تسجيل الدخول

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصصي طويلة دائما ..كما الحياة بمرّها

حاولت أن أنقص منها ...ومن أطرافها لكن الانقاص من الحقيقة خيانة عظمى

وهذه الحقيقة عشتها وحمّلتني أمانة شخصياتها ...وأحداثها .


آعبود



هواسم وليس باسم ...لااسم شجر ولا حجر ولا انسان،هو جمع بين ذلك ..

آعبود هو للهويّة عنوان .

كان جدّي رحمة الله عليه يقطع الوادي الفاصل بين الّدولتين المتجاورتين يأتي أحيانا سيرا على الأقدام
وأحيانا ممطتيا حمارة منهكة القوى .
يمرّ على أرضه المحاذات للواد ...يتسلّل خوفا من أن يره جاسوس أو داسوس ...
((لا ...لن أتركك أبدا ...لن يستولي عليك ذاك اليهودي الحقير ))يحدّث أرضه وهو مارّ بها
((سأقاضيه وسأعيدك حتما ...))تحدّثه نفسه خوفا وتوجّسا ((وكيف تشكو يهودياّ لاستعمار غاشم فكلاهما سارق ومغتصب ))

(رغم ذلك لن أستسلم ) ويهبش حفنة من تراب أرضه يشمّها بعمق ويقطع عهدا لله أمامها ..امّا أن أعيدك وامّا الموت على ثراك
ويقطع آلاف الأميال ...يحذوه الأمل واليّقين في أحقّيته للأرض

يحمل بضع أوراق ورثها عن أبيه ...أوراق مصفرّة ممزّقة الجوانب تفوح منها رائحة التّاريخ
مختومة بختم لعروشية سنة 1800م

فالأوراق أقدم من الاستعمار ..كان جدّي من المهجّرين الى الأراضي المجاورة ...على ضفة الوادي حطّ رحاله مقابلا أرضه (آعبود)

كان يولد لجدّي البنات فقط ورغم ذلك راح يشتري أراض أخرى هناك وصار من كبار الملاّك هناك ......لكن حبّه لآعبود جعله يحنّ للعودة وعمل على ذلك ....

يسرّون أهل القرية هناك ويتعجّبون لماذا يقتل نفسه ذهابا واياّبا على بلد وهو ليس له ولد ..........تساؤلهم جعله يعيد الزّواج من امرأة اخرى وتزوّج جدّي على ابنة عمّه وقلبه يتمزّق يريد فقط الولد

وحزنت والدته لحزن ابنة عمّه وقالت له وكانت أبواب السّماء مفتوحة تنتظر دعوة الأم (شوف ياولدي كيما غيّرت بنت عمّك والله تعمر بيها ولاّ تخلابيها)

وسبحان العادل الدّيان كما ولدت ابنة عمّه 8ايناث ولدت الأخرى 8 ورزق من الأخرى ولد فمات ومن ابنة عمّه ولد فمات .....لكن في الأخير وصباح عيد هلّ ابن وريث من ابنة عمّه

فبقي هومع 8بنات أربعة شقيقات وأربعة غير شقيقات لكن كلّهن اجتمعن على حبّ هذا الابن الوحيد .

واستعاد جدّي أرضه ..وكأنّ الاستعمار أراد أن يبرئ نفسه ؟؟؟

وانتصرّ جدّي على اليهودي ...وأعيد آعبود وورثه والدي بعد أن توفيّ جدّي وهو ابن ثمان سنوات ...وورث حبّ الأرض واتقان الحرث والغرس ...كان عشقه للأرض لا حدود له وكأنّ حرمانه من حضن والديه ويتمه أفرغه على ذرات من التّراب ...أعطاها الحب والحنان فأعطته ثمارا أشكالا وألوان .

كانت قدم له هنا وقدم هناك في الضّفة الأخرى ...كان فلاحا ...مقتفي اثر للمجاهدين وعونا لهم ....هناك يأويهم وهنا يزوّدهم بالسّلاح والذّخيرة والأدوية ...وساعده على ذلك

حبّ الشّعب هناك وغض الطّرف من سلطاتهم ....وان أحسّ الخطر يقفز الى الوادي هناك

ويقول بلغة مختلطة algérien
moi non

كان يخشى رصاصة غادرة ....وكانوا يخشون صراعات اخرى مع الدّولة المجاورة ...
واستقلّت الجزائر فعاد أبي مع أبنائه يحتضن آعبود بكلّ حرّية وتحتضنه أرضه ...عادوا وكان لهم حقّ العودة ...

خديجة زوجته عون وسند هناك وهنا ...كان عشقها للأرض يفوق عشقه ،ان رات تكاسلا من أولادها ،حملت الأكل في صرّة وذهبت شامخة الرّأس ...

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
يردّ الزّوج وعليك السّلام ورحمة الله :
(الله يعاون الفلاحة)
(يرحم والديك)
(اياّ رواح تفطر وتريّح روحك شوية)
(راني جاي ...باقيلي غير هاذ الحوض نسقيه ونجي)

حبّ امتزج بتراب الأرض وانتعش بنسيم الصّباح وشهد عليه الشّجر والحجر والساّقية التّي لاتنضب أبدا .
(شفتي الجلبان راه ينوّر ...هاذ السنا الفلاحة ملّي فاتت...)
(ايه ...الحمد لله)
(يعطيك الصّحة ...هاذي مرقة )
(بصحتك ..)
(الله يعطيك الصّحة ويسلمك)
(والعود لزرق فين راه ...)
(راه جيهت الشّرشارة )
(نروح نفّقده ونرجع ...)
(بالسّلامة ...حتّى أنا نروح نتوضا ونصلّي)


تمرّ السّنوات ويزداد الحب وتزداد الأرض في العطاء ...وينفر الأبناء

(عمر نوض تلحق باباك ...)
(ما نّوضش ومانروحش ...كل يوم الخدما ..ماكرهتوش تمّارة ..)
(وأنت ماكرهتش الرّقاد ..)

عمر الابن الأصغر مدلّل بل ثلاثتهم مدلّليل فالأب حرم من حب الأخ فبالغ في حبّهم وكذا الوالدة ...

عمر لا يدرس ولا يعمل يتقن شيئين اثنين الأكل والنّوم ...أماّالأكبر والأوسط فلهم عمل يدرّ عليهم أموالا طائلة ما تلبث أن تذهب أدراج الرّياح ....وعملهم كان كعمل جلّ شباب القرية

التّهريب .....وطريق العبور آعبود ...يمروّن على والدهم وهو تحت شجر الرّماّن يقلمّه ....
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته يقول رابح :
(....ماشفتش لعسكر اذا هودوا للواد ..)

الوالدبصوت مبحوح من الألم :(لاّ ماهودوش )

يودّع الابن والده ويرمقه هذا المغلوب بنظرة شفقة ،خوف ممزوجة بغضب خفي ...

يحمل الأبناء الى الضّفة الأخرى كلّ مالذّ وطاب من خيرات الجزائر (سميد ...فرينة ...زيت ...حليب ...كل أنواع الحوت ..حتّى أواني الألمنيوم هرّبت )تبادل تجاري سرّي للغاية

ويأتي اللّيل محمّلا بكيلوغرامات من الكيف وقنّينات مصفّحة من الخمر ....يستبدلون الذي هو خير بالذّي هو أدنى ...الطّيّب مقابل الخبيث ..على مرأى وسمع الوالد ..لا ينطق خوفا وحباّ لهم ولعلّ وعسى .

يطأطئ الأب رأسه وتخرس الأم البنت الصّغرى التّي لا تحبّ هذا الذلّ والخضوع باسم الحب .

وطوال اللّيل يصرخ الحجر والشّجر في آعبود ...واذامرّت به دورية عسكر أو درك ينادي بأعلى صوته الذّي يتردّد صداه في عمق الوادي (آآآآي أنت أيّها الدّركي ورائي كيف معالج مخبء ،)يقول الصّخر

وتقول شجرة الرّماّن (..أنظر بين أخصاني خمر ...)

يصيح آآآآآآعبود (نظّفوني من هذا النّجس ...)

لكنّ الدّركي لا يسمع والعسكري لايرى والشّرطي لا يتكلّم ....فقد كبّلت ضمائرهم تلك الحفنة من النّقود ...أو تلك القنّينة من الخمر الغالي الثّمن ...


فالكلّ اتّحد في تخريب الجزائر ...................


يتبع ......

آعبود ... قصة مشوقة جدا ،،

سنكون في متابعتها ان شاء الله ،،

بارك الله فيك أخي

آآآآآآآعبود الجزائر العميقة
في انتظار المتابعة
شكرا جزيلا لك على مشاركتنا لإبداعك