تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > منتدى القرآن الكريم

> فصول ومشاهد لقصة يوسف عليه السلام

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
moona
عضو مبتدئ
  • تاريخ التسجيل : 15-06-2008
  • المشاركات : 10
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • moona is on a distinguished road
moona
عضو مبتدئ
فصول ومشاهد لقصة يوسف عليه السلام
17-06-2008, 11:56 AM
ولد سيدنا يوسف عليه السلام وكان له احد عشر اخاً وكان
أبوه يحبه كثيرا وفي ذات ليلة رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين، فقص على والده ما رأى فقال له ألا يقصها على إخوته، ولكن الشيطان وسوس لإخوته فاتفقوا على أن يلقوه في غيابات الجب وادعوا أن الذئب أكله، ثم مر به ناس من البدو فأخذوه وباعوه بثمن بخس واشتراه عزيز مصر وطلب من زوجته أن ترعاه، ولكنها أخذت تراوده عن نفسه فأبى فكادت له ودخل السجن، ثم أظهر الله براءته وخرج من السجن ، واستعمله الملك على شئون الغذاء التي أحسن إدارتها في سنوات القحط، ثم اجتمع شمله مع إخوته ووالديه وخروا له سجدا وتحققت رؤياه.

سيرته:
قبل أن نبدأ بقصة يوسف عليه السلام، نَوَدُّ الإشارة لعدة أمور. أولها اختلاف طريقة رواية قصة يوسف عليه السلام في القرآن الكريم عن بقية قَصَص الأنبياء، فجاءت قَصَص الأنبياء في عدة سور، بينما جاءت قصة يوسف كاملة في سورة واحدة. قال تعالى في سورة (يوسف):
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) (يوسف)
واختلف العلماءُ ِلمَ سُمِّيت هذه القصة أحسن القَصَص؟ قيل إنها تنفرد من بين قَصَص القرآن باحتوائها على عالمٍ كاملٍ من العِبَر والحِكَم.. وقيل لأن يوسف تجاوزَ عن إخوته وصبر عليهم وعفا عنهم.. وقيل لأن فيها ذُكِر الأنبياءُ والصالحون، والعفةُ وسِيَرُ الملوكِ ، والرجالُ وحِيَلُ النّساءِ ومَكْرُهن، وفيها ذُكِرَ التوحيدُ وتعبيرُ الرؤيا وتفسيرها، فهي سورة غنية بالمشاهد والانفعالات المؤثرة وقيل: إنها سُمِّيَت أحسن القَصَص لأن مآل من كانوا فيها جميعاً كان إلى السعادة وهومآلٌ حسن.
ومع التقدير لهذه الأسباب كلها.. اعتقد أنّ سبباً مهماً يُمَيِّز هذه القصة.. إنها تمضي في خطٍ واحدٍ من بدايتها إلى نهايتها َوتُفْضي بمن يقرأها لإحساس عميق بِقَهرِ الله وغَلَبَتِهِ ونفاذ أحكامه رغم وقوف البشر ضدها. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) هذا ما تُثْبِتُهُ قصةُ يوسف بشكل حاسم،.
تبدأ الآن تفاصيل قصة يوسف -عليه السلام- وأحببت أن أُقسِّمها لعدد من الفصول والمشاهد ليسهل على القارئ تتبع الأحداث.
المشهد الأول من فصل طفولة يوسف:
أخبر يوسفُ عليه السلام أباه بأنه رأى في المنام أحد عشر كوكباً والشمس والقمر ساجدين له. استمع الأب إلى رؤيا ابنه وحذَّرَهُ أن يحكيها لأخوته. فلقد أدرك يعقوب -عليه السلام- بحدسه وبصيرته أن وراء هذه الرؤيا شأناً عظيماً لهذا الغلام. لذلك نصحه بأن لا يقص رؤياه على إخوته غير الاشقاء ويُفْهَم من هذا ان يعقوب عليه السلام ربما كان لديه احساس ان اخوة يوسف يكرهونه, استجاب يوسف لتحذير أبيه.. لم يحدِّث أخوته بما رأى، وأغلب الظَنِّ أنهم كانوا يكرهونه إلى الحد الذي يصعب فيه أن يطمئن إليهم ويحكي لهم اموره الخاصة أوأحلامه.
المشهد الثاني:
اجتمع أخوة يوسف يتحدثون في أمره. (إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ) أي نحن مجموعة قوية تدفع وتنفع، فأبونا مُخْطِئٌ في تفضيل هذين الصبيين على مجموعة من الرجال النافعين, فاقترح أحدهم حلاً للموضوع: (اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا). إنه الحقد وتدخل الشيطان الذي ضخّم حُبَّ أبيهم ليوسف وإيثاره عليهم حتى جعله يوازي القتل أكبر جرائم الأرض بعد الشرك بالله.اوطَرْحِهِ في أرض بعيدة نائية فهو مرادف للقتل، لأنه ربما يموت هناك ولماذا هذا كله؟! حتى لا يراه أبوه فينساه ويُوَجِّه حُبَه كلّه لهم. ومن ثَمَّ يتوبون عن جريمتهم (وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ).
قال قائل منهم -حرّك اللهُ أعماقَه بشفقةٍ خفيةٍ، أو ُربَّما أثارَ اللهُ في أعماقِه رعباً من القتل فقال: ما الداعي لقتله؟ إن كنتم تريدون الخلاص منه، فَلْنُلْقِهِ في بئر تَمُرُّ عليها القوافل.. سَتَلْتَقِطْهُ قافلة وترحل به بعيداً.. سيختفي عن وجه أبيه.. ويتحقق غرضنا من إبعاده.
انهزمت فكرة القتل، واختيرت فكرة النفي والإبعاد. نفهم من هذا أن الأخوة، رغم شرهم وحسدهم، كان في قلوبهم، أو في قلوب بعضهم خيرٌ لم يمت بعد.
المشهد الثالث:
توجه الأبناء لأبيهم يطلبون منه السماح ليوسف بمرافقتهم. دار الحوار بينهم وبين أبيهم بكلام َليّن وعتاب خفي، مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ ..؟ أيُعْقَلُ أن يكون يوسف أخانا، وأنت تخاف عليه مننا ولا تأمنّا عليه، ونحن نحبه وننصح له لماذا لا ترسله معنا يرتع ويلعب؟
ورداً على العتاب الاستنكاري جعل يعقوب عليه السلام ينفي ذلك بكلام فيه تمويه ان عدم سماحي ليوسف بمرافقتكم آتٍ من الحزن الذي أشعر به عند فِراقه واما الخوف عليه هو من الذئاب فقط قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ .
قالوا نحن عشرة من الرجال, فهل نغفل عنه حتى يأكله الذئب ونحن كثرة؟ نكون خاسرين غير أهلٍ للرجولة لو وقع ذلك.. لن يأكله الذئب ولا داعي للخوف عليه.
وافق الأب تحت ضغط أبنائه.. لِيَتَحَقق قدرُ الله وتَتِمّ القصةُ كما تقتضي مشيئته المشهد الرابع
خرج الأخوة ومعهم يوسف، وأخذوه للصحراء. اختاروا بئراً لا ينقطع عنها مرور القوافل وحملوه وهمّوا بإلقائه في البئر ولنا أن نَتَخَيَّل حال ذاك الطفل الصغير حين استلمته الايدي الغادرة والقلوب القاسية , لكن سرعان ما يأتي له التطمينُ الالهي حيث أوحى الله إلى يوسف أنه ناجٍ فلا يخاف.. وأنه سيلقاهم بعد يومهم هذا وينبئهم بما فعلوه.
المشهد الخامس:
عند العشاء جاء الأبناء يبكون او لربما يتباكون واختاروا الوقت الذي يصعب فيه التفريق بين الباكي والمتباكي لأنه وقت ظلام وكما يقال( ليست النائحة كالأم ) ليحكوا لأبيهم قصة الذئب المزعومة. أخبروه بأنهم ذهبوا يستبقون، فجاء ذئبٌ على غفلة، وأكل يوسف ,إن حكاية الذئب التى اختلقوها من المرة الأولى التي يأذن لهم فيها يعقوب باصطحاب يوسف معهم ناتجة عن تسرعهم وخوفهم ألا تواتيهم الفرصة مرة أخرى. وبمثل هذا التسرع جاءوا على قميصه بدمٍ كذب لطّخوه به ونسوا أن يمزقوا قميص يوسف حيث لا يُتْقِنُ الكذب الا من هو هادئ الاعصاب وهم ليسوا كذلك وانتهى كلامهم بدليل قوي على كذبهم حين قالوا: (وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ) أي وما أنت بمطمئن لما نقوله، ولو كان هو الصدق.
حينئذٍ أدرك يعقوب من دلائل الحال ومن نداء قلبه ومن الأكذوبة الواضحة،المتمثلة في القميص الملطخ بالدم وغير الممزق أن يوسف لم يأكله الذئب، وأنهم دبّروا له مكيدة ما، وأنهم يُلَفِّقون له قصة لم تقع، فواجههم بأن نفوسهم قد حسنت لهم أمراً منكراً ويسرّت لهم ارتكابه؛ وأنه سيصبر متحملاً متجملاً لا يجزع ولا يفزع ولا يشكو مستعيناً بالله على ما يُلَفِّقونه من حيلٍ وأكاذيب: قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ
المشهد الأخير من الفصل الأول من حياة سيدنا يوسف عليه السلام:
أثناء وجود يوسف بالبئر، مرت قافلة في طريقها إلى مصر.. قافلة كبيرة.. سارت طويلاً حتى سُمِّيت سيارة.. توقفوا للتزود بالماء.. وأرسلوا أحدهم الى البئر فأدلى الدلو فيه.. تعلق يوسف به فظنّ من أدلى الدلو أنه امتلأ بالماء فسحبه. رأى غلاماً متعلقاً بالدلو.. فسرى على يوسف حُكْم الأشياء المفقودة التي يلتقطها أحد.. يصير عبداً لمن التقطه.. هكذا كان قانون ذلك الزمان البعيد كما تقول بعض الروايات
فرح به من وجده في البداية، ثم زهد فيه حين فَكّر في همّه ومسئوليته، لأنه وجده صبياً صغيراً, وعزم على التخلص منه لدى وصوله إلى مصر.. ولم يكد يصل إلى مصر حتى باعه في سوق الرقيق بثمن زهيد، دراهم معدودة.ان كان باعه الذي التقطه من البئر او باعه كل من كان بالقافله كما يشير الى ذلك منطوق القران وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين بصيغة الجمع فكل ذلك جائز ولا يغير من الامر شيئا . اشتراه رجل تبدو عليه الأهمية.
انتهت المحنة الأولى في حياة هذا النبي الكريم، لبتدأ المحنة الثانية، والفصل الثاني من حياته.
ثم يكشف الله تعالى مضمون القصة البعيد في بدايتها (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ). لقد انطبقت جدران العبودية على يوسف. أُلْقِيَ في البئر، أُهين، حُرِمَ من أبيه، الْتُقِطَ من البئر، صار عبداً يُباعُ في الأسواق، اشتراه رجل من مصر، صار مملوكاً لهذا الرجل.. انطبقت المأساة، وصار يوسف بلا حول ولا قوة. هكذا يُظَنّْ غير أن الحقيقة شيء يختلف عن الظَّنِّ تماماً.
ما نتصوره نحن أنه مأساة ومحنة كان هو أول سُلَّمٍ يصعده يوسف في طريقه إلى مجده.. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) .. ينفذ تدبيره رغم تدبير الآخرين ويتحقق وعد الله، وقد وعد الله يوسف بالنبوة.
القى الله محبة يوسف في قلب صاحبه الذي اشتراه.. حيث يقول لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً. وليس هذا السيد رجلاً هيّن الشأن.. إنما هو رجل مهم.. رجل من الطبقة الحاكمة في مصر
وهكذا مكّن الله ليوسف في الأرض.. سيتربى يوسف في بيت رجل ذو مكانة وسيعلمه الله من تأويل الأحاديث وتفسير الاحلام, وسيحتاج إليه الملك في مصر في المستقبل(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ). تمّ هذا كله من خلال فتنة قاسية تعرض لها يوسف.
ثم يبين لنا المولى عز وجل كرمه على يوسف فيقول:
وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22) (يوسف)
كان يوسف أجمل رجل في عصره.. . وأوتي صحة الحكم على الأمور.. وأُوتِيَ أسلوباً في الحوار يُخْضِعُ قلبَ من يَسْتمِعُ إليه ولعلَّ أهمّ صفة ليوسف أبرزها لنا القران هي العفة كل ذلك جعله شخصية إنسانية مُمَيَّزة.
وأدرك سيّده ان يوسف أكثر أمانة واستقامة وشهامة من غيره .
ويبدأ المشهد الأول من الفصل الثاني في حياته:
في هذا المشهد تبدأ محنة يوسف الثانية، وهي أشد وأعمق من المحنة الأولى. جاءته وقد أوتي صحة الحكم وأوتي العلم -رحمة من الله- ليواجهها وينجو منها جزاءَ إحسانه الذي سجله الله له في قرآنه. يَذْكُرُ اللهُ سبحانه وتعالى هذه المحنة في كتابه الكريم:
وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) (يوسف)
إن تَصَرُّف المرأة في الحادثة وما بعدها يشير إلى أنها امرأة مكتملة جريئة.
والآن، لنتدبر في كلمات هذه الآيات.
(وَرَاوَدَتْهُ) صراحة (عَن نَّفْسِهِ )، وأغلقت (الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ). لن تفر مني هذه المرة. هذا يعني أنه ربما كانت هناك مرات سابقة فرّ منها. لم تكن الدعوة فيها بهذه الصراحة وهذا التعري. فيبدوا أن امرأة العزيز سئمت تجاهل يوسف لتلميحاتها المستمرة وإباءه.. فقررت أن تغير خطتها. خرجت من التلميح إلى التصريح.. أغلقت الأبواب ومزقت أقنعة الحياء وَصَرَّحت بحبها وطالبته بنفسه.
ثم يتجاوز السياق القرآني عن الحوار الذي دار بين امرأة العزيز ويوسف عليه السلام، ولنا أن نتصور كيف حاولت إغراءه إما بلباسها أو كلماتها أو حركاتها. لكن ما يهمنا هنا هو موقف يوسف -عليه السلام- من هذا الإغراء.
يقف هذا النبي الكريم في وجه سيدته قائلا (قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) أعيذ نفسي بالله أن أفعل ما ليس لي بحق مع زوجة من أكرمني وجعل في هذه الدار مثواي الطيب الآمن. ولا يفلح الظالمون الذين يتجاوزون حدود الله، فيرتكبون ما تدعينني إليه.
(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) اتفق المفسرون حول همّها بالمعصية، واختلفوا حول همّه. مِنَ المفسرين مَنْ قال وهمّ بها يقصد المعصية ولم يفعل، ومنهم مَنْ قال إنها همّت به ِلتُقَبِّلَهُ وهمّ بها ليضربها، وأفضل تفسير تطمئن إليه نفسي قول ابو عبيدة أن هناك تقديماً وتأخيراً في الآية.
(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا). قال أبو عبيدة: هذا على التقديم والتأخيرلوجود لولا وحرف لولا عند اهل اللغة يسمى حرف امتناع لوجود بمعنى ولقد همت به.. ولولا أن رأى برهان ربه لَهَمَّ بها حيث يستقيم هذا التفسير مع عصمة الأنبياء.. كما يستقيم مع روح الآيات التي ذُكرت (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) وهذه الآية التي تثبت أن يوسف من عباد الله المخلصين، تقطع في نفس الوقت بنجاته من سلطان الشيطان. قال تعالى لإبليس يوم الخلق (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) وما دام يوسف من عباده المخلصين، فقد وضح الأمر بالنسبة إليه. لا يعني هذا أن يوسف كان يخلو من مشاعر الرجولة، ولا يعني هذا أنه كان في نقاء الملائكة , إنما يعني أنه تعرض لإغراء طويل قاومه فلم تملُّ نفسه يوماً، ثم أسكنها تقواها كونه مطلعاً على برهان ربه، عارفاً أنه يوسف بن يعقوب النبي، ابن إسحق النبي، ابن إبراهيم جد الأنبياء وخليل الرحمن.
يبدو أن يوسف -عليه السلام- آثر الانصراف متجهاً إلى الباب حتى لا يتطور الأمر أكثر. لكن امرأة العزيز لحقت به لتمسكه، تدفعها الشهوة لذلك. فأمسكت قميصه من الخلف، فتمزق في يدها. وهنا تقع المفاجأة. فتح الباب زوجها -العزيز. وهنا تجيب المرأة المكتملة الجريئة على السؤال البديهي الذي يُطْرَح في مثل هذا الموقف فتقول متهمةً الفتى: قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
واقترحت هذه المراة -العاشقة- سريعاً العقاب -المأمون- الواجب تنفيذه على يوسف،خوفاً أن يفتك به العزيز من شدة غضبه. بيّنت للعزيز أن أفضل عقاب له هو السجن. بعد هذا الاتهام الباطل والحكم السريع. جهر يوسف بالحقيقة مدافعاً عن نفسه: قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي
تجاوز السياق القرآني رد الزوج، لكنه َبيَّن كيفية تبرأة يوسف -عليه السلام- من هذه التهمة الباطلة:
وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ (27) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) (يوسف)
لا نعلم إن كان الشاهد مرافقاً للزوج منذ البداية، أم أن العزيز استدعاه بعد الحادثة ليأخذ برأيه.. كما أشارت بعض الروايات أن هذا الشاهد رجل كبير، بينما أخبرت روايات أخرى أنه طفل رضيع. كل هذا جائز. وهو لا يغير من الأمر شيئا. ما يذكره القرآن أن الشاهد أمرهم بالنظر للقميص، فإن كان ممزقاً من الأمام فذلك من أثر مدافعتها له وهو يريد الاعتداء عليها فهي صادقة وهو كاذب. وإن كان قميصه ممزقاً من الخلف فهو من أثر فراره منها وتعقبها هي له حتى الباب، فهي كاذبة وهو صادق.
فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) (يوسف)
تأكد الزوج من خيانة زوجته عندما رأى قميص يوسف ممزق من الخلف , لَمْ يصرخْ ولَمْ يغضبْ. فرضت عليه ِقيَمُ الطبقة الراقية التي وقع فيها الحادث أن يواجه الموقف بلباقة وتلطف.. نسب ما فعلته امرأته إلى كيد النساء عموماً. وصّرح بأن كيد النساء عظيم. وهكذا سيق الأمر كما لو كان ثناء يُساق. ولا يُظَنُّ أنه يسوء المرأة أن يقال لها: (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ). فهو دلالة على أنها أنثى كاملة مستوفية لمقدرة الأنثى على الكيد. بعدها التفت الزوج إلى يوسف قائلا له: (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا) أهمل هذا الموضوع ولا تتحدث به. هذا هو المهم.. المحافظة على الظواهر.. ثم يوجّه عظة -مختصرة- للمرأة التي ضُبِطَت مُتَلَبِّسة بمراودة فتاها عن نفسه وتمزيق قميصه: (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ).
انتهى الحادث الأول.. لكن الفتنة لم تنته.. فلم يفصل سيد البيت بين المرأة وفتاها.. كل ما طلبه هو إغلاق الحديث في هذا الموضوع. غير أن هذا الموضوع بالذات, وهذا الأمر يصعب تحقيقه في قصر يمتلئ بالخدم والخادمات

تم بحمد الله كتابة الجزء الاول وقريبا ان شاء الله الجزئين الاخرين








ابن الاسلام
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى ابن الاسلام
البحث عن المزيد من المشاركات المكتوبة بواسطة ابن الاسلام
أضف ابن الاسلام إلى قائمة الأصدقاء











  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية chebldz
chebldz
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 13-09-2007
  • الدولة : إنني أحس على وجهي بألم كل صفعة توجّه إلى مظلوم في هذه الدنيا، فأينما وجد الظلم فذاك هو وطني
  • المشاركات : 2,425
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • chebldz is on a distinguished road
الصورة الرمزية chebldz
chebldz
شروقي
رد: فصول ومشاهد لقصة يوسف عليه السلام
19-06-2008, 07:45 PM
اولا نرحب بالأخت الفلسطينية معنا في المنتدى
نورتي المنتدى اختي الفاضلة
بارك الله فيك على الموضوع الرائع والاسلوب الجيد في سرد قصة سيدنا يوسف عليه السلام تقبل مروري المتواضع امام موضوعك الرائع
تحياتي ننتظر بقية الاجزاء
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية إخلاص
إخلاص
مشرفة سابقة
  • تاريخ التسجيل : 05-07-2007
  • الدولة : بلجيكا
  • المشاركات : 33,077
  • معدل تقييم المستوى :

    53

  • إخلاص is a jewel in the roughإخلاص is a jewel in the roughإخلاص is a jewel in the roughإخلاص is a jewel in the rough
الصورة الرمزية إخلاص
إخلاص
مشرفة سابقة
رد: فصول ومشاهد لقصة يوسف عليه السلام
20-06-2008, 04:29 PM
من أروع قَصَص القرآن الكريم قَصّة يوسف عليه السّلام

بارك الله فيك غاليتي

نبقى في إنتظار بقيّة القّصّة

أسعدك الله في الدّارين


تمّ نقل الموضوع إلى مكانه المناسب
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
  • تاريخ التسجيل : 28-12-2006
  • الدولة : مدينة ميلة , ولاية ميلة , الجزائر
  • العمر : 68
  • المشاركات : 5,284
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • رميته will become famous soon enough
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
رد: فصول ومشاهد لقصة يوسف عليه السلام
21-06-2008, 05:14 PM
منى : شكرا جزيلا لك , وأهلا وسهلا بك أختي الفاضلة . حفظك الله ورعاك ووفقك الله لكل خير .
ومع ذلك لو تجزئين الموضوع إلى أجزاء أقصر فإن ذلك ربما سيكون أفضل , وذلك لتسهل قراءته .
شكرا لك مرة ثانية .

اللهم اغفر لأهل منتديات الشروق وارحمهم واجعلهم جميعا من أهل الجنة
  • ملف العضو
  • معلومات
moona
عضو مبتدئ
  • تاريخ التسجيل : 15-06-2008
  • المشاركات : 10
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • moona is on a distinguished road
moona
عضو مبتدئ
رد: فصول ومشاهد لقصة يوسف عليه السلام
21-06-2008, 06:54 PM
بارك الله بكم chebldzعلى مرورك الطيب واشكرك على ترحيبك وانا سعيده جدا بالتعرف على اخواني واخواتي الجزائرين واتشرف بالانتساب الى منتداكم الطيب وارجو ان تعتبرونني اخت كبقية اعضاء منتداكم
  • ملف العضو
  • معلومات
moona
عضو مبتدئ
  • تاريخ التسجيل : 15-06-2008
  • المشاركات : 10
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • moona is on a distinguished road
moona
عضو مبتدئ
رد: فصول ومشاهد لقصة يوسف عليه السلام
21-06-2008, 07:02 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اخي رميته واشكرك على مرورك كما واشكرك على ابداء رايك حول التجزئه لكن اخي الكريم كما تعلم ان القصه لها احداث كثيره فاني حاولت ان اقسمها الى عدة اجزاء لكن لترابط الاحداث َصعُبَ عليَّ ان اقسمها الى اكثر من ثلاثة اجزاء فارجو المعذره
التعديل الأخير تم بواسطة moona ; 21-06-2008 الساعة 07:07 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
moona
عضو مبتدئ
  • تاريخ التسجيل : 15-06-2008
  • المشاركات : 10
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • moona is on a distinguished road
moona
عضو مبتدئ
رد: فصول ومشاهد لقصة يوسف عليه السلام
21-06-2008, 07:12 PM
وبك الله يبارك اختي اخلاص واشكرك على مرورك وليتك توضحي لي اين اضع باقي الاجزاء
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية gamalove2002
gamalove2002
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 11-09-2007
  • الدولة : تلمسان العالية
  • العمر : 39
  • المشاركات : 15,900
  • معدل تقييم المستوى :

    32

  • gamalove2002 is on a distinguished road
الصورة الرمزية gamalove2002
gamalove2002
شروقي
رد: فصول ومشاهد لقصة يوسف عليه السلام
21-06-2008, 07:14 PM


بارك الله فيك
و جعلها في ميزان حسناتك
احسنت باختيار هذا الموضوع كفاتحة لمشاركاتك في منتدانا الغالي
سلامي لك:)
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
  • تاريخ التسجيل : 28-12-2006
  • الدولة : مدينة ميلة , ولاية ميلة , الجزائر
  • العمر : 68
  • المشاركات : 5,284
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • رميته will become famous soon enough
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
رد: فصول ومشاهد لقصة يوسف عليه السلام
21-06-2008, 10:07 PM
منى : شكرا لك أختي الفاضلة مرة ثانية .
أهلا وسهلا ومرحبا بك في منتدى الشروق مليون مرة .
الله يرضى عليك ويجعلك من أهل الفردوس الأعلى بالجنة , آمين .

اللهم اغفر لأهل منتديات الشروق وارحمهم واجعلهم جميعا من أهل الجنة
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية أختُ عبد الرحمان
أختُ عبد الرحمان
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-02-2008
  • الدولة : بريطـانيا
  • العمر : 32
  • المشاركات : 11,741
  • معدل تقييم المستوى :

    29

  • أختُ عبد الرحمان will become famous soon enoughأختُ عبد الرحمان will become famous soon enough
الصورة الرمزية أختُ عبد الرحمان
أختُ عبد الرحمان
شروقي
رد: فصول ومشاهد لقصة يوسف عليه السلام
21-06-2008, 10:29 PM
مــن أروع القصص قصة يوسف عليـه السـلام...:)
نسأل الله أن يرزقنا و لو القليل من صبره...:rolleyes:
جزاك الله خيرا أختي منا و جعل لك في الفردوس مكانا...
مليون مرحبا بك بين عائـلتك..:)
سلامـــي






أنت يا أيّها الافريقيّّ !!

هل تعلم أنّ 45% فقط من سكّان افريقيا مسلمون؟!

6 ملايين من مسلمي افريقيا يعتنقون النّصرانيّة كلّ سنة !

أليس من المفروض أن تكون افريقيا قارّة مسلمة؟

فأين نحن من نشر هذا الدّين ؟
موضوع مغلق
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


المواضيع المتشابهه
الموضوع
مجموع أسئلة تهم الأسرة المسلمة , للشيخ العثيمين -رحمه الله
تحذير الأخوان من ضلالات طارق السويدان
الساعة الآن 04:35 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى