عقائدُ الأشاعرةِ: في حوارٍ هادئٍ مع شُبهاتِ المناوئين
07-06-2009, 06:49 PM
عقائدُ الأشاعرةِ
في حوارٍ هادئٍ مع شُبهاتِ المناوئين
بقلم
صلاح الدِّين بن أَحمد الإدلبي
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، القائل لأمته : [ إياكم والظنَّ، فإن الظنَّ أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ههنا، التقوى ههنا، التقوى ههنا] وأشار إلى صدره [بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وعرضه وماله] [[2]] .
وبعد، فقد كتب أحد الباحثين كتاباً يبين فيه ـ حسب دعواه ـ منهج الأشاعرة في العقيدة، أخرجهم فيه من دائرة [السُّنة]، وعدهم طائفة من أهل [البدع]، وعمّق التباغض والتدابر بين المسلمين، يرى نفسه متقرباً بذلك إلى الله تعالى، حيث إنه ـ في ظن نفسه ـ يبين حقيقة مذهب الأشاعرة، ويقوم بواجب نصرة الكتاب والسنة ؛ إذ يكشف ضلالهم وانحرافهم، ويقول : إنه من المتخصصين في علم العقيدة ، المؤسس على الكتاب والسنة ، ومذهب السلف الصالحين .
ولقد كان الباحث ـ سامحه الله ـ متجنياً ـ في بحثه هذا ـ على الأشاعرة، بعيداً عن الروح العلمية، ومن مظاهر ذلك:
- ·أنه ينسب أقوالاً كثيرة للأشاعرة وهم لم يقولوا بها، ولا يذكر نصوص كلامهم من كتبهم، ولا تتعدى النصوص التي نقلها عنهم عدد أصابع اليد الواحدة، وينبغي لمن يرد على آخر أن يذكر قول المردود عليه بنصه، ليرى القارئ ما إذا كان صاحب الرد قد نقل كلام المردود عليه من كتبه، أومن كتب أهل مذهبه، أومن كتب خصومه أحياناً!!! ـكما فعل الباحث سامحه الله ـ، وليرى القارئ ما إذا كان صاحب الرد قد فهم كلام المردود عليه بدقة ـ في حالة النقل من كتبه ـ أو لا ؟.
- ·وأنه لا يذكر أدلة الأشاعرة من الكتاب والسنة على أقوالهم، ليظهرهم على أنهم على غير الكتاب والسنة، وربما كان لهم في المسألة أدلة من الكتاب والسنة وكلام الصحابة فلا يذكرها ويغفلها تماماً، ولكن حيث إن المسألة لغوية وقد استأنسوا فيها ببيت من الشعر لشاعر غير مسلم ؛ فإن الباحث يذكر البيت الشعري ـ مع إغفال الأدلة من الكتاب والسنة وكلام الصحابة تماماً ـ ويقول :
ويقول : [ ثم أسسوا مذهبهم وبنوه في أخطر الأصول والقضايا، الإيمان، القرآن، العلو، على بيتين غير ثابتين عن شاعر نصراني....].
- ·وأنه يكتفي بسرد ما قاله الأشاعرة وما نسب إليهم مع التنفير والتسفيه دون أن يذكر الأدلة على إبطال تلك الأقوال.
- ·وأنه لم يحدد المراد ببعض المصطلحات التي يستخدمها في بحثه والتي قد تكون مثار خلاف، فكلمة [السلف] عندما يعزو إليهم بعض الأقوال فإنه لم يحدد مراده بها، فهل السلف هم الصحابة ؟ أو الصحابة والتابعون ؟ أو الصحابة والتابعون وأتباع التابعين ؟ وهل يدخل معهم من جاء بعد تلك القرون الثلاثة كالإمام أحمد والبخاري والترمذي وابن حبان والبيهقي رحمهم الله تعالى ؟؟ وهل يدخل معهم عثمان بن سعيد الدارمي والآجري والبربهاري وابن بطة واللالكائي رحمهم الله تعالى؟ ؟ وهل أقوال هؤلاء يُحتج بها أو يحتج لها؟ ؟ ؟ أي هل هي صحيحة قطعاً حيث لا يتطرق إليها الخطأ فيحتج بها على من خالفهم فيها من أهل العلم ؟ أو هي محتملة للصواب والخطأ محتاجة ـ حتى في حال صوابها ـ إلى ذكر الأدلة من الكتاب والسنة فيحتج إذاً لها لا بها ؟ ؟ ؟ .
وأخيراً فقبل ذكر الأدلة والاحتجاج فكنت أود لو أن الباحث كان منصفاً ودقيقاً في تصوير مذهب الأشاعرة، بحيث يلخص مذهبهم كما هو في كتبهم، لا كما هو في كتب مخالفيهم، ثم يبين ـ بالأدلة ـ ما الذي في كتبهم وفي كتب مخالفيهم من صواب ومن خطأ.
ويحسن هنا أن أورد ما كتبه ابن تيمية رحمه الله ناقداً وناصحاً لأحد العلماء، وأنا أوجهه للباحث لعله يستفيد منه، قال: [فإنه دائماً يقول قال أهل الحق، وإنما يعني أصحابه، وهذه دعوى يمكن كل أحد أن يقول لأصحابه مثلها، فإن أهل الحق الذين لا ريب فيهم هم المؤمنون الذين لا يجتمعون على ضلالة، فأما أن يفرد الإنسان طائفة منتسبة إلى متبوع من الأمة ويسميها أهل الحق ويُشْعِرَ بأن كل من خالفها في شيء فهو من أهل الباطل: فهذا حال أهل الأهواء والبدع،... فليس الحق لازماً لشخص بعينه دائراً معه حيث دار لا يفارقه قط إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم] [[3]].
فإن قلت أين الدليل على أن الباحث متجن على الأشاعرة؟ فالجواب الواضح البين ـ بإذن الله تعالى ـ ستجده في قراءتك لهذا الكتاب.
وأحب أن أبادر إلى القول بأنني لست أشعرياًمقلداً، والحمد لله الذي أنعم علي بمحبة الكتاب والسنة والتعلق بهما منذ نعومة الأظفار، مع محبة الاتباع على بصيرة والنفور من التقليد الأعمى، وعليه فإنني إذا قرأت في كتب الأشاعرة ـ رحمهم الله تعالى ـ أو في كتب غيرهم فإني أقبل منها ما أجد له دليلاً يدل على تثبيته وتأييده، وأرفض منها ما أجد دليلاً على بطلانه، وأتوقف فيما لا أجد ما يؤيد قبوله أو يؤكد بطلانه.
وأسأل الله تبارك وتعالى أن ينـزل شآبيب رحمته ومغفرته ورضوانه على روح شيخي الذي سمعته يقول: [لا تقلِّد في العقيدة].
أقول إنني لست أشعرياً مقلداً بمعنى أنني لا ألتزم بكل ما في كتب الأشاعرة، وإن كنت أرى أن معظم ما قالوه صواب، ومن مآخذي على الأشاعرة إجمالاً دخولهم في الفلسفة وتبنيهم طرقها ومناهجها، دون التنبه إلى عقم تلك الطرق والمناهج، فنحن أمة أغنانا الله تعالى بالطرق القرآنية في إثبات العقائد، ولا حاجة لنا إلى غيرها، ومن كان من هذا في شك فلينظر ـ على سبيل المثال ـ في الشامل لإمام الحرمين والمطالب العالية للإمام فخر الدين الرازي ـ رحمهما الله وغفر لهما ـ، فإنه يرى فيهما الإغراق الشديد في الطرق الفلسفية العقيمة التي لا تعطي اليقين، ولا توصل إلى الهداية.
أما مذهب الأشاعرة الذي يتصوّره الباحث فمعظم تلك التصورات مغايرة لما في كتب الأشاعرة، فإن يكن ذلك مذهباً لبعضهم فإني أبرأ إلى الله منه.
هذا وإني أرى من الواجب علي أن أسهم ببيان بعض ما وقع في كلام الباحث، تجلية للحق، وإبراء للذمة، سائلاً المولى ـ تعالىـ أن يجنبني الزلل، وأن يلهمني السداد، بفضله ومنّه وتوفيقه، فما كان في هذا البيان من صواب فبمحض توفيق الله تعالى، وله الفضل والمنّة، وما كان فيه من خطأ فمن عجزي وتقصيري، وأستغفر الله منه.
وهذا أوان الشروع في المقصود:
[[1]] من الآية 6 من سورة الحجرات .
[[2]] رواه مالك والبخاري ، ومسلم ، واللفظ له .
[[3]] التسعينية لابن تيمية : ص 245 .
تنبيه : موضوع الكتاب هوالرد على كتاب منهج الأشاعرة في العقيدة لسفر الحوالي
- للتحميل
http://www.aslein.org/home/play.php?catsmktba=6019
http://aslein.org/books/3qedah/rdod/ashaera_edlby.rar
واصْدُقْ في الطّلب تَرِثْ عِلمَ البصائر، وتَبْدُ لك عيونُ المعارف، وتُميّزْ بنَفسِك عِلمَ مايرِدُ عليك بخَالص ِ التوفيق، فإنما السَّبق لمن عَمِلَ، والخشية ُ لمن عَلِمَ ، والتوكلُ لمن وَثِقَ، والخوفُ لمن أيقَنَ ، والمزيدُ لمن شَكَرَ.
((الإمام المحاسبي رحمه الله ))
((الإمام المحاسبي رحمه الله ))
من مواضيعي
0 الانتصار للقرآن لسيف السنة ولسان الأمة أبي بكر الباقلاني
0 سُبحانه سبحانه سبحانهْ
0 موقف القرآن من التجسيم
0 ويتجنب المحدث في أماليه رواية:
0 فتحُ القَيُّومِ الحَيّ بِسَنَدِ الإِمامِ ابنِ خَطِيبِ الرَّيّ
0 كلام عبد المالك رمضاني عن الشيخ أحمد سحنون (طلب)
0 سُبحانه سبحانه سبحانهْ
0 موقف القرآن من التجسيم
0 ويتجنب المحدث في أماليه رواية:
0 فتحُ القَيُّومِ الحَيّ بِسَنَدِ الإِمامِ ابنِ خَطِيبِ الرَّيّ
0 كلام عبد المالك رمضاني عن الشيخ أحمد سحنون (طلب)










