تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > منتدى القرآن الكريم

> الأسلوبية الصوتية في الفواصل القرآنية

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية علي قوادري
علي قوادري
مشرف شرفي
  • تاريخ التسجيل : 30-07-2008
  • المشاركات : 4,559
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • علي قوادري is on a distinguished road
الصورة الرمزية علي قوادري
علي قوادري
مشرف شرفي
الأسلوبية الصوتية في الفواصل القرآنية
10-02-2012, 09:52 PM
الأسلوبية الصوتية في الفواصل القرآنية /منقول
د. عمر عتيق
بسم الله الرحمن الرحيم
الأسلوبية الصوتية في الفواصل القرآنية
بحث مقدم إلى المؤتمر الدولي الأول في اللغويات
( الدرس الصوتي وتطبيقاته على اللغة العربية )
كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة آل البيت \ الأردن
6- 8 ذو القعدة 1429 هـ \ 4 – 6 تشرين الثاني ( نوفمبر ) 2008م
إعداد : د. عمر عبد الهادي عتيق
جامعة القدس المفتوحة
فلسطين \ جنين






حظيت الفاصلة القرآنية باهتمام القدماء والمحدثين ، ولكنه اهتمام يكاد يقتصر على ربط الفاصلة ( الكلمة الأخيرة ) بالسياق الدلالي للآية ربطا معجميا دلاليا ، وقد أفضى هذا الربط إلى مقولة التناسب بين الفاصلة والآية من حيث المعنى والمقام . وقد خلت معظم الدراسات من ربط الدلالة الصوتية للفاصلة بالدلالة السياقية للآية ، كما تجنبت معظم تلك الدراسات – فيما أعلم - رصد شبكة العلاقات الصوتية بين الفواصل المتتابعة .
واستئناسا بما تقدم فإن البحث يسعى إلى توظيف علم الأصوات في دراسة الفواصل القرآنية من خلال محورين ؛ الأول : النسق الصوتي للفواصل بهدف رصد شبكة العلاقات الصوتية بين الفواصل المتماثلة والمختلفة من حيث التوافق والتقابل. والثاني : ربط الملامح الصوتية للفواصل بالسياق الدلالي للآية انطلاقا من التجاذب بين الصوت المفرد والدلالة .
المحور الأول : النسق الصوتي للفواصل
1 ) النسق الصوتي العنقودي
وهو نسق يجمع أصوتا مختلفة في نوعها ، ومتفقة في خصائصها الصوتية ، ففي غير موضع في القرآن الكريم تستقل الآية بفاصلة مختلفة عن الفواصل الأخرى ، وقد آثرنا تسمية هذا النسق بالعنقودي ؛ لأن الأصوات المختلفة تنتظم في نسق صوتي واحد ، ويمكن تصنيف النسق الصوتي العنقودي على النحو الآتي :
1) العنقود التفخيمي : وهو تتابع عدد من الأصوات المفخمة تفخيما كليا
لو تأملنا فواصل الآيات في قوله تعالى : ((وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَدْعُونَ مِن قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ{48} لَا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاء الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ{49} وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ{50} وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ{51} )) ( فصلت ) لتبين لنا أن الفواصل وهي الصاد والطاء والظاء والضاد تنتظم في مجموعة صوتية واحدة ، فهي أصوات مفخمة تفخيما كليا ، وإذا كان التفخيم الكلي هو النسق العام الذي يجمعها فإن نسقا آخر يعزز العلاقة بينها وهو المخرج أو آلية النطق ، فهي أصوات أسنانية لثوية ما عدا صوت الظاء الذي يقتصر نطقه على المخرج الأسناني .
ولو أعدنا النظر في تسلسل الأصوات الأربعة في الآيات السابقة لتجلى لنا إعجاز صوتي فيها ، فقد جاءت موزعة على أربعة ملامح صوتية وهي الاحتكاك والانفجار من جهة ، والهمس والجهر من جهة أخرى ، ويشكل هذا التوزيع ثنائيات صوتية ( الاحتكاك والانفجار \ والهمس والجهر ) وفق تسلسلها في الآيات وذلك على النحو الآتي :
الصاد احتكاكي مهموس \\ الطاء انفجاري مهموس
الظاء احتكاكي مجهور \\ الضاد انفجاري مجهور
وينجم عن الثنائيات الصوتية وفق ترتيبها في الفواصل تموجات إيقاعية يمكن تجسيدها على النحو الآتي :

الضاد \ انفجاري مجهور

الظاء \ احتكاكي مجهور
الطاء \ انفجاري مهموس

الصاد \ احتكاكي مهموس

يجسد ما تقدم أربع نغمات صوتية تصاعدية ؛ فالمستوى الصوتي الإيقاعي الأول يتمثل بالفاصلة الأولى ( الصاد ) وهي نغمة احتكاكية مهموسة ، وهي أدنى مستوى من حيث الوضوح السمعي قياسا بالمستويات الأخرى ، و المستوى الصوتي الإيقاعي الثاني يتمثل بالفاصلة الثانية ( الطاء ) وهي نغمة انفجارية مهموسة ، والانفجار أكثر وضوحا في السمع من الاحتكاك ، والمستوى الثالث يتمثل بالفاصلة الثالثة ( الظاء ) وهي نغمة احتكاكية مجهورة ، والجهر أكثر وضوحا في السمع من الانفجار والاحتكاك ، والمستوى الرابع يتمثل بالفاصلة الرابعة ( الضاد ) وهي نغمة انفجارية مجهورة ، وهي أكثر وضوحا في السمع من النغمات الثلاث المتقدمة ، ولهذا جاءت في قمة الهرم الصوتي الإيقاعي . ولا يخفى أن النسق الإيقاعي لأصوات الفواصل يتصف بالتدرج من الأدنى إلى الأعلى ، ويمنح هذا التدرج المتلقي انتقالا من الإيقاع الهابط إلى الإيقاع الصاعد .

2) عنقود القلقلة : وهو تتابع عدد من أصوات القلقلة ، نحو قوله تعالى :
((وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً{4} وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً{5} وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً{6} وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً{7} ))( سورة الجن )
فقد تتابعت الطاء والباء والقاف والدال وهي أربعة أصوات من أصوات القلقلة الخمسة ( قطب جد ) ، والتأمل في تسلسل الفواصل الأربعة يجد نسقا صوتيا يحقق تناوبا بين نغمة الهمس ونغمة الجهر ، فالطاء صوت مهموس ، والباء صوت مجهور ، والقاف صوت مهموس ، والدال صوت مجهور ، ويحقق هذا النسق التتابعي للهمس والجهر مستوى إيقاعيا للسياق الصوتي . ولا يخفى أن صفتي الجهر والهمس للقاف والطاء قد اختلف القدماء والمحدثون فيهما ، وقد اعتمدنا في تصنيفهما على ما نص عليه الدرس الصوتي الحديث . (1) وقد سماها ابن جني حروفا مشربة ، تحفز في الوقف وتضغط عن مواضعها لأننا لا نستطيع الوقوف عليها إلا بصوت بسبب شدة الحفز والضغط (2) ، كما يجمع أصوات الفواصل الأربعة آلية الانفجار التي تستدعي التقاء عضوي نطق التقاء تاما وحبس الهواء خلف منطقة الالتقاء ، وابتعاد العضوين عن بعضهما بسرعة ، فيخرج صوت مدوي يسمى انفجاريا . واستئناسا بما تقدم يتحول اختلاف الفواصل الأربعة ( الطاء والباء والقاف والدال ) إلى توافق في الملامح الصوتية وآلية النطق ، وقد لا يقل هذا التوافق بين الفواصل المختلفة عن التوافق بين الفواصل المتماثلة من حيث الأثر السمعي أو المستوى الإيقاعي .
3) عنقود الغنة وهو تتابع صوتي الغنة في الفواصل ، نحو قوله تعالى :
(( قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ{49} لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ{50} ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ{51} لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ{52} فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ{53} فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ{54} )) ( الواقعة ) فقد تتابع صوتا الغنة وفق نسق منظم يمنح السياق الصوتي خاصية إيقاعية ذات طاقة تأثيرية على المتلقي ؛ لأن تتابع الأصوات وفق النسق المتقدم ترتاح إليه الأذن ، وإلى جانب ملمح الغنة الذي ينجم عن خروج الهواء من الأنف على اعتبار أن الميم والنون هما الصوتان الأنفيان الوحيدان فإن ملمحا آخر يجمع بين الصوتين وهو ملمح الجهر ، إذ يتذبذب الوتران الصوتيان في نطقهما ، كما أن مخرج النون لثوي ، ومخرج الميم شفوي ثنائي ، وهما مخرجان متقاربان مما يضفي على الصوتين تقاربا آخر . وبناء على ما تقدم فإن العنقود الصوتي الذي جمع بين الميم والنون قد اشتمل على علائق صوتية تتمثل بالغنة والجهر والتقارب في المخرج ، وهذه العلائق تحول اختلاف الصوتين إلى تماثل في الملامح الصوتية وتقارب في المخرج .
ولعل من المفيد أن نشير إلى أواصر القربى بين صوتي الميم والنون في التراث الصوتي ، فقد أورد ابن جني أن النون تقلب ميما في بعض الكلمات نحو : عنبر وقنبر ، كما أن النون تدغم مع الميم وهما من مخرجين مختلفين ، ولا يجوز إدغام الميم مع الباء على الرغم من أنهما ( الميم والباء ) من مخرج واحد (3) وفي هذا تعزيز للتجاذب بين النون والميم .
4) عنقود أشباه الحركات: وهو تتابع أصوات النون والميم واللام والراء ، كما في قوله تعالى :
((وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ{34} اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{35} فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ{36} رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ{37} ( النور )
ويَجمع علماء الأصوات واللغويون أصوات النون والميم واللام والراء في حزمة صوتية واحدة ويطلقون عليها الأصوات المائعة الرنانة (4) أو أشباه الحركات ؛ لأنها قريبة من الحركات من حيث الوضوح الصوتي والجهر ، فأصوات الفواصل الأربعة مجهورة .
ويميل بعضهم إلى تسميتها أشباه أصوات اللين ؛ لأنها أصوات ذات وضوح سمعي عال ، وتكاد تشبه أصوات اللين في هذه الصفة ، ومن الممكن أن تعد حلقة وسطى بين الأصوات الساكنة وأصوات اللين ، ففيها من صفات الأولى أن مجرى النفس معها يعترضه بعض الحوائل ، وفيها أيضا من صفات أصوات اللين أنها لا يكاد يسمع لها أي نوع من الحفيف (5)، ويضيف ابن جني (( أن الغنة التي في النون كاللين الذي في حروف اللين )) (6)

5) العنقود المجهور وهو تتابع عدد من الأصوات المجهورة كما في قوله تعالى :
(( قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ{11} ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ{12} هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقاً وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ{13} فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ{14} )) ( غافر )
لا تقتصر شبكة العلاقات الصوتية لأصوات الفواصل ( اللام والراء والباء والنون ) على التماثل في صفة الجهر ، إذ إن بينها علائق صوتية تزيد من تلاحم شبكة العلاقات في النسق الصوتي ، فالعلاقة بين اللام والراء ( الفاصلة الأولى والثانية ) علاقة صوتية تبادلية نوه إليها أبو حيان بقوله : ((وأما الراء فمنحرفة من مخرج النون إلى اللام لمزية دموجها في ظهر اللسان عند الكلام، ولقرب مخارجها يبدل بعضها من بعض)). (6) ، ومن الأمثلة على العلاقة التبادلية بين اللام والراء: ربد ولبد أي أقام، وركد ولكد أي لزم وسكن، ورمز ولمز أي أشار، وجرف وجلف أي قذف وأبعد. (7) وينوه إبراهيم أنيس إلى خصوصية العلاقة بين الراء واللام بأن الراء لا تدغم في الأمثلة القرآنية إلا مع اللام بسبب قرب المخرج مع اتحاد في الصفة ؛ لأن كلا منهما صوت متوسط بين الشدة والرخاوة (8) وكذلك تحققت العلاقة التبادلية بين اللام والنون فيما نص عليه ابن جني : (( وأبدلوا اللام من النون في أصيلان فقالوا : أصيلال )) ( 9 ) وما كان لهذه العلاقات المتبادلة بين الأصوات المشار إليها أن تتحقق لولا التقارب المخرجي والتماثل في الملامح الصوتية .

6) العنقود المهموس : وهو تتابع عدد من الأصوات المهموسة كما في قوله تعالى :
((فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً{106} لَا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلَا أَمْتاً{107} يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً{108})) ( طه )
يجمع بين الأصوات الثلاثة المهموسة ( الفاء والتاء والسين ) نسق صوتي تتابعي يتمثل بالتناوب بين الاحتكاك والانفجار ؛ فالفاء صوت احتكاكي ، والتاء صوت انفجاري ، والسين صوت احتكاكي ، كما أن العلاقة بين التاء والسين علاقة تبادلية ، فقد روى ابن جني أن بعضهم قلب السين تاء للتوافق بينهما في الهمس وتجاور المخرج وأورد شواهد من الشعر . (10)



2 ) النسق الصوتي الانزياحي
من الظواهر الصوتية في نسق الفواصل القرآنية خروج فاصلة واحدة عن النسق العام للسورة ، أو لمنظومة الآيات ، وقد يكون خروجها عن النسق في بداية السورة أو في حنايا السياق أو في نهايتها ، وبناء على الاختلاف الموضعي للفاصلة المختلفة يمكن تصنيف النسق الانزياحي على النحو الآتي :
1- الانزياح الاستهلالي : وهو خروج الوحدة الصوتية ( الفاصلة ) عن المنظومة أو المنظومات الصوتية في السورة ، وعلى الرغم من اختلاف نوع الفاصلة إلا أن خصائصها الصوتية تتناغم مع المنظومة أو المنظومات الصوتية ، فلو تأملنا قوله تعالى :
((وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ{1} وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ{2} وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ{3} قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ{4} النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ{5} إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ{6} وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ{7} وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ{8} الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ{9} ( البروج )
لتبين لنا خروج الفاصلة الأولى( الجيم ) عن نسق منظومة صوت الدال ، ولا يعني خروج صوت الجيم عن منظومة الدال انقطاعا صوتيا ؛ لأن بين صوتي الجيم ( الانزياح ) والدال ( المنظومة ) علائق صوتية مستمدة من آلية النطق والملامح الصوتية ؛ فمن المعلوم في الدرس الصوتي الحديث أن صوت الجيم ينتج حينما تلتقي مقدمة اللسان مع الغار التقاء تاما ، ويحبس الهواء خلف منطقة الالتقاء كما هي الحال في آلية نطق الأصوات الانفجارية ، وحينما تبتعد مقدمة اللسان عن نقطة الالتقاء الغارية فإن الابتعاد يتم ببطء شديد مما يسمح للهواء المحتبس أن يحتك بعضوي النطق كما هي الحال في آلية نطق الأصوات الاحتكاكية ، وعليه فإن صوت الجيم صوت مركب من الانفجار والاحتكاك ، فأثناء آلية الانفجار ( ابتعاد مقدمة اللسان عن الغار) يسمع صوت شبيه بالدال ، وأثناء آلية الاحتكاك ( الابتعاد البطيء الذي يسمح باحتكاك الهواء بعضوي النطق ) يسمع صوت شبيه بالشين ، فالدال صوت مركب من الدال ( الانفجار ) والشين ( الاحتكاك ) ، (11) واستئناسا بما تقدم فإن صوت الجيم ( الفاصلة الأولى ) ينسجم مع صوت الدال ( المنظومة الصوتية ) من حيث المخرج والملامح الصوتية ؛ فالجيم والدال صوتان انفجاريان مجهوران ، وهما من أصوات القلقلة ، ولعل من المفيد أن نشير إلى أن صوت الجيم ينطق أحيانا في لهجات بلاد الشام شينا ( أحراج : أحراش ) ، وينطق أحيانا في صعيد مصر دالا ( جاموسة : داموسه ). (12) ويمكننا تجسيد التناغم الصوتي بين الصوت الانزياحي ومنظومة الأصوات على النحو الآتي :
الصوت الانزياحي منظومة الأصوات
الجيم الدال

مجهور مجهور


مركب
انفجاري
احتكاكي انفجاري


2- الانزياح الداخلي : وهو خروج صوت الفاصلة عن منظومات صوتية سابقة ولاحقة ، ويشكل الانزياح أو الخروج تموجات صوتية إيقاعية ، ويمكن رصدها وتصنيفها على النحو الآتي :
1- تموج الجهر والهمس ، كما في قوله تعالى :
((فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً{8} وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً{9} وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ{10} فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً{11} وَيَصْلَى سَعِيراً{12} إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً{13) ( الانشقاق ) ، فقد خرج صوت الهاء في الآية العاشرة عن منظومة صوت الراء ، ويشكل هذا الخروج تنوعا أو تموجا إيقاعيا بين صوت الراء المجهور وصوت الهاء المهموس
2- تموج الاحتكاك والانفجار ، نحو قوله تعالى :
وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ{7} إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ{8} يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ{9}( الذاريات ) ، فقد فصل صوت الفاء بين منظومة الكاف ، وهو فصل يمنح السياق الصوتي تنوعا بين الانفجار ( الكاف ) والاحتكاك ( الفاء )
3- تموج الترقيق والتفخيم ، نحو قوله تعالى :
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ{12} وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ{13} وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ{14} ( سورة ق ) ، فقد فصل صوت الطاء بين منظومة الدال ، والطاء صوت مفخم ، والدال صوت مرقق .
3- الانزياح النهائي : وهو خروج صوت الفاصلة الأخيرة عن المنظومة أو المنظومات الصوتية ، نحو قوله تعالى : (( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ{1} مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ{2} سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ{3} وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ{4} فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ{5} )){1ـ5} ( المسد ) . ولا يخفى أن صوت الباء قد شكل منظومة صوتية في الآيات الأربع الأولى ، وأن صوت الدال في الفاصلة الأخيرة قد خرج عن المنظومة ، وقد تحقق انسجام صوتي بين الصوت الانزياحي ( الدال ) والصوت النسقي ( الباء ) ، فكلاهما صوت انفجاري مجهور ، ومن أصوات القلقلة

3 ) النسق الصوتي التماثلي
يعد هذا النسق من أبرز الأنساق الصوتية حضورا في القرآن الكريم ، ويعني اتفاق كلمات الفواصل المتتابعة في الصوت الأخير ، إذ إن معظم السور تماثلت فواصلها أو تقاربت مخارجها ، نحو التقارب المخرجي بين صوتي النون والميم . ويسعى هذا المحور إلى دراسة الفواصل المتماثلة من حيث انتهى الآخرون الذين رصدوا ظاهرة التماثل أو التقارب في الفواصل القرآنية ، فالقيمة الإيقاعية لكلمات الفواصل لا تقتصر على الصوت الأخير ، إذ إن التماثل يتحقق في صوت أو أكثر من الأصوات التي تسبق الصوت الأخير، فالفاصلة أو رأس الآية توفر مساحة صوتية تتشكل فيها منظومات إيقاعية تساند إيقاع الصوت الأخير . وقد رصد البحث ظاهرتين إيقاعيتين تساندان إيقاع الصوت الأخير ، ويمكن تصنيفهما في منظومتين ؛ منظومة التوافق ، ومنظومة الاختلاف .
أولا : منظومة التوافق وهي تماثل أصوات كلمة الفاصلة باستثناء صوتين بينهما توافق في الملامح الصوتية ، ويأتي التوافق مفردا حينما يكون في ملمح واحد ، ومركبا حينما يكون في ملمحين ، وذلك على النحو الآتي :
1 - النسق التوافقي المفرد ، وهو توافق الصوتين المختلفين في ملمح واحد ، نحو قوله تعالى : ((وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ{197} وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ))(198الأعراف ) . نلاحظ أن كلمتي الفاصلتين (يَنْصُرُونَ ، يُبْصِرُونَ ) تتماثلان في أصواتهما باستثناء صوتين اثنين وهما النون والباء وهما صوتان يتفقان في ملمح الجهر ، وبهذا يغدو الاختلاف في نوع الصوت ( النون والباء ) توافقا في الملامح الصوتية للصوتين المختلفين

ولو تأملنا النسيج المقطعي لكلمتي الفاصلتين لتبين لنا أن ملمح الجهر في الصوتين المختلفين يمتد على معظم المساحة الصوتية لكلمتي الفاصلتين ، وأن الأثر السمعي للجهر أقوى من الوقع السمعي لاختلاف الصوتين ، ويمكن ملاحظة هذا الأمر بوساطة شبكة العلاقات المقطعية الآتية :


الفاصلة الأولى الفاصلة الثانية
يَنْصُرُونَ يُبْصِرُونَ
ين ( ص ح ص






لا يخفى أن ملمح الجهر الذي وحد بين الصوتين المختلفين ( النون والباء ) يتفق مع ملمح
الجهر في المقطع الأول والمقطع الثالث ، وبهذا يصبح الجهر رابطا صوتيا يجمع بين المقطعين الأول والثالث ، كما أن وقوع المقطع القصير المهموس (صُ ( ص ح ) ) بين المقطعين المجهورين يوفر تنوعا إيقاعيا من خلال الانتقال بين الجهر والهمس .
وفي قوله تعالى : ((وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً{9} وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً )) (10الجن )
يجمع ملمح الهمس بين الصوتين المختلفين ( الصاد والشين ) في كلمتي ( رصدا ، رشدا ) ، ويبين لنا النسيج المقطعي للكلمتين قيمة صوتية إيقاعية وذلك على النحو الآتي :


الفاصلة الأولى الفاصلة الثانية
رصدا رشدا







يتجلى لنا مما تقدم أن ملمح الهمس الذي وحد بين الصوتين المختلفين ( الصاد والشين ) قد وفر تنوعا إيقاعيا بين مقاطع الكلمتين من خلال الفصل بين المقطعين المجهورين ( الأول والثالث ) ، وقد نهض الصوتان المختلفان بوظيفة إيقاعية أخرى تتمثل بتوافر ملمح الصفير للنسيج المقطعي الذي أصبح يتشكل من ثلاث نغمات إيقاعية ( جهر وهمس وصفير )
2- النسق التوافقي المركب وهو الذي يقع فيه التوافق بين ملمحين صوتيين نحو قوله تعالى : ((َفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَراً{33} وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً{34} ( الكهف ) ، فقد تماثلت أصوات الفاصلتين ( نهرا ، نفرا ) باستثناء صوتي الهاء والفاء اللذين يتوافقان في ملمحي الاحتكاك والهمس ، ويعد ملمح الهمس في الصوتين المختلفين أكثر تأثيرا في النسيج الصوتي لكلمتي الفاصلة ، لأن الهمس يشكل
تقابلا صوتيا مع ملمح الجهر لصوتي النون والراء في كلمتي ( نهرا ، نفرا ) ، أما ملمح الاحتكاك فليس له مقابل في النسيج الصوتي للكلمتين .
ثانيا : منظومة الاختلاف وهي تماثل أصوات كلمة الفاصلة باستثناء صوتين بينهما اختلاف وتقابل في الملامح الصوتية ، ويأتي التقابل الصوتي مفردا حينما يقع بين ملمحين ، ومركبا حينما يقع بين أربعة ملامح .
1 - النسق التقابلي المفرد وهو تماثل أصوات الفواصل باستثناء صوتين بينهما اختلاف وتقابل في ملمحين ، نحو قوله تعالى : (( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} ( العلق) . فقد تماثلت أصوات كلمتي الفاصلتين باستثناء صوتي الخاء المهموس والعين المجهور ، ويوفر التماثل والتقابل تنوعا إيقاعيا من خلال التناوب بين الأصوات المهموسة والمجهورة ، كما أن التقابل بين صوتي الخاء والعين يتضمن ملمحا توافقيا وهو الاحتكاك ، فالخاء والعين صوتان احتكاكيان ، ويتحول التوافق الاحتكاكي إلى تقابل انفجاري مع صوت القاف ، ويمكن تجسيد شبكة العلاقات التوافقية والتقابلية على النحو الآتي :
خلق علق
خ مهموس ع مجهور
احتكاكي احتكاكي
ل مجهور ل مجهور
ق مهموس ق مهموس
انفجاري انفجاري
يتبين من النسيج المقطعي لكلمتي الفاصلتين أن المقطع الأول وهو مقطع قصير ( ص ح ) يتضمن تقابلا بين الجهر والهمس وتوافقا من حيث الاحتكاك ، وأن المقطع الثاني وهو مقطع متوسط مغلق ( ص ح ص ) يتضمن توافقا ثلاثيا في الجهر والهمس والانفجار .
كما يتجسد النسق التقابلي المفرد في كلمتي ( ضحاها ، دحاها ) في قوله تعالى : (( وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا{29} وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا{30}( المرسلات ) ، إذ إن صوت الضاد المفخم في ( ضحاها ) يقابل صوت الدال المرقق في ( دحاها ) ، ولو تأملنا في البنية الصوتية للضاد والدال نجد أن التوافق بينهما أكثر من التقابل أو الاختلاف وذلك من خلال التوزيع الآتي :
التقابل \ الاختلاف
الضاد صوت مفخم
الدال صوت مرقق
التوافق \ الانسجام
الضاد مجهور الدال مجهور
انفجاري انفجاري
ويتحول التوافق والانسجام في الجهر والانفجار بين الضاد والدال إلى تقابل مع صوتي الحاء والهاء في كلمتي ( ضحاها ، دحاها ) ؛ لأن الحاء والهاء صوتان مهموسان احتكاكيان ، وبهذا تكون البنية الصوتية للفاصلتين قد اشتملتا على ثنائية التقابل والتوافق كما يتجلى في الشكل الآتي :






2- النسق التقابلي المركب وهو تماثل أصوات الفواصل باستثناء صوتين بينهما اختلاف وتقابل في أربعة ملامح صوتية نحو قوله تعالى : ((قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ{46} قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ{47} ( سبأ ) ، فقد تماثلت أصوات كلمتي (شَدِيدٍ ، شَهِيدٌ ) باستثناء صوتي الدال والهاء اللذين يتقابلان في أربعة ملامح صوتية وهي التقابل بين الجهر والهمس ، والتقابل بين الانفجار والاحتكاك ، فالدال صوت مجهور انفجاري ، والهاء صوت مهموس احتكاكي ، ويوفر هذا التقابل المركب تنوعا صوتيا إيقاعيا .


المحور الثاني: العلاقة بين الفاصلة والسياق الدلالي
أزعم أن الدرس الصوتي للفواصل القرآنية من حيث علاقة الفاصلة الصوتية بالدلالة ما زال بحاجة إلى مزيد من التأمل والتدبر على الرغم من كثرة النصوص والإشارات في كتب التفسير ودراسات الإعجاز القرآني، وسنشير إلى بعض الآراء بقدر ما تسمح به مساحة البحث ، فقد نص القدماء والمحدثون على التناسب والانسجام بين الفواصل القرآنية والسياق الدلالي ، و أشار بعضهم إلى تناسب المعنى المعجمي لكلمة الفاصلة والسياق الدلالي للآية كما في قول الرماني : (( فواصل القرآن كلها بلاغة وحكمة ، لأنها طريق إلى إفهام المعاني )) ( 13 ) وليس بعيدا عن مقصد الرماني ما ذهبت إليه بنت الشاطئ في قولها(( ما من فاصلة قرآنية لا يقتضي لفظها في سياقه دلالة معنوية لا يؤديها لفظ سواه ، قد نتدبره فنهتدي إلى سره البياني وقد يغيب عنا فنقر بالقصور عن إدراكه )) (14 )
ومنهم من ذهب إلى التناسب بين الأصوات الأخيرة ( رؤوس الآي ) كما في قول الزركشي : (( واعلم أن إيقاع المناسبة في مقاطع الفواصل حيث تطرد متأكد جدا ، ومؤثر في اعتدال نسق الكلام وحسن موقعه من النفس تأثيرا عظيما )) (15 )وذلك في معرض حديثه عن زيادة أو حذف حرف مراعاة للتناسب بين رؤوس الآي. ومنهم من جمع بين السياق الدلالي والجرس الصوتي إذ إن الخطاب القرآني ((يختار الفاصلة مراعىً فيها المعنى والسياق والجرس ومراعىً فيها خواتم الآي وجو السورة ومراعىً فيها كل الأمور التعبيرية والفنية الأخرى)) (16 )
ويؤكد سيد قطب على العلاقة بين تنوع الفاصلة واختلاف مضمون الآيات المتتابعة بقوله: (( فأما تنوّع أسلوب الموسيقى وإيقاعها بتنوع الأجواء التي تطلق فيها فلدينا ما نعتمد عليه في الجزم بأنه يتبع نظاماً خاصاً، وينسجم مع الجو العام باطراد لا يستثنى))(17 ) . ويؤكد محمد المبارك على العلاقة بين الصوت والمعنى بقوله : ((نستطيع أن نقول في غير تردد أن للحرف في اللغة العربية إيحاءً خاصاً فهو إن لم يكن يدل دلالة قاطعة على المعنى يدل دلالة اتجاه وإيحاء ويثير في النفس جواً يهيئ لقبول المعنى ويوجه إليه ويوحي به)) (18)
ولا جدال في أن الكشف عن علاقة الفاصلة القرآنية بالسياق الدلالي قد يتحقق في مواضع ويخفى في مواضع أخرى ، ويحسن بنا في هذا السياق أن نستأنس بما نص عليه ابن جني في باب ( إمساس الألفاظ أشباه المعاني ) الذي حشد فيه نماذج لعلاقة الصوت المفرد بالمعنى ، ولكنه قبيل انتهاء الباب ينوه إلى صعوبة الربط بين الصوت والمعنى في بعض المواضع معللا ذلك بقوله : (( فإن أنت رأيت شيئا من هذا النحو لا ينقاد إليك فيما رسمناه ، ولا يتابعك على ما أوردناه ، فأحد أمرين : إما أن تكون لم تنعم النظر فيه فيقعد بك فكرك عنه ، أو لأن لهذه اللغة أصولا وأوائل قد تخفى عنا وتقصر أسبابها دوننا ... )) (19 ) ويحذر سيد قطب من التكلف والتمحل في ربط صوت الفاصلة بالمعنى في المواضع التي تخفى على المتلقي بقوله : (( وقد تبين لنا في بعض المواضع سر هذا التغير وخفي علينا السر في مواضع أخرى، فلم نرد أن نتمحل له لنثبت أنه ظاهرة عامة )) (20)
وقد اخترنا في هذا المحور خمسة أصوات لبيان العلاقة بين صوت الفاصلة والسياق الدلالي ، وهي الحاء والعين من سورة العاديات ، والهاء والثاء والشين في سورة القارعة
قال تعالى في سورة العاديات (( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً{1} فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً{2} فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً{3} فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً{4} فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً{5} )) (1- 5 )
يمكن بيان شبكة العلاقات الصوتية الدلالية بين صوتي الحاء والعين والسياق الدلالي على النحو الآتي:
1- التوافق بين صوت الحاء وأصوات الخيول ووقع حوافرها
جاء صوت الحاء فاصلة للآيات الثلاثة الأولى، والحاء صوت احتكاكي يتناسب مع السياق الدلالي على النحو الآتي:
الفاصلة الأولى : (ضَبْحاً ) والضبح أو الضباح هو صوت الخيل إذا جرت أو أسرعت، وهو صوت ليس بصهيل أو حمحمة، إنما هو صوت أنفاسها ( 21) ، واعتمادا على البنية المعجمية فإن للخيل ثلاثة أصوات ؛ الصهيل والحمحمة والضباح ، فالخيل تصهل وهي واقفة ، وتحمحم إذا رأت صاحبها ، ولكن ضباحها لا يسمع إلا في الجري أو الركض ، و قد أفادت الآية الأولى ((وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً)) هذا التخصيص الصوتي ، وأدى صوت الفاصلة ( الحاء ) وظيفتين ؛ دلالية وإيقاعية فقد ذكر ابن عباس: أن الخيل إذا عدت قالت: أحْ أحْ( 22 ) . وهو صوت يتماثل مع آلية نطق صوت الحاء، إذ إن الصوت ينطق ساكنا بهدف التعرف على مخرجه الدقيق . وينبغي ان ننوه إلى أن الدور الوظيفي ؛ الإيقاعي والدلالي لصوت الفاصلة لا يلغي كلمة الفاصلة ، إذ لا يمكن أن نفصل وظيفيا بينهما ، ولكن دراستنا في هذا المبحث تركز على صوت الفاصلة أكثر من تركيزها على كلمة الفاصلة التي تتمتع (( بجمال وقعها في السمع ، و اتساقها الكامل مع المعنى، و اتساع دلالتها لما لا تتسع له عادة دلالات الكلمات الأخرى)) ( 23 )
ويرى الزركشي في فصل (ائتلاف الفواصل مع ما يدل عليه الكلام) تحقق التناسب بين الفواصل والسياق، وذلك بقوله: (( واعلم أن من المواضع التي يتأثر فيها إيقاع المناسبة مقاطع الكلام وأواخره، وإيقاع الشيء فيها بما يشاكله، فلا بدّ أن تكون مناسبة المعنى المذكور أولاً، وإلا خرج بعض الكلام عن بعض، وفواصل القرآن العظيم لا تخرج عن ذلك، لكن منه ما يظهر ومنه ما يستخرج بالتأمل للبيب)) ( 24 )
الفاصلة الثانية (قَدْحاً )
يتجلى التناسب بين صوت الحاء الاحتكاكي ودلالة القدح في قوله تعالى: ﴿ فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً ﴾، فالنار أو الشرر الذي يتطاير بفعل احتكاك أو قدح حوافر الخيل بالحجارة يتناسب مع الملمح الاحتكاكي لصوت الحاء، إذ إن صوت الحاء يتم إنتاجه بسبب احتكاك الهواء بالحلق حينما يتم تضييق مجرى الهواء ، كذلك شرر النار ينتج عن احتكاك الحوافر بالحجارة. و ((المحاكاة الصوتية وسيلة تعبيرية مهمة لا تكاد تخلو منها لغة ، وقد تأتي على مستوى الكلمة المفردة إذا اشتملت على صوت أو أكثر يحاكي الحدث وتعرف باسم المحاكاة الأولية وربما امتدت المحاكاة إلى جزء من السياق وتوزعت على عدد من مفرداته بحيث تصور في مجموعها الحدث تصويرا عاما )) ( 25 )
وبهذا ينتهي المعنى الأول الذي اشتملت عليه الآيات الثلاثة وهو القسم بالخيل التي تعدو فيسمع ضباحها وتقدح بحوافرها الحجارة فيتطاير الشرر، وتغير على الأعداء في وقت الصباح، وقد جاء المعنى في نسق إيقاعي واحد وهو صوت الحاء. (( إن الارتباط بين الفواصل والآيات التي سيقت من أجلها يدل على مدى التحام الفاصلة بالآية التحاما تاما يستقر في النفس وتتقبله أعظم قبول )) ( 26 )
2 – التوافق بين صوت العين وأجواء الحرب
صور الإيقاع الأول ( صوت الحاء الاحتكاكي ) صوت الخيل ومسيرتها إلى الحرب وصور الإيقاع الثاني ( صوت العين المجهور ) في قوله تعالى : ﴿ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً{4} فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً{5} ﴾، وصول الخيل إلى أرض المعركة، ووصولها يقتضي اختلاف الأصوات؛ فقد ثار غبار المعركة، وعلت أصوات المتحاربين حتى صارت وغىً، وتخللها جلبة وصياح، وهذه الأصوات تنسجم مع صوت العين الاحتكاكي المجهور،إذ إن ((العين ذات قيمة تعبيرية واضحة في تصوير الحركات والأصوات العنيفة )) ( 27 ) وهذا هو الفرق الرئيس بين صوت الحاء والعين، إذ إن الحاء صوت احتكاكي مهموس، والعين صوت احتكاكي مجهور، ومن المألوف أن تسمع الأصوات المجهورة في ساحة المعركة، ولا تسمع قبل بدء المعركة. (( وقد يظن في بعض الأحيان أن الآية تهيئ لفاصلة بعينها ، ولكن القرآن الكريم يأتي بغيرها إيثارا لما هو ألصق بالمعنى ، وأشد وفاء بالمراد )) ( 28 )
ويعزز ما تقدم ما قيل في تفسير قوله تعالى: ﴿ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً ﴾ أن النقع يراد به الصياح ، أي: فهيّجن في المغار عليهم صياحاً وجلبة ( 29 ) ويجمع بكري شيخ أمين بين الوظيفة الإيقاعية والوظيفة الدلالية للفاصلة إذ ((إن الفاصلة ترد وهي تحمل شحنتين في آن واحد: شحنة من الوقع الموسيقي، وشحنة من المعنى المتمم للآية)) ( 30 )


وتتجلى شبكة العلاقات الصوتية الدلالية بين أصوات الهاء والثاء والشين والسياق الدلالي في سورة القارعة
((الْقَارِعَةُ{1} مَا الْقَارِعَةُ{2} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ{3} يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ{4} وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ{5} فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ{6} فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ{7} وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ{8} فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ{9} وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ{10} نَارٌ حَامِيَةٌ{11}))
توزعت فواصل سورة القارعة على ثلاثة أصوات وهي الهاء في الآيات الثلاث الأولى وفق قراءة الوقف ، وفي الآية السادسة إلى نهاية السورة ، وصوت الثاء في الآية الرابعة ، وصوت الشين في الآية الخامسة . وقد تحقق التناغم بين التنوع الصوتي للفواصل والسياق الدلالي للآيات كما سيتجلى من خلال شبكة العلاقات الصوتية والدلالية في المشاهد التصويرية الآتية :
1- المشهد النفسي
يتجلى المشهد النفسي في الآيات التي تنتهي بصوت الهاء ، ففي الآيات الثلاث الأولى تكرر لفظ القارعة الذي يحمل في حناياه شحنات نفسية مشبعة بالخوف والفزع ؛ وذلك أن تسمية يوم القيامة بالقارعة لأنها تقرع القلوب بالفزع ، والعرب تقول : قرعتهم القارعة إذا وقع بهم أمر فظيع ، كما أن تكرار القارعة ثلاث مرات تأكيد لشدة هولها ومزيد فظاعتها حتى كأنها خارجة عن دائرة ما تعارف عليه الناس(31). والقارعة : الشديدة من شدائد الدهر انظر (32 ) وتتفق هذه الأبعاد النفسية الناجمة عن القارعة مع الإيحاءات الصوتية للهاء ( الفاصلة ) ، وذلك أن صوت الهاء من الأصوات الانفعالية Interjections ، التي تعبّر عن التوجع والدهشة أو الألم أو ما إليها من التعبيرات الوجدانية ، نحو: آه ، وي ، أواه ، ها ، واه ، أوه (33 ) ويرى إبراهيم أنيس أن المرء حين يدهش أو يفزع ، يميل عادة إلى فغر فمه كما لو كان يتنفس بعمق ، فإذا زفر هذا الهواء الذي تنفسه حين فغر فاه وجدنا الفم يميل إلى الاستدارة قليلاً ، ومثل هذا الوضع للشفتين يولد لنا صوت اللين المسمى بالضمة ، وهي حين تطول قد يتصل بها صوت يشبه الهاء . ويترتب على هذا أن تنشأ تأوهات مثل oh ، وهو الصوت الذي نسمعه عادة من جمهور المتفرجين حين يفاجئون بمنظر بالغ الدهشة أما في حالة الألم فتتقلص أعضاء الجسم كلها بما في ذلك الوجه ، مما يترتب عليه أن الشفتين تأخذان الوضع المناسب لصوت اللين "a " أي الفتحة ، ويؤدي هذا إلى صوت مثل ah أو ach" . . (34 ) وما يعزز دلالة صوت الهاء على الاضطرابات النفسية وعلى خفايا النفس ومشاعرها كثرة الألفاظ التي اشتملت على صوت الهاء في المعجم الوسيط الدالة على الأسى والحزن والحيرة، وذلك نحو: تره: وقع في الأباطيل، ودله: ذهب فؤاده من الهم، وتاه: ضل الطريق، وكمه: عمي، ومته: ضل وغوى، وره: حمق وأله ألها: تحير، وأهّ: توجع وتأوه وآه أَوَهاً: للتوجع والخوف، والعمه: الحيرة والتردد، وتاه تيهاً: تكبر، وفره: بطر وأشر (35 ) وغيرها من الألفاظ الدالة على توتر النفس وألمها وحزنها.
و ذهب جمهور المفسرين إلى أن القارعة هي القيامة نفسها ومبدؤها النفخة الأولى وقيل هي صوت النفخة ، وهي من القرع وهو الضرب بشدة حيث يحصل منه صوت شديد (36 ) ويتفق هذا المعنى مع الملامح الصوتية للهاء في الفواصل الثلاث(( الْقَارِعَةُ{1} مَا الْقَارِعَةُ{2} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ{3})). وقد يقال إن الهاء صوت مهموس ضعيف كما نص معظم العلماء في العصر الحديث (37) ، فكيف يتفق الصوت المهموس مع أصوات القرع والضرب الشديد ؟
وقد ينتفي التناقض المتوهم إذا عرفنا أن الهاء تمتلك طاقة صوتية مزدوجة ، إذ يأتي صوت الهاء مهموسا ، و يأتي مجهورا كما نص إبراهيم أنيس وذلك أن (( الهاء عادة صوت مهموس يجهر به في بعض الظروف اللغوية الخاصة وفي هذه الحالة يتحرك معها الوتران الصوتيان ... وعند النطق بالهاء المجهورة يندفع من الرئتين كمية كبيرة من الهواء أكبر مما يندفع من الأصوات الأخرى ، فيترتب عليه سماع صوت الحفيف مختلطاً بذبذبة الوترين الصوتيين)) (38) . وليس هنالك ( ظروف لغوية خاصة ) أكثر تناسبا ليكون صوت الهاء مجهورا من أهوال يوم القيامة وما يصاحبه من قرع وأصوات شديدة ، وبخاصة أن القيامة أو القارعة تبدأ بنفخة مدوية كما نص المفسرون .
ومن المفيد أن نضيف إلى ما تقدم أن صوت العين المجهور المجاور للهاء في الفواصل الثلاث قد أثر على صوت الهاء وبخاصة أن ((العين ذات قيمة تعبيرية واضحة في تصوير الحركات والأصوات العنيفة )) (39) (( وحرف العين في تعامله مع الحروف، إما أن يشّدها إلى تحقيق خصائصه الذاتية، من الفعالية والقوة والصفاء والفخامة والسمو، وإما أن ينساق معها للتعبير عن مختلف خصائصها الحسية والشعورية)) (40 )
وتتوزع فاصلة الهاء بين مشهدين نفسيين متناقضين ، وهما مشهدا الفرح والحزن ، ويتمثل مشهد الفرح في الآيتين السادسة والسابعة في قوله تعالى : ((فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ{6} فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ{7} )) ومشهد الحزن في قوله تعالى : ((وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ{8} فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ{9} وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ{10} نَارٌ حَامِيَةٌ{11} والمشهدان المتناقضان ينتهيان بفاصلة الهاء ، فهل يحمل صوت الهاء شحنات صوتية تعبيرية قادرة على تصوير مشهدي الفرح والحزن ؟
يربط حسن عباس بين آلية نطق صوت الهاء وما يرافقها من انقباض وتوتر في أغشية الحنجرة وأنسجتها والدلالة على التوتر الوجداني ومشاعر الخوف والألم، إذ ((إن الإنسان المنفعل الذي يدخل في حالة يأس أو بؤس أو حزن أو ضياع ولو لعارض مفاجئ لا بد أن تنقبض منها نفسه،فينعكس ذلك على جملته العصبية، وتبعاً لذلك لا بد أن ينقبض لها بدنه بما في ذلك جوف الصدر)) (41) . ويفرق بين نطق الهاء المشبعة ( ألف الإطلاق ) ونطق الهاء الساكنة المجردة من ألف الإطلاق ، فإذا لفظ الصوت (الهاء) مشبعا أوحى بالإضراب والسحق والقطع والكسر وإذا نطق مخففاً (ساكناً مجرداً من الإطلاق) كان أكثر عرضة للتأثر المباشر بمختلف الانفعالات التي تجيش في الصدر من حدة وقساوة أو حزن وأسى أو تهكم وسخرية أو رقة وشفافية (42 )
ونستطيع أن نقرر ونحن مطمئنون أن ما توصل إليه حسن عباس يتفق – في الغالب - مع السياق الدلالي للآيات التي تنتهي بفاصلة الهاء ؛ فمن المواضع التي جاء فيها صوت الهاء مشبعا قوله تعالى : (( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8} قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا{10} كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا{11} إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا{12} فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا{13} فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا{14} وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا{15} ))( الشمس ) ، ولا يخفى أن مشاعر التوتر والانقباض والحزن تغلب على سياق الآيات . ومن المواضع التي جاء فيها صوت الهاء ساكنا قوله تعالى في مشهد الفرح : )) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ{19} إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ{20} فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ{21} )){ الحاقة } ((وهو مشهد الناجي الآخذ كتابه بيمينه والدنيا لا تسعه من الفرحة، وهو يدعو الخلائق كلها لتقرأ كتابه في رنة الفرح والغبطة))(43 ).
وقوله تعالى في مشهد الحزن: (( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ{25} وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ{26} يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ{27} مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ{28} هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ{29} {الحاقة} (( وهو مشهد الهالك الآخذ كتابه بشماله، والحسرة تئن في كلماته ونبراته وإيقاعاته)) (44 )

2- المشهد الحركي
يتجسد مشهد الحركة والانتشار من خلال العلاقات الدلالية والصوتية في الآيتين الرابعة والخامسة في قوله تعالى : (( يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ{4} وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ{5} ولا تخفى دلالة الحركة والانتشار في الآية الرابعة التي تشبه الناس حينما يبعثون من القبور بالفراش يوم القيامة من حيث الكثرة والانتشار والتطاير إلى الداعي من كل جانب كما يتطاير الفراش إلى النار ، وسمي الفراش فراشا لتفرشه وانتشاره (45) ويتفق معنى الانتشار والتطاير والتفرش مع الخصائص الصوتية لفاصلة الثاء فهي صوت أسناني يتم إنتاجه حينما يوضع طرف اللسان بين الأسنان فيخرج الهواء منتشرا متطايرا من الأسنان إلى الخارج وقد نص ابن جني أن الثاء من حروف النفث (46 )ويمكن تفسير معنى النفث بأنه ((بعثرة النفَس ببطء أثناء خروجه بين طرف اللسان والأسنان العليا عند حدوث الصوت، مما يماثل الأحداث الطبيعية التي تتضمن البعثرة والتخليط.)) (47 ) كما يتفق المعنى المعجمي للبث مع الخصائص الصوتية للثاء ؛ نقول : بَثَّ الشيءَ وانْبَثَّ فَرَّقه فتَفَرَّقَ ونَشَره ، وانْبَثَّ الجَرادُ في الأَرض انْتَشَر . (48 ) وفي المعنى المعجمي للتفرق والانتشار تناغم مع تفرق الهواء وانتشاره أثناء نطق صوت الثاء .
إن ربط ما يحدث للناس يوم القيامة من انتشار وتفرق وتطاير بما يحدث للهواء أثناء نطق صوت الثاء الاحتكاكي ليس بدعة في حقل الدراسات الصوتية ، فقد حفظ لنا التراث الصوتي نماذج صوتية تربط بين الدلالة والخصائص الصوتية ، ولما كانت مساحة البحث تقتضي الإشارة دون الإسهاب منعا للإطالة فإننا نكتفي بالاستئناس بمثال واحد مما ورد في التراث الصوتي ، ولنتأمل ما عرض له ابن جني في باب ( إمساس الألفاظ أشباه المعاني ) بأن الجيم تقدمت على الراء في الفعل ( جر ) ؛ لأن الجيم حرف شديد وأول الجر يتم بمشقة – وملمح الشدة للجيم يتفق مع الجهد الشاق الذي يقتضيه جر الشيء على الأرض ، ثم جاء صوت الراء وهو صوت مكرر ؛ لأن الشيء إذا جر على الأرض اهتز عليها واضطرب صاعدا عنها ونازلا إليها – وهو ما يتفق مع ملمح التكرير لصوت الراء - ، ولهذا فإن صوت الراء الذي يتصف بملمح التكرير وقد جاء مكررا (مشددا ) في الفعل أوفق لهذا المعنى من جميع الحروف (49)
ويحسن بنا أن نشير إلى الجهد الإحصائي الذي قام به حسن عباس حينما رصد المصادر التي يقع فيها صوت الثاء ، فقد وجد. سبعة عشر مصدراً تبدأ بحرف الثاء تدل معانيها على الشق والانفراج والسيلان، مما يماثل عملية شق طرف اللسان الأسنان السفلى عن العليا، مع ظاهرة انفراجهما عند خروج الصوت وذلك نحو: الثأي (الفتق وأثر الجرح)، انثعّ الدم من الأنف (سال)، ثعب الدم (فجرّه فسال)، ثعرر الأنف (تشقق)، ثغب الشاة (ذبحها)، الثغر (الفم والفرجة في الجبل)، ثلم الجدار (أحدث فيه شقا). ووجد سبعة عشر مصدراً تدل معانيها على البعثرة والتشتت والتخليط، مما يماثل بعثرة النفس بعد خروج صوت الثاء منها: الثّدام (المصفاة، لبعثرة ثقوبها). ثرثر في الشيء (أكثر منه في تخليط). ثرد الخبز (فتّه ثم بله بمرق). ثرّ (غزر وكثر). وعثر على أربعة وأربعين مصدراً للبعثرة والتخليط والجمع العشوائي ، بما يحاكي البعثرة في النفَس أثناء خروج صوتها . منها: أث الشعر(التفّ).بأثه (بدّده وفرقه). بثّه(فرّقه ونشره). ارتبث القوم(تفرقوا). رمث الشيء (خلطه). الشعث (ما تفرق من الأمور). الحثّ(المدقوق من كل شيء ، حطام التبن)(50)
أما مشهد الحركة والانتشار في الآية الخامسة ((وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ )) فيتمثل بحركة الجبال التي تتحول من حالة الصلابة والرسوخ إلى حالة الليونة والتفرق و الانتشار والتمدد حتى تصبح كالصوف المنفوش ،فقد شبه الجبال بالعهن وهو الصوف المصبغ ألوانا لأنها ألوان ، وبالمنفوش منه لتفرق أجزائها (51 )، وتكمن في كلمة الفاصلة ( منفوش ) ثلاث دلالات ؛ الأولى : التمدد ، نقول : نَفَشَ الصوفَ يَنْفُشه نَفْشاً إِذا مَدّه حتى يتجوَّف (52) والثانية: التفرق ، فالنَّفْشُ : مَدُّكَ الصّوفَ حتّى يَنْتَفِشَ بَعْضُهُ عن بَعْضٍ والثالثة : الانتشار ، فقد نص أَئمَّةُ الاشْتِقَاقِ أن مادَّةُ النَّفْشِ وُضِعَت للنَّشْرِ والانْتِشَارِ (53 )، فهل تتفق هذه الدلالات الثلاث مع الخصائص الصوتية لفاصلة الشين ؟
يمكن ربط السياق الدلالي المتقدم بما تواضع عليه القدماء والمحدثون بأن صوت الشين يوصف بالتفشي ؛ ((لأن هواء النفس معها لا يقتصر في تسربه إلى الخارج على مخرجها ، أي من الفراغ الذي بين العضوين المتصلين في حالة الشين ، بل يتوزع في جنبات الفم )) (54)، و ينجم عن الانتشار والتفشي تفرق لجزئيات الهواء ، كما أن (( بعثرة النفَس أثناء خروج صوت هذا الحرف يماثل الأحداث التي تتم فيها البعثرة والانتشار والتخليط. )) (55) وقد ورد في المعجم الوسيط تسعة وأربعون مصدراً تبدأ بالشين تدل معانيها على البعثرة والانتشار والتشتت والاضطراب بما يحاكي بعثرة النفَس عند خروج صوته، ، منها: شأشأ القوم (تفرقوا)، و شذا المسك شذواً (قويت رائحته وانتشرت)، شَظِيَ القوم وتشذّروا (تفرقوا) ، تشعب الشيء وتشعَّث (تفرق) . وورد ثلاثة وأربعون مصدراً تنتهي بالشين تدل معانيها على البعثرة والانتشار والاضطراب مادياً ومعنوياً ، بما يتوافق مع بعثرة النَّفَس عند خروج صوت الشين. منها: بغشت السماء (أرسلت مطرا خفيفاً.) ،جاش الماء جيشاً (تدفق وجرى)، رشّت السماء(أمطرت)، رعش (ارتجف)، رغش (شغب)، ارتهش (ارتعش)، فرش النبات (انبسط على وجه الأرض)، نشنش الطائر (نتف ريشه وألقاه)، نفش (تفرق وانتشر بعد تلبد)، هاش القوم هوشاً وهيشا (هاجوا واضطربوا). (56)





هوامش البحث
1) انظر : السعران ، محمود ، علم اللغة ص 160
2) انظر : ابن جني ، أبو الفتح : سر صناعة الإعراب . م 1 ، ص 77
3) انظر : المصدر نفسه، م 2 ، ص 96
4) انظر : أنيس ، إبراهيم : الأصوات اللغوية . ص 218
5) المرجع نفسه . ص 27
6) الأندلسي ، أبو حيان : تذكرة النحاة. ص 25
7) انظر : أنيس ، إبراهيم : اللهجات العربية. ص 189 ،
8) انظر : أنيس ، إبراهيم : الأصوات اللغوية . ص198 ، 199
9) ابن جني ، أبو الفتح : سر صناعة الإعراب . م 2 ، ص5
10) انظر : المصدر نفسه . م 1 ص 165
11) انظر : أنيس ، إبراهيم : الأصوات اللغوية ص 77 وما بعدها ، وص 207
12) انظر : المرجع نفسه ص 78
13) الرماني : النكت في إعجاز القرآن. ص 98
14) عبد الرحمن ، عائشة ( بنت الشاطئ ): الإعجاز البياني للقرآن ومسائل ابن الأزرق ، ص 278
15) الزركشي ، بدر الدين : البرهان في علوم القرآن . ج 1 ص 60
16) السامرائي ،فاضل صالح: التعبير القرآني. ص236.
17) قطب ،سيد: التصوير الفني في القرآن. ص91
18) المبارك ، محمد: فقه اللغة. ص261.
19) ابن جني ، أبو الفتح : الخصائص . ج 2 ، ص 164
20) قطب ، سيد: التصوير الفني في القرآن. ص89
21) لسان العرب: مادة ضبح
22) انظر: الزمخشري، جار الله: الكشاف. ص1216
23) أمين ، بكري شيخ: التعبير الفني في القرآن الكريم- ص 186
24) الزركشي، بدر الدين: البرهان. ج1، ص78.
25) العبد ، محمد السيد سليمان : ص 77
26) المرسي ، كمال الدين عبد الغني : فواصل الآيات القرآنية . ص 85
27) العبد ، محمد السيد سليمان : ص 79
28) المرسي ، كمال الدين عبد الغني : فواصل الآيات القرآنية . ص 85
29) انظر: الزمخشري، جار الله: الكشاف. ص1217.
30) أمين ، بكري شيخ: التعبير الفني في القرآن الكريم. ص209.
31) انظر : الشوكاني ، محمد بن علي : فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير ج 5 ، ص 702
32) : ابن زكريا ، احمد بن فارس : مجمل اللغة . ص 546
33) انظر : ظاظا ، حسن : اللسان والإنسان . ص33
34) أنيس ،إبراهيم : دلالة الألفاظ . 1980م ص24
35) انظر : عباس ،حسن: خصائص الحروف العربية ومعانيها . ص200
36) انظر : الآلوسي ، محمود : روح المعاني . م 16 ، ج 29 ، 395 ،
37) انظر: بشر، كمال محمد : علم اللغة العام – الأصوات . ، ص 122
38) أنيس ،إبراهيم : الأصوات اللغوية ، ص89
39) العبد ، محمد السيد سليمان : ص 79
40) عباس ،حسن ، : خصائص الأصوات العربية ص 212
41) المرجع نفسه ص192
42) انظر: المرجع نفسه ص 193-194.
43) قطب ،سيد: في ظلال القرآن. ج6، ص3676
44) المرجع نفسه. ج6، ص3676.
45) انظر : الزمخشري ،جار الله : الكشاف ص 1218
46) انظر ابن جني ، أبو الفتح : سر صناعة الإعراب . ج 1 ، ص 183
47) عباس ،حسن :خصائص الحروف العربية ومعانيها ص 61
48) لسان العرب : مادة بثث
49) انظر : ابن جني ، أبو الفتح : الخصائص . ج 2 ، ص 164
50) انظر : عباس ،حسن ص 61 ، 63 ، 64
51) انظر الزمخشري، جار الله : الكشاف ، ص 1218
52) لسان العرب : مادة نفش
53) تاج العروس : مادة نفش
54) أنيس ، إبراهيم : الأصوات اللغوية . ص 119
55) عباس ، حسن : خصائص الحروف العربية ومعانيها ص 114
56) انظر المرجع نفسه ص 116
المصادر والمراجع
1) الآلوسي، محمود: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني . تحقيق : محمد حسين العرب ، دار الفكر ، بيروت ، 1997 .
2) أمين ، بكري شيخ : التعبير الفني في القرآن الكريم . دار العلم للملايين، بيروت، ط1، 1994
3) الأندلسي ، أبو حيان : تذكرة النحاة. تحقيق: عفيف عبد الرحمن، مؤسسة الرسالة، بيروت 1986
4) أنيس ، إبراهيم : اللهجات العربية، ، القاهرة 1980
5) أنيس ،إبراهيم: الأصوات اللغوية ، الطبعة الخامسة ، القاهرة ، مكتبة الأنجلو المصرية 1984م
6) أنيس ،إبراهيم: دلالة الألفاظ . الطبعة السابعة . القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية 1980م
7) بشر، كمال محمد : علم اللغة العام – الأصوات . القاهرة : دار المعارف 1986م
8) ابن جني ، أبو الفتح : الخصائص . الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1406هـ-1986م
9) ابن جني ، أبو الفتح : سر صناعة الإعراب . تحقيق : محمد حسن إسماعيل وأحمد رشدي عامر . دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 200
10) الرماني : النكت في إعجاز القرآن ( ثلاث رسائل في إعجاز القرآن للرماني والخطابي وعبد القاهر الجرجاني في الدراسات القرآنية والنقد الأدبي . تحقيق : محمد خلف الله أحمد ومحمد زغلول سلام . دار المعارف ، ب. ت
11) الزبيدي، محمد مرتضى الحسيني الواسطي : تاج العروس شرح القاموس . منشورات مكتبة الحياة ، بيروت ، 1306 هـ
12) الزركشي ، بدر الدين : البرهان في علوم القرآن . تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم . دار الجيل ، بيروت ، 1998
13) ابن زكريا ، احمد بن فارس : مجمل اللغة . تحقيق : محمد طعمه . دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ط 1 ، 2005
14) الزمخشري ، جار الله :الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل. دار المعرفة، بيروت، ط1، 2002.
15) السامرائي، فاضل صالح: التعبير القرآني. . دار عمار، عمان، ط2، 2002
16) السعران ، محمود :علم اللغة – مقدمة للقارئ العربي . دار النهضة العربية ، بيروت ، ب. ت
17) الشوكاني ، محمد بن علي : فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير . تحقيق : سيد إبراهيم . ط 3 ، دار الحديث ، القاهرة ، 1997
18) ظاظا ،حسن: اللسان والإنسان . دار القلم ، بيروت ط2 ، 1990م
19) عباس ، حسن: خصائص الحروف. العربية ومعانيها. منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1998.
20) العبد ، محمد : من صور الإعجاز الصوتي في القرآن الكريم . المجلة العربية للعلوم الإنسانية ، م 9 ، ع ، 36 ، 1989
21) عبد الرحمن ، عائشة ( بنت الشاطئ ): الإعجاز البياني للقرآن ومسائل ابن الأزرق – دراسة قرآنية لغوية وبيانية . دار المعارف ، ط2 ، 1987
22) قطب، سيد: التصوير الفني في القرآن الكريم. دار الشروق، ط4، 1978
23) قطب، سيد: في ظلال القرآن. دار الشروق ، القاهرة ، ط 17 ، 1992
24) المبارك، محمد: فقه اللغة وخصائص العربية دراسة تحليلية مقارنة للكلمة العربية وعرض لمنهج العربية الأصيل في التجديد والتوليد. دار الفكر، بيروت، ط6، 1975.
25) المرسي ، كمال الدين عبد الغني : فواصل الآيات القرآنية . المكتب الجامعي الحديث ، الإسكندرية ، ط 1 ، 1999
26) ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم لسان العرب : . دار الفكر، بيروت، ط6، 1997





الديمقراطيه الأمريكيه أشبه بحصان طرواده الحريه من الخارج ومليشيات الموت في الداخل... ولا يثق بأمريكا إلا مغفل ولا تمدح أمريكا إلا خادم لها !
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية رحيل
رحيل
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 26-12-2006
  • الدولة : الجزائر...
  • المشاركات : 6,888

  • اجمل صورة وسام التحرير 

  • معدل تقييم المستوى :

    25

  • رحيل will become famous soon enoughرحيل will become famous soon enough
الصورة الرمزية رحيل
رحيل
شروقي
رد: الأسلوبية الصوتية في الفواصل القرآنية
11-02-2012, 12:50 AM
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

موضوع قيم بورك فيك على نقله..
ولكن لو قدم على شكل مواضيع تسلسلية او قصيرة لكان احسن ليتسنى لنا المتابعة و طرح الاسئلة ان امكن...
لدي سؤال عن الملامح الصوتية... فاذا كان الجهر و الهمس من صفات الحروف فماذا عن الاحتكاك و الانفجار؟
سنلتقي يوم الحساب يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم

  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية علي قوادري
علي قوادري
مشرف شرفي
  • تاريخ التسجيل : 30-07-2008
  • المشاركات : 4,559
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • علي قوادري is on a distinguished road
الصورة الرمزية علي قوادري
علي قوادري
مشرف شرفي
رد: الأسلوبية الصوتية في الفواصل القرآنية
11-02-2012, 11:36 AM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رحيل مشاهدة المشاركة
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

موضوع قيم بورك فيك على نقله..
ولكن لو قدم على شكل مواضيع تسلسلية او قصيرة لكان احسن ليتسنى لنا المتابعة و طرح الاسئلة ان امكن...
لدي سؤال عن الملامح الصوتية... فاذا كان الجهر و الهمس من صفات الحروف فماذا عن الاحتكاك و الانفجار؟
عليكم السلام
في الحقيقة اقتراحك رائع ولم انتبه واما بالنسبة لسؤالك ساحاول البحث لانني لست مختصا في هكذا دراسات كل ما في قرات الموضوع فاعجبني لقيمته واردت ان يستفيد منه باقي الاعضاء.
شكرا جزيلا.
الديمقراطيه الأمريكيه أشبه بحصان طرواده الحريه من الخارج ومليشيات الموت في الداخل... ولا يثق بأمريكا إلا مغفل ولا تمدح أمريكا إلا خادم لها !
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 07:34 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى