تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
masrour farah
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 13-06-2009
  • المشاركات : 2,386
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • masrour farah will become famous soon enough
masrour farah
شروقي
رد: قصة ليست هي القصة التي وعدتكم بها .
11-02-2012, 10:03 PM
فتح الوالد فاه فاغرا أمام هذا التصرف الغريب والمفاجيء الصادر عن وحيدته وفلذة كبده ، أما الأم فكانت تهمس لرشيدة :" يكفي يا رشيدة ، يكفي " ، أما اباسالم فلم يجد من القوة ما يجعله يفلت من قبضة رشيدة التي لم يعد يسمع منها إلا الشخير والتأوه ، ولم يتخلص من ضمتها القوية إلا بصوت قوي لا يصدر إلا من خبير في العسكرية ، يأمرها بإنها هذا الموقف ، إنه صوت أبيها قائلا :" كفى " .
تنفس ابا سالم الصعداء وتوجه مهرولا بما تبقى لديه من قوة إلى داخل الجامعة ، وهو في حالة من الإرتباك والذهول ، يهرول وقد زال لديه ذلك الفاصل بين الحقيقة والخيال ودخل أول مدرج صادفه في طريقه وبقي فيه وهو لايدري أي درس القاه الأستاذ و لا لأي تخصص ينتمي طلابه ، ومرت الفترة الصباحية كلها وهو داخل هذا المدرج وعلى نفس الحال،
ثم غادره إلى الحي عبر طريقه الخاص طبعا ، فوجد رشيدة قبالته عند الباب لكن هذه المرة كانت مع زميلتين لها وزميل له في الدراسة والفوج ، فتقدمت منه وسلمت عليه وهو في نفس حالته الأولى ثم قالت : أعتذر عما بدر مني في الصباح وأنا طبعا أشعر بمقدار المعاناة التي سببتها لك ، ومهما فعلت لك فلن استطع تعويضك عما لحق بك من ضرر معنوي وجسدي ، لذا أكرر إعتذاري وأسفي وأما سلسلتك فهي من حقك وملكك وسأعيدها لك يوم الغد إن شاء الله " . تدخل الزميل والزميلات والحوا على أباسالم أن يقبل الإعتذار .
طأطأ الشاب رأسه وهمس : " لا عليك " وأنطلق نحو الحي الجامعي ، وما إن فتح الغرفة حتى كان على السرير مستلقيا لا يفكر في شيء إلا في ذاك الموقف الغريب والفاجيء الذي حدث عند مدخل الجامعة مع رشيدة . قضى أباسالم اليوم كله على هذا الحال ولم يدلف جوفه إلا بعض الحساء في وجبة العشاء . وفي صباح يوم الغذ وفي المدرج المملؤ عن آخره بطلاب دفعة أباسالم وهو فيهم وفي الوقت الوجيز قبل دخول الأستاذ ، دخلت رشيدة وتوجهت إلى المصطبة وهي في كامل العزم والثقة وقالت مخاطبة إياهم : أيها الطلاب ، السلام عليكم ورحمة الله ، لقد عرفتم ما حدث بيني وبين زميلكم الطالب "جدعاني عبد السلام " المدعو أبا سالم منذ فترة من الزمن فيما يخص السلسلة التي أتهمته بسرقتها ، أيها الطلاب لقد كانت تهمة باطلة وأبا سالم بريء منها براءة الذئب من دم يوسف ، الأمر وما فيه أن السلسلة التي كنت أملكها تشبه بل تماثل تماما سلسلته ولما ضاعت مني ظننت أن سلسلة أبا سالم هي لي وأتهمته زورا وظلما بسرقتها - ولوحت بيدها بالسلستين للإستدلال على قولها -
وهأنا أعترف أمامكم ببراءته وأرجوه رجاءا حارا بل أتوسل إليه أن يقبل إعتذاري وأن يسامحني مما بدر مني ومما لحق به من أذى، و ههي ذي سلسلته أعيدها إليه أمامكم " .
سلمت رشيدة السلسلة لبأسالم وأنصرفت تاركة هذا الأخير يسبح في بحيرة من الإنبهار والدهشة والإعجاب والحيرة والتساؤل كذلك ، فهل تصرفت بشكل لا ئق أم أنها هزئت به واستصغرته ؟ طبعا هذه الأحاسيس والمشاعر لم تقتصر على أباسالم بل أنتابت كل زملاءه الحاضرين بالمدرج ، غير أن الإعجاب كان هو الغالب
لديهم إذ كيف لفتاة في سنتها الجامعية الأولى أن ترتجل تلك الخطبة بثقة ووضوح وبلاغة أمام طلاب ليسوا زملاءا لها وعن موضوع إجتماعي وإنساني لا يجيد معالجته إلا خبير . أما الهاجس الذي أستجد على أبا سالم فيتمثل فيما إذا كان سيرد بنفس الطريقة التي أعتمدتها رشيدة أم أنه سينكفيء على نفسه ويطأطيء رأسه ويطلق الريح لساقيه كما تعود أن يفعل بعد حادثة الحافلة .

كنت قد قلت لكم أن الحلقة الموالية ستكون الأخيرة لكن يبدو أنني تسرعت ، فمعذرة وإلى اللقاء في الحلقة المقبلة .


التعديل الأخير تم بواسطة masrour farah ; 05-03-2012 الساعة 07:23 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية يوسف جزائري
يوسف جزائري
مشرف صندوق المحادثات
  • تاريخ التسجيل : 24-12-2008
  • الدولة : أرض الله الواسعة
  • المشاركات : 5,403
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • يوسف جزائري has a spectacular aura aboutيوسف جزائري has a spectacular aura about
الصورة الرمزية يوسف جزائري
يوسف جزائري
مشرف صندوق المحادثات
رد: قصة ليست هي القصة التي وعدتكم بها .
11-02-2012, 10:25 PM
حلقة رائعة

آنسة فرح مسرور

استمتعت بالمشاهدة عفوا القراءة التي كانت بمثابة لوحة فنية مجسدة من مقاطع تسر الناظرين

بارك الله فيك في انتظار التتمة
التعديل الأخير تم بواسطة يوسف جزائري ; 11-02-2012 الساعة 10:28 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية عبد المنتقم
عبد المنتقم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 19-10-2009
  • الدولة : عاصمة الونشريس
  • المشاركات : 7,042
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • عبد المنتقم will become famous soon enoughعبد المنتقم will become famous soon enough
الصورة الرمزية عبد المنتقم
عبد المنتقم
شروقي
رد: قصة ليست هي القصة التي وعدتكم بها .
12-02-2012, 12:22 PM
آآآآآآآآآآآآآآآآآآه قصة جد حزينة و مشوقة

لي مدة و انا انتظر هذا المقطع و ردة فعل رشيدة بعد اكتشافها
انها اخطات في حق ابا سالم

و متشوووووووق لمعرفة الفصل الخامس
رجاءا لا تطيلي علينا اخت فرح مسرور
تقبلي مني خالص التحيات
  • ملف العضو
  • معلومات
masrour farah
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 13-06-2009
  • المشاركات : 2,386
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • masrour farah will become famous soon enough
masrour farah
شروقي
رد: قصة ليست هي القصة التي وعدتكم بها .
12-03-2012, 05:31 PM
لكن وعلى العموم فقد شعر بشيء من الارتياح مما جرى خاصة تدخل رشيدة الذي برّأه من تهمة السرقة التي لازمته فترة من الزمن وأرهقته بدنيا ومعنويا ، لكن : هل سيمر الأمر هكذا وبكل سهولة دون أن يثار لنفسه ويرد الصاع صاعين ؟ هل يكون كقطعة جامدة لينة تطوى وتثقب ثم تعاد إلى حالتها الأولى ؟ أين إرادته ؟ أين عزة نفسه وكرامته ؟ لقد أتهم زورا أمام أقرانه وقريناته وبدون رحمة ولا شفقة ، وسلب منه ملكه وهو صاغر وخائف من التبعات ، والدمع يسيل من عينيه كالثكلى ، والآن و بعد أن حصحص الحق يلتزم الصمت ولا يحرك ساكنا ويقبل بكل شيء وكأنه برّء شفقة وعطفا عليه ورحمة به .
انتابت هذه الهواجس والأحاسيس ابا سالم وترجمت في شكل أسئلة ، كل سؤال منها يحتاج للإجابة عنه إلى مجهود مضني وإلى شجاعة أدبية كبيرة ومهارة استثنائية ويحتاج مجموعها إلى تسطير برنامج تنفيذي غاية في الدقة .
وبينما هو كذلك إذا بنسمة عطر خفيفة تتسلل مع أنفاسه ، فيلتفت ليجد رشيدة بجانبه دون أن يدري ، فأنتفض كمن جلس على مسمار ، بادرته : مالك ؟ هل فاجأتك ؟ أجابها وهو يهم بالوقوف : لا ، إنما أريد الخروج ، فقد حان وقت الغذاء .
ابق قليلا ، أريد أن أتحدث إليك ، يا أخي يا عبد السلام ، أنا أعرف ما لحق بك من ألم وانكسار ، فلقد اتهمتك خطأ بالسرقة وهي تهمة دنيئة لا يتقبلها الحر الشريف و العفيف ووقعها على النفس أشد من السم وأشد من السيف المهند ، لكن لأم أجد عن ذلك محيدا ولا منه مناصا وهاك السلسلة وتأكد بنفسك فسوف ترى أنني إن لم أفعل ما فعلت أكون كمن يفرط في حق مشروع له ،لكن لما ظهرت الحقيقة ، تمنيت لو أني لم أقف في مواجهتك حتى لا أرى ما رأيت واتهمك بتلك التهمة الباطلة التي مست سمعتك وجرحت مشاعرك .ارحم قلبي يا ابا سالم فأنا فتاة كبقية بنات حواء ، تمتاز بالرهافة والرقة وبسمات الأمومة وإن ضمرت قليلا .ارحم قلبي وسامحني فضميري حاليا كمرجل أو كبركان هائج يذيب الصخر ويفيض بها كالسيل الجارف .
أخرجت منديلها وغادرت المدرج وهي تمسح دموعها .
بعدها بقليل غادر اباسالم بدوره المدرج ، وكان ذلك اللقاء إيذانا بانتهاء السداسي
الأول وبداية العطلة الشتوية التي ستستغرق شهر فبراير / شباط بكامله .
توجه اباسالم إلى بلدته لقضاء عطلته مع أسرته الصغيرة المكونة من أبويه وأخته
الأصغر" مزوارة " ، ومع أصدقائه وللاستمتاع بالمناظر السياحية الجميلة وبدفء
الطبيعة .
فرحت العائلة بمقدم ابنها فرحا شديدا رغم ما لاحظوه عليه من هزال الذي برره لهم
بالإنكباب على الدراسة وبتأثير الغربة عليه وبعده عنهم مثبتا ادعاءه بشراهته للأكل
لما عاد إليهم ومتع نظره برؤيتهم أما السبب الحقيقي فقد أخفاه عنهم واحتفظ به لنفسه .
  • ملف العضو
  • معلومات
masrour farah
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 13-06-2009
  • المشاركات : 2,386
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • masrour farah will become famous soon enough
masrour farah
شروقي
رد: قصة ليست هي القصة التي وعدتكم بها .
12-03-2012, 05:34 PM
وفي صباح يوم من أيام الأسبوع الثاني من شهر العطلة جاءه طفل مهرولا ليخبره أن ثلاثة من الغرباء قدموا من تيميمون يسألون عنه ويرغبون في رؤيته .
عرف الشاب هذه المرة هوية ضيوفه وعرف حتى سبب مجيئهم إليه ، إنهم رشيدة وأبواها السيد خالد والسيدة فاطمة ، لكن سوء تصرفه وتقديره جعلاه في حيرة من أمره ما اضطره للبحث عن طريقة تمكنه من إخبار والديه وأخته بالقصة قبل أن يصل الضيوف
إلى المنزل .
استقبل المضيف ضيوفه ورافقهم إلى الدار فوجدوا الحاج الطاهر في انتظارهم عند الباب ،وبعد استراحة قصيرة أراد السيد الخالد أن يتكلم ويطرق مباشرة الموضوع فقاطعه الحاج الطاهر وطلب منه تأجيل ذلك إلى ما بعد تناول الغذاء .
وفي الناحية المقابلة ، قلبت مزوارة الزيارة بخفة دمها و روح الدعابة المعروفة عنها إلى عرس وفرحت فرحا شديدا بضيفتيها خاصة رشيدة التي كانت ترى فيها بعين الطفلة البريئة مستقبل أخيها .
دعى الحاج الطاهر إلى بيته إمام مسجد البلدة وشيوخها وبعض أعضاء المجلس المحلي وزوجاتهم ،وبعد الانتهاء من الغذاء ، طُلب من السيد خالد تناول الكلمة وقول ما كان يعتزم قوله سابقا .
استهل السيد خالد كلامه بتوجيه الشكر للحاج الطاهر ولعائلته وللسادة الحاضرين ، ثم سرد تلك القصة التي لم تعد سرا ، كما تطرق إلى السبب الذي من أجله قدم هو وعائلته إلى شروين ثم التفت إلى اباسالم ، وقبل أن يواصل قاطعه والد الشاب قائلا : أنا من سيتكلم الآن ، إن تكبدكم لكل هذه المشاق لدليل قاطع على رفعة أصلكم وشأنكم وعلى صحة فهمكم لمعنى العزة والكرامة كما يدل أيضا على سمو أخلاقكم ، لقد سامحنا وقبلنا الاعتذار وطوينا ما حدث طيا أبديا ، وأصبح عندنا نسيا منسيا . تشرفنا بمعرفتكم ، وأهلا وسهلا بكم في كل وقت وحين . تفرق الجمع بعد تلاوة الفاتحة والدعاء وتبادل عبارات التوديع ، ومضى كل إلى غايته كما مضت دموع مزوارة ورشيدة إلى مساقطها بقدر يوحي وكأن الصلة بينهما قديمة وستكون مستقبلا أوثق .
انطلقت الدراسة في مرحلتها الثانية وقلب اباسالم لم يعد كما كان ، لقد أصبح مرنا نوعا ما و يمكنه أن يتسع لوافد إضافي من غير أهله خاصة بعد أن قرر والده بديكتاتوريته المعهودة محو ما حدث . لقد أزاح ذلك عن كاهله تلك الهواجس والقلاقل والانشغالات عن الثأر للكرامة وحفظ ماء الوجه وغيرها ، لكن : أي وافد يا ترى ؟ وما هذه المتلازمة ؟ لم عدت أفكر كثيرا في كل أمر يخص رشيدة ؟ ما هذا الشعور الجميل والمؤلم في آن حيالها ، إنه يختلف عن شعوري حيال أهلي فأنا أريد رؤية أختي وأمي وأبي ولكن أريد أيضا رؤية رشيدة لكن بشكل مختلف ، فلماذا ؟وما الفارق بين الأمرين ؟ هكذا أصبح حال اباسالم ، تساؤلات تتلوها أخرى دون أن يجد لها إجابات .
رشيدة فتاة وهبت جمالا لا يستسيغه المتسرعون ولا يتذوقه الفارزون ضمن مجموعة من قريناتها في لحظة عابرة ، ما جعلها دائما في منأى عن معاكسات ومضايقات الذكور .
جمال رشيدة بالتعبير الرياضي دالة موجبة تماما ذات منحنى متزايد ينطلق من الصفر إلى غاية مالا نهاية ، وبتعبير آخر هو كالعنكبوت الذي يلف فريسته بخيوط شبكته إلى أن تخور وتفقد قدرتها على المقاومة .
في استراحة العاشرة صباحا من يوم الأربعاء الأول للدراسة ، جاء أحد عمال الجامعة إلى اباسالم يخبره أن مكالمة تخصه بهاتف أمانة العميد . انها مزوارة من خط الوكالة البريدية لشروين ، تخبره بأن رشيدة راقدة بالمستشفى الجامعي وتطلب منه و بإلحاح القيام بزيارتها وإخبارها عن حالتها دون إبطاء وأن لا يغفل عن زيارتها مستقبلا إلى أن تتعافى وتغادر المستشفى ويبلّغها سلام العائلة وخاصة هي وتمنياتها لها بالشفاء العاجل .
ووددت لو انك معي يا أخية يا مزوارة فانا الآن في أمس الحاجة إليك لتخففي عني عناء هذه المهمة التي من جهة أريد القيام بها ومن جهة أخرى أخشى أن يكبلني الخجل والارتباك كالطفل الذي لم يراجع دروسه جيدا أمام معلمته . آه يا مزوارة ما أدهاك وما أذكى حيلك ،و كيف عرفت أن رشيدة مريضة ؟ ومن أعطاك رقم هاتف إدارة الجامعة يا خفيفة الروح يا أخية ؟
يمشي حائرا و بتثاقل متجها نحو المستشفى ، يمر على محل للتجارة المتعددة فتزداد حيرته : ماذا يأخذ معه لرشيدة ؟ لحم عجل ؟ كوسة أم جزر أم ماذا ؟ لاحظ التاجر تخبط زبونه فتدخل لمساعدته واقترح عليه لما عرف انه يعتزم عيادة مريض أن يقتني شيئا من الفواكه . الفواكه ؟! وأين هي هذه الفواكه ؟ أنها أمامك ، ألم ترها ؟
وصل المستشفى ، لكنه لا يعرف إلى أين يتجه ، فهو لم يسأل مزوارة عن مكان تواجدها ، ومن يدري فقد يكون عدم السؤال هذا مبررا لإنهاء هذه المعاناة النفسية الرهيبة ؟ سأل البواب عنها وهو شبه متأكد من عجزه عن الإجابة ، فرد هذا الأخير: رشيدة بنت السيد خالد الدركي ؟ فتح الشرويني فاه كمن خذل من صديق اتفق معه سلفا على عدم قول الحقيقة . هل غادرت المستشفى ؟ مالك ، هل أنت حزين على فراق حبيبات التفاح التي معك ؟ إنها موجودة بالغرفة الثانية للجناح الأرضي الأول المحاذي للمخبر ، وقد تماثلت للشفاء ، وستغادر بعد قليل . تصنع الشجاعة أمام البواب وراح بخطى ثابتة نحو المكان المحدد له ، وجد الباب مواربا قليلا ، دق خفيفا ودخل ، اعتدلت رشيدة لما رأته وتبسمت تعبيرا عن سعادتها بزيارته لها أو على الأقل موافقتها عليها . سلم وسلمت ، شعر وكأن العرق يسيل تحت لباسه انهارا و شعر وكأن أحدا يحبس انفاسه بادرته : انا بخير يا ابا سالم ، لقد أصبت بتسمم خفيف وقد شفيت منه وبعد قليل سأغادر هذا المكان . يفك الكيس من قبضته ويتركه فوق السرير ، ما هذا يا أبا سالم ، آه تفاح شكرا جزيلا لك ، سألتهم حبة الآن ، بحركة خاطفة يمد يديه ويمسك بهما يد رشيدة الماسكة بالتفاحة ويقول : لا ، يجب غسلها أولا ، بقيت الأيادي الثلاث تلف بعضها والتفاحة ، والتقت العيون وتحدثت بما لا يستطيع الراوي سرده ، ثم تفتحت كبتلات زنبقة ، تناول التفاحة وراح ليغسلها وليخلصها مما علق بها مثلما تخلص للتو من بعض الشوائب النفسية التي كانت تثبط انطلاقته الجديدة . يعود ، و يناولها إياها .
شكرا جزيلا .
أهلي يقرؤونك السلام ويتمنون لك الشفاء العاجل ، خاصة مزوارة فهي من أخبرتني بما جرى لك .
اشتقت كثيرا لرؤيتها ، فلقد احببت كثيرا هذه الطفلة البريئة ، بلغها وبقية العائلة سلامي وشكري .
سأغادر الآن .
ابق قليلا .
معذرة ، لدي بعض الالتزامات ، أراك قريبا إلى اللقاء .
إلى اللقاء .
لماذا غادرت وقد طلبت منك البقاء معها ؟ ربما كانت في حاجة إليك ؟ وما هذه الالتزامات التي عندك ؟ لا شيء ، والله لاشيء ؟ هأنت تتسكع في الطرقات كالبائس المشرد ، وستبقى هكذا إلى إن تتورم رجلاك ، ولن تجد
حتى من ينظر إليك ، ومادام الأمر هكذا فردد :
بفكر في اللي ناسيني // وبانسى اللي فاكرني
وبهرب من اللي شاريني // وادور عاللي بايعني
وياليث الذي باع ونسي إنسان،إنه الخواء فأبحث عنه لعلك تجده في مكان ما .
عادت رشيدة وتوطدت العلاقة بينها وبين ابا سالم ، وانتشر خبر هذه العلاقة و ذاع مثلما انتشر سابقا خبر حادثة الحافلة ما اكسبهما إعجاب وتقدير الطلاب والطالبات وإداريي الحي و الجامعة وعمالهما وقد أزيلت عنهما تقديرا لحبهما البريء من قبل هؤلاء كل الشكوك والشبهات .
لم يعد الثنائي يقوى على الافتراق إلا ، وعلى مضض ، عند النوم والمحاضرات والأعمال الموجهة لاختلاف تخصصيهما فبإمكان رشيدة أن تتغذى بمطعم الذكور وبإمكان ، في مقابل ذلك ، أبا سالم أن يتعشى بمطعم الإناث ، وأمام هذه الحالة العاطفية الاستثنائية التي لم يعرف لها الطلاب مثيلا وبالنظر إلى لون البشرة ، أُطلق على هذا الثنائي اسم " اليوم " : نهار مضاء بنور الشمس مجسد في رشيدة وليل ملازم له مشرب بسقط نور القمر مثّله ابا سالم .
تفتقت قدرات اليوم ومواهبه ورغباته ولم يعد نشاطه يقتصر على الدراسة وحسب وإنما تعداه إلى مساعدة الطلاب الجدد من الجنسين بالتوجيه وتقديم النصح والتوعية إضافة إلى تنظيم الرحلات السياحية و الإستجمامية والنشاطات الثقافية والرياضية والتوسط بين الطلاب والإدارات في فض النزاعات وبين حتى الطلاب أنفسهم في إنهاء الخصومات وعقد المصالحات .

اتفق ليل اليوم مع نهاره بعقد القران بعد التخرج بسنة ليتسنى لكل واحد منهما العمل لمواجهة متطلبات العرس ، أما الإقامة الدائمة وكذلك العمل فسيكونان بتيميمون المدينة السياحية الجميلة التي نالت إعجاب رشيدة .
انطلقت مراسم الزفاف في 06يونيو 1980 بشروين وبالجزائر العاصمة – المحطة الجديدة للسيد خالد -،على أن تنتقل العروس من هناك على متن الطائرة إلى أدرار مرورا ببشار لتنقل في موكب السيارات الذي سيكون في إنتظارها بالمطار إلى شروين صبيحة اليوم الموالي(07/06/1980) .
عمت الفرحة أرجاء شروين: أكل وشرب وأهازيج شعبية أهمها "أهل الليل" كما نال اباسالم إعجاب اقرانه الذين قدّروا أنه قد أفلح في الإختيار وانه بالتالي سيعيش سعيدا ، لكن الأسعد كانت الشابة مزوارة ( مزوارة اسم أمازيغي معرّب وأصله تمزوارت أي الأولى ) ، كما كانت لؤلؤة العرس المضيئة دون زيت ولا فتيل برقصها وزغاريدها التي تطلقها من حين إلى آخر و بحركاتها وضحكاتها التي لم تفارقها وبلباسها التقليدي الذي واتاها .
التعديل الأخير تم بواسطة masrour farah ; 16-03-2012 الساعة 10:49 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
masrour farah
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 13-06-2009
  • المشاركات : 2,386
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • masrour farah will become famous soon enough
masrour farah
شروقي
رد: قصة ليست هي القصة التي وعدتكم بها .
12-03-2012, 05:47 PM
أقلعت الطائرة على الساعة الثامنة ليلا بإتجاه مطار بشار لتصل إليه على الساعة التاسعة وخمس واربعين دقيقة .
تناول اباسلم العشاء مع اخلص صحبه في الساحة الواقعة خلف البيت المخصص للعريسين وهو في غاية النشوى والحبور ، وبعد جلسة خفيفة توجه إلى فناء البيت ليخلو بنفسه قليلا تحت ضوء القمر . تمدد على فراش وتغطى بلحافة خفيفة ، ثم مد يده ليشغل المذياع ليستمع لنشرة الأخبار الرئيسية الأخيرة فالساعة تشير الآن إلى الحادية عشرة ودقائق .
بدا في الإستماع للنشرة وقبل تناول الأخبار الدولية قال المذيع : أيها السيدات والسادة ، جاءنا للتو خبر من وكالة الأنباء الجزائرية يفيد بسقوط طائرة من نوع فوكير بعد إرتطامها بإحدى قمم جبال بشار .
الطائرة كانت متوجهة من مطار هواري بومدين إلى مدينة أدرار مرورا بمدينة بشار وقد هرعت مصالح الإنقاذ المختلفة إلى مكان الحادث . وسنوافيكم بالمزيد من المعلومات حال توفرها . حرك ابا سالم ذراعيه بقوة فأنقلب المذياع الذي بقيت نشرة الأخبار تذاع من خلاله .
بعد قليل سكتت شروين بعد أن رجت رجات عديدة وتوقفت عن كل شيء كتوقف محرك ثلاجة كبيرة ، وخيم الوجوم عليها وبدأ النحيب يتصاعد شيئا فشيئا وبلغ ذروته بعد أن عادت مزوارة في موكب الحزن الذي كان قبل قليل موكب عرس وبهجة . بحثت عن أخيها لتواسيه ولتقتسم معه الحزن والأسى كما أقتسم معها الأفراح والمسرات ، لكن أصحابه منعوها من ذلك ونصحوها بأن من الأحسن أن تدعه يستمر في نومه.
على الساعة الواحدة أذيع أنه قد تم العثور على حطام الطائرة ولم ينج من الركاب إلا فتاة بلباس الزفاف في حالة الخطر الشديد ، وقد تم نقلها إلى مستشفى مصطفى باشا .
سمعت مزوارة الخبر وراحت تجري نحو أخيها لتخبره بأن رشيدة لا تزال على قيد الحياة . دخلت ونادت : أبا سالم ، ابا سالم ، دون رد ، حركته ، فإذا بأخيها جثة باردة هامدة لا حياة فيها . لطمت وجهها بالتراب وصرخت وتلوت كالحمامة التي فقدت فرخيها .
على الساعة الثامنة صباحا من اليوم الموالي ، تلقت الوكالة البريدية مكالمة يطلب فيها صاحبها إخبار عائلة الحاج الطاهر بوفاة رشيدة داخل المستشفى.
وهكذا غرب نهار اليوم بعد ليله ، ثنائي نشا من تهمة ومر بقصة حب نادرة ، نالت إعجاب واحترام المتسامح والمتعصب والعنيف ، والرجل والمرأة ، وانتهى بأفول مبكر لم يمهله لتذوق ثمرة هذا الحب التي لطالما رعاها بعاطفته المتدفقة وسقاها بشهد أخلاقه ، فلما نضجت غرب عنها غروبا أبديا .
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية sabrina151
sabrina151
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 24-05-2009
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 55
  • معدل تقييم المستوى :

    15

  • sabrina151 is on a distinguished road
الصورة الرمزية sabrina151
sabrina151
عضو نشيط
رد: قصة ليست هي القصة التي وعدتكم بها .
16-03-2012, 08:44 PM
قصة راااااااااااااااااائعة فعلا وحزينة ايضا

بارك الله فيك اتاه على روعة تصويرها
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية عبد المنتقم
عبد المنتقم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 19-10-2009
  • الدولة : عاصمة الونشريس
  • المشاركات : 7,042
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • عبد المنتقم will become famous soon enoughعبد المنتقم will become famous soon enough
الصورة الرمزية عبد المنتقم
عبد المنتقم
شروقي
رد: قصة ليست هي القصة التي وعدتكم بها .
16-03-2012, 09:26 PM

لم يعد لي نفس للتعليق و تعقيب على احداث القصة كلها

اجمل واروع قصة قرأتها تحمل كثيرا من دروس الحياة
بداية من شهامة ابا سالم الى الضمير الحي البريء لرشيدة و والداها

شكر و تحية قليلان في حقك يا masrour farah
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية أختُ عبد الرحمان
أختُ عبد الرحمان
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-02-2008
  • الدولة : بريطـانيا
  • العمر : 32
  • المشاركات : 11,741
  • معدل تقييم المستوى :

    29

  • أختُ عبد الرحمان will become famous soon enoughأختُ عبد الرحمان will become famous soon enough
الصورة الرمزية أختُ عبد الرحمان
أختُ عبد الرحمان
شروقي
رد: قصة ليست هي القصة التي وعدتكم بها .
16-03-2012, 10:02 PM
يا لهااا من نهاية حزييينة

شكرا لك أخي على السرد الجميل

تحيّة .





أنت يا أيّها الافريقيّّ !!

هل تعلم أنّ 45% فقط من سكّان افريقيا مسلمون؟!

6 ملايين من مسلمي افريقيا يعتنقون النّصرانيّة كلّ سنة !

أليس من المفروض أن تكون افريقيا قارّة مسلمة؟

فأين نحن من نشر هذا الدّين ؟
  • ملف العضو
  • معلومات
masrour farah
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 13-06-2009
  • المشاركات : 2,386
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • masrour farah will become famous soon enough
masrour farah
شروقي
رد: قصة ليست هي القصة التي وعدتكم بها .
16-03-2012, 10:30 PM
بارك الله فيكم جميعا على المتابعة وعلى تشجيعي على إنهاء هذه القصة وبارك الله فيكم أيضاء على التعليق وعلى الثناء وإن كنت أنتظر تعليقات أكثر ولكن عزائي هو أن هذه التعليقات صادرة عمن له دراية بالأدب وفنون الكتابة .
أطلب منك ، ولكم الشكر والثناء مسبقا ، أن تحولوا قصتي هذه إلى الموضع والمنتدى المناسبين لها ، وما نشري لها هنا إلا إحتراما لصحبة تكونت مع اعضاء بعضهم غادر وبعضهم الآخر لايزال موجودا ، لكن جميعهم لهم مني من التقدير والود الكثير .
تنقل القصة تحت عنوان " اليوم الغارب " .
شكرا للجميع .
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 01:13 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى