاعر الحطيئة الذي حبسه الصحابي عمر بن الخطاب رضى الله عنه لهجائه ابن بدر, ثم أطلق سراحه لما تضرع في قصيدته المعروفة : ماذا تقول لأفراخ بذي مرخزغب الحواصل لا ماء ولا شجر
ألقيت كاسبهم فى "قـــــــــــعـــــــــــــــــر مظلمــــــــــة"فاغفر عليك سلام الله يا عمر
و كذلك معاقبة سعد بن أبى وقاص لمحجن الثقفى بسجنه قرب القادسية أسفل قصر الإمارة و ذلك بطلب من الصحابي عمر بن الخطاب لأن مجن الثقفي أفلت من الشخص الذي رافقه إلى المنفى في إحدى الجزر.
و الأفضل أن لا نقزم ديننا إلى هذا الحد, فحتى القضايا العصرية كانت لها سوابق في ديننا, فلا تستغرب إن قلت أن التزوير و استعمال المزور كان معروفا قديما و لا تستغرب أن عقوبته كانت الحبس, و مثال ذلك, التزوير في أوراق رسمية الذي قام به معن بن زائدة فأمر المغيرة بن شعبة بحبســــــه. و أن القذف و السب و الشتم أيضا كانت معروفة, و كانت عقوباتها قديما مثلها في قانون العقوبات الحالي, أي الحبس, و مثال ذلك قضية جنائى بن الحرث الذى هجا بنى جرول فنفذ عليه الصحابي عثمان بن عفان عقوبة الحبس, و الهجاء يجمع السب و الشتم و القذف.
ثم أن البيهقى روى أن رجلين كانا يتنازعان على عبد, فأعتق أحدهما نصيبه من هذا العبد، فحبسهالنبى صلى الله عليه وسلمحتى باع إحدى غنائمه, و ذلك لأجل الدين المغتصب, و هو ما يعرف حاليا بالتنفيذ بطريق الإكراه البدني. هذا دون أن نضيف كون القرءان تضمن الحرمان من الحرية كعقوبة, فالحبس في التفسير يشمل النفي, فله نفس الأثر على المجرم, كقوله تعالى فى عقاب المحاربين المفسدين {أو ينفوا من الأرض } المائدة33
سردت عليك ذلك حتى أصحح فكرتك, و يعلم الزائر الكريم و الأعضاء و شخصك المحترم أنني لست من المتعصبين و لا من المتشددين المتزمتين, و إنما من المعتدلين, الذين ضاقوا ذرعا بالجريمة, و بتساهل الدولة معها, و بإشادة الجمعيات بأقطابها, فالمجتمع كله ينادي بإنشاء السجون في الصحراء, و بتشغيلهم كما كان الحال عليه في عهد بومدين, و بالأحرى بأن يذوق الجاني العائد طعم الردع فلا يعود إلى ما قام به أبدا تماما كما تذهب إليه نظريات علم العقاب. علينا مطالعة الجرائد على الأقل, ففي عنابة خرج الآلاف من المواطنين يتظاهرون ضد الجريمة, ضد العفو الذي يتصدق به الرئيس المحترم في كل مناسبة, رأيت هذا العنوان و أنا مار بجوار بائع الجرائد, جريدة الخبر ليوم أمس, لم أشترها من شدة الامتعاض... هل يعقل أن يخطئ مجتمع كله, و يصيب فرد منه؟!
عن: رابعا:
لا تقل أن لا شيء من الشريعة مطبق الآن إلا بعد أن تبحث من فضلك, سأعطيك أمثلة عن بعض الجرائم التي عاقب عنها الصحابي علي بن أبي طالب بعقوبة الحبس:
جرائم خيانة الأمانة ـ النصب ـ أكل مال اليتيم ـ الفرار ـ و أعطيتك مثالا عن الإكراه البدني الذي أوقعه الرسول صلى الله عليه و سلم بدوره, و أعطيك أيضا من الفقه: إجماع الفقهاء على ضرورة الحبس المؤقت للمشترك فى جريمة حتى يفصل فيها
عن: خامسا: تعويض القصاص عهد عمر, ما العيب فيه , لم أقل بخلافه في ردي السابق, ثم أن ذلك من صلاحيات القضاء و ليس من صلاحيات الجمعيات و المنظمات, و الحمد لله أنكم تشهدون بأنفسكم بعدم جدوى الجمعيات هذه, , فطالما أن القانون الجنائي الجزائري يعتمد الغرامة في معظم الجرائم فلا يقضي القضاة بالحبس, بل يقتصرون أحيانا على مجرد الغرامة المالية, أو يقضون بانقضاء الدعوى العمومية للصفح و التنازل, غياب الإذن في مقتضياتها, بل يقضون بالبراءة متجاوزين عن جوانب معينة, كالضرب بالسلاح الأبيض بين الزوجين المتصالحين, و الدعاوى العمومية ضد فئات نبيلة من المجتمع كالطلبة في كثير من القضايا البسيطة التي ليس فيها حق للغير, لالتماس النيابة مراعاة الظروف الاجتماعية, فأي سماحة أكثر من أن يجازف قضاة الحكم و معهم النيابة لتقرير البراءة في جريمة ثابتة, هل القضاة حكما و نيابة أدرى أم الجمعيات.
ليعلم الأعضاء الكرام جميعهم أن الرد الذي كتبته لم يتضمن تلويحي بقطع الأيدي البتة, فقرتي في الأعلى خالية مما يلفق بي, الرجاء نحن في نقاش جدي, لا أتمنى أن نسوق النقاش إلى جوانب غير محمودة, علينا أن نتحلى بأمانة الحوار.
عن : سادسا:
هناك مؤسسات دستورية خولها الدستور و قانون الاجراءات الجزائية و قانون القضاء العسكري صلاحيات العفو. التشريع في الجزائر راعى خصوصيات و قيم المجتمع الجزائري التي تفضلتم بذكرها إلى حد بعيد, الجمعيات لا مكان لها بين هذه المؤسسات فلا هي من تحكم بعقوبة فيها شفقة, و لا هي من تقرر العفو الرئاسي بعد الحكم بعقوبة فيها قساوة, و لا هي من تنظر في الطعن في الأحكام و القرارات, و لا هي من ترفع هذا الطعن, و لا حتى لها دور استشاري فيه, و لا هي من تعيش و تراقب سلوك المحبوس داخل المؤسسة فتقول بأن سلوكه يستدعي الإفراج المشروط, و لا هي من استبقت إلى تحسين ظروف الاحتباس من تعليم و تمهين, و لا هي من تقرر بشأن مدى توفر أسباب التحويل لظروف الأهل, و لا هي من تقرر بشأن الإجراءات الموقفة لحالات الاحتباس العسكري, و لا هي من قررت أو تقرر إلغاء النص العقابي, فأرني ماذا ستفعل هذه الجمعية بربك إن كانت صلاحياتها خارج كل هذا.
و أما عن جملة "إذا لم يعجبك سجين ما انصحك بالتواضع ... " فهذه جملة لا تعنيني في أي شق.
نعود إلى موضوعنا الدقيق جدا:
أنا قصدت أن الجمعيات في الغرب تنشأ لأهداف جدية عملية منتجة, لها خدمة تفيد الصالح العام, أما في الجزائر فمعظمها جوفاء , أو بالأحرى هي جسور يمتطيها أعضاؤها لبلوغ السياسة شأنها شأن النقابات, الغاية تبرر الوسيلة.
قانون الجمعيات نكاد نلتهمه التهاما, كل دقيقة قرار اعتماد جمعية ذات طابع ..., حتى أصبح هناك من يحمل ملفا يسهر الليالي ليجد له موضوعا يتخذه لجمعية يريدها,
إنشاء جمعية للدفاع عن المساجين أمر غير مشروع و منح الاعتماد لها غير قانوني أيضا, لأنه يتعارض مع "النظام العام" خاصة عنصري السكينة العامة و الأمن العام, و هذين العنصرين إلى جانب عنصر الصحة العامة هي العناصر الثلاثة للنظام العام المعروفة في القانون الإداري, فمن أين يستمد قرار الاعتماد مشروعيته؟
لكي أرى ردا مقنعا يتعين حصر هذا الرد على ما يلي:
ما هو برنامج عمل هذه الجمعيات في رأيكم؟ لو كنت أنت الساعي للعقد التأسيسي لهذه الجمعية فمن فضلك أعرض لي عشر نقاط على الأقل تراها أنت موضوعا لها, بشرط أن لا تمس بالجوانب المذكورة أعلاه, كسلطة القضاء و النظام العام بمفهوم قانون الولاية. ثم هل يمكن للجمعية أن تكسر حكما باسم الشعب الجزائري خارج طرق الطعن. و حتى و إن احتملنا إمكانية ذلك بطريقة عجيبة فأتمنى أن لا تكون هذه الطريقة متاحة للمواطن بل اكتشفتها هذه الجمعية, و إلا فنحن بصدد إنشاء جمعية تخضع لقانون المحاماة لا لقانون الجمعيات, و إن لم تكن تخضع لقانون المحاماة , فلا يمكنها أن تمارس نشاطها المدني بلسان المواطن لأن كل إجراء تتخذه سيرفض شكلا لانعدام الصفة, فالإجراءات الجزائية شخصية بالنسبة للمتهم. و بعد كل هذا أتمنى أن لا ينحصر هدف الجمعية في توجيه الإرشادات للمواطنين حول كيفيات الطعن التي هي مكفولة أصلا و لا حاجة للمواطن في من يعرض عليه نصوص قانون الإجراءات الجزائية طالما أن المحامين بارك الله عددهم و قدرتهم.
أرجو الأمانة العلمية و الدقة في الرد, كما أرجو عدم التأويل, فالمهم أن نصل إلى قناعة صادقة متناسقة الحجم و الثقل, لا إلى قناعة ضخمة الحجم محشوة هواء.
أخيرا , أشكرك على الموضوع moondroit نحن إخوة في هذا المنتدى الذي أحترمه و أثمنه و أقدسه لاعتباره مفخرة لكل جزائري.