حدوتة مصرية... اسمها التعويض
04-02-2010, 12:08 PM
حدوتة مصرية... اسمها التعويض قال الوزير المنتدب للشؤون القانونية المصري إن سفير القاهرة لن يعود إلى الجزائر إلا إذا تم تعويض ما أسماه ''ممتلكات المصريين التي تعرضت للتخريب'' في الجزائر غداة مباراة كرة القدم بين الفراعنة والخضر. ومثل هذا التصريح لن يرفع من أسهم بورصة القاهرة ولن ينزل من قيمة التداول في بورصة الجزائر.
بعد فشل كل سيناريوهات الاعتداءات المفبركة التي سقطت في الماء مثل سقوط أوراق الأشجار الصفراء في عز الخريف، لم تجد القاهرة من قشة تتعلق بها سوى ما أضحت تردده منذ فترة بخصوص ''تعويض'' ممتلكات المصريين واستثماراتهم في الجزائر على قلتها. ويشبه هذا المطلب المصري الذي يسعى أكثر من مسؤول لتمريره، بحكاية ''ضربني وبكى وسبقني واشتكى''.
إذ بمجرد أن أثارت الحكومة الجزائرية قضية التهرب الجبائي لأكبر شركة مصرية في الجزائر في قطاع الاتصالات، ودعتها إلى ضرورة تسديد مستحقاتها دون قيد أو شرط، أخرجت القاهرة مسألة الحصول على تعويض عن بعض الشركات المصرية التي طالها التخريب أو الرشق بالحجارة بعد اعتداءات 14 نوفمبر على الجزائريين، وربطت تحقيق ذلك بعودة سفيرها للجزائر من عدمه، وهو ما يمثل نقلة نوعية في التصعيد من جانب القاهرة التي تلعب هذه الأيام على كل الأوتار.
هذا يعني أن السلطات المصرية تريد أن تكون طرفا في مسألة اقتصادية بحتة قال وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي أن حلها هو بين الشركات المتضررة وبين وكالات التأمين، وهو ما يفهم منه أن الجزائر لا تريد أن يتم الخلط بين ما هو سياسي في الأزمة والذي فشلت القاهرة بامتياز في تحقيقه، وبين ما هو ذو طابع تجاري مقنن منذ سنوات في قانون الاستثمار ولا يحتاج لأي فتوى. ويتضح من انتقال آل مبارك إلى التلويح بورقة التعويضات، كما فعلوه مع قضية بلومي والطبيب المصري، أن القاهرة تعتقد أن المجال الذي بإمكان الجزائريين ''التنازل'' فيه، هو مسألة التعويض المالي، بعدما سدت الحكومة الجزائرية آذانها حتى عن سماع أطروحاتها السياسية.
ويشبه هذا الاستفزاز المصري بخصوص ''التعويضات''، ذلك ''الشونطاج'' الذي حاول ممارسته أرباب العمل الفرنسيون بشأن قانون المالية التكميلي لسنة 2009، قبل أن يسارع وفد ''الميداف'' إلى ترميم الانتقادات واعتبار كل التدابير المتخذة من طرف الوزير الأول أحمد أويحيى تندرج ''ضمن سيادة الدولة الجزائرية''، وهي الرسالة التي يبدو أن المصريين لم يتمكنوا بعد من تشفير رموزها. وإذا كانت الجزائر قد سبقت على لسان وزير الخارجية مراد مدلسي إلى غلق الباب على أي محاولات لإخراج ملف تعويض الشركات من إطاره الطبيعي (قضية بين الشركات ووكالات التأمينات)، فلماذا تسعى حكومة أحمد نظيف إلى جعله ورقة سياسية؟
إن إثارة القاهرة لمسألة التعويض عن الشركات المصرية، وإن كان لا ترقى ورقته للمستوى الذي يمكن القاهرة من ليّ ذراع الجزائر، فإن الطريقة التي طرح بها من قبل المسؤولين المصريين لا يترك أي مجال للشك، في أن نظام مبارك موجود في ورطة، بعد فشل كل الأكاذيب التي خدر بها الشعب المصري، وها هو يريد توظيف ورقة التعويضات لإقناع أنصاره بأنه انتصر واقتص لهم من الجزائريين وأرجع لهم كل الحقوق المنقوصة، بعدما تبين أن لا حقوق كروية له لدى ''الفيفا'' لكون الملف الذي ادعى تقديمه لم يكن سوى ''هف في هف''، وأن كل العالم الرياضي في المعمورة شاهد أن فوز الخضر في الخرطوم لا غبار عليه.
وحتى وإن كان من حق الشركات المصرية التي تعرضت لـ''أضرار''، الحصول على تعويضات بموجب القانون، وهو ما ستحرص عليه شركات التأمين، فإن هرولة النظام المصري للتعلق بهذه ''القشة'' يعني أنه يريد ''تنويم'' الشعب المصري أطول مدة ممكنة بواسطة هذا التراشق مع الجزائر، وذلك حتى يتسنى له إخراج سيناريو بديل لذلك الذي سقط مع فوز الجزائر وتأهلها للمونديال، بإمكانه ترتيب رئاسيات 2011، خاصة وقد بدأت بوادرها الأولى تنذر بالحريق في بيت آل مبارك مع خروج البرادعي وهيكل لتصدر واجهة الأحداث في مصر.
ومن هذا المنطلق تريد السلطة المصرية أن تحصل على مقابل من الجزائر، مهما كان بسيطا، ليس من باب إحقاق الحق وإنما فقط حتى تحس القاهرة أن الأخت الكبرى ما زالت ''لا يرد لها طلب''. وعليه فإن كل ما في الحكاية، أن العاصفة التي نفخت فيها القاهرة طيلة أسابيع من الشتم والقذف ضد الجزائر حكومة وشعبا، وخلقت منها سحبا ورياحا ورعود، في النهاية لم تمطر لا ذهبا ولا فضة وتبينت أنها مجرد ''حدوتة مصرية'' لنظام شاخ ولم يعد بوسعه سوى إنتاج الحواديت. ¯
كلما اتذكر ان الطائرات التي تقصف السوريين سورية وقادتها سوريون بؤوامر سورية كرهت عروبتي واكاد انسلخ عن كل ما هو عربي









