تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى العام > منتدى الأخبار العالمية

> المجاهد حسن نصرالله يرد على مسرحية المصريين

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
د.محمد
عضو مبتدئ
  • تاريخ التسجيل : 19-04-2009
  • المشاركات : 23
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • د.محمد is on a distinguished road
د.محمد
عضو مبتدئ
رد: المجاهد حسن نصرالله يرد على مسرحية المصريين
19-04-2009, 11:39 AM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة saidsoltane07 مشاهدة المشاركة
من غير اللائق ان تستدل بما يقول ابو سفيان عن معاوية فهو ابوه ولا تقبل شهادته حتما.
كثرة الملام والتدجيل والتضليل لن تفيد شيئا ولن تجعل الفيل يطير.
التيار السلفي طالما يبرر لنفسه الكذب فلن يفلح في اقناع الناس ولن يوفقه الله حتما.


قال ابن حجر في الفتح:7/81: (وأخرج ابن الجوزي أيضاً من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي ما تقول في علي ومعاوية ؟ فأطرق ، ثم قال: إعلم أن علياً كان كثير الأعداء ، ففتش أعداؤه له عيباً فلم يجدوا ، فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه ، كياداً منهم لعلي ! فأشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له ! وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة ، لكن ليس فيها ما يصح من طريق الإسناد . وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما).



قال الحاكم: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب بن يوسف يقول: سمعت أبي يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: لايصح في فضل معاوية حديث . ولما لم يجد البخاري حديثاً يصح من مناقب معاوية قال عند عدِّ مناقب الصحابة من صحيحه: باب ذكر معاوية رضي الله عنه ! فقال ابن حجر في فتح الباري: 7/83: أشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له


وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة: اتفق الحفاظ على أنه لم يصح في فضل معاوية حديث . وقال ابن حجر في لسان الميزان:1/374: إسحاق بن محمد السوسي ذاك الجاهل الذي أتى بالموضوعات السمجة في فضائل معاوية رواها عبيد الله السقطي عنه ، فهو المتهم بها أو شيخه !

سير اعلام النبلاء للحافظ الذهبي:
ابن راهويه يقول : لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضل معاوية شيء .
http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=60&ID=252&idfrom=293&idto=3 02&bookid=60&startno=3#docu




وفي الوافي بالوفيات في ترجمة النسائي أبوعبدالرحمن يقول الصفدي عن النسائي : وأنكر عليه قوم كتاب الخصائص لعلي رضي الله عنه وتركه تصنيفه فضائل الشيخين , فذكر له في ذلك فقال : دخلت دمشق والمنحرف بها عن علي كثير فصنفت الخصائص رجاء أن يهديهم الله تعالى , ثم صنف بعد ذلك فضائل الصحابة فقيل له : ألا تخرج فضائل معاوية ؟
فقال : أي شي أخرج اللهم لاتشبع بطنه ؟
فسكت السائل

الصفدي , صلاح الدين خليل بن أيبك , الوافي بالوفيات , ج6 , قسم 6 , طبعة 1992 , ص416 , ترجمة النسائي أبوعبدالرحمن , تحت رقم 2934

(رفضه لذكر أي فضيلة لمعاوية)

روى أبوعبدالله بن مندة عن حمزة العقبي المصري وغيره أن النسائي خرج من مصر في آخر عمره إلى دمشق , فسئل بها عن معاوية وماجاء في فضائله , فقال : لايرضى برأس حتى يفضل ؟
قال : فمازالوا يدفعون حضنيه حتى أخرج من المسجد ثم حمل إلى مكة فتوفى بها . كذا قال , وصوابه إلى الرملة

الذهبي , شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان , سير أعلام النبلاء , ج14 , مؤسسة الرسالة , بيروت , الطبعة التاسعة 1993 , ص132

(مات طعنا بخصيتيه)

قالوا : دخل إلى دمشق فسأله أهلها أن يحدثهم بشيء من فضائل معاوية
فقال : أما يكفي معاوية أن يذهب رأسا برأس حتى يروى له فضائل ؟
فقاموا إليه فجعلوا يطعنون خصيتيه حتى أخرج من المسجد الجامع فسار من عندهم إلى مكة فمات بها في هذه السنة

ابن كثير , عماد الدين أبوالفداء إسماعيل بن عمر , البداية والنهاية , ج11 , مكتبة المعارف , بيروت , طبعة 1991
ص124 , ترجمة النسائي أحمد بن علي
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية محمد الأمين22
محمد الأمين22
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 12-11-2008
  • المشاركات : 1,354
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • محمد الأمين22 will become famous soon enough
الصورة الرمزية محمد الأمين22
محمد الأمين22
عضو متميز
رد: المجاهد حسن نصرالله يرد على مسرحية المصريين
19-04-2009, 02:14 PM
السلام عليكم

حتى لا تمر الأمور مر الكرام

يضحكون عليكم و أنتم في غفلة من أمركم تعمهون

متعوا أبصاركم يا أيها المنخدعون

الأحاديث النبوية في فضائل معاوية بن أبي سفيان

بسم الله الرحمان الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد المرسلين. أما بعد: الأحاديث في فضائل معاوية رضي الله عنه ومناقبه، كثيرة مشهورة بعضها في الصحيحين. نذكر من هذا الأحاديث:
اللهم اجعله هاديا مهديا

أخرج الإمام البخاري بسند صحيح في التاريخ الكبير (5|240): عن أبي مسهر حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن (الصحابي عبد الرحمن) بن أبي عميرة قال: قال النبي r لمعاوية: «اللهم اجعلهُ هادِياً مَهديّاً واهده واهدِ به». إنظر أيضاً مسند الشاميين (1|190) و الآحاد والمثاني (2|358).
أبو مسهر قال عنه الخليلي:«ثقةٌ إمامٌ حافظٌ متفقٌ عليه»، كما في تهذيب التهذيب (6|90). سعيد إمام ثقة ثبت مجمعٌ على توثيقه، قال عنه أحمد في المسند: «ليس بالشام رجل أصح حديثاً من سعيد بن عبد العزيز، هو والأوزاعي عندي سواء»، كما في سير أعلام النبلاء (8|34) و تهذيب الكمال (10|539). وكان إماماً فقيهاً زاهداً شديد الورع. ربيعة بن يزيد إمام ثقة مجمعٌ على توثيقه، قال ابن حبان عنه في الثقات: «كان من خيار أهل الشام»، كما في تهذيب التهذيب (3|228). يونس بن ميسرة مجمعٌ على توثيقه، كما في التهذيب (11|394)، وقال عنه أبو حاتم: «كان من خيار الناس». وكذلك مروان بن محمد ثقة، كما في التهذيب (10|86).
قال البخاري في التاريخ الكبير (5|240): «عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني، يعد في الشاميين. قال أبو مسهر: حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن ابن أبي عميرة، قال النبي r لمعاوية: "اللهم اجعله هاديا مهديا واهده واهد به". وقال عبد الله عن مروان، عن سعيد عن ربيعة، سمع عبد الرحمن، سمع النبي r مثله».
و هذا إسناد رجاله كله ثقات أثبات أخرج لهم الشيخان. و قد توبع أبو مسهر (بجماعة كالوليد بن مسلم، ومروان بن محمد الطاطري، وعمر بن عبد الواحد، محمد بن سليمان الحراني) و كذلك ربيعة (توبع بيونس بن ميسرة). وقد علمنا أنه لو كان الإسناد متصلاً ورجاله ثقات وخلى المتن من شذوذٍ وعلة، فإننا نحكم على الحديث بالصحة. وقد وقع التصريح بالسماع في جميع طبقات الإسناد، وسنده صحيح، ورجاله ثقات أثبات. وهذا الحديث صحيح بلا ريب على شرط مسلم.
فقد احتج مسلم برواية أبي مسهر ومروان بن محمد عن سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بنيزيد، في حديث «يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي». وهو الحديث الذي قال فيه الإمام أحمد بن حنبل: «هو أشرف حديثٍ لأهل الشام». وهو حديثٌ مجمعٌ على صحته. والحديث الذي نتكلم عليه، هو بنفس إسناد ذلك الحديث. وإنما اختلف الصحابي، وهذا لا يضر لأن الصحابة كلهم عدول.
و قد حاول أحد المبتدعة المعاصرين جاهداً تضعيف الحديث، فجمع شبهات عليه هي أوهى من بيت العنكبوت:
1– طعنه في الصحابي الجليل عبد الرحمان المزني (وليس الأزدي) t. وهو أخو الصحابي الجليل محمد بن أبي عميرة t (لم يختلف أحد في صِحَّة صُحبته). وقد ترجم له ابن عساكر بستة صفحات في تاريخ دمشق.
وجاء في علل ابن أبي حاتم (2|362): سألت أبي عن حديث رواه الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز عن يونس بن ميسرة بن حليس عن عبد الرحمن بن عميرة الأزدي أنه سمع رسول الله r يقول:وذكر معاوية فقال:«اللهم اجعله هادياً مهدياً واهدِ به». قال أبي:«روى مروان وأبو مسهر عن سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن ابن أبي عميرة عن معاوية: "قال لي النبي r"». قلت لأبي: «فهو ابن أبي عميرة، أو ابن عميرة؟». قال: «لا. إنما هو ابن أبي عميرة». فسمعت أبي يقول: «غلط الوليد، وإنما هو ابن أبي عميرة، ولم يسمع من النبي r هذا الحديث».
ومن هنا ظنّ ابن عبد البر أن المقصود عدم صحة صحبة إبن أبي عميرة t. وقد ردّ عليه إبن حجر في الإصابة بما يثبت قطعاً سماعه وصحبته (علماً أن أبا حاتم نفسه قد ذكر أن لابن أبي عميرة صحبة، كما في الإصابة). وليس هذا مقصود أبي حاتم، و إنما المقصود هو أن هذا الحديث ليس فيه التصريح بالسماع، وفيه ترجيح لرواية أبي مسهر (الذي ذكرناها أعلاه) على رواية الوليد بن مسلم (التي فيها التصريح بالسماع) لأنه سُئل عن هاتين الروايتين فأجاب بهذا. فهو ينص على أن ابن أبي عميرة لم يسمع هذا الحديث بالذات من رسول الله r، بل سمعه من معاوية t. وإلا فإن أبا حاتم الرازي ممن يثبتون صحبة ابن أبي عميرة t. وعلى أية حال فقد روى الحديث (هاديا مهديا): أبو زرعة الشامي وعباس الترقفي عن أبي مسهر، وفيه التصريح بالسماع أيضاً. فهو إذاً المحفوظ. وأرى أن أبا حاتم –رحمه الله- قد وهم في ذكر معاوية في الإسناد، تبعاً للسؤال. ذلك لأنه لم نجد ذكر معاوية لا في طريق صحيح ولا سقيم لهذا الحديث.
و عبد الرحمن بن عميرة قد ذكره ابن حجر في القسم الأول من "الإصابة"، مما يعني أنه عنده ممن ثبتت له رؤية أو سماع. وقد أثبت صحبته –كما في "الإصابة"– كل من: أبي حاتم الرازي، وابن السكن، والبخاري (أمير المؤمنين في الحديث)، وابن سعد، ودُحيم (وهو المرجع في تعديل وجرح الشاميين)، وسليمان بن عبد الحميد البهراني. وكذلك أثبت صحبته ابن قانع في معجم الصحابة (2|146)، و الذهبي في تجريد أسماء الصحابة (3742) وفي تاريخ الإسلام (4|309) وفي غيرهما، وبقي بن مخلد في مقدمة مُسنده (#355)، والترمذي في تسمية الصحابة (#388)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة (1|287)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (4|489)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5|273)،وابن حبان في الثقات (3|252)، وأبو بكر بن البرقي في كتاب الصحابة، وأبو الحسن بن سميع في الطبقة الأولى من الصحابة، وأبو بكر عبد الصمد بن سعيد الحمصي في "تسمية من نزل حمص من الصحابة"، وابن منده، وأبو نعيم، والنووي في تهذيب الأسماء واللغات (2|407)، والخطيب البغدادي في تالي تلخيص المتشابه (2|539)، والشيباني في الآحاد والمثاني (2|358)، والمِزِّي في تهذيب الكمال (17|321)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (35|230)، وأبو نصر الحافظ، وابن فتحون. هذا عدا الإمام سعيد بن عبد العزيز التنوخي –راوي الحديث– وهو أدرى به، وكلامه معتمدٌ في جرح وتعديل الشاميين. بل أفرد له الإمام أحمد بن حنبل جزءً في مسنده. مما يدل على تحقق الإجماع (قبل ابن عبد البر) على صحة صحبة عبد الرحمن.
ولذلك شنّع الحافظ ابن حجر بشدة على ابن عبد البر في ذلك، وسرد عدداً من الأحاديث المصرحة بسماعه من النبي r، ثم قال: «فما الذي يصحّح الصُّحبةَ زائداً على هذا؟!». وابن عبد البر ذكره شيخ الإسلام بالتشيع في منهاج السنة (7|373). وهو واضح لمن قرأ كتبه وبخاصة تراجم بعض الصحابة بكتابه الاستيعاب. والعجيب أنه زعم أن من الرواة من أوقف الحديث. وهذا باطل لا شك في ذلك. وهناك من بحث طرق هذا الحديث بتوسع جداً مثل ابن عساكر وغيره، فما عثر أحد على من أوقف الحديث، ولا حتى من ذكر ذلك. ولهذا قال ابن حجر عن ابن عبد البر (كما في الأربعون المتباينة 22): «وجدنا له في "الاستيعاب" أوهاماً كثيرة، تتبع بعضها الحافظ ابن فتحون في مجلدة».
2– زعم المبتدع أن إسناد الحديث مضطرب. وذلك لأنه روي عن سعيد عن ربيعة ويونس. والجواب أن كلا الطريقين محفوظ عن الوليد بن مسلم. فقد رواه أحمد في مسنده (4|216): «حدثنا علي بن بحر، حدثنا الوليد ابن مسلم، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن عبد الرحمن به». وعلي بن بحر هذا ثقة، وسعيد التنوخي ثقةٌ ثبتٌ فضّله أبو مسهر على الأوزاعي. فمن كانت هذه صفته، احتمل تعدد الأسانيد. وعلى فرض المخالفة فقد رجّح أبو حاتم الرواية الأولى التي رواها أيضاً أبو مسهر ومروان. وكذلك فعل ابن عساكر (59|84). أما الرواية الثانية فلم يتفرّد بها الوليد، بل تابعه عليها عمر بن عبد الواحد (ثقة) عند ابن شاهين كما في الإصابة. فثبت أن كلا الطريقين محفوظين وليس هناك اضطراب في الحديث.
وقد أثبت ذلك الحافظ ابن حجر فقال في الإصابة (4|343) عن هذا الحديث: «ليست للحديث الأول علة الاضطراب، فإن رواته ثقات. فقد رواه الوليد بن مسلم وعمر بن عبد الواحد عن سعيد بن عبد العزيز –فخالفا أبا مسهر في شيخه– قالا: سعيد عن يونس بن ميسرة عن عبد الرحمن بن أبي عميرة. أخرجه ابن شاهين من طريق محمود بن خالد عنهما. وكذا أخرجه ابن قانع من طريق زيد بن أبي الزرقاء عن الوليد بن مسلم».
3– طعنه بالإمام التنوخي بحجة أنه اختلط. قلت: أما إعلال الحديث باختلاط سعيد بن عبد العزيز فليس بسديد، وذلك لأنه لم يحدّث وقت اختلاطه، بنص من وصفه بالاختلاط وهو أبو مسهر (وإليه المرجع في جرح وتعديل الشاميين). قال ابن معين في تاريخ الدوري (4|479): «قال أبو مُسْهِر: كان سعيد بن عبد العزيز قد اختلط قبل موته، وكان يُعرض عليه قبل أن يموت، وكان يقول: لا أجيزها!». ولذلك فقد احتج مسلم بحديثه من رواية أبي مسهر، والوليد بن مسلم، ومروان بن محمد، وهم نفسهم الذين رووا هذا الحديث عنه. وسعيد التنوخي، ثقة حجة، في مستوى الأوزاعي أو يزيد، فكيف يضعف حديثه بعد ذلك؟!
فلم يُعِلَّ الحديث بهذا أحدٌ من الحفاظ، بل لا تجد مِن مُتقدِّميهم أحداً يُعل باختلاط سعيد أصلاً. فهو أثبتُ الشاميين وأصحُّهم حديثاً، كما قال الإمام أحمد وغيرُه. وما غمز فيه أحد، بل ساووه بالإمام مالك، وقدّموه على الأوزاعي، واحتج بروايته الشيخان وغيرُهما مطلقاً.
ومَن روى الحديث عنه هو أبو مسهر: عالمٌ بالحديث يَقظٌ متثبّت، بل أثبت الشاميين في زمانه عموماً، وأثبتهم في سعيد خصوصاً. وكان سعيد يقدّمُه ويخصُّه. وقد رفع من أمره وإتقانه جداً الإمامان أحمد وابن معين. وأبو مسهر عالم باختلاط شيخه، بل إن كشفَه لاختلاط شيخه من تثبّته، فيَبعُد أن يأخذَ عن شيخه ما يُحْذَرُ منه. قال الشيخ الألباني في الصحيحة (4|616) بعد أن ذكر متابعة أربعة من الثقات لأبي مُسهر: «فهذه خمسة طرق عن سعيد بن عبد العزيز، وكلهم من ثقات الشاميين. ويبعد عادة أن يكونوا جميعاً سمعوه منه بعد الاختلاط. وكأنه لذلك لم يُعله الحافظ بالاختلاط».
4– زعمه أن الحديث مرسل. قال هذا المبتدع: «ولو ثبت لابن أبي عميرة صحبة، فهذا الحديث بالذات نص أهل الشام على أنه لم يسمعه من النبي r كما في علل الحديث لابن أبي حاتم». قلت: هذا من هراءه ومحاولته لتضعيف الحديث بأي طريقة كانت. فمرسل الصحابي حجة باتفاق علماء الحديث، عدا أننا قد سبق وأوضحنا أن أبا حاتم لم يقصد في كلامه ما أراده ذلك المبتدع. والحديث إسناده صحيح بلا ريب.
وإضافة لهذه الشبهات، أضيف لها شبهات أخرى ذكرها أحد الزيدية. وهي شبهات أشد وهناً من الأولى لأن صاحبها يعتمد على أصول وقواعد الحديث عند الشيعة الزيدية وليس عند أهل السنة. وإليك هذه الشبهات والرد عليها:
5– محاولته تعليل الحديث بروايات ومتابعات ضعيفة ساقطة لا تصح. وغالب هذه الروايات ذكرها ابن عساكر في تاريخ دمشق. هذا مع اعتراف هذا المبتدع بأن في أسانيد هذه الروايات الضعيفة كذابين. فكيف يعتمد على روايات كهذه في إعلال الأحاديث الصحيحة؟ لأنه كما قال الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح: «الضعيف لا يُعَـلُّ به الصحيح». وهذا من بديهيات علم الحديث عند أهل السنة. ولولا ذلك لما كاد يبقى حديثٌ في صحيحي البخاري ومسلم، إلا وأمكن تضعيفه برواية الضعفاء والكذابين. والاضطراب معناه تعارض الروايات بحيث يستحيل الترجيح، لا مجرد تعارض الصحيح مع الضعيف! وقد سبق نقلنا قول الحافظ ابن حجر في الإصابة (4|343) عن هذا الحديث: «ليست للحديث الأول علة الاضطراب، فإن رواته ثقات».
6– محاولته الخلط بين ربيعة بن يزيد الدمشقي، وربيعة بن يزيد السَّلَمي. قلت: أجمع المحدثون كلهم على أن السلمي ليس له أي رواية، بل هو رجل يكاد يكون مجهولاً. ولا نعرف عنه إلا أن الإمام البخاري جزم في تاريخه الكبير (3|280) بأن له صحبة. وقال ابن حبان في الثقات (3|129): «يقال إن له صحبة». وقال العسكري: «قال بعضهم إن له صحبة». ولم ينف ذلك إلا ابن عبد البر (وهو متأخر) إذ قال في الاستيعاب (2|495): «ربيعة بن يزيد السلمي: ذكره بعضهم في الصحابة، ونفاه أكثرهم (!!). وكان من النواصب يشتم علياً. قال أبو حاتم الرازي: لا يروى عنه ولا كرامة، ولا يذكر بخير. ومن ذكره في الصحابة لم يصنع شيئاً».
قلت: وهذا وهمٌ قبيحٌ من ابن عبد البر. فما زعمه أن أكثرهم نفاه غير سديد، إذ لم ينف الصحبة عن ربيعة السلمي إلا هو (ابن عبد البر). وما نسبه لأبي حاتم الرازي لا يصح. وليس عنده إسناد عنه، إنما هو صحيفة وجدها، كما اعترف في ترجمة ربيعة الجرشي. وقد ذكر ابن أبي حاتم الرازي في الجرح والتعديل (3|472): «ربيعة بن يزيد السلمي: ليس بمشهور، ولا يُروى عنه الحديث. وقال بعض الناس له صحبة. سمعت أبي يقول ذلك». فثبت بطلان ما زعمه ابن عبد البر عن أبي حاتم، ولعله وهم في ترجمة شخص آخر إذ هو يروي وجادةً قد يكثر فيها التصحيف، إن صحت نسبتها أصلاً!
ولذلك قال الحافظ ابن حجر في الإصابة (2|477): «وقد استدرك ابن فتحون، وأبو علي الغساني، وابن معوز على أبي عمر (أي ابن عبد البر) اعتماداً على قول البخاري». وهذا قول صحيح. فإن ابن عبد البر (ت 463هـ) من المتأخرين. ومثله لا يصح أن يتكلم في مسألة إثبات الصحبة إن لم يكن له سلف بها، فضلاً عن دليل يتكلم به. فكيف يرد واحد متأخر، بغير برهان ولا دليل على ما جزم به أمير المؤمنين بالحديث محمد بن إسماعيل البخاري؟!
وهذا كله على أية حال لا علاقة له بموضوعنا. فقد أجمع العلماء أن السلمي هذا ليس له رواية حديث. وإنما رواية الإمام التنوخي الدمشقي من طريق ابن بلده: ربيعة بن يزيد الدمشقي، وليس السَّلَمي. وهذا مما اعترف به المبتدع الزيدي المومئ إليه. بل إنه يتبجح بذلك ويقول بصراحة: «وهذا أيضاً مما لم أجد من نَبَّهَ عليه قبل، ولو احتمالاً». قلت: فاعرف قدرك إذاً أمام أئمة أهل السنة، فليس قولك بشيء أمام إجماعهم.
وفي كل الأحوال فإن ربيعة بن زيد الدمشقي لم يتفرد بهذا الحديث، بل تابعه عليه يونس بن ميسرة (كما أسلفنا)، وهو إمام ورِعٌ حافظٌ لا خلاف في توثيقه.
7– وحاول إثبات ما زعمه بأن مناسبة الحديث كانت عندما عزل عثمان بن عفان t لعمير بن سعد الأنصاري t من ولاية حمص وولاها معاوية t. فقد أخرج الخلال في كتابه السنة (2|450): أخبرنا يعقوب بن سفيان أبو يوسف (ثقة) قال ثنا محمود بن خالد الأزرق (السلمي، ثقة) قال ثنا عمر بن عبد الواحد (ثقة) قال ثنا سعيد بن عبد العزيز (ثقة) عن ربيعة عن يزيد (ثقة): «إن بعثاً من أهل الشام كانوا مرابطين بآمد. وكان على حمص عمير بن سعد. فعزله عثمان وولى معاوية. فبلغ ذلك أهل حمص فشق عليهم. فقال عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني: سمعت رسول الله r يقول لمعاوية: اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به».
وزعم بأن ذلك كان عام 24هـ، وربيعة توفي بعد عام 120هـ. ثم حاول إيهام القارئ بوجود انقطاع بين ربيعة والصحابي الجليل عبد الرحمان t، ثم اتهامه لربيعة بالتدليس! وقال: وهي العلة «عرفناها بالاستقراء. وإن لم ينبه لذلك أهل الحديث». قلت: لم ينبهوا عليها لأنه لا أساس لها أصلاً.
وليس هناك انقطاع أصلاً في السند ولا إرسال. لأنه ليس في القصة أن ربيعة الدمشقي كان حاضراً، وإنما هو سمعها عن الصحابي عبد الرحمان t فرواها عنه. والمعاصرة بينهما متحققة بلا شك. وفي الصحيح أمثلة كثيرة لأحاديث روى التابعي قصتها مرسلاً لكنهم صححوها لأنه روى المرفوع منها مسنداً، فحملوا أنه سمع القصة كذلك من الصحابي. ومثال ذلك حديث «هل تُنصَرون وتُرزَقون إلا بضعفائكم؟» الذي أخرجه البخاري في صحيحه. هذا بالإضافة إلى متابعة يونس بن ميسرة لربيعة. وإلى وقوع التحديث بين ربيعة الدمشقي وعبد الرحمان r في عدد من طرق الحديث.
يُذكر أن هذه القصة، فيها تصريح بسماع الصحابي عبد الرحمان t لهذا الحديث بالذات من رسول الله r. وقد أثبت الشيعي هذا الحديث. فكيف يطعن إذاً في صُحبة عبد الرحمان t؟! فظهر أنه يحاول تضعيف الحديث بأي طريقة، حتى لو ظهر فيها تناقضه الواضح. فنعوذ بالله من اتباع الهوى.
8– محاولته الطعن برواة الحديث، فقد بحث كتب الرجال كلها، ولم يجد في إسناد الحديث مطعنٌ ولا مغمز. فإن كلهم قد انعقد الإجماع على توثيقهم والاحتجاج بهم. فلم يقدر إلا أن يأتي بحجج باردة سخيفة وهي: كونهم شاميون! وهذه عند الشيعة تهمة توجب رد حديثهم كله. وحاول جاهداً البحث في سيرتهم الشخصية ليطعن بهم بتهمة أنهم عاشوا في دمشق عاصمة الأمويين. أقول، فليقرأ القارئ المنصف تراجمهم في سير أعلام النبلاء، وما قاله علماء أهل السنة فيهم، ثم ليحكم عليهم بعدها. فإنهم كلهم متفقين على عدالتهم وضبطهم وزهدهم وعبادتهم وشدة ورعهم وسعة علمهم وفقههم. وكلهم من خيار أهل الشام.
وما زعمه من أن مجرد كون الرجل شامياً يعني أنه ناصبي، فهذا افتراء واضح. ولنا أن نقول عندئذٍ أن كل عراقي شيعي يجب علينا رد حديثه. فهل يقبل هذا الزيدي بهذا؟ وعلى أية حال فلا أهمية لرأيه أصلاً عندنا. إنما اعتمادنا على أقوال أئمتنا من أهل السنة. وأما مجرد كيل التهم بلا دليل، فهذا هوىً مرفوض لا يقبله أحد.
ثم وجدت أيضاً شبهات متهالكة ألقاها طلبة ناشئون في هذا العلم، وإليك إياها:
9– قال ابن الجوزي في العلل المتناهية (1|275) بعد أن ساق الحديث من طريقالوليد بن سليمان، وطريق أبي مسهر: «هذان الحديثان لا يصحان...». وهذا من أعجب ما رأيت! فقد أخطأ أخطاء مركبة في تضعيفه. فذكر أن مدار الحديث على محمد بن إسحاق البلخي، وهو ليس بثقة. فرد عليه الذهبي في تلخيص العلل المتناهية (225): «وهذا جهل منه. فإنما محمد بن إسحاق هنا هو أبو بكر الصاغاني، ثقة». ثم أبطل الذهبي نسبة التفرد له، وهذا واضح في سياق طرق الحديث. ثم قال ابن الجوزي: «إن في سنده الآخر إسماعيل بن محمد، وقد كذّبه الدارقطني. فرد عليه الذهبي: «وهذه بليّة أخرى! فإن إسماعيل هنا هو الصفار، ثقة، والذي كذبه الدارقطني هو المزني، يروي عن أبي نعيم». والحديث مروي من غير هذين الرجلين، وعيب ابن الجوزي تسرعه في الحكم من غير استيفاء الطرق.
10– وقد ناقشت في هذا الحديث أحد أهل السنة المتشيعين. فبذل جهداً كبيراً في إيجاد علةٍ حقيقيةٍ (وفق نهج أهل السنة في علم الحديث)، فلم يعثر في الحديث على أية علة. فلم يجد طريقة لتضعيفه إلا بأن يزعم بأن في الحديث علة خفية لا يعرفها!
وهذا دليل على انقطاع حجته، وكلامه باطل لا يقبل عند أهل الصنعة. فإن قيل نرد الحديث في الموضع الذي نرى أنه باطل. قلنا هذا هو التحكم بالباطل. فأين الدليل الذي ستعتمدون عليه في رد الخبر بلا حجة؟ ولو قال بذلك خصومكم، فما يكون جوابكم عليهم؟! فأنتم تريدون إخضاع السنة لأهوائكم، فكيف تريدون أن يتبعكم الناس وبأية حجة؟! وأين البرهان؟ ]قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين[. أم أنه مجرد استحسانٌ بالرأي الشخصي؟ قال الإمام ابن حزم في الأحكام (1|134): «فمن حَكَمَ في دينِ الله –عز وجل– بما استَحسَنَ وطابت نَفْسُه عليه دُون برهانٍ من نصِّ ثابتٍ أو إجماع، فلا أحَدَ أضَلُّ منه، وبالله تعالى نعوذ من الخِذلان».
ثم لا يمكن أن يأتينا حديث صحيح الظاهر لا نجد له أي علة، ثم يكون في واقع الأمر باطلاً موضوعاً. قال ابن حزم (1|127): «إننا قد أمنا -ولله الحمد- أن تكون شريعة أمر بها رسول الله r، أو نَدَب إليها، أو فَعَلها -عليه السلام-، فتضيع ولم تبلغ إلى أحد من أمته: إما بتَوَاتُرٍ، أو بنقلِ الثقةِ عن الثقة، حتى تَبْلغَ إليه r. وأمِنَّا أيضاً قطعاً أن يكون الله تعالى يُفرِدُ بنقلها من لا تقوم الحُجَّة بنقله من العُدول. وأمِنَّا أيضاً قطعاً أن تكون شريعةٌ يخطىء فيها راويها الثقة، و لا يأتي بيانٌ جليٌّ واضحٌ بصحة خَطَئِه فيه».
ثم إذا جاز للشيخ أن يفتي بمجرد رأيه وهواه، فلماذا لا يجوز لعلماء الفيزياء والرياضيات مثلاً أن يفتوا في أمور الدين؟ فإن قال "المتعقلون" لأن علماء الرياضيات لا يعرفون شيئاً عن أصول الفقه والحديث، قلنا لهم طالما أنكم تفتون دون استنادٍ إلى كتابٍ أو سُنة، فما فائدة أصول الفقه والحديث إذاً؟ فإذا كان عندكم رأي في الدين ليس عليه دليلٌ لا من الكتاب ولا من السنة، فكل رَجُل له آراء ليس لها دليل. فإن زعمتم أن كل إنسان يحق له أن يفتي بالدين بغير علم ولا دليل، صرتم أضل الناس كلهم بنص القرآن. قال الله تعالى: ]فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ. وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ؟ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ[ (القصص:50). وقال كذلك: ]أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً؟ فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ؟ أَفَلا تَذَكَّرُونَ[ (الجاثـية:23). وقد نهى الله أشدّ النهي عن اتباع من يتبع هواه، فقال: ]وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً[ (الكهف: من الآية28).
اللهم علم معاوية الحساب وقه العذاب

و أخرج البخاري أيضاً بإسناد صحيح في تاريخه الكبير (5|240) و الطبراني في مسند الشاميين (1|190): قال أبو مسهر عن سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن عبد الرحمن بن أبي عميرة –وكان من أصحاب النبي r– عن النبي قال: «اللهم علم معاوية الحساب و قِهِ العذاب». و زيادة «وكان من أصحاب النبي r» عند الطبراني هي قول سعيد التنوخي كما يظهر في تالي تلخيص المتشابه (2|539). وهذا الإسناد الصحيح سبق الكلام عنه آنفاً. وهو حديث مشهور له طرق و شواهد كثيرة مرسلة أو متصلة تقويه وتثبت أنه ليس فيه تفرد، منها:
الشاهد الأول: أخرجه الإمام أحمد في مسنده (4|127) و الطبراني في معجمه الكبير (18|251) و غيرهم من طرق عن معاوية بن صالح عن يونس بن سيف عن الحارث بن زياد عن أبي رهم السمعي عن العرباض بن سارية t قال سمعت رسول الله r وهو يدعونا إلى السحور في شهر رمضان: «هلموا إلى الغذاء المبارك». ثم سمعته يقول «اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب». وقد أخرج الجزء الأول منه أبو داود (2|303) والنسائي (2|79). و الحديث كاملاً قد صححه إمام الأئمة إبن خزيمة (3|214) و ابن حبان (16|191).
معاوية بن صالح الحضرمي الحمصي: وثقه أكثرهم كأحمد و النسائي والعجلي وابن معين وابن مهدي وأبي زرعة. التهذيب (10|189). و يونس بن سيف: ثقة بلا خلاف. تهذيب الكمال (32|510) و تهذيب التهذيب (11|387). و الحارث بن زياد ذكره ابن حبان في الثقات. التهذيب (2|123). و أبو رهم السمعي هو أحزاب بن أسيد: ثقة مخضرم.
قال الخلال في العلل (141): قال مُهنّا، سألتُ أبا عبد الله (أحمد بن حنبل) عن حديث معاوية بن صالح، عن يونس بن سيف، عن الحارث بن زياد، عن أبي رُهم، عن العرباض بن سارية، قال: دعانا النبيُّ r إلى الغَداء المبارك، وسمعتُه يقول: "اللهم علّمه -يعني معاوية- الكتاب والحساب، وقِهِ العذاب". فقال (أحمد بن حنبل): «نعم، حدّثناه عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح». قلتُ: «إن الكوفيين لا يذكرون هذا: "علّمه الكتاب والحساب وقِهِ العذاب"، قَطَعوا منه؟». قال أحمد: «كان عبد الرحمن لا يذكُره. ولم يذكُرْه إلا فيما بيني وبينَه». أقول: وهذا نص عزيز، فيه بيان موقف العراقيين من التحديث بمثل هذا، ومحاولتهم كتمان الحديث لمجرد أن فيه بيان فضل لمعاوية t.
الشاهد الثاني: أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (2|915) و الطبراني في معجمه الكبير (19|439) و غيرهم عن جماعة عن أبي هلال حدثنا جبلة بن عطية عن مسلمة بن مخلد –أو عن رجل عن مسلمة بن مخلد– أنه رأى معاوية يأكل فقال لعمرو بن العاص: إن ابن عمك هذا المخضد. ما إني أقول ذا وقد سمعت رسول الله r يقول: «اللهم علمه الكتاب ومكن له في البلاد وقه العذاب».
أبو هلال الراسبي اسمه محمد بن سليم البصري: صدوق فيه لين. التهذيب (9|173). وهو حديث مرسل لأن جبلة بن عطية لم يلق مسلمة بن مخلد، بل بينهما رجل مجهول نسي اسمه أبو هلال. قال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء (3|125) عن هذا الحديث: «فيه رجل مجهول. وجاء نحوه من مراسيل الزهري ومراسيل عُروة بن رُوَيْم وحريز بن عثمان».
ورواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (2|913) بسند صحيح عن شُريح بن عُبيد مرسلاً. قال الألباني: «وهذا إسناد شامي مرسل صحيح، رجاله ثقات». ورواه الحسن بن عرفة في جزئه (66) ومن طريقه ابن عساكر (59|79) بسند صحيح عن حَرِيز بن عثمان الرَّحَبي مرسلاً. قال الألباني: «وهذا أيضا إسناد شامي مرسل صحيح». ورواه ابن عساكر (59|85) بسند صحيح عن يُونُس بن مَيْسَرة بن حَلْبَس مرسلاً.
قلت: وقد علمنا من شرط الإمام الشافعي في قبول المرسل (كما نص في الرسالة ص461) أنه لو جاء من وجه آخر دون أن يأتي ما يعارضه، فهو صحيح. فكيف وقد جاءنا هنا مُسنداً عن صحابيـَّين؟
الشاهد الثالث: أخرج الإمام أحمد في فضائل الصحابة (2|914): حدثنا أبو المغيرة ثنا صفوان قال حدثني شريح بن عبيد أن رسول الله r دعا لمعاوية بن أبي سفيان: «اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب».
هذا حديث مرسل قوي: شريح بن عبيد تابعي متفق على توثيقه، سمع من معاوية كما نص البخاري. التهذيب (4|288). صفوان بن عمرو بن هرم متفق على توثيقه. التهذيب (4|376). أبو المغيرة هو عبد القدوس بن الحجاج ثقة كذلك (6|329).
لا أشبع الله بطنه

وروى مسلم من حديث ابن عباس قال: كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله rـ فتواريت خلف باب. فجاء فحطأني حطأة وقال: «اذهب وادع لي معاوية». قال: فجئت فقلت هو يأكل. قال: ثم قال ل: «اذهب فادع لي معاوية». قال: فجئت فقلت: هو يأكل، فقال: «لا اشبع الله بطنه». وفي الحديث تأكيد لصحبة معاوية t و بأنه من كتاب رسول الله r. و ليس في الحديث ما يثبت أن ابن العباس t –وقد كان طفلاً آنذاك– قد أخبر معاوية t بأن رسول الله r يريده، بل يُفهم من ظاهر الحديث أنه شاهده يأكل فعاد لرسول الله r ليخبره. فأين الذم هنا كما يزعم المتشدِّقون؟! و في الحديث إشارة إلى البركة التي سينالها معاوية من إجابة دعاء النبي r. إذ فيها تكثير الأموال والخيرات له t. فلا أشبع الله بطنك، تتضمن أن الله سيرزقك رزقاً طيباً مباركاً يزيد عمّا يشبع البطن مهما أكلت منه. و قد كانت تأتيه –رضي الله عنه– في خلافته صنوف الطيبات التي أغدقت على الأمة كما ذكر إبن عساكر في تاريخ دمشق.
هذا مع العلم أن الحديث هذا فيه ضعف في إسناده. إذ تفرد به عمران بن أبي عطاء الأسدي أبو حمزة القصاب الواسطي و هو ضعيف. قال أبو زرعة: «بصري لين». وقال أبو حاتم والنسائي: «ليس بالقوي». وقال الأجري عن أبي داود: «يقال له عمران الحلاب: ليس بذاك، وهو ضعيف». (التهذيب 8|120). فهذا حديث لا تقوم به حجة، حتى لو أخرجه مسلم، فقد أخرج عن عكرمة بن عمار حديثاً فيه غلط فاحش عن فضائل أبي سفيان r. وعكرمة أحسن من القصاب هذا. و لست أول من ضعف هذا الحديث، فقد قال العقيلي في ضعفائه (3|299) عن حديث القصاب هذا: «لا يتابع على حديثه، ولا يُعرف إلا به».
وعلى أية حال فلمعاوية r فضائل أخرى غير هذا الحديث، وفي الصحيح ما يغني عن الضعيف. وفي أي حال فهذا لا ينفي أن معاوية t كان من كتاب الوحي، بل أثبت ذلك إمام الحديث أحمد بن حنبل وأمر بهجر من يجحد بتلك الحقيقة. و لذلك لمّا سأل رجلٌ الإمام أحمد بن حنبل: «ما تقول –رحمك الله– فيمن قال: لا أقول إن معاوية كاتب الوحي، ولا أقول أنه خال المؤمنين، فإنه أخذها بالسَّيف غصْباً؟». قال الإمام أحمد: «هذا قول سوءٍ رديء. يجانبون هؤلاء القوم، و لا يجالسون، و نبيِّن أمرهم للناس». السنة للخلال (2|434). إسناده صحيح. ومن المعلوم أيضاً أن الإمام أحمد لم ينفرد بأي قول من الأقوال أو الاعتقادات دون من سبقه، كيف وهو القائل «إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام»؟!.
أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا

أخرج البخاري –رحمه الله– في صحيحه من طريق أنس بن مالك عن خالته أم حرام بنت ملحان قالت: نام النبي r يوماً قريباً مني، ثم استيقظ يبتسم، فقلت: ما أضحكك؟ قال: «أناس من أمتي عرضوا عليّ يركبون هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة». قالت: فادع الله أن يجعلني منهم. فدعا لها، ثم نام الثانية، ففعل مثلها، فقالت قولها، فأجابها مثلها، فقالت: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: «أنت من الأولين». فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازياً أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية، فلما انصرفوا من غزوتهم قافلين، فنزلوا الشام، فَقُرِّبت إليها دابة لتركبها، فصرعتها فماتت. البخاري مع الفتح (6|22).
قال ابن حجر معلقاً على رؤيا رسول الله r: «قوله: " ناس من أمتي عرضوا علي غزاة.." يشعر بأن ضحكه كان إعجاباً بهم، وفرحاً لما رأى لهم من المنزلة الرفيعة».
وأخرج البخاري أيضاً من طريق أم حرام بنت ملحان t قالت: سمعت رسول الله r يقول: «أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا». قالت أم حرام: قلت: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: «أنت فيهم». ثم قال النبي r: «أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر (أي القسطنطينية) مغفور لهم». فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: «لا». البخاري مع الفتح (6|22). ومسلم (13|57).
ومعنى أوجبوا: أي فعلوا فعلاً وجبت لهم به الجنة. قاله ابن حجر في الفتح (6|121). قال المهلب بن أحمد بن أبي صفرة الأسدي الأندلسي (ت 435هـ) معلقاً على هذا الحديث: «في هذا الحديث منقبة لمعاوية لأنه أول من غزا البحر». انظر الفتح (6|120). قلت ومن المتفق عليه بين المؤرخين أن غزو البحر وفتح جزيرة قبرص كان في سنة (27هـ) في إمارة معاوية رضي الله عنه على الشام، أثناء خلافة عثمان t. انظر تاريخ الطبري (4|258) و تاريخ الإسلام للذهبي عهد الخلفاء الراشدين (ص317). وكذلك غزو القسطنطنية كان في منتصف عهده.
قال إبن كثير: «و قد كان يزيد أول من غزى مدينة قسطنطينية في سنة تسعٍ و أربعين في قول يعقوب بن سفيان، و قال خليفة بن خياط سنة خمسين. ثمّ حجّ بالناس في تلك السنة بعد مرجعه من هذه الغزوة من أرض الروم. و قد ثبت في الحديث أن رسول الله r قال: "أول جيش يغزو مدينة قيصر مغفور لهم". و هو الجيش الثاني الذي رآه رسول الله r في منامه عند أمِّ حِرَام فقالت: "ادع الله أن يجعلني منهم". فقال: "أنت من الأوّلين"، يعنى جيش معاوية حين غزا قبرص ففتحها في سنة سبع و عشرين أيام عثمان بن عفان. و كانت معهم أم حرام فماتت هنالك بقبرص. ثم كان أمير الجيش الثاني ابنه يزيد بن معاوية، و لم تُدرِك أمَّ حَرَامٍ جيش يزيد هذا، و هذا من أعظم دلائل النبوة».
إن وليت أمراً فاتق الله واعدل

أخرج أبو يعلى في مسنده (13|370): حدثنا سويد بن سعيد حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد عن جده سعيد بن عمرو بن العاص عن معاوية قال: قال رسول الله r: «توضؤوا». قال فلما توضأ نظر إلي فقال: «يا معاوية، إن وليت أمرا فاتق الله واعدل». قال فما زلت أظن أني مبتلى بعمل لقول رسول الله r حتى ولِّيت».
قال الحافظ إبن حجر في الإصابة: «سويد بن سعيد فيه مقال، و قد أخرجه البيهقي في الدلائل من وجه آخر». قلت سويد بن سعيد ثقة شيخ مسلم، لكنه عمي فقبل التلقين فحدث بالمناكير. لكنه قد توبع من عدة وجوه، مما يثبت أنه حدث قبل أن يعمى أو أنه ثبت في هذا الحديث.
أخرج أحمد بن حنبل في مسنده (4|101): حدثنا روح قال ثنا أبو أمية عمرو بن يحيى بن سعيد قال سمعت جدي يحدث أن معاوية أخذ الإداوة بعد أبي هريرة يتبع رسول الله r بها، واشتكى أبو هريرة. فبينا هو يوضئ رسول الله r، رفع رأسه إليه مرة أو مرتين فقال: «يا معاوية، إن وليت أمراً فاتق الله عز وجل واعدل». قال: «فما زلت أظن أني مبتلى بعمل لقول النبي r، حتى ابتليت».
هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي: وثقه الدارقطني وغيره، وروى عنه البخاري، ولم يجرحه أحد. تهذيب التهذيب (8|104). وجدّه وثقه أبو حاتم وأبو زرعة والنسائي. تهذيب التهذيب (4|60). روح بن عبادة: ثقة كثير الحديث. التهذيب (3|253).
شبهة أن المحدثين الأوئل ضعفوا هذه الأحاديث

من الأخطاء التي وقع بها عدد من العلماء، توهمهم أن المتقدمين لم يصححوا شيئاً من هذه الأحاديث. و هذا خطأ بين واضح. وقد سبق وذكرنا عدد من المتقدمين ممن صححوا عددا كبيرا من الأحاديث في فضائل معاوية. ولعل سبب خطأهم هذا توهمهم أن جمعاً من أئمة السلف –رحمهم الله– لم يصححوا تلك الأحاديث. وسنرد على هذه الشبهات بالتفصيل فيما يأتي بعون الله:
1– وأما ما يتشدق به البعض من نقلهم عن إسحاق بن راهويه أنه قال: «لا يصح عن النبي r في فضل معاوية شيء». فهذا القول عن ابن راهويه باطل ولم يثبت عنه. فقد أخرج الحاكم كما في السير للذهبي (3|132) والفوائد المجموعة للشوكاني (ص 407) عن الأصم –أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم– حدثنا أبي، سمعت ابن راهويه فذكره. و في الفوائد: سقطت «حدثنا أبي»، و الأصم (ولد عام 247هـ) لم يسمع من ابن راهويه (توفي عام 238هـ). فيكون الأثر منقطعاً إن لم تكن ثابتة.
ويعقوب بن يوسف بن معقل أبو الفضل النيسابوري –والد الأصم– لم يوثقه أحد! فقد ترجمة الخطيب في تاريخه (14|286) فما زاد على قوله: «7582 يعقوب بن يوسف بن معقل أبو الفضل النيسابوري قدم بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهويه روى عنه محمد بن مخلد». ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وله ذكر في ترجمة ابنه من السير (15|453) ولم يذكر فيه الذهبي أيضاً جرحاً ولا تعديلاً، وذكر في الرواة عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم، ولم أجده في الجرح والتعديل، ولا في الثقات لابن حبان. و بهذا فإن هذا القول ضعيف لم يثبت عن إسحاق بن راهويه رحمه الله. وحاشى الإمام إسحاق من ذلك القول.
ولنفرض جدلاً أن والد الأصم كان ثقة (مع أنه ليس فيه توثيق)، فما قوة هذا القول؟ وما المقصود منه؟ فعندما نقل الإمام الترمذي عن شيخه الإمام البخاري إنكاره على من يرفض الاستشهاد بعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، فإن الحافظ الذهبي نسب الإمام الترمذي للوهم ورفض تلك المقولة. علماً أن الترمذي ينقل عن شيخه الذي لازمه مدة طويلة، والترمذي هو ما عليه من الحفظ والفهم والنباهة. فما قيمة عبارة باطلة ينقلها رجل مجهول الحال كوالد الأصم؟
2– وأما الشبهة الثانية وهي ما يشاع أن الإمام البخاري لم يجد في فضائل معاوية شيء، فقد أجاب عنها ابن حجر بقوله: «إن كان المراد أنه لم يصح منها شيء وفق شرطه –أي شرط البخاري– فأكثر الصحابة كذلك». انظر: تطهير الجنان عن التفوه بثلب سيدنا معاوية بن أبي سفيان (ص 11). ولكنه أخرج في صحيحه وتاريخه أحاديث صحيحة في فضائل معاوية t.
وأما أن الإمام البخاري عبّرفي ترجمة معاوية t بقوله: «باب ذكر معاوية رضي الله عنه»، ولم يقل فضيلة ولا منقبة. فإن الإمام البخاري كذلك عبّر في ترجمة عبد الله بن عباس t بقوله: «باب ذكر ابن عباس رضي الله عنهما»، ولم يقل فضيلة ولا منقبة. علماً أنه أخرج فيه قول رسول الله r: «اللهم علمه الحكمة». وهذا لا يختلف عاقل أنه فضيلة عظيمة لإبن عباس t. فهل يفهم أحد من ذلك أن عبد الله بن عباس ومعاوية بن أبي سفيان –رضي الله عنهم جميعاً– ليس لهم فضائل؟! هذا والله عين التهور.
3– والشبهة الثالثة زعمهم أن النسائي –رحمه الله– ضعَّفَ كل الأحاديث التي في فضل معاوية. ونقول لهم هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. وقد بينا في كلامنا عن تشيع النسائي أن هذا خطأ.
4– وشبهتهم الرابعة هي أن الحاكم لم يخرج في مستدركه شيئاً في فضائل معاوية مع ما عرف عنه تساهله في التصحيح. ونقول هاتوا برهانكم أن الحاكم يضعّف الأحاديث الصحيحة التي وردت في فضائل معاوية t. فهل ترك الحاكم لحديث يعني ضعف ذلك الحديث؟ وقد بينا في كلامنا عن تشيع الحاكم أن هذا خطأ. فهو لم يضعّف الحديث، لكن قلبه لم يطاوعه بسبب تشيعه، فآثر السكوت عن معاوية t. لكنه روى الحديث عنه وصححه على شرط الشيخان وترضى عنه.
5– ولعل أطرف شبهاتهم هي المقولة المنسوبة للإمام أحمد بن حنبل. فقد أخرج ابن الجوزي من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي ما تقول في علي ومعاوية؟ فاطرق ثم قال: «اعلم أن علياً كان كثير الأعداء. ففتش أعداؤه له عيباً فلم يجدوا. فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كياداً منهم لعلي». قلت هذه قصة عجيبة لم أقع على إسنادها. وابن الجوزي صاحب أوهام كثيرة. فهو يحتج بروايات موضوعة، وربما ينسب إلى الوضع أحاديث صحيحة ربما أخرجها البخاري ومسلم. وقد ذكرنا في ترجمته أقوال العلماء فيه وأنه لا يعتد كثيراً بنقله.
والقصة على أية حال ليس لها علاقة بموضوعنا، بل إن حشرها هنا من الطرف فعلاً. فإن الإمام أحمد –على فرض صحة القصة– قد أشار إلى أن أعداء علي t قد وضعوا أحاديث في فضائل معاوية t. وهذا شيء معروفٌ مسلّمٌ به، بل والعكس صحيح كذلك. فقد وضع شيعة علي الكثير من الأحاديث في ذم معاوية، وكلها موضوعة. ووضعوا الكثير الكثير في فضائل علي أكثر بأضعاف مما وضع النواصب في فضائل معاوية. قال الحافظ أبو يعلى الخليلي في كتاب "الإرشاد" (1|420): «قال بعض الحفاظ: تأمّلتُ ما وضعه أهل الكوفة في فضائل علي وأهل بيته، فزاد على ثلاثمئة ألف». وعلق على هذا الإمامُ ابن القيم في المنار المنيف (ص161): «ولا تستبعد هذا. فإنك لو تتبعت ما عندهم من ذلك لوجدت الأمر كما قال». قلت ولعل العدد أكبر من هذا، لو راجعنا كتبهم. فكان ماذا؟ هل نقول أنه لم يصح في فضائل علي t شيء لأن أكثر ما يروى في ذلك موضوع؟ سبحانك ربي، هذا بهتان عظيم. ولو كان أحمد يعتقد أن تلك الأحاديث موضوعة لما أخرجها في مسنده.
أما عقيدة إمام أهل السنة والجماعة في عصره أحمد بن حنبل فقد كانت واضحة جداً في الترضي عن معاوية t والإنكار على من يذمه. قال الخلال في كتابه السنة (2|460): أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قيل لأبي عبد الله ونحن بالعسكر وقد جاء بعض رسل الخليفة وهو يعقوب، فقال يا أبا عبد الله، ما تقول فيما كان من علي ومعاوية رحمهما الله؟ فقال أبو عبد الله: «ما أقول فيها إلا الحسنى رحمهم الله أجمعين». إسناده صحيح. و قال الخلال في "السنة" (#654): أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني (ثقة فقيه) قال: قلت لأحمد بن حنبل: أليس قال النبي r: «كل صهر ونسب ينقطع إلا صهري ونسبي؟». قال: بلى! قلت: وهذه لمعاوية؟ قال: «نعم، له صهر ونسب»، قال: وسمعت ابن حنبل يقول: «ما لهم ولمعاوية؟ نسأل الله العافية!».
و قد ذكر إبن عساكر لطيفةً أحب أن أذكرها هنا، و هو أن العبد الصالح عمر بن عبد العزيز قال: «رأيت رسول الله r –أي في الرّؤيا–، و أبو بكر وعمر جالسان عنده، فسلـَّمت و جلست. فقال لي: «إذا وُلـِّيـْتَ من أمور الناس، فاعمل بعمل هذين: أبي بكر و عمر». فبينا أنا جالس إذ أتي بعلي و معاوية، فأدخلا بيتاً و أجيف عليهم الباب، و أنا أنظر. فما كان بأسرع أن خرج علي و هو يقول: «قُضِيَ لي و ربُّ الكعبة يا رسول الله». ثم ما كان بأسرع من أن خرج معاوية و هو يقول: «غُُـفِـرَ لي و ربُّ الكعبة يا رسول الله!». القصة أخرجها ابن عساكر في تاريخه (59|140) بسندين إلى ابن أبي عروبة، و هو ثقة حافظ. و قد جمعت الروايتين في قصة واحدة. كما و أن ابن أبي الدنيا أورد الرواية الثانية في المنامات (رقم 124).
و بسبب ثبوت هذه الفضائل و غيرها عن السلف، فقد نهو نهياً شديداً عن التكلم في معاوية t وبقية الصحابة، وعدوا ذلك من الكبائر. قال الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله: «معاوية عندنا مِحْنة، فمن رأيناه ينظر إليه شزَراً اتهمناه على القوم»، يعني الصحابة. انظر البداية و النهاية لابن كثير (8|139). وقال الربيع بن نافع الحلبي (241هـ) رحمه الله: «معاوية سترٌ لأصحاب محمد r، فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه». البداية و النهاية (8|139).
وقد صدقوا في ذلك، فإنه ما من رجل يتجرأ ويطعن في معاوية رضي الله عنه إلا تجرأ على غيره من الصحابة رضوان الله عليهم. وانظر هذا في أحوال الزيدية: فإنهم طعنوا في معاوية t ثم تجرءوا على عثمان t، ثم تكلموا في أبي بكر وعمر tحتى صرح بكفرهما بعض الزيدية. والسبب في ذلك أنه إذا تجرأ على معاوية t فإنه يكون قد أزال هيبة الصحابة من قلبه فيقع فيهم، لأنه لا يعلل كلامه في معاوية بشيء إلا ويلزمه مثل هذا في غيره. فإن كان الذي يتكلم في الصحابة يشتم معاوية t ويتنقصه، فيقال له: ما حملك على ذلك؟ فإن قال: قتاله لعلي t. فيقال له: فيلزمك أن تشتم الزبير وطلحة وعائشة أم المؤمنين t وغيرهم من الصحابة لأنهم قاتلوا علياً. فإن قال: ولكن أولئك اجتهدوا في الأخذ بثأر عثمان. فيقال له: ومعاوية ومن معه كذلك. فإن قال: ولكن الزبير وطلحة وعائشة ونحوهم لهم سوابق تدل على فضلهم. فيقال له: ولمعاوية سوابق تدل على فضله: فقد صحب النبي r وشهد له بالصحبة والفقه ابن عباس –كما في صحيح البخاري– الذي قاتل مع علي ضده. وشهد مع النبي r حنيناً والطائف وتبوك. وكتب الوحي. ودعا له الرسول r كما في صحيحي إبن خزيمة و إبن حبان وتاريخ البخاري. وصح أن الرسول r قال «أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا» وكان هذا الغزو بقيادة معاوية t. وقد ولاه عمر وعثمان t الشام. وقد رضي الحسن بن علي t أن يتنازل له عن الخلافة، وأثنى الرسول r على فعله ذلك بقوله «إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين»، كما في صحيح البخاري. وإذا كان معاوية t ليس عدلاً، فهذا قدح في الحسن t الذي رضي أن يتولى الأمة غير عدل!! وفتحت كثير من الأمصار في وقته. وتولى الخلافة عشرين سنة كان فيها ملكه ملك رحمة و عدل. و قد أطلنا في الكتاب الذهبي في بيان اتفاق الأئمة الأعلام والمؤرخين من السنة على ذلك.
فإن قال: ولكن معاوية ثبت عن بعض الصحابة أنهم كانوا يتكلمون فيه. فيقال له: فيلزمك على هذا أن تتكلم في كثير من الصحابة: فقد تكلم عمار في عثمان رضي الله عنهما، وتكلم العباس في علي رضي الله عنهما، وتكلم سعد بن عبادة في عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وتكلم عمر في حاطب رضي الله عنهما، وتكلم أسيد بن حضير في سعد بن عبادة رضي الله عنهما، وكل هؤلاء من السابقين الأولين رضي الله عنهم، فإن كان كلام أحدهم في الآخر يبيح أن يتكلم فيه الآخرون جاز الوقوع فيهم كلهم كما هو دين الروافض قبحهم الله. فإن قال: ولكن معاوية ثبت عنه بعض الأخطاء. فيقال له: وثبت عن غيره من الصحابة أيضاً بعض الأخطاء، فإن كان الوقوع في الخطأ مبيحاً للشتم فاشتم من وقع منهم في الخطأ. فإن قال: ولكن أخطاء أولئك مغفورة بجانب سبقهم وفضلهم وجهادهم. فيقال له: وأخطاء معاوية مغفورة بجانب سبقه وفضله وجهاده. وهكذا، فإذا تجرأ أحد على معاوية t هان عليه غيره من الصحابة، وبدأ يتكلم في الواحد منهم تلو الآخر لطرد مذهبه الباطل.
و من هنا نقول كما قال السلف –رحمهم الله– أنه لا يجوز في معاوية إلا ذكر محاسنه وفضائله والكف عن مساويه. ويؤيد ذلك الحديث الذي رواه الترمذي وأبو داود وصححه ابن حبان والحاكم من حديث ابن عمر t أن النبي r قال «اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم».
وقد اقتصرنا في هذه الرسالة على المرفوع. ولو كتبنا الحديث الموقوف في فضائل معاوية من أقوال الصحابة و التابعين و أئمة الإسلام لاضطررنا إلى تأليف كتاب كامل عنه. ففي الباب لعن الحسن لمن يلعن معاوية. وثناء علي على معاوية وإمارته. ووصف إبن عباس وأبي الدرداء له بالفقه. وقول إبن عمر أن معاوية أسود من عمر بن الخطاب نفسه. و جلد عمر بن عبد العزيز لمن تكلم على معاوية. وتفضيل الأعمش له على عمر بن عبد العزيز في عدله، وكذلك قريباً منه إبن المبارك. وتفضيل إبن العباس له على إبن الزبير في أخلاقه. وقول قتادة عنه أنه المهدي. وقول الزهري أن معاوية قد عمل سنين بسيرة عمر بن الخطاب. بل وثناء عمر بن الخطاب عنه في عدة مواضع. وأمر أحمد بن حنبل للرجُل بقطع رحمه وهجر خاله لمجرد أنه انتقص معاوية. ومن لم يكفه قول رسول الله r فلن يكفيه شيء بعده. هذا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أصحابه أجمعين.
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت ان السلامة فيها ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها الا التي كان قبل الموت بانيها
فان بناها بخير طاب مسكنه وان بناها بشر خاب بانيها

  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية محمد الأمين22
محمد الأمين22
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 12-11-2008
  • المشاركات : 1,354
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • محمد الأمين22 will become famous soon enough
الصورة الرمزية محمد الأمين22
محمد الأمين22
عضو متميز
رد: المجاهد حسن نصرالله يرد على مسرحية المصريين
19-04-2009, 02:28 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة saidsoltane07 مشاهدة المشاركة
من غير اللائق ان تستدل بما يقول ابو سفيان عن معاوية فهو ابوه ولا تقبل شهادته حتما.
كثرة الملام والتدجيل والتضليل لن تفيد شيئا ولن تجعل الفيل يطير.
التيار السلفي طالما يبرر لنفسه الكذب فلن يفلح في اقناع الناس ولن يوفقه الله حتما.


لا خير في ود امرء متلون

أما أنت يا ايها الطعان
نحن على الاقل لا نستدلل بأقوال الرافضة و هذه نعمة من الله تعالى نشكره عليها و نحمده حمدا كثيرا
ستبقى اسير الشبهات التي حجبت عنك سبل الرشاد
لا يسعنى في هذا المقام الا أن اقول كما قال أحد التابعين

من أطلق لسانه في العلماء بالثلب
ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب



النفس تبكي على الدنيا وقد علمت ان السلامة فيها ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها الا التي كان قبل الموت بانيها
فان بناها بخير طاب مسكنه وان بناها بشر خاب بانيها

  • ملف العضو
  • معلومات
saidsoltane07
زائر
  • المشاركات : n/a
saidsoltane07
زائر
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية محمد الأمين22
محمد الأمين22
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 12-11-2008
  • المشاركات : 1,354
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • محمد الأمين22 will become famous soon enough
الصورة الرمزية محمد الأمين22
محمد الأمين22
عضو متميز
رد: المجاهد حسن نصرالله يرد على مسرحية المصريين
19-04-2009, 10:53 PM
الحق أحق أن يتبع

السلفية التي تستح منها تاج على رؤوسنا و وسام نضعه على صدورنا و نرجو من الله تعالى أن يوفقنا لما يحب و يرضى
و انها لمزرعة فأنظر ماذا تزرع ، فيوم الحصاد آت لا ريب فيه
يومها يقف زرعك أمامك في هيئة حصاد يستحيل استبداله بزرع آخر

أين السب في كلامنا ،لا يوجد سب و لا هم يحزنون
أنت من ارتضيت لنفسك طواعية بأن تكون الى جانب الطعانين
هل تكذب نفسك محال ،كلامك موثق و موجود بعدما خانتك الحكمة و التدبر في عاقبة أمورك
أنت طعنت في الصحابي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ،فمن الطبيعي جدا أن يطلق عليك وصف الطعان ،بعدما ثبتت تهمة الطعن
اللهم الا
أن تكون قد تدراكت الخطأ الذي وقعت فيه و تراجعت عن أقوالك السابقة في هذه الحالة لا يجوز اطلاق عليك وصف الطعان

الكرة في ملعبك
اما أن توقف طعنك فلا نسميك طعان و نعتذر منك على ما بدى منا ان كنا أخطأنا في حقك
و اما مواصلة طعنك فأنت حر
أما النسخ و اللصق
فهذا عمل اظطراري ،نظطر في بعض الحالات اللجوء اليه عندما تقتضي الضرورة الى ذالك لردع الشبهات و دحرها و طمسها من الوجود و ازالة آثارها من الطريق
و كما ترى زميلك جاء بشبهات
هل نبقيها هكذا دون اظهار حقيقتها
طبعا لا ...في هذه الحالة لا يجوز التغاظي عن الشبهات
و أظن أننا بينا و أظهرنا ما كان قد خفي على البعض
و شبهات زميلك راحت أدراج الرياح و الحمد لله
هل مازلت معترض

النفس تبكي على الدنيا وقد علمت ان السلامة فيها ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها الا التي كان قبل الموت بانيها
فان بناها بخير طاب مسكنه وان بناها بشر خاب بانيها

  • ملف العضو
  • معلومات
د.محمد
عضو مبتدئ
  • تاريخ التسجيل : 19-04-2009
  • المشاركات : 23
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • د.محمد is on a distinguished road
د.محمد
عضو مبتدئ
رد: المجاهد حسن نصرالله يرد على مسرحية المصريين
20-04-2009, 04:41 AM
لا يوجد حديث صحيح في فضائل معاوية

قال ابن حجر في الفتح:7/81: (وأخرج ابن الجوزي أيضاً من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي ما تقول في علي ومعاوية ؟ فأطرق ، ثم قال: إعلم أن علياً كان كثير الأعداء ، ففتش أعداؤه له عيباً فلم يجدوا ، فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه ، كياداً منهم لعلي ! فأشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له ! وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة ، لكن ليس فيها ما يصح من طريق الإسناد . وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما).



قال الحاكم: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب بن يوسف يقول: سمعت أبي يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: لايصح في فضل معاوية حديث . ولما لم يجد البخاري حديثاً يصح من مناقب معاوية قال عند عدِّ مناقب الصحابة من صحيحه: باب ذكر معاوية رضي الله عنه ! فقال ابن حجر في فتح الباري: 7/83: أشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له



وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة: اتفق الحفاظ على أنه لم يصح في فضل معاوية حديث . وقال ابن حجر في لسان الميزان:1/374: إسحاق بن محمد السوسي ذاك الجاهل الذي أتى بالموضوعات السمجة في فضائل معاوية رواها عبيد الله السقطي عنه ، فهو المتهم بها أو شيخه !

سير اعلام النبلاء للحافظ الذهبي:
ابن راهويه يقول : لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضل معاوية شيء .
http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=60&ID=252&idfrom=293&idto=3 02&bookid=60&startno=3#docu





وفي الوافي بالوفيات في ترجمة النسائي أبوعبدالرحمن يقول الصفدي عن النسائي : وأنكر عليه قوم كتاب الخصائص لعلي رضي الله عنه وتركه تصنيفه فضائل الشيخين , فذكر له في ذلك فقال : دخلت دمشق والمنحرف بها عن علي كثير فصنفت الخصائص رجاء أن يهديهم الله تعالى , ثم صنف بعد ذلك فضائل الصحابة فقيل له : ألا تخرج فضائل معاوية ؟
فقال : أي شي أخرج اللهم لاتشبع بطنه ؟
فسكت السائل

الصفدي , صلاح الدين خليل بن أيبك , الوافي بالوفيات , ج6 , قسم 6 , طبعة 1992 , ص416 , ترجمة النسائي أبوعبدالرحمن , تحت رقم 2934

(رفضه لذكر أي فضيلة لمعاوية)

روى أبوعبدالله بن مندة عن حمزة العقبي المصري وغيره أن النسائي خرج من مصر في آخر عمره إلى دمشق , فسئل بها عن معاوية وماجاء في فضائله , فقال : لايرضى برأس حتى يفضل ؟
قال : فمازالوا يدفعون حضنيه حتى أخرج من المسجد ثم حمل إلى مكة فتوفى بها . كذا قال , وصوابه إلى الرملة

الذهبي , شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان , سير أعلام النبلاء , ج14 , مؤسسة الرسالة , بيروت , الطبعة التاسعة 1993 , ص132

(مات طعنا بخصيتيه)

قالوا : دخل إلى دمشق فسأله أهلها أن يحدثهم بشيء من فضائل معاوية
فقال : أما يكفي معاوية أن يذهب رأسا برأس حتى يروى له فضائل ؟
فقاموا إليه فجعلوا يطعنون خصيتيه حتى أخرج من المسجد الجامع فسار من عندهم إلى مكة فمات بها في هذه السنة

ابن كثير , عماد الدين أبوالفداء إسماعيل بن عمر , البداية والنهاية , ج11 , مكتبة المعارف , بيروت , طبعة 1991
ص124 , ترجمة النسائي أحمد بن علي
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية محمد الأمين22
محمد الأمين22
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 12-11-2008
  • المشاركات : 1,354
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • محمد الأمين22 will become famous soon enough
الصورة الرمزية محمد الأمين22
محمد الأمين22
عضو متميز
رد: المجاهد حسن نصرالله يرد على مسرحية المصريين
20-04-2009, 10:56 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.محمد مشاهدة المشاركة
لا يوجد حديث صحيح في فضائل معاوية

قال ابن حجر في الفتح:7/81: (وأخرج ابن الجوزي أيضاً من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي ما تقول في علي ومعاوية ؟ فأطرق ، ثم قال: إعلم أن علياً كان كثير الأعداء ، ففتش أعداؤه له عيباً فلم يجدوا ، فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه ، كياداً منهم لعلي ! فأشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له ! وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة ، لكن ليس فيها ما يصح من طريق الإسناد . وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما).

أولا



قال الحاكم: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب بن يوسف يقول: سمعت أبي يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: لايصح في فضل معاوية حديث . ولما لم يجد البخاري حديثاً يصح من مناقب معاوية قال عند عدِّ مناقب الصحابة من صحيحه: باب ذكر معاوية رضي الله عنه ! فقال ابن حجر في فتح الباري: 7/83: أشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له


وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة: اتفق الحفاظ على أنه لم يصح في فضل معاوية حديث . وقال ابن حجر في لسان الميزان:1/374: إسحاق بن محمد السوسي ذاك الجاهل الذي أتى بالموضوعات السمجة في فضائل معاوية رواها عبيد الله السقطي عنه ، فهو المتهم بها أو شيخه !
ثانيا
سير اعلام النبلاء للحافظ الذهبي:
ابن راهويه يقول : لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضل معاوية شيء .
http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=60&ID=252&idfrom=293&idto=3 02&bookid=60&startno=3#docu



ثالثا

وفي الوافي بالوفيات في ترجمة النسائي أبوعبدالرحمن يقول الصفدي عن النسائي : وأنكر عليه قوم كتاب الخصائص لعلي رضي الله عنه وتركه تصنيفه فضائل الشيخين , فذكر له في ذلك فقال : دخلت دمشق والمنحرف بها عن علي كثير فصنفت الخصائص رجاء أن يهديهم الله تعالى , ثم صنف بعد ذلك فضائل الصحابة فقيل له : ألا تخرج فضائل معاوية ؟
فقال : أي شي أخرج اللهم لاتشبع بطنه ؟
فسكت السائل

الصفدي , صلاح الدين خليل بن أيبك , الوافي بالوفيات , ج6 , قسم 6 , طبعة 1992 , ص416 , ترجمة النسائي أبوعبدالرحمن , تحت رقم 2934

(رفضه لذكر أي فضيلة لمعاوية)

روى أبوعبدالله بن مندة عن حمزة العقبي المصري وغيره أن النسائي خرج من مصر في آخر عمره إلى دمشق , فسئل بها عن معاوية وماجاء في فضائله , فقال : لايرضى برأس حتى يفضل ؟
قال : فمازالوا يدفعون حضنيه حتى أخرج من المسجد ثم حمل إلى مكة فتوفى بها . كذا قال , وصوابه إلى الرملة

الذهبي , شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان , سير أعلام النبلاء , ج14 , مؤسسة الرسالة , بيروت , الطبعة التاسعة 1993 , ص132

(مات طعنا بخصيتيه)

قالوا : دخل إلى دمشق فسأله أهلها أن يحدثهم بشيء من فضائل معاوية
فقال : أما يكفي معاوية أن يذهب رأسا برأس حتى يروى له فضائل ؟
فقاموا إليه فجعلوا يطعنون خصيتيه حتى أخرج من المسجد الجامع فسار من عندهم إلى مكة فمات بها في هذه السنة

ابن كثير , عماد الدين أبوالفداء إسماعيل بن عمر , البداية والنهاية , ج11 , مكتبة المعارف , بيروت , طبعة 1991
ص124 , ترجمة النسائي أحمد بن علي



أولا

منهج أبو الفرج ابن الجوزي


ابن الجوزي رجل واسع الاطلاع كثير التأليف جداً، لكنه قليل التحقيق صاحب أوهام كثيرة. فهو يحتج بروايات موضوعة بكثرة في أكثر كتبه (كصيد الخاطر وغيرها)، لكن ربما ينسب (في كتب أخرى) إلى الوضع أحاديث صحيحة ربما أخرجها مسلم وغيره. مع انحراف في العقيدة وتبديع وتشنيعٍ شديد على أهل السنة، وافتراءٍ على الإمام أحمد بن حنبل. فقد ذكر الحافظ ابن رجب الحنبلي في ذيل طبقات الحنابلة (1\144): «ابن الجوزي –رحمه الله– تأثر بشيخه أبو الوفاء علي ابن عقيل الذي كان يتردد على ابن التبان وابن الوليد شيخي المعتزلة. وكان يقرأ عليهما في السر عِلم الكلام. فظهر منه بعض الأحيان انحرافٌ عن السنة وتأوّلٌ لبعض الصفات، إلى أن مات رحمه الله».

ورغم تأثره الواضح بالمعتزلة، فإنه فقد أكثر في كتابه "صيد الخاطر" من ردوده على الإمام الأشعري وأتباعه. مما دعا علي الطنطاوي الأشعري لأن يتتبع ابن الجوزي في تحقيقه، ويدافع بشدة عن الأشعري، ويشنِّع على ابن الجوزي تعصباً للأشعري. والسبب هو شدة اضطرابه في اعتقاده، بل في سائر علومه. فقد قال بقول أهل التأويل لا سيما في كتابه "دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه". وقال بالتفويض في كتابه "تلبيس إبليس". فتأمل كيف يجمع بين النقيضين ويرد على نفسه في موضعٍ آخر حتى لكأنه شخص مختلف. ولذلك قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (4\169): «لم يَثبت على قدم النفي، ولا على قدم الإثبات. بل له من الكلام في الإثبات نظماً ونثراً ما أثبت به كثيراً من الصفات التي أنكرها في هذا المُصنَّف». وقال في "درء التعارض" (9\160): «فيوجد له من المقالات المتناقضة بحسب اختلاف حاله، كما يوجد لأبي حامد (الغزالي) والرازي وأبي الفرج بن الجوزي وغيرهم».


والأسوء من ذلك أنه أضاف لكل تلك الأوهام ولكل ذلك الإضطراب، لساناً حاداً على غيره من العلماء، مع أنه الأولى بالتشنيع. ومن ذلك مثلاً تهكمه بابن عبد البر الأندلسي الذي هو خير من ملء الأرض من ابن الجوزي فِقهاً في الدين وسُنةً ودِرايةً بالحديث ونقده. والعجيب أنه هو الذي كان يهاجم الخطيب البغدادي في تطاوله على الأئمة الكبار. وقد عجِبَ سبطُ ابن الجوزي (يوسف بن قزغلي الحنفي الرافضي) من جده إذ تابع الخطيب البغدادي، فقال في "مرآة الزمان": «وليس العجَبُ من الخطيب، فإنه طعن في جماعة من العلماء. وإنما العجبُ من الجدِّ كيف سلك أسلوبه وجاء بما هو أعظم!».


وأما عن علم ابن الجوزي، فلا يخفى كثرة مآثرة ومؤلفاته. ولكن من كان لديه بالعلم والتحقيق العلمي دراية، يعلم أن ابن الجوزي لم يكن من أئمة الفقه ولا الحديث، وإن ألف فيهما ما ألّف. وإنما حصل له ذلك بكثرة اطلاعه وبحثه. قال السيوطي في طبقات الحفاظ (1\480): قال الذهبي في التاريخ الكبير: «لا يُوصَفُ ابن الجوزي بالحفظ عندنا باعتبار الصنعة، بل باعتبار كثرة اطلاعه وجمعه». ورغم كثرة تآليفه في شتى العلوم، فقد ضَعُفَ من ناحية التحقيق في أكثر العلوم التي ألّف فيها، ولا سيما في الحديث. فتجد كلامه مخالفاً كثيراً لكلام حُفّاظِ الحديث. فالمفترض أن تكون كتبه مراجع يستعملها طالب العلم المتمكن الذي يستطيع التمييز بين الصواب و الخطأ، فلا تُنشر على العامة وصغار المتفقّهة.


قال الإمام موفق الدين عن ابن الجوزي: «كان حافظاً للحديث، إلا أننا لم نرض تصانيفه في السنة ولا طريقته فيها». وقال عنه الموفق عبد اللطيف: «وكان كثير الغلط فيما يصنفه. فإنه كان يخلو من الكتاب ولا يعتبره». ذكر ذلك الحافظ ابن عبد الهادي في طبقات علماء الحديث (4\122). فقال الذهبي في سير أعلام النبلاء (21\378): «هكذا هو: له أوهامٌ وألوانٌ من ترْك المراجعة، وأخذ العِلم من صُحُف». قال الحافظ سيف الدين بن المجد: «هو كثير الوهم جداً، فإن في مشيخته ‏–‏مع صِغرها‏–‏ أوهاماً». وقيل لإبن الأخضر: ألا تجيب عن بعض أوهام بن الجوزي؟ قال: «إنما يُتتبع على من قل غلطه، فأما هذا فأوهامه كثيرة». قال السيف: «ما رأيت أحداً يُعتمد عليه في دينه وعلمه وعقله، راضياً عنه». وقد عابه الكثير من أهل السنة فأصر على بدعته. وعاتبه أبو الفتح بن المني في أشياء. ولما بان تخليطه أخيراً رجع عنه أعيان السنة، وذمّوه وتركوه.

وقال ابن حجر لسان الميزان (2|83) بترجمة ثمامة بن الأشرس البصري بعد قصة: «دلّت هذه القصة على أن ابن الجوزي حاطب ليلٍ لا ينتقد ما يحدّث به». قلت: فمثل هذا الرجل لا يوثق بنقله ولا بكلامه.

ثانيا
الشبهة
وأما ما يتشدق به البعض من نقلهم عن إسحاق بن راهويه أنه قال: «لا يصح عن النبي r في فضل معاوية شيء». فهذا القول عن ابن راهويه باطل ولم يثبت عنه. فقد أخرج الحاكم كما في السير للذهبي (3|132) والفوائد المجموعة للشوكاني (ص 407) عن الأصم –أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم– حدثنا أبي، سمعت ابن راهويه فذكره. و في الفوائد: سقطت «حدثنا أبي»، و الأصم (ولد عام 247هـ) لم يسمع من ابن راهويه (توفي عام 238هـ). فيكون الأثر منقطعاً إن لم تكن ثابتة.
ويعقوب بن يوسف بن معقل أبو الفضل النيسابوري –والد الأصم– لم يوثقه أحد! فقد ترجمة الخطيب في تاريخه (14|286) فما زاد على قوله: «7582 يعقوب بن يوسف بن معقل أبو الفضل النيسابوري قدم بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهويه روى عنه محمد بن مخلد». ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وله ذكر في ترجمة ابنه من السير (15|453) ولم يذكر فيه الذهبي أيضاً جرحاً ولا تعديلاً، وذكر في الرواة عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم، ولم أجده في الجرح والتعديل، ولا في الثقات لابن حبان. و بهذا فإن هذا القول ضعيف لم يثبت عن إسحاق بن راهويه رحمه الله. وحاشى الإمام إسحاق من ذلك القول

ثالثا

منهج أبو عبد الرحمن النسائي

بيان اعتدال النسائي وبعده عن التشدد
النسائي يعد من المتشددين في التوثيق والتعديل من جهة استعماله بعض العبارات في درجة أرفع مما هي عليه في اصطلاح المتأخرين. مثل عبارة: "ليس به بأس" فإن أكثر الذين وصفهم بها هم ثقات مطلقاً، بل إنه قال في جماعة كبيرة منهم في موضع آخر: "ثقة". وقد ظهر تشدده في إطلاقه عبارة: "ليس بالقوي" وشبهها على جماعة كبيرة من الصدوقين والمقبولين، ما أنه أطلق كثيراً بعض عبارات الجرح الأخرى في رجال هم أخف ضعفاً أو أرفع رتبة مما حكم عليهم به.
ولا يمنع اشتهار النسائي بالتشدد في الجرح والتليين أن يتساهل أحياناً في الحكم على بعض الرجال، فقد قال في رشيد الهجري: "ليس بالقوي" مع أنه هالك. وينظر ترجمة جارية بن هرم، والحكم بن عبد الله بن مسلمة الخراساني، وداود بن المحبر، وغيرهم. والله أعلم.
فهو إذاً يستعمل عبارات ليس فيها توثيق قوي، في رجال يحتج بهم. ويطلق في صدوقين خفيفي الضبط، ألفاظ يستعملها غيره في المتروكين. لكن لو فهمنا مصطلحاته الحديثية، لوجدنا أنه معتدل في أحكامه. وقد اشتهر بين أهل العلم أن النسائي ينسب إلى التشدد، وهو غير صحيح على إطلاقه كما تبيّن. وقد ذكر الشيخ عبد الرحمن المعلمي في كتابه "التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل" (1|66): أن النسائي متساهل في جانب توثيق المجاهيل من القدماء. وقال كذلك: «ومن عادة النسائي توثيق بعض المجاهيل، كما شرحته في الأمر الثامن من القاعدة السادسة من قسم القواعد». وإن كان في مقام آخر من الكتاب نفسه (1|463) وصفه بالتشدد، يعني مع الرواة المشهورين. والحقيقة أن من سبر أحكام النسائي، لوجده يكثر من توثيق كبار التابعين ممن لم يرو عنهم إلا واحد، رغم تأخر زمانه عنهم. مثال على ذلك سعد بن سمرة بن جندب الفزازي.
واحتج من يرى تشدد النسائي بقول أبي طالب أحمد بن نصر بن طالب البغدادي الحافظ: «من يصبر على ما يصبر على ما يصبر عليه أبو عبد الرحمن النسائي؟ كان عنده حديث ابن لهيعة ترجمة ترجمة، فما حدث بها. وكان لا يرى أن يحدث بحديث ابن لهيعة». قلت: قال المزي في تهذيب الكمال: «روى النسائي أحاديث كثيرة من رواية ابن وهب و غيره يقول فيها: عن عمرو بن الحارث، و ذكر آخر: و هو فلان، و ذكر آخر، و نحو ذلك. و جاء كثير من ذلك مبيناً في رواية غيره أنه ابن لهيعة». أقول: هذا مع قول النسائي عن ابن لهيعة: "ليس بثقة"، وهي لفظة تفيد جرح العدالة. فهذه حجة لنا في أن النسائي غير متشدد.
واحتج هؤلاء أيضاً بأن النسائي قد ليّن بعض من أخرج لهم البخاري ومسلم. قال محمد بن طاهر المقدسي في "شروط الأئمة الستة" (ص104): «سألت الإمام أبا القاسم سعد بن علي الزنجاني بمكة عن حال رجل من الرواة فوثقه، فقلت: إن أبا عبد الرحمن النسائي ضعفه، فقال: يا بُني إن لأبي عبد الرحمن في الرجال شرطاً أشد من شرط البخاري ومسلم». وشرح الذهبي هذا بأن النسائي قد لين رجالاً احتج بهم الشيخان. لكن ابن كثير اعترض على هذا الحكم بقوله في "اختصار علوم الحديث" (ص25): «وقول الحافظ أبي علي بن السكن وكذا الخطيب البغدادي في كتاب "السنن" للنسائي: "إنه صحيح"، فيه نظر. و "إن له شرطاً في الرجال أشد من شرط مسلِم"، غير مُسَلَّم. فإنه فيه رجالاً مجهولين إما عيناً أو حالاً، وفيهم المجروح، وفيه أحاديث ضعيفة ومعللة ومنكرة كما نبهنا عليه في "الأحكام الكبير"». وقال ابن الصلاح في "المقدمة" (ص39): «حكى أبو عبد الله الحافظ أنه سمع محمد بن سعد الباوردي بمصر يقول: كان من مذهب أبي عبد الرحمن النسائي أن يُخرج عن كل من لم يُجمع على تركه». وهذا كذلك يدل على تساهل من النسائي، ولذلك فقد غلط من قال بأن كل من أخرج له النسائي في سننه فإنه قد احتج به. ففي سننه رواة مجاهيل ورواة جرحهم بنفسه فضلاً عن غيره.
عموماً هناك دراسة جيدة حول هذا الأمر، وهي رسالة في خمسة مجلدات لقاسم علي سعد بعنوان "منهج الإمام أبي عبدالرحمن في الجرح والتعديل وجمع أقواله في الرجال". وقد نقلت الكثير من نتائجها بحروفها في هذا البحث. وقد قام الشيخ قاسم سعد بجمع واستقراء كلام الإمام النسائي في الجرح والتعديل ومقارنتها بكلام العلماء. وقد ذكر كل قسم بمفرده، فمن وثقهم النسائي بمفردهم، ومن جرحهم ولينهم بمفردهم، ومن جهلهم بمفردهم. وقال في الخاتمة (5|2321): «فالنسائي -رحمه الله- من النقاد المتبصرين المتوسعين الذين ختم بهم عهد المتقدمين، بل حاز قصب السبق في أهل عصره. وامتاز على أترابه وأقرانه، بالاستقلال والاتساع والدقة. ومازال أئمة النقد من المتأخرين يتوقفون عند قوله استحساناً له واختياراً . ونفَسُهُ في الجرح والتعديل هو نفس المتثبـِّتين المتحرّين من المتقدمين، مع مرونة حسنة. وهو في الجرح أشد منه في التعديل. ولو روعيت الاصطلاحات الخاصة به والعامة عند المتقدمين، لكان أقرب إلى الاعتدال -في التوثيق والتعديل- من التشدد». والمقصود أن ظاهر استعماله لاصطلاحات الجرح والتعديل أنه متشدد. لكن لو روعيت الاصطلاحات الخاصة به، لوجدناه أقرب للاعتدال من التشدد. وهو عين ما ذكرناه أعلاه.

اصطلاحات النسائي الحديثية
وأكثر عبارات التوثيق والتعديل استعمالاً عند النسائي هي كلمة: ثقة، ثم "ليس به بأس"، ثم "لا بأس به". وقد وضعت العبارتين الأخيرتين في درجة أعلى من درجة: "صدوق" لأن أكثر الذين قال فيهم النسائي: "ليس به بأس" و "لا بأس به" هم ثقات مطلقاً. بل إنه قال في جماعة كبيرة منهم في موضع أخر ثقة. ورغم هذا فإني لا أجرؤ على وضع هاتين العبارتين في وصف كلمة ثقة. وقد قدمت كلمتي: "لا بأس به صدوق" و"صدوق لا بأس به" على "ليس به بأس" و"لا بأس به" لأن كل الذين قال فيهم النسائي العبارتين الأوليين أو إحداهما، قد حكم عليهم في موضع أخر بكلمة: "ثقة".
وإطلاق كلمة: صالح في الأصل ينصرف إلى الصلاح في الدين لكن النسائي، وجماعة آخرين قصدوا بها الحكم على الرواية. وقد أشار إلى ذاك الأصل ابن حجر فقال في "النكت على كتاب ابن الصلاح" (2|680): «من عاداتهم إذا أرادوا وصف الراوي بالصلاحية في الحديث قيدوا ذلك فقالوا: صالح الحديث. فإذا أطلقوا الصلاح فإنما يريدون به في الديانة. وقد كان النسائي قليل الاعتناء بوصف الحفاظ، والفقهاء، والعباد، والزهاد، بما عرفوا به من حفظ وفقه، وعبادة، وزهد عند كلامه فيهم جرحاً وتعديلاً. كذلك لم يعتن حالة حكمه على الرجال بذكر ما نسبوا إليه من بدع.
فأما كلمة "ليس بالقوي" وما شابهها فإن النسائي يستعملها غالباً في الصدوقين ومن دونهم من أهل العدالة. ورغم كثرة استعمال النسائي لتلك العبارة في الصدوقين والمقبولين، فإنه يريد بها التليين كما يفيد قوله: "ليس بجرح مفسد". ولأنه حكم بها على رجال كثيرين في كتابه المختص بالضعفاء. وهذا ليس مصطلحاً خاصاً بالنسائي، بل هو ما عليه أهل الشأن. قال الذهبي في الموقظة (ص83): «وبالاستقراء إذا قال أبو حاتم: "ليس بالقوي". يريد بها أن هذا الشيخ لم يبلغ درجة القوي الثبت». قال الذهبي أيضاً: «والبخاري قد يطلق على الشيخ: ليس بالقوي. ويريد أنه ضعيف». وقد تقدم في ترجمة سعد بن طريف وغيره أن البخاري وأبا أحمد الحاكم استعملا كلمة: "ليس بالقوي عندهم" في جماعة من المتروكين. والأمر نفسه بالنسبة لكلمة "ضعيف" أو "ضعيف الحديث"، فقد يراد منها مجرد التليين، لكنها تستعمل أيضاً مع الرواة المتروكين. فإذا وصف إمامٌ لأحد الرواة بأنه كذاب، فلا يناقض هذا وصف إمام ثان له بأنه ضعيف.

توثيقه للمجاهيل
أكثر عبارات التجهيل استعمالاً عند النسائي هي: لا نعلم أحداً روى عنه غير فلان، نحوها، ثم لا أعرفه، ثم ليس بالمشهور، وكذلك مجهول، ثم ليس بمعروف، وكذلك ليس بذاك المشهور، وكذلك ليس بمشهور، وكذلك لا أدري ما هو. وخلاصة القول: إن من اقتصر النسائي على ذكرهم فيمن لم يرو عنه إلا واحد، ومن أفرد فيهم إحدى العبارات التالية: "ليس بالمشهور" و: "ليس بمشهور" و: "ليس بذاك المشهور"، وعامة من أطلق فيهم عبارة: "مجهول"، وغالب الذين قال فيهم: "لا أعرفه"، هم مجهولو العين عنده. ويبدو أنه يستعمل العبارات التالية: "لا أدري ما هو" و: "لا علم له به" و: "ليس لي به علم" في مجهولي الحال.
وليست رواية الرجل الواحد عن رجل مستلزمة لجهالة عينه عند النسائي، لأنه لا يتحرج عن توثيق من لم يرو عنه إلا واحد إذا تبينت له ثقته من خلال سبر حديثه، مثل رافع بن إسحاق المدني. والله أعلم.
وقد ذكر الذهبي في "الموقظة" أن النسائي وابن حبان يوثقان المجاهيل. قال: «وقولهم: "مجهول"، لا يلزمُ منه جهالةُ عينِه. فإن جُهِلَ عينُه وحالُه، فأَولَى ‏أن لا يَحتجُّوا به. وإن كان المنفردُ عنه من كبارِ الأثبات، فأقوى لحاله، ‏ويَحتَجُّ بمثلِه جماعةٌ كالَّنسائي وابنِ حِباَّن». وقال الذهبي في "الميزان" (4|583) في بعض التابعين: «لا يُعرف، لكن احتج به النسائي على قاعدته». وقال الزيلعي في "نصب الراية" (1|333): «والنسائي وابن حبان وغيرهما يحتجون بمثل هؤلاء، مع أنهم ليسوا مشهورين بالرواية، ولم يرو واحد منهم حديثاً ليس له شاهد ولا متابع حتى يجرح بسببه، وإنما رووا ما رواه غيرهم من الثقات». وقال المعلمي في "التنكيل" (2|164) في كلام له في بعض الرواة: «وتوثيق النسائي معارض بطعن البخاري. على أن النسائي يتوسع في توثيق المجاهيل كما تقدم في "القواعد"». وهذا يدل على تساهله في توثيق المجاهيل، وإن لم يصل لمستوى ابن حبان، لكنه قارب.


منهجه في السنن
قال الحافظ ابن رجب في "شرح علل الترمذي" عن سنن النسائي: «تجد النسائي إذا استوعب طرق الحديث، بدأ بما هو غلط، ثم يذكر بعد ذلك الصواب المخالف له». وهذا تجده في السنن الكبرى أكثر من الصغرى. وهذه الملاحظة من الحافظ هي في غاية الأهمية، لأن منهج النسائي في الترتيب هو بعكس منهج مسلم. لذلك قال المعلمي في "الأنوار الكاشفة": «عادة مسلم أن يرتب روايات الحديث بحسب قوتها: يُقدّم الأصح فالأصح».
وللفائدة: زوائد النسائي على الصحيحين لسيد بن كسروي حسن، تبلغ 3227 وزوائد النسائي على الصحيحين وعلى الترمذي وأبي داود حوالي 2400 حديثاً. وهو أصح السنن وأكبرها.


تشيع النسائي
و النّسائي هو أحمد بن شعيب: فارسي ولد في فارس ببلدة نساء. وقد قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء (14|133): «فيه قليل تشيع وانحراف عن خصوم الإمام علي كمعاوية وعمرو». وعلى أية حال فتشيع النسائي كان خفيفاً لا يترتب عليه تبديع، وليس فيها طعن في العدالة. بل قد انتسب إليه بعض أهل السنة.
وقد أنكر أهل السنة على النسائي أنه كتب كتاباً في فضائل علي t دون أن يذكر الشيخين. وقد اعتذر عن ذلك بأنه كتبه للنواصب فقط! والغريب أنه كتب فيه الكثير من الأحاديث الضعيفة. قال شيخ الإسلام في منهاج السنة النبوية (7|178): «النسائي صنف "خصائص علي" وذكر فيه عدَّة أحاديث ضعيفة». ثم إنه اضطرّ –تحت وطأة ضغوط أهل السنة– إلى تصنيف "فضائل الصحابة"، لكنه لم يذكر فيه الأحاديث في فضل معاوية t. فقيل له ألا تخرج فضائل معاوية t؟ فقال: «أي شيء أخرج؟ حديث اللهم لا تشبع بطنه؟». فسكت السائل.
قلت: والعجيب أن النسائي قد فهم هذا الحديث على أنه مذمة مع أن النسائي معدود من الأكلة المشهورين. فلا أكاد أقرأ له ترجمة إلا ويذكرون بها ولعه بالنساء والطعام. فقد ذكر المِزِّي على سبيل المثال في تهذيب الكمال (1|337): «وكان يكثر الجماع مع صوم يوم وإفطار يوم. وكان له أربع زوجات يقسم لهن. ولا يخلو مع ذلك من جارية واثنتين يشتري الواحدة خامسيه ونحوها، ويقسم لها كما يقسم للحرائر. وكان قوته في كل يوم رطل خبز جيد يؤخذ له من سويقة العرافين لا يأكل غيره كان صائماً أو مفطرا. وكان يكثر أكل الديوك الكبار تشترى له وتُسَمّن ثم تذبح فيأكلها، ويذكر أن ذلك ينفعه في باب الجماع!!».
ثم إنه ذهب مرة إلى دمشق، فسئل بها عن معاوية وما جاء في فضائله، فقال: «لا يرضى رأساً برأس حتى يفضل؟». فضربه أهلها تعزيراً له، ثم خرج منها وتوفي في الرملة. كل هذا يظهر أنه كان عنده تشيع، لكن ذلك محل شك عندي. فإن له أقوالاً أخرى يثبت فيها فضائل معاوية ويترضى عنه. قال الحافظ أبو القاسم: «وهذه الحكاية لا تدل على سوء اعتقاد أبي عبد الرحمن في معاوية بن أبي سفيان. وإنما تدل على الكف في ذكره بكل حال». ثم روى بإسناده: سئل أبو عبد الرحمن النسائي عن معاوية بن أبي سفيان صاحب رسول الله r، فقال: «إنما الإسلام كدار لها باب. فباب الإسلام الصحابة. فمن آذى الصحابة، إنما أراد الإسلام. كمن نقر الباب، إنما يريد دخول الدار. فمن أراد معاوية فإنما أراد الصحابة». فهو إذاًَ لم يرَ من الحكمة أن يحدث النواصب بفضائل معاوية t فيزيدهم تمسكاً ببدعتهم. وكذلك لا يصح تحديث الشيعة بفضائل علي t، ولا الخوارج بأحاديث الوعيد، ولا المرجئة بأحاديث النجاة.
وقد ظن بعض المعاصرين أن النسائي يضعّف هذه الأحاديث، وليس ذلك بسديد. فقد أخرج في "فضائل الصحابة" أحاديث أضعف من هذه الأحاديث التي أخرجناها في فضائل معاوية. فتأمل ذلك وتدبره يا رعاك الله.

هل مجتبى النسائي من تأليفه؟
كتاب النسائي هو "السنن الكبرى"، وهو عدّة روايات استعمل منها المزّي في "التحفة" تسع روايات. وقد طبع الكتاب في دار الكتب العلمية (الحرامية)، 1991، بتحقيق: الدكتور عبد الغفار البنداري، وسيد كسروي، وهي طبعة ملفقة من عدّة روايات. وفيها من التصحيف والتحريف والسقط ما لا يخفى على أدنى طالب علم. وكتاب "المجتبى" –الذي طبع قديماً وهو المشهور المتداول، وإليه العزو عند الإطلاق– قيل أنه ليس من اختيار النسائي، بل هو من اختيار تلميذه أبي بكر أحمد بن محمد بن السني. نصّ على هذا الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (3|940)، وفي "السِّير" (14|131). فيما اعتبر ابن الأثير في "جامع الأصول" (1|196) أن المجتبى من اختيار النسائي، وأنّه أهدى السنن لأميرٍ فقال: «أصحيح كلّه؟». قال: «لا». قال: «فاكتب لنا منه الصحيح»، فجرّد المجتبى. وقد ردَّ الذهبي هذا في "السير " (14|131) فقال: «هذا لم يصحّ. بل المجتبى اختيار ابن السني».
قال الدكتور فاروق حمادة (69): «وأما الجانب الآخر فيرى أن المجتبى هو من صنع النسائي نفسه من السنن الكبرى، وابن السني مجرد راوية له. ويقف في هذا الجانب فريقٌ كبيرٌ جداً من الأعلام والمحدّثين. وهو المعروف المشهور بين الناس. وهو الرأي الذي أصوّبه وأرتضيه، لدلائل عديدة. منها:

1- لم يقدم لنا الذهبي دليلاً على قوله هذا الذي جاءنا به، لا نقلاً ولا استنباطاً. وإن كان هو من الأعلام، لكنه خولف. والوهم لا يخلص منه إنسان.
2- وجود مثبتات على ذلك: ما نقله ابن خير الإشبيلي المتوفى سنة 575هـ بسنده عن أبي محمد بن يربوع قال: قال لي أبو علي الغساني رحمه الله: كتابي "الإيمان والصلح" ليسا من المصنف، إنما هما من المجتبى له -بالباء- في السنن المسندة لأبي عبد الرحمن النسائي، اختصره من كتابه الكبير المصنَّف. وذلك أن أحد الأمراء سأله عن كتابه في السنن: أكله صحيح؟ فقال: لا. قال: فاكتب لنا الصحيح مجرَّداً. فصنع المجتبى. فهو المجتبى من السنن. ترك كل حديث أورده في السنن، مما تكلم في إسناده بالتعليل. روى هذا الكتاب عن أبي عبد الرحمن: ابنه عبد الكريم بن أحمد، ووليد بن القاسم الصوفي. ورواه عن أبي موسى عبد الكريم من أهل الأندلس: أيوب بن الحسين قاضي الثغر، وغيره... انتهى. وهذا نصٍّ ظاهر في الموضوع.
3- كما أنني وجدت مجلدين من المجتبى قديمين جداً، كتبت عليها سماعات بين سنة 530هـ و561هـ، فيها نص ظاهر أنها من تأليف النسائي. وقد جاء في صدر أحدهما: الجزء الحادي والعشرون من السنن المأثورة عن رسول الله r. تأليف أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن بحر النسائي. رواية أبي بكر أحمد بن إسحاق بن السني عنه. رواية القاضي أبي نصر أحمد بن الحسن بن الكسار عنه. رواية الشيخ أبي محمد عبد الرحمن بن محمد الدوني عنه. رواية أبي الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل الأنصاري عنه. رواية الشيخ الإمام زين الدين أبي الحسن علي بن إبراهيم بن نجاد الحنبلي الواعظ.
وفيها نص ظاهر على أنها من تأليف النسائي، وابن السني مجرد رواية لها. وإن كان أحد المجلدَين قد أكلت أكثره الأرضة، فالآخر لا يزال أكثره صالحاً واضحاً بخط مشرقي جيد يحمل رقم 5637 بالخزانة الملكية بالرباط. وعلى ظهر هذه النسخة كتب بخط قديم قدمها: "قال الطبني: أخبرني أبو إسحاق الحبال: سأل سائل أبا عبد الرحمن... بعض الأمراء عن كتابه السنن: أصحيح كله؟ فقال: لا. قال: فاكتب لنا الصحيح مجرداً. فصنع المجتبي (بالباء) من السنن الكبرى، ترك كل حديث أورده في السنن ما تكلم في إسناده بالتعليل".
وأبو إسحاق الحبال الذي ينقل عنه الطبني، هو الحافظ المتفنن محدث مصر إبراهيم بن سعيد بن عبد الله التجيبي. كان من المتشددين في السماع والإجازة، يكتب السماع على الأصول...
وكذلك نجد أن ابن الأثير الذي جرد الأصول الخمسة وضم إليها الموطأ، جرّد المجتبى وليس السنن الكبرى. وساق إسناده بالمجتبى. وفيه بالنص الواضح على أن المجتبى من تأليف النسائي ذاته. يقول ابن الأثير انه قرأه سنة 586هـ على أبي القاسم يعيش بن صدقة الفراتي إمام مدينة السلام الذي قراه على أبي الحسن علي بن أحمد بن الحسن بن محمويه اليزيدي سنة 551 والذي قرأه على أبي محمد عبد الرحمن بن حمد بن الحسن الصوفي الدوني سنة 500هـ في شهر صفر والذي قرأه على أبي نصر أحمد بن الحسين الكسار بخانكاه دون سنة 433هـ والذي قرأه على ابن السني سنة 363هـ والذي قال: حدثنا الإمام الحافظ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي رحمه الله بكتاب السنن جميعه.
وهذا نص واضح قبل ما يزيد على قرن ونصف من الزمن. ونص أبي علي الغساني أسبق من هذا كذلك... كما أن ابن السني ذاته قد نص أنه سمع المجتبى من مصنفه بمصر في أكثر من موضع منه. انظر المطبوع 7|171 صدر كتاب الصيد والذبائح. وقد وجدت نسخاً مخطوطة ينص على سماعها من النسائي بمصر في صدر المجتبى. منها نسخة في الخزانة العامة بالرباط تحت رقم 1877ك و2408ك». انتهى كلام الدكتور فاروق حمادة. ومن أراد المزيد فليرجع إلى بحث الدكتور فاروق في أول كتاب "عمل اليوم والليلة".

ومما يقوي القول بأن المجتبى من تصنيف النسائي:

1- أبو إسحاق الحبال مصري، وهو أعلم بالنسائي وبكتاب النسائي. وقوله أولى بالقبول من قول غيره. والخبر -وإن كان فيه انقطاع- فهو أولى بالاعتماد من تخمينٍ لا دليل عليه.
2- القول بأن ابن السني هو من صنف المجتبى، هذا يجعل ابن السني من كبار حفاظ الحديث. والذي يتلخص من ترجمته ومن كتابه "عمل اليوم والليلة" لا يفيد سوى أنه حافظ من حفاظ الحديث، ليس من جهابذة الفن. وإن اختيار هذه الأحاديث وتصنيف كتاب ككتاب المجتبى يحتاج إلى معرفة بالعلل والسنن. وابن السني لم يشتهر بذلك.
ولمعترض أن يقول: وهذا يصح لو أن كل ما في كتاب المجتبى صحيح، أو أنه لم يترك أحاديث صحيحة في السنن الكبرى ليست في الصغرى. وإلا فعمله ليس فيه عبقرية! وأي طالب علم في الجامعة يستطيع أن يلخص لك كتاب حديثي معلل بحذف الأحاديث التي تكلم عليها صاحب الكتاب، لكن هذا لا يضمن لك أن يترك بعض الأحاديث الصحيحة، وينقل بعض الأحاديث الضعيفة، لأنه ليس من أهل هذا الشأن. والله أعلم.
لكن من الممكن أن نجيب: أنه في الصغرى نفَس النسائي رحمه الله الجامع بين علمي الفقه والعلل. فتجده يقول بعد سرد بعض الأحاديث "ذكر الاختلاف على شعبة"، ويعلل تلك الروايات بنفَسٍ حديثي قوي.

وأهم الاعتراضات على نظرية كون النسائي صاحب السنن الصغرى:
1- توجد أحاديث نصّ النسائي على ضعفها في "المجتبى". فيدلّ ذلك على أنّه لم يجتبِ الأحاديث الصحيحة من الكبرى. ومن المستبعد بالاستقراء أن يكون كل ما في الصغرى صحيح. وفي الصغرى أحاديث أعلّها النسائي في الكبرى ببيان الاختلاف على بعض رواتها. مثل حديث كفارة إتيان الحائض. وأحياناً يورد الرواية ويبين انقطاعها وعلتها. فكيف تكون صحيحة؟
والجواب: أن هذا لا يعني أن الكتاب ليس من تأليف النسائي. فالحديث الذي أعله ليس على شرطه، وإنما ذكره لغرض ما. وهذا كتاب الجامع الصحيح للبخاري، يورده فيه أحاديث معلقة أو مرسلة ليبين علتها. فهل وجود حديث في صحيح البخاري -ويكون قد أعله خارج الصحيح- يجعل الكتاب ليس من تصنيف المؤلف؟ بل ينبغي دارسة منهج النسائي في سننه الصغرى، ولماذا أورد الأحاديث التي أعلها في موضع آخر.
2- الحكايات التي ذكرها الدكتور فاروق (عما ذكره الغساني والتجيبي)، تبقى احتمالاً لأنها منقطعة.
والجواب: أن هذه الحكايات المنقطعة، أولى من جزم الذهبي الذي ليس له مستند ولاشيء منصوص، سوى احتمالات ظنية. والذهبي رغم أنه من أهل الاستقراء التام، إلا أنه يجزم في مواطن كان ينبغي له أن يتثبت قبل أن يجزم. ومن ذلك نفيه أن يكون الإمام أحمد صنف التفسير، وقد رد عليه بعض الحنابلة.
3- من الممكن القول بأن "المجتبى" هو رواية ابن السنّي للسنن الكبرى. وقد يقال: كم من كتاب لم يرويه إلا شخص واحد، وقد يكون سمعه عشرات ولكن الراوي واحد. أقول: نعم، لكن عدم وجود راو للمجتبى من غير طريق ابن السني يجعل احتمال كون ابن السني هو المؤلف، أمراً وارداً. أما ما ذكره ابن الكثير من سماع ابن السني للسنن من النسائي، فهذا أمر لم ننكره أصلاً. نعم، سمع السنن الكبرى، وسمع غيرها، ثم اجتبى من حديث شيخه بعضه.
4- لماذا هناك أحاديث ضعيفة في المجتبى (رغم أنه من المفروض أن يكون كله صحيح) مع علمنا أن النسائي متعنت في توثيق الرجال كما يزعمون؟
والجواب أن: الغالب أن الذي في السنن الصغرى أو المجتبى أنه صحيح على شرط النسائي. هذا الغالب. وأحياناً يخرج عن هذا الشرط لسبب أو لآخر. والإنسان نفسه قد يشترط شرطاً ويخالفه. ثم أغلب الأحاديث التي فيها ضعف، ينبه عليها النسائي. وشرط غيره لا يلزمه، فالنسائي له منهج خاص. وأما القول بأن هناك أحاديث أعلها النسائي في المجتبى، فالقول: الحكم للغالب.فالبخاري قد يذكر حديث فيه ضعف أو زيادة. فهل معنى ذلك أنه لم يشترط في كتابه الصحة؟ وكذا الأحاديث التي ذكرها النسائي، لعل بعضها ذكرها عرضاً. وهذه المسألة تحتاج مزيد بحث وتوسع. هذا مع الفارق الشاسع بين صحيح البخاري ومجتبى النسائي.
5- الإشكال أن أمير الرملة قد طلب من النسائي تجريد الصحيح من "السنن الكبرى"، لكن: هناك أحاديث في "الصغرى" ليست صحيحة. وهذه وإن كانت قليلة لكنها موجودة. فإن قال معترض أن مسلم أخرج في صحيحه أحاديث ضعيفة، فلنا أن نقول أن النسائي لم يلتزم بأمر أمير الرملة بتجريد الصحيح فحسب.
هذا الإشكال جوابه: كيف حكم على الحديث بالضعف؟ هل ضعفه النسائي وأورده في السنن؟ إن كان كذلك صح هذا الإشكال. وإلا فتضعيف غيره ليس بحجة عليه.
6- هناك أحاديث صحيحة كثيرة، بل كتب بأكملها في "الكبرى" مثل كتاب "التفسير" و "خصائص علي" و "الطب" و "فضائل الصحابة"، ليس منها شيء في "الصغرى".
والجواب أنه: اختلف في نسبة بعض هذه الكتب إلى السنن الكبرى. ولو ثبتت، فإن كتابه السنن الصغرى اقتصر في ذلك على ما ورد في السنن والأحكام على أصل الكتاب. أي أن النسائي قد جرد صحيح أحاديث الأحكام فحسب.
7- هناك كتب في "الصغرى" مثل كتاب "الإيمان وشرائعه" و "الصلح" ليست في "الكبرى". وهناك أحاديث في "الصغرى" ليست في "الكبرى". فلعل النسائي قد غفل عنها في "الكبرى"، فأضافها هنا؟
8- توجد ألفاظ وتراجم وأبواب في "الصغرى" لا وجود لها في "الكبرى".والجواب: بل مجرد ثبوت وجود أحاديث في المجتبى ليست في الكبرى، تدل على أن الكتاب للنسائي وليس لابن السني. وإلا كان الكتاب لابن السني، وليس للنسائي فيه مدخل. أو يقال حينها: زيادات ابن السني على النسائي، كما قالوا في زيادات عبد الله. ولابد أن يكون سندها واضحاً كما هي في مسند أحمد. وما سمعنا بأحد قال ذلك.
لكن يبقى مجتبى النسائي (السنن الصغرى) أفضل وأعلى طبقة من كثير من الكتب التي ادعت الصحة وفشلت فيها، مثل صحيح (!) ابن حبان، ومستدرك الحاكم، والمختارة، والمنتقى، والسلسلة الصحيحة، وأمثال ذلك. والله أعلم بالصواب



اللهم انا نسألك العفو و العافية في الدين و الدنيا و الآخرة
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت ان السلامة فيها ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها الا التي كان قبل الموت بانيها
فان بناها بخير طاب مسكنه وان بناها بشر خاب بانيها

  • ملف العضو
  • معلومات
د.محمد
عضو مبتدئ
  • تاريخ التسجيل : 19-04-2009
  • المشاركات : 23
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • د.محمد is on a distinguished road
د.محمد
عضو مبتدئ
  • ملف العضو
  • معلومات
أنس الجزائري
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 20-10-2008
  • الدولة : باتنة - الجزائر
  • العمر : 41
  • المشاركات : 837
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • أنس الجزائري is on a distinguished road
أنس الجزائري
عضو متميز
رد: المجاهد حسن نصرالله يرد على مسرحية المصريين
22-04-2009, 12:19 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فارس العاصمي مشاهدة المشاركة

ماقولكم
في تكفير الروافض للشيخين او بكر وعمر وباقي الصحابة
ماقولك في قولهم عن عائشة رضي الله عنها زانية
وغيرها الكثير
ولا يتفلسف علي احد ان الشيعى لا يكفر الصحابة
بالله عليكم ارجعوا لكتبهم ادخلوا منتدياتهم ادخولا غرفهم في البالتوك
ارجعوا الى كتب علمائهم مثل الخميني والخوئي والمفيد والجزائري

اللهم اني اشهدك ان اكره الروافض وكل من يطعن في ال البيت الاطهار والصحابة الاخيار
اللهم احشرنا مع ال البيت والصحابة رضي الله عنهم
الى من يدافع عن الروافض
تذكروا يوم العرض فيومها سوف تكونون في صف من يكفر الصحابة سوف يكون حجيجكم الصحابة سوف يكون حجيجكم ال البيت فاعدوا لذلك عدته
فوربكم لن ينفعكم لانصر الرافضة ولا اي احد يومها
والسلام عليكم
السلام عليكم أخ فارس والله كثر الجهلة في هذا المنتدى
يستنصرون لسيد قطب ونصر اللات و فلان وفلان..ولا يستنصرون لأصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وشرفه عجبا لهؤلاء القوم...
واعلم أنك لن تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء والله المستعان
اللهم اشهد أن من أبغض الناس إلى قلبي هؤلاء الروافض
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله)
إن الروافـض شر من وطئ الحصى وأن الروافـض أشد وطاة على المسلمين من اليهود والنصارى وأن الروافـض إذا علوا في دولة فأبشر بزوالها
الرافضة أمة مخذولة، ليس لها عقل صريح، ولا نقل صحيح، ولا دين مقبول، ولا دنيا منصورة
موضوع مغلق
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 06:25 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى