لم تكنْ الأمور تسير على نحوٍ جيّد ، فارغة من الكلمات إلى حَدٍّ بغيض ، ألتفتُ إلى زَميلتي وقد تَعدّت سطورها نصف الصفحة الثانية في حين كنتُ لا أزال أدُقّ على الطاولة بحبر جاف.
- أكره هذه الحصة .
ذلك جُلٌّ ما كنت أبرع في رسمه على طاولتي في حصّة التعبير إيهاما للأستاذة الجالسة خلف مكتبها أنني أكتب حقًا.
- دقيقتان .
لم يتبق الكَثير ، لعله لم يتبقَّ سوى أن أسلّم ورقتي البيضاء ، أو.... أو شيء آخر :
"رأيته مطرقاً يبكي فأبكاني
وهاج من قلبيَ المكلوم أشجاني
في زهرة العمر .. إلا أن دهرك لا
يرعى الشيوخ ولا يرثي لصبيان
بكى فكادت له نفسي تذوب أسى
كأن راميه .. بالسهم أصماني
دنوت منه أحاكيه وأسأله
عَلِّي أواسي جراح المثقل العاني "
ارتفع لحن هذه الكلمات فجأة في رأسي ، فرحتُ أتّبع صوت مشاري أدوّنُ ماترسخ في ذاكرتي على ورقتي البيضاء .
بعد وقت قصير وجدتُ نفسي مُطالبَة بقراءة ماكتبت:
- ستكشفُ أمري لامحال .
- صِفران !
- حسنٌ فليكن .
- لا ، بل الإهانة والإحراج.
- مممم...
كنتُ قد جهّزت بِضع أسئلة أنذاك للدفاع ( للطرد ربما) كَــ :لماذا علينا أن ندرس أشياء لا نحبها ؟ ما الجدوى إذا كنّا سنأتيها بعقل مُغيَّب ؟ أليس من الأحسن أن نختار مجالات تتلمذنا ؟ أليس من الأجدر أن ندرس مايكون ماثلا لأعيننا وواقعنا أيضا؟
- تخيّل أنك ذهبت في رحلة إلى الشاطئ/ الغابة/ حديقة الحيوانات/ مدينة الملاهي/ مقام الشهيد مع عائلتك ، صف أجواء الرحلة مستخدما نعتا وصفتين وجارا ومجرورا .
كم كنت أنزعج لمثل هذه الإملاءات التي تجبرني على اصطياد رحلاتي من شاشة التلفاز أو بعض ما سمعته من باقي الأصدقاء .. يبدو الأمر غير منصف أحيانا إذ تضطر إلى عصر ذاكرتك في أشياء لم تشهدها ولم تعشها حتى .
وقفتُ لألقي بضع مقاطع من نص أنشودة مشاري العرادة وحمود الخضر الذي كنتُ أحفظه عن ظهر قلب وحينَ اكتفيت قالت:
- جميل ، لكن كان عليك أن تُطيلي النص أكثر.
- حقا كان على كاتب النص الأصلي أن يُطيل أكثر -_-