رد: أتعرف على روائع لغتي ... "متجدد"
26-07-2020, 11:41 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي أبو هبة أشكرك جزيل الشكر على مداخلتك القيمة ..
أما في ما يخص الفعل أتى ..فقد جاءت تفسيرات كثيرة في شأنه فيما يخص ذكره في القرآن الكريم ..والكثير منهم فسره على أن معناه : مثلا إذا لاح لك شخص من نقطة معينة ولكن لا تدري أنت النقطة الحقيقية التي انطلق منها فهذا يعني أنه جاء من مكان بعيد
وفي تفسير آخر هو أن" أتى" يكون يسيرا بالنظر إلى الفعل جاء والذي فيه العناء ..
والعلماء لم يقوموا إلا بالمقارنة بين الفعلين جاء وأتي ..
وإليك من التفسير هذا النموذج:
الفرق بين جاء وأتى في القرآن الكريم
** عندما نتأملُ قولَه تعالى: (إذا جاءَ نصرُ الله والفتح) نتساءل: لماذا لم يقل إذا أتى نصر الله والفتح؟ ما الفرق بين جاء وأتى في الاستعمال القرآني؟
هنا لطيفة، نبَّه إليها أهل اللغة والتفسير، حيث قالوا: جاء للأمر الصعب، وأتى للأمر السهل. وَأَوْضَحُ آيةٍ تفرقُ بين الفعلينِ قولُه تعالى: (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا» (مريم: 27)، الحمل سهل، لكنْ، ما جاءت به أمر عظيم، حيث أنجبت سيدنا عيسى من غير أب، ولذلك قالوا لقد جئت شيئاً فرياً، فعقولُهم عجزت عن تصديقه والإيمان به. ولذلك، نصر الله لم يكن أمراً سهلاً، بل جاء بعد صعوبات وتضحيات كبرى، لذا، لما نزلت السورةُ على النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لقد نُعيت إليّ نفسي».
عندما يتحدث الله تعالى عن يوم القيامة وأهواله يقول: إذا جاء، «فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى» (النازعات: 34)، ويقول: «فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ» (عبس: 33).
أما أتى، فتأتي للشيء اليسير، يقول: «هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ» (1) .. لم يقل أتتك الغاشية، وإنما حديث الغاشية، فالغاشية تعني القيامة، لكنها لم تقم، ولم تكن رأي العين كالصاخة والطامة، فهي مجرد حديث عنها، وليس من رأى كمن سمع.
وأمر الله مرة نراه مقترناً مع جاء، ومرة نراه مقترناً مع أتى، يقول الله تعالى: «أتى أمر الله فلا تستعجلوه»، لأن الكفار كانوا يستهينون بعذاب الله وبيوم القيامة، ويقولون باستخفاف ائتنا بما تعدنا، فبين الله تعالى أن أمره وعذابه شيء يسير جداً، وسيأتي، فلا تستعجلوه. لكن، عندما يحل العذاب، وينزل أمر الله بالعقاب، هنا يكون الأمر أشد وأعظم، حينها يقول الله تعالى: (فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ، وَخسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ». قبل وقوع العذاب قال أتى، لكن بعد وقوعه قال جاء.. فتأمل.
** وفي قصة سليمان عليه السلام، الذي أُعطي ملكاً لم يُعط لأحد قبله، قال الله: «حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ..» (النمل: 17)، لأن سيدنا سليمان مشى بسهولة ويُسر، ولم تكن هناك حرب، فأتى على وادي النمل، وسمع كلامها، وتبسم ضاحكاً.
** أما في سورة يوسف، فعبر عن الموقف بقوله: «وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ» (يوسف: 16)، لأن إخوة يوسف ارتكبوا شيئاً عظيماً، بإلقاء أخيهم في البئر، وادعائهم أن الذئب قتله.
تلك خلاصة اللطائف في الفرق بين الفعلين (جاء وأتى)..
والله أعلم.
وقد يكون الأدباء قد استنبطوا تفسير معنى الفعل أتى من معنى اليسر، لأن في القرب تكون هناك سهولة ويسر المجيئ.
والله أدرى وأعلم.
" لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد
وهو على كل شيئ قدير"
التعديل الأخير تم بواسطة Ayate.dz ; 26-07-2020 الساعة 11:54 AM