نظرات في شخصية علي بن ابي طالب "ض"
19-06-2008, 09:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
لا يوجد مسلم ينكر فضل علي بن ابي طالب (ض) ومن ينكر فضل احد من صحابة رسول الله 'ص' فقد اثم اثما عظيما.لكن عدم انكار الفضل لا يعني الغلو,و لا يعني اسباغ صفات القداسة علي احد من المسلمين, ان عظمة الدين الاسلامي تتمثل في انه دين توحيد يعرف حق الله عز وجل علي عباده, و لا يجعل لرسوله 'ص' رغم انه رحمة للعالمين بنص الايات أي نوع من انواع القداسة انما هو رغم فضله البشري انسان يمشي في الاسواق و ياكل الطعام و يجوع و يعطش و يمرض و يصح و يموت شأنه شأن البشر في أي مكان و زمان.ان نصاعة التوحيد الاسلامي و بشرية محمد 'ص' ايتان من ايات الدين الاسلامي الحنيف و هما ايتان يصمت بعدهما كل حديث او اجتهاد.مهما يكن من امر....... لم يكن الواقع في ظروف الفتنة الاولي مناخا هادئا للتفكير وكانت الاحداث و الدماء تسدل ستارة علي الهدوء العقلي و الوجداني اللازم لادراك الامور و من تحول علي(ض) فصار-دون ان يعرف او يقصد او يريد- فتنة كبيرة افتتنت بها الشيعة ثم الصوفية وغالوا فيه غلوا كبيرا.و احب ان الفت نظركم الي حقيقة قد تكون خافية عن الإمام علي:
ذلك ان الإمام شخص له جانبان جانب عام و هو الجانب التاريخي الذي يعرفه الناس و تتعرض له الكتب العامة و جانب خاص هو الجانب الروحي دخلت فيه اضافات قد تكون اسطورية و يبدو هدا الجانب عند الشيعة اولا ثم عند المتصوفة بعد ذلك.اما الجانب العام فمعروف خلاصته ان عليا (ض) ولد بعد النبي 'ص' بثلاثين سنة...واسلم و عمره عشر سنين بعد خديجة مباشرة و انه لم يعبد الاصنام قط و انه كان اقرب الناس الي الرسول'ص' و كان ربيبه و كان خليفته علي ودائعه وكان صاحب لوائه و كان خليفته في اهله و كانت منزلته من منزلة هارون من موسي بنص الحديث و من المعروف ان النبي اخي بينه و بين علي و قال فيه" من كنت مولاه فعلي مولاه...اللهم وال من ولاه وعاد من عاداه". ومن المعروف او المشهور ان الرسول الكريم قال في علي "انا مدينة العلم و علي بابها".ايضا يروي عن علي انه كان مغاليا في الزهد و العدل الي حد انه قسم رغيفا سبعة اسهم و روي انه كان ازهد الصحابة و انه لم يترك صفراء و لا بيضاء الا 700 درهم اراد ان يشتري بها شيئا لاهله...............هذه الجوانب العامة المعروفة عن علي(ض).
اما الجانب الخاص و اعني به المثل العليا و الاوصاف و الجوانب الروحية التي اضافها اليه الشيعة اولا ثم المتصوفة بعد ذلك حين جعلوا عليا مرجعهم و رأسهم في التصوف و الزهد حيث يرى الشيعة انه لا يقاس بال محمد من هذه الامة و لايسوي بهم احد وفي التفسير المنسوب الي الامام الحادي عشر للشيعة يقول "ان الله لما خلق ادم و سواه و علمه اسماء كل شيء و عرض علي الملائكة جعل محمدا و عليا و فاطمة و الحسن و الحسين اشباحا خمسة في ظهر ادم و كانت انوارهم تضيء في الافاق الي اخره". وينسب الشيعة الي علي بن ابي طالب قولهم" انا ادم و انا نوح و انا موسي و انا عيسي انتقل في الصور كيف اشاء من رأني فقد رأهم ".و قد وردت عن علي بن ابي طالب الوان من الحوار نسبها اليه كميل ابن زياد الزاهد الشيعي المشهور حيث يقول:
قال علي:الحقيقة كشف سبحات الجلال من غير اشارة
قال كميل: زدني بيانا........................................
قال علي:هتك الستر لغلبة السر............................
قال كميل: زدني بيانا........................................
قال علي:اطفئوا السراج فقد طلع الصبح.................
و يلاحظ القاريء العادي فضلا عن الباحث امتلاء هذا الحوار بمصطلحات صوفية تجعل اختراع الحديث امرا مؤكدا.....
ايضا نسب الي علي قوله " العقل لمراسم العبودية لا لادراك سر الربوبية" ومعني هذا ان علي (ض) يري ان الذوق هو المنهج الذي يصل به الانسان الي الحقيقة اما العقل فهو يستعمل في ادراك الحلال و الحرام و فهم العبادات.ويروي عنه انه قال " ان امرنا صعب مستصعب لا يحمله الا عبد امتحن الله قلبه للايمان و لا يعي حديثنا الا صدور امينة و احلام رزينة".
لو نحينا جانبا ما نسب الي عليا و نظرنا الي شخصيته فسوف نري انه عاصر الفترة التي تحول فيها الاسلام من فكرة مثالية الي صراع سياسي و قد وجد عليا نفسه مطالبا بان يسدد الخطا و ان يدل على الحق و يخوف من المزالق وان يقف وقفته الصلبة مدافعا عن الاسلام و دفع دمه ثمنا لاسلامه و ثقواه وصار دمه بحرا تشرب منه انهار الصوفية و التصوف فمعظم اقوال و كلمات علي بن ابي طالب تتداخل مع كلام المتصوفة و الزهاد.
-قال عامر بن عبد قيس الزاهد البصري " لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا" و تلك العبارة وردت مسندة الي علي وهي ماخودة من الاية التي تقول "لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد"
- يقول سعيد بن جبير ( قتل بامر الحجاج سنة 94 ه) "سلوني قبل ان لا تروني" وفي ذلك تكرار لعبارة علي المشهورة "سلوني قبل ان تفقدوني".
- روي عن سفيان الثوري و هو شيخ الزهاد في الكوفة انه قال "الزهد في الدنيا قصر الامل و ليس باكل الغليظ و لا بلبس العباء" وذلك متصل بقول علي " ان اخوف ما اخاف اتباع الهوي و طول الامل".
- كان مالك بن دينار الزاهد البصري يقول في كلامه كثيرا من المعاني التي استمدها من علي بن ابي طالب.....فقد قال لوالي البصرة و هو يقف وسط جنوده و ابهته حين ساله الا تعرفني فقال مالك"مناعرف بك مني.اما اولك فنطفة مذرةاما اخرك فجيفة قذرة" و هذا الكلام متصل بما قاله علي " ما لابن ادم و الفخر و اوله نطفة و اخره جيفة".......................
- كان عتبة الغلام ينظر الي قول علي بن ابي طالب للدنيا "قد هجرتك ثلاتا و لا رجعة لي فيك" حين قال لحورية تخيلها " طلقت الدنيا و لا رجعة لي فيها حتي القاه".
لقد شرب كتير من الصوفية من بحر الامام علي ووضعوا كثيرا من كلامه او –بتحديد ادق- وضعوا كثيرا مما نسب اليه من كلام في عبارات جديدة من تاليفهم و كان مستواهم في البلاغة اقل كثيرا من مستوي الامام علي و كانت عباراتهم اطول و اقل حساسية و كان علي بن ابي طالب مشهورا بالصمت فاذا تكلم اوجز الحكمة فيما يقول. وقد بلغ ولع الصوفية بعلي مبلغا فنسبوا اليه اقوالا لم يقلها مثل " الصوفي من لبس الصوف علي الصفا و اطعم الهوى طعم الجفا و كانت منه الدنيا علي القفا و استوي عنده الذهب والحجر و الا فالكلب الكوفي خير من الف صوفي". ومن الواضح ان العبارة منحولة لان لغة علي لاتسمح له باستخدام هذا التعبير المتاخر" كانت الدنيا منه علي القفا".ولم يتوقف ولع الصوفية به عند حد الاخد منه و الزيادة و قالوا فيه كلام حب عظيم بل نسبوا علمه إلي علم يشبه الذي حظي به ذاك العبد في قصته مع سيدنا موسي بقوله تعالي "فوجد عبدا من عبادنا أتيناه رحمة من عندنا و علمناه من لدنا علما" حيث يروي عن الإمام الجنيد أن علي بن أبي طالب قد أعطي من ذلك العلم فهو يقول" رضوان الله علي أمير المؤمنين لولا انه اشتغل بالحروف لأفادنا من علمنا هذا معان كثيرة" و بهذه الرؤية يعتقد الجنيد أن علم علي لم يأته تعلما و إنما هو توفيق الهي حظي به و يأسف لان عليا اشتغل بالحروب ولولا هذا لاستفاد منه الصوفية و تعلموا الأسرار التي عرفها.و يري ابن الفارض نفس الرأي فهو يقول في تائيته الكبرى :
وأوضح بالتأويل ما كان مشكلا علي بعلم ناله بالوصية
أما جلال الدين الرومي فيقول:
منذ كانت صورة تركيب العالم كان علي...................................
منذ نقشت الأرض و كان الزمان كان علي.....................................
الفاتح الذي انتزع باب خيبر بحملة واحدة كان علي............................ و كلما تقدم الزمان كان أمير المؤمنين علي "ض" يتحول إلي أسطورة عند الصوفية...لقد وصلوا الي القول بان علي لم يمت وإنما رفع إلي السماء كما رفع عيسي بن مريم و سينزل كما نزل عيسي وهذا النص يرويه الشعراني عن ولي اسمه علي وفا.أما استشهاده فصار كحياته مرتين موتا طبيعيا و موتا اسطوريا مثلما كان علمه علما طبيعيا و علما سريا خاصا وقيلت في موته اساطير كثيرة قيل انه حمل في تابوت علي جمل و يذكر ابن حجر عن ابن عساكر انه قال" لما قتل حملوه ليدفن فبينما هم في مسيرهم ليلا اذ تاه الجمل الذي هو عليه فلم يدر اين ذهب و لذلك يقول اهل العراق هو في السحاب و قال غيرهم انه وقع في بلاد طيء فاخدوه و دفنوه و هناك من قال انه بعث من جديد و ظهر ملثما علي جمل و قاد جنازته بنفسها الي مدفنه".وبهذه النهاية الفنية المسرحية يضع الصوفية علي بن ابي طالب سيدا لهم جميعا .
ماهي مسؤؤلية علي كرم الله وجهه عن ذلك ؟
ماهي حقيقة نسبه للصوفية و التصوف؟
هل كان علي بن ابي طالب عالما بالاسرار قد اوتي من العلم كما اوتي العبد الذي يتحدث عنه الله تعالي في قصة موسي و السفينة و الجدار................؟
اعتقد ان الامام علي لم يكن مسؤؤلا عن دخوله عالم التصوف لم يكن لمدلول الصوفية و التصوف معني في ذهنه "لان التعبيرين نشا بعد استشهاده بفترة" ايضا لم يكن يعتقد ان قرابته من النبي محمد صلي الله عليه وسلم تجعل له وضعا خاصا في الاسلام و انما كان يعرف ان الفضل في الاسلام للتقوي " ان اكرمكم عند الله اتقاكم" و كان رجلا تقيا بحق و حين تقدم لحكم المسلمين لم يكن يتقدم لانه قريب الرسول "ص" او من ال البيت و انما تقدم لانه راى في نفسه القدرة و الفضل لحكم المسلمين ....وكان قادرا وفاضلا.اريد ان اقول ان علي ليس مسؤؤلا عن الغالين فيه او المنتسبين اليه او الاخدين منه تماما كما كان عيسى بن مريم عليه السلام بريئا ممن نسبوه الي الله بالنبوة او الثالوث او أي اسلوب و انما ضرب للمسلمين بسلوكه نمودجا راقيا اما ينبغي ان تكون عليه حياة المسلم و هو نموذج سرعان ما تناسي الناس وضوحه ان حياة علي "ض" باختصار محاولة رائعة لصب الاسلام في القالب الذي اراده له الله تعالى و رسوله لقد اعطى حياته للاسلام و تكبر علي الدنيا بجاهها و مالها وهو يدخل الصراع و بسبب نقائه و مثاليته هزم في الصراع و كانت هزيمته نصرا عظيما للاسلام فقد كان مع الحق و كان الناس يعرفون انه على الحق وكان استشهاده من اجل هذا الحق اعلاء صارما لقيم الحق و اعلامه. اضف الى هذا ان في موته شيئا يثير الانتباه و من المدهش ان هذا الشيء لم يزل موجودا كان يعرف انه حين خرج خارج ليقتل و كان يتوقع ذلك لقد ادرك ان الاسلام الذي يمثله معاوية هو القشرة الاسلامية مع لب الكسروية والقيصرية لا يعبىء سوى بالرئاسة و حين وقف ضد هذا اراد ان يحمي مبادىء الاسلام ويزيد من جمع الناس حوله وبسبب عنفه في الحق وحبه للاسلام غالى فيه الناس و نسبوا اليه ما لم يقله وتوسعوا في ذلك..................هذه مسؤولية علي عن التصوف و هذه نسبته للصوفية لقد صنع دون ان يقصد مثالا اسطوريا بالغ السمو.
ويبقى سؤال هل كان علي عالما بالاسرار قد اوتي العلم اللدني.....هذا السؤال اجهل الاجابة عليه صراحة
لم يرد عنه ما يشير صراحة الي انه قد اوتي من علم الاسرار اذا جاز للاسرار علم اذ مفاد الاسرار ان تكون خافية ايضا لم يرد عنه ما يشير صراحة الى انه اوتي من لدن الله علما ربما كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يؤثره ببعض اسرار النبوة هذا محتمل وقائم و ربما كان الله يقذف في قلب علي بالعلم هذا محتمل وقائم ولكن هذا كله لا دليل عليه سوي الصمت و من ثم تصعب الاجابة علي السؤال كل ما نعرفه انه كان بحرا عظيما سقاها محيط النبوة .
علي طريق الحياة تمضي اعظم الشخصيات فتتحرك الايدي الاثمة بالخناجر و تضرب هذه الماساة البشرية تتكرر كثيرا منذ ان خلق الله تعالي ادم الي ان يرث الارض و من عليها لم يسلم الانبياء منها فعيسي ابن مريم كان موشكا ان يقتل على القتل لولا ان رفعه الله تعالى ومن المدهش ان الناس تشترك سواء بالصمت او الخضوع للمصالح الشخصية في جرائم الاغتيال هذه القمم البشرية فاذا سقطت احد هذه القمم بدات انهار البكاء و بدا الحزن الشديد و المرير و بدا تمزيق الوجوه و الصدور راحت الاساطير تعمل عملها بالاضافة و الحذف و التعديل و التبديل الي شخصية الشهيد فاذا نحن امام شخصية اسطورية تختلف تماما عن الشخصية الاصلية ولقد حدث شيئ مثل هذا تماما في ايام الفتنة تقاعس الناس عن علي بن ابي طالب و اسلموه لسيوف القتلة ثم نسجت الاساطير حوله خرافات عديدة وبدات حركة الغلو و الغلاة فاذا النور الالهي ينتقل من نبي الي نبي حتى حل في جسد علي و اذا لم يمت وانما هو حي يرزق الي امثال هذه الخرافات التى جاء الاسلام اصلا لحربها .و خير ما نختم به قول الله تعالى في سورة ال عمران" ما كان لبشر ان يؤتيه الله الكتاب و الحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله و لكن ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب و بما كنتم تدرسون ولا يامركم ان تتخدوا الملائكة و النبيين اربابا ايامركم بالكفر بعد اذ انتم مسلمون".....................و الحمد لله رب العالمين.
لا يوجد مسلم ينكر فضل علي بن ابي طالب (ض) ومن ينكر فضل احد من صحابة رسول الله 'ص' فقد اثم اثما عظيما.لكن عدم انكار الفضل لا يعني الغلو,و لا يعني اسباغ صفات القداسة علي احد من المسلمين, ان عظمة الدين الاسلامي تتمثل في انه دين توحيد يعرف حق الله عز وجل علي عباده, و لا يجعل لرسوله 'ص' رغم انه رحمة للعالمين بنص الايات أي نوع من انواع القداسة انما هو رغم فضله البشري انسان يمشي في الاسواق و ياكل الطعام و يجوع و يعطش و يمرض و يصح و يموت شأنه شأن البشر في أي مكان و زمان.ان نصاعة التوحيد الاسلامي و بشرية محمد 'ص' ايتان من ايات الدين الاسلامي الحنيف و هما ايتان يصمت بعدهما كل حديث او اجتهاد.مهما يكن من امر....... لم يكن الواقع في ظروف الفتنة الاولي مناخا هادئا للتفكير وكانت الاحداث و الدماء تسدل ستارة علي الهدوء العقلي و الوجداني اللازم لادراك الامور و من تحول علي(ض) فصار-دون ان يعرف او يقصد او يريد- فتنة كبيرة افتتنت بها الشيعة ثم الصوفية وغالوا فيه غلوا كبيرا.و احب ان الفت نظركم الي حقيقة قد تكون خافية عن الإمام علي:
ذلك ان الإمام شخص له جانبان جانب عام و هو الجانب التاريخي الذي يعرفه الناس و تتعرض له الكتب العامة و جانب خاص هو الجانب الروحي دخلت فيه اضافات قد تكون اسطورية و يبدو هدا الجانب عند الشيعة اولا ثم عند المتصوفة بعد ذلك.اما الجانب العام فمعروف خلاصته ان عليا (ض) ولد بعد النبي 'ص' بثلاثين سنة...واسلم و عمره عشر سنين بعد خديجة مباشرة و انه لم يعبد الاصنام قط و انه كان اقرب الناس الي الرسول'ص' و كان ربيبه و كان خليفته علي ودائعه وكان صاحب لوائه و كان خليفته في اهله و كانت منزلته من منزلة هارون من موسي بنص الحديث و من المعروف ان النبي اخي بينه و بين علي و قال فيه" من كنت مولاه فعلي مولاه...اللهم وال من ولاه وعاد من عاداه". ومن المعروف او المشهور ان الرسول الكريم قال في علي "انا مدينة العلم و علي بابها".ايضا يروي عن علي انه كان مغاليا في الزهد و العدل الي حد انه قسم رغيفا سبعة اسهم و روي انه كان ازهد الصحابة و انه لم يترك صفراء و لا بيضاء الا 700 درهم اراد ان يشتري بها شيئا لاهله...............هذه الجوانب العامة المعروفة عن علي(ض).
اما الجانب الخاص و اعني به المثل العليا و الاوصاف و الجوانب الروحية التي اضافها اليه الشيعة اولا ثم المتصوفة بعد ذلك حين جعلوا عليا مرجعهم و رأسهم في التصوف و الزهد حيث يرى الشيعة انه لا يقاس بال محمد من هذه الامة و لايسوي بهم احد وفي التفسير المنسوب الي الامام الحادي عشر للشيعة يقول "ان الله لما خلق ادم و سواه و علمه اسماء كل شيء و عرض علي الملائكة جعل محمدا و عليا و فاطمة و الحسن و الحسين اشباحا خمسة في ظهر ادم و كانت انوارهم تضيء في الافاق الي اخره". وينسب الشيعة الي علي بن ابي طالب قولهم" انا ادم و انا نوح و انا موسي و انا عيسي انتقل في الصور كيف اشاء من رأني فقد رأهم ".و قد وردت عن علي بن ابي طالب الوان من الحوار نسبها اليه كميل ابن زياد الزاهد الشيعي المشهور حيث يقول:
قال علي:الحقيقة كشف سبحات الجلال من غير اشارة
قال كميل: زدني بيانا........................................
قال علي:هتك الستر لغلبة السر............................
قال كميل: زدني بيانا........................................
قال علي:اطفئوا السراج فقد طلع الصبح.................
و يلاحظ القاريء العادي فضلا عن الباحث امتلاء هذا الحوار بمصطلحات صوفية تجعل اختراع الحديث امرا مؤكدا.....
ايضا نسب الي علي قوله " العقل لمراسم العبودية لا لادراك سر الربوبية" ومعني هذا ان علي (ض) يري ان الذوق هو المنهج الذي يصل به الانسان الي الحقيقة اما العقل فهو يستعمل في ادراك الحلال و الحرام و فهم العبادات.ويروي عنه انه قال " ان امرنا صعب مستصعب لا يحمله الا عبد امتحن الله قلبه للايمان و لا يعي حديثنا الا صدور امينة و احلام رزينة".
لو نحينا جانبا ما نسب الي عليا و نظرنا الي شخصيته فسوف نري انه عاصر الفترة التي تحول فيها الاسلام من فكرة مثالية الي صراع سياسي و قد وجد عليا نفسه مطالبا بان يسدد الخطا و ان يدل على الحق و يخوف من المزالق وان يقف وقفته الصلبة مدافعا عن الاسلام و دفع دمه ثمنا لاسلامه و ثقواه وصار دمه بحرا تشرب منه انهار الصوفية و التصوف فمعظم اقوال و كلمات علي بن ابي طالب تتداخل مع كلام المتصوفة و الزهاد.
-قال عامر بن عبد قيس الزاهد البصري " لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا" و تلك العبارة وردت مسندة الي علي وهي ماخودة من الاية التي تقول "لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد"
- يقول سعيد بن جبير ( قتل بامر الحجاج سنة 94 ه) "سلوني قبل ان لا تروني" وفي ذلك تكرار لعبارة علي المشهورة "سلوني قبل ان تفقدوني".
- روي عن سفيان الثوري و هو شيخ الزهاد في الكوفة انه قال "الزهد في الدنيا قصر الامل و ليس باكل الغليظ و لا بلبس العباء" وذلك متصل بقول علي " ان اخوف ما اخاف اتباع الهوي و طول الامل".
- كان مالك بن دينار الزاهد البصري يقول في كلامه كثيرا من المعاني التي استمدها من علي بن ابي طالب.....فقد قال لوالي البصرة و هو يقف وسط جنوده و ابهته حين ساله الا تعرفني فقال مالك"مناعرف بك مني.اما اولك فنطفة مذرةاما اخرك فجيفة قذرة" و هذا الكلام متصل بما قاله علي " ما لابن ادم و الفخر و اوله نطفة و اخره جيفة".......................
- كان عتبة الغلام ينظر الي قول علي بن ابي طالب للدنيا "قد هجرتك ثلاتا و لا رجعة لي فيك" حين قال لحورية تخيلها " طلقت الدنيا و لا رجعة لي فيها حتي القاه".
لقد شرب كتير من الصوفية من بحر الامام علي ووضعوا كثيرا من كلامه او –بتحديد ادق- وضعوا كثيرا مما نسب اليه من كلام في عبارات جديدة من تاليفهم و كان مستواهم في البلاغة اقل كثيرا من مستوي الامام علي و كانت عباراتهم اطول و اقل حساسية و كان علي بن ابي طالب مشهورا بالصمت فاذا تكلم اوجز الحكمة فيما يقول. وقد بلغ ولع الصوفية بعلي مبلغا فنسبوا اليه اقوالا لم يقلها مثل " الصوفي من لبس الصوف علي الصفا و اطعم الهوى طعم الجفا و كانت منه الدنيا علي القفا و استوي عنده الذهب والحجر و الا فالكلب الكوفي خير من الف صوفي". ومن الواضح ان العبارة منحولة لان لغة علي لاتسمح له باستخدام هذا التعبير المتاخر" كانت الدنيا منه علي القفا".ولم يتوقف ولع الصوفية به عند حد الاخد منه و الزيادة و قالوا فيه كلام حب عظيم بل نسبوا علمه إلي علم يشبه الذي حظي به ذاك العبد في قصته مع سيدنا موسي بقوله تعالي "فوجد عبدا من عبادنا أتيناه رحمة من عندنا و علمناه من لدنا علما" حيث يروي عن الإمام الجنيد أن علي بن أبي طالب قد أعطي من ذلك العلم فهو يقول" رضوان الله علي أمير المؤمنين لولا انه اشتغل بالحروف لأفادنا من علمنا هذا معان كثيرة" و بهذه الرؤية يعتقد الجنيد أن علم علي لم يأته تعلما و إنما هو توفيق الهي حظي به و يأسف لان عليا اشتغل بالحروب ولولا هذا لاستفاد منه الصوفية و تعلموا الأسرار التي عرفها.و يري ابن الفارض نفس الرأي فهو يقول في تائيته الكبرى :
وأوضح بالتأويل ما كان مشكلا علي بعلم ناله بالوصية
أما جلال الدين الرومي فيقول:
منذ كانت صورة تركيب العالم كان علي...................................
منذ نقشت الأرض و كان الزمان كان علي.....................................
الفاتح الذي انتزع باب خيبر بحملة واحدة كان علي............................ و كلما تقدم الزمان كان أمير المؤمنين علي "ض" يتحول إلي أسطورة عند الصوفية...لقد وصلوا الي القول بان علي لم يمت وإنما رفع إلي السماء كما رفع عيسي بن مريم و سينزل كما نزل عيسي وهذا النص يرويه الشعراني عن ولي اسمه علي وفا.أما استشهاده فصار كحياته مرتين موتا طبيعيا و موتا اسطوريا مثلما كان علمه علما طبيعيا و علما سريا خاصا وقيلت في موته اساطير كثيرة قيل انه حمل في تابوت علي جمل و يذكر ابن حجر عن ابن عساكر انه قال" لما قتل حملوه ليدفن فبينما هم في مسيرهم ليلا اذ تاه الجمل الذي هو عليه فلم يدر اين ذهب و لذلك يقول اهل العراق هو في السحاب و قال غيرهم انه وقع في بلاد طيء فاخدوه و دفنوه و هناك من قال انه بعث من جديد و ظهر ملثما علي جمل و قاد جنازته بنفسها الي مدفنه".وبهذه النهاية الفنية المسرحية يضع الصوفية علي بن ابي طالب سيدا لهم جميعا .
ماهي مسؤؤلية علي كرم الله وجهه عن ذلك ؟
ماهي حقيقة نسبه للصوفية و التصوف؟
هل كان علي بن ابي طالب عالما بالاسرار قد اوتي من العلم كما اوتي العبد الذي يتحدث عنه الله تعالي في قصة موسي و السفينة و الجدار................؟
اعتقد ان الامام علي لم يكن مسؤؤلا عن دخوله عالم التصوف لم يكن لمدلول الصوفية و التصوف معني في ذهنه "لان التعبيرين نشا بعد استشهاده بفترة" ايضا لم يكن يعتقد ان قرابته من النبي محمد صلي الله عليه وسلم تجعل له وضعا خاصا في الاسلام و انما كان يعرف ان الفضل في الاسلام للتقوي " ان اكرمكم عند الله اتقاكم" و كان رجلا تقيا بحق و حين تقدم لحكم المسلمين لم يكن يتقدم لانه قريب الرسول "ص" او من ال البيت و انما تقدم لانه راى في نفسه القدرة و الفضل لحكم المسلمين ....وكان قادرا وفاضلا.اريد ان اقول ان علي ليس مسؤؤلا عن الغالين فيه او المنتسبين اليه او الاخدين منه تماما كما كان عيسى بن مريم عليه السلام بريئا ممن نسبوه الي الله بالنبوة او الثالوث او أي اسلوب و انما ضرب للمسلمين بسلوكه نمودجا راقيا اما ينبغي ان تكون عليه حياة المسلم و هو نموذج سرعان ما تناسي الناس وضوحه ان حياة علي "ض" باختصار محاولة رائعة لصب الاسلام في القالب الذي اراده له الله تعالى و رسوله لقد اعطى حياته للاسلام و تكبر علي الدنيا بجاهها و مالها وهو يدخل الصراع و بسبب نقائه و مثاليته هزم في الصراع و كانت هزيمته نصرا عظيما للاسلام فقد كان مع الحق و كان الناس يعرفون انه على الحق وكان استشهاده من اجل هذا الحق اعلاء صارما لقيم الحق و اعلامه. اضف الى هذا ان في موته شيئا يثير الانتباه و من المدهش ان هذا الشيء لم يزل موجودا كان يعرف انه حين خرج خارج ليقتل و كان يتوقع ذلك لقد ادرك ان الاسلام الذي يمثله معاوية هو القشرة الاسلامية مع لب الكسروية والقيصرية لا يعبىء سوى بالرئاسة و حين وقف ضد هذا اراد ان يحمي مبادىء الاسلام ويزيد من جمع الناس حوله وبسبب عنفه في الحق وحبه للاسلام غالى فيه الناس و نسبوا اليه ما لم يقله وتوسعوا في ذلك..................هذه مسؤولية علي عن التصوف و هذه نسبته للصوفية لقد صنع دون ان يقصد مثالا اسطوريا بالغ السمو.
ويبقى سؤال هل كان علي عالما بالاسرار قد اوتي العلم اللدني.....هذا السؤال اجهل الاجابة عليه صراحة
لم يرد عنه ما يشير صراحة الي انه قد اوتي من علم الاسرار اذا جاز للاسرار علم اذ مفاد الاسرار ان تكون خافية ايضا لم يرد عنه ما يشير صراحة الى انه اوتي من لدن الله علما ربما كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يؤثره ببعض اسرار النبوة هذا محتمل وقائم و ربما كان الله يقذف في قلب علي بالعلم هذا محتمل وقائم ولكن هذا كله لا دليل عليه سوي الصمت و من ثم تصعب الاجابة علي السؤال كل ما نعرفه انه كان بحرا عظيما سقاها محيط النبوة .
علي طريق الحياة تمضي اعظم الشخصيات فتتحرك الايدي الاثمة بالخناجر و تضرب هذه الماساة البشرية تتكرر كثيرا منذ ان خلق الله تعالي ادم الي ان يرث الارض و من عليها لم يسلم الانبياء منها فعيسي ابن مريم كان موشكا ان يقتل على القتل لولا ان رفعه الله تعالى ومن المدهش ان الناس تشترك سواء بالصمت او الخضوع للمصالح الشخصية في جرائم الاغتيال هذه القمم البشرية فاذا سقطت احد هذه القمم بدات انهار البكاء و بدا الحزن الشديد و المرير و بدا تمزيق الوجوه و الصدور راحت الاساطير تعمل عملها بالاضافة و الحذف و التعديل و التبديل الي شخصية الشهيد فاذا نحن امام شخصية اسطورية تختلف تماما عن الشخصية الاصلية ولقد حدث شيئ مثل هذا تماما في ايام الفتنة تقاعس الناس عن علي بن ابي طالب و اسلموه لسيوف القتلة ثم نسجت الاساطير حوله خرافات عديدة وبدات حركة الغلو و الغلاة فاذا النور الالهي ينتقل من نبي الي نبي حتى حل في جسد علي و اذا لم يمت وانما هو حي يرزق الي امثال هذه الخرافات التى جاء الاسلام اصلا لحربها .و خير ما نختم به قول الله تعالى في سورة ال عمران" ما كان لبشر ان يؤتيه الله الكتاب و الحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله و لكن ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب و بما كنتم تدرسون ولا يامركم ان تتخدوا الملائكة و النبيين اربابا ايامركم بالكفر بعد اذ انتم مسلمون".....................و الحمد لله رب العالمين.
من مواضيعي
0 نظرات في شخصية علي بن ابي طالب "ض"
0 جحيم الانا
0 حتي الاطفال ...سئموا
0 الحق في الخطأ
0 الرسالة الاولي:ايها الزعماء
0 هكذا تكون العظمة
0 جحيم الانا
0 حتي الاطفال ...سئموا
0 الحق في الخطأ
0 الرسالة الاولي:ايها الزعماء
0 هكذا تكون العظمة
التعديل الأخير تم بواسطة imadtooway ; 20-06-2008 الساعة 02:06 PM
سبب آخر: تكبير الخط
