أشباهي الاربعون ليس لديهم مثل ندبتي
09-10-2017, 08:36 PM


الأذى ك قضيب الحديد هذا ، حكاية تعود لطفولتي . كُنتُ في الثامنة من عمري و قد تبقت سبعة أيام لبدء عام دراسي جديد.
اعتاد فتيان القرية ومن بينهم إخوتي والجيران في وقت العصر اللعب بأي شيء يمكن اللعب به في الشارع . الشارع الذي يمر على كل وجوه المنازل .
أبي غير موجود في البيت ، و صوت أذان المغرب يعلو ، أمي طلبت مني أن أخرج لأنادي على إخوتي. إخوتي الثلاثة.
يلعبون في الشارع مع أبناء الجيران ، كُل واحد منهم يمسك في يده هذا القضيب الحديدي .
يحكّون القضيب على الشارع ، حتى يصير رأس القضيب مسنن حاد ، و يستمتعون برؤية الشرار المتطاير بِفعل الاحتكاك . بعض المرات يتنافسون أيهم يجعل القضيب حار ، ساخن ، ثم من باب اللهو والمزاح يضعونه على ذراع أحدهم ؛ إنْ أطلق صرخة فهو جبان ، غير شجاع والأفضل له أن يلعب بألعاب الفتيات .
أخي الذي يكبرني بِعامين جديد على هذه اللعبة المجنونة ، الجميع يعطيه دروس في كيفية إمساك هذا القضيب و توليد شرارة بالاحتكاك الصحيح.
خرجتُ أنا من باب الدار ، صرخت بِأسماء إخوتي ، صرخت بكل قوة ردّ صدى صوتي لي.
مشيت أظن خطوات صغيرة و كان للتو أحدهم جديد على اللعبة_ قد أمسك بالقضيب و حمّى ظهره والبقية يشجعونه ليفعلها ، و أنا أُنادي بصوتي عليهم .
رأيتُ قضيب الحديد يطير في الهواء من يد أخي الذي فشل في الاختبار ، عوضا عن أن يحكّه على الشارع قد أطلقه للهواء.
كان القضيب متجها لي ، أشحتُ بوجهي لجهة اليسار ، ولكن القضيب كان قد استقر في وجهي.
طار في الهواء القضيب الحديدي ، و دخل في وجهي الصغير ، أسفل عيني اليسرى و خرج من فمي .
أطلقتُ صرخة و لا أذكر ما الذي حدث.
أذكر أصوات الجيران ، و أمي والجميع ، و أنا لا أستطيع فتح عيني.
أفقتُ على سرير المشفى ، و مجموعة من الأطباء ، و رائحة المشفى الكئيبة .
كان مؤلما ما يفعله الطبيب ، يُدخل إبرة في وجهي المسكين و يخيط ثقب وجهي .. من أخبره أن وجهي ثوب ممزق ؟
خمس غُرز أذكرها جيدا ، فلم أعطى حقنة تخدير . لم أستطع الرؤية جيدا بعيني اليسار لبعض الوقت ، لفّوا وجهي بطريقة غريبة ، وصفوا أدوية خاصة ، و عدنا للبيت.
في منتصف الطريق ، تمزقت خيوط الطبيب ، و سال دم وجهي ، و عدتُ للإغماء.
في المرة الثانية التي أدخل فيها الطبيب إبرة خياطته في وجهي لم أكن أشعر قط بشيء .
عدنا بسلام للبيت ، و على وجهي سبع غُرز، وندبة باقية لليوم . ندبة تُخبرني أن أشباهي الأربعين لا يمكن لهم أن يحملوا ندبة مثلي .

إني اذوب في الجحيم صديقي أو ما أطلقته عنك الوتين ..أراني أنحدر في الهاوية أتمنى يا صديقي أن تغفر لي الندوب الظاهرة واللاظاهرة لم أتعمد إحداث كل هذه الكوارث العابرة لديك .

كنت تظن بانك تستطيع إخفاء الوجع لكنك مخطئ، مثلما أخطأُتُ_أنا_كثيرا يوم هربت و مازلت أهرب ظنّا مني أن ما نهرب منه لا يظهر على أجسادنا ، و أنه يمكننا أن نُخفي كل الثقوب بثوب أو قطعة قماش أو حتى كريم من كريمات التجميل القذرة.