إحراق أقنعة بن لادن
25-09-2007, 03:12 PM
إحراق أقنعة بن لادن
كتب رياض مصطفاوي
يوم الحادي عشر من سبتمبر سنة ألفين و واحد، سطع في الساحة نجم جديد من نجوم فن السياسة و صنع الأحداث في العالم، نجم، أسامة بن لادن، المتهم الأول في قضية هجوم برجي مركز التجارة العالمي بمنهاتن و مقر وزارة الدفاع الأمريكية بواشنطن دي سي، فتح ذلك المجال للإدارة الأمريكية لتبرير حرب مفتوحة بلا حدود على المسلمين المتمسكين بدينهم في العالم، أصبح الإسلام في العالم نوعين:
إسلام أكاديمي: و هو ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية حيث تحب الحفاظ على حرية المعتقد كمبدأ من مبادئ الديمقراطية، لكن أن لا يتجاوز الإسلام الشهادتين و الصلاة و الصوم و الحج و الزكاة بالخبز للفقراء فقط، أما أي شيء أكثر من هذا فيدخل في خانة النوع الثاني من الإسلام.
إسلام عقائدي : و هو اتخاذ دين الإسلام كعقيدة شاملة تشمل الحياة الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية و العسكرية، و يسمى في قاموس أمريكا للقرن الواحد و العشرين إرهابا، و كل من يتشدد لهذا النوع فهو إرهابي في نظر القاموس الجديد الذي ابتكره بوش، و الله أعلم إن كان من ابتكاره فعلا أو فرض عليه تبنيه، و لكن هذا ليس موضوعنا.
مرت سنة إلا بضعة ايام، و الإدارة الأمريكية تتهم و القاعدة تنفي علاقتها بالهجومين، إلا أن أطل علينا الشيخ أسامة بن لادن بشريط بثته قناة الجزيرة يعرض فيه تفاصيل التحضير لما أسماه غزوتي نيويورك و واشنطن، إعترف دون أدنى ضغوطات، إعترف دون تحقيق، و قدم الدليل على نفسه، و أصبح بذلك بطل شعبي من الدرجة الأولى، أصبح بطل العرب و المسلمين و حتى الأوروبيين، إعتبره الملايين من المستضعفين من المسلمين مخلصهم عندما سمعوه يعتبر الغزوتين المزعومتين مجرد تحذير و وعد و توعد بحرب ناسفة على ما يسميهم بالكفار، إستطاع إعلاميا أن يصبح أشهر رجل في العالم، و بأي شرف؟ أصبحت صوره تطبع على الملابس، و تتناقل عبر الهواتف النقالة، و تزين خلفيات الكمبيوتر، و حتى في المحلات العمومية. أرجح أن بريتني سبيرس كانت تحسده على احتلاله المرتبة الأولى بين الشخصيات الأكثر ذكرا في وسائل الإعلام العالمية، تمرالسنوات، تحتل أفغانستان من طرف أمريكا و حلفائها، يجري البحث عن أسامة و القاعدة، لا أحد، و كأنهم أطياف اختفوا بمجرد إشعال الأضواء، لكن الزعيم المزعوم بقي يراسل وسائل الإعلام من حين لآخر، و أذكر أن مجرد الإعلان عن تلقي قناة الجزيرة لتسجيل من بن لادن يجعل الجميع يتركون كل شيء و يتسمرون أمام التلفزيون في هدوء تام و يتابعون كل حرف من كلماته، و الهرمونات تصبغ وجوههم باللون الأحمر، و في نفوسهم كلمة واحدة "يا بطل"، بأي شرف؟
سنة 2003، سقوط بغداد، كالعادة، العرب يتحسرون، لكن بغداد تسقط رغم حسرتهم، يستنكرون، لكنها تسقط، ينددون، لكنها تسقط، للأسف؛ ما باليد حيلة، لقد فعلو كل ما بوسعهم، تحسروا و استنكروا و نددوا، لقد استخدموا كل مخزونهم من أسلحة الحسرة و الإستنكار و التنديد، لكن الحظ لم يحالفهم، أمريكا لم تسمعهم جيدا لأنها كانت تشغل موسيقى المدفعية على إيقاعات الصواريخ، أصبحت الأمور كلها بيد الأمريكان في العراق، و من الطبيعي أن يقاوم الشعب العراقي الإحتلال، لكن الحدث كان فرصة جيدة لتنظيم القاعدة ليعيد بعث حربه الإعلامية، ليس بغزوات مزعومة و لا حتى بمجرد تسجيلات فيديو، و لكن بطريقة تجارية، و هي بيع ترخيص لتنظيم أبو مصعب الزرقاوي لاستخدام علامتها التجارية، و أعلن بذلك ميلاد تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، التنظيم الذي تزعمه الشاب الأردني الذي اشتهر بالإجرام و القرصنة في صغره، خريج السجون، يحصل على ماركة تجارية جديدة بالمجان، الثمن الوحيد الذي عليه دفعه مقابل طبع شعار العلامة التجارية للقاعدة على وثائقهم و ديكوراتهم هو القيام بعمليات تشتهر على مستوى العالم و تتحدث عنها الجزيرة، و استحق بذلك أبو مصعب الزرقاوي لقب بن لادن الصغير و أصبح البطل الجديد في أعين المستضعفين المسلمين، بأي شرف؟
سنة 2006، لبنان تحت رحمة القصف الإسرائيلي، و إسرائيل تحت رحمة قصف حزب الله، كل كاميرات العالم تتجه لتصوير الحدث، و أعين المستضعفين المسلمين تتجه مرة أخرى إلى بطل جديد، بطل حزب الله حسن نصر الله، الذي واجه بكل جرأة الأسطورة الشرق أوسطية إسرائيل، و بدأت صوره أيضا تعلق في الأماكن العمومية الشعبية من محلات و وسائل نقل، إنه الناصر الجديد للأمة، لكن هذه المرة؛ و لاختلاف في التوجهات بين السنة و الشيعة، لم يشتري حزب الله ماركة القاعدة، بل ظل يستخدم ماركته الخاصة راسما بذلك صورة لبطل شعبي فاعل، و كما أنه لا ستوجب على كل الفنانين المرور عبر القاهرة للوصول إلى المجد، لم يمر نصر الله على القاعدة لاكتساب شعبيته، و بأي شرف؟ لم ينال شرف القول بل شرف الفعل.
الجماعة السلفية للدعوة و القتال بالجزائر، منذ 1992 إلى يومنا هذا، قتلت مئات الآلاف من الأبرياء، دمرت مئات المرافق، إغتصبت مئات العذارى، شردت آلاف العائلات، يتمت عشرات الآلاف من الأبرياء، الخسائر لا يمكن حصرها، الجميع تضرر بشكل أو بآخر، الغني و الفقير، المثقف و محدود الثقافة، الإسلامي و اللائكي، الصغير و الكبير، المدني و العسكري، إنه الدمار الشامل، لا يمكن لأحد في العالم أن يناصر الفاعل، لا يمكن لأحد أن يقول أن ما فعله الإرهاب بالجزائر مبرر، اليوم الحمد لله، الأمور تحسنت كثيرا، و استعادت الجزائر استقرارها بسبب صمود شعبها و وحدته أولا، و بفعل قيادتها السياسية و العسكرية ثانيا، لكن في ظل الإستقرار تحصلت الجماعة السلفية للدعوة و القتال على ترخيص لاستعمال العلامة التجارية لتنظيم القاعدة في المغرب العربي، بأي شرف؟ بشرف الرصيد المسبق من الإغتيالات و التفجيرات الإغتصابات و الإعتداءات و التدمير الذي مس البلد في كل جوانب الحياة، نفس التنظيم الذي قام منذ سنوات قليلة باختطاف سياح ألمان و طالب بفدية، قام مؤخرا بمحاولة اغتيال فاشلة لعمال فرنسيين ذنبهم الوحيد أنهم في الجزائر لتوفير لقمة عيشهم، إنها مجرد فرقعة لجلب الإنتباه، إن طلب الفدية عن السياح الألمان – سواء حصلوا عليها أو لم يحصلوا - يثبت شيء واحد، أن عقلية التنظيم عقلية تجارية محضة، همهم المال فقط، و تحت هذا اللواء، حصلوا على ترخيص لاستخدام علامة القاعدة، فالجماعة السلفية للدعوة و القتال كانت تعمل على مستوى محلي، أصدائها لا تتعدى وسائل الإعلام الوطنية إلى جانب بعض الإشارات السريعة في وسائل الإعلام الأجنبية، و لكن بامتلاكها لترخيص القاعدة فهي تتمتع اليوم بشهرة تفوق توقعاتهم، أصبحت جرائمهم تتقدم الأخبار في أثقل وسائل الإعلام وزنا في العالم، بأي شرف؟
بأي شرف؟
بأي شرف قام أسامة بن لادن باغتيال 3000 مدني في برجي مركز التجارة العالمي في منهاتن؟ هل أعدائه هم موظفي المصارف و الإدارات و الشركات في نيويورك؟ هل هؤلاء الأجراء أرباب العائلات هم من يقودون الحرب على المسلمين؟ ألم يكن يعلم بأن البنتاغون مصفح و يحتمل كل أنواع الإصابات؟ ألم يكن يعلم بأن مواقع أصحاب القرار في البنتاغون محمية و المكاتب المكشوفة للموظفين الإداريين فقط؟ هل الأهداف إستراتيجية فعلا؟ هل تسائل الذين اعتبروه بطلا إن كانت الأهداف المصابة ذات فوائد إستراتيجية لنصرتهم؟ لماذا لم يقوم بن لادن بتوجيه ضربته للموساد أو الكنيست في إسرائيل مثلا؟ لماذا لم يوجهها لأهداف عسكرية في أمريكا؟ لماذا ترك أعدائه الحقيقيين و اتجه للمدنيين؟ أو أن المدنيين هم أعدائه الحقيقيين؟ فليذكر أنصار بن لادن كيف كانت المرأة في أفغانستان تعدم في ملاعب كرة القدم على مرأى الآلاف ثم يشهر بجثتها و ربما لم ترتكب أي ذنب، فليذكروا كيف كان الحد المزعوم يقام علنا بكل همجية و وحشية و جاهلية.
بأي شرف؟
بأي شرف قام الزرقاوي في حياته و من خلفه من بعد، بتقتيل الأبرياء في العراق؟ تفجيرات، إختطافات، إغتيالات، و تشهير إعلامي بكل ذلك، و لا يمس الأمريكان إلا على سبيل الخطأ، العراقيين فقط يموتون بكثرة، و الأمريكان؛ نادرا. على أية مقاييس يعتمد التنظيم في اختيار أهدافه؟ المدنيين مرة أخرى في مرمى الصياد، و أي صياد؟
بأي شرف؟
بأي شرف قامت الجماعة السلفية للدعوة و القتال باغتيال أبناء الشعب الجزائري و تخريب ممتلكاتهم و اغتصاب حرماتهم؟ هل يذكر العالم فعل واحد فيه بطولة للجماعة؟ هل يذكر لهم هدف نبيل واحد؟ أو حتى مجرد كلمة يبررون بها ما يقومون به؟ هل صحيح أن الشعب الجزائري كافر و هم يطهروه من كفره؟ ذلك يجعلنا نطرح التساؤل، على أي أساس سمح بن لادن باستخدام علامته التجارية من طرف الجماعة السلفية للدعوة و القتال في الجزائر؟ أو أنه باعها بالمال؟ هل فعلا هو مقتنع بأهداف الجماعة السلفية للدعوة و القتال؟ أو هل لهذه الجماعة أهداف أصلا؟
إما أن بن لادن لا يعرف شيء على الجزائر و على شعب الجزائر المسلم و أقنعته الجماعة السلفية للدعوة و القتال بتوحيد الأهداف معه، و بالتالي فهو يعيش كالأعمى لا يعرف شيئا عن العالم، و إما أنه يعرف كل التفاصيل و لكن تقتيل المدنيين الأبرياء يسري في دمه و هو متعطش لدماء الضعفاء العزل، و ذلك الإحتمال الأرجح، هل نعتبر عملية باتنة في الجزائر عملية ذات هذف إستراتيجي؟ الساذج الذي يعرف أدنى مقاييس أمن حماية الشخصيات المهمة تؤكد له معرفته الساذجة بأن الوصول إلى أغتيال رئيس جمهورية أمر مستحيل، هل تجهل القاعدة في الجزائر ذلك؟ طبعا إنهم يعرفون جيدا إستحالة الإغتيال تقنيا، لكن الهدف لم يكن فخامة رئيس الجمهورية الجزائرية حفظه الله للأمة، و لكن الهدف كان الشعب الأعزل و المواطنين الأبرياء.
إن بن لادن من خلال علامته التجارية "القاعدة" التي تملك فروعا لها في عدة مناطق من العالم، تبنى قتل الأبرياء في أفغانستان و أمريكا و العراق و الجزائر، إن حربه معلنة على المدنيين و ليس على قوى العالم الغربي، و المتأمل في ذلك يرى كل الشواهد و الأدلة تثبت تورطه في قتل الآلاف من العزل، و تبرئته من الحرب على قوى الغرب، هذا هو شرف بن لادن، و ربما عن قريب سيتم تأسيس تنظيم القاعدة في أرض المقدس لتقتيل الأبرياء في فلسطين تحت قيادة خريج سجون يدعى الصفراوي أو الخضراوي أو السوداوي أو البرتقالاوي على وزن الزرقاوي، أو بقيادة مريض نفسي يدعى أبو مرهب أو ابو مرعب أو أبو مخلب أو أبو مضرب على وزن أبو مصعب، و بذلك سيحصل بن لادن على كل الشرف
كتب رياض مصطفاوي
يوم الحادي عشر من سبتمبر سنة ألفين و واحد، سطع في الساحة نجم جديد من نجوم فن السياسة و صنع الأحداث في العالم، نجم، أسامة بن لادن، المتهم الأول في قضية هجوم برجي مركز التجارة العالمي بمنهاتن و مقر وزارة الدفاع الأمريكية بواشنطن دي سي، فتح ذلك المجال للإدارة الأمريكية لتبرير حرب مفتوحة بلا حدود على المسلمين المتمسكين بدينهم في العالم، أصبح الإسلام في العالم نوعين:
إسلام أكاديمي: و هو ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية حيث تحب الحفاظ على حرية المعتقد كمبدأ من مبادئ الديمقراطية، لكن أن لا يتجاوز الإسلام الشهادتين و الصلاة و الصوم و الحج و الزكاة بالخبز للفقراء فقط، أما أي شيء أكثر من هذا فيدخل في خانة النوع الثاني من الإسلام.
إسلام عقائدي : و هو اتخاذ دين الإسلام كعقيدة شاملة تشمل الحياة الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية و العسكرية، و يسمى في قاموس أمريكا للقرن الواحد و العشرين إرهابا، و كل من يتشدد لهذا النوع فهو إرهابي في نظر القاموس الجديد الذي ابتكره بوش، و الله أعلم إن كان من ابتكاره فعلا أو فرض عليه تبنيه، و لكن هذا ليس موضوعنا.
مرت سنة إلا بضعة ايام، و الإدارة الأمريكية تتهم و القاعدة تنفي علاقتها بالهجومين، إلا أن أطل علينا الشيخ أسامة بن لادن بشريط بثته قناة الجزيرة يعرض فيه تفاصيل التحضير لما أسماه غزوتي نيويورك و واشنطن، إعترف دون أدنى ضغوطات، إعترف دون تحقيق، و قدم الدليل على نفسه، و أصبح بذلك بطل شعبي من الدرجة الأولى، أصبح بطل العرب و المسلمين و حتى الأوروبيين، إعتبره الملايين من المستضعفين من المسلمين مخلصهم عندما سمعوه يعتبر الغزوتين المزعومتين مجرد تحذير و وعد و توعد بحرب ناسفة على ما يسميهم بالكفار، إستطاع إعلاميا أن يصبح أشهر رجل في العالم، و بأي شرف؟ أصبحت صوره تطبع على الملابس، و تتناقل عبر الهواتف النقالة، و تزين خلفيات الكمبيوتر، و حتى في المحلات العمومية. أرجح أن بريتني سبيرس كانت تحسده على احتلاله المرتبة الأولى بين الشخصيات الأكثر ذكرا في وسائل الإعلام العالمية، تمرالسنوات، تحتل أفغانستان من طرف أمريكا و حلفائها، يجري البحث عن أسامة و القاعدة، لا أحد، و كأنهم أطياف اختفوا بمجرد إشعال الأضواء، لكن الزعيم المزعوم بقي يراسل وسائل الإعلام من حين لآخر، و أذكر أن مجرد الإعلان عن تلقي قناة الجزيرة لتسجيل من بن لادن يجعل الجميع يتركون كل شيء و يتسمرون أمام التلفزيون في هدوء تام و يتابعون كل حرف من كلماته، و الهرمونات تصبغ وجوههم باللون الأحمر، و في نفوسهم كلمة واحدة "يا بطل"، بأي شرف؟
سنة 2003، سقوط بغداد، كالعادة، العرب يتحسرون، لكن بغداد تسقط رغم حسرتهم، يستنكرون، لكنها تسقط، ينددون، لكنها تسقط، للأسف؛ ما باليد حيلة، لقد فعلو كل ما بوسعهم، تحسروا و استنكروا و نددوا، لقد استخدموا كل مخزونهم من أسلحة الحسرة و الإستنكار و التنديد، لكن الحظ لم يحالفهم، أمريكا لم تسمعهم جيدا لأنها كانت تشغل موسيقى المدفعية على إيقاعات الصواريخ، أصبحت الأمور كلها بيد الأمريكان في العراق، و من الطبيعي أن يقاوم الشعب العراقي الإحتلال، لكن الحدث كان فرصة جيدة لتنظيم القاعدة ليعيد بعث حربه الإعلامية، ليس بغزوات مزعومة و لا حتى بمجرد تسجيلات فيديو، و لكن بطريقة تجارية، و هي بيع ترخيص لتنظيم أبو مصعب الزرقاوي لاستخدام علامتها التجارية، و أعلن بذلك ميلاد تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، التنظيم الذي تزعمه الشاب الأردني الذي اشتهر بالإجرام و القرصنة في صغره، خريج السجون، يحصل على ماركة تجارية جديدة بالمجان، الثمن الوحيد الذي عليه دفعه مقابل طبع شعار العلامة التجارية للقاعدة على وثائقهم و ديكوراتهم هو القيام بعمليات تشتهر على مستوى العالم و تتحدث عنها الجزيرة، و استحق بذلك أبو مصعب الزرقاوي لقب بن لادن الصغير و أصبح البطل الجديد في أعين المستضعفين المسلمين، بأي شرف؟
سنة 2006، لبنان تحت رحمة القصف الإسرائيلي، و إسرائيل تحت رحمة قصف حزب الله، كل كاميرات العالم تتجه لتصوير الحدث، و أعين المستضعفين المسلمين تتجه مرة أخرى إلى بطل جديد، بطل حزب الله حسن نصر الله، الذي واجه بكل جرأة الأسطورة الشرق أوسطية إسرائيل، و بدأت صوره أيضا تعلق في الأماكن العمومية الشعبية من محلات و وسائل نقل، إنه الناصر الجديد للأمة، لكن هذه المرة؛ و لاختلاف في التوجهات بين السنة و الشيعة، لم يشتري حزب الله ماركة القاعدة، بل ظل يستخدم ماركته الخاصة راسما بذلك صورة لبطل شعبي فاعل، و كما أنه لا ستوجب على كل الفنانين المرور عبر القاهرة للوصول إلى المجد، لم يمر نصر الله على القاعدة لاكتساب شعبيته، و بأي شرف؟ لم ينال شرف القول بل شرف الفعل.
الجماعة السلفية للدعوة و القتال بالجزائر، منذ 1992 إلى يومنا هذا، قتلت مئات الآلاف من الأبرياء، دمرت مئات المرافق، إغتصبت مئات العذارى، شردت آلاف العائلات، يتمت عشرات الآلاف من الأبرياء، الخسائر لا يمكن حصرها، الجميع تضرر بشكل أو بآخر، الغني و الفقير، المثقف و محدود الثقافة، الإسلامي و اللائكي، الصغير و الكبير، المدني و العسكري، إنه الدمار الشامل، لا يمكن لأحد في العالم أن يناصر الفاعل، لا يمكن لأحد أن يقول أن ما فعله الإرهاب بالجزائر مبرر، اليوم الحمد لله، الأمور تحسنت كثيرا، و استعادت الجزائر استقرارها بسبب صمود شعبها و وحدته أولا، و بفعل قيادتها السياسية و العسكرية ثانيا، لكن في ظل الإستقرار تحصلت الجماعة السلفية للدعوة و القتال على ترخيص لاستعمال العلامة التجارية لتنظيم القاعدة في المغرب العربي، بأي شرف؟ بشرف الرصيد المسبق من الإغتيالات و التفجيرات الإغتصابات و الإعتداءات و التدمير الذي مس البلد في كل جوانب الحياة، نفس التنظيم الذي قام منذ سنوات قليلة باختطاف سياح ألمان و طالب بفدية، قام مؤخرا بمحاولة اغتيال فاشلة لعمال فرنسيين ذنبهم الوحيد أنهم في الجزائر لتوفير لقمة عيشهم، إنها مجرد فرقعة لجلب الإنتباه، إن طلب الفدية عن السياح الألمان – سواء حصلوا عليها أو لم يحصلوا - يثبت شيء واحد، أن عقلية التنظيم عقلية تجارية محضة، همهم المال فقط، و تحت هذا اللواء، حصلوا على ترخيص لاستخدام علامة القاعدة، فالجماعة السلفية للدعوة و القتال كانت تعمل على مستوى محلي، أصدائها لا تتعدى وسائل الإعلام الوطنية إلى جانب بعض الإشارات السريعة في وسائل الإعلام الأجنبية، و لكن بامتلاكها لترخيص القاعدة فهي تتمتع اليوم بشهرة تفوق توقعاتهم، أصبحت جرائمهم تتقدم الأخبار في أثقل وسائل الإعلام وزنا في العالم، بأي شرف؟
بأي شرف؟
بأي شرف قام أسامة بن لادن باغتيال 3000 مدني في برجي مركز التجارة العالمي في منهاتن؟ هل أعدائه هم موظفي المصارف و الإدارات و الشركات في نيويورك؟ هل هؤلاء الأجراء أرباب العائلات هم من يقودون الحرب على المسلمين؟ ألم يكن يعلم بأن البنتاغون مصفح و يحتمل كل أنواع الإصابات؟ ألم يكن يعلم بأن مواقع أصحاب القرار في البنتاغون محمية و المكاتب المكشوفة للموظفين الإداريين فقط؟ هل الأهداف إستراتيجية فعلا؟ هل تسائل الذين اعتبروه بطلا إن كانت الأهداف المصابة ذات فوائد إستراتيجية لنصرتهم؟ لماذا لم يقوم بن لادن بتوجيه ضربته للموساد أو الكنيست في إسرائيل مثلا؟ لماذا لم يوجهها لأهداف عسكرية في أمريكا؟ لماذا ترك أعدائه الحقيقيين و اتجه للمدنيين؟ أو أن المدنيين هم أعدائه الحقيقيين؟ فليذكر أنصار بن لادن كيف كانت المرأة في أفغانستان تعدم في ملاعب كرة القدم على مرأى الآلاف ثم يشهر بجثتها و ربما لم ترتكب أي ذنب، فليذكروا كيف كان الحد المزعوم يقام علنا بكل همجية و وحشية و جاهلية.
بأي شرف؟
بأي شرف قام الزرقاوي في حياته و من خلفه من بعد، بتقتيل الأبرياء في العراق؟ تفجيرات، إختطافات، إغتيالات، و تشهير إعلامي بكل ذلك، و لا يمس الأمريكان إلا على سبيل الخطأ، العراقيين فقط يموتون بكثرة، و الأمريكان؛ نادرا. على أية مقاييس يعتمد التنظيم في اختيار أهدافه؟ المدنيين مرة أخرى في مرمى الصياد، و أي صياد؟
بأي شرف؟
بأي شرف قامت الجماعة السلفية للدعوة و القتال باغتيال أبناء الشعب الجزائري و تخريب ممتلكاتهم و اغتصاب حرماتهم؟ هل يذكر العالم فعل واحد فيه بطولة للجماعة؟ هل يذكر لهم هدف نبيل واحد؟ أو حتى مجرد كلمة يبررون بها ما يقومون به؟ هل صحيح أن الشعب الجزائري كافر و هم يطهروه من كفره؟ ذلك يجعلنا نطرح التساؤل، على أي أساس سمح بن لادن باستخدام علامته التجارية من طرف الجماعة السلفية للدعوة و القتال في الجزائر؟ أو أنه باعها بالمال؟ هل فعلا هو مقتنع بأهداف الجماعة السلفية للدعوة و القتال؟ أو هل لهذه الجماعة أهداف أصلا؟
إما أن بن لادن لا يعرف شيء على الجزائر و على شعب الجزائر المسلم و أقنعته الجماعة السلفية للدعوة و القتال بتوحيد الأهداف معه، و بالتالي فهو يعيش كالأعمى لا يعرف شيئا عن العالم، و إما أنه يعرف كل التفاصيل و لكن تقتيل المدنيين الأبرياء يسري في دمه و هو متعطش لدماء الضعفاء العزل، و ذلك الإحتمال الأرجح، هل نعتبر عملية باتنة في الجزائر عملية ذات هذف إستراتيجي؟ الساذج الذي يعرف أدنى مقاييس أمن حماية الشخصيات المهمة تؤكد له معرفته الساذجة بأن الوصول إلى أغتيال رئيس جمهورية أمر مستحيل، هل تجهل القاعدة في الجزائر ذلك؟ طبعا إنهم يعرفون جيدا إستحالة الإغتيال تقنيا، لكن الهدف لم يكن فخامة رئيس الجمهورية الجزائرية حفظه الله للأمة، و لكن الهدف كان الشعب الأعزل و المواطنين الأبرياء.
إن بن لادن من خلال علامته التجارية "القاعدة" التي تملك فروعا لها في عدة مناطق من العالم، تبنى قتل الأبرياء في أفغانستان و أمريكا و العراق و الجزائر، إن حربه معلنة على المدنيين و ليس على قوى العالم الغربي، و المتأمل في ذلك يرى كل الشواهد و الأدلة تثبت تورطه في قتل الآلاف من العزل، و تبرئته من الحرب على قوى الغرب، هذا هو شرف بن لادن، و ربما عن قريب سيتم تأسيس تنظيم القاعدة في أرض المقدس لتقتيل الأبرياء في فلسطين تحت قيادة خريج سجون يدعى الصفراوي أو الخضراوي أو السوداوي أو البرتقالاوي على وزن الزرقاوي، أو بقيادة مريض نفسي يدعى أبو مرهب أو ابو مرعب أو أبو مخلب أو أبو مضرب على وزن أبو مصعب، و بذلك سيحصل بن لادن على كل الشرف







