وَصَايَا وَ تَوْجِيهَات إِلى الْمَرْأَة المُسْلِمَةِ فِي رَمَضَان
31-08-2008, 12:18 PM
وَصَايَا وَ تَوْجِيهَات إِلى الْمَرْأَة المُسْلِمَةِ فِي رَمَضَان
بسم اللّه، و الحمد للّه حمدا كثيرا طيّبا مُباركا فيه مباركا عليه كما يُحبّ ربّنا و يرضى، و الصّلاة و السّلام صلاةً و تسليماً تامَّين أَكْمَلَيْن على محمّد نبيّ الهُدى الّذي لا ينطق عن الهوى. أمّا بعد.
إنّ رمضان موسمٌ مِن مواسم الخيرات و شهرٌ مِن أشهر البركات؛ فيه تُضاعف الحسنات و تُغفر الزلاّت و تُغلق أبواب النّيران و تُفتح أبواب الجِنان، و لأجل ذلك يَسْعَد النّاسُ بقُدومه و يَأْنَس أهلُ الخير بحُلولِه، فنَراهم في لياليه و أيّامِه مُتعبِّدين بالطّاعات مُتنافِسين في الخيرات، قال اللّه تعالى: [[ وَ سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِن ربِّكُمْ وَ جَنّةٍ عَرْضُهَا السّمَاوَاتُ وَ الأرْضُ أُعِدّتْ لِلْمُتّقِينَ ]] (سورة آل عمران: الآية 133).
و ثمّةَ فردٌ مِن النّاس كثيرا ما يَغفل عنْ نفسِه و يَغفُل عنه الأهل؛ ألا و هو المرأة المسلمة، فقد رأينا أنّ الكثير مِن الأمّهات و الزّوجات و الأخوات و البنات، بدون مبالغة مِن أكثر النّاس حِرمانا في هذا الشّهر الفَضيل، لأنّ الواحدة مِنهنّ و بكلّ بساطة، قد ضُربت عليها على امتداد هذا الشّهر في معظم أوقاته الأشغال و التّحضيرات، تلبيةً لِمُتطلَّبات أُسرتِها الّتي تزداد بشكل كبير في رمضان، خاصّة المطبخ الّذي يأخذ حصّة الأسد مِن المضروب عليها، فما يكاد ينتهي الشّهر على المسكينة إلاّ و تجد نفسها قد ضاع مِنها قَدْراً كبيرا من العبادات و حُرمت شيئا عظيما مِن الطّاعات، فلم تَشعُر بروحانية هذا الشّهر الكريم، حتّى إنَّ مِن النّساء مَن يَمرّ عليها الشّهر و ما خَتَمَت القرآن و لا مرّة واحدة !.
و كيف تشعر المسكينة بهذه الرّوحانية ؟!، و هي رمضان كلّه؛ تبدأه بالنّوم في نهاره إلى وقت متأخّر أحيانا، ثم تقوم لتَشْرع في ترتيب المنزل -هذا إذا فرضنا أنّها لا تدْرُس أو تَعْمَل-، ثم تدخل إلى المطبخ لبدء إعداد وجبة الإفطار و المشروبات و وضع المائدة و لوازمها، و ما إن يمضي وقت الإفطار إلاّ و تبدأ في الاستعداد لمأدبة العَشاء بحلوياتها و مشروباتها، ثمّ بعد هذا كلّه تعود للمطبخ لغسل الأواني، ثمّ ربّما تشتغل بالمسلسلات أو المكالمات الهاتفية الفضولية أو التّجوال في الأسواق بلا ضرورة و لا حاجة، و يأتي عليها بعد ذلك السّحور و ما يحتاجه مِن إعداد...، و هكذا كلّ يوم و ليلة !!.
و كم هو جميل أنْ أُذكّر نفسي و الأخت المسلمة بأهمّية الوقت، و ضرورة استغلاله في كسب الخير و طاعة الرّحمان؛ فقد كان السّلف الصالح و مَن سار على نهجهم مِن الخلف أحْرصَ النّاس على كسْبِ الوقت و مِلْئِه بالخير، فقد كانوا يُسابِقون السّاعات و يُبادِرون اللَّحظات، حِرصاً على أن لا يَذْهب منهم الوقت هدراً.
و مِن ذلك ما نُقل عن الصّحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنّه قال: "ما ندمت على شيء نَدَمي على يوم غَربَت شمسه، نقص فيه أجلي و لم يزد فيه عملي".
و نُقل عن عامر بن عبد قيس أحد التاّبعين الزّهاد رحمه اللّه؛ أنّ رجلا قال له: "كلِّمْني"، فقال له: عامر بن عبد قيس: "أَمْسِك الشّمس". يعني أَوْقِف لي الشّمس و احبِسْها عن المَسير حتّى أُكلِّمك، فإنّ الزَّمن متحرّك باستمرار سريع المُضيّ لا يعود بعد مروره، فخسارته خسارة لا يُمكن تعويضها و استدراكها.
و ذُكر عن الخليفة الصّالح عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قوله: "إنّ اللّيل و النّهار يعْمَلان فيك، فاعمل فيهما".
و قال الحسن البصري رحمه اللّه: "يا ابن آدم !، إنّما أنت أيّام، فإذا ذهب يومٌ ذهب بعضُك".
و قال الوزير بن هبيرة:
إنّ رمضان موسمٌ مِن مواسم الخيرات و شهرٌ مِن أشهر البركات؛ فيه تُضاعف الحسنات و تُغفر الزلاّت و تُغلق أبواب النّيران و تُفتح أبواب الجِنان، و لأجل ذلك يَسْعَد النّاسُ بقُدومه و يَأْنَس أهلُ الخير بحُلولِه، فنَراهم في لياليه و أيّامِه مُتعبِّدين بالطّاعات مُتنافِسين في الخيرات، قال اللّه تعالى: [[ وَ سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِن ربِّكُمْ وَ جَنّةٍ عَرْضُهَا السّمَاوَاتُ وَ الأرْضُ أُعِدّتْ لِلْمُتّقِينَ ]] (سورة آل عمران: الآية 133).
و ثمّةَ فردٌ مِن النّاس كثيرا ما يَغفل عنْ نفسِه و يَغفُل عنه الأهل؛ ألا و هو المرأة المسلمة، فقد رأينا أنّ الكثير مِن الأمّهات و الزّوجات و الأخوات و البنات، بدون مبالغة مِن أكثر النّاس حِرمانا في هذا الشّهر الفَضيل، لأنّ الواحدة مِنهنّ و بكلّ بساطة، قد ضُربت عليها على امتداد هذا الشّهر في معظم أوقاته الأشغال و التّحضيرات، تلبيةً لِمُتطلَّبات أُسرتِها الّتي تزداد بشكل كبير في رمضان، خاصّة المطبخ الّذي يأخذ حصّة الأسد مِن المضروب عليها، فما يكاد ينتهي الشّهر على المسكينة إلاّ و تجد نفسها قد ضاع مِنها قَدْراً كبيرا من العبادات و حُرمت شيئا عظيما مِن الطّاعات، فلم تَشعُر بروحانية هذا الشّهر الكريم، حتّى إنَّ مِن النّساء مَن يَمرّ عليها الشّهر و ما خَتَمَت القرآن و لا مرّة واحدة !.
و كيف تشعر المسكينة بهذه الرّوحانية ؟!، و هي رمضان كلّه؛ تبدأه بالنّوم في نهاره إلى وقت متأخّر أحيانا، ثم تقوم لتَشْرع في ترتيب المنزل -هذا إذا فرضنا أنّها لا تدْرُس أو تَعْمَل-، ثم تدخل إلى المطبخ لبدء إعداد وجبة الإفطار و المشروبات و وضع المائدة و لوازمها، و ما إن يمضي وقت الإفطار إلاّ و تبدأ في الاستعداد لمأدبة العَشاء بحلوياتها و مشروباتها، ثمّ بعد هذا كلّه تعود للمطبخ لغسل الأواني، ثمّ ربّما تشتغل بالمسلسلات أو المكالمات الهاتفية الفضولية أو التّجوال في الأسواق بلا ضرورة و لا حاجة، و يأتي عليها بعد ذلك السّحور و ما يحتاجه مِن إعداد...، و هكذا كلّ يوم و ليلة !!.
و كم هو جميل أنْ أُذكّر نفسي و الأخت المسلمة بأهمّية الوقت، و ضرورة استغلاله في كسب الخير و طاعة الرّحمان؛ فقد كان السّلف الصالح و مَن سار على نهجهم مِن الخلف أحْرصَ النّاس على كسْبِ الوقت و مِلْئِه بالخير، فقد كانوا يُسابِقون السّاعات و يُبادِرون اللَّحظات، حِرصاً على أن لا يَذْهب منهم الوقت هدراً.
و مِن ذلك ما نُقل عن الصّحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنّه قال: "ما ندمت على شيء نَدَمي على يوم غَربَت شمسه، نقص فيه أجلي و لم يزد فيه عملي".
و نُقل عن عامر بن عبد قيس أحد التاّبعين الزّهاد رحمه اللّه؛ أنّ رجلا قال له: "كلِّمْني"، فقال له: عامر بن عبد قيس: "أَمْسِك الشّمس". يعني أَوْقِف لي الشّمس و احبِسْها عن المَسير حتّى أُكلِّمك، فإنّ الزَّمن متحرّك باستمرار سريع المُضيّ لا يعود بعد مروره، فخسارته خسارة لا يُمكن تعويضها و استدراكها.
و ذُكر عن الخليفة الصّالح عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قوله: "إنّ اللّيل و النّهار يعْمَلان فيك، فاعمل فيهما".
و قال الحسن البصري رحمه اللّه: "يا ابن آدم !، إنّما أنت أيّام، فإذا ذهب يومٌ ذهب بعضُك".
و قال الوزير بن هبيرة:
و الوقت أنْفسُ ما عُنِيتَ بِحِفْظِـه*******و أراه أسهل ما عليـك يضيـع
و لأجل هذا كلّه عَرَضت عليّ الفكرة المتمثّلة في عنوان هذا المقال المتواضع: (وصايا و توجيهات إلى المرأة المسلمة في رمضان)؛ حرِصتُ فيه على سرد وصايا و توجيهات و برامج مختصرة إلى المرأة المسلمة، حتّى تتمكّن بإذن اللّه مِن اغتنام رمضان و استثمار أوقاته في بذل الطّاعات و التّنافس على الخيرات، رغم أشغالها العادية المتعدّدة في هذا الشّهر و الّتي تُؤجر عليها كذلك إنشاء اللّه، و إنّما أقصد بحِرمانها مِن الخير تخلّفها عن المسارعة و المسابقة في بقية العبادات لطُغيان هذه الأشغال على وقتها و مجاوزة الحدّ الضّروري بها.
و ها هي لكِ أختي الغالية تلك الوصايا و التّوجيهات مرقّمة؛ كتبتها بين بذْل و اجتهاد متواضع منّي و استفادة مِن بعض كتابات المشايخ و الفضلاء، قد راعيت فيها التّرتيب الموضوعي و الاختصار قدْر الإمكان، أمّا كثرة عددها فهو لضرورة رأيتها حتّى لا أترك نقطة متّصلة بالموضوع دون أنْ أذكرها، بل قد حرصت على ذكر بعض الأحكام الفقهية ضِمنها لشِدّة حاجتكِ إليها و قوّة صِلتها بفكرة الموضوع.
فاقرئيها نُقطةً نُقطةً و استوعبيها حفظَكِ اللّه، ثمّ انشري صفحاتها و أَوصي بها غيركِ مِن الأخوات و المسلمات.
(001) استقبلي شهر رمضان بالفرح و الابتهاج، و اسألي اللّه أنْ يبلّغكِ إيّاه و أنتِ في صحّة و عافية حتّى تنشطي في عبادة الله فيه، فكم ممّن كان ينتظر رمضان قد فاجأه الأجل قبل بلوغه؛ فقد ثبت عن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أنّه كان يُبشِّر أصحابه بِمَجيءِ شهر رمضان بقوله: (( جاءكم شهر رمضان، شهر بركة يغشاكم الله فيه فيُنزل الرّحمة و يحطّ الخطايا و يستجيب الدّعاء، ينظر الله إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته، فأَرُوا الله مِن أنفسكم خيرا فإنّ الشَّقِي مَن حُرم فيه رحمة الله )).
(002) إذا رأيتِ هلال رمضان فقولي: "اللّهم أَهِله علينا باليُمْن و الإيمان والسّلامة و الإسلام، رَبِّي و رَبُّكَ اللّه"، و هذا ما كان يقوله رسول الله صلى الله عليه و سلّم كما رواه الإمام أحمد؛ تقولين هذا سواء عند رؤية هلال رمضان أو عند رؤية أيّ هلال مِن أهلّة بقية الشّهور، و مِن ذلك هلال شوّال -هلال العيد-.
(003) ادعي اللّه و اسأليه عند حُلول هذا الشّهر؛ أنْ يُوفِّقكِ إلى طاعتهِ و يُزوِّدكِ بالقوّة على ذلك، مِنه أنْ تقولي ما كان السّلف الصّالح يقولونه عند حضور شهر رمضان: "اللّهم قد أَظَلَّنا شهر رمضان و حَضَر، فسلمه لنا و سلمنا له، و ارزقنا صيامه و قيامه، و ارزقنا فيه الجدّ و الاجتهاد و القوّة و النّشاط و أَعِذْنا فيه مِن الفِتَن".
(004) تدارسي و تذاكري فضائل شهر رمضان و فوائده، و فضائل صِيامه و قيامه و تلاوة القرآن فيه؛ فإنّ العِلم بتلك الفضائل و الفوائد هو الخطوة الأولى الّتي تُحفِّز النَّفس و تَبْعَثها على نيل خيرات رمضان العظيمة، مِن ذلك ما رواه أبو هريرة عن النّبي صلّى اللّه عليه و سلّم: (( أتاكم رمضان شهر مبارك فَرض الله عزّ و جلّ عليكم صيامه، تُفتح فيه أبواب السّماء، و تُغلق فيه أبواب الجحيم، و تُغلّ فيه مَرَدة الشّياطين، لِلّه فيه ليلة خير مِن ألف شهر، مَن حُرِم خيْرُها فقد حُرِم )) (رواه أحمد و النّسائي و صحّحه الألباني في التّرغيب)، و مِن ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أيضاً، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( قال الله عزّ و جلّ: كلّ عمل ابن آدم له إلاّ الصّيام، فإنّه لي و أنا أجزي به، و الصّيام جُنّة، و إذا كان يومُ صَوْمِ أحدكم فلا يرفث و لا يصخب، فإنْ سابّه أحد أو قاتله فليقل: إنّي امرؤٌ صائم، و الّذي نفسُ محمّد بيده لَخُلوف فم الصّائم أطيب عند الله مِن ريح المسك، لِلصّائم فرحتان يفرحهما؛ إذا أَفْطَر فَرِح بِفِطرِه، و إذا لَقِيَ ربَّه فرح بصومه )) (رواه البخاري و مسلم).
(005) تَذَكَّري أنَّ شهر رمضان يتميّز عن باقي الشّهور بأمرين؛ الأوّل: أنّه شهر فُرض فيه الصّيام، الثّاني: أنّه شهر استُحِبّ فيه الاجتهاد في العبادة بأشكالها و أنواعها و جُعِل الثّواب عليها مضاعفا.
(006) تعلّمي و تفقّهي الأحكام المتعلّقة برمضان، فإنّها مِن العلوم الضّرورية الّتي لا يَسَع أيّ مسلمة الجهل بها لشِدَّة حاجتِها إليها، فأقبلي على قراءة ما تيسّر من الكتب النّافعة الموضِّحة لما يهمُّك معرفته في هذا الشّهر مِن أحكام و آداب، و غيرها مِن سبل التعلّم كالاستماع إلى الدّروس و سؤال مَن يعلم، ثمّ ابذلي الوُسع في تعليم مَن لا يستطيع الوصول إلى ما تَعلّمتيه مِن الأهل أو الأقارب أو الجيران أو الصّديقات و لكِ في ذلك أجر عظيم.
(007) إذا كنتِ قد ابتُليتِ ببعض المعاصي و الذّنوب؛ فابدئي بالتّوبة مِن هذا الشّهر، اعزمي عزما صادقاً على التّوبة النّصوح و النّدم على ما فات مِن تقصيرك في جَنْب الله، فو الله يا أيّتها الغالية إنّ رمضان لفرصة ثمينة لكِ أنْ تبادري إلى ذلك قبل أنْ يبادركِ الأجل، و اجعلي هذا الشّهر المبارك ميلادك الجديد إلى الاستقامة و الصّلاح و الفلاح، ثمّ أَبْشِري بأنّ التّوبة تَهْدِم ما قبلها، و أنّ التّائب مِن الذّنب كمَن لا ذنب له، و أنّ اللّه سبحانه يحبّ التوّابين و هو أكبر الفرحين بتوبتكِ.
(008) تذكّري أنّ أكبر ما يُرجى حصوله لكِ في هذا الشّهر هو التّقوى؛ فمِن أجل التّقوى شَرع الله الصّوم، و هو الفائدة المطلوبة الّتي تتحقّق بأداء الفرائض، قال اللّه تعالى: [[ يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ ]] (سورة البقرة: الآية 183)، ففكّري في العمل الجاد للحصول على هذا الشّرف العظيم و هو الانضمام إلى دائرة المتّقين عن طريق رمضان، و لا يمرّ عليكِ الرّمضان تلو الآخر و ينتهي دون أنْ تستفيدي منه الاستفادة المرجوة.
(009) اعلمي أنّ اللّيلة الأولى مِن رمضان تبدأ عَقِب غروب شمس آخر يوم مِن شعبان، فابدئيها بالقيام و الأدعية و الأذكار و السّحور و غيرها من العبادات، و إلاّ كانت لكِ ليلة ناقصة مِن ليالي رمضان مِن حيث الاجتهاد في العبادة.
(010) أبشري بالخير الكثير و الأجر العظيم إنْ أنتِ أقبلت في هذا الشّهر على الله عزّ و جلّ بفعل الطّاعات و ترك المعاصي؛ قال صلى الله عليه و سلّم: (( إذا كان أوّل ليلة مِن شهر رمضان؛ صُفّدت الشّياطين و مردَة الجنّ، و غُلِّقت أبواب النّار فلم يُفتَح منها باب، و فُتِّحت أبواب الجنّة فلم يُغلَق منها باب، و يُنادي منادٍ كلّ ليلة: يا باغي الخير أَقبِل و يا باغي الشرّ أَقصِر، و لله عتقاء مِن النّار، و ذلك في كلّ ليلة )) (أخرجه ابن ماجة و حسّنه الألباني).
(011) عدّي الأيّام التي ستمضي مِن هذا الشّهر الكريم، و تذكّري طول الوقت الّذي سيمرّ بعد انقضاء رمضان حتّى يأتي مرّة أخرى، فإنّ ذلك سيُشْعِركِ بالرّغبة في المزيد مِن الاجتهاد، و يدفعكِ إلى ترك الكَسل و التّشمير للطّاعات.
(012) احتسبي صيامكِ و قيامكِ و سائر عباداتكِ في هذا الشّهر؛ قال صلّى اللّه عليه و سلّم: (( مَن صام رمضان إيماناً و احتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه)) (متفق عليه). و احتسابكِ يكون ببداركِ إلى طلب الأجر من الله تعالى عند عمل الطّاعات و ابْتِغائِكِ بها وجهه الكريم.
(013) أكْثِري مِن قراءة الكتب النّافعة؛ فإنّ قراءتك لها تزيد حصيلتك العِلمية و الثّقافية، و ابدئي بقراءة الكتب الإسلامية الّتي تتفقّهين بها في دين الله تعالى و تعبدين الله تعالى على عِلم و بصيرة، ثمّ تُعلّمين و تُفيدين بها غيركِ.
(014) حافظي على صلواتكِ الخمس كلّها و أدّيها في أوقاتها مستوفيةً لشروطها و أركانها وواجباتها؛ يقول الله تعالى لأمّهات المؤمنين: [[ وَ أَقِمْنَ الصّلاَةَ وَ آتِينَ الزّكَـاةَ وَ أَطِعْنَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ ]] (سورة الأحزاب: الآية 33)، فالصّلاة هي الرّكن الثّاني مِن أركان الإسلام، و هي عمود الإسلام، و لا دين لمن لا صلاة له، و تذكّري قوله عليه الصّلاة و السّلام: (( العهد الذي بيننا و بينهم الصّلاة فمن تركها فقد كَفَر ))، فلا تكوني كمَن تحافظ على الصّيام ثمّ تُضيّع الصّلاة و هي أهمّ منه، و الله جلّ و علا يقول: [[ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ]] (سورة مريم: الآية 59)، و قد ذَكَر الحافظ ابن كثير في تفسيره عن جمعٍ من أئمة المفسّرين أنّ معنى إضاعة الصّلاة؛ إضاعة مواقيتها بأنْ تُصلَّى بعدما يخرج وقتها.
(015) حافظي على صلاة التّراويح فإنّ رمضان شهر القيام؛ قال النّبي عليه الصّلاة و السّلام: (( مَن قام رمضان إيماناً و احتساباً غُفر له ما تقدّم مِن ذنبه )) (متفق عليه)، و ذَكَر الإمام النووي رحمه الله أنّ المراد بقيام رمضان صلاة التّراويح.
(016) لكِ أنْ تؤدّي التّراويح في المسجد، لكنْ اعلمي أنّ صلاتكِ إيّاها في بيتكِ إذا تمكّنتِ أفضل لكِ من صلاتها في المسجد؛ فقد قال صلى الله عليه و سلّم: (( لا تمنعوا نساءَكم المساجدَ و بيوتهنّ خير لهنّ )) (أخرجه أبو داود و صحّحه الألباني)، لاسيما إذا كنتِ تستطيعين أن تصلّيها خاشعةً بترتيل طويل، أمّا إذا كنتِ لا تستطيعين ذلك و لم تجدي مَن يصلي بكِ في البيت سواء مِن الرّجال أو النّساء، فلا بأس بذهابكِ إلى المسجد، و الأمر في جميع الأحوال واسع و سهل، و إذا ذَهَبتِ فلا تذهبي إلاّ آمنةً الفتنة عليكِ و منكِ، متستّرةً متحجّبةً، متأدّبةً بأدب المشي و المساجد، لا مُتعطِّرةً أو مُبديةً لزينَةٍ، و لا رافعةً صوتاً.
(017) لكِ أنْ تُؤدّي الصّلاة في البيت جماعةً مع النّساء بإمامة إحداهنّ؛ فريضةً كانت أو تراويحاً، فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أمر أمَّ ورقة أنْ تؤمّ أهل دارها (رواه أبو داود و صحَّحه ابن خزيمة)، و لْتَقِف إمامَتُهُنَّ وَسَطَهنّ لا تَتَقدّمهنّ كما يتقدّم الإمام الرّجل.
(018) لا تنسي صلاة الرّواتب؛ فقد جاء عن أمّ حبيبة زوج النّبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنّها قالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: (( ما مِن عبد مسلم يُصلّي لِلّه كلّ يوم ثنتي عشرة ركعة تطوّعاً غير فريضة؛ إلاّ بنى اللّه له بيتاً في الجنّة )) (أخرجه مسلم). و قد فسّر النّبي صلّى اللّه عليه و سلّم في رواية لهذا الحديث هذه الرّكعات بقوله: (( أربع ركعات قبل الظّهر، و ركعتين بعد الظّهر، و ركعتين بعد المغرب، و ركعتين بعد العشاء، و ركعتين قبل الفجر )) (رواه التّرمذي و النّسائي).
(019) صلّي الضّحى و لو ركعتين، فإنّ لصلاة الضّحى فضائل كبيرة؛ مِنها ما حدّث به أبو هريرة عن النّبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنّه قال: (( لا يُحافظ على صلاة الضّحى إلاّ أوّاب ))، قال: (( و هي صلاة الأوّابين )) (أخرجه ابن خزيمة و الحاكم و حسّنه الألباني)، و الأوّاب هو الّذي على طاعة الله مُقبل و إلى رضاه رَجَّاع. و اعلمي أنّ وقتها يبدأ مِن طلوع الشّمس و يمتدّ إلى زوالها، أمّا عدد ركعاتها فلكِ أنْ تُصلّيها ركعتين أو أربع أو ستّ أو ثمان أو اثني عشر ركعة، كلّ ذلك بركعتين ركعتين.
(020) حافظي و أكثري مِن الأذكار، لاسيما في أوقات و أحوال يتأكّد فيها ذلك؛ كأذكار ما بعد الصّلوات، و أذكار الأذان و متابعة المؤذِّن، و أذكار النّوم و الاستيقاظ منه، و أذكار الإفطار و الأكل، و أذكار الدّخول و الخروج، و أذكار الصّباح و المساء عموما...، و لا يَفْتُر لسانُكِ عن الذِّكْر في جميع أحوالِك حتّى و أنتِ تؤدّين أعمالك المنزلية متأسّيةً في ذلك بالرّسول صلّى الله عليه و سلّم؛ فعن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: (( كان صلّى الله عليه و سلّم يذكر الله تعالى على كلّ أحيانه )) (أخرجه مسلم). و اعلمي أنَّ في ذكْرِ الله حياة القلوب؛ قال صلّى الله عليه و سلّم: (( مَثَلُ الّذي يَذكُر ربَّه و الّذي لا يَذكُر ربَّه مَثلُ الحيّ و الميّت )) (أخرجه البخاري).
(021) اقتني كتيِّبا خاصّا يحوي مختلف الأدعية و الأذكار إذا كنتِ لا تحفظينها؛ ككتاب (حِصن المسلم)، و كتاب (صحيح الكَلِم الطيّب)، و غيرهما.
(022) أقْبِلي على قراءة القرآن الكريم يوميّا، فإنّ ذلك مِن مظاهر الاجتهاد في العبادة الّتي ينبغي الإكثار منها آناء اللّيل و أطراف النهار في هذا الشّهر المبارَك، فإنّه لا يخفى عليكِ ما للقرآن الكريم مِن فضل عظيم على كثير مِن الأعمال؛ تلاوةً و حفظاً و تدبّراً و عملاً به، و يكفيكِ في ذلك قوله تعالى: [[ إِنّ الّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللّهِ وَ أَقَامُوا الصّلاَةَ وَ أَنفَقُوا مِمّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَ عَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لنْ تَبُورَ () لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَ يَزِيدَهُم مِن فَضْلِهِ إِنّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ]] (سورة فاطر: الآيتان 29 و 30)، و في حديث عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و سلّم قال: (( مَن قَرأَ حرفا مِن كتابِ اللّه تعالى فله به حَسَنةٌ و الحَسَنةًُ بعَشْرِ أمثالِها، لا أقول "الم" حرف، و لكنْ ألفٌ حرف و لامٌ حرف و ميمٌ حرف )) (رواه التّرمذي و الدّارمي)، و عن عثمان بن عفّان رضي اللّه عنه أنّه عليه الصّلاة و السّلام قال: (( خيرُكُم مَن تعلّم القرآن و علَّمَه )) (رواه البخاري). و رمضان فرصة لكِ أختي الكريمة لِتُقبلِي على القرآن أكثر فأكثر؛ فلا تنسَي أنّ رمضان شهر القرآن.
(023) لا تُسْرِعي في قراءة القرآن إسراعاً بدون ترتيل و لا تدبّر لمعانيه و أحكامه، فلا يكنْ مقصدكِ مِن القراءة هو الوصول إلى خَتْمه في أقرب وقت مع مخالفة قوله تعالى: (( وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً )) (سورة المزمّل: الآية 4)، و مخالفة قوله عزّ و جلّ: [[ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو الألْبَابِ ]] (سورة ص: الآية 29)، بل ينبغي عليكِ الجمع بين الخيرين؛ بكثرة قراءة القرآن و محاولة ختمه أكثر مِن مرّة، مع ترتيله و تَدبُّرِ معانيه و العمل بأحكامه.
(024) لا تكتفي فقط بقراءة القرآن في نهار رمضان ثمّ تغفلين عن ذلك في لياليه، فلا دليل ينصّ على تخصيص قراءة القرآن في نهار رمضان بفضل معيّن دون لياليه، بل احرصي على قراءة القرآن قبل النّوم قدْر استطاعتكِ و لو جزءًيسيرا.
(025) اجلسي في مُصلاَّكِ بعد أدائكِ فريضة الصّبح حتّى الشّروق إنْ استطعتِ؛ تقرئين القرآن و تذكرين اللّه و تُسبّحينه و تُهلّلينه و تحمدينه و تُكبّرينه، ثم صلّي على الأقلّ ركعتين -مِن صلاة الضّحى-.
(026) لا يفوتنّكِ اغتنام هذا الشّهر الكريم بالاجتهاد في الدّعاء، و الالتجاء إلى الله سبحانه و تعالى و سؤاله مِن خيْري الدّنيا و الآخرة؛ قال تعالى: [[ وَ قَالَ رَبُّكُـمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنّ الّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنّمَ دَاخِرِينَ ]] (سورة غافر: الآية 60)،و جاء في الحديث عن النّبي صلّى الله عليه و سلّم أنّه قال: (( الدّعاء هو العبادة )) (أخرجه أحمد و غيره و صحّحه الألباني).
(027) احْرصي على الدّعاء خاصّة في أوقات الإجابة و أحوالها؛ و الّتي مِنها على سبيل المثال: حال الصّوم، عند الفِطر، حال وقوع الظّلم، حال السّفر، دعاء المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب، وقت ما بين الأذان و الإقامة، وقت الثّلث الأخير مِن اللّيل، عند السّجود، عند نزول المطر، في آخر ساعة من يوم الجمعة...، و غيرها مِن الأوقات و الأحوال.
(028)لا تغفلي عن آداب الدّعاء الّتي بها يتحقّق مطلوبكِ و تحصلُ إجابة سؤالكِ؛ كالإخلاص في الدّعاء، و الثّناء على اللّه في بدايته و الصّلاة و السّلام على رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم، و الإلحاح فيه، و عدم الاستعجال في حصول الإجابة، و اليقين بالإجابة، و التّركيز و عدم الغفلة، و الابتعاد عن الحرام،... و غيرها مِن الآداب، و تذكّري حديث النّبي صلى الله عليه و سلّم: (( إنّ ربّكم حيي كريم يستحي مِن عبده إذا رفع يديه إليه بدعوة أنْ يردّهما صفراً ليس فيهما شيء )) (أخرجه أبو داود و صحّحه الألباني)، فارفعي يديكِ بالدّعاء مُتأدّبةً، مُخلصةً، مُثنيةً على اللّه عزّ و جلّ، مُصلّيةً على رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم، مُلحّةً، مُتيقّنةً، غير مستعجلة.
(029) استحضري النيّة و صحّحي القصد بجعله للّه وحده عند بَذْلِكِ كلّ الطّاعات، و على رأسها الصّيام و الصّلاة؛ قال صلّى اللّه عليه و سلّم: (( إنّما الأعمال بالنّيات و إنّما لكلّ امرئ ما نوى )).
(030) تذكّري و احتسبي الأجر العظيم مِن الله عزّ و جلّ على طاعاتكِ؛ قال صلى الله عليه و سلّم: (( مَن صام رمضان إيمانًا و احتسابًا غُفر له ما تقدّم من ذنبه )) (رواه البخاري و مسلم).
(031) نافسي في الخير و كوني جوادة به و حاولي أنْ لا يسبقك في ذلك أحد؛ قال اللّه تعالى: [[ وَ فِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ]] (سورة المطفّفين: الآية 26)، و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (( كان رسول الله صلى الله عليه و سلّم أجود النّاس بالخير، و كان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، و كان جبريل عليه السّلام يلقاه كلّ ليلة مِن رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النّبي صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل عليه السّلام كان أجود بالخير مِن الرّيح المرسلة )) (الصّحيحين)، و ذَكَر الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث أنّ المراد بالرّيح ريح الرّحمة الّتي يرسلها الله تعالى لإنزال الغيث العام الّذي يكون سبباً لإصابة الأرض الميتة و غير الميتة، أي فيعمّ خيره و برّه مَن هو بصفة الفقر و الحاجة و مَن هو بصفة الغنى و الكفاية، أكثر ممّا يعمّ الغيث النّاشئة عن الرّيح المرسلة.
(032) أكثري مِن العبادات و الأعمال الخيرية، فإنّ أجرها في رمضان مُضاعَف؛ لاسيما القيام و إطعام الطّعام و الصّدقة و تلاوة القرآن.
(033) نوّعي العبادات في أثناء الشّهر الكريم؛ صيام النّهار، صلاة التّراويح، تلاوة القرآن، إطعام الطّعام، الصّدقات...، كلّ ذلك مع الموازنة بين أوقاتها و إعطاء كلّ عبادة نصيبها، و بتنويع العبادات يكثر أجركِ و يتجدّد نشاطكِ بإذن اللّه.
(034) احْرِصي على ساعات النّزول الإلهي للسّماء الدّنيا في أداء عبادة القيام و الذّكر و الدّعاء و الاستغفار و تلاوة القرآن، فإنّها أوقات مباركة، و ذلك في الثّلث الأخير مِن اللّيل؛ فعن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنّ رسولَ الله صلى الله عليه و سلّم قال: (( ينْزِل ربُّنا تبارك و تعالى كلّ ليلةٍ إلى السّماء الدّنيا حين يبقى ثلث اللّيل الآخر، فيقول: مَن يَدْعوني فأَسْتجيب له ؟ و مَن يَسْأَلُني فأُعْطِيَه ؟ )) (رواه مسلم). و تحسبين وقت الثّلث الأخير مِن اللّيل بتقسيمكِ الوقت مِن صلاة المغرب إلى وقت صلاة الفجر ثلاثة أجزاء، ثمّ تعتبرين الجزء الأخير منه هو الثّلث الأخير.
(035) أكثري من الصّدقة؛ فقد ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلّم في الحديث المتّفق عليه؛ مِن السّبعة الّذين يظلّهم الله في ظِلّه يوم لا ظِلّ إلا ظلّه، ذَكَر مِنهم مَن تصدّق بصدقة فأخفاها حتّى لا تعلم شماله ما تُنْفِق يمينه، و قال صلى الله عليه و سلّم: (( يا معشر النّساء تَصَدّقْن و أَكْثِرن الاستغفار، فإنّي رأيتكُنَّ أكثرَ أهل النّار )) (رواه مسلم).
(036) صوني أيّتها الفاضلة جوارحك عن الذّنوب و المعاصي؛ فلا يفكّر عقلكِ إلاّ في طاعة الله، و لا يحمل قلبكِ إلاّ كلّ خير للمسلمين و المسلمات، ولا تقع عيناكِ أو تنصت أذناكِ أو ينطق لسانكِ إلاّ بما يحبّه الله و يرضاه، وجاهدي نفسَكِ في ذلك؛ قال صلّى الله عليه و سلّم: (( مَن لم يدَعْ قول الزّور و العملَ به فليس لِلّه حاجة في أنْ يَدَعَ طعامَه وشرابَه )) (أخرجه البخاري). ذكر الحافظ ابن حجر ناقلاً عن البيضاوي رحمهما اللّه؛ أنّه ليس المقصود من شرعية الصّوم نفس الجوع و العطش، بل ما يَتْبَعه من كَسْر الشّهوات و تطويع للنَّفس الأمّارة بالسّوء.
(037) كوني داعية إلى الله عزّ و جلّ؛ تقرّبي في هذا الشّهر العظيم بدعوة أقاربك، و جيرانكِ، و صديقاتكِ، و زميلاتكِ، عبر الكتاب و الرّسالةِ و المقالة و الشّريط و النّصيحة و التّوجيه...؛ قال صلى الله عليه و سلم: (( مَن دلّ على خير فله مثل أجر فاعله )) (رواه مسلم).
(038) لا تُكثري مِن الخروج لغير حاجة، و لا تضيّعي هذه الأيّام و اللّيالي العظيمة بكثرة الخروج إلى الأسواق و التّجوال و نحو ذلك، و يكفيكِ الخروج إلى الدّراسة إذا كنتِ دارسة أو إلى العمل إذا كنتِ عاملة، و كذا الخروج لسائر المقاصد الّتي تحتاجينها، و اعلمي أنّ الأصل في المرأة قرارها في بيتها؛ قال اللّه تعالى: [[ وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنّ وَ لاَ تَبَرّجْنَ تَبَرّجَ الجَاهِلِيّةِ الأولَى ]] (سورة الأحزاب: الآية 33)، و ذَكَر العلاّمة الكشميري على ما نَقَله الألباني رحمهما اللّه؛ أنّ خروج المرأة لغير حاجة تبرّجاً.
(039) احرصي عند احتياجكِ إلى الخروج مِن البيت على الالتزام بحجابك الشّرعي السّاتر بشروطه الّتي ذكرها أهل العلم؛ و هي: استيعاب جميع البدن ممّا هو عورة و الّذي لا يجوز إظهاره لغير المحارم و مَن استثناهم القرآن، أنْ لا يكون زينة في نفسه، أنْ يكون صفيقاً لا يشف، أنْ يكون فضفاضاً غير ضيّق، أنْ لا يكون مُبخَّراً و لا مُطَيَّباً، أنْ لا يشبه لباس الرّجال، أنْ لا يشبه لباس الكافرات، أنْ لا يكون لباس شهرة.
(040) استري يا ابنة الإسلام العزيزة نفسَكِ بما فرضه اللّه عليكِ مِن السِّتر إذا كنتِ غير متحجّبة، و اغتنمي رمضان فرصةً لذلك و إيّاكِ أنْ تتردّدي، صوني لَحْمَكِ عن الذّئاب البشرية الّذين تعلمين أنّ ما يثيرهم منكِ هو جسدكِ لا روحكِ، لا تَمْتَهِني عِرضكِ لأتفه الأسباب و أضعف الحُجج و قد سارت مِن أجلهِ الجيوش و سالت مِن أجله الدّماء بالأمس حمايةً له و غيرةً عليه !، أبْشري برضا اللّه العظيم عنكِ إذا أنتِ أطعتيه؛ و قد أمركِ بذلك و أمَركِ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، أشْفِقي على نفسكِ مِن عذاب شديد قد يلحقكِ مِن طريق قد رسمتيه و اخترتيه لنفسكِ، أرْفِقي بالشّباب الّذين تفتِنينَهم و تتحمّلين أوْزارَهم يومياً بزينتكِ و حركاتكِ الّتي تُبديها لهم مظاهر ألبستكِ السّافرة، و تيقّني أنّ في الحجاب جمالكِ و نوركِ و بهاؤُكِ إذا أنتِ التزمتيه بشروطه، و اعلمي أنّه لا يُستر عن الأعين عادةً إلاّ الأمور النّفيسة و الأشياء الثّمينة؛ فكيف لا تَسْتَتِرين و أنتِ أنفس مِن النّفيس و أثْمَن مِن الثّمين !. إنّ الحجاب هو سعادتكِ و جنّتكِ في الدّنيا و الآخرة فلا تتردّدي أختي الغالية و إيّاكِ أنْ تتردّدي.
(041)أفرِغي الأوقات للعبادة قدر المستطاع، و ذلك بالتّنظيم و التّرتيب و التّنسيق مع الآخرين و تفويض بعض المهام لهم، سواء كانوا صغاراً أو كباراً، إناثاً أو ذكوراً؛ كالأخت أو البنت أو الابن أو الزّوج أو الأخ أو نحوهم ممّن يُمكنهم مساعدتكِ و تخفيف عِبئ الأعمال المنزلية عنكِ، و هم مأجورون على ذلك، فإنّ المُعين على الخير له نصيب منه.
(042) حافظي على السّحور و لا تغفلي عنه و حثّي أهلكِ عليه؛ فإنّ السّحور بركة، قال النّبي صلى الله عليه و سلّم: (( تسحّروا فإنّ في السّحور بركة )) (الصّحيحين)، و قال عليه الصّلاة و السّلام: (( السّحور أكلهُ بركة فلا تَدَعوه و لو أنْ يجرع أحدكم جرعة ماء فإنّ الله و ملائكته يصلّون على المتسحّرين )) (رواه أحمد في مسنده و حسّنه الألباني).
(043) احرصي على تأخير السّحور إلى قبيل الفجر؛ قال صلّى الله عليه و سلّم: (( ثلاث مِن أخلاق النّبوة: تعجيل الإفطار و تأخير السّحور، و وضع اليمين على الشّمال في الصّلاة )) (أخرجه الطبراني وصحّحه الألباني). و اعلمي أنّ مِن فوائد هذا التّأخير؛ أنّه الأوفق لسنّة نبيّكِ صلّى اللّه عليه و سلّم، و أنّ السّحور يُراد به التَقَوِّي على الصّيام فكان تأخيره أنفع للصّائم، و أنّ الصّائم لو تسحّر قبل طلوع الفجر بوقت طويل ربّما نام عن صلاة الفجر.
(044) أقلِلي مِن المكوث في المطبخ و كوني خفيفةً فيه، فرمضان شهر العبادة و الصّيام لا شهر الأكل و الطّعام.
(045) أقلِلي مِن المصاريف المالية و إيّاكِ و الإسراف في إعداد الطّعام و الشّراب؛ فإنّكِ مَنهِية عن ذلك، قال الله تعالى: [[ وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ]] (سورة الأعراف: الآية 31). و اعلمي أنّ مِن شكر الله عزّ و جلّ على نِعمه عدم معصيتِه بها بتبذيرها و الإسراف فيها.
(046) اشكري اللّه تعالى على نِعمه و أرزاقه، و تذكّري أنّه بالشّكر تزيد النّعم؛ قال عزّ و جلّ: [[ وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ]] (سورة إبراهيم: الآية 7).
(047) لا تجعلي همّكِ الأوّل و أنتِ تطبخين و تبذلين الجُهد في ذلك إظهار مهارتكِ في تنويع المأكولات، و هذا و إنْ كان شيئا لا تُلامين عليه لكونه مِن الفِطرة السّليمة و عنوان أنوثتك، لكنْ اجعلي نيّتكِ نيّة أرفع و أسمى مسْتَحْضِرةً أثناء طبخكِ قوله صلّى اللّه عليه و سلّم: (( مَن فَطَّر صائما كان له مثل أجر الصّائم مِن غير أن ينقص من أجره شيئا )) (رواه أحمد و التّرمذي و صحّحه)، فاجعلي هذا الحديث نيّتك و احْتسبي وقتَك الّذي تقضينه في المطبخ لله فتُأجري، و إنّ عملك لا يضيع أبداً بهذه النيّة و هذا الاحتساب بإذن اللّه، لأنّ القائم على الصّائم له أجر عظيم، فما بالكِ و أنتِ صائمة ثم أنتِ أيضاً تُعدّين هذا الطّعام و تَقضين كثيراً مِن وقتك فى إعدادِه، فلا شكّ أنّكِ على خير و عملٍ مأجور قد حُرم منه كثير من الرّجال !.
(048) حاولي الطّبخ في الصّباح الباكر، فإنّه أحسن مِن الطّبخ في المساء؛ و هذا سيوفِّر لكِ الوقت في المساء و يسهِّل لكِ أداء العبادات و يعينكِ على الخشوع في الصّلوات، خاصّة إذا كنتِ تدرسين خارج البيت أو تعملين، لما تعلَمينه ما يُحدثه الطّبخ مِن تشويش؛ فإنّ هناك العديد مِن النّساء لِبَدئِهِنّ الطَّبخ مساءً، تجدينَهُنّ لا يُصلِّين في الوقت، و إذا صَلَّين فصَلاة بلا خشوع لانشغال البال في الطّبخ، أمّا الرَّواتب فتَتْركْنَها تماما لضَيْق الوقت.
(049) أكثري و رطّبي لسانكِ بذكر اللّه و تسبيحه و استغفاره أثناء طبخكِ و البدء بالبسملة قبل كلّ شيء، مستغلّةً الوقت في نيل الأجر غيرَ تاركة المجال لتضييعه، و لعلّكِ قرأتِ أو سمعتِ عن تلك الأخت الفاضلة الّتي تَعجَّبَ زوجها و النّاس مِن لذّة طعامها، و لمّا سُئلَت عن ذلك؛ ذَكَرَت أنّها تَبدأ بالبسملة عند كلِّ خطوة مِن إعدادِها الطّعام !، بدءً بإشْعال الموقد و مروراً بوَضْعِ الدّهن بالإناء، ثمّ البصل أو الثّوم، و وَضْعِ الطّماطم...، و انتهاءً بإطفاء الموقد، و كذلك قراءتها سورة الإخلاص بعد البسملة، و تسبيحها ريثما ينضج الطعام، و في أثناء غسل الأطباق أو تنظيف المطبخ. و لعلّكِ تأخذين درساً و عِبرةً في كيفية استغلال الوقت و نَيْل الأجر عند الطَّبخ مِن هذه القصّة الواقعية.
(050) حاولي الجمع بين الطّبخ و الاستماع إلى القرآن و المحاضرات و الدّروس عبر جهاز التّلفاز أو جهاز التّسجيل، حتّى لا تُحرِمي نفسكِ مِن الخير و العِلم و الفوائد مدّة مكوثكِ في المطبخ.
(051) التَزِمي التّجديد في أصناف المأكولات و المشروبات و ابتعدي عن الرّوتين، و اجعلي طَبخَكِ غذاءً صحّيا متكاملا، فهذا يساعدكِ و يساعد أهلكِ على الطّاعات.
(052) لا بأس أنْ تذوقي الطّعام للحاجة أثناء طبخكِ و أنتِ صائمة، لكنْ دون أنْ تَبْتَلعي منه شيئاً، و لا يَفسُد بذلك صومكِ.
(053) أعيني غيركِ في شؤون المطبخ كالأمّ أو الأخت أو البنت أو غيرهما؛ إذا كان غيركٍِ هو المباشر للطّبخ، و لكِ في ذلك الأجر مع زيادة تعلّمكِ ربّما بعض فنون الطّبخ.
(054) لا تَنْسَي أنْ تُغيِّري ملابسَكِ قبل تزيين المائدة بالصُّحون و أنواع الأطْعِمة و الأشربة وقت الإفطار، فأنتِ أحقّ بالتزيين، خاصّة إذا كنتِ ذات زوج؛ و إيّاكِ أن تقابليه برائحة البصل و الثّوم و الدّهون !.
(055) عجِّلي بالإفطار بعد غروب الشّمس مباشرة قبل الصّلاة و نبّهي مّن حولكِ؛ لحديث سهل بن سعد رضي الله عنه، عن النّبي صلى الله عليه و سلّم قال: (( لا يزال النّاس بخير ما عجّلوا الفِطر و أخّروا السّحور )) (رواه الشيخان).
(056) لا تنسي الدّعاء المأثور عند الإفطار: (( ذَهَب الظّمأ و ابْتلَّت العُروق و ثَبتَ الأجر إنْ شاء الله )) (سنن أبي داود). و لكِ مع هذا الدّعاء بما شئتِ مِن خَيْرَي الدّنيا و الآخرة؛ فقد قال عليه الصّلاة و السّلام: (( ثلاث دعوات مستجابات؛ دعوة الصّائم و دعوة المظلوم و دعوة ا لمسافر )).
(057) لا تنسي أنْ تبدئي الإفطار بما بدأ به نبيّنا؛ فقد كان صلى الله عليه و سلّم يفطر على رَطبات، فإنْ لم يجد فعلى تَمرات، فإنْ لم يجد فعلَى حَسوات مِن ماء.
(058) قلِّلي مِن الأكل و الشّرب و لا تفرِطي فيهما؛ فإنّ ذلك ينفعكِ و ينفع غيركِ، و هو مِن أسباب حِفظ الصحّة و خفّة الجسم و نشاط الرّوح، و كثرة الأكل تُثقل البدن و تدعو إلى التّكاسل عن العبادة و صلاة التّراويح و قيام اللّيل و أداء الحقوق، و تذكّري أنّ الزّاد الحقيقي النّافع هو التّقوى.
(059) تَفقَّدي الجيران في الأكل؛ قال صلى الله عليه و سلّم: (( ليس المؤمن الّذي يشبع و جاره جائع إلى جنبه )) (رواه البخاري في الأدب).
(060) أطْعمي المساكين و اليتامى و عابري السّبيل، و فطِّري الصّالحين و أهل المساجد، كأنْ تُرسلي إلى المسجد شيئا يُفطر عليه عُمّارُه مِن التّمر أو اللّبن أو نحو ذلك؛ فإنّه سيكون لكِ بذلك أجر فِطرهم مِن غير أن ينقص مِن أجرهم شيئا، علاوة على دعاءِ بعضهم لكِ بالخير.
(061)اعزمي الأهل و الأقارب للإفطار في بيتكِ؛ ليكون لكِ أجْرَيْ صِلة الرّحِم و تفطير الصّائم في آن واحد.
(062) أجيبي إذا تمكّنتِ دعوة الأقارب و ذوي الأرحام إذا دعوكِ إلى الفطور، و ما أجمل أنْ تأخذي معكِ شيئا طبختيه عند زيارتهم، و ما أحسن أنْ تساعديهم في الطّبخ أثنائها.
(063)لا تَنْسي الدّعاء لمَن تفطرين عندهم؛ فعن ابن الزّبير رضي الله عنه قال: كان صلّى الله عليه و سلّم إذا أفطر عند قوم قال: (( أَكَلَ طعامَكُم الأبرار، و صَلَّت عليكم الملائكة، و أفطر عندكم الصائمون )) (رواه ابن أبي شيبة و أحمد و غيرهما).
(064) أوصيكِ بالقيْلولة؛ فإنّها سبب لراحتكِ و استجماع قوّتكِ، للاستمرار على ما بَدَأْتيه مِن فعل الطّاعات و أداء العبادات.
(065) احذري الغفلة عن اغتنام رمضان في الطّاعة و ذكرِ اللّه، بالخوض في المُلهيات و مجالس السَّمر الطويلة الوقت و القليلة النّفع؛ كالسّهر في اللّيل و النّوم في النّهار، مما يؤدّي إلى تضييع كثير من الصّلوات بتأخيرها عن أوقاتها، فضلاً عن بقية العبادات.
(066) لا تُهدري الأوقات سدىً؛ بمتابعة البرامج و المسلسلات ليلاً و نهاراً، و الانشغال بالمسابقات، و العزوف عن التزوّد بالأعمال الصّالحة.
(067) لا تُكثري مِن الزّيارات في ليالي رمضان و الاجتماع على اللّغو، فضلاً عن اللّهو و المنكرات.
(068) احذري مجالس اللّغو ذات المواضيع التّافهة أو المتكرّرة، و احفَظي لسانَك مِن الغيبة و النّميمة و فاحش القول، و الزمي نفسكِ بالكلام الطيّب الجميل، و تأمّلي حديث النّبي صلّى الله عليه و سلّم: (( كم مِن صائم ليس له مِن صيامه إلاّ الظّمأ، و كم مِن قائم ليس له مِن قيامه إلاّ السّهر )) (أخرجه الدّارمي و قال الألباني إسناده جيد)، لتُدْركِي خسارة مَن لم تصم جوارحه عن الآثام.
(069) صِلي و زوري أرحامكِ و أقاربكِ و صديقاتكِ، لكنْ مع التوسّط و الاعتدال دون إكثار، فإنّكِ بحاجة إلى الوقت للعبادة في هذا الشّهر، و لْتكُن مجالسكِ مع الأهل أو الصّديقات؛ مجالس حِشمة و أدب، و تذاكر و تناصح و تعاون على الخير و البرّ، و سؤال عن الأحوال و الصحّة، و ملاطفة و مزاح في حدود المشروع و المعقول، و التزام بالحجاب إذا كان ثمّة غير ذوي المحارم مِن الرّجال... و هكذا، حتّى تكون زيارتكِ جامعة بين الرّاحة و العبادة.
(070) ابتعدي عن قرينات السّوء و صاحبات الشرّ، و تعرّفي على رفيقات صالحات و الزميهنّ، فإنّهنّ يُعينَكِ على الطّاعة و يُقرّبنَكِ إلى الرّحمان.
(071) احرصي على عدم السّهر طويلاً لغير حاجة أو مصلحة؛ فإنّ النّبي صلى الله عليه و سلّم كان يكره السّمر و الحديث بعد العشاء.
(072) قلّلي مِن النّوم؛ فرمضان شهر و يمضي، والمُكثر مِن النّوم فيه مضيّع لوقته، و تذكّري نداء المنادي في رمضان: (( يا باغي الخير أقبل ! و يا باغي الشرّ اقصر ! )).
و ها هي لكِ أختي الغالية تلك الوصايا و التّوجيهات مرقّمة؛ كتبتها بين بذْل و اجتهاد متواضع منّي و استفادة مِن بعض كتابات المشايخ و الفضلاء، قد راعيت فيها التّرتيب الموضوعي و الاختصار قدْر الإمكان، أمّا كثرة عددها فهو لضرورة رأيتها حتّى لا أترك نقطة متّصلة بالموضوع دون أنْ أذكرها، بل قد حرصت على ذكر بعض الأحكام الفقهية ضِمنها لشِدّة حاجتكِ إليها و قوّة صِلتها بفكرة الموضوع.
فاقرئيها نُقطةً نُقطةً و استوعبيها حفظَكِ اللّه، ثمّ انشري صفحاتها و أَوصي بها غيركِ مِن الأخوات و المسلمات.
(001) استقبلي شهر رمضان بالفرح و الابتهاج، و اسألي اللّه أنْ يبلّغكِ إيّاه و أنتِ في صحّة و عافية حتّى تنشطي في عبادة الله فيه، فكم ممّن كان ينتظر رمضان قد فاجأه الأجل قبل بلوغه؛ فقد ثبت عن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أنّه كان يُبشِّر أصحابه بِمَجيءِ شهر رمضان بقوله: (( جاءكم شهر رمضان، شهر بركة يغشاكم الله فيه فيُنزل الرّحمة و يحطّ الخطايا و يستجيب الدّعاء، ينظر الله إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته، فأَرُوا الله مِن أنفسكم خيرا فإنّ الشَّقِي مَن حُرم فيه رحمة الله )).
(002) إذا رأيتِ هلال رمضان فقولي: "اللّهم أَهِله علينا باليُمْن و الإيمان والسّلامة و الإسلام، رَبِّي و رَبُّكَ اللّه"، و هذا ما كان يقوله رسول الله صلى الله عليه و سلّم كما رواه الإمام أحمد؛ تقولين هذا سواء عند رؤية هلال رمضان أو عند رؤية أيّ هلال مِن أهلّة بقية الشّهور، و مِن ذلك هلال شوّال -هلال العيد-.
(003) ادعي اللّه و اسأليه عند حُلول هذا الشّهر؛ أنْ يُوفِّقكِ إلى طاعتهِ و يُزوِّدكِ بالقوّة على ذلك، مِنه أنْ تقولي ما كان السّلف الصّالح يقولونه عند حضور شهر رمضان: "اللّهم قد أَظَلَّنا شهر رمضان و حَضَر، فسلمه لنا و سلمنا له، و ارزقنا صيامه و قيامه، و ارزقنا فيه الجدّ و الاجتهاد و القوّة و النّشاط و أَعِذْنا فيه مِن الفِتَن".
(004) تدارسي و تذاكري فضائل شهر رمضان و فوائده، و فضائل صِيامه و قيامه و تلاوة القرآن فيه؛ فإنّ العِلم بتلك الفضائل و الفوائد هو الخطوة الأولى الّتي تُحفِّز النَّفس و تَبْعَثها على نيل خيرات رمضان العظيمة، مِن ذلك ما رواه أبو هريرة عن النّبي صلّى اللّه عليه و سلّم: (( أتاكم رمضان شهر مبارك فَرض الله عزّ و جلّ عليكم صيامه، تُفتح فيه أبواب السّماء، و تُغلق فيه أبواب الجحيم، و تُغلّ فيه مَرَدة الشّياطين، لِلّه فيه ليلة خير مِن ألف شهر، مَن حُرِم خيْرُها فقد حُرِم )) (رواه أحمد و النّسائي و صحّحه الألباني في التّرغيب)، و مِن ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أيضاً، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( قال الله عزّ و جلّ: كلّ عمل ابن آدم له إلاّ الصّيام، فإنّه لي و أنا أجزي به، و الصّيام جُنّة، و إذا كان يومُ صَوْمِ أحدكم فلا يرفث و لا يصخب، فإنْ سابّه أحد أو قاتله فليقل: إنّي امرؤٌ صائم، و الّذي نفسُ محمّد بيده لَخُلوف فم الصّائم أطيب عند الله مِن ريح المسك، لِلصّائم فرحتان يفرحهما؛ إذا أَفْطَر فَرِح بِفِطرِه، و إذا لَقِيَ ربَّه فرح بصومه )) (رواه البخاري و مسلم).
(005) تَذَكَّري أنَّ شهر رمضان يتميّز عن باقي الشّهور بأمرين؛ الأوّل: أنّه شهر فُرض فيه الصّيام، الثّاني: أنّه شهر استُحِبّ فيه الاجتهاد في العبادة بأشكالها و أنواعها و جُعِل الثّواب عليها مضاعفا.
(006) تعلّمي و تفقّهي الأحكام المتعلّقة برمضان، فإنّها مِن العلوم الضّرورية الّتي لا يَسَع أيّ مسلمة الجهل بها لشِدَّة حاجتِها إليها، فأقبلي على قراءة ما تيسّر من الكتب النّافعة الموضِّحة لما يهمُّك معرفته في هذا الشّهر مِن أحكام و آداب، و غيرها مِن سبل التعلّم كالاستماع إلى الدّروس و سؤال مَن يعلم، ثمّ ابذلي الوُسع في تعليم مَن لا يستطيع الوصول إلى ما تَعلّمتيه مِن الأهل أو الأقارب أو الجيران أو الصّديقات و لكِ في ذلك أجر عظيم.
(007) إذا كنتِ قد ابتُليتِ ببعض المعاصي و الذّنوب؛ فابدئي بالتّوبة مِن هذا الشّهر، اعزمي عزما صادقاً على التّوبة النّصوح و النّدم على ما فات مِن تقصيرك في جَنْب الله، فو الله يا أيّتها الغالية إنّ رمضان لفرصة ثمينة لكِ أنْ تبادري إلى ذلك قبل أنْ يبادركِ الأجل، و اجعلي هذا الشّهر المبارك ميلادك الجديد إلى الاستقامة و الصّلاح و الفلاح، ثمّ أَبْشِري بأنّ التّوبة تَهْدِم ما قبلها، و أنّ التّائب مِن الذّنب كمَن لا ذنب له، و أنّ اللّه سبحانه يحبّ التوّابين و هو أكبر الفرحين بتوبتكِ.
(008) تذكّري أنّ أكبر ما يُرجى حصوله لكِ في هذا الشّهر هو التّقوى؛ فمِن أجل التّقوى شَرع الله الصّوم، و هو الفائدة المطلوبة الّتي تتحقّق بأداء الفرائض، قال اللّه تعالى: [[ يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ ]] (سورة البقرة: الآية 183)، ففكّري في العمل الجاد للحصول على هذا الشّرف العظيم و هو الانضمام إلى دائرة المتّقين عن طريق رمضان، و لا يمرّ عليكِ الرّمضان تلو الآخر و ينتهي دون أنْ تستفيدي منه الاستفادة المرجوة.
(009) اعلمي أنّ اللّيلة الأولى مِن رمضان تبدأ عَقِب غروب شمس آخر يوم مِن شعبان، فابدئيها بالقيام و الأدعية و الأذكار و السّحور و غيرها من العبادات، و إلاّ كانت لكِ ليلة ناقصة مِن ليالي رمضان مِن حيث الاجتهاد في العبادة.
(010) أبشري بالخير الكثير و الأجر العظيم إنْ أنتِ أقبلت في هذا الشّهر على الله عزّ و جلّ بفعل الطّاعات و ترك المعاصي؛ قال صلى الله عليه و سلّم: (( إذا كان أوّل ليلة مِن شهر رمضان؛ صُفّدت الشّياطين و مردَة الجنّ، و غُلِّقت أبواب النّار فلم يُفتَح منها باب، و فُتِّحت أبواب الجنّة فلم يُغلَق منها باب، و يُنادي منادٍ كلّ ليلة: يا باغي الخير أَقبِل و يا باغي الشرّ أَقصِر، و لله عتقاء مِن النّار، و ذلك في كلّ ليلة )) (أخرجه ابن ماجة و حسّنه الألباني).
(011) عدّي الأيّام التي ستمضي مِن هذا الشّهر الكريم، و تذكّري طول الوقت الّذي سيمرّ بعد انقضاء رمضان حتّى يأتي مرّة أخرى، فإنّ ذلك سيُشْعِركِ بالرّغبة في المزيد مِن الاجتهاد، و يدفعكِ إلى ترك الكَسل و التّشمير للطّاعات.
(012) احتسبي صيامكِ و قيامكِ و سائر عباداتكِ في هذا الشّهر؛ قال صلّى اللّه عليه و سلّم: (( مَن صام رمضان إيماناً و احتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه)) (متفق عليه). و احتسابكِ يكون ببداركِ إلى طلب الأجر من الله تعالى عند عمل الطّاعات و ابْتِغائِكِ بها وجهه الكريم.
(013) أكْثِري مِن قراءة الكتب النّافعة؛ فإنّ قراءتك لها تزيد حصيلتك العِلمية و الثّقافية، و ابدئي بقراءة الكتب الإسلامية الّتي تتفقّهين بها في دين الله تعالى و تعبدين الله تعالى على عِلم و بصيرة، ثمّ تُعلّمين و تُفيدين بها غيركِ.
(014) حافظي على صلواتكِ الخمس كلّها و أدّيها في أوقاتها مستوفيةً لشروطها و أركانها وواجباتها؛ يقول الله تعالى لأمّهات المؤمنين: [[ وَ أَقِمْنَ الصّلاَةَ وَ آتِينَ الزّكَـاةَ وَ أَطِعْنَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ ]] (سورة الأحزاب: الآية 33)، فالصّلاة هي الرّكن الثّاني مِن أركان الإسلام، و هي عمود الإسلام، و لا دين لمن لا صلاة له، و تذكّري قوله عليه الصّلاة و السّلام: (( العهد الذي بيننا و بينهم الصّلاة فمن تركها فقد كَفَر ))، فلا تكوني كمَن تحافظ على الصّيام ثمّ تُضيّع الصّلاة و هي أهمّ منه، و الله جلّ و علا يقول: [[ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ]] (سورة مريم: الآية 59)، و قد ذَكَر الحافظ ابن كثير في تفسيره عن جمعٍ من أئمة المفسّرين أنّ معنى إضاعة الصّلاة؛ إضاعة مواقيتها بأنْ تُصلَّى بعدما يخرج وقتها.
(015) حافظي على صلاة التّراويح فإنّ رمضان شهر القيام؛ قال النّبي عليه الصّلاة و السّلام: (( مَن قام رمضان إيماناً و احتساباً غُفر له ما تقدّم مِن ذنبه )) (متفق عليه)، و ذَكَر الإمام النووي رحمه الله أنّ المراد بقيام رمضان صلاة التّراويح.
(016) لكِ أنْ تؤدّي التّراويح في المسجد، لكنْ اعلمي أنّ صلاتكِ إيّاها في بيتكِ إذا تمكّنتِ أفضل لكِ من صلاتها في المسجد؛ فقد قال صلى الله عليه و سلّم: (( لا تمنعوا نساءَكم المساجدَ و بيوتهنّ خير لهنّ )) (أخرجه أبو داود و صحّحه الألباني)، لاسيما إذا كنتِ تستطيعين أن تصلّيها خاشعةً بترتيل طويل، أمّا إذا كنتِ لا تستطيعين ذلك و لم تجدي مَن يصلي بكِ في البيت سواء مِن الرّجال أو النّساء، فلا بأس بذهابكِ إلى المسجد، و الأمر في جميع الأحوال واسع و سهل، و إذا ذَهَبتِ فلا تذهبي إلاّ آمنةً الفتنة عليكِ و منكِ، متستّرةً متحجّبةً، متأدّبةً بأدب المشي و المساجد، لا مُتعطِّرةً أو مُبديةً لزينَةٍ، و لا رافعةً صوتاً.
(017) لكِ أنْ تُؤدّي الصّلاة في البيت جماعةً مع النّساء بإمامة إحداهنّ؛ فريضةً كانت أو تراويحاً، فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أمر أمَّ ورقة أنْ تؤمّ أهل دارها (رواه أبو داود و صحَّحه ابن خزيمة)، و لْتَقِف إمامَتُهُنَّ وَسَطَهنّ لا تَتَقدّمهنّ كما يتقدّم الإمام الرّجل.
(018) لا تنسي صلاة الرّواتب؛ فقد جاء عن أمّ حبيبة زوج النّبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنّها قالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: (( ما مِن عبد مسلم يُصلّي لِلّه كلّ يوم ثنتي عشرة ركعة تطوّعاً غير فريضة؛ إلاّ بنى اللّه له بيتاً في الجنّة )) (أخرجه مسلم). و قد فسّر النّبي صلّى اللّه عليه و سلّم في رواية لهذا الحديث هذه الرّكعات بقوله: (( أربع ركعات قبل الظّهر، و ركعتين بعد الظّهر، و ركعتين بعد المغرب، و ركعتين بعد العشاء، و ركعتين قبل الفجر )) (رواه التّرمذي و النّسائي).
(019) صلّي الضّحى و لو ركعتين، فإنّ لصلاة الضّحى فضائل كبيرة؛ مِنها ما حدّث به أبو هريرة عن النّبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنّه قال: (( لا يُحافظ على صلاة الضّحى إلاّ أوّاب ))، قال: (( و هي صلاة الأوّابين )) (أخرجه ابن خزيمة و الحاكم و حسّنه الألباني)، و الأوّاب هو الّذي على طاعة الله مُقبل و إلى رضاه رَجَّاع. و اعلمي أنّ وقتها يبدأ مِن طلوع الشّمس و يمتدّ إلى زوالها، أمّا عدد ركعاتها فلكِ أنْ تُصلّيها ركعتين أو أربع أو ستّ أو ثمان أو اثني عشر ركعة، كلّ ذلك بركعتين ركعتين.
(020) حافظي و أكثري مِن الأذكار، لاسيما في أوقات و أحوال يتأكّد فيها ذلك؛ كأذكار ما بعد الصّلوات، و أذكار الأذان و متابعة المؤذِّن، و أذكار النّوم و الاستيقاظ منه، و أذكار الإفطار و الأكل، و أذكار الدّخول و الخروج، و أذكار الصّباح و المساء عموما...، و لا يَفْتُر لسانُكِ عن الذِّكْر في جميع أحوالِك حتّى و أنتِ تؤدّين أعمالك المنزلية متأسّيةً في ذلك بالرّسول صلّى الله عليه و سلّم؛ فعن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: (( كان صلّى الله عليه و سلّم يذكر الله تعالى على كلّ أحيانه )) (أخرجه مسلم). و اعلمي أنَّ في ذكْرِ الله حياة القلوب؛ قال صلّى الله عليه و سلّم: (( مَثَلُ الّذي يَذكُر ربَّه و الّذي لا يَذكُر ربَّه مَثلُ الحيّ و الميّت )) (أخرجه البخاري).
(021) اقتني كتيِّبا خاصّا يحوي مختلف الأدعية و الأذكار إذا كنتِ لا تحفظينها؛ ككتاب (حِصن المسلم)، و كتاب (صحيح الكَلِم الطيّب)، و غيرهما.
(022) أقْبِلي على قراءة القرآن الكريم يوميّا، فإنّ ذلك مِن مظاهر الاجتهاد في العبادة الّتي ينبغي الإكثار منها آناء اللّيل و أطراف النهار في هذا الشّهر المبارَك، فإنّه لا يخفى عليكِ ما للقرآن الكريم مِن فضل عظيم على كثير مِن الأعمال؛ تلاوةً و حفظاً و تدبّراً و عملاً به، و يكفيكِ في ذلك قوله تعالى: [[ إِنّ الّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللّهِ وَ أَقَامُوا الصّلاَةَ وَ أَنفَقُوا مِمّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَ عَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لنْ تَبُورَ () لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَ يَزِيدَهُم مِن فَضْلِهِ إِنّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ]] (سورة فاطر: الآيتان 29 و 30)، و في حديث عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و سلّم قال: (( مَن قَرأَ حرفا مِن كتابِ اللّه تعالى فله به حَسَنةٌ و الحَسَنةًُ بعَشْرِ أمثالِها، لا أقول "الم" حرف، و لكنْ ألفٌ حرف و لامٌ حرف و ميمٌ حرف )) (رواه التّرمذي و الدّارمي)، و عن عثمان بن عفّان رضي اللّه عنه أنّه عليه الصّلاة و السّلام قال: (( خيرُكُم مَن تعلّم القرآن و علَّمَه )) (رواه البخاري). و رمضان فرصة لكِ أختي الكريمة لِتُقبلِي على القرآن أكثر فأكثر؛ فلا تنسَي أنّ رمضان شهر القرآن.
(023) لا تُسْرِعي في قراءة القرآن إسراعاً بدون ترتيل و لا تدبّر لمعانيه و أحكامه، فلا يكنْ مقصدكِ مِن القراءة هو الوصول إلى خَتْمه في أقرب وقت مع مخالفة قوله تعالى: (( وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً )) (سورة المزمّل: الآية 4)، و مخالفة قوله عزّ و جلّ: [[ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو الألْبَابِ ]] (سورة ص: الآية 29)، بل ينبغي عليكِ الجمع بين الخيرين؛ بكثرة قراءة القرآن و محاولة ختمه أكثر مِن مرّة، مع ترتيله و تَدبُّرِ معانيه و العمل بأحكامه.
(024) لا تكتفي فقط بقراءة القرآن في نهار رمضان ثمّ تغفلين عن ذلك في لياليه، فلا دليل ينصّ على تخصيص قراءة القرآن في نهار رمضان بفضل معيّن دون لياليه، بل احرصي على قراءة القرآن قبل النّوم قدْر استطاعتكِ و لو جزءًيسيرا.
(025) اجلسي في مُصلاَّكِ بعد أدائكِ فريضة الصّبح حتّى الشّروق إنْ استطعتِ؛ تقرئين القرآن و تذكرين اللّه و تُسبّحينه و تُهلّلينه و تحمدينه و تُكبّرينه، ثم صلّي على الأقلّ ركعتين -مِن صلاة الضّحى-.
(026) لا يفوتنّكِ اغتنام هذا الشّهر الكريم بالاجتهاد في الدّعاء، و الالتجاء إلى الله سبحانه و تعالى و سؤاله مِن خيْري الدّنيا و الآخرة؛ قال تعالى: [[ وَ قَالَ رَبُّكُـمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنّ الّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنّمَ دَاخِرِينَ ]] (سورة غافر: الآية 60)،و جاء في الحديث عن النّبي صلّى الله عليه و سلّم أنّه قال: (( الدّعاء هو العبادة )) (أخرجه أحمد و غيره و صحّحه الألباني).
(027) احْرصي على الدّعاء خاصّة في أوقات الإجابة و أحوالها؛ و الّتي مِنها على سبيل المثال: حال الصّوم، عند الفِطر، حال وقوع الظّلم، حال السّفر، دعاء المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب، وقت ما بين الأذان و الإقامة، وقت الثّلث الأخير مِن اللّيل، عند السّجود، عند نزول المطر، في آخر ساعة من يوم الجمعة...، و غيرها مِن الأوقات و الأحوال.
(028)لا تغفلي عن آداب الدّعاء الّتي بها يتحقّق مطلوبكِ و تحصلُ إجابة سؤالكِ؛ كالإخلاص في الدّعاء، و الثّناء على اللّه في بدايته و الصّلاة و السّلام على رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم، و الإلحاح فيه، و عدم الاستعجال في حصول الإجابة، و اليقين بالإجابة، و التّركيز و عدم الغفلة، و الابتعاد عن الحرام،... و غيرها مِن الآداب، و تذكّري حديث النّبي صلى الله عليه و سلّم: (( إنّ ربّكم حيي كريم يستحي مِن عبده إذا رفع يديه إليه بدعوة أنْ يردّهما صفراً ليس فيهما شيء )) (أخرجه أبو داود و صحّحه الألباني)، فارفعي يديكِ بالدّعاء مُتأدّبةً، مُخلصةً، مُثنيةً على اللّه عزّ و جلّ، مُصلّيةً على رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم، مُلحّةً، مُتيقّنةً، غير مستعجلة.
(029) استحضري النيّة و صحّحي القصد بجعله للّه وحده عند بَذْلِكِ كلّ الطّاعات، و على رأسها الصّيام و الصّلاة؛ قال صلّى اللّه عليه و سلّم: (( إنّما الأعمال بالنّيات و إنّما لكلّ امرئ ما نوى )).
(030) تذكّري و احتسبي الأجر العظيم مِن الله عزّ و جلّ على طاعاتكِ؛ قال صلى الله عليه و سلّم: (( مَن صام رمضان إيمانًا و احتسابًا غُفر له ما تقدّم من ذنبه )) (رواه البخاري و مسلم).
(031) نافسي في الخير و كوني جوادة به و حاولي أنْ لا يسبقك في ذلك أحد؛ قال اللّه تعالى: [[ وَ فِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ]] (سورة المطفّفين: الآية 26)، و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (( كان رسول الله صلى الله عليه و سلّم أجود النّاس بالخير، و كان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، و كان جبريل عليه السّلام يلقاه كلّ ليلة مِن رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النّبي صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل عليه السّلام كان أجود بالخير مِن الرّيح المرسلة )) (الصّحيحين)، و ذَكَر الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث أنّ المراد بالرّيح ريح الرّحمة الّتي يرسلها الله تعالى لإنزال الغيث العام الّذي يكون سبباً لإصابة الأرض الميتة و غير الميتة، أي فيعمّ خيره و برّه مَن هو بصفة الفقر و الحاجة و مَن هو بصفة الغنى و الكفاية، أكثر ممّا يعمّ الغيث النّاشئة عن الرّيح المرسلة.
(032) أكثري مِن العبادات و الأعمال الخيرية، فإنّ أجرها في رمضان مُضاعَف؛ لاسيما القيام و إطعام الطّعام و الصّدقة و تلاوة القرآن.
(033) نوّعي العبادات في أثناء الشّهر الكريم؛ صيام النّهار، صلاة التّراويح، تلاوة القرآن، إطعام الطّعام، الصّدقات...، كلّ ذلك مع الموازنة بين أوقاتها و إعطاء كلّ عبادة نصيبها، و بتنويع العبادات يكثر أجركِ و يتجدّد نشاطكِ بإذن اللّه.
(034) احْرِصي على ساعات النّزول الإلهي للسّماء الدّنيا في أداء عبادة القيام و الذّكر و الدّعاء و الاستغفار و تلاوة القرآن، فإنّها أوقات مباركة، و ذلك في الثّلث الأخير مِن اللّيل؛ فعن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنّ رسولَ الله صلى الله عليه و سلّم قال: (( ينْزِل ربُّنا تبارك و تعالى كلّ ليلةٍ إلى السّماء الدّنيا حين يبقى ثلث اللّيل الآخر، فيقول: مَن يَدْعوني فأَسْتجيب له ؟ و مَن يَسْأَلُني فأُعْطِيَه ؟ )) (رواه مسلم). و تحسبين وقت الثّلث الأخير مِن اللّيل بتقسيمكِ الوقت مِن صلاة المغرب إلى وقت صلاة الفجر ثلاثة أجزاء، ثمّ تعتبرين الجزء الأخير منه هو الثّلث الأخير.
(035) أكثري من الصّدقة؛ فقد ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلّم في الحديث المتّفق عليه؛ مِن السّبعة الّذين يظلّهم الله في ظِلّه يوم لا ظِلّ إلا ظلّه، ذَكَر مِنهم مَن تصدّق بصدقة فأخفاها حتّى لا تعلم شماله ما تُنْفِق يمينه، و قال صلى الله عليه و سلّم: (( يا معشر النّساء تَصَدّقْن و أَكْثِرن الاستغفار، فإنّي رأيتكُنَّ أكثرَ أهل النّار )) (رواه مسلم).
(036) صوني أيّتها الفاضلة جوارحك عن الذّنوب و المعاصي؛ فلا يفكّر عقلكِ إلاّ في طاعة الله، و لا يحمل قلبكِ إلاّ كلّ خير للمسلمين و المسلمات، ولا تقع عيناكِ أو تنصت أذناكِ أو ينطق لسانكِ إلاّ بما يحبّه الله و يرضاه، وجاهدي نفسَكِ في ذلك؛ قال صلّى الله عليه و سلّم: (( مَن لم يدَعْ قول الزّور و العملَ به فليس لِلّه حاجة في أنْ يَدَعَ طعامَه وشرابَه )) (أخرجه البخاري). ذكر الحافظ ابن حجر ناقلاً عن البيضاوي رحمهما اللّه؛ أنّه ليس المقصود من شرعية الصّوم نفس الجوع و العطش، بل ما يَتْبَعه من كَسْر الشّهوات و تطويع للنَّفس الأمّارة بالسّوء.
(037) كوني داعية إلى الله عزّ و جلّ؛ تقرّبي في هذا الشّهر العظيم بدعوة أقاربك، و جيرانكِ، و صديقاتكِ، و زميلاتكِ، عبر الكتاب و الرّسالةِ و المقالة و الشّريط و النّصيحة و التّوجيه...؛ قال صلى الله عليه و سلم: (( مَن دلّ على خير فله مثل أجر فاعله )) (رواه مسلم).
(038) لا تُكثري مِن الخروج لغير حاجة، و لا تضيّعي هذه الأيّام و اللّيالي العظيمة بكثرة الخروج إلى الأسواق و التّجوال و نحو ذلك، و يكفيكِ الخروج إلى الدّراسة إذا كنتِ دارسة أو إلى العمل إذا كنتِ عاملة، و كذا الخروج لسائر المقاصد الّتي تحتاجينها، و اعلمي أنّ الأصل في المرأة قرارها في بيتها؛ قال اللّه تعالى: [[ وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنّ وَ لاَ تَبَرّجْنَ تَبَرّجَ الجَاهِلِيّةِ الأولَى ]] (سورة الأحزاب: الآية 33)، و ذَكَر العلاّمة الكشميري على ما نَقَله الألباني رحمهما اللّه؛ أنّ خروج المرأة لغير حاجة تبرّجاً.
(039) احرصي عند احتياجكِ إلى الخروج مِن البيت على الالتزام بحجابك الشّرعي السّاتر بشروطه الّتي ذكرها أهل العلم؛ و هي: استيعاب جميع البدن ممّا هو عورة و الّذي لا يجوز إظهاره لغير المحارم و مَن استثناهم القرآن، أنْ لا يكون زينة في نفسه، أنْ يكون صفيقاً لا يشف، أنْ يكون فضفاضاً غير ضيّق، أنْ لا يكون مُبخَّراً و لا مُطَيَّباً، أنْ لا يشبه لباس الرّجال، أنْ لا يشبه لباس الكافرات، أنْ لا يكون لباس شهرة.
(040) استري يا ابنة الإسلام العزيزة نفسَكِ بما فرضه اللّه عليكِ مِن السِّتر إذا كنتِ غير متحجّبة، و اغتنمي رمضان فرصةً لذلك و إيّاكِ أنْ تتردّدي، صوني لَحْمَكِ عن الذّئاب البشرية الّذين تعلمين أنّ ما يثيرهم منكِ هو جسدكِ لا روحكِ، لا تَمْتَهِني عِرضكِ لأتفه الأسباب و أضعف الحُجج و قد سارت مِن أجلهِ الجيوش و سالت مِن أجله الدّماء بالأمس حمايةً له و غيرةً عليه !، أبْشري برضا اللّه العظيم عنكِ إذا أنتِ أطعتيه؛ و قد أمركِ بذلك و أمَركِ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، أشْفِقي على نفسكِ مِن عذاب شديد قد يلحقكِ مِن طريق قد رسمتيه و اخترتيه لنفسكِ، أرْفِقي بالشّباب الّذين تفتِنينَهم و تتحمّلين أوْزارَهم يومياً بزينتكِ و حركاتكِ الّتي تُبديها لهم مظاهر ألبستكِ السّافرة، و تيقّني أنّ في الحجاب جمالكِ و نوركِ و بهاؤُكِ إذا أنتِ التزمتيه بشروطه، و اعلمي أنّه لا يُستر عن الأعين عادةً إلاّ الأمور النّفيسة و الأشياء الثّمينة؛ فكيف لا تَسْتَتِرين و أنتِ أنفس مِن النّفيس و أثْمَن مِن الثّمين !. إنّ الحجاب هو سعادتكِ و جنّتكِ في الدّنيا و الآخرة فلا تتردّدي أختي الغالية و إيّاكِ أنْ تتردّدي.
(041)أفرِغي الأوقات للعبادة قدر المستطاع، و ذلك بالتّنظيم و التّرتيب و التّنسيق مع الآخرين و تفويض بعض المهام لهم، سواء كانوا صغاراً أو كباراً، إناثاً أو ذكوراً؛ كالأخت أو البنت أو الابن أو الزّوج أو الأخ أو نحوهم ممّن يُمكنهم مساعدتكِ و تخفيف عِبئ الأعمال المنزلية عنكِ، و هم مأجورون على ذلك، فإنّ المُعين على الخير له نصيب منه.
(042) حافظي على السّحور و لا تغفلي عنه و حثّي أهلكِ عليه؛ فإنّ السّحور بركة، قال النّبي صلى الله عليه و سلّم: (( تسحّروا فإنّ في السّحور بركة )) (الصّحيحين)، و قال عليه الصّلاة و السّلام: (( السّحور أكلهُ بركة فلا تَدَعوه و لو أنْ يجرع أحدكم جرعة ماء فإنّ الله و ملائكته يصلّون على المتسحّرين )) (رواه أحمد في مسنده و حسّنه الألباني).
(043) احرصي على تأخير السّحور إلى قبيل الفجر؛ قال صلّى الله عليه و سلّم: (( ثلاث مِن أخلاق النّبوة: تعجيل الإفطار و تأخير السّحور، و وضع اليمين على الشّمال في الصّلاة )) (أخرجه الطبراني وصحّحه الألباني). و اعلمي أنّ مِن فوائد هذا التّأخير؛ أنّه الأوفق لسنّة نبيّكِ صلّى اللّه عليه و سلّم، و أنّ السّحور يُراد به التَقَوِّي على الصّيام فكان تأخيره أنفع للصّائم، و أنّ الصّائم لو تسحّر قبل طلوع الفجر بوقت طويل ربّما نام عن صلاة الفجر.
(044) أقلِلي مِن المكوث في المطبخ و كوني خفيفةً فيه، فرمضان شهر العبادة و الصّيام لا شهر الأكل و الطّعام.
(045) أقلِلي مِن المصاريف المالية و إيّاكِ و الإسراف في إعداد الطّعام و الشّراب؛ فإنّكِ مَنهِية عن ذلك، قال الله تعالى: [[ وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ]] (سورة الأعراف: الآية 31). و اعلمي أنّ مِن شكر الله عزّ و جلّ على نِعمه عدم معصيتِه بها بتبذيرها و الإسراف فيها.
(046) اشكري اللّه تعالى على نِعمه و أرزاقه، و تذكّري أنّه بالشّكر تزيد النّعم؛ قال عزّ و جلّ: [[ وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ]] (سورة إبراهيم: الآية 7).
(047) لا تجعلي همّكِ الأوّل و أنتِ تطبخين و تبذلين الجُهد في ذلك إظهار مهارتكِ في تنويع المأكولات، و هذا و إنْ كان شيئا لا تُلامين عليه لكونه مِن الفِطرة السّليمة و عنوان أنوثتك، لكنْ اجعلي نيّتكِ نيّة أرفع و أسمى مسْتَحْضِرةً أثناء طبخكِ قوله صلّى اللّه عليه و سلّم: (( مَن فَطَّر صائما كان له مثل أجر الصّائم مِن غير أن ينقص من أجره شيئا )) (رواه أحمد و التّرمذي و صحّحه)، فاجعلي هذا الحديث نيّتك و احْتسبي وقتَك الّذي تقضينه في المطبخ لله فتُأجري، و إنّ عملك لا يضيع أبداً بهذه النيّة و هذا الاحتساب بإذن اللّه، لأنّ القائم على الصّائم له أجر عظيم، فما بالكِ و أنتِ صائمة ثم أنتِ أيضاً تُعدّين هذا الطّعام و تَقضين كثيراً مِن وقتك فى إعدادِه، فلا شكّ أنّكِ على خير و عملٍ مأجور قد حُرم منه كثير من الرّجال !.
(048) حاولي الطّبخ في الصّباح الباكر، فإنّه أحسن مِن الطّبخ في المساء؛ و هذا سيوفِّر لكِ الوقت في المساء و يسهِّل لكِ أداء العبادات و يعينكِ على الخشوع في الصّلوات، خاصّة إذا كنتِ تدرسين خارج البيت أو تعملين، لما تعلَمينه ما يُحدثه الطّبخ مِن تشويش؛ فإنّ هناك العديد مِن النّساء لِبَدئِهِنّ الطَّبخ مساءً، تجدينَهُنّ لا يُصلِّين في الوقت، و إذا صَلَّين فصَلاة بلا خشوع لانشغال البال في الطّبخ، أمّا الرَّواتب فتَتْركْنَها تماما لضَيْق الوقت.
(049) أكثري و رطّبي لسانكِ بذكر اللّه و تسبيحه و استغفاره أثناء طبخكِ و البدء بالبسملة قبل كلّ شيء، مستغلّةً الوقت في نيل الأجر غيرَ تاركة المجال لتضييعه، و لعلّكِ قرأتِ أو سمعتِ عن تلك الأخت الفاضلة الّتي تَعجَّبَ زوجها و النّاس مِن لذّة طعامها، و لمّا سُئلَت عن ذلك؛ ذَكَرَت أنّها تَبدأ بالبسملة عند كلِّ خطوة مِن إعدادِها الطّعام !، بدءً بإشْعال الموقد و مروراً بوَضْعِ الدّهن بالإناء، ثمّ البصل أو الثّوم، و وَضْعِ الطّماطم...، و انتهاءً بإطفاء الموقد، و كذلك قراءتها سورة الإخلاص بعد البسملة، و تسبيحها ريثما ينضج الطعام، و في أثناء غسل الأطباق أو تنظيف المطبخ. و لعلّكِ تأخذين درساً و عِبرةً في كيفية استغلال الوقت و نَيْل الأجر عند الطَّبخ مِن هذه القصّة الواقعية.
(050) حاولي الجمع بين الطّبخ و الاستماع إلى القرآن و المحاضرات و الدّروس عبر جهاز التّلفاز أو جهاز التّسجيل، حتّى لا تُحرِمي نفسكِ مِن الخير و العِلم و الفوائد مدّة مكوثكِ في المطبخ.
(051) التَزِمي التّجديد في أصناف المأكولات و المشروبات و ابتعدي عن الرّوتين، و اجعلي طَبخَكِ غذاءً صحّيا متكاملا، فهذا يساعدكِ و يساعد أهلكِ على الطّاعات.
(052) لا بأس أنْ تذوقي الطّعام للحاجة أثناء طبخكِ و أنتِ صائمة، لكنْ دون أنْ تَبْتَلعي منه شيئاً، و لا يَفسُد بذلك صومكِ.
(053) أعيني غيركِ في شؤون المطبخ كالأمّ أو الأخت أو البنت أو غيرهما؛ إذا كان غيركٍِ هو المباشر للطّبخ، و لكِ في ذلك الأجر مع زيادة تعلّمكِ ربّما بعض فنون الطّبخ.
(054) لا تَنْسَي أنْ تُغيِّري ملابسَكِ قبل تزيين المائدة بالصُّحون و أنواع الأطْعِمة و الأشربة وقت الإفطار، فأنتِ أحقّ بالتزيين، خاصّة إذا كنتِ ذات زوج؛ و إيّاكِ أن تقابليه برائحة البصل و الثّوم و الدّهون !.
(055) عجِّلي بالإفطار بعد غروب الشّمس مباشرة قبل الصّلاة و نبّهي مّن حولكِ؛ لحديث سهل بن سعد رضي الله عنه، عن النّبي صلى الله عليه و سلّم قال: (( لا يزال النّاس بخير ما عجّلوا الفِطر و أخّروا السّحور )) (رواه الشيخان).
(056) لا تنسي الدّعاء المأثور عند الإفطار: (( ذَهَب الظّمأ و ابْتلَّت العُروق و ثَبتَ الأجر إنْ شاء الله )) (سنن أبي داود). و لكِ مع هذا الدّعاء بما شئتِ مِن خَيْرَي الدّنيا و الآخرة؛ فقد قال عليه الصّلاة و السّلام: (( ثلاث دعوات مستجابات؛ دعوة الصّائم و دعوة المظلوم و دعوة ا لمسافر )).
(057) لا تنسي أنْ تبدئي الإفطار بما بدأ به نبيّنا؛ فقد كان صلى الله عليه و سلّم يفطر على رَطبات، فإنْ لم يجد فعلى تَمرات، فإنْ لم يجد فعلَى حَسوات مِن ماء.
(058) قلِّلي مِن الأكل و الشّرب و لا تفرِطي فيهما؛ فإنّ ذلك ينفعكِ و ينفع غيركِ، و هو مِن أسباب حِفظ الصحّة و خفّة الجسم و نشاط الرّوح، و كثرة الأكل تُثقل البدن و تدعو إلى التّكاسل عن العبادة و صلاة التّراويح و قيام اللّيل و أداء الحقوق، و تذكّري أنّ الزّاد الحقيقي النّافع هو التّقوى.
(059) تَفقَّدي الجيران في الأكل؛ قال صلى الله عليه و سلّم: (( ليس المؤمن الّذي يشبع و جاره جائع إلى جنبه )) (رواه البخاري في الأدب).
(060) أطْعمي المساكين و اليتامى و عابري السّبيل، و فطِّري الصّالحين و أهل المساجد، كأنْ تُرسلي إلى المسجد شيئا يُفطر عليه عُمّارُه مِن التّمر أو اللّبن أو نحو ذلك؛ فإنّه سيكون لكِ بذلك أجر فِطرهم مِن غير أن ينقص مِن أجرهم شيئا، علاوة على دعاءِ بعضهم لكِ بالخير.
(061)اعزمي الأهل و الأقارب للإفطار في بيتكِ؛ ليكون لكِ أجْرَيْ صِلة الرّحِم و تفطير الصّائم في آن واحد.
(062) أجيبي إذا تمكّنتِ دعوة الأقارب و ذوي الأرحام إذا دعوكِ إلى الفطور، و ما أجمل أنْ تأخذي معكِ شيئا طبختيه عند زيارتهم، و ما أحسن أنْ تساعديهم في الطّبخ أثنائها.
(063)لا تَنْسي الدّعاء لمَن تفطرين عندهم؛ فعن ابن الزّبير رضي الله عنه قال: كان صلّى الله عليه و سلّم إذا أفطر عند قوم قال: (( أَكَلَ طعامَكُم الأبرار، و صَلَّت عليكم الملائكة، و أفطر عندكم الصائمون )) (رواه ابن أبي شيبة و أحمد و غيرهما).
(064) أوصيكِ بالقيْلولة؛ فإنّها سبب لراحتكِ و استجماع قوّتكِ، للاستمرار على ما بَدَأْتيه مِن فعل الطّاعات و أداء العبادات.
(065) احذري الغفلة عن اغتنام رمضان في الطّاعة و ذكرِ اللّه، بالخوض في المُلهيات و مجالس السَّمر الطويلة الوقت و القليلة النّفع؛ كالسّهر في اللّيل و النّوم في النّهار، مما يؤدّي إلى تضييع كثير من الصّلوات بتأخيرها عن أوقاتها، فضلاً عن بقية العبادات.
(066) لا تُهدري الأوقات سدىً؛ بمتابعة البرامج و المسلسلات ليلاً و نهاراً، و الانشغال بالمسابقات، و العزوف عن التزوّد بالأعمال الصّالحة.
(067) لا تُكثري مِن الزّيارات في ليالي رمضان و الاجتماع على اللّغو، فضلاً عن اللّهو و المنكرات.
(068) احذري مجالس اللّغو ذات المواضيع التّافهة أو المتكرّرة، و احفَظي لسانَك مِن الغيبة و النّميمة و فاحش القول، و الزمي نفسكِ بالكلام الطيّب الجميل، و تأمّلي حديث النّبي صلّى الله عليه و سلّم: (( كم مِن صائم ليس له مِن صيامه إلاّ الظّمأ، و كم مِن قائم ليس له مِن قيامه إلاّ السّهر )) (أخرجه الدّارمي و قال الألباني إسناده جيد)، لتُدْركِي خسارة مَن لم تصم جوارحه عن الآثام.
(069) صِلي و زوري أرحامكِ و أقاربكِ و صديقاتكِ، لكنْ مع التوسّط و الاعتدال دون إكثار، فإنّكِ بحاجة إلى الوقت للعبادة في هذا الشّهر، و لْتكُن مجالسكِ مع الأهل أو الصّديقات؛ مجالس حِشمة و أدب، و تذاكر و تناصح و تعاون على الخير و البرّ، و سؤال عن الأحوال و الصحّة، و ملاطفة و مزاح في حدود المشروع و المعقول، و التزام بالحجاب إذا كان ثمّة غير ذوي المحارم مِن الرّجال... و هكذا، حتّى تكون زيارتكِ جامعة بين الرّاحة و العبادة.
(070) ابتعدي عن قرينات السّوء و صاحبات الشرّ، و تعرّفي على رفيقات صالحات و الزميهنّ، فإنّهنّ يُعينَكِ على الطّاعة و يُقرّبنَكِ إلى الرّحمان.
(071) احرصي على عدم السّهر طويلاً لغير حاجة أو مصلحة؛ فإنّ النّبي صلى الله عليه و سلّم كان يكره السّمر و الحديث بعد العشاء.
(072) قلّلي مِن النّوم؛ فرمضان شهر و يمضي، والمُكثر مِن النّوم فيه مضيّع لوقته، و تذكّري نداء المنادي في رمضان: (( يا باغي الخير أقبل ! و يا باغي الشرّ اقصر ! )).
(073) تذكّري إذا أحسست بالظّمأ و أنتِ صائمة؛ أنَّ الظّمأ الحقيقي هو ظمأ يوم القيامة، يوم الحسْرة و النَّدامة، و أنَّ النّجاة فيه لِمَن عمل بكتاب ربّه عزّ و جلّ و تمسّك بسنّة الرّسول صلى الله عليه و سلّم.
(074) احرصي على تشجيع أطفالك أو إخوانكِ الصّغار على الصّيام منذ نعومة أظفارهم ليعتادوا عليه و يألفوه، حتّى إذا بلغوا الحِلم و وجب عليهم الصّيام لم يشقّ عليهم ذلك؛ و لكِ في السّلف الصّالح أسوة حسنة؛ فقد كان الصّحابة رضوان الله تعالى عليهم كما ورد في الصّحيحين؛ يُصوِّمون صِبيانهم الصّغار و يجعلون لهم اللّعبة مِن العهن -أي الصّوف-، فإذا سألوهم الطّعام أو بكى أحدهم على الطّعام أعطوهم اللّعبة تُلهيهم حتّى يُتمّوا صومهم.
(075) تذكّري أنّ الصّغير إذا بلغ يجب عليه الصّيام كما تجب عليه الصّلاة، فلا ينبغي أنْ تتساهلي مع الصّغار في ذلك؛ فالفتاة مثلا متى بلغت سِنّ التّكليف بإنبات الشّعر الخشن حول الفرج، أو بإنزال المني المعروف، أو بالحيض، أو نحو ذلك...، فمتى حصل بعض هذه الأشياء لَزِمَها ما يَلْزَم الكبار، و لو كانت بنت عشر سنين، فإنّ الكثير مِن الإناث قد تحيض في العاشرة أو الحادية عشرة مِن عُمرها فيتساهل أهلها و يظنّونها صغيرة و هذا خطأ، فإنّ الفتاة إذا ظهرت مِنها علامة مِن علامات البلوغ، فقد جرى عليها قلم التكليف.
(076)إذا كنتِ ضعيفة في بدنكِ؛ إمّا بمرض يُرجى بُرؤُه أو حمل أو رِضاع، يشقّ عليكِ معه الصّوم، أو تخشين به على نفسكِ أو طفلكِ؛ فإنّ هذا كلّه ممّا يبيح لكِ الفطر مع القضاء؛ لقول الله سبحانه: [[ شَهْرُ رَمَضَانَ الّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لّلنّاسِ وَ بَيّنَاتٍ مِنَ الهُدَىَ وَ الفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَ مَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَ لِتُكْمِلُوا العِدّةَ وَ لِتُكَبّرُوا اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَ لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ ]] (سورة البقرة: الآية 185).
(077) إذا عَجزْتِ عن الصّوم لكِبر سنّكِ أو لمرض لا يرجى بُرؤُه؛ فأفطري و أطْعمِي عنْ كلّ يوم مسكيناً و لا يَلْزَمكِ القضاء بعد ذلك، قال تعالى: [[ وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ]] (سورة البقرة: الآية 184).
(078) لا تشقّي على نفسكِ بالصّيام إذا كنتِ مريضة مَرَضا لا تتحمّلين معه ذلك، بل الأفضل أو الواجب عليكِ الفِطر، و الله جلّ و علا يقول: [[ وَ لاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التّهْلُكَةِ وَ أَحْسِنُوَا إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُحْسِنِينَ ]] (سورة البقرة: الآية 195)، و قال عليه الصّلاة و السّلام: (( لا ضَرَرَ و لا ضِرار)).
(079) تعلّّمي أحكام الصّيام و ما يتعلّق مِنها بالمفطرات، ثمّ علّميها غيركِ، فإنّه ليس كلّ ما يظنّه النّاس مفطرا هو كذلك؛ و مِن أمثلة الأمور الغير مُفطرة: القيء غير المتعمّد، قلع السنّ، تحليل الدّم، الجرح، الرّعاف، الإبر العلاجية، قطرة العين و الأذن، بخاخ الرَّبو، بلع اللّعاب، ذهاب الماء أو غيره إلى الحَلْق بدون اختيار، تذوّق الطّعام للحاجة دون ابتلاعه، السّواك، معجون الأسنان مع التحفّظ عن ابتلاع شيء منه، الاستحمام، الكحل، الحنّاء، الدّهن المرطِّب للبشرة، تقبيل الزّوجة، الاحتلام و الجنابة...، و غيرها.
(080) اطمئنّي أنّه لا شيء عليكِ إذا تناولتِ شيئاً مِن المُفطرات دون قصد أو اختيار منكِ؛ فإنّ مَن أكل أو شرب ناسياً و هو صائم فإنّ صيامه صحيح، لكنْ إذا تذكّرتِ يجب عليكِ أن تُقْلِعي حتّى و إنْ كانت اللّقمة أو الشّربة في فمكِ فإنّه يجب عليكِ حينها أنْ يلْفَظَيها، و دليل تمام صومِكِ؛ قول النبي صلّى الله عليه و سلّم فيما ثبت عنه مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (( مَن نسي و هو صائم فأكل أو شرب فلْيُتِمّ صومَه فإنّما أطْعمَه الله و سقاه )) (متفق عليه).
(081)اعلمي أنّ المفطرات محدودة؛ منها: الجماع، الأكل و الشّرب، خروج دم الحيض أو النّفاس، القيء المتعمَّد، قطرة الأنف إذا وصلت إلى الحلق، الإبر المغذّية.
(082) لا تبالغي في المضمضة و الاستنشاق في الوضوء أو في غيره أثناء الصّوم؛ فإنّ النّبي صلّى الله عليه و سلّم قال: (( و بالغ في الاستنشاق إلاّ أنْ تكون صائما ))، فاحترزي و أنتِ صائمة عند المضمضة و الاستنشاق بألاّ تبالغي فيهما، فلَربّما يصل بعض الماء إلى الحلقوم و إلى الجوف.
(083) لا تكوني مِمَّن يدفعها الخَجَل إلى الصّيام و هي حائض لتُخفي ذلك عن أهلها، و تنسى أنّ صيامها حالتئذ باطل لا يجوز، بل يجب عليكِ الفِطر حال الحيض مع عدم الضّرورة إلى إعلان ذلك، فإنّ الحيض أمرٌ فِطرِيّ طبيعيّ لا داعي للاستحياء به.
(084) لا تَبْتَئِسي و لا تَأْسَفي و لا تَحْزَني إذا ما جاءكِ الحيض في رمضان، ظانّةً أنّه سيفوتكِ بسببه الفضل و الخير؛ فهذا شيء قد كتبه اللّه على بنات آدم، و أبْشِري بأنّ الحيض شيء عارِض يمنع صاحبته بعض ما كانت تفعله و هي صحيحة، فإذا أتاكِ و كان لَكِ رصيد مِن العبادة و عادَة مِن الطّاعة، و لم يمنعكِ مِن مواصلة ذلك إلاّ الحيض، فإنّ لَكِ مِن الأجر مثل ما كنتِ تعملين و أنتِ صحيحة؛ ففي صحيح البخاري مِن حديث أبي موسى رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: (( إذا مرض العبد أو سافر، كتب الله تعالى له مِن الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما )).
(085) لا تغفلي كلّيا عن العبادة و ذكر الله و عن استشعار روحانِية هذا الشّهر بسبب حيضكِ، فإنّ العبادة ليست في الصّلاة و الصّيام فقط، و الحيض لا يمنعكِ مِن فعل غيرهما؛ كالأذكار و الأدعية المتنوّعة و الاستغفار، و الصّدقة، و القيام على الصّائمين و تفطيرهم، و دعوة و توجيه الغير إلى الخير، و حِفظ و تلاوة القرآن مع مراعاة لبس القفازين عند لمس كتاب الله -على قول بعض العلماء-،...و نحو ذلك مِن العبادات و الأعمال الخيرية.
(086) لكِ أن تقرئي و أنتِ حائض في كُتب العقيدة و التّفسير و الحديث، و كُتب الفقه و الأدب و التّاريخ و نحوها؛ فإنّما أنتِ ممنوعة -عند بعض العلماء- مِن مسّ المُصحف ليس مِن قراءة القرآن أو الإمساكِ بكتب حاوية للقرآن.
(087)تَحَرَّي جيّدا طُهركِ مِن الحيض، و اقرئي و تعلّمي و تفقّهي في مختلف أحكام الحيض و النّفاس و الاستحاضة، ثمّ علّميها غيركِ مِن النّساء و الفتيات؛ لِما تَعْلَمينَ ما يتعلّق بذلك مِن أحكام الصّلاة و الصّيام و غيرهما.
(088)فَرِّقي بين الحيض و النّفاس و الاستحاضة، فإنّ الحيض دم طبيعي تعرِفه النّساء يَحدُث للأنثى في أوقات معلومة بدون سبب و سُمي لأجل ذلك عادة، و النّفاس هو الدّم الخارج بسبب الولادة، أمّا الاستحاضة فهو دمٌ يخرج في غير أوقات الحيض أو النّفاس أو متّصلا بهما و لا ينقطع و إذا انقطع فلمدّة يسيرة.
(074) احرصي على تشجيع أطفالك أو إخوانكِ الصّغار على الصّيام منذ نعومة أظفارهم ليعتادوا عليه و يألفوه، حتّى إذا بلغوا الحِلم و وجب عليهم الصّيام لم يشقّ عليهم ذلك؛ و لكِ في السّلف الصّالح أسوة حسنة؛ فقد كان الصّحابة رضوان الله تعالى عليهم كما ورد في الصّحيحين؛ يُصوِّمون صِبيانهم الصّغار و يجعلون لهم اللّعبة مِن العهن -أي الصّوف-، فإذا سألوهم الطّعام أو بكى أحدهم على الطّعام أعطوهم اللّعبة تُلهيهم حتّى يُتمّوا صومهم.
(075) تذكّري أنّ الصّغير إذا بلغ يجب عليه الصّيام كما تجب عليه الصّلاة، فلا ينبغي أنْ تتساهلي مع الصّغار في ذلك؛ فالفتاة مثلا متى بلغت سِنّ التّكليف بإنبات الشّعر الخشن حول الفرج، أو بإنزال المني المعروف، أو بالحيض، أو نحو ذلك...، فمتى حصل بعض هذه الأشياء لَزِمَها ما يَلْزَم الكبار، و لو كانت بنت عشر سنين، فإنّ الكثير مِن الإناث قد تحيض في العاشرة أو الحادية عشرة مِن عُمرها فيتساهل أهلها و يظنّونها صغيرة و هذا خطأ، فإنّ الفتاة إذا ظهرت مِنها علامة مِن علامات البلوغ، فقد جرى عليها قلم التكليف.
(076)إذا كنتِ ضعيفة في بدنكِ؛ إمّا بمرض يُرجى بُرؤُه أو حمل أو رِضاع، يشقّ عليكِ معه الصّوم، أو تخشين به على نفسكِ أو طفلكِ؛ فإنّ هذا كلّه ممّا يبيح لكِ الفطر مع القضاء؛ لقول الله سبحانه: [[ شَهْرُ رَمَضَانَ الّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لّلنّاسِ وَ بَيّنَاتٍ مِنَ الهُدَىَ وَ الفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَ مَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَ لِتُكْمِلُوا العِدّةَ وَ لِتُكَبّرُوا اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَ لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ ]] (سورة البقرة: الآية 185).
(077) إذا عَجزْتِ عن الصّوم لكِبر سنّكِ أو لمرض لا يرجى بُرؤُه؛ فأفطري و أطْعمِي عنْ كلّ يوم مسكيناً و لا يَلْزَمكِ القضاء بعد ذلك، قال تعالى: [[ وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ]] (سورة البقرة: الآية 184).
(078) لا تشقّي على نفسكِ بالصّيام إذا كنتِ مريضة مَرَضا لا تتحمّلين معه ذلك، بل الأفضل أو الواجب عليكِ الفِطر، و الله جلّ و علا يقول: [[ وَ لاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التّهْلُكَةِ وَ أَحْسِنُوَا إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُحْسِنِينَ ]] (سورة البقرة: الآية 195)، و قال عليه الصّلاة و السّلام: (( لا ضَرَرَ و لا ضِرار)).
(079) تعلّّمي أحكام الصّيام و ما يتعلّق مِنها بالمفطرات، ثمّ علّميها غيركِ، فإنّه ليس كلّ ما يظنّه النّاس مفطرا هو كذلك؛ و مِن أمثلة الأمور الغير مُفطرة: القيء غير المتعمّد، قلع السنّ، تحليل الدّم، الجرح، الرّعاف، الإبر العلاجية، قطرة العين و الأذن، بخاخ الرَّبو، بلع اللّعاب، ذهاب الماء أو غيره إلى الحَلْق بدون اختيار، تذوّق الطّعام للحاجة دون ابتلاعه، السّواك، معجون الأسنان مع التحفّظ عن ابتلاع شيء منه، الاستحمام، الكحل، الحنّاء، الدّهن المرطِّب للبشرة، تقبيل الزّوجة، الاحتلام و الجنابة...، و غيرها.
(080) اطمئنّي أنّه لا شيء عليكِ إذا تناولتِ شيئاً مِن المُفطرات دون قصد أو اختيار منكِ؛ فإنّ مَن أكل أو شرب ناسياً و هو صائم فإنّ صيامه صحيح، لكنْ إذا تذكّرتِ يجب عليكِ أن تُقْلِعي حتّى و إنْ كانت اللّقمة أو الشّربة في فمكِ فإنّه يجب عليكِ حينها أنْ يلْفَظَيها، و دليل تمام صومِكِ؛ قول النبي صلّى الله عليه و سلّم فيما ثبت عنه مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (( مَن نسي و هو صائم فأكل أو شرب فلْيُتِمّ صومَه فإنّما أطْعمَه الله و سقاه )) (متفق عليه).
(081)اعلمي أنّ المفطرات محدودة؛ منها: الجماع، الأكل و الشّرب، خروج دم الحيض أو النّفاس، القيء المتعمَّد، قطرة الأنف إذا وصلت إلى الحلق، الإبر المغذّية.
(082) لا تبالغي في المضمضة و الاستنشاق في الوضوء أو في غيره أثناء الصّوم؛ فإنّ النّبي صلّى الله عليه و سلّم قال: (( و بالغ في الاستنشاق إلاّ أنْ تكون صائما ))، فاحترزي و أنتِ صائمة عند المضمضة و الاستنشاق بألاّ تبالغي فيهما، فلَربّما يصل بعض الماء إلى الحلقوم و إلى الجوف.
(083) لا تكوني مِمَّن يدفعها الخَجَل إلى الصّيام و هي حائض لتُخفي ذلك عن أهلها، و تنسى أنّ صيامها حالتئذ باطل لا يجوز، بل يجب عليكِ الفِطر حال الحيض مع عدم الضّرورة إلى إعلان ذلك، فإنّ الحيض أمرٌ فِطرِيّ طبيعيّ لا داعي للاستحياء به.
(084) لا تَبْتَئِسي و لا تَأْسَفي و لا تَحْزَني إذا ما جاءكِ الحيض في رمضان، ظانّةً أنّه سيفوتكِ بسببه الفضل و الخير؛ فهذا شيء قد كتبه اللّه على بنات آدم، و أبْشِري بأنّ الحيض شيء عارِض يمنع صاحبته بعض ما كانت تفعله و هي صحيحة، فإذا أتاكِ و كان لَكِ رصيد مِن العبادة و عادَة مِن الطّاعة، و لم يمنعكِ مِن مواصلة ذلك إلاّ الحيض، فإنّ لَكِ مِن الأجر مثل ما كنتِ تعملين و أنتِ صحيحة؛ ففي صحيح البخاري مِن حديث أبي موسى رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: (( إذا مرض العبد أو سافر، كتب الله تعالى له مِن الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما )).
(085) لا تغفلي كلّيا عن العبادة و ذكر الله و عن استشعار روحانِية هذا الشّهر بسبب حيضكِ، فإنّ العبادة ليست في الصّلاة و الصّيام فقط، و الحيض لا يمنعكِ مِن فعل غيرهما؛ كالأذكار و الأدعية المتنوّعة و الاستغفار، و الصّدقة، و القيام على الصّائمين و تفطيرهم، و دعوة و توجيه الغير إلى الخير، و حِفظ و تلاوة القرآن مع مراعاة لبس القفازين عند لمس كتاب الله -على قول بعض العلماء-،...و نحو ذلك مِن العبادات و الأعمال الخيرية.
(086) لكِ أن تقرئي و أنتِ حائض في كُتب العقيدة و التّفسير و الحديث، و كُتب الفقه و الأدب و التّاريخ و نحوها؛ فإنّما أنتِ ممنوعة -عند بعض العلماء- مِن مسّ المُصحف ليس مِن قراءة القرآن أو الإمساكِ بكتب حاوية للقرآن.
(087)تَحَرَّي جيّدا طُهركِ مِن الحيض، و اقرئي و تعلّمي و تفقّهي في مختلف أحكام الحيض و النّفاس و الاستحاضة، ثمّ علّميها غيركِ مِن النّساء و الفتيات؛ لِما تَعْلَمينَ ما يتعلّق بذلك مِن أحكام الصّلاة و الصّيام و غيرهما.
(088)فَرِّقي بين الحيض و النّفاس و الاستحاضة، فإنّ الحيض دم طبيعي تعرِفه النّساء يَحدُث للأنثى في أوقات معلومة بدون سبب و سُمي لأجل ذلك عادة، و النّفاس هو الدّم الخارج بسبب الولادة، أمّا الاستحاضة فهو دمٌ يخرج في غير أوقات الحيض أو النّفاس أو متّصلا بهما و لا ينقطع و إذا انقطع فلمدّة يسيرة.
(089)لا يَحْرُمُ عَلَيكِ أثناء الاستحاضة شيء ممّا يَحْرُمُ عليكِ بالحيض أو النّفاس، فعليكِ بالصّلاة و الصّيام و لكِ فعل أثناءها كلّ ما هو ممنوع عليكِ أثناء الحيض و النّفاس.
(090)إذا ظهر منكِ حيض و أنتِ صائمة و لو قبل الغروب بلحظة بطل صوم يومكِ و لزمكِ قضاؤه.
(091) إذا أتاكِ الحيض بعد المغرب و لو بلحظة واحدة قبل صلاة المغرب و أنتِ قد صُمتِ ذلك اليوم، فإنّ صومكِ تامّ صحيح لا يجب عليكِ قضاؤه.
(092) إذا طهرتِ مِن الحيض بعد الفجر أو أثناء نهار رمضان لم يصحّ صومكِ بقية اليوم لوجود ما ينافي الصّيام في حقّكِ في أوّل النّهار، و قيل أنّكِ تمسكين مع قضاء ذلك اليوم -على قول بعض العلماء- لزوال العذر الشّرعي.
(093) يَلْزمُكِ الصّوم إذا رأيتِ الطُّهْر قبل الفجر؛ و لا مانع مِن تأخيركِ الغسل إلى بعد طلوع الفجر، و لكِنْ ليس لكِ تأخيره إلى طلوع الشّمس، بل يجب عليكِ الاغتسال للصّلاة قبل طلوعها.
(094) لا تستعملي حبوب منع الحيض وقت العادة مِن أجل الصّوم مع النّاس إذا كان ذلك يضرّكِ، و لا تتردّدي في استشارة طبيب مختصّ قبل الإقدام على ذلك حفاظا على سلامتكِ، مع العِلم أنّه قد نصح بعض الأطبّاء بعدم استعمال هذه الحبوب، لا في رمضان و لا في غيره؛ بناءً على تقرير لهم أثبوا فيه أنّها مضرّة جدّا على المرأة و الرّحم و الأعصاب و الدم، و كلّ شيء مُضرّ فإنّه منهيّ عنه شرعا.
(095)لكِ أنْ تأخذي برخصة الإفطار في السّفر؛ فإنّ اللّه قد يسّر على عباده بأنْ رخّص لهم ذلك في نهار رمضان و هم مسافرون، سواء شقّ عليكِ الصّوم أو لم يشقّ؛ فعن حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه أنّه قال: يا رسول الله: إنّي أجد بي قوّة على الصّيام في السّفر فهل عليّ جناح ؟ قال: (( هي رخصة من الله عزّ و جلّ فمَن أخذ بها فحسن، و مَن أحبَّ أنْ يصوم فلا جناح عليه )) (أخرجه مسلم).
(096) إيّاكِ و الغضب و فقدان السّيطرة على الأعصاب و الثّوران لأتفه الأسباب؛ بل اصبري و اكظمي غَيْظَكِ و اعفي عن المسيء، قال اللّه تعالى: [[ وَ الكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَ الْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ]] (سورة آل عمران: الآية 134)، و آكد ما يكون ذلك في شهر رمضان؛ قال صلّى الله عليه و سلّم فيما يرويه عن ربّه: (( و إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث و لا يصخب، فإنْ سابّه أحد أو قاتله فليقل إنّي امرؤ صائم )) (أخرجه البخاري).
(097)إعلمي أنّه ليس المقصد من الصّيام الامتناع عن الطّعام و الشّراب فحسب، إنّما ينضمّ إلى ذلك الامتناع عن سَفاسِف الأخلاق؛ قال صلّى الله عليه و سلّم: (( ليس الصّيام مِن الأكل و الشّرب، إنّما الصّيام مِن اللّغو و الرَّفَث، فإنْ سابّك أحد أو جهل عليك، فقل إنّي صائم إنّي صائم )) (أخرجه الحاكم و صحّحه الألباني). مع أنّ المفترض أنّ الصّيام يهذّب النّفوس و يسمو بها إلى معالي الأخلاق.
(098) اسعَي إلى عُمرة في رمضان؛ فقد قال النّبي صلّى الله عليه و سلّم: (( عمرة في رمضان تَعدِل حجّة ))، ذَكَر الإمام النّووي رحمه الله أنّ معنى قيام العمرة في رمضان مقام الحجّ؛ أي تقوم مقامها في الثّواب لا أنّها تَعدِلها في كلّ شيء فإنّه لو كان عليه حجّة فاعتمر في رمضان لا تُجزؤه عن الحجّة.
(099) لا تتحمّسي للعبادة في أوّل رمضان ثمّ لا يزال حماسكِ ينقص شيئا فشيئا مع قُرب نهاية رمضان، بل ارفعي هِمّتكِ و توكّلي على اللّه في الاستزادة مِن الخير كلّما مضت بكِ ليالي و أيّام رمضان، و لا يَمُرَنّ عليْكِ منها لحظة إلاّ و أنتِ في زيادة.
(100) تحرَّي ليلة القدْر في العشر الأواخر مِن رمضان؛ قال صلّى الله عليه و سلّم: (( تحرّوا ليلة القدر في الوتر مِن العشر الأواخر مِن رمضان )) (أخرجه البخاري). و ذَكَر بعض العلماء في حِكمة الله تعالى في عدم تحديدها للناس؛ ليجتهدوا في الطّاعة في ليالي العشر كلّها، و اعلمي أنّكِ إذا قُمتِ ليالي العشر كلّها، و عمّرتيها بالعبادة و الطّاعة؛ فقد أدركتِ ليلة القدر لا محالة، و فُزتِ إن شاء الله بعظيم الأجر و جزيل المثوبة.
(101) اجتهدي بالعبادة في ليلة القدر فإنّها ليلة تختصّ على غيرها من ليالي رمضان بفضل عظيم؛ قال تعالى: (( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ )) (سورة القدر: الآية 3)، و قال صلّى الله عليه و سلّم: (( إنّ هذا الشّهر قد حضركم و فيه ليلة خيرٌ مِن ألف شهر، مَن حُرِمها فقد حُرم الخير كلّه، و لا يُحرَم خيرها إلا محروم )) (أخرجه ابن ماجه وحسنه الألباني)، و عن ثواب قيامها؛ قال صلّى الله عليه و سلّم: (( مَن قام ليلة القدر إيماناً و احتساباً؛ غُفر له ما تقدّم مِن ذنبه )) (أخرجه البخاري).
(102) لا تُضيّعي فضائل ليالى رمضان و خاصّة العشر الأواخر منها، في شراء ملابس العيد و حاجيّاته أو الذّهاب إلى الخيّاط أو شراء لوازم الحلوى استعداداً للعيد، فإنّها أمور يمكن قضاؤها و الإنتهاء منها قبل دخول الشّهر أو فى أوّله حيث تكون الأسواق شبه فارغة و الأسعار رخيصة، فضلا عمّا يُوفّر لكِ هذا الحلّ مِن أوقات.
(103) كوني عليّة الهِمّة في رمضان عامّة و في العشر الأواخر منه خاصّة؛ فقد ضَرَب الرّسول صلّى الله عليه و سلّم المَثل الأعلى في الهِمّة العالية بالإقبال على الطّاعات في شهر رمضان لاسيما العشر الأواخر منه، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (( كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل العَشر؛ شدّ مئزره و أحيا ليله وأيقظ أهله)) (أخرجه البخاري)؛ أي اجتهد في العبادة و حثّ أهله على ذلك.
(104) لا تنسي الإكثار مِن الدّعاء المأثور في ليالي العشر الأواخر؛ فعن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: قلت يا رسول الله أرأيت إنْ علمتُ أيّ ليلة ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال: (( قولي: اللّهم إنّكَ عفوّ تحبّ العفو فاعف عنّي )) (أخرجه أحمد و صحّحه الألباني)، فأكثري مِن هذا الدّعاء في هذه اللّيالي خاصّة في سجدات صلاة التّراويح و القيام.
(105) اجتهدي في الأعمال الصّالحة حتّى آخر دقيقة مِن شهر رمضان؛ لأنّكِ لا تدري هل سيُكتب لكِ معه لقاء جديد أم سيكون هذا هو الوداع الأخير، و تذكّري أنّ السّلف الصّالح كانوا يدْعون الله ستّة أشهر أنْ يُبَلِّغَهم رمضان ثم يَدْعونَه ستّة أشهر أنْ يتقبَّلَه منهم.
(106) اسألي اللّه أنْ يَختِم لكِ شهر رمضان بغُفرانه و العِتْق مِن نِيرانه، و أنْ يُعيدَه عليكِ أعواماً عديدة و أزمِنةٍ مديدة، و اسأليه أنْ يجعلَ هذا الشّهر شاهداً لكِ عنده يوم القيامة، و اسأليه القَبول فإنّه علامة على التقوى، قال اللّه تعالى: [[ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ]](سورة المائدة: الآية 27).
(107) احفظي أنّ مِن علامات قَبول العمل في رمضان أو غيره؛ انشراح الصّدر بإتمام الشّهر، و الإقبال على الطّاعات و الاستمرار فيها، و الارتقاء الإيماني و العِلمي و السّلوكي مِن حَسَن إلى أَحْسَن بعده.
(108) كبّري اللّه تعالى عند إكمال عِدّة رمضان بالصّوت؛ و وقت التّكبير يبدأ مع غروب شمس آخر يوم مِن رمضان بعد ظهور هلال شوّال، و ينتهي عند صلاة العيد، و مِن صِفته أنْ تقولي: "الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، و الله أكبر الله أكبر و لله الحمد".
(109) تعلّمي أحكام العيد و ما يتعلّق به مِن فقه و آداب، ثمّ بلّغي ذلك إلى غيركِ.
(110) تذكّري أنَّ زكاة الفِطر واجبة على كلّ مسلم؛ ذكراً كان أو أنثى، صغيراً أو كبيراً، حُرّاً أو عبداً، لحديث عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنه؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم (( فَرَضَ زكاة الفِطر على العبد و الحُرّ و الذَّكَر و الأنثى و الصّغير و الكبير مِن المسلمين )).
(111) يجوزِ لكِ أو لزوجكِ أو لوليّكِ تقديم إخراج زكاة الفِطر قبل العيد بيوم أو يومين، و ينتهي وقتها بصلاة العيد.
(112) اعْلََمي أنّ الحِكمة في مشروعية زكاة الفِطر؛ أنّها طُهْرَة للمسلم لما صَدَر منه في رمضان مِن لغو و رَفَث، و طُعْمَة للمساكين، و شُكر للّه تعالى على إتمام فريضة الصّيام.
(113) اعْلَمي أنّ العيد مناسبة لفرحة الصّائم بقضاء فريضة الله عليه مِن الصّوم، و ابتهاج بما وفّقه اللّه سبحانه إلى نشاط و اجتهاد في العبادة و التقرّب إليه بالقيام و الذّكر و قراءة القرآن و غيرها مدّة شهر كامل.
(114) اخرجي إلى صلاة العيد؛ فإنّ النّبي صلّى الله عليه و سلّم قد أمر النّساء أنْ يخرجن إليها، مع أنّ البيوت خير لهنّ فيما عدا هذه الصّلاة، و هذا دليل على تأكيدها، قالت أمّ عطية رضي الله عنها: (( أَمَرنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أنْ نخرجهن في الفِطر و الأضحى العواتق و الحُيّض و ذوات الخدور، فأمّا الحُيّض فيعتزلن المصلّى و يَشْهَدْن الخيرَ و دعوةَ المسلمين )). قلت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب. قال: (( لِتُلْبِسْها أختها من جِلْبابِها ))، و لْيكنْ خروجكِ مِن غير تطيّب و لا تبرّج و لا سُفور، بل بالتستّر و الحجاب و الاحتشام.
(115) احْرِصي على السُنَّة قبل خروجكِ إلى مصلّى العيد؛ فكُلي شيئاً قبل ذلك، و الأفضل أنْ يكون تمرات وِترا؛ ثلاثاً أو خمساً أو أكثر مِن ذلك تَقْطَعيها على وتر.
(116)لا تجعلي وداع رمضان آخر عهدكِ بالطّاعات و الحسنات، بل اجعلي رمضان انطلاقة لمشوار في حياتك جديد؛ اجعليه بداية التّوبة و الرّجوع إلى الله، بداية الجدّية في تصرّفاتِك، بداية الإقبال على الطاعات والخلوص مِن المخالفات، بداية الإقبال على الأمور المهمّة العظيمة و ترك سَفاسِف الأمور و حقيرها.
(117) إيّاكِ مِن النُّكوص و العودة إلى المعاصي الّتي كنتِ عليها قبل رمضان، و تذكّري ما كنتِ تعملينه مِن صيام و صلاة و تلاوة قرآن و نحوه ذلك، لا تستبدلي ما عشتيه في رمضان مِن روحانيات و سعادة و طمأنينة و هَناء بالعودة إلى حياة الشّقاء و الضَّنك بعد رمضان، و احْذَري أنْ يتحقّق فيكِ قوله تعالى: [[ وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ]](سورة طـه: الآية 124).
(118) بادري إلى صيام التطوّع، و مِنه صيام الستّ مِن شوال؛ فعن أبي أيّوب الأنصاري رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: (( مَن صام رمضان ثمّ أتْبَعَه سِتّاً مِن شَوّال كان كصيام الدّهر ))، و مِن صيام التطوّع؛ صيام يَومَي الاثنين و الخميس، و صيام يوم عاشوراء، و صيام يوم عرفة، و غيرها.
(119)حافظي على قيام اللّيل قَدْر استطاعتكِ، و على قراءة القرآن الكريم، و الصّدقة، و البرّ و الإحسان،... ما دام لكِ في العُمر بقية.
(120) لا تنسي قضاء الأيّام الّتي فاتتكِ مِن رمضان.
(121) تأكّدي في الأخير أيّتها الأخت المسلمة الغالية الأبيّة؛ أنّ السّعادة الحقيقية ليست في المال و الثّراء، و ليست في الجاه و الوظائف، و ليست في متابعة الموضات و آخر صَيحات الملابس و الأثاث و التّسريحات و الشّياكة؛ إنّما السّعادة في الإيمان و الطّاعة و الدّعوة إلى الله و العمل الصّالح و تربية الأجيال على الإسلام، و تأمّلي في قول اللّه تعالى: [[ إِنّ الّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمّ اسْتَقَامُوا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لاَ هُمْ يَحْزَنُونَ () أُوْلَـَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ]] (سورة الأحقاف: الآيتان 13 و 14).
أسأل اللّه سبحانه الإخلاص و السّداد و القَبول في هذا العمل، و أسأله أنْ يَنفع بهذه السّطور المتواضعة كلّ أخت مسلمة اطَّلَعَت عليها أو قرأتها، ملتمساً مِنها أنْ لا تحرمني مِن دعواتها الصّالحة لي بظهر الغَيب، و أنْ تسعى إلى نشرها و توزيعها، و الدّال على الخير كفاعله.
و أسأل اللّه الواحد الأحد، الفرد الصّمد، لي و لكلّ مَن قرأَ أو قَرأَت هذه السّطور و لسائر المسلمين و المسلمات؛ أنْ يُبلّغنا شهر رمضان و نحن في خير و عافية، و أنْ يُوفّقنا إلى طاعته فيه و عبادته كما يُحبّ و يرضى، و أسأله سبحانه أنْ لا يُغادرنا هذا الشّهر إلاّ و قد تُقُبِّلت أعمالنا و أجيبَت دعواتنا و غُفرت ذنوبنا و أُعْتِقَت رِقابنا مِن النّار.
و سبحانك اللّهم و بِحَمْدِك، أشهد أنْ لا إله إلاّ أنت، أستغفرك و أتوب إليك. و صَلِّ و سلِّم اللّهم على نبيّك محمّد.
(090)إذا ظهر منكِ حيض و أنتِ صائمة و لو قبل الغروب بلحظة بطل صوم يومكِ و لزمكِ قضاؤه.
(091) إذا أتاكِ الحيض بعد المغرب و لو بلحظة واحدة قبل صلاة المغرب و أنتِ قد صُمتِ ذلك اليوم، فإنّ صومكِ تامّ صحيح لا يجب عليكِ قضاؤه.
(092) إذا طهرتِ مِن الحيض بعد الفجر أو أثناء نهار رمضان لم يصحّ صومكِ بقية اليوم لوجود ما ينافي الصّيام في حقّكِ في أوّل النّهار، و قيل أنّكِ تمسكين مع قضاء ذلك اليوم -على قول بعض العلماء- لزوال العذر الشّرعي.
(093) يَلْزمُكِ الصّوم إذا رأيتِ الطُّهْر قبل الفجر؛ و لا مانع مِن تأخيركِ الغسل إلى بعد طلوع الفجر، و لكِنْ ليس لكِ تأخيره إلى طلوع الشّمس، بل يجب عليكِ الاغتسال للصّلاة قبل طلوعها.
(094) لا تستعملي حبوب منع الحيض وقت العادة مِن أجل الصّوم مع النّاس إذا كان ذلك يضرّكِ، و لا تتردّدي في استشارة طبيب مختصّ قبل الإقدام على ذلك حفاظا على سلامتكِ، مع العِلم أنّه قد نصح بعض الأطبّاء بعدم استعمال هذه الحبوب، لا في رمضان و لا في غيره؛ بناءً على تقرير لهم أثبوا فيه أنّها مضرّة جدّا على المرأة و الرّحم و الأعصاب و الدم، و كلّ شيء مُضرّ فإنّه منهيّ عنه شرعا.
(095)لكِ أنْ تأخذي برخصة الإفطار في السّفر؛ فإنّ اللّه قد يسّر على عباده بأنْ رخّص لهم ذلك في نهار رمضان و هم مسافرون، سواء شقّ عليكِ الصّوم أو لم يشقّ؛ فعن حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه أنّه قال: يا رسول الله: إنّي أجد بي قوّة على الصّيام في السّفر فهل عليّ جناح ؟ قال: (( هي رخصة من الله عزّ و جلّ فمَن أخذ بها فحسن، و مَن أحبَّ أنْ يصوم فلا جناح عليه )) (أخرجه مسلم).
(096) إيّاكِ و الغضب و فقدان السّيطرة على الأعصاب و الثّوران لأتفه الأسباب؛ بل اصبري و اكظمي غَيْظَكِ و اعفي عن المسيء، قال اللّه تعالى: [[ وَ الكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَ الْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ]] (سورة آل عمران: الآية 134)، و آكد ما يكون ذلك في شهر رمضان؛ قال صلّى الله عليه و سلّم فيما يرويه عن ربّه: (( و إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث و لا يصخب، فإنْ سابّه أحد أو قاتله فليقل إنّي امرؤ صائم )) (أخرجه البخاري).
(097)إعلمي أنّه ليس المقصد من الصّيام الامتناع عن الطّعام و الشّراب فحسب، إنّما ينضمّ إلى ذلك الامتناع عن سَفاسِف الأخلاق؛ قال صلّى الله عليه و سلّم: (( ليس الصّيام مِن الأكل و الشّرب، إنّما الصّيام مِن اللّغو و الرَّفَث، فإنْ سابّك أحد أو جهل عليك، فقل إنّي صائم إنّي صائم )) (أخرجه الحاكم و صحّحه الألباني). مع أنّ المفترض أنّ الصّيام يهذّب النّفوس و يسمو بها إلى معالي الأخلاق.
(098) اسعَي إلى عُمرة في رمضان؛ فقد قال النّبي صلّى الله عليه و سلّم: (( عمرة في رمضان تَعدِل حجّة ))، ذَكَر الإمام النّووي رحمه الله أنّ معنى قيام العمرة في رمضان مقام الحجّ؛ أي تقوم مقامها في الثّواب لا أنّها تَعدِلها في كلّ شيء فإنّه لو كان عليه حجّة فاعتمر في رمضان لا تُجزؤه عن الحجّة.
(099) لا تتحمّسي للعبادة في أوّل رمضان ثمّ لا يزال حماسكِ ينقص شيئا فشيئا مع قُرب نهاية رمضان، بل ارفعي هِمّتكِ و توكّلي على اللّه في الاستزادة مِن الخير كلّما مضت بكِ ليالي و أيّام رمضان، و لا يَمُرَنّ عليْكِ منها لحظة إلاّ و أنتِ في زيادة.
(100) تحرَّي ليلة القدْر في العشر الأواخر مِن رمضان؛ قال صلّى الله عليه و سلّم: (( تحرّوا ليلة القدر في الوتر مِن العشر الأواخر مِن رمضان )) (أخرجه البخاري). و ذَكَر بعض العلماء في حِكمة الله تعالى في عدم تحديدها للناس؛ ليجتهدوا في الطّاعة في ليالي العشر كلّها، و اعلمي أنّكِ إذا قُمتِ ليالي العشر كلّها، و عمّرتيها بالعبادة و الطّاعة؛ فقد أدركتِ ليلة القدر لا محالة، و فُزتِ إن شاء الله بعظيم الأجر و جزيل المثوبة.
(101) اجتهدي بالعبادة في ليلة القدر فإنّها ليلة تختصّ على غيرها من ليالي رمضان بفضل عظيم؛ قال تعالى: (( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ )) (سورة القدر: الآية 3)، و قال صلّى الله عليه و سلّم: (( إنّ هذا الشّهر قد حضركم و فيه ليلة خيرٌ مِن ألف شهر، مَن حُرِمها فقد حُرم الخير كلّه، و لا يُحرَم خيرها إلا محروم )) (أخرجه ابن ماجه وحسنه الألباني)، و عن ثواب قيامها؛ قال صلّى الله عليه و سلّم: (( مَن قام ليلة القدر إيماناً و احتساباً؛ غُفر له ما تقدّم مِن ذنبه )) (أخرجه البخاري).
(102) لا تُضيّعي فضائل ليالى رمضان و خاصّة العشر الأواخر منها، في شراء ملابس العيد و حاجيّاته أو الذّهاب إلى الخيّاط أو شراء لوازم الحلوى استعداداً للعيد، فإنّها أمور يمكن قضاؤها و الإنتهاء منها قبل دخول الشّهر أو فى أوّله حيث تكون الأسواق شبه فارغة و الأسعار رخيصة، فضلا عمّا يُوفّر لكِ هذا الحلّ مِن أوقات.
(103) كوني عليّة الهِمّة في رمضان عامّة و في العشر الأواخر منه خاصّة؛ فقد ضَرَب الرّسول صلّى الله عليه و سلّم المَثل الأعلى في الهِمّة العالية بالإقبال على الطّاعات في شهر رمضان لاسيما العشر الأواخر منه، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (( كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل العَشر؛ شدّ مئزره و أحيا ليله وأيقظ أهله)) (أخرجه البخاري)؛ أي اجتهد في العبادة و حثّ أهله على ذلك.
(104) لا تنسي الإكثار مِن الدّعاء المأثور في ليالي العشر الأواخر؛ فعن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: قلت يا رسول الله أرأيت إنْ علمتُ أيّ ليلة ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال: (( قولي: اللّهم إنّكَ عفوّ تحبّ العفو فاعف عنّي )) (أخرجه أحمد و صحّحه الألباني)، فأكثري مِن هذا الدّعاء في هذه اللّيالي خاصّة في سجدات صلاة التّراويح و القيام.
(105) اجتهدي في الأعمال الصّالحة حتّى آخر دقيقة مِن شهر رمضان؛ لأنّكِ لا تدري هل سيُكتب لكِ معه لقاء جديد أم سيكون هذا هو الوداع الأخير، و تذكّري أنّ السّلف الصّالح كانوا يدْعون الله ستّة أشهر أنْ يُبَلِّغَهم رمضان ثم يَدْعونَه ستّة أشهر أنْ يتقبَّلَه منهم.
(106) اسألي اللّه أنْ يَختِم لكِ شهر رمضان بغُفرانه و العِتْق مِن نِيرانه، و أنْ يُعيدَه عليكِ أعواماً عديدة و أزمِنةٍ مديدة، و اسأليه أنْ يجعلَ هذا الشّهر شاهداً لكِ عنده يوم القيامة، و اسأليه القَبول فإنّه علامة على التقوى، قال اللّه تعالى: [[ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ]](سورة المائدة: الآية 27).
(107) احفظي أنّ مِن علامات قَبول العمل في رمضان أو غيره؛ انشراح الصّدر بإتمام الشّهر، و الإقبال على الطّاعات و الاستمرار فيها، و الارتقاء الإيماني و العِلمي و السّلوكي مِن حَسَن إلى أَحْسَن بعده.
(108) كبّري اللّه تعالى عند إكمال عِدّة رمضان بالصّوت؛ و وقت التّكبير يبدأ مع غروب شمس آخر يوم مِن رمضان بعد ظهور هلال شوّال، و ينتهي عند صلاة العيد، و مِن صِفته أنْ تقولي: "الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، و الله أكبر الله أكبر و لله الحمد".
(109) تعلّمي أحكام العيد و ما يتعلّق به مِن فقه و آداب، ثمّ بلّغي ذلك إلى غيركِ.
(110) تذكّري أنَّ زكاة الفِطر واجبة على كلّ مسلم؛ ذكراً كان أو أنثى، صغيراً أو كبيراً، حُرّاً أو عبداً، لحديث عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنه؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم (( فَرَضَ زكاة الفِطر على العبد و الحُرّ و الذَّكَر و الأنثى و الصّغير و الكبير مِن المسلمين )).
(111) يجوزِ لكِ أو لزوجكِ أو لوليّكِ تقديم إخراج زكاة الفِطر قبل العيد بيوم أو يومين، و ينتهي وقتها بصلاة العيد.
(112) اعْلََمي أنّ الحِكمة في مشروعية زكاة الفِطر؛ أنّها طُهْرَة للمسلم لما صَدَر منه في رمضان مِن لغو و رَفَث، و طُعْمَة للمساكين، و شُكر للّه تعالى على إتمام فريضة الصّيام.
(113) اعْلَمي أنّ العيد مناسبة لفرحة الصّائم بقضاء فريضة الله عليه مِن الصّوم، و ابتهاج بما وفّقه اللّه سبحانه إلى نشاط و اجتهاد في العبادة و التقرّب إليه بالقيام و الذّكر و قراءة القرآن و غيرها مدّة شهر كامل.
(114) اخرجي إلى صلاة العيد؛ فإنّ النّبي صلّى الله عليه و سلّم قد أمر النّساء أنْ يخرجن إليها، مع أنّ البيوت خير لهنّ فيما عدا هذه الصّلاة، و هذا دليل على تأكيدها، قالت أمّ عطية رضي الله عنها: (( أَمَرنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أنْ نخرجهن في الفِطر و الأضحى العواتق و الحُيّض و ذوات الخدور، فأمّا الحُيّض فيعتزلن المصلّى و يَشْهَدْن الخيرَ و دعوةَ المسلمين )). قلت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب. قال: (( لِتُلْبِسْها أختها من جِلْبابِها ))، و لْيكنْ خروجكِ مِن غير تطيّب و لا تبرّج و لا سُفور، بل بالتستّر و الحجاب و الاحتشام.
(115) احْرِصي على السُنَّة قبل خروجكِ إلى مصلّى العيد؛ فكُلي شيئاً قبل ذلك، و الأفضل أنْ يكون تمرات وِترا؛ ثلاثاً أو خمساً أو أكثر مِن ذلك تَقْطَعيها على وتر.
(116)لا تجعلي وداع رمضان آخر عهدكِ بالطّاعات و الحسنات، بل اجعلي رمضان انطلاقة لمشوار في حياتك جديد؛ اجعليه بداية التّوبة و الرّجوع إلى الله، بداية الجدّية في تصرّفاتِك، بداية الإقبال على الطاعات والخلوص مِن المخالفات، بداية الإقبال على الأمور المهمّة العظيمة و ترك سَفاسِف الأمور و حقيرها.
(117) إيّاكِ مِن النُّكوص و العودة إلى المعاصي الّتي كنتِ عليها قبل رمضان، و تذكّري ما كنتِ تعملينه مِن صيام و صلاة و تلاوة قرآن و نحوه ذلك، لا تستبدلي ما عشتيه في رمضان مِن روحانيات و سعادة و طمأنينة و هَناء بالعودة إلى حياة الشّقاء و الضَّنك بعد رمضان، و احْذَري أنْ يتحقّق فيكِ قوله تعالى: [[ وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ]](سورة طـه: الآية 124).
(118) بادري إلى صيام التطوّع، و مِنه صيام الستّ مِن شوال؛ فعن أبي أيّوب الأنصاري رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: (( مَن صام رمضان ثمّ أتْبَعَه سِتّاً مِن شَوّال كان كصيام الدّهر ))، و مِن صيام التطوّع؛ صيام يَومَي الاثنين و الخميس، و صيام يوم عاشوراء، و صيام يوم عرفة، و غيرها.
(119)حافظي على قيام اللّيل قَدْر استطاعتكِ، و على قراءة القرآن الكريم، و الصّدقة، و البرّ و الإحسان،... ما دام لكِ في العُمر بقية.
(120) لا تنسي قضاء الأيّام الّتي فاتتكِ مِن رمضان.
(121) تأكّدي في الأخير أيّتها الأخت المسلمة الغالية الأبيّة؛ أنّ السّعادة الحقيقية ليست في المال و الثّراء، و ليست في الجاه و الوظائف، و ليست في متابعة الموضات و آخر صَيحات الملابس و الأثاث و التّسريحات و الشّياكة؛ إنّما السّعادة في الإيمان و الطّاعة و الدّعوة إلى الله و العمل الصّالح و تربية الأجيال على الإسلام، و تأمّلي في قول اللّه تعالى: [[ إِنّ الّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمّ اسْتَقَامُوا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لاَ هُمْ يَحْزَنُونَ () أُوْلَـَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ]] (سورة الأحقاف: الآيتان 13 و 14).
أسأل اللّه سبحانه الإخلاص و السّداد و القَبول في هذا العمل، و أسأله أنْ يَنفع بهذه السّطور المتواضعة كلّ أخت مسلمة اطَّلَعَت عليها أو قرأتها، ملتمساً مِنها أنْ لا تحرمني مِن دعواتها الصّالحة لي بظهر الغَيب، و أنْ تسعى إلى نشرها و توزيعها، و الدّال على الخير كفاعله.
و أسأل اللّه الواحد الأحد، الفرد الصّمد، لي و لكلّ مَن قرأَ أو قَرأَت هذه السّطور و لسائر المسلمين و المسلمات؛ أنْ يُبلّغنا شهر رمضان و نحن في خير و عافية، و أنْ يُوفّقنا إلى طاعته فيه و عبادته كما يُحبّ و يرضى، و أسأله سبحانه أنْ لا يُغادرنا هذا الشّهر إلاّ و قد تُقُبِّلت أعمالنا و أجيبَت دعواتنا و غُفرت ذنوبنا و أُعْتِقَت رِقابنا مِن النّار.
و سبحانك اللّهم و بِحَمْدِك، أشهد أنْ لا إله إلاّ أنت، أستغفرك و أتوب إليك. و صَلِّ و سلِّم اللّهم على نبيّك محمّد.
أخوكم محمّد بن حسين حدّاد الجزائري
يوم الجمعة 27 شعبان 1429هـ، الموافق لـ: 29 أوت 2008م
من مواضيعي
0 حول قرار الظّهور بغير حجاب على صور الوثائق البيومترية
0 حول قرار الظّهور بغير حجاب على صور الوثائق البيومترية
0 حول قرار الظّهور بغير حجاب على صور الوثائق البيومترية
0 دعوة إلى المشاركة في تقييد مواقيت البرامج التلفزيونية والإذاعية النافعة في رمضان
0 يا نَشْء أَنْتَ رَجَاؤُنَا
0 يا نَشْء أَنْتَ رَجَاؤُنَا
0 حول قرار الظّهور بغير حجاب على صور الوثائق البيومترية
0 حول قرار الظّهور بغير حجاب على صور الوثائق البيومترية
0 دعوة إلى المشاركة في تقييد مواقيت البرامج التلفزيونية والإذاعية النافعة في رمضان
0 يا نَشْء أَنْتَ رَجَاؤُنَا
0 يا نَشْء أَنْتَ رَجَاؤُنَا







