" مفدي زكرياء " خارجي، و " زابانة " رعاع !؟..
10-07-2015, 02:26 PM
" مفدي زكرياء " خارجي، و " زابانة " رعاع !؟..
يوسف بن عومر
قبل عشرات السنين ومن غرفة السجّان كان ذلك المسجون الميزابي يكتب قصيدا من دم حرقة تمتزج بفخر بذلك العربي الذي يساق للمقصلة ..
كان ذلك في هذا الوطن، فمالذي تغيّر؟
من خلال متابعتي للأحداث واستقراء لانتروبولوجيا المنطقة، وعلائقها الاجتماعية، وطابع الصراعات القبلية بالجزائر، استطيع أن أقول أن ما يحدُث في غرداية هو " لعب مراهقين " جرت في مجراه العصبية المفرطة واختلطت به تشنجات اجتماعية، وتطور حدّ التلاحم، فحدث القتل ثم ابتدأ ما يعرف ب " الثار " .. ليختلط الحابل بالنابل ..
ثم جاء التوصيف " الغبي " للصراع بين " مالكية " و " اباضية " هذا الوصف الذي حين نعود لمنشأه قبل سنوات من الصراع في غرداية كان أجنبيا، وكنا نحن العارفين بغرداية في الجنوب على الأقل، نستغرب من هذا التوصيف، ونحن أعلم أن الصراع لا يعدو أن يكون قبليا بين الشعانبة وبني مزاب، وليس دينيا بالمرّة، ثم بدأ الترويج للمصطلح إعلاميا لينعكس من الخارج للداخل، وصرنا نقرأ في عنواني الصحف " الفتنة بين المالكية والإباضية" ثم تنتقل الحمى للصفحات والمواقع ، ودخول رجال دين في سياق فتوى التكفير والتحليل، لتغيّر ذلك في واقع الأطراف المتصارعة نفسها ، وهنا يبرز دور الإعلام في توجيه الأحداث وتكييفها وفق معطيات دولية تجعلها تسير وفق وجهة إديولوجية معينة تتلخّص في صراع الطوائف الإسلامية، فصار طرف يقول للآخر " رعاع " وصار و الثاني يقول " خارجي "؟!
و بعيدا عن ذلك فإن التوصيف الصحيح لما يحدُث دون تزييف ولا تحريف، هو أنها أزمة ودعوى جاهلية، بين عرقين، وحرب أهلية اندلعت شراراتها بين فريقين كلاهما في نار القتل والخراب، وغاب عنهما الاتعاظ بما حدث في العصور السابقة وما يحدُث حاليا، فالموت سينهك الجميع وسيلهث الجميع في الأخير بجثا عن طاولة حوار ..
أخيرا إن المجتمع برمّته -وليس فقط " بني مزاب " وحدهم -يعيش قبلية وطائفية مقيتة قد لا تتجلى إلا لمن تعمّق فيها، ويعيش في مظاهر اجتماعية منغلقة غريبة، و طائفية تتّسم بطابع الدين تارة و طابع العرق تارة أخرى، وطابع الجنس ما بينهما، مما يستدعي كسر هذه الطابوهات التي رغم اندثار أغلبها تبقى قنابل موقوتة تستدعي الايضاح وحسم مسألة الهوية الجزائرية، بعيدا عن جزئيات هذا الصراع، هذا هو الرهان الحقيقي لوأد فتنة " الهوية" هذه التي كافح ابن باديس والشيخ بيوض، والعربي بن مهيدي ومفدي زكرياء وأحمد زبانة ، وهم من هم من رجالات الجزائر الذين نعرِفهُم بفعالِهم لا بألوانهم وأطيافهم الاجتماعية، على أن تكون " جزائرية " ..
