العبور
03-05-2020, 09:47 PM
)
لم أكن اعلم ما كان يقوله لي من حين إلى آخر يوم كنا نلتقي بمكتبة المدينة إلى أن فقدنا براءتنا .كان كلما افترقنا ينظر إلى وهو يبتسم ويقول لي لوجهك الطفو لي الشفاف الذي عوضني عن حضن أمي الدافئ في ليلة ماطرة ولادكارك التي وهبتني قربانا لآلهة التيه في مواسم الجنائز. مليندا أنت تسابيح ريح عاتية أخذتني في طريقها من أول يوم عرفتك كل تعابيري الممكنة ويبقى سؤالي جروح خلف أسوار الروح يتلو ادكار المنفى يبحث عن وطن من عدم في ارض السديم.." وتمر الأيام وجاء اليوم الذي كنت أخشاه معلنا عن حياة أخرى مضطربة وغامضة أجهل تفاصيلها.ما كنت اعلمه انه سيرحل عن المدينة التي كانت له مدرسة علمته أسرار الحياة وأشياء أخرى كان يجهلها. حزم أمتعته على عجل وكأنه يود الهرب من ذكرياتنا الجميلة التي قضيناها بين ثنايا أزقة حي الصديقية الهادئ قبل أن يمزق صمته فاجعة اغتيال حسني عند زاوية المقهى.لم يخبرني بسفره المفاجئ خشية من مرافقته لكي لا تنزف جراحي وتقتلني الحسرة عن قرار لم يكن بأيدينا.توقف بمحطة المسافرين ليلا وتوقفت معه عجلة الزمن. تذكر شاطئ مرسى الحجاج في تلك الصائفة وقهقهات أطفال المخيم التي ضاعت في صخب الأمواج الناعمة وهو يهتف لي "مليندا لو كان كل هدا الجمع من الأطفال أطفالنا؟".. نسى كل من هم حوله تمالكه الخوف وأدرك كلمات ومعان كنت اسمعه إياها لم يعطيها وقتها أهمية.نظر من حوله لعله يجد من ملامح من زرعته وردة وهي الهامشية التي لم ينتبه لها احد.. كانت قاعة الانتظار مكتظة،تعج بالوافدين والذاهبين يبدو أن قرار الرحيل أربكه وما أصابه يفوق ما أصابني لعله كان يخشى أن يودعني. ولم يكن بمقدوره تحمل لحظات الوداع الأليمة. وهو في حيرة من أمره سمع صوتا ينبعث من مكبر الصوت ينادي " المطلوب من المسافرين المتوجهين إلى الشرق.. أن يتوجهوا بأمتعتهم إلى الحافلة المتوقفة عند الرصيف رقم اثنين.وهو يعبر الخطوات التي تفصل بينه وبين الحافلةأحس بان حياته لن تكون كما كانت عليه من قبل فهو يعبر المسافة التي تفصله عن حياة أخرى لا يعلم كيف ستكون من غيري.
( 2001وهران محطة كاستور جويلية)
( 2001وهران محطة كاستور جويلية)
ان احسست بالاختناق فابحث عن الحرية حيث ما تكون لكي لا تموت.
من مواضيعي
0 للذكرى
0 بالدم والدموع
0 نساء الثورة.
0 العبور
0 فردوس مليندا المفقود
0 le quai de mes chagrins
0 بالدم والدموع
0 نساء الثورة.
0 العبور
0 فردوس مليندا المفقود
0 le quai de mes chagrins