بيت الاحلام
28-12-2008, 04:27 PM
كانت الشمس شاقولية على الارض. وقد اذابت الزفت من على الطريق باعثة منه رائحة كريهة بدات تتعاظم تدريجيا بتشبع الهواء . حتى استحالت المدينة الى مايشبه رائحةالنفايات المحترقة . لذا كانت النوافذ مغلقة من على الشرفات.رغم حر الصيف.
في هذا الجو الرديء الخانق المفعم برائحة الزفت كان السيد فتحي قد استقر به الحال الى الانتظار في ساحة البلدية على ارائكها الاسمنتية المتهدمة. وما ان القى بكتلة جسمه على احداها حتى شعر براحة في رجليه. وبشيء من الارتخاء قلما شعر به,وبدا ان شخصا يحمل مغلفا وكومة من الاوراق قد جلس على درج الباب الداخلي.وراح يتحدث مع الشيخ الذي هو بالقرب منه وكانه يعرفه. وفتحي يستمع ويستمتع بصوتيهما المنخفض ثم سرعان ماوضعت الغفوة حدا لكل الاصوات حتى الجانبية منها. في غمرةتلك الاستراحة. كانت علامات الحقد تظهر على وجهه.وما يزيدها ايحاء هو ذانك الحاجبان الغزيران اللذان يبدوان في مجمليهما جناحي غراب هم بالنزول.....اللعنة على البلدية . وعلى عمالها الاوغاد المتقاعسين هكذا قال. كانت تخالجه الرغبة في ان يعلن حربا على كل مسؤوليها.اجل. -لست ابن امي ان لم احطم راسه على كرسيه هذا الذي يفاخر به.ثم سرعان ما عدل عن موقفه هذا .لانه لايقدر. ولنفرض انه يقدر.هل يحصل على الشقة بهذا الفعل المتعجرف! -لا..لا..لا.... ليس قدري ان اعيش بلا ماوى. وبعد تفكير جاد حسم الموقف وارتاى ان يكتب رسالة وليكن بعدها مايكون. دخل المقهى وقد اقتنى من المكتبة المحاذية لها سيالة وورقة بيضاء .ثم هم بالكتابة لكن العفريت احجم عن الكتابة .ثم اقتنى سيالة اخرى فلم تستجب .ولو اشترى سيالات العالم لما وفق في ذلك .هكذاحظه ! ثم بدا مضطربا اكثر لما ادرك ان وقت قبول الرسائل لدى البريد امر غير ممكن. حك يديه. تافف ثم جال ببصره باحثا عن اي شيء يكتب به ولو قلم رصاص .المهم يكتب ويخرج من الدوامة التي دخل فيها. استدار فتحي للذي يجلس بقفاه وقال هل معك ....بتر جملته ولاذ بالصمت. - تفهم الرجل ذا النظارتين السميكتين فاعاره قلم رصاص.وقال بصوت مبحوح .لايصلح هذا القلم الاللرسم .فماعساك تفعل به ! اخذه منه بسرعة دون ان يجيبه وكتب على الورقة مايلي: سيدي رئيس المجلس الشعبي البلدي يطيب لي ان اتقدم لسيادتكم بطلبي هذا راجيا ان تلتمسوا حلا لمشكلتي . فانا اب لخمسة اطفال واسكن مع والدي واخوتي في منزل ضيق لايسعنا . ولذا ارجوا قبول طلبي . تقبلوا ازكى التحيات من اخيكم فتحي قرا فتحي الرسالة التي كتبها .فلم ترق له لما فيها من غثاثة .وهم بتمزيقها لولا مضايقة الوقت. وضعها في مغلف واودعها البريد..وبعد انتظار دام وقتا ليس بطويل وجد رسالته قد ردت اليه .لااعرف كيف! فتح الورقة المطوية . وبسرعة المتلهف كاد ان يمزقها. ولكن عجبا لم تكن هي انه الرد .جاء فيه مايلي نحن رئيس المجلس الشعبي البلدي نعلمك ان الطلب قد قبل ونطلب منك موافاتنا بالوثائق التالية(شهادة ميلاد-شهادة عائلية - شهادة الاقامة - كشف الراتب ) والسكن ستكون مفاتيحه بنتظارك الامضاء رئيس المجلس الشعبي البلدي قرا هذا معتقدا ان لااحد في البلدة قدم طلبا كهذا . وان لااحد اسعفه الحظ ليرد له بالقبول .حتى لكان قلبه الذي تحت اضلعه صار قاب قوسين او ادنى من الانفجار ولست ادري كيف ترك المقهى ووصل الى البيت على هالة من الصراخ ( لقد تحصلت على شقة - لقد تحصلت على شقة ) بها اربعة غرف واشار باصابعه ثم بدا يوزعها غلى اهل بيته واحدة لاحمد واخرى له واخرى ...... ياالله سيكون لنا. بيت بيت وحدنا -وبينما كان فتحي غارقا في بحر الاحلام -دون انقطاع- كانت عقارب الساعة تشير الى الساعة الثانية الاخمسة دقائق. تعني مجيء البواب.....كان صرير الباب ذا المصراعين قويا يشبه تماما صوت النقالة التي تاكلت من الصدا .مما ازعج فتحي وجعلته يستفيق من رقدته هذه مذعورا. اللعنة - اللعنة عليكم جميعا كلكم سواء - المير- الكاتب العام -حتى الحارس بقلم /بعيجة البشير
في هذا الجو الرديء الخانق المفعم برائحة الزفت كان السيد فتحي قد استقر به الحال الى الانتظار في ساحة البلدية على ارائكها الاسمنتية المتهدمة. وما ان القى بكتلة جسمه على احداها حتى شعر براحة في رجليه. وبشيء من الارتخاء قلما شعر به,وبدا ان شخصا يحمل مغلفا وكومة من الاوراق قد جلس على درج الباب الداخلي.وراح يتحدث مع الشيخ الذي هو بالقرب منه وكانه يعرفه. وفتحي يستمع ويستمتع بصوتيهما المنخفض ثم سرعان ماوضعت الغفوة حدا لكل الاصوات حتى الجانبية منها. في غمرةتلك الاستراحة. كانت علامات الحقد تظهر على وجهه.وما يزيدها ايحاء هو ذانك الحاجبان الغزيران اللذان يبدوان في مجمليهما جناحي غراب هم بالنزول.....اللعنة على البلدية . وعلى عمالها الاوغاد المتقاعسين هكذا قال. كانت تخالجه الرغبة في ان يعلن حربا على كل مسؤوليها.اجل. -لست ابن امي ان لم احطم راسه على كرسيه هذا الذي يفاخر به.ثم سرعان ما عدل عن موقفه هذا .لانه لايقدر. ولنفرض انه يقدر.هل يحصل على الشقة بهذا الفعل المتعجرف! -لا..لا..لا.... ليس قدري ان اعيش بلا ماوى. وبعد تفكير جاد حسم الموقف وارتاى ان يكتب رسالة وليكن بعدها مايكون. دخل المقهى وقد اقتنى من المكتبة المحاذية لها سيالة وورقة بيضاء .ثم هم بالكتابة لكن العفريت احجم عن الكتابة .ثم اقتنى سيالة اخرى فلم تستجب .ولو اشترى سيالات العالم لما وفق في ذلك .هكذاحظه ! ثم بدا مضطربا اكثر لما ادرك ان وقت قبول الرسائل لدى البريد امر غير ممكن. حك يديه. تافف ثم جال ببصره باحثا عن اي شيء يكتب به ولو قلم رصاص .المهم يكتب ويخرج من الدوامة التي دخل فيها. استدار فتحي للذي يجلس بقفاه وقال هل معك ....بتر جملته ولاذ بالصمت. - تفهم الرجل ذا النظارتين السميكتين فاعاره قلم رصاص.وقال بصوت مبحوح .لايصلح هذا القلم الاللرسم .فماعساك تفعل به ! اخذه منه بسرعة دون ان يجيبه وكتب على الورقة مايلي: سيدي رئيس المجلس الشعبي البلدي يطيب لي ان اتقدم لسيادتكم بطلبي هذا راجيا ان تلتمسوا حلا لمشكلتي . فانا اب لخمسة اطفال واسكن مع والدي واخوتي في منزل ضيق لايسعنا . ولذا ارجوا قبول طلبي . تقبلوا ازكى التحيات من اخيكم فتحي قرا فتحي الرسالة التي كتبها .فلم ترق له لما فيها من غثاثة .وهم بتمزيقها لولا مضايقة الوقت. وضعها في مغلف واودعها البريد..وبعد انتظار دام وقتا ليس بطويل وجد رسالته قد ردت اليه .لااعرف كيف! فتح الورقة المطوية . وبسرعة المتلهف كاد ان يمزقها. ولكن عجبا لم تكن هي انه الرد .جاء فيه مايلي نحن رئيس المجلس الشعبي البلدي نعلمك ان الطلب قد قبل ونطلب منك موافاتنا بالوثائق التالية(شهادة ميلاد-شهادة عائلية - شهادة الاقامة - كشف الراتب ) والسكن ستكون مفاتيحه بنتظارك الامضاء رئيس المجلس الشعبي البلدي قرا هذا معتقدا ان لااحد في البلدة قدم طلبا كهذا . وان لااحد اسعفه الحظ ليرد له بالقبول .حتى لكان قلبه الذي تحت اضلعه صار قاب قوسين او ادنى من الانفجار ولست ادري كيف ترك المقهى ووصل الى البيت على هالة من الصراخ ( لقد تحصلت على شقة - لقد تحصلت على شقة ) بها اربعة غرف واشار باصابعه ثم بدا يوزعها غلى اهل بيته واحدة لاحمد واخرى له واخرى ...... ياالله سيكون لنا. بيت بيت وحدنا -وبينما كان فتحي غارقا في بحر الاحلام -دون انقطاع- كانت عقارب الساعة تشير الى الساعة الثانية الاخمسة دقائق. تعني مجيء البواب.....كان صرير الباب ذا المصراعين قويا يشبه تماما صوت النقالة التي تاكلت من الصدا .مما ازعج فتحي وجعلته يستفيق من رقدته هذه مذعورا. اللعنة - اللعنة عليكم جميعا كلكم سواء - المير- الكاتب العام -حتى الحارس بقلم /بعيجة البشير








