أضواء علي اليزيدية (2): مختصر عقائد اليزيدية
24-08-2012, 11:17 PM
هذه المقالة تعتبر ملخصا جيدا لمجمل دين اليزيدية في الوقت الحالي ومنها يتضح:
1. أنها فرقة باطنية إنشقت عن الصوفية وخلطت الإسلام بكثير من العقائد الشركية القديمة حتي خرجت بدين جديد
2. لا يقدسون من البشر إلا عدي بن مسافر و الحسن البصري و يزيد بن معاوية لدرجة تأليه الثلاثة وكلها شخصيات إسلامية , مما يرجح جذور دينهم الاسلامية قبل الردة
3. يقرون بالايمان بالله والملائكة والقرآن والرسول صلي الله عليه وسلم وببعض الصحابة كعلي وسلمان
والآن مع المقال:
تعتبر اليزيدية من المذاهب التي تثير الكثير من التساؤلات حول حقيقتها، وأفكارها، وأتباعها، فهي طائفة تعود بأصولها إلى القرن الثاني عشر الميلادي، مع الشيخ عادي بن مسافر الأموي الذي ولد في دمشق، وتوفي في "لالش" التي تبعد حوالي 10 كيلو مترات عن "شيخان"، ويعتبر قبره أهم المزارات اليزيدية، وتضم خليطا من الأكراد والأتراك والفرس والعرب، ويتركز وجودها في منطقتين: الأولى شيخان في العراق، والثانية في سنجار التي تقع في منطقة معزولة قرب الحدود السورية، كما أنهم يتواجدون بأعداد أقل في تركيا وألمانيا. ونظرا لأنه لم يجر إحصاء دقيق لتعداد السكان في العراق، فإن المصادر المتاحة اختلفت حول تعداد اليزيديين، فبعضها يشير إلى أن عددهم لا يتجاوز الـ 300 ألف نسمة في العراق لوحدها، فيما تؤكد مصادر أخرى أن عددهم يصل إلى نحو 750 ألفا، إضافة إلى 1.5 مليون في شتى أنحاء العالم.
* أصل عقيدتهم
ترجع بعض المصادر أصل اليزيديين إلى الآشوريين، في حين يقول معظم المؤرخين وعلماء الأجناس أن اليزيديين ينحدرون من العنصر نفسه الذي ينتمي إليه الأكراد، وأنهم كانوا من أتباع العقيدة الزرادشتية ويعبدون "الطاووس"، الذي ما زالوا يتخذونه رمزا، يزينون به معابدهم وبيوتهم. فيما يذهب باحثون آخرون إلى أن اليزيديين ينتسبون إلى مدينة يزد أو يزدان في إيران، ومعنى التسمية "الله"، وهو الأمر الذي يؤكده اليزيديون أنفسهم الذين يقولون إنهم اشتقوا اسمهم من اسم كردي يعني "أتباع الله". كما ينسب البعض التسمية إلى مكان مقدس لديهم في شمال العراق يدعى "يزدم"، وينسبهم بعض المؤرخين إلى السومرية. وثمة من يرى أنهم جماعة من الغلاة يرجعون لأصل مجوسي، ادّعو الإسلام بعد المجوسية واعتقدوا بألوهية يزيد بن معاوية.
يقول بابا شيخ، الكاهن الأكبر حاليا لهذه الطائفة: "إن دماء اليزيديين صافية لأنهم يتزوجون من بعضهم البعض، ولا يقبلون أحدا من الديانات الأخرى، ولفظ "معتنقي" الدين الجديد لا يوجد لديهم، لأنهم لا يقبلون أبناء الديانات الأخرى، ومن يخرج عن ملتهم نصيبه القتل"، وأشار إلى أنه لا تحديد لعدد الزيجات، وكل من لديه القدرة المالية يتزوج بأكبر عدد من النساء، أما هو شخصيا فمحرم عليه متعة الزواج أو الاقتران بالنساء".
* "طاووس ملك"
عقائد وأفكار هذه الطائفة يمكن وصفها بأنها تضم خليطا من العادات المحلية، وبعض الأساطير الأخرى المرتبطة ببداية خلق الله لآدم، وموقف إبليس - الذي يسمونه بـ"طاووس ملك" - من السجود لآدم. ويعتمد تقديسهم لـ"طاووس ملك" على قصة مؤداها أن الله بعدما خلق آدم دعا الملائكة للسجود له، فسجدوا إلا إبليس الذي نجح - حسب زعمهم - في الاختبار بعدم السجود لأحد إلا لله، لذا سماه الله "طاووس الملائكة"!. فيرون أن الله أمر طاووس ملك أن يصنع صورة آدم من نار وهواء وتراب وماء فصنع ذلك أي شكل آدم، في اليوم التالي أمره أن ينفخ في أذن آدم في آلة شبه البوق أو المزمار ثلاث مرات ولما نفخ طاووس ملك في أذن آدم قام على رجليه، وفي اليوم التالي أمره أن يدخل آدم إلى جنة الفردوس وبقي في الفردوس أربعين سنة إلا أربعين دقيقة! وبعد ذلك خلق حواء من تحت إبط آدم الشمال وكانت معه في الفردوس. بعد هذه المدة رأى أمره تعالى في اللوح المحفوظ أن يخرج آدم وحواء من الفردوس لأن وعده كمل ويجب أن يتناسل البشر. كما أن طاووس ملك بعد نزول آدم وحواء إلى الأرض علمهم جميع الأشغال البشرية.
وعن تسميتهم، تخبرنا رواياتهم بأنه بعد أن نزل آدم وحواء إلى الأرض عرفوا بأن التناسب لن يحدث إلا بمشاركة الذكر مع الأنثى.. فآدم كان يقول النسل هو مني وهكذا حواء كانت تقول النسل مني.. وعلى هذا حدث النزاع بينهما، وبعد البحث الدقيق صار الرأي والاتفاق بينهما على أن كل واحد منهما يلقي شهوته في جرة وهكذا عملا وختما الجرتين إلى مدة تسعة اشهر وعند نهاية التسعة أشهر فتح آدم جرته فخرج منها طفلان ذكر وأنثى واسمهما "شيث" و"هورية" ومنهما تناسلت الأمة اليزيدية. ولما فتحت جرة حواء وإذا فيها ديدان عفنة ومكروهة وسائر الحشرات النجسة!. وبعد هذا عرف آدم حواء امرأته فولدت طفلين، ذكرا وأنثى، واسمهما قاين وقليومة ومنهما تناسلت باقي الطوائف مثل النصارى واليهود وغيرهم!.
ويعتقد اليزيديون بسبعة آلهة أي سبعة ملائكة، وأن الإله العظيم خلق هؤلاء السبعة ملائكة أو السبعة آلهة من نوره، وهم عزرائيل، ودردائيل، وميخائيل، وإسرافيل (طاووس ملك)، وزرزائيل، وشمخائيل، ونورائيل (وهو يزيد). وإن الله القهار العظيم كان قد صنع له مركبا وكان يسير عليه في جوانب البحار بذاته وأنه خلق من ذاته درة وحكم عليها أربعين ألف سنة وبعد ذلك غضب عليها ورماها، فيا للعجب إذ صار من غضبه الجبال ومن دخانها السماوات، وصعد الله إلى السماوات وجمدها وثبتها بغير أعمدة، وبصق على الأرض وأخذ بيده قلما وبدأ بكتابة الخلائق جميعها!. وقال للإله الثاني أنا خلقت السماء وحسبي فاصعد أنت إلى السماء واخلق شيئا ما فصعد وأبدع الشمس، وقال للثالث اصعد أنت أيضا واخلق شيئا فصعد وكوّن القمر، وهكذا صعد الرابع أيضا وصور الفلك، وصعد الخامس وأبدع البرج أي نجمة الصبح، وخلق السادس جميع ثمار ونباتات الأرض، والسابع أخذ بيده قلما وكتب جميع الأحياء والأموات من جميع المخلوقات برا وبحرا. وبهذا فإن اليزيدية يؤمنون بوجود الله أكبر خالق لهذا الكون، إلا أنه الآن لا يعنى بشؤونه بعد أن فوض أمر تدبيره وإدارته إلى مساعده ومنفذ مشيئته "طاووس ملك" الذي يرتفع في أذهان اليزيدية إلى مرتبة الألوهية حتى أنهم يسبحونه ويتضرعون إليه ويكادون ينسون من أجله الإله الأكبر المتعالي عن هذا العالم!.
وطاووس ملك هذا هو الملاك الأعظم الذي عصى أمر الله قديما فعاقبه الله على خطيئته فندم عليها وظل يبكي سبعة آلاف سنة حتى ملأ سبع جرار من دموعه وألقاها في جهنم فأطفأ نارها فأعاده الله إلى مركزه الرفيع في إدارة الكون!. ولذلك فإن أهل الديانات الأخرى يخطئون - بنظر اليزيدية - حين يدعون هذا الملاك الأعظم الشيطان ويلعنونه ويعتقدون أنه خالق الشر.
أما نبي هذه الديانة ومصلحها فهو الشيخ عادي الذي يروي عنه اليزيديون أخبارا وروايات عديدة ويرفعونه أحيانا إلى ما فوق درجة النبوة والقداسة حتى يتحد بطاووس ملك ويشترك معه في الألوهية. ومن هذه الروايات ما ينطبق على الشيخ عدي بن مسافر الذي رحل إلى الجبال الواقعة شرقي الموصل، حيث بنى له زاوية جمع حوله طلبته ومريديه فعظمت شهرته وعلا صيته إلى أن توفي في منتصف القرن السادس للهجرة، على أننا إذا راجعنا الكتب التي ألفها هذا الشيخ المتصوف أو التعاليم الدينية التي نشرها تلامذته وقابلناها بمعتقدات اليزيدية لم نجد بينها علاقة خاصة تسترعي الانتباه، فلا تزال شخصية الشيخ عادي وعلاقته بعدي بن مسافر غامضة لم يجلها البحث، ولا يزال مع ذلك أهل هذه الفرقة يقدسون ذكره ويحجون لقبره.
* الزواج
الزواج لدى اليزيدية يجب أن يكون من ضمن الطبقة الاجتماعية نفسها، حيث أنهم يشددون على ذلك ولهم قول (الغرباء لا يحفظون الترتيب مثلنا وليس لهم جنس معلوم ومسمى كما لنا، فنحن يوجد عندنا الأمير ابن الأمير، والشيخ ابن الشيخ، و...الخ) ويستثنى من ذلك الأمير، إذ أنه مأذون له أن يأخذ كل من يشتهي بدون مانع. والزواج من ابنة عشر سنين إلى ثمانين سنة مباح، ومن طقوس الزواج عندهم أنهم يحضرون رغيف خبز من بيت الأمير وإذا ما كان بيت الأمير فمن بيت الشيخ أو من بيت أحد الأكابر مضيف الغرباء من اليزيدية، ويعطون نصف هذا الرغيف للعريس ونصفه الآخر للعروس وفي حالة رضى الطرفين فإنهما يأكلانه كقاعدة من قواعد وأصول الخطبة وعقد النكاح.. أو يحضرون قليلا من تراب الشيخ عادي يأكلانه عوضا عن الخبز! .
ولا يتزوج الرجل منهم امرأة أخيه أو امرأة عمه أو امرأة خاله أو يجمع بين أختين. واليزيدي إذا أخذ امرأة وولدت له أولادا فلا يرخص له أن يأخذ غيرها وإذا لم تنجب له أولادا فإنه يرخص له أن يأخذ غيرها. وعن الطبل وضرورة وجوده في العرس لهم في ذلك رواية حيث يقولون: في الزمن القديم حدثت منازعة بين رجل وامرأته، إذ الرجل يقول إنها امرأته بينما المرأة تنكر أنه زوجها، فقام واحد وأصلح بينهما، وأمر أن يكون في كل عرس طبل ومزمار من أجل الشهادة على الزواج لكي يسمع الناس أن فلانا أخذ فلانة وفق أصول الشريعة. كما أنه لا يجوز الزواج في شهر إبريل لأن الأنبياء - حسب زعمهم - تزوجوا في هذا الشهر.. لذلك إكراما وتبجيلا لوقار الأنبياء يمتنعون عن الزواج في هذا الشهر. أما عن الميراث فإن البنت ليس لها ميراث عند أبيها بل يبيعها كقطعة الأرض، وإذا ما أرادت أن تتزوج فيلزم أن تدفع لأبيها فضة أو شيئا مما تملك.
* محرمات وغرائب
من غرائب اليزيديون أنهم لا يأكلون الخس، لأن الشيخ عادي قال عن أرض مزروعة خس "هذا لا يجب لأحد أن يأكله"!، والى الآن الخس محرم على كل يزيدي حتى أن الأرض التي يزرع فيها الخس لا يدوسونها، كما أنهم لا يأكلون لحم الغزال لقولهم أن عيونه تشبه عيون الشيخ عادي، ولا يأكلون لحما ميتا، ومنهم من لا يأكل السمك إكراما للسمكة التي حفظت النبي يونس!. كما حرموا اللون الأزرق لأنه أبرز ألوان الطاووس، وإذا اشترى أو عمل أحدهم ثوبا جديدا عليه أن يعمده بماء مبارك موجود بحضرة الشيخ عادي، وإذا لم يفعل ذلك فقد كفر!.
ويتجنب اليزيديون التلفظ بكلمة فيها حرف من حروف كلمة "الشيطان" وبصورة خاصة حرف "الشين" منها، وإذا قال أحدهم كلمة "الشيطان"، متعمدا حل قتله، لهذا كانوا يطمسون ما ورد في القرآن الكريم من كلمات لا تناسب أذواقهم كالتعوذ واللعنة والشيطان بوضع قطعة شمع عليها، لاعتقادهم أن ذلك لم يكن موجودا في أصل القرآن! وأن ذلك زيادة من صنع المسلمين، ولذلك فهم لا يستطيعون دخول المساجد، لأن المسلمين يلعنون الشيطان في صلواتهم، ويجب على اليزيدي إذا سمع المصلي يتعوذ من الشيطان أن يقتله فورا أو ينتحر، فإن لم ير سبيلا إلى ذلك صام أسبوعا وقدم ضحية للطاووس.
ولا يمشط اليزيدي بمشط مسلم أو يهودي، ويمنع من البصاق على الأرض لما في ذلك من رمز الإهانة لطاووس ملك. ويعتقدون أن الحمام والمرحاض من ملاجئ الشيطان في نظر المسلمين، فلا يدخل اليزيدي مرحاضا ولا يغتسل في حمام، وحرموا على اليزيدي النظر إلى وجه المرأة غير اليزيدية ومداعبة المرأة التي حرمتها الشريعة عليه من جنسه.
يعتقد اليزيديون أن الروح تتناسخ وتحل في جسد آخر، حيث الزاني تنزل روحه إلى خنزير، والكاذب تنزل روحه إلى حمار، والظالم تنزل روحه إلى كلب، ومن مات سارقا تنزل روحه إلى قطة. وإذا مات ولد لا يعرف الخير والشر، يبقى أربعين يوما في جنة شداد بن عاد وبعده ترجع روحه إلى البشر فإن كان ذكرا فتحل في ذكر وإن كان أنثى ففي أنثى، ويعتقد اليزيديون أن البعض ينتقل سبع مرات من جنس إلى جنس آخر أو من جلد لآخر بالترقي إلى أن يصير إلى الغزال أو الخروف، وبعده يرتقي إلى فرس أصيل عند أحد الملوك أو الأمراء وبعد ذلك يلبس الجسد الإنساني ثانية!.
والشهادة عندهم هي: "أشهد واحد الله، سلطان يزيد حبيب الله"، وليس لهم صلاة عامة بل هناك طقوس خاصة بهم، إذ يتوجهون إلى مطلع الشمس عند الشروق وإلى مغربها عند الغروب فيلثمون الأرض ويعفرون وجوههم بالتراب ويقرؤون بعض الأدعية وهي خليط من اللغة العربية والفارسية والكردية، ويصلون في ليلة منتصف شعبان بزعم أنها تعوضهم عن صلاة سنة كاملة!.
والصوم عندهم على قسمين، صوم العامة وهو صوم يزيد، ويكون في أول ثلاثاء وأربعاء وخميس الأول من شهر ديسمبر، لأنه يصادف عيد ميلاد يزيد بن معاوية، وصوم الخاصة وهو عبارة عن ثمانين يوما يصومها رجل الدين!.
وإذا مات واحد من اليزيدية يجب أن يكون عنده شيخ يحضر له قليلا من تراب الشيخ عادي، يضعون منه قليلا بكفه وعلى وجهه، يمسحونه به قبل دفنه. وبعد الدفن يضعون قليلا من فضلات الغنم على قبره خوفا من أن تأتي الوحوش عليه!. والكواجك (وهم فئة من الفئات الاجتماعية الدنيا عند اليزيدية) يسهرون على قبر الميت، وبالأحلام والاكتشافات يخبرون أهل الميت ماذا صار بعد موته!.
كتبها حسام فتحي أبو جبارة
1. أنها فرقة باطنية إنشقت عن الصوفية وخلطت الإسلام بكثير من العقائد الشركية القديمة حتي خرجت بدين جديد
2. لا يقدسون من البشر إلا عدي بن مسافر و الحسن البصري و يزيد بن معاوية لدرجة تأليه الثلاثة وكلها شخصيات إسلامية , مما يرجح جذور دينهم الاسلامية قبل الردة
3. يقرون بالايمان بالله والملائكة والقرآن والرسول صلي الله عليه وسلم وببعض الصحابة كعلي وسلمان
والآن مع المقال:
تعتبر اليزيدية من المذاهب التي تثير الكثير من التساؤلات حول حقيقتها، وأفكارها، وأتباعها، فهي طائفة تعود بأصولها إلى القرن الثاني عشر الميلادي، مع الشيخ عادي بن مسافر الأموي الذي ولد في دمشق، وتوفي في "لالش" التي تبعد حوالي 10 كيلو مترات عن "شيخان"، ويعتبر قبره أهم المزارات اليزيدية، وتضم خليطا من الأكراد والأتراك والفرس والعرب، ويتركز وجودها في منطقتين: الأولى شيخان في العراق، والثانية في سنجار التي تقع في منطقة معزولة قرب الحدود السورية، كما أنهم يتواجدون بأعداد أقل في تركيا وألمانيا. ونظرا لأنه لم يجر إحصاء دقيق لتعداد السكان في العراق، فإن المصادر المتاحة اختلفت حول تعداد اليزيديين، فبعضها يشير إلى أن عددهم لا يتجاوز الـ 300 ألف نسمة في العراق لوحدها، فيما تؤكد مصادر أخرى أن عددهم يصل إلى نحو 750 ألفا، إضافة إلى 1.5 مليون في شتى أنحاء العالم.
* أصل عقيدتهم
ترجع بعض المصادر أصل اليزيديين إلى الآشوريين، في حين يقول معظم المؤرخين وعلماء الأجناس أن اليزيديين ينحدرون من العنصر نفسه الذي ينتمي إليه الأكراد، وأنهم كانوا من أتباع العقيدة الزرادشتية ويعبدون "الطاووس"، الذي ما زالوا يتخذونه رمزا، يزينون به معابدهم وبيوتهم. فيما يذهب باحثون آخرون إلى أن اليزيديين ينتسبون إلى مدينة يزد أو يزدان في إيران، ومعنى التسمية "الله"، وهو الأمر الذي يؤكده اليزيديون أنفسهم الذين يقولون إنهم اشتقوا اسمهم من اسم كردي يعني "أتباع الله". كما ينسب البعض التسمية إلى مكان مقدس لديهم في شمال العراق يدعى "يزدم"، وينسبهم بعض المؤرخين إلى السومرية. وثمة من يرى أنهم جماعة من الغلاة يرجعون لأصل مجوسي، ادّعو الإسلام بعد المجوسية واعتقدوا بألوهية يزيد بن معاوية.
يقول بابا شيخ، الكاهن الأكبر حاليا لهذه الطائفة: "إن دماء اليزيديين صافية لأنهم يتزوجون من بعضهم البعض، ولا يقبلون أحدا من الديانات الأخرى، ولفظ "معتنقي" الدين الجديد لا يوجد لديهم، لأنهم لا يقبلون أبناء الديانات الأخرى، ومن يخرج عن ملتهم نصيبه القتل"، وأشار إلى أنه لا تحديد لعدد الزيجات، وكل من لديه القدرة المالية يتزوج بأكبر عدد من النساء، أما هو شخصيا فمحرم عليه متعة الزواج أو الاقتران بالنساء".
* "طاووس ملك"
عقائد وأفكار هذه الطائفة يمكن وصفها بأنها تضم خليطا من العادات المحلية، وبعض الأساطير الأخرى المرتبطة ببداية خلق الله لآدم، وموقف إبليس - الذي يسمونه بـ"طاووس ملك" - من السجود لآدم. ويعتمد تقديسهم لـ"طاووس ملك" على قصة مؤداها أن الله بعدما خلق آدم دعا الملائكة للسجود له، فسجدوا إلا إبليس الذي نجح - حسب زعمهم - في الاختبار بعدم السجود لأحد إلا لله، لذا سماه الله "طاووس الملائكة"!. فيرون أن الله أمر طاووس ملك أن يصنع صورة آدم من نار وهواء وتراب وماء فصنع ذلك أي شكل آدم، في اليوم التالي أمره أن ينفخ في أذن آدم في آلة شبه البوق أو المزمار ثلاث مرات ولما نفخ طاووس ملك في أذن آدم قام على رجليه، وفي اليوم التالي أمره أن يدخل آدم إلى جنة الفردوس وبقي في الفردوس أربعين سنة إلا أربعين دقيقة! وبعد ذلك خلق حواء من تحت إبط آدم الشمال وكانت معه في الفردوس. بعد هذه المدة رأى أمره تعالى في اللوح المحفوظ أن يخرج آدم وحواء من الفردوس لأن وعده كمل ويجب أن يتناسل البشر. كما أن طاووس ملك بعد نزول آدم وحواء إلى الأرض علمهم جميع الأشغال البشرية.
وعن تسميتهم، تخبرنا رواياتهم بأنه بعد أن نزل آدم وحواء إلى الأرض عرفوا بأن التناسب لن يحدث إلا بمشاركة الذكر مع الأنثى.. فآدم كان يقول النسل هو مني وهكذا حواء كانت تقول النسل مني.. وعلى هذا حدث النزاع بينهما، وبعد البحث الدقيق صار الرأي والاتفاق بينهما على أن كل واحد منهما يلقي شهوته في جرة وهكذا عملا وختما الجرتين إلى مدة تسعة اشهر وعند نهاية التسعة أشهر فتح آدم جرته فخرج منها طفلان ذكر وأنثى واسمهما "شيث" و"هورية" ومنهما تناسلت الأمة اليزيدية. ولما فتحت جرة حواء وإذا فيها ديدان عفنة ومكروهة وسائر الحشرات النجسة!. وبعد هذا عرف آدم حواء امرأته فولدت طفلين، ذكرا وأنثى، واسمهما قاين وقليومة ومنهما تناسلت باقي الطوائف مثل النصارى واليهود وغيرهم!.
ويعتقد اليزيديون بسبعة آلهة أي سبعة ملائكة، وأن الإله العظيم خلق هؤلاء السبعة ملائكة أو السبعة آلهة من نوره، وهم عزرائيل، ودردائيل، وميخائيل، وإسرافيل (طاووس ملك)، وزرزائيل، وشمخائيل، ونورائيل (وهو يزيد). وإن الله القهار العظيم كان قد صنع له مركبا وكان يسير عليه في جوانب البحار بذاته وأنه خلق من ذاته درة وحكم عليها أربعين ألف سنة وبعد ذلك غضب عليها ورماها، فيا للعجب إذ صار من غضبه الجبال ومن دخانها السماوات، وصعد الله إلى السماوات وجمدها وثبتها بغير أعمدة، وبصق على الأرض وأخذ بيده قلما وبدأ بكتابة الخلائق جميعها!. وقال للإله الثاني أنا خلقت السماء وحسبي فاصعد أنت إلى السماء واخلق شيئا ما فصعد وأبدع الشمس، وقال للثالث اصعد أنت أيضا واخلق شيئا فصعد وكوّن القمر، وهكذا صعد الرابع أيضا وصور الفلك، وصعد الخامس وأبدع البرج أي نجمة الصبح، وخلق السادس جميع ثمار ونباتات الأرض، والسابع أخذ بيده قلما وكتب جميع الأحياء والأموات من جميع المخلوقات برا وبحرا. وبهذا فإن اليزيدية يؤمنون بوجود الله أكبر خالق لهذا الكون، إلا أنه الآن لا يعنى بشؤونه بعد أن فوض أمر تدبيره وإدارته إلى مساعده ومنفذ مشيئته "طاووس ملك" الذي يرتفع في أذهان اليزيدية إلى مرتبة الألوهية حتى أنهم يسبحونه ويتضرعون إليه ويكادون ينسون من أجله الإله الأكبر المتعالي عن هذا العالم!.
وطاووس ملك هذا هو الملاك الأعظم الذي عصى أمر الله قديما فعاقبه الله على خطيئته فندم عليها وظل يبكي سبعة آلاف سنة حتى ملأ سبع جرار من دموعه وألقاها في جهنم فأطفأ نارها فأعاده الله إلى مركزه الرفيع في إدارة الكون!. ولذلك فإن أهل الديانات الأخرى يخطئون - بنظر اليزيدية - حين يدعون هذا الملاك الأعظم الشيطان ويلعنونه ويعتقدون أنه خالق الشر.
أما نبي هذه الديانة ومصلحها فهو الشيخ عادي الذي يروي عنه اليزيديون أخبارا وروايات عديدة ويرفعونه أحيانا إلى ما فوق درجة النبوة والقداسة حتى يتحد بطاووس ملك ويشترك معه في الألوهية. ومن هذه الروايات ما ينطبق على الشيخ عدي بن مسافر الذي رحل إلى الجبال الواقعة شرقي الموصل، حيث بنى له زاوية جمع حوله طلبته ومريديه فعظمت شهرته وعلا صيته إلى أن توفي في منتصف القرن السادس للهجرة، على أننا إذا راجعنا الكتب التي ألفها هذا الشيخ المتصوف أو التعاليم الدينية التي نشرها تلامذته وقابلناها بمعتقدات اليزيدية لم نجد بينها علاقة خاصة تسترعي الانتباه، فلا تزال شخصية الشيخ عادي وعلاقته بعدي بن مسافر غامضة لم يجلها البحث، ولا يزال مع ذلك أهل هذه الفرقة يقدسون ذكره ويحجون لقبره.
* الزواج
الزواج لدى اليزيدية يجب أن يكون من ضمن الطبقة الاجتماعية نفسها، حيث أنهم يشددون على ذلك ولهم قول (الغرباء لا يحفظون الترتيب مثلنا وليس لهم جنس معلوم ومسمى كما لنا، فنحن يوجد عندنا الأمير ابن الأمير، والشيخ ابن الشيخ، و...الخ) ويستثنى من ذلك الأمير، إذ أنه مأذون له أن يأخذ كل من يشتهي بدون مانع. والزواج من ابنة عشر سنين إلى ثمانين سنة مباح، ومن طقوس الزواج عندهم أنهم يحضرون رغيف خبز من بيت الأمير وإذا ما كان بيت الأمير فمن بيت الشيخ أو من بيت أحد الأكابر مضيف الغرباء من اليزيدية، ويعطون نصف هذا الرغيف للعريس ونصفه الآخر للعروس وفي حالة رضى الطرفين فإنهما يأكلانه كقاعدة من قواعد وأصول الخطبة وعقد النكاح.. أو يحضرون قليلا من تراب الشيخ عادي يأكلانه عوضا عن الخبز! .
ولا يتزوج الرجل منهم امرأة أخيه أو امرأة عمه أو امرأة خاله أو يجمع بين أختين. واليزيدي إذا أخذ امرأة وولدت له أولادا فلا يرخص له أن يأخذ غيرها وإذا لم تنجب له أولادا فإنه يرخص له أن يأخذ غيرها. وعن الطبل وضرورة وجوده في العرس لهم في ذلك رواية حيث يقولون: في الزمن القديم حدثت منازعة بين رجل وامرأته، إذ الرجل يقول إنها امرأته بينما المرأة تنكر أنه زوجها، فقام واحد وأصلح بينهما، وأمر أن يكون في كل عرس طبل ومزمار من أجل الشهادة على الزواج لكي يسمع الناس أن فلانا أخذ فلانة وفق أصول الشريعة. كما أنه لا يجوز الزواج في شهر إبريل لأن الأنبياء - حسب زعمهم - تزوجوا في هذا الشهر.. لذلك إكراما وتبجيلا لوقار الأنبياء يمتنعون عن الزواج في هذا الشهر. أما عن الميراث فإن البنت ليس لها ميراث عند أبيها بل يبيعها كقطعة الأرض، وإذا ما أرادت أن تتزوج فيلزم أن تدفع لأبيها فضة أو شيئا مما تملك.
* محرمات وغرائب
من غرائب اليزيديون أنهم لا يأكلون الخس، لأن الشيخ عادي قال عن أرض مزروعة خس "هذا لا يجب لأحد أن يأكله"!، والى الآن الخس محرم على كل يزيدي حتى أن الأرض التي يزرع فيها الخس لا يدوسونها، كما أنهم لا يأكلون لحم الغزال لقولهم أن عيونه تشبه عيون الشيخ عادي، ولا يأكلون لحما ميتا، ومنهم من لا يأكل السمك إكراما للسمكة التي حفظت النبي يونس!. كما حرموا اللون الأزرق لأنه أبرز ألوان الطاووس، وإذا اشترى أو عمل أحدهم ثوبا جديدا عليه أن يعمده بماء مبارك موجود بحضرة الشيخ عادي، وإذا لم يفعل ذلك فقد كفر!.
ويتجنب اليزيديون التلفظ بكلمة فيها حرف من حروف كلمة "الشيطان" وبصورة خاصة حرف "الشين" منها، وإذا قال أحدهم كلمة "الشيطان"، متعمدا حل قتله، لهذا كانوا يطمسون ما ورد في القرآن الكريم من كلمات لا تناسب أذواقهم كالتعوذ واللعنة والشيطان بوضع قطعة شمع عليها، لاعتقادهم أن ذلك لم يكن موجودا في أصل القرآن! وأن ذلك زيادة من صنع المسلمين، ولذلك فهم لا يستطيعون دخول المساجد، لأن المسلمين يلعنون الشيطان في صلواتهم، ويجب على اليزيدي إذا سمع المصلي يتعوذ من الشيطان أن يقتله فورا أو ينتحر، فإن لم ير سبيلا إلى ذلك صام أسبوعا وقدم ضحية للطاووس.
ولا يمشط اليزيدي بمشط مسلم أو يهودي، ويمنع من البصاق على الأرض لما في ذلك من رمز الإهانة لطاووس ملك. ويعتقدون أن الحمام والمرحاض من ملاجئ الشيطان في نظر المسلمين، فلا يدخل اليزيدي مرحاضا ولا يغتسل في حمام، وحرموا على اليزيدي النظر إلى وجه المرأة غير اليزيدية ومداعبة المرأة التي حرمتها الشريعة عليه من جنسه.
يعتقد اليزيديون أن الروح تتناسخ وتحل في جسد آخر، حيث الزاني تنزل روحه إلى خنزير، والكاذب تنزل روحه إلى حمار، والظالم تنزل روحه إلى كلب، ومن مات سارقا تنزل روحه إلى قطة. وإذا مات ولد لا يعرف الخير والشر، يبقى أربعين يوما في جنة شداد بن عاد وبعده ترجع روحه إلى البشر فإن كان ذكرا فتحل في ذكر وإن كان أنثى ففي أنثى، ويعتقد اليزيديون أن البعض ينتقل سبع مرات من جنس إلى جنس آخر أو من جلد لآخر بالترقي إلى أن يصير إلى الغزال أو الخروف، وبعده يرتقي إلى فرس أصيل عند أحد الملوك أو الأمراء وبعد ذلك يلبس الجسد الإنساني ثانية!.
والشهادة عندهم هي: "أشهد واحد الله، سلطان يزيد حبيب الله"، وليس لهم صلاة عامة بل هناك طقوس خاصة بهم، إذ يتوجهون إلى مطلع الشمس عند الشروق وإلى مغربها عند الغروب فيلثمون الأرض ويعفرون وجوههم بالتراب ويقرؤون بعض الأدعية وهي خليط من اللغة العربية والفارسية والكردية، ويصلون في ليلة منتصف شعبان بزعم أنها تعوضهم عن صلاة سنة كاملة!.
والصوم عندهم على قسمين، صوم العامة وهو صوم يزيد، ويكون في أول ثلاثاء وأربعاء وخميس الأول من شهر ديسمبر، لأنه يصادف عيد ميلاد يزيد بن معاوية، وصوم الخاصة وهو عبارة عن ثمانين يوما يصومها رجل الدين!.
وإذا مات واحد من اليزيدية يجب أن يكون عنده شيخ يحضر له قليلا من تراب الشيخ عادي، يضعون منه قليلا بكفه وعلى وجهه، يمسحونه به قبل دفنه. وبعد الدفن يضعون قليلا من فضلات الغنم على قبره خوفا من أن تأتي الوحوش عليه!. والكواجك (وهم فئة من الفئات الاجتماعية الدنيا عند اليزيدية) يسهرون على قبر الميت، وبالأحلام والاكتشافات يخبرون أهل الميت ماذا صار بعد موته!.
كتبها حسام فتحي أبو جبارة
الديمقراطيه الأمريكيه أشبه بحصان طرواده الحريه من الخارج ومليشيات الموت في الداخل... ولا يثق بأمريكا إلا مغفل ولا تمدح أمريكا إلا خادم لها !









