مكانة المرأة في المجتمع الإسلامي بين النصوص والتاريخ؟
16-06-2009, 07:28 AM
بعد قراءتي موضوع أختي زليخة
وبعد الردود,إرتأيت ان أقدم لكم هذه الدراسة كما هي ,حتى تضيء بعض الجوانب,وهي قد وصلت لي من احد الأصدقاء,أدركت أن مضمنها مناسب لموضوعك أختي زليخة.
إن مبدأ القرآن في شأن الاجتماعالسياسي الإسلامي,انه اجتماع ينشأ عن توالي وتحالف المؤمنين وتبايعهم بعضهم إليبعض, دون اعتبار لكونهم رجالاً أو نساء,فالولاية السياسية في الإسلام,هي ولايةيؤسسها شرط الإيمان وهي بالتالي للمؤمنين جميعاً من غير تمييز يقوم على أساسالجنس,أو على أي أساس آخر,يقول تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُبَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِالْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَوَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَاالأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍوَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {التوبة 71/72}. وهكذا فالخطاب القرآني في شأن الولاية السياسية خطاب عام دون تخصيص يتوالىبه المؤمنون رجالاً ونساءً بعضهم مع بعض على الإيمان والإخلاص يقول تعالى : إِنَّالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِوَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَوَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَوَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْوَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُلَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا * وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍإِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْأَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {الأحزاب 35/36}.
ويقول : وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْأُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَنَقِيرًا {النساء/124}.
ويقول: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَأُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍفَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِيوَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْوَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنعِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ {آل عمران /195}.
وإذا كانذلك كذلك,أي إذا كان أساس الدخول في مجتمع المسلمين ,هو سلامة المعتقد والإيمانبالله,فلا يبقي بعدئذ مجال لإقصاء المرأة عن المشاركة في الولاية العامة للأمة ,بحجة إنها امرأة فقط,أما الحديث المذكور ,فإما انه قيل قبل نزول آية التوبة ونزلتالآية ناسخة له ,لأنه وكما يظهر حديث في باب الغزو قيل عندما نوى الرسول (r) غزوفارس ,فهو في سياق تقرر حالة الفساد والانحراف في النظام السياسي الفارسي,وقد صنفهالإمام "البخاري" على هذا الأساس واضعاً له في باب الغزو ,والمعلوم أن سورة التوبةهي من آخر ما نزل من القرآن,أي بعد قول الحديث,وبالتالي فهو منسوخ بنص القرآن ,ومنهنا فإن العمل يكون بالقرآن اللاحق لا بالحديث السابق.
وإما انه حديث موضوع,وفيكلا الحالتين فالنتيجة واحدة ,وهي إهماله وتقديم العمل بدلالة الآية لأنها قرآنواجب العمل والإتباع. والحق أن النبي ((r) )كان مجاهداً ومقاتلاً الفرس حتى ولو كانعلى رأس الولاية العامة في فارس رجل لا امرأة,لو صح ذلك في تاريخهم ,وهو الذي جاهدوقاتل ممالك ودول وعشائر وسلطات لكونها اجتماعات فاسدة,وجميعها كان على رأسها رجاللا نساء, فالمقصود على هذا لفت الانتباه إلى حالة الفساد التي ضربت ولاية الفرس بماكسبت أيديهم,أكثر من كونه نص في منع ولاية المرأة التكاليف العامة.
واني لأعجبأن تنسب هذه الرواية الى النبي (r) ,وهو الذي كان يقرأ على نفسه وعلى الناس ومنذفترة مبكرة من تاريخ الدعوة ,أي ومنذ فترة مكة سورة النمل ,وما فيها من ذكر ملكةسبأ "الإمامة" بالخير في القرآن,ثم تنسب رواية إليه مفادها لن يصح قوم ولوا أمرهمامرأة هكذا على وجه الإطلاق ,وسورة النمل تشهد بأن بلقيس ملكة سبأ وواليتها قداتبعت الدين الحق وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين,فكانت نعم الوالي الصالح,يقولتعالى: قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةًأَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ * قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍشَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنَّالْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَاأَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍفَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ *فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَأَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُمبِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍلَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ * قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنيَأْتُونِي مُسْلِمِينَ {النمل 35/38}...إلى قوله... قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُنَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {النمل/44},يعضض ذلك ويسنده جواز إمامة المرأة الصلاة في الفقه الإسلامي, والصلاةكما معروف تأتى على راس الوظائف السلطانية.
ثالثاً:- صلاة المرأة في عقر دارها. عن أم حميد أمرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت الى النبي (r) فقالت: يا رسول اللهإني أحب الصلاة معك، قال: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي, وصلاتك في بيتك خير منصلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير منصلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي.قال الراوي: فأمرتفبنى لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه، وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل.
وهناك رواية أخري أخرجها عبد الله بن حميد عن ثابت عن أنس :إن امرأة كانت تحتلرجل فمرض أبوها فأتت النبي (r) فقالت: يا رسول الله إن أبي مريض، وزوجي يأبى أنيأذن لي أن أمرضه! فقال لها النبي: أطيعي زوجك! فمات أبوها، فاستأذنت زوجها أن تصليعليه فأبى زوجها أن يأذن لها في الصلاة, فسألت النبي فقال لها: أطيعي زوجك, فأطاعتزوجها ولم تصل على أبيها.. فقال لها النبي (r) : قد غفر الله لأبيك بطواعيتك لزوجك. يخالف صريح القرآن الذي يأمر بوصل الرحم, ويندد بقطعه,يقول تعالى: طَاعَةٌ وَقَوْلٌمَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًالَّهُمْ *فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِوَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُفَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْعَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا {محمد 21/24},من الواضح إن هدف هذه الرواية ألا تخرجالمرأة إلا من رحم أمها الى بيت زوجها ,ثم لا تخرج أبداً إلا الى القبر ، وهو ماينكره الإسلام، وفي الحديث :إن الله أذن لكن أن تخرجن في حوائجكن.
أما عن صلاةالجماعة فهي سنة مؤكدة للرجال والنساء على السواء؟,فإذا ثبت أن المرأة راعية فيبيتها وهي مسئولة عن رعيتها! وان تكون والية في أي ولايات الأمة ,فلا يجب منعها منالصلاة في المساجد,فقد جاء في الحديث والرواية لمسلم :عن ابن عمر؛ أن رسول الله (r) قال: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله".وفيه عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسولالله (r) يقول: "لا تمنعوا نسائكم المساجد إذا استأذنكم إليها".قال فقال بلال بنعبد الله: والله! لنمنعهن. قال فأقبل عليه عبد الله فسبه سبا سيئا. ما سمعته سبهمثله قط. وقال: أخبرك عن رسول الله (r)، وتقول: والله! لنمنعهن!.وفي البخاري, عنابن عمر؛ قال: قال رسول الله (r) "ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد" فقال ابن له،يقال له واقد: إذن يتخذنه دغلا. قال فضرب في صدره وقال: أحدثك عن رسول الله (r)،وتقول: لا!. وهكذا أوضحت السنة النبوية مجالات الحرية الإنسانية، ومنحت المرأة ثقة،وخولتها الخروج من منزلها ليلاً في سبيل الطاعات والعبادات، وذلك واضح في قولالنبي محمد (r) في صحيح البخاري، عَنْ عبد الله ابْن عمر: "كَانَتْ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ تَشْهَدُ صَلاةَ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ فِيالْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَقِيل لهَا: لِمَ تَخْرُجِينَ وَقَدْ تَعْلمِينَأَنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَغَارُ؟ قَالتْ: وَمَا يَمْنَعُهُ أَنْيَنْهَانِيَ؟ قال: يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ (r):" لا تَمْنَعُواإِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ الله".واني لأتساءل انه لصالح من يشيع فقه رواية تأبى علىالنساء حضور الجماعات كلها؟،إنها راوية واهية تطرح وراءها السنن العملية المتواترةعن النبي (r).فينظر الى المرأة المصلية وكأنها أذى يجب حصره في أضيق نطاق وأبعده.
ثالثاً:- نكاح المرأة نفسها,تقول رواية: أيما امرأة نكحت بغير أمر مولاهافنكاحها باطل باطل,في حين إن صريح القرآن أسند عقد الزواج إلى المرأة وقال: فَإِنطَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنطَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَاحُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {البقرة /230}.
ويقول: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًايَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَأَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّبِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {البقرة /234}, فعقدها المباشرصحيح.كما جاء في الحديث البخاري, عن أبي هريرة، عن النبي (r) قال: (لا تنكح البكرحتى تستأذن، ولا الثَّيِّب حتى تستأمر). فقيل: يا رسول الله، كيف إذنها؟ قال: (إذاسكتت).
إن سنة المسلمين الاجتماعية,تظهر أن المرأة التي حظيت بقدر لا بأس به منالروايات الموضوعة ,التي تحط من قدرها ,ليس أخرها رواية ,"شاوروهن وخالفوهن" إذ هيرواية باطلة مكذوبة لأنها تخالف قوله تعالى: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍمِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَنتَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآآتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَاتَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة /233}.
رابعاً:- شهادة المرأة. يستدل عادة على إنالإسلام قد انتقص من أهلية المرأة ، بجعل شهادتها على النصف من شهادة الرجل,ويكونالاستدلال برواية البخاري عن أبي سعيد الخدري قال:خرج رسول الله (r) في أضحى، أوفطر، إلى المصلى، فمر على النساء، فقال: (يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثرأهل النار). فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: (تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت منناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن). قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يارسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل). قلن: بلى، قال: (فذلك مننقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم). قلن: بلى، قال: (فذلك من نقصان دينها.
وبرواية مسلم عن عبد الله بن عمر، عن رسول الله (r) أنه قال: "يا معشر النساء! تصدقن وأكثرن الاستغفار. فإني رأيتكن أكثر أهل النار" فقالت امرأة منهن، جزلة: ومالنا يا رسول الله أكثر أهل النار. قال: "تكثرن اللعن. وتكفرن العشير. وما رأيت منناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن" قالت: يا رسول الله! وما نقصان العقل والدين؟قال "أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل. فهذا نقصان العقل. وتمكثالليالي ما تصلي. وتفطر في رمضان. فهذا نقصان الدين".
أما كونهن ناقصاتدين,نتاج الحيض والنفاس ,فان الله تعالى نفسه هو الذي رفع عنهن التكاليف ,فكيف يكنناقصات دين ,وهن لسن بمأمورات بالتكاليف الدينية,وهن في هذه الحال,يقول تعالى:لاَيُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَااكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَاوَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَارَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْلَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ {البقرة /286}.ولنفترض أن رجلاً ذكراً ابتلاه الله بداء السكر وداء الكلي, ونصحهالأطباء بعدم الصوم, ومر عليه شهر رمضان ولم يصم,فهل يصح أن يقال في حقه انه ناقصدين,لأنه لم يصم؟,أم نقل في حقه انه من أصحاب الأعذار ؟,وهكذا المرأة في حالاتالنفاس والحيض ,فإنها غير مكلفة ,بالصلاة والصيام,فكيف يقال في حقها إنها ناقصةدين؟.
اما القول بنقصان العقل فيتم الاستدلال له ,وفضلاً عن الرواية عن النبي (r) بالآية الكريمة, في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَاتَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْكَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُفَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُوَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُبِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَارَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَنتَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءإِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًاإِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىأَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَابَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَاتَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُفُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍعَلِيمٌ {البقرة /282}.والواقع أن ثمة خلط بين "الشهادة" وبين "الإشهاد" الذي تتحدثعنه هذه الآية الكريمة ، فالشهادة التي يعتمد عليها القضاء في اكتشاف العدل المؤسسعلى البينة ، واستخلاصه من ثنايا دعاوى الخصوم ، لا تتخذ من الذكورة أو الأنوثةمعيارًا لصدقها أو كذبها ، ومن ثم قبولها أو رفضها ؛ وإنما معيارها تحقق اطمئنانالقاضي لصدق الشهادة بصرف النظر عن جنس الشاهد ، ذكرًا كان أو أنثى ، وبصرف النظرعن عدد الشهود .
أما الآية فإنها تتحدث عن سياق آخر غير "الشهادة" أمام القضاء؛ حيث تتحدث عن "الإشهاد" الذي يقوم به صاحب الدين للاستيثاق من الحفاظ على دَيْنه، وليس عن "الشهادة" التي يعتمد عليها القاضي في حكمه بين المتنازعين . . فالآية فيسياق الحديث عن صاحب الحق الدَّيْن وليس إلى القاضي في النزاع, بل إن هذه الآية لاتتوجه إلى كل صاحب حق دَيْن ولا تشترط ما اشترطت من مستويات الإشهاد وعدد الشهود فيكل حالات الدَّيْن.وإنما توجهت بالنصح والإرشاد إلى دائن خاص ، وفي حالات خاصة منالديون ، لها ملابسات خاصة نصت عليها الآية,بكونه دين إلى أجل مسمى, ولابد منكتابته, ولابد من عدالة الكاتب ,وهكذا فدلالة الآية إنما تتحدث عن " الإشهاد" فيدَيْن خاص ، وليس عن الشهادة مطلقاً,لأنها نصيحة وإرشاد لصاحب الدَّيْن ذي ملابساتخاصة وليست تشريعاً موجهاً إلى القاضي الحاكم في المنازعات.
أما القضاء فيحكم "بالبينة" ويبني عليها ، والتي وضع قاعدتها الشرعية والفقهية حديث رسول الله (r) : البينة على المدعى ، واليمين على المدعى عليه . إن البينة في الشرع ، اسم لما يبيّنالحق ويظهره ، وهى تارة تكون أربعة شهود ، وتارة ثلاثة ، بالنص في بينة المفلس ،وتارة شاهدين ، وشاهد واحد ، وامرأة واحدة ، وتكون نُكولاً، ويمينًا ، وخمسينيمينًا أو أربعة أيمان ، وتكون شاهد الحال ، فقوله (r): « البينة على المدعى » ، أيعليه أن يظهر ما يبيَّن صحة دعواه ، فإذا ظهر صدقه بطريق من الطرق حُكِم له. فكماتقوم البينة بشهادة الرجل الواحد أو أكثر ، تقوم بشهادة المرأة الواحدة ، أو أكثر ،وفق معيار البينة التي يطمئن إليها ضمير القاضي.
وليس في القرآن ما يقتضى أنهلا يُحْكَم إلا بشاهدين ، أو شاهد وامرأتين ، فإن الله إنما أمر بذلك أصحاب الحقوقأن يحفظوا حقوقهم بهذا النِّصاب ، ولم يأمر بذلك الحكام والقضاة أن يحكموا به،فضلاًعن أن يكون قد أمرهم ألا يقضوا إلا بذلك . ولهذا يحكم الحاكم بالنكول ، واليمينالمردودة ، والمرأة الواحدة ، والنساء المنفردات لا رجل معهن وبعد هذا الضبطوالتمييز والتحديد.
هذا فضلاً عن أن أية البقرة التي تتحدث عن الإشهاد ,بكونشهادة المرأتين تعدلان شهادة الرجل الواحد ،جاءت معللةً, لكون المرأة ليست ممايتحمل عادة مساجلات أنواع هذه المعاملات ، لكن إذا تطورت خبراتها وممارساتهاوعاداتها ، كانت شهادتها حتى في الإشهاد على حفظ الحقوق والديون مساوية لشهادةالرجل,إذا انعدمت علة الضلال الناجم عن عدم الخبرة والدراية,أما إذا حدث عكسه فخبرتالمرأة الواحدة ودربت في الأمور التجارية والمحاسبية,فتقبل شهادتها لانتفاء العلةالتي هي الضلال.وعلى هذا فان كون النساء في تاريخ ما في الماضي الذي نزل عليه النصأو في الحاضر,يكن بعيدات عن خبرة التجارة ، وبعيدات عن تحصيل التحمل والخبرات فيهذه الميادين ،فان ذلك واقع اجتماعي قابل للإصلاح والتغيير ،وليس جبلة في جنسالنساء على مر العصور ،كشدة العاطفة وضعف الذاكرة مثلاً.بل هي علة متصلة بالثقافةوالتنشئة,التي لا تثقف المرأة في الاشتغال بالمعاملات المالية ونحوها من المعاوضات،ولذلك تكون خبرتها قليلة ، أما إذا نالت المرأة الخبرة والدربة في الأمور التجاريةفتكون شهادتها واحدة تقبل كما تقبل شهادة الرجل.وهكذا الحال في سائر الأمور الأخرىغير الديون ,فشهادة المرأة تساوى شهادة الرجل في "اللعان" , وقد فقد سوَّى الوحيالقرآني بين شهادة الرجل والمرأة في اللعان، فطالب أن يشهد كل منهما خمس شهاداتتثبت صدقه وكذب خصمه، ولم يجعل على المرأة ضعف ما على الرجل من شهادات، ولا جعلشهادتها نصف شهادة الرجل. فتخصيص المال بتنصيف الشهادة في القرآن الكريم إذن مما قديكون معللا. كما تقبل شهادة المرأة وحدها في ثبوت هلال رمضان شأنها شأن الرجل, كماتقبل شهادة المرأة لوحدها في الأمور الخاصة بالنساء ، مثل الرضاعة والولادة والحيضوالعدة وما أشبهها شهادة امرأة عدل . فقد روي البخاري عن عقبة ابن الحارث قال: وقدسمعته من عقبة لكني لحديث عبيد أحفظ، قال: تزوجت امرأة فجاءتنا امرأة سوداء، فقال: أرضعتكما، فأتيت النبي (r) فقلت: تزوجت فلانة بنت فلان، فجاءتنا امرأة سوداء فقالتلي: إني قد أرضعتكما، وهي كاذبة فأعرض عني، فأتيته من قبل وجهه، قلت: إنها كاذبة،قال: (كيف بها وقد زعمت أنها قد أرضعتكما، دعها عنك).
وعلى هذا فالقول بتنصيفشهادة المرأة حكم مُعلَّل بالظروف الاجتماعية والثقافية الخاصة بالمرأة,لا حكماًمطلق وعام, فيوم أن تكون المرأة عديمة الخبرة في عالم التجارة والمال. فاستشهادامرأتين مكان رجل واحد إنما هو لإذكار إحداهما للأخرى إذا ضلت، وهذا إنما يكون فيمافيه الضلال في الواقعة، وهو النسيان وعدم الضبط.. فما كان من الشهادات لا يُخافُفيه الضلال في الواقعة فلا تكون فيه شهدتها على نصف الرجل,إذا كان الحال خاص بشهادةامرأة خبيرة بالمحاسبة وإدارة الأعمال مثلاً,فهي واقعة تجعل شهادة المرأة تساويشهادة الرجل أو تفوقها. وليس في قولنا بزوال الحكم بزوال علته نقض لدلالة النصالشرعي ولا خروج عليه، لأن الذي تغير هو موضوع الحكم وواقع الحال، وليس الحكمالشرعي ذاته.
هذا من ناحية, ومن ناحية أخري, فإن النصوص القرآنية في آيات الدينقد اتجهت إلى تعزيز الشهادة في القضايا المالية بصورة مطلقة بشهادة رجل آخر، إلىجانب الرجل الأول، حتى لا تكون الشهادة عرضة للاتهام.ثم لا يعتبر تنصيف شهادة الرجلوتعزيزها بشهادة رجل آخر ماسًّا بكرامته ما دام ذلك التعزيز أضمن لحقوق الناس . وزيادة على ذلك فإن شهادة الرجل لم تقبل قط "وحده" حتى في أقل القضايا قيمةمالية,غير أن المرأة قد امتازت على الرجل في سماع شهادتها " وحدها " ، دون الرجل ،فيما هو أخطر من الشهادة على الأمور المالية ، كما تقدم قبول شهادة المرأة الواحدةفي الشهادة على الولادة وما يلحقها من نسب وإرث، ومن هنا نردٌّ الرواية التي تنسبالى النبي (r) الذي تجعل النساء ناقصات عقل لان شهادتهن على النصف من شهادة الرجل.
في أنواع الزواج. روي البخاري.أن علياً رضي الله عنه قال لابن عباس: إن النبي (r) نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية، زمن خيبر.وروي البخاري أيضاً: عن جابربن عبد الله وسلمة بن الأكوع قالا: كنا في جيش، فأتانا رسول رسول الله (r) فقال: إنه قد أذن لكم أن تستمتعوا، فاستمتعوا.وفي رواية له عن ابن أبي ذئب:حدثني إياس بنسلمة بن الأكوع، عن أبيه، عن رسول الله (r): (أيما رجل وامرأة توافقا، فعشرة مابينهما ثلاث ليال، فإن أحبا أن يتزايدا، أويتتاركا تتاركا). فما أدري أشيء كان لناخاصة، أم للناس عامة.
أما مسلم فيروي روايات مشابهة ,فعن عبد الله يقول: كنانغزو مع رسول الله (r). ليس لنا نساء. فقلنا: ألا نستخصى ؟ فنهانا عن ذلك. ثم رخصلنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل. ثم قرأ عبد الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {المائدة /87},وروي مسلم , عن جابر بن عبدالله وسلمة بن الأكوع، قالا: خرج علينا منادي رسول الله (r)، فقال: إن رسول الله (r) قد أذن لكم أن تستمعوا. يعني متعة النساء.
وروي مسلم عن جابر بن عبد اللهيقول: كنا نستمتع، بالقبضة من التمر والدقيق، الأيام، على عهد رسول الله (r)، وأبيبكر، حتى نهى عنه عمر، في شأن عمرو بن حريث.وروي أيضاً ,عن سبرة ؛ أنه قال: أذن لنارسول الله (r) بالمتعة. فانطلقت أنا ورجل إلى امرأة من بني عامر. كأنها بكرة عيطاء. فعرضنا عليها أنفسنا. فقالت: ما تعطي ؟ فقلت: ردائي. وقال صاحبي: ردائي. وكان رداءصاحبي أجود من ردائي. وكنت أشب منه. فإذا نظرت إلى رداء صاحبي أعجبها. ثم قالت: أنتورداؤك يكفيني. فمكثت معها ثلاثا. ثم إن رسول الله (r) قال: "من كان عنده شيء منهذه النساء التي يتمتع، فليخل سبيلها".
وروي مسلم , الربيع بن سبرة الجهني ؛ أنأباه حدثه ؛ أنه كان مع رسول الله (r) فقال: "يا أيها الناس ! إني قد كنت أذنت لكمفي الاستمتاع من النساء. وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة. فمن كان عنده منهنشيء فليخل سبيله. ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا".ويروي مسلم ,أن عبد الله ابنالزبير قام بمكة فقال: إن ناسا، أعمى الله قلوبهم، كما أعمى أبصارهم، يفتونبالمتعة. يعرض برجل. فناداه فقال: إنك لجلف جاف. فلعمري ! لقد كانت المتعة تفعل علىعهد إمام المتقين (يريد رسول الله (r)) فقال له ابن الزبير: فجرب بنفسك. فوالله ! لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك.قال ابن شهاب: فأخبرني خالد بن المهاجر بن سيف الله ؛أنه بينا هو جالس عند رجل جاءه رجل فاستفتاه في المتعة. فأمره بها. فقال له ابن أبيعمرة الأنصاري: مهلا ! قال: ما هي ؟ والله ! لقد فعلت في عهد إمام المتقين. قال ابنأبي عمرة: إنها كانت رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها. كالميتة والدم ولحمالخنزير. ثم أحكم الله الدين ونهى عنها.وروي مسلم,عن علي ؛ أنه سمع ابن عباس يلّينفي متعة النساء.فقال: مهلا. يا ابن عباس ! فإن رسول الله (r) نهى عنها يوم خيبر،وعن لحوم الحمر الإنسية.
وهكذا تضاربت الروايات في مشروعية زواج المتعة ,وانكانت الروايات المتأخرة تفيد النهي ,مع إن بعض الصحابة كان يفعلها حتى نهي عنها عمر (رض) في خلافته بعد ذلك ,والحق انه لا عبرة للقول بان هذه الروايات انفردت بتشريعخارج سياق القرآن,لان آيات سورة النساء تنسخها ,وهي التي اشترطت الإحصان شرطاللزواج الصحيح ,فبعد أن حدد المحرمات وأباحت ما وراء ذلك من محللات ,اشترطت الإحصانشرطا لصحة الزواج,يقول تعالى:وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْأَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَنتَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمبِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْفِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًاحَكِيمًا {النساء /24}.
بعبارة أخرى ,انه قد يأتي الاستدلال بجواز زواجالمتعة،وبأنه أساس لانفراد السنة بالتشريع, بيد إن نص القرآن,لا يحلل زواج المتعةكما فهم من الروايات الحديثية, إذ الملاحظ أن النظم العام والسياق العام للآيات, هوفي الحديث عن المحرمات –كما تقدم- ثم ذكر السياق: مُّحْصِنِينَ غَيْرَمُسَافِحِينَ....الآية , وفيه دليل النهي عن الوطء لمجرد قضاء الشهوة، ثم نحىالسياق العام منحى حل النكاح لغير الشهوة فحسب ,من الرغبة في التأهيل والولد وحمايةالعرض والعفاف والاستخلاف,وبالتالي عدم توقيت الزواج بزمان ما ,كما يظهر فيالروايات عن النبي (r),فالزواج لا يكون شرعياً إذا قيد بميقات زماني ما,ولو طالاجله فكان سبعين عاماً ,أو نحو ذلك ,وعلى هذا فدلالة قوله: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمبِهِ مِنْهُنَّ ....الآية دلالة على إن الاستمتاع هنا هو الوطء والدخول,بغير شرطالوقت, لا المتعة المؤقتة بزمان ما كما فهمت الشيعة, وبذلك يستقيم أول السياق فيالحديث عن المحرمات ,مع آخر السياق بالحديث عن المحللات.
هذا من ناحية,ومنناحية أخري, فان القول بزواج المتعة يتعارض مع جملة من المفاهيم القرآنية ,فيالتشريعات الاجتماعية ,كتشريع الطلاق ، لان زواج المتعة زواج مؤقت ينتهي بأجله ,فيتجاوز بذلك جملة من آيات القران حول الطلاق,يقول تعالى: لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَمِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَغَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّلَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّبِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَإِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِوَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ * الطَّلاَقُمَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّلَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّيُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَجُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَتَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُفَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَنيُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍيَعْلَمُونَ *وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّفَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَتَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْوَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِوَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * وَإِذَاطَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَأَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِمَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْوَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة 226/232}.
كماإن القول بالمتعة يلغي تشريعات اللعان ,لأنه زواج بأجل,والملاعنة لزواج الإحصان,كماانه لا يثبت به ميراث بين الزوجين فيعارض بذلك قوله تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ مَاتَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌفَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْدَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌفَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِوَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ...{النساء/12}, . وهكذا يهدم زواج المتعةآيات الطلاق والعدة والميراث .
وإذا كان الزواج المؤقت بزمان سفاح, مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ....الآية,فان الزواج بنية الطلاق-كما صدرت الفتوىمؤخراً في بعض ديار الإسلام-,هو الأخر زواج باطل,لكونه زواج مؤقت بزمان, بيد إن بعضالفقهاء يقولون : بأن عقد النكاح يكون صحيحا إذا نوى في الزواج التوقيت ولم يشترطفي صيغة العقد ,والحق إن الأصل في الزواج الدوام ,وبنية الدوام يدخل الشريكان فيعقد الزواج ,أما إذا ساءت العلاقة بينهما الى حد بليغ ,فقد شُرع الطلاق أصلاًشرعياً لإنهاء العلاقة الزوجية. والحق إن هذا الزواج باطل لما من مخالفة مفهوم "الإحصان" والمفسدة الناتجة عن العبث بهذه الرابطة الدينية التي هي أعظم الروابطالبشرية، وإيثار التنقل في مراتع الشهوات، وما يترتب على ذلك من المنكرات هكذا سنةزواج المتعة والزواج بنية الطلاق في واقع الاجتماع الإسلامي. ما فيه ذلك من غشوخداع تترتب عليه مفاسد أخرى من العداوة والبغضاء وذهاب الثقة حتى بالصادقين الذينيريدون زواج الإحصان حقيقته. إن زواج المتعة يقصد به قضاء الشهوة، ولا يقصد بهالتناسل، ولا المحافظة على الأولاد، وهي المقاصد الأصلية للزواج ،فهو يشبه الزنا منحيث قصد الاستمتاع دون غيره . ثم هو يضر بالمرأة ، إذ تصبح كالسلعة التي تنتقل منيد إلى يد ، كما يضر بالأولاد ، حيث لا يجدون البيت الذي يستقرون فيه ، ويتعهدهمبالتربية والتأديب .
وإذا كانت هذه الأنواع من الزيجة محرمة لمخالفتها لصريحالقرآن,فان زواج التحليل أيضاً محرم ,وهو أن يتزوج الرجل المطلقة ثلاثا بعد انقضاءعدتها ، أو يدخل بها ثم يطلقها ليحلها للزوج الأول . وهذا النوع من الزواج كبيرة منكبائر الإثم والفواحش، حرمه الله ، روى البخاري ومسلم عن عائشة : جاءت امرأة رفاعةالقرظي إلى رسول الله (r) فقالت : إني كنت عند رفاعة ، فطلقني : فبت طلاقي فتزوجنيعبد الرحمن بن زبير ، وما معه إلا مثل هدبة الثوب ، فتبسم النبي (r) ، وقال : ( أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا،حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك ).وروي البخاري, عنعائشة: أن رجلا طلق امرأته ثلاثا، فتزوجت فطلق، فسئل النبي (r): أتحل للأول؟ قال: (لا، حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول).
روي الإمام احمد في مسنده ,عن أبي هريرة : أن رسول الله (r) قال : ( لعن الله المحلل والمحلل له ) . رواه أحمد بسند حسن . روي الترمذي ,عن عبد الله بن مسعود قال : ( لعن رسول الله (r) المحلل والمحلل له ) . وروي ابن ماجة ، والحاكم عن عقبة بن عامر : أن رسول الله (r) قال : ( ألا أخبركمبالتيس المستعار ) ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال : هو المحلل . وروي أبو إسحاقالجوزجاني,عن ابن عباس أن رسول الله (r) سئل عن المحلل ، فقال : ( لا . إلا نكاحرغبة ، لا دلسة ، ولا استهزاء بكتاب الله عزوجل ، حتى تذوق عسيلته ) .
وسأل رجلابن عمر فقال : ما تقول في امرأة تزوجتها لأحلها لزوجها ، ولم يأمرني ولم يعلم ؟فقال له ابن عمر : لا ، إلا نكاح رغبة ، إن أعجبتك أمسكتها ، وان كرهتها فارقتها ،وإن كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول الله (r) ,وهكذا لا يحل بهذا الزواج رجوعالمرأة للزوج الأول.وهكذا فان زواج المحلل يخلف قوله تعالى: يقول تعالى : فَإِنطَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنطَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَاحُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {البقرة/230}.لأن القرآن يقيم عقد الزواج على مبدأ الإحصان,يقول: مُّحْصِنِينَغَيْرَ مُسَافِحِينَ....الآية, فيكون كل من الزوجين حصنا للأخر، ومخلصاً له،يتعاونان على تأسيس بيت صالح من بيوت الأمة.
واذا كانت هذه الانواعالزجات,وفقاً لقاعدة الاتساق ,فان هناك نوع من التحريم ,يتنافي مع سياق القران ,هوتحريم, الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها, لوجود جملة من الاحاديث تحرم هذا النوعمن الزواج ,فيما يرويه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله (r) قال: (لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها.وما رواه البخاري أيضاً عن أباهريرة يقول: نهى النبي (r) أن تنكح المرأة على عمتها، والمرأة وخالتها,فنرى خالةأبيها بتلك المنزلة، لأن عروة حدثني عن عائشة قالت: حرموا من الرضاعة ما يحرم منالنسب.
وما رواه مسلم ,عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (r): "لا يجمع بينالمرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها".وما رواه مسلم ,عن أبي هريرة ؛ أن رسولالله (r) نهى عن أربع نسوة، أن يجمع بينهن: المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها.والحقان هذه الروايات تخالف صريح القران الذي احل الزواج في ما وراء ما ذكره منن قائمةالمحرمات...وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ...,في اية سورة النساء,يقولتعالى: وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْسَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً * حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْأُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْوَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْوَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُاللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِنلَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُأَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِإَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا *وَالْمُحْصَنَاتُمِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْوَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَغَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّفَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِالْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء 22/24},ففي هذه الاياتتفصيل شديد الدقة لقائمة محرمة النساء ,سواء اكان تحريما دائماً ام موقتاً,فصدرالايات حديث عن المحرمات,واخرها بيان للمحللات,والتي هي كل ما وراء المحرماتالمذكورات...وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ ...الاية,ويدخل في ذلك عمةالمراة وخالتها.وعلمي ان المجتمعات الاسلامية اليوم لا تقبل مثل هذا الراي ,لاسيماالشرقية منها,لاعراف وتقاليد استقرت في وجدانها الديني,تجاه هذا النوع من الزواج ,بل انه في بلادي السودان يكره العرف الاجتماعي الجمع بين بنات الخالاتوالعمات,ولكن العرف امر والشرع امر آخر,ولا حجة بالعرف,في وجود النص,كما ان ظنييذهب الى ان هذه الاحاديث,قد قيلت قبل نزول ايات المحرمات,ولما جاء النصنسخها,فتكون العبرة به لا بغيره,يدل على ذلك,ان احدي هذه الروايات التي حرمت مثلهذا النوع من الزواج ,عللت التحريم,بانه تقطيع للارحام,استدلالاً باية سورة "محمد",يقول تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِيالْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد /22},فكان تحريم النبي (r) لهذا النوعمن الزواج اجتهاداً منه ,بتاويل الاية ,بيد ان ايات سورة النساء نزلت لاحقة ,لايةسورة محمد ,التي تم تاويلها على التحريم,فتكون بذلك دلالة ايات سورة النساء ناسخةللاحاديث.
روايات في الترغيب والترهيب:- انتهينا الى إن غاية ما يؤخذ من سورةغافر ,في قوله تعالى: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَتَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ * وَإِذْيَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّاكُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَبَيْنَ الْعِبَادِ * وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوارَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَلَمْ تَكُتَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَادُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ{غافر 44/ 50},يقول تعالى: فَإِن لَّمْتَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُوَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ {البقرة /24},ويقول: وَاتَّقُواْ النَّارَالَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْتُرْحَمُونَ {آل عمران131/132}, ففي هذه الآيات دليل على أن النار موجودة مخلوقة،والمعني إن نار جهنم مخلوقة بالفعل الآن ,كما الجنة مخلوقة ومعدة للمؤمنين ,يقولتعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَاالسَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ {آل عمران/133}.ويقول: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِالسَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَفَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ {الحديد /21}.
بيد أن هناك روايات عديدة ,يرويها رجال الحديث ,تفيد بدخول الناس الناروالجنة ,قبل يوم القيامة ,يروي البخاري ,عن عمران، عن النبي (r): (اطلعت على الجنةفكان أكثر أهلها الفقراء، أطلعت على النار فرأيت أكثر أهلها النساء).
ورويالبخاري, عن ابن عباس قال: قال النبي (r) : (أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء،يكفرن). قيل: أيكفرن بالله؟ قال: (يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلىإحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خير قط).
روي مسلم عن ابنعباس يقول: قال محمد (r) "اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء. واطلعت فيالنار فرأيت أكثر أهلها النساء".
روي مسلم, عن أسامة بن زيد، قال: قال رسولالله (r) "قمت على باب الجنة. فإذا عامة من دخلها المساكين. وإذا أصحاب الجدمحبوسون. إلا أصحاب النار, فقد أمر بهم إلى النار,وقمت على باب النار. فإذا عامة مندخلها النساء".
وروي مسلم , عن عبد الله بن عمر، عن رسول الله (r) أنه قال:"يامعشر النساء! تصدقن وأكثرن الاستغفار. فإني رأيتكن أكثر أهل النار" فقالت امرأةمنهن، جزلة: وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار. قال: "تكثرن اللعن. وتكفرنالعشير. وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن" قالت: يا رسول الله! ومانقصان العقل والدين؟ قال "أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل. فهذانقصان العقل. وتمكث الليالي ما تصلي. وتفطر في رمضان. فهذا نقصان الدين".
ورويالترمذي , عن أبي هريرة، "أن رسول اللّه (r) خطب الناس فوعظهم ثم قال: يا معشرالنساء تصدقن فإنكن أكثر أهل النار، فقالت امرأة منهن ولم ذاك يا رسول اللّه؟ قاللكثرة لعنكن، يعني وكفركن العشير قال: ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذويالألباب وذوي الرأي منكن قالت امرأة منهن وما نقصان عقلها ودينها؟ قال شهادةامرأتين منكن بشهادة رجل، ونقصان دينكن الحيضة فتمكث إحداكن الثلاث والأربع لاتصلي".
وروي احمد في المسند, عن ابن عمر: أن رسول الله (r) قال يا معشر النساءتصدقن وأكثرن فإني رأيتكن أكثر أهل النار لكثرة اللعن وكفر العشير ما رأيت منناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن قالت يا رسول الله وما نقصان العقل والدين قالأما نقصان العقل والدين فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل وتمكثالليالي لا تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين.
وروي الحاكم في المستدرك,عنأبي أمامة الباهلي رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله (r) ,يقول بينا أنا نائمإذ أتاني رجلان فأخذا بضبعي فأتياني جبلا وعرا فقالا لي اصعد فقلت أني لا أطيقفقالا إنا سنسهله لك فصعدت حتى كنت في سواء الجبل إذا أنا بأصوات شديدة قلت ما هذهالأصوات قالوا هذا هو عواء أهل النار ثم انطلق بي فإذا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققةأشداقهم تسيل أشداقهم دما فقلت ما هؤلاء قال هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم ثمانطلقا بي فإذا بقوم أشد شيء انتفاخا وأنتنه ريحا وأسوأه منظرا فقلت من هؤلاء قالهؤلاء الزانون والزواني ثم انطلق بي فإذا أنا بنساء تنهش ثديهن الحيات فقلت ما بالهؤلاء فقال هؤلاء اللواتي يمنعن أولادهن ألبانهن ثم انطلق بي فإذا بغلمان يلعبونبين نهرين فقلت من هؤلاء قال هؤلاء ذراري المؤمنين ثم شرف لي شرف فإذا أنا بثلاثةنفر يشربون من خمر لهم قلت من هؤلاء قال هؤلاء جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبدالله بن رواحة ثم شرف لي شرف آخر فإذا أنا بثلاثة نفر قلت من هؤلاء قال إبراهيموموسى وعيسى عليهم السلام ينتظرونك هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وقد احتجالبخاري بجميع رواته غير سليم بن عامر وقد احتج به مسلم.
والحق إن هذه المروياتتعارض, دلالة الخطاب القرآني في سورة "الزمر" ,والذي يفيد بأن أبواب الجنة والنارلا تفتح إلا يوم القيامة ,بعد الحساب والعرض والميزان ,فالناس لا يدخلون الجنة أوالنار إلا يوم القيامة, بعد انتهاء الحساب ووضع الميزان,فالجنة والنار يدخلها منيدخلها من الناس يوم القيامة وبعد الحساب,عندما تفتح أبوابها لتستقبل نزلائها ,يقولتعالى في مشهد تقشعر له الأبدان: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِوَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌبِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِفَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّنُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ * وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُبِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءوَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ * وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍمَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ * وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُواإِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِرَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْحَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ *قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَجَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ * وَسِيقَالَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَاوَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْفَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَاوَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءفَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِالْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {الزمر67/75}.
ويقول: تِلْكَ حُدُودُاللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَاالأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِاللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَاوَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ {النساء 13/14} ,ويقول: وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاءوَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْسِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْعُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْوَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّنكُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ {الرعد 22/24},ويقول: وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْقَالُواْ خَيْرًا لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌوَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ * جَنَّاتُ عَدْنٍيَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤُونَكَذَلِكَ يَجْزِي اللّهُ الْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُطَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْتَعْمَلُونَ {النحل 30/32}.
ويقول: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْلَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَدَاخِرِينَ {غافر / 60},ويقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَىاللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْوَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِياللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَأَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَاوَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَىكُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {التحريم/8}.
والمعني إنأبواب الجنة والنار لا تفتح إلا يوم القيامة ,بعد أن توفي كل نفس بما عملت ,وفي هذاالسياق ترد الكثير من الاحاديث منها الحديث الذي أورده بن ماجة , عَنْ صُهَيْبٍ؛قَالَ: تَلاَ رَسُولُ اللَّه (r) هَذِهِ ِالآيَةَ: لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْالْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {يونس/26}, وَقَالَ ((إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، نَادَىمُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ! أَن لَكُمْ عِنْدَ اللَّه مَوْعِداً يُرِيدُ أَنيُنْجِزَ كُمُوهُ)). فَيَقُولُونَ: وَما هو؟ أَلَمْ يُثَقِّلِ اللَّه مَوَازِينَنَاوَيُبَيِّضْ وُجُوهَنَا وَيُدْخلِنَا الْجَنَّةَ وَيُنْجِنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: ((فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ. فَوَاللَّهِ، مَا أَعْطَاهُمُاللَّه شَيْئاً أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ، يَعْنِي إِلَيْهِ، وَلاَأَقَرَّ لأَعْيُنِهِمْ)).
وروي مسلم ,عن صهيب، عن النبي (r) قال: "إذا دخل أهلالجنة الجنة، قال يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيضوجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار. قال فيكشف الحجاب. فما أعطوا شيئا أحبإليهم من النظر إلى ربهم عز وجل".و"إذا" هنا في الاحاديث تفيد الزمان المستقبل,الذيلما يحن بعد, روى مسلم, عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله (r) "احتجت النار والجنة. فقالت هذه: يدخلني الجبارون والمتكبرون. وقالت هذه: يدخلني الضعفاء والمساكين. فقالالله، عز وجل، لهذه: أنت عذابي أعذب بك من أشاء (وربما قال: أصيب بك من أشاء). وقاللهذه: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء. ولكل واحدة منكما ملؤها".
فمن أين لهؤلاءالرواة الزعم ,بان النبي (r) قد اطلع أو رأي أهل الجنة من الفقراء وأهل النار منالنساء ,والجنة والنار لما تفتح أبوابها بعد,ولو أن هذه الروايات قالت :أن النبيأخبر عن ربه بان أكثر أهل النار كذا أو أن أكثر أهل الجنة كذا لقبلناها,لكن هذهالروايات حتي لو جاءت بتلك الصيغة أو نحوها ,فإنها مما يكون ردها من وجوه أخر ,اعنيتلك الروايات التي تذهب الى أن المرأة ناقصة عقل ودين ,وهو ما نتناوله تحت عنوانشهادة المرأة في الفصل القادم.
ننظر للمرأة إنسان دون حاجة للمقارنات مع الغرب ,فالقرءان الكريم هو المعيار,والخلل في فهم المسلمين لبعض ىياته,وتوظيفها حسب المجتمع الذكوري.
وبعد الردود,إرتأيت ان أقدم لكم هذه الدراسة كما هي ,حتى تضيء بعض الجوانب,وهي قد وصلت لي من احد الأصدقاء,أدركت أن مضمنها مناسب لموضوعك أختي زليخة.
إن مبدأ القرآن في شأن الاجتماعالسياسي الإسلامي,انه اجتماع ينشأ عن توالي وتحالف المؤمنين وتبايعهم بعضهم إليبعض, دون اعتبار لكونهم رجالاً أو نساء,فالولاية السياسية في الإسلام,هي ولايةيؤسسها شرط الإيمان وهي بالتالي للمؤمنين جميعاً من غير تمييز يقوم على أساسالجنس,أو على أي أساس آخر,يقول تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُبَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِالْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَوَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَاالأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍوَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {التوبة 71/72}. وهكذا فالخطاب القرآني في شأن الولاية السياسية خطاب عام دون تخصيص يتوالىبه المؤمنون رجالاً ونساءً بعضهم مع بعض على الإيمان والإخلاص يقول تعالى : إِنَّالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِوَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَوَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَوَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْوَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُلَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا * وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍإِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْأَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {الأحزاب 35/36}.
ويقول : وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْأُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَنَقِيرًا {النساء/124}.
ويقول: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَأُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍفَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِيوَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْوَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنعِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ {آل عمران /195}.
وإذا كانذلك كذلك,أي إذا كان أساس الدخول في مجتمع المسلمين ,هو سلامة المعتقد والإيمانبالله,فلا يبقي بعدئذ مجال لإقصاء المرأة عن المشاركة في الولاية العامة للأمة ,بحجة إنها امرأة فقط,أما الحديث المذكور ,فإما انه قيل قبل نزول آية التوبة ونزلتالآية ناسخة له ,لأنه وكما يظهر حديث في باب الغزو قيل عندما نوى الرسول (r) غزوفارس ,فهو في سياق تقرر حالة الفساد والانحراف في النظام السياسي الفارسي,وقد صنفهالإمام "البخاري" على هذا الأساس واضعاً له في باب الغزو ,والمعلوم أن سورة التوبةهي من آخر ما نزل من القرآن,أي بعد قول الحديث,وبالتالي فهو منسوخ بنص القرآن ,ومنهنا فإن العمل يكون بالقرآن اللاحق لا بالحديث السابق.
وإما انه حديث موضوع,وفيكلا الحالتين فالنتيجة واحدة ,وهي إهماله وتقديم العمل بدلالة الآية لأنها قرآنواجب العمل والإتباع. والحق أن النبي ((r) )كان مجاهداً ومقاتلاً الفرس حتى ولو كانعلى رأس الولاية العامة في فارس رجل لا امرأة,لو صح ذلك في تاريخهم ,وهو الذي جاهدوقاتل ممالك ودول وعشائر وسلطات لكونها اجتماعات فاسدة,وجميعها كان على رأسها رجاللا نساء, فالمقصود على هذا لفت الانتباه إلى حالة الفساد التي ضربت ولاية الفرس بماكسبت أيديهم,أكثر من كونه نص في منع ولاية المرأة التكاليف العامة.
واني لأعجبأن تنسب هذه الرواية الى النبي (r) ,وهو الذي كان يقرأ على نفسه وعلى الناس ومنذفترة مبكرة من تاريخ الدعوة ,أي ومنذ فترة مكة سورة النمل ,وما فيها من ذكر ملكةسبأ "الإمامة" بالخير في القرآن,ثم تنسب رواية إليه مفادها لن يصح قوم ولوا أمرهمامرأة هكذا على وجه الإطلاق ,وسورة النمل تشهد بأن بلقيس ملكة سبأ وواليتها قداتبعت الدين الحق وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين,فكانت نعم الوالي الصالح,يقولتعالى: قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةًأَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ * قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍشَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنَّالْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَاأَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍفَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ *فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَأَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُمبِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍلَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ * قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنيَأْتُونِي مُسْلِمِينَ {النمل 35/38}...إلى قوله... قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُنَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {النمل/44},يعضض ذلك ويسنده جواز إمامة المرأة الصلاة في الفقه الإسلامي, والصلاةكما معروف تأتى على راس الوظائف السلطانية.
ثالثاً:- صلاة المرأة في عقر دارها. عن أم حميد أمرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت الى النبي (r) فقالت: يا رسول اللهإني أحب الصلاة معك، قال: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي, وصلاتك في بيتك خير منصلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير منصلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي.قال الراوي: فأمرتفبنى لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه، وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل.
وهناك رواية أخري أخرجها عبد الله بن حميد عن ثابت عن أنس :إن امرأة كانت تحتلرجل فمرض أبوها فأتت النبي (r) فقالت: يا رسول الله إن أبي مريض، وزوجي يأبى أنيأذن لي أن أمرضه! فقال لها النبي: أطيعي زوجك! فمات أبوها، فاستأذنت زوجها أن تصليعليه فأبى زوجها أن يأذن لها في الصلاة, فسألت النبي فقال لها: أطيعي زوجك, فأطاعتزوجها ولم تصل على أبيها.. فقال لها النبي (r) : قد غفر الله لأبيك بطواعيتك لزوجك. يخالف صريح القرآن الذي يأمر بوصل الرحم, ويندد بقطعه,يقول تعالى: طَاعَةٌ وَقَوْلٌمَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًالَّهُمْ *فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِوَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُفَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْعَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا {محمد 21/24},من الواضح إن هدف هذه الرواية ألا تخرجالمرأة إلا من رحم أمها الى بيت زوجها ,ثم لا تخرج أبداً إلا الى القبر ، وهو ماينكره الإسلام، وفي الحديث :إن الله أذن لكن أن تخرجن في حوائجكن.
أما عن صلاةالجماعة فهي سنة مؤكدة للرجال والنساء على السواء؟,فإذا ثبت أن المرأة راعية فيبيتها وهي مسئولة عن رعيتها! وان تكون والية في أي ولايات الأمة ,فلا يجب منعها منالصلاة في المساجد,فقد جاء في الحديث والرواية لمسلم :عن ابن عمر؛ أن رسول الله (r) قال: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله".وفيه عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسولالله (r) يقول: "لا تمنعوا نسائكم المساجد إذا استأذنكم إليها".قال فقال بلال بنعبد الله: والله! لنمنعهن. قال فأقبل عليه عبد الله فسبه سبا سيئا. ما سمعته سبهمثله قط. وقال: أخبرك عن رسول الله (r)، وتقول: والله! لنمنعهن!.وفي البخاري, عنابن عمر؛ قال: قال رسول الله (r) "ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد" فقال ابن له،يقال له واقد: إذن يتخذنه دغلا. قال فضرب في صدره وقال: أحدثك عن رسول الله (r)،وتقول: لا!. وهكذا أوضحت السنة النبوية مجالات الحرية الإنسانية، ومنحت المرأة ثقة،وخولتها الخروج من منزلها ليلاً في سبيل الطاعات والعبادات، وذلك واضح في قولالنبي محمد (r) في صحيح البخاري، عَنْ عبد الله ابْن عمر: "كَانَتْ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ تَشْهَدُ صَلاةَ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ فِيالْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَقِيل لهَا: لِمَ تَخْرُجِينَ وَقَدْ تَعْلمِينَأَنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَغَارُ؟ قَالتْ: وَمَا يَمْنَعُهُ أَنْيَنْهَانِيَ؟ قال: يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ (r):" لا تَمْنَعُواإِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ الله".واني لأتساءل انه لصالح من يشيع فقه رواية تأبى علىالنساء حضور الجماعات كلها؟،إنها راوية واهية تطرح وراءها السنن العملية المتواترةعن النبي (r).فينظر الى المرأة المصلية وكأنها أذى يجب حصره في أضيق نطاق وأبعده.
ثالثاً:- نكاح المرأة نفسها,تقول رواية: أيما امرأة نكحت بغير أمر مولاهافنكاحها باطل باطل,في حين إن صريح القرآن أسند عقد الزواج إلى المرأة وقال: فَإِنطَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنطَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَاحُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {البقرة /230}.
ويقول: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًايَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَأَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّبِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {البقرة /234}, فعقدها المباشرصحيح.كما جاء في الحديث البخاري, عن أبي هريرة، عن النبي (r) قال: (لا تنكح البكرحتى تستأذن، ولا الثَّيِّب حتى تستأمر). فقيل: يا رسول الله، كيف إذنها؟ قال: (إذاسكتت).
إن سنة المسلمين الاجتماعية,تظهر أن المرأة التي حظيت بقدر لا بأس به منالروايات الموضوعة ,التي تحط من قدرها ,ليس أخرها رواية ,"شاوروهن وخالفوهن" إذ هيرواية باطلة مكذوبة لأنها تخالف قوله تعالى: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍمِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَنتَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآآتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَاتَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة /233}.
رابعاً:- شهادة المرأة. يستدل عادة على إنالإسلام قد انتقص من أهلية المرأة ، بجعل شهادتها على النصف من شهادة الرجل,ويكونالاستدلال برواية البخاري عن أبي سعيد الخدري قال:خرج رسول الله (r) في أضحى، أوفطر، إلى المصلى، فمر على النساء، فقال: (يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثرأهل النار). فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: (تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت منناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن). قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يارسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل). قلن: بلى، قال: (فذلك مننقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم). قلن: بلى، قال: (فذلك من نقصان دينها.
وبرواية مسلم عن عبد الله بن عمر، عن رسول الله (r) أنه قال: "يا معشر النساء! تصدقن وأكثرن الاستغفار. فإني رأيتكن أكثر أهل النار" فقالت امرأة منهن، جزلة: ومالنا يا رسول الله أكثر أهل النار. قال: "تكثرن اللعن. وتكفرن العشير. وما رأيت منناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن" قالت: يا رسول الله! وما نقصان العقل والدين؟قال "أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل. فهذا نقصان العقل. وتمكثالليالي ما تصلي. وتفطر في رمضان. فهذا نقصان الدين".
أما كونهن ناقصاتدين,نتاج الحيض والنفاس ,فان الله تعالى نفسه هو الذي رفع عنهن التكاليف ,فكيف يكنناقصات دين ,وهن لسن بمأمورات بالتكاليف الدينية,وهن في هذه الحال,يقول تعالى:لاَيُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَااكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَاوَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَارَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْلَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ {البقرة /286}.ولنفترض أن رجلاً ذكراً ابتلاه الله بداء السكر وداء الكلي, ونصحهالأطباء بعدم الصوم, ومر عليه شهر رمضان ولم يصم,فهل يصح أن يقال في حقه انه ناقصدين,لأنه لم يصم؟,أم نقل في حقه انه من أصحاب الأعذار ؟,وهكذا المرأة في حالاتالنفاس والحيض ,فإنها غير مكلفة ,بالصلاة والصيام,فكيف يقال في حقها إنها ناقصةدين؟.
اما القول بنقصان العقل فيتم الاستدلال له ,وفضلاً عن الرواية عن النبي (r) بالآية الكريمة, في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَاتَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْكَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُفَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُوَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُبِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَارَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَنتَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءإِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًاإِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىأَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَابَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَاتَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُفُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍعَلِيمٌ {البقرة /282}.والواقع أن ثمة خلط بين "الشهادة" وبين "الإشهاد" الذي تتحدثعنه هذه الآية الكريمة ، فالشهادة التي يعتمد عليها القضاء في اكتشاف العدل المؤسسعلى البينة ، واستخلاصه من ثنايا دعاوى الخصوم ، لا تتخذ من الذكورة أو الأنوثةمعيارًا لصدقها أو كذبها ، ومن ثم قبولها أو رفضها ؛ وإنما معيارها تحقق اطمئنانالقاضي لصدق الشهادة بصرف النظر عن جنس الشاهد ، ذكرًا كان أو أنثى ، وبصرف النظرعن عدد الشهود .
أما الآية فإنها تتحدث عن سياق آخر غير "الشهادة" أمام القضاء؛ حيث تتحدث عن "الإشهاد" الذي يقوم به صاحب الدين للاستيثاق من الحفاظ على دَيْنه، وليس عن "الشهادة" التي يعتمد عليها القاضي في حكمه بين المتنازعين . . فالآية فيسياق الحديث عن صاحب الحق الدَّيْن وليس إلى القاضي في النزاع, بل إن هذه الآية لاتتوجه إلى كل صاحب حق دَيْن ولا تشترط ما اشترطت من مستويات الإشهاد وعدد الشهود فيكل حالات الدَّيْن.وإنما توجهت بالنصح والإرشاد إلى دائن خاص ، وفي حالات خاصة منالديون ، لها ملابسات خاصة نصت عليها الآية,بكونه دين إلى أجل مسمى, ولابد منكتابته, ولابد من عدالة الكاتب ,وهكذا فدلالة الآية إنما تتحدث عن " الإشهاد" فيدَيْن خاص ، وليس عن الشهادة مطلقاً,لأنها نصيحة وإرشاد لصاحب الدَّيْن ذي ملابساتخاصة وليست تشريعاً موجهاً إلى القاضي الحاكم في المنازعات.
أما القضاء فيحكم "بالبينة" ويبني عليها ، والتي وضع قاعدتها الشرعية والفقهية حديث رسول الله (r) : البينة على المدعى ، واليمين على المدعى عليه . إن البينة في الشرع ، اسم لما يبيّنالحق ويظهره ، وهى تارة تكون أربعة شهود ، وتارة ثلاثة ، بالنص في بينة المفلس ،وتارة شاهدين ، وشاهد واحد ، وامرأة واحدة ، وتكون نُكولاً، ويمينًا ، وخمسينيمينًا أو أربعة أيمان ، وتكون شاهد الحال ، فقوله (r): « البينة على المدعى » ، أيعليه أن يظهر ما يبيَّن صحة دعواه ، فإذا ظهر صدقه بطريق من الطرق حُكِم له. فكماتقوم البينة بشهادة الرجل الواحد أو أكثر ، تقوم بشهادة المرأة الواحدة ، أو أكثر ،وفق معيار البينة التي يطمئن إليها ضمير القاضي.
وليس في القرآن ما يقتضى أنهلا يُحْكَم إلا بشاهدين ، أو شاهد وامرأتين ، فإن الله إنما أمر بذلك أصحاب الحقوقأن يحفظوا حقوقهم بهذا النِّصاب ، ولم يأمر بذلك الحكام والقضاة أن يحكموا به،فضلاًعن أن يكون قد أمرهم ألا يقضوا إلا بذلك . ولهذا يحكم الحاكم بالنكول ، واليمينالمردودة ، والمرأة الواحدة ، والنساء المنفردات لا رجل معهن وبعد هذا الضبطوالتمييز والتحديد.
هذا فضلاً عن أن أية البقرة التي تتحدث عن الإشهاد ,بكونشهادة المرأتين تعدلان شهادة الرجل الواحد ،جاءت معللةً, لكون المرأة ليست ممايتحمل عادة مساجلات أنواع هذه المعاملات ، لكن إذا تطورت خبراتها وممارساتهاوعاداتها ، كانت شهادتها حتى في الإشهاد على حفظ الحقوق والديون مساوية لشهادةالرجل,إذا انعدمت علة الضلال الناجم عن عدم الخبرة والدراية,أما إذا حدث عكسه فخبرتالمرأة الواحدة ودربت في الأمور التجارية والمحاسبية,فتقبل شهادتها لانتفاء العلةالتي هي الضلال.وعلى هذا فان كون النساء في تاريخ ما في الماضي الذي نزل عليه النصأو في الحاضر,يكن بعيدات عن خبرة التجارة ، وبعيدات عن تحصيل التحمل والخبرات فيهذه الميادين ،فان ذلك واقع اجتماعي قابل للإصلاح والتغيير ،وليس جبلة في جنسالنساء على مر العصور ،كشدة العاطفة وضعف الذاكرة مثلاً.بل هي علة متصلة بالثقافةوالتنشئة,التي لا تثقف المرأة في الاشتغال بالمعاملات المالية ونحوها من المعاوضات،ولذلك تكون خبرتها قليلة ، أما إذا نالت المرأة الخبرة والدربة في الأمور التجاريةفتكون شهادتها واحدة تقبل كما تقبل شهادة الرجل.وهكذا الحال في سائر الأمور الأخرىغير الديون ,فشهادة المرأة تساوى شهادة الرجل في "اللعان" , وقد فقد سوَّى الوحيالقرآني بين شهادة الرجل والمرأة في اللعان، فطالب أن يشهد كل منهما خمس شهاداتتثبت صدقه وكذب خصمه، ولم يجعل على المرأة ضعف ما على الرجل من شهادات، ولا جعلشهادتها نصف شهادة الرجل. فتخصيص المال بتنصيف الشهادة في القرآن الكريم إذن مما قديكون معللا. كما تقبل شهادة المرأة وحدها في ثبوت هلال رمضان شأنها شأن الرجل, كماتقبل شهادة المرأة لوحدها في الأمور الخاصة بالنساء ، مثل الرضاعة والولادة والحيضوالعدة وما أشبهها شهادة امرأة عدل . فقد روي البخاري عن عقبة ابن الحارث قال: وقدسمعته من عقبة لكني لحديث عبيد أحفظ، قال: تزوجت امرأة فجاءتنا امرأة سوداء، فقال: أرضعتكما، فأتيت النبي (r) فقلت: تزوجت فلانة بنت فلان، فجاءتنا امرأة سوداء فقالتلي: إني قد أرضعتكما، وهي كاذبة فأعرض عني، فأتيته من قبل وجهه، قلت: إنها كاذبة،قال: (كيف بها وقد زعمت أنها قد أرضعتكما، دعها عنك).
وعلى هذا فالقول بتنصيفشهادة المرأة حكم مُعلَّل بالظروف الاجتماعية والثقافية الخاصة بالمرأة,لا حكماًمطلق وعام, فيوم أن تكون المرأة عديمة الخبرة في عالم التجارة والمال. فاستشهادامرأتين مكان رجل واحد إنما هو لإذكار إحداهما للأخرى إذا ضلت، وهذا إنما يكون فيمافيه الضلال في الواقعة، وهو النسيان وعدم الضبط.. فما كان من الشهادات لا يُخافُفيه الضلال في الواقعة فلا تكون فيه شهدتها على نصف الرجل,إذا كان الحال خاص بشهادةامرأة خبيرة بالمحاسبة وإدارة الأعمال مثلاً,فهي واقعة تجعل شهادة المرأة تساويشهادة الرجل أو تفوقها. وليس في قولنا بزوال الحكم بزوال علته نقض لدلالة النصالشرعي ولا خروج عليه، لأن الذي تغير هو موضوع الحكم وواقع الحال، وليس الحكمالشرعي ذاته.
هذا من ناحية, ومن ناحية أخري, فإن النصوص القرآنية في آيات الدينقد اتجهت إلى تعزيز الشهادة في القضايا المالية بصورة مطلقة بشهادة رجل آخر، إلىجانب الرجل الأول، حتى لا تكون الشهادة عرضة للاتهام.ثم لا يعتبر تنصيف شهادة الرجلوتعزيزها بشهادة رجل آخر ماسًّا بكرامته ما دام ذلك التعزيز أضمن لحقوق الناس . وزيادة على ذلك فإن شهادة الرجل لم تقبل قط "وحده" حتى في أقل القضايا قيمةمالية,غير أن المرأة قد امتازت على الرجل في سماع شهادتها " وحدها " ، دون الرجل ،فيما هو أخطر من الشهادة على الأمور المالية ، كما تقدم قبول شهادة المرأة الواحدةفي الشهادة على الولادة وما يلحقها من نسب وإرث، ومن هنا نردٌّ الرواية التي تنسبالى النبي (r) الذي تجعل النساء ناقصات عقل لان شهادتهن على النصف من شهادة الرجل.
في أنواع الزواج. روي البخاري.أن علياً رضي الله عنه قال لابن عباس: إن النبي (r) نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية، زمن خيبر.وروي البخاري أيضاً: عن جابربن عبد الله وسلمة بن الأكوع قالا: كنا في جيش، فأتانا رسول رسول الله (r) فقال: إنه قد أذن لكم أن تستمتعوا، فاستمتعوا.وفي رواية له عن ابن أبي ذئب:حدثني إياس بنسلمة بن الأكوع، عن أبيه، عن رسول الله (r): (أيما رجل وامرأة توافقا، فعشرة مابينهما ثلاث ليال، فإن أحبا أن يتزايدا، أويتتاركا تتاركا). فما أدري أشيء كان لناخاصة، أم للناس عامة.
أما مسلم فيروي روايات مشابهة ,فعن عبد الله يقول: كنانغزو مع رسول الله (r). ليس لنا نساء. فقلنا: ألا نستخصى ؟ فنهانا عن ذلك. ثم رخصلنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل. ثم قرأ عبد الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {المائدة /87},وروي مسلم , عن جابر بن عبدالله وسلمة بن الأكوع، قالا: خرج علينا منادي رسول الله (r)، فقال: إن رسول الله (r) قد أذن لكم أن تستمعوا. يعني متعة النساء.
وروي مسلم عن جابر بن عبد اللهيقول: كنا نستمتع، بالقبضة من التمر والدقيق، الأيام، على عهد رسول الله (r)، وأبيبكر، حتى نهى عنه عمر، في شأن عمرو بن حريث.وروي أيضاً ,عن سبرة ؛ أنه قال: أذن لنارسول الله (r) بالمتعة. فانطلقت أنا ورجل إلى امرأة من بني عامر. كأنها بكرة عيطاء. فعرضنا عليها أنفسنا. فقالت: ما تعطي ؟ فقلت: ردائي. وقال صاحبي: ردائي. وكان رداءصاحبي أجود من ردائي. وكنت أشب منه. فإذا نظرت إلى رداء صاحبي أعجبها. ثم قالت: أنتورداؤك يكفيني. فمكثت معها ثلاثا. ثم إن رسول الله (r) قال: "من كان عنده شيء منهذه النساء التي يتمتع، فليخل سبيلها".
وروي مسلم , الربيع بن سبرة الجهني ؛ أنأباه حدثه ؛ أنه كان مع رسول الله (r) فقال: "يا أيها الناس ! إني قد كنت أذنت لكمفي الاستمتاع من النساء. وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة. فمن كان عنده منهنشيء فليخل سبيله. ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا".ويروي مسلم ,أن عبد الله ابنالزبير قام بمكة فقال: إن ناسا، أعمى الله قلوبهم، كما أعمى أبصارهم، يفتونبالمتعة. يعرض برجل. فناداه فقال: إنك لجلف جاف. فلعمري ! لقد كانت المتعة تفعل علىعهد إمام المتقين (يريد رسول الله (r)) فقال له ابن الزبير: فجرب بنفسك. فوالله ! لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك.قال ابن شهاب: فأخبرني خالد بن المهاجر بن سيف الله ؛أنه بينا هو جالس عند رجل جاءه رجل فاستفتاه في المتعة. فأمره بها. فقال له ابن أبيعمرة الأنصاري: مهلا ! قال: ما هي ؟ والله ! لقد فعلت في عهد إمام المتقين. قال ابنأبي عمرة: إنها كانت رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها. كالميتة والدم ولحمالخنزير. ثم أحكم الله الدين ونهى عنها.وروي مسلم,عن علي ؛ أنه سمع ابن عباس يلّينفي متعة النساء.فقال: مهلا. يا ابن عباس ! فإن رسول الله (r) نهى عنها يوم خيبر،وعن لحوم الحمر الإنسية.
وهكذا تضاربت الروايات في مشروعية زواج المتعة ,وانكانت الروايات المتأخرة تفيد النهي ,مع إن بعض الصحابة كان يفعلها حتى نهي عنها عمر (رض) في خلافته بعد ذلك ,والحق انه لا عبرة للقول بان هذه الروايات انفردت بتشريعخارج سياق القرآن,لان آيات سورة النساء تنسخها ,وهي التي اشترطت الإحصان شرطاللزواج الصحيح ,فبعد أن حدد المحرمات وأباحت ما وراء ذلك من محللات ,اشترطت الإحصانشرطا لصحة الزواج,يقول تعالى:وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْأَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَنتَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمبِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْفِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًاحَكِيمًا {النساء /24}.
بعبارة أخرى ,انه قد يأتي الاستدلال بجواز زواجالمتعة،وبأنه أساس لانفراد السنة بالتشريع, بيد إن نص القرآن,لا يحلل زواج المتعةكما فهم من الروايات الحديثية, إذ الملاحظ أن النظم العام والسياق العام للآيات, هوفي الحديث عن المحرمات –كما تقدم- ثم ذكر السياق: مُّحْصِنِينَ غَيْرَمُسَافِحِينَ....الآية , وفيه دليل النهي عن الوطء لمجرد قضاء الشهوة، ثم نحىالسياق العام منحى حل النكاح لغير الشهوة فحسب ,من الرغبة في التأهيل والولد وحمايةالعرض والعفاف والاستخلاف,وبالتالي عدم توقيت الزواج بزمان ما ,كما يظهر فيالروايات عن النبي (r),فالزواج لا يكون شرعياً إذا قيد بميقات زماني ما,ولو طالاجله فكان سبعين عاماً ,أو نحو ذلك ,وعلى هذا فدلالة قوله: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمبِهِ مِنْهُنَّ ....الآية دلالة على إن الاستمتاع هنا هو الوطء والدخول,بغير شرطالوقت, لا المتعة المؤقتة بزمان ما كما فهمت الشيعة, وبذلك يستقيم أول السياق فيالحديث عن المحرمات ,مع آخر السياق بالحديث عن المحللات.
هذا من ناحية,ومنناحية أخري, فان القول بزواج المتعة يتعارض مع جملة من المفاهيم القرآنية ,فيالتشريعات الاجتماعية ,كتشريع الطلاق ، لان زواج المتعة زواج مؤقت ينتهي بأجله ,فيتجاوز بذلك جملة من آيات القران حول الطلاق,يقول تعالى: لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَمِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَغَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّلَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّبِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَإِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِوَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ * الطَّلاَقُمَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّلَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّيُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَجُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَتَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُفَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَنيُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍيَعْلَمُونَ *وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّفَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَتَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْوَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِوَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * وَإِذَاطَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَأَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِمَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْوَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة 226/232}.
كماإن القول بالمتعة يلغي تشريعات اللعان ,لأنه زواج بأجل,والملاعنة لزواج الإحصان,كماانه لا يثبت به ميراث بين الزوجين فيعارض بذلك قوله تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ مَاتَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌفَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْدَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌفَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِوَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ...{النساء/12}, . وهكذا يهدم زواج المتعةآيات الطلاق والعدة والميراث .
وإذا كان الزواج المؤقت بزمان سفاح, مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ....الآية,فان الزواج بنية الطلاق-كما صدرت الفتوىمؤخراً في بعض ديار الإسلام-,هو الأخر زواج باطل,لكونه زواج مؤقت بزمان, بيد إن بعضالفقهاء يقولون : بأن عقد النكاح يكون صحيحا إذا نوى في الزواج التوقيت ولم يشترطفي صيغة العقد ,والحق إن الأصل في الزواج الدوام ,وبنية الدوام يدخل الشريكان فيعقد الزواج ,أما إذا ساءت العلاقة بينهما الى حد بليغ ,فقد شُرع الطلاق أصلاًشرعياً لإنهاء العلاقة الزوجية. والحق إن هذا الزواج باطل لما من مخالفة مفهوم "الإحصان" والمفسدة الناتجة عن العبث بهذه الرابطة الدينية التي هي أعظم الروابطالبشرية، وإيثار التنقل في مراتع الشهوات، وما يترتب على ذلك من المنكرات هكذا سنةزواج المتعة والزواج بنية الطلاق في واقع الاجتماع الإسلامي. ما فيه ذلك من غشوخداع تترتب عليه مفاسد أخرى من العداوة والبغضاء وذهاب الثقة حتى بالصادقين الذينيريدون زواج الإحصان حقيقته. إن زواج المتعة يقصد به قضاء الشهوة، ولا يقصد بهالتناسل، ولا المحافظة على الأولاد، وهي المقاصد الأصلية للزواج ،فهو يشبه الزنا منحيث قصد الاستمتاع دون غيره . ثم هو يضر بالمرأة ، إذ تصبح كالسلعة التي تنتقل منيد إلى يد ، كما يضر بالأولاد ، حيث لا يجدون البيت الذي يستقرون فيه ، ويتعهدهمبالتربية والتأديب .
وإذا كانت هذه الأنواع من الزيجة محرمة لمخالفتها لصريحالقرآن,فان زواج التحليل أيضاً محرم ,وهو أن يتزوج الرجل المطلقة ثلاثا بعد انقضاءعدتها ، أو يدخل بها ثم يطلقها ليحلها للزوج الأول . وهذا النوع من الزواج كبيرة منكبائر الإثم والفواحش، حرمه الله ، روى البخاري ومسلم عن عائشة : جاءت امرأة رفاعةالقرظي إلى رسول الله (r) فقالت : إني كنت عند رفاعة ، فطلقني : فبت طلاقي فتزوجنيعبد الرحمن بن زبير ، وما معه إلا مثل هدبة الثوب ، فتبسم النبي (r) ، وقال : ( أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا،حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك ).وروي البخاري, عنعائشة: أن رجلا طلق امرأته ثلاثا، فتزوجت فطلق، فسئل النبي (r): أتحل للأول؟ قال: (لا، حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول).
روي الإمام احمد في مسنده ,عن أبي هريرة : أن رسول الله (r) قال : ( لعن الله المحلل والمحلل له ) . رواه أحمد بسند حسن . روي الترمذي ,عن عبد الله بن مسعود قال : ( لعن رسول الله (r) المحلل والمحلل له ) . وروي ابن ماجة ، والحاكم عن عقبة بن عامر : أن رسول الله (r) قال : ( ألا أخبركمبالتيس المستعار ) ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال : هو المحلل . وروي أبو إسحاقالجوزجاني,عن ابن عباس أن رسول الله (r) سئل عن المحلل ، فقال : ( لا . إلا نكاحرغبة ، لا دلسة ، ولا استهزاء بكتاب الله عزوجل ، حتى تذوق عسيلته ) .
وسأل رجلابن عمر فقال : ما تقول في امرأة تزوجتها لأحلها لزوجها ، ولم يأمرني ولم يعلم ؟فقال له ابن عمر : لا ، إلا نكاح رغبة ، إن أعجبتك أمسكتها ، وان كرهتها فارقتها ،وإن كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول الله (r) ,وهكذا لا يحل بهذا الزواج رجوعالمرأة للزوج الأول.وهكذا فان زواج المحلل يخلف قوله تعالى: يقول تعالى : فَإِنطَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنطَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَاحُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {البقرة/230}.لأن القرآن يقيم عقد الزواج على مبدأ الإحصان,يقول: مُّحْصِنِينَغَيْرَ مُسَافِحِينَ....الآية, فيكون كل من الزوجين حصنا للأخر، ومخلصاً له،يتعاونان على تأسيس بيت صالح من بيوت الأمة.
واذا كانت هذه الانواعالزجات,وفقاً لقاعدة الاتساق ,فان هناك نوع من التحريم ,يتنافي مع سياق القران ,هوتحريم, الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها, لوجود جملة من الاحاديث تحرم هذا النوعمن الزواج ,فيما يرويه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله (r) قال: (لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها.وما رواه البخاري أيضاً عن أباهريرة يقول: نهى النبي (r) أن تنكح المرأة على عمتها، والمرأة وخالتها,فنرى خالةأبيها بتلك المنزلة، لأن عروة حدثني عن عائشة قالت: حرموا من الرضاعة ما يحرم منالنسب.
وما رواه مسلم ,عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (r): "لا يجمع بينالمرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها".وما رواه مسلم ,عن أبي هريرة ؛ أن رسولالله (r) نهى عن أربع نسوة، أن يجمع بينهن: المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها.والحقان هذه الروايات تخالف صريح القران الذي احل الزواج في ما وراء ما ذكره منن قائمةالمحرمات...وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ...,في اية سورة النساء,يقولتعالى: وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْسَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً * حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْأُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْوَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْوَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُاللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِنلَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُأَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِإَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا *وَالْمُحْصَنَاتُمِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْوَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَغَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّفَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِالْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء 22/24},ففي هذه الاياتتفصيل شديد الدقة لقائمة محرمة النساء ,سواء اكان تحريما دائماً ام موقتاً,فصدرالايات حديث عن المحرمات,واخرها بيان للمحللات,والتي هي كل ما وراء المحرماتالمذكورات...وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ ...الاية,ويدخل في ذلك عمةالمراة وخالتها.وعلمي ان المجتمعات الاسلامية اليوم لا تقبل مثل هذا الراي ,لاسيماالشرقية منها,لاعراف وتقاليد استقرت في وجدانها الديني,تجاه هذا النوع من الزواج ,بل انه في بلادي السودان يكره العرف الاجتماعي الجمع بين بنات الخالاتوالعمات,ولكن العرف امر والشرع امر آخر,ولا حجة بالعرف,في وجود النص,كما ان ظنييذهب الى ان هذه الاحاديث,قد قيلت قبل نزول ايات المحرمات,ولما جاء النصنسخها,فتكون العبرة به لا بغيره,يدل على ذلك,ان احدي هذه الروايات التي حرمت مثلهذا النوع من الزواج ,عللت التحريم,بانه تقطيع للارحام,استدلالاً باية سورة "محمد",يقول تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِيالْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد /22},فكان تحريم النبي (r) لهذا النوعمن الزواج اجتهاداً منه ,بتاويل الاية ,بيد ان ايات سورة النساء نزلت لاحقة ,لايةسورة محمد ,التي تم تاويلها على التحريم,فتكون بذلك دلالة ايات سورة النساء ناسخةللاحاديث.
روايات في الترغيب والترهيب:- انتهينا الى إن غاية ما يؤخذ من سورةغافر ,في قوله تعالى: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَتَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ * وَإِذْيَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّاكُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَبَيْنَ الْعِبَادِ * وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوارَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَلَمْ تَكُتَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَادُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ{غافر 44/ 50},يقول تعالى: فَإِن لَّمْتَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُوَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ {البقرة /24},ويقول: وَاتَّقُواْ النَّارَالَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْتُرْحَمُونَ {آل عمران131/132}, ففي هذه الآيات دليل على أن النار موجودة مخلوقة،والمعني إن نار جهنم مخلوقة بالفعل الآن ,كما الجنة مخلوقة ومعدة للمؤمنين ,يقولتعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَاالسَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ {آل عمران/133}.ويقول: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِالسَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَفَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ {الحديد /21}.
بيد أن هناك روايات عديدة ,يرويها رجال الحديث ,تفيد بدخول الناس الناروالجنة ,قبل يوم القيامة ,يروي البخاري ,عن عمران، عن النبي (r): (اطلعت على الجنةفكان أكثر أهلها الفقراء، أطلعت على النار فرأيت أكثر أهلها النساء).
ورويالبخاري, عن ابن عباس قال: قال النبي (r) : (أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء،يكفرن). قيل: أيكفرن بالله؟ قال: (يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلىإحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خير قط).
روي مسلم عن ابنعباس يقول: قال محمد (r) "اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء. واطلعت فيالنار فرأيت أكثر أهلها النساء".
روي مسلم, عن أسامة بن زيد، قال: قال رسولالله (r) "قمت على باب الجنة. فإذا عامة من دخلها المساكين. وإذا أصحاب الجدمحبوسون. إلا أصحاب النار, فقد أمر بهم إلى النار,وقمت على باب النار. فإذا عامة مندخلها النساء".
وروي مسلم , عن عبد الله بن عمر، عن رسول الله (r) أنه قال:"يامعشر النساء! تصدقن وأكثرن الاستغفار. فإني رأيتكن أكثر أهل النار" فقالت امرأةمنهن، جزلة: وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار. قال: "تكثرن اللعن. وتكفرنالعشير. وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن" قالت: يا رسول الله! ومانقصان العقل والدين؟ قال "أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل. فهذانقصان العقل. وتمكث الليالي ما تصلي. وتفطر في رمضان. فهذا نقصان الدين".
ورويالترمذي , عن أبي هريرة، "أن رسول اللّه (r) خطب الناس فوعظهم ثم قال: يا معشرالنساء تصدقن فإنكن أكثر أهل النار، فقالت امرأة منهن ولم ذاك يا رسول اللّه؟ قاللكثرة لعنكن، يعني وكفركن العشير قال: ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذويالألباب وذوي الرأي منكن قالت امرأة منهن وما نقصان عقلها ودينها؟ قال شهادةامرأتين منكن بشهادة رجل، ونقصان دينكن الحيضة فتمكث إحداكن الثلاث والأربع لاتصلي".
وروي احمد في المسند, عن ابن عمر: أن رسول الله (r) قال يا معشر النساءتصدقن وأكثرن فإني رأيتكن أكثر أهل النار لكثرة اللعن وكفر العشير ما رأيت منناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن قالت يا رسول الله وما نقصان العقل والدين قالأما نقصان العقل والدين فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل وتمكثالليالي لا تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين.
وروي الحاكم في المستدرك,عنأبي أمامة الباهلي رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله (r) ,يقول بينا أنا نائمإذ أتاني رجلان فأخذا بضبعي فأتياني جبلا وعرا فقالا لي اصعد فقلت أني لا أطيقفقالا إنا سنسهله لك فصعدت حتى كنت في سواء الجبل إذا أنا بأصوات شديدة قلت ما هذهالأصوات قالوا هذا هو عواء أهل النار ثم انطلق بي فإذا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققةأشداقهم تسيل أشداقهم دما فقلت ما هؤلاء قال هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم ثمانطلقا بي فإذا بقوم أشد شيء انتفاخا وأنتنه ريحا وأسوأه منظرا فقلت من هؤلاء قالهؤلاء الزانون والزواني ثم انطلق بي فإذا أنا بنساء تنهش ثديهن الحيات فقلت ما بالهؤلاء فقال هؤلاء اللواتي يمنعن أولادهن ألبانهن ثم انطلق بي فإذا بغلمان يلعبونبين نهرين فقلت من هؤلاء قال هؤلاء ذراري المؤمنين ثم شرف لي شرف فإذا أنا بثلاثةنفر يشربون من خمر لهم قلت من هؤلاء قال هؤلاء جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبدالله بن رواحة ثم شرف لي شرف آخر فإذا أنا بثلاثة نفر قلت من هؤلاء قال إبراهيموموسى وعيسى عليهم السلام ينتظرونك هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وقد احتجالبخاري بجميع رواته غير سليم بن عامر وقد احتج به مسلم.
والحق إن هذه المروياتتعارض, دلالة الخطاب القرآني في سورة "الزمر" ,والذي يفيد بأن أبواب الجنة والنارلا تفتح إلا يوم القيامة ,بعد الحساب والعرض والميزان ,فالناس لا يدخلون الجنة أوالنار إلا يوم القيامة, بعد انتهاء الحساب ووضع الميزان,فالجنة والنار يدخلها منيدخلها من الناس يوم القيامة وبعد الحساب,عندما تفتح أبوابها لتستقبل نزلائها ,يقولتعالى في مشهد تقشعر له الأبدان: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِوَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌبِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِفَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّنُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ * وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُبِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءوَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ * وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍمَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ * وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُواإِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِرَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْحَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ *قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَجَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ * وَسِيقَالَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَاوَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْفَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَاوَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءفَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِالْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {الزمر67/75}.
ويقول: تِلْكَ حُدُودُاللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَاالأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِاللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَاوَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ {النساء 13/14} ,ويقول: وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاءوَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْسِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْعُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْوَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّنكُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ {الرعد 22/24},ويقول: وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْقَالُواْ خَيْرًا لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌوَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ * جَنَّاتُ عَدْنٍيَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤُونَكَذَلِكَ يَجْزِي اللّهُ الْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُطَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْتَعْمَلُونَ {النحل 30/32}.
ويقول: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْلَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَدَاخِرِينَ {غافر / 60},ويقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَىاللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْوَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِياللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَأَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَاوَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَىكُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {التحريم/8}.
والمعني إنأبواب الجنة والنار لا تفتح إلا يوم القيامة ,بعد أن توفي كل نفس بما عملت ,وفي هذاالسياق ترد الكثير من الاحاديث منها الحديث الذي أورده بن ماجة , عَنْ صُهَيْبٍ؛قَالَ: تَلاَ رَسُولُ اللَّه (r) هَذِهِ ِالآيَةَ: لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْالْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {يونس/26}, وَقَالَ ((إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، نَادَىمُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ! أَن لَكُمْ عِنْدَ اللَّه مَوْعِداً يُرِيدُ أَنيُنْجِزَ كُمُوهُ)). فَيَقُولُونَ: وَما هو؟ أَلَمْ يُثَقِّلِ اللَّه مَوَازِينَنَاوَيُبَيِّضْ وُجُوهَنَا وَيُدْخلِنَا الْجَنَّةَ وَيُنْجِنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: ((فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ. فَوَاللَّهِ، مَا أَعْطَاهُمُاللَّه شَيْئاً أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ، يَعْنِي إِلَيْهِ، وَلاَأَقَرَّ لأَعْيُنِهِمْ)).
وروي مسلم ,عن صهيب، عن النبي (r) قال: "إذا دخل أهلالجنة الجنة، قال يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيضوجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار. قال فيكشف الحجاب. فما أعطوا شيئا أحبإليهم من النظر إلى ربهم عز وجل".و"إذا" هنا في الاحاديث تفيد الزمان المستقبل,الذيلما يحن بعد, روى مسلم, عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله (r) "احتجت النار والجنة. فقالت هذه: يدخلني الجبارون والمتكبرون. وقالت هذه: يدخلني الضعفاء والمساكين. فقالالله، عز وجل، لهذه: أنت عذابي أعذب بك من أشاء (وربما قال: أصيب بك من أشاء). وقاللهذه: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء. ولكل واحدة منكما ملؤها".
فمن أين لهؤلاءالرواة الزعم ,بان النبي (r) قد اطلع أو رأي أهل الجنة من الفقراء وأهل النار منالنساء ,والجنة والنار لما تفتح أبوابها بعد,ولو أن هذه الروايات قالت :أن النبيأخبر عن ربه بان أكثر أهل النار كذا أو أن أكثر أهل الجنة كذا لقبلناها,لكن هذهالروايات حتي لو جاءت بتلك الصيغة أو نحوها ,فإنها مما يكون ردها من وجوه أخر ,اعنيتلك الروايات التي تذهب الى أن المرأة ناقصة عقل ودين ,وهو ما نتناوله تحت عنوانشهادة المرأة في الفصل القادم.
ننظر للمرأة إنسان دون حاجة للمقارنات مع الغرب ,فالقرءان الكريم هو المعيار,والخلل في فهم المسلمين لبعض ىياته,وتوظيفها حسب المجتمع الذكوري.