بعد انفجارات 11 ديسمبر 2007م.. منهم الخوارج في الجزائر؟؟
13-12-2007, 12:40 AM
بعد انفجارات 11 ديسمبر 2007م.. منهم الخوارج في الجزائر؟؟

لن أتوقف في دلالات الرقم 11، الذي أصبح يشكل عقدة فعلية لكل آمن وبريء، ولن أستطرد في شرح علاقة 11 ديسمبر التاريخية في 1960م، حيث خرج الشعب الجزائري المستعمَر حينها في مسيرات حاشدة لإبراز تمسكه بشرعية جبهة التحرير الوطني (التاريخية) وجيشها، وبين موقع المجلس الدستوري -الذي استهدف أمس في التفجرات-، الكائن في شارع "11 ديسمبر" الذي يعد منطقة رسمية شديدة الرقابة، حيث يقع في نفس الشارع مقر المحكمة العليا، وإقامة القضاة..
ولن أسرف في دلالات الرقم 11 محليا ودوليا أيضا، التي ارتبطت بأحداث نيويورك، و11 أفريل التي استهدفت مبنى الحكومة الجزائرية..
وبكل صراحة، أقول بأن هذه الجماعات أو التنظيمات لو كانت إسلامية العقيدة والفكر، ما كانت لتؤرخ لمثل تلك الفتن والكوارث والجرائم بتواريخ مسيحية، في حين أن من الأجدر بها أن تؤرخ بالهجري، طبعا لست أبرر الجريمة والجرائم، ولكني أضعف من حجة الاحتكام والاستناد إلى الرقم 11، الذي اقترب إلى عقدة المسيحيين من الرقم 13....
حديثنا ليس عن الأرقام ودلالاتها هذه المرة، لكنه على المصطلحات والأحكام؛ فالمواطن الجزائري في كامل جهات الجمهورية قد قرأ أو استمع، أو على الأقل تناهى إلى سمعه من خلال الجرائد والمواقع الجدل الذي أشعلته وزارة التربية الجزائرية، والتجار السياسيين الذين أشعلوها حربا بالبيانات والمقالات والتصريحات، وبين مؤيد ومعارض، ومحتج وشاجب، ومهلل ومحلل، ناقش الجميع تهمة الإباضية ووصمهم بالخوارج..
فمنهم من استباح دمهم وعِرضهم وأموالهم ونساءهم، ومنهم من دافع عن عدم جواز الاستدلال وبطلانه بالحجج والأدلة، ومنهم من أحرق كل أوراقه، فأظهر ما كان يضرمه من انتقام لأشخاص، وحاول صياغة موقفه في كلام تاريخي وشرعي، ومنهم من أخرج من الأرفف آراء كتاب المقالات، ودارسي الفرق والمدارس والمذاهب الإسلامية، ومنهم من راح يفتح كل الملفات ويحاول تبرير أي موقف يقوم به الإباضية في تنظيم مجتمعهم، وتربية أبنائهم للإعلاء من شأن الدين أولا ومذهبهم بين أبنائهم على أنه عمالة، وأنه عزم على إنشاء دولة انفصالية، وانتقام من المذاهب الأخرى، وهلم جرا مع باقي الخريفات والخرافات..
ليدخل في المعترك أصحاب الأغراض السياسوية، والمصالح الآنية، التي انسجمت والدجل الانتخابي الذي تزامن مع حملة محليات 2007م، فمنهم من أراد إثارة الفتنة، وراح يروج للخبر والمعلومة، ومنهم من أظهر صكوكا بيضاء موقعة من أجل المدافعة عن المظلومين على حسب زعمه، ومنهم من رأى فيها وترا تعزف عليه كل نغمات التجزيء والتفتيت التي تتعرض إليها الدول الضعيفة في هذه الحقبة من الزمن، ومنهم من هدد بإدخال منظمات دولية تعنى بشؤون الأقليات والشعوب الأصلية، وكأن الإباضية قلة فوضت أغلبية للتحدث باسمها..
فعلا، لم تهدأ تلك العواصف في سوق الكلام المحلي عن الخوارج والإباضية، ولو بعد المساعي الحميدة، والمحاولات الكريمة التي قام بها الأفاضل مثل الشيخ عبد الرحمن شيبان، والأستاذ الهادي الحسني، إلا بعد أن انتهت الانتخابات، وفاز من فاز، وخاب من خاب، وعندها برزت النوايا والأغراض، وكشفت كل الأوراق والأساليب، لكن بعد ماذا؟؟ بعد خراب البصرة التي خربت وتخرب إلى اليوم للأسف، وبعد أن حل الشتاء الذي أعقب صيف اللبن، واشتدت القلوب، واحتد الخطاب، وتكدرت النفوس...دون أي اعتذار أو تصرف حضاري، وبقي البعض مصرّا على ما ذهب إليه..
وها نحن اليوم نبيت بعد صبيحة سوداء من تاريخ الجزائر، فمن قام يا ترى بتلك الأعمال الشنيعة التي تتبرأ منها كل الديانات، وحتى غير السماوية منها، فهل هي من إنجاز الإباضية الذين اتهموا بالخوارج؟؟ أم أنها لخوارج غير إباضية؟؟
فمنذ متى يا سادتي رأيتم أو سمعتم أو قرأتم أو حضرتم لمحاكمة دعا فيها إباضي إلى تفجير نفسه، أو قتل غيره، أو استباحة دم مسلم؟؟
وهل الإباضية كذلك مسؤولون عن السنوات السوداء التي أنهكت العباد والبلاد في العشرية الأخيرة من القرن الماضي؟؟
وهل الإباضية في تاريخهم المعاصر قدموا عميلا ولو بدرجة بوّاب لصفوف الاستعمار الفرنسي؟؟ أو فردا ولو بدرجة حارس ليكون عضوا في تلك التنظيمات الإرهابية؟؟
وهل الإباضية اليوم إلا جنود في سبيل الله من أجل رفع راية الدين أينما حلوا وارتحلوا؟؟
فهل يعقل بنا أن نصر على أن الإباضية خوارج، أو يمكن أن يوسموا بسمة الخارجية والخروج عن الدين والطاعة والولاء لمن يوالي الله ورسوله؟؟
حري بنا إخواني المسلمين أن لا نتفوه بما لا نعرف، وأن نحترم الناس ولا نبخسهم أشياءهم، وأن نتواضع للمعرفة، فنقرأ ونقرأ ثم نقرأ، وبعدها نبدي رأينا، إذا لزم الأمر أصلا، متواضعين للجميع بالسؤال، وساعين في كل خطوة ومجهود إلى البناء والتوحيد، فلا أن نهدم ولا نشتت، وظروف الزمان، وأحوال الأوطان بحاجة إلى التنازل تصحيح وتصويب وتثبيت.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.