خيانة زوجية ....قصة بقلم بوفاتح سبقاق
17-02-2009, 08:11 AM
أرسلت البنات الى جدتهم والخادمة مريضة لن تأتي اليوم وطبعا مراد لن يعود إلا بعد منتصف الليل كعادته.
- إذن إنها فرصتي لزيارتك بالبيت و ممارسة أحلامنا الرومانسية مع بعض ..
- مجيئك الى البيت قد يسبب لي بعض المشاكل مع الجيران ..
- لا تخافي يا عزيزتي ، مادمت وحدك ، فلن يتفطن أحد لأمرنا ، أريد أن أحس أكثر بطعم الحب الممنوع .
- سأترك لك الباب مفتوحا حتى يتسنى لك الدخول بدون إثارة الإنتباه.
- طبعا حبيبتي أنت فعلا ذكية جدا و أنا جدير بحبك .
- أنا أنتظرك على أحر من الجمر ، لا تتأخر و كن حذرا.
وضعت هاتفها النقال جانبا و أخدت تحضر نفسها للقاء حبيبها نذير ، ضياع مراد المتواصل وعدم إهتمامه بها جعلها تتمادى أكثر في مواصلة تمردها العاطفي ، سكينة فقدت كل مقومات أنوثتها و تحولت إلى دمية يلهو بها نذير في أي وقت يريد ، أهملت بناتها و لم تعد معنية بأسرتها الحب الحرام أضحى هاجسها الدائم ، كان بإمكانها توقيف مسارها الخاطئ بمجرد أن فقد مراد منصبه و لكنها فضلت البقاء تحت رحمة العاشق الذي حطم كل أسوار قلبها و سكنه بدون أن يعطي أي إهتمام للمالك الأصلي.
فتحت التلفاز و إختارت قناتها الغنائية المفضلة ، و أخدت ترقص وتنتقل من مكان الى آخر وهي تنتظر فارسها الذي جعلها تتحول الى فتاة في سن العشرين و أخيرا ستتمكن من تطبيق الخيانة الزوجية الحقيقية ، حيث ستستقبل عشيقها بالبيت الذي سيفقد عذريته بدون سابق إنذار ، فالحياة زاخرة بالمواقف التي قد لا يتمكن المرء من مشاهدتها في الأفلام .
وصل نذير الى الحي بسرعة البرق ، ركن سيارته في شارع جانبي ، توجه الى منزل عشيقته و هو يحلم بلقاء تاريخي مميز و أخيرا سيتمكن من إكتشاف سكينة بطريقة علمية و مدروسة ، ستكون أكثر تحررا وهي تمنحه الحب الكبير في المكان الذي تستطيع فيه أن تتخلى عن كل القيود ، خالجه بعض الخوف من إحتمال عودة زوجها ولكنه مقتنع بأن مراد لن يعود قبل ساعات ، زيادة على أن أشغاله العاطفية المستعجلة لن تستغرق وقتا طويلا ، إلتفت يمينا ويسارا ثم تسلل الى الداخل كاللص الذي يخشى الأعين التي تترصد به .
- أهلا ... و أخيرا وصلت أيها العاشق الذي لا يمل ..
- أنا رهن إشارتك حبيبتي، أصبحت متيما بك، أنت بالفعل المرأة الأكثر جاذبية في المدينة.
- كفاك كذبا أيها المراوغ ، دوما تغرقني بمجاملاتك و أنت تعرف بأنني إمرأة عادية جدا.
- صدقيني أنت نهر من الحنان لا منبع له و أنا بحيرة تشتاق دوما الى مياهك العذبة .
- تفضل ، إجلس سأحضر لك بعض الشاي والحلويات ...
- أردت أن أحضر لك بعض الهدايا ولكنني خشيت أن يراني جيرانك..
- لا عليك يا عزيزي ، حضورك هدية لا تقدر بثمن ، خاصة و أنني اليوم بحاجة ماسة إليك.
جلس نذير في نفس الأريكة التي إعتاد مراد أن يستلقي فيها لمتابعة قنواته الفضائية المفضلة ، قريبا سيتسنى له ممارسة طقوسه الرومانسية في أكثر الأماكن خصوصية ، يبدو أن سكينة في قمة الإستعداد لتقديم طبق عاطفي مميز والكل يتمتع ....
- تفضل يا عزيزي ، تذوق حلوياتي و إعطني رأيك...
- يا لها من نوعية مميزة ، أنت فعلا طاهية ممتازة حبيبتي ...
- وماذا عن الشاي ؟
- مذاقه رائع و كأننا تحت خيمة صحراوية بأقصى جنوبنا الكبير ..
- لم أسمع صوتك منذ مدة طويلة ..أين كنت ؟
- سافرت الى العاصمة من أجل إحضار بعض الحلي الجديدة ، اليوم ستسمعين صوتي و أكثر من صورة سترينها على المباشر أنت تعرفين بأنني لا أطيق فراقك ، أنت القمر الدائم الذي يضيئ حياتي.
- و أنا أيضا يا نذير لا أستطيع أن أصف لك مقدار شوقي إليك وخاصة و أن زوجي أضحى مصدر قلقي الدائم .
- لا تخافي حبيبتي ، أنا هنا لحمايتك من مراد والآخرين ، سعادتك هدفي المنشود .
- قريبا سأتخلص من كابوس مراد ونخطط لحياتنا المستقبلية مع بعض يا عزيزي..
- طبعا ، ستتغير حياتنا الى الأفضل وسنكون معا الى الأبد ..
- ما رأيك بجولة سياحية بالبيت يا عزيزي ...
- موافق ، بشرط أن تكوني مرشدتي السياحية والعاطفية في نفس الوقت.
- بالتأكيد يا عزيزي من هنا ، طبعا هذه قاعة الإستقبال العائلية ، لقد نسيت هاتفك النقال على الأريكة..
- هاتفي معي دوما ، ولم أستعمله هنا ...
- آه إنه هاتف المغفل زوجي ، لا أدري سر إحتفاظه به بعد أن أصبح خارج مجال الوظيفة ، دعنا نواصل جولتنا يا عزيزي .
بدت سكينة و كأنها مرشدة جد رومانسية وهي تقدم بسخاء بعض القبلات السريعة على هامش التنقلات من غرفة الى أخرى ، من الواضح أن نذير يعيش لحظات لا تنسى ، فقد أصبح بمثابة سفير فوق العادة يقدم أوراق إعتماده الى مملكة الحب .
كانت غرفة النوم النهاية الحتمية للجولة السياحية المميزة ، و بدأت مرحلة جديدة من المفاوضات الجسمية المباشرة ، تنازلات مجانية من الطرفين و لأول مرة يتحول القتال الى ضرورة لابد منها لتحقيق السلام و الطمأنينة ، سكينة سقطت كل قلاعها في برهة من الزمن ، أما نذير فتحول الى قائد عسكري بارز يحقق إنتصارات متوالية ، فعلا بعض الحروب لا يمكن الإستغناء عنها من أجل إستمرارية الحياة.
في هذه الأثناء كان مراد يقترب من منزله بكل تثاقل ، لم تعد لديه سيارة المصلحة ، و أصبح مواطنا عاديا جدا ، يعيش نكبات متوالية ، أراد أن يتصل بسهام و لكنه نسي هاتفه النقال بالبيت و قرر العودة لإسترجاعه ، لم يكن يدري بأن القدر يحضر له مفاجئة من الطراز الرفيع ، إنه مواظب على خيانة زوجته و لكنه لم يكن يتصور في يوم ما أن يحدث العكس ، فوجئ بالباب مفتوح و بدأ يستعد لما قد يحدث ، دخل بخطوات متأنية ، تأمل المكان جيدا ولكنه لم يرى شيئا تقدم عبر الرواق وبدأ يسمع أصواتا خافتة ، إقترب أكثر من غرفة النوم ، فأصبح يسمع صوتين منسجمين ومتناغمين و إستطاع أن يرى من ثقب الباب منظرا ، إقشعر له بدنه ، زوجته في وضع ساخن جدا مع رجل غريب ، أراد أن يكسر الباب ويدخل بقوة عليهما و لكن الشيطان تدخل في الوقت المناسب و نصحه بالتوجه الى المطبخ و أخد أكبر سكين موجود وتنفيذ ما تبقى من الفكرة الجهنمية لم يستغرق الأمر سوى ثواني معدودة دخل مراد كالوحش الكاسر ، كانت مفاجأة لا تصدق للعشيقين ، لم يستطيعا حتى مغادرة فراش الزوجية الذي تم إنتهاكه.
- أيتها الخائنة ، سأقتلك في الحين ...
- لا تفعل يا مراد ، ستدخل السجن و تترك بناتك في الشارع ..
- يا سلام ، تمارسين الدعارة في بيتي و تخافين على حياتي و بناتي ، أيتها الساقطة .
- لا تنسى بأنك كنت تمارس الخيانة مع الكثير من فتيات المدينة ...
- أنا رجل و لا أحد يجرؤ على محاسبتي ، أما أنت فستدفعين الثمن غاليا أرجو أن تعرفيني بهذا الكلب قبل أن أقتله ..
نذير يرتعش من الخوف تحت الغطاء و يحتمي بسكينة ، لقد تحول الى طائر مبلل مهدد بالذبح ، لم يكن يتصور بأن قصة غرامه ، ستتميز بنهاية مأساوية وإستطاع أن يستجمع ما تبقى من قدرته على التكلم.
- أنا إبن الحاج التجاني ، صاحب محل المجوهرات ، والدي يحترمك كثيرا كما تعرف .
- و أخيرا فهمت سر ترددك عليه في الأشهر الأخيرة ، أيتها العاهرة ، كنت دائما تقولين بأنك تفضلين أن تكوني ، الزبونة الأولى في أي محل تقصدينه وأنا الزوج المغفل الذي ينقلك من حين لآخر الى عشيقك و اليوم وصلت الى أقصى درجات الخيانة و تعاشرين هذا الكلب على فراش نومي ، سأقتلكما لكي تلتقيا مع بعضكما في الجحيم .
حاولت سكينة الإقتراب من نافذة الغرفة لطلب النجدة ولكن مراد كان أسرع و إستقبلها بطعنات متوالية في صدرها ، فسقطت كتمثال من ورق على الأرض ولم يتوقف عند هذا الحد بل واصل هجومه الكاسح حتى فقدت حركتها تماما و تحولت الى جثة هامدة تسبح في بركة من الدماء إستغل نذير الموقف وأسرع بالهروب عاريا من الغرفة و لكنه لم يعرف حتى الطريق الى الباب الخارجى، أخد يبكي ويصرخ بطريقة تدل على الرعب الكبير الذي سكنه ، بينما كان مراد يلاحقه بخطوات ثابتة ، فقد تحول الى جزار غريب الطباع يهاجم ضحيته بدون أي عقدة نقص ، سقط نذير قرب التلفاز و كأنه يرغب في مشاهدة برنامجه المفضل قبل الإنتقال الى العالم الآخر لكنه لم يرى سوى سكينا لامعا يهبط على جسمه شاقوليا حاول بكل ما أوتي من قوة إنقاذ نفسه و لكنه سرعان ما فارق الحياة ، فقد كان مراد مصرا على إرساله بأسرع وقت ممكن الى الجحيم حيث تنتظره عشيقته سكينة .
بعد أن أكمل مراد مجزرته العاطفية ، جلس على الأريكة يتابع قنواته الفضائية المفضلة ، الأغاني المصورة ما زالت تستحوذ على إهتمامه ، خاصة تلك تؤديها الفتيات اللبنانيات حيث يتحول جمال الجسد الى لحن جديد يضفي على الكلمات جاذبية و إغراء ، في الوقت الحالي ليس بحاجة الى مشاهدة النشرات الإخبارية التي لا تنقل سوى أنباء الموت والخراب الذي يعم العالم ، إنه يرى أمامه نذير كخبر طازج يقطر دما و سكينة أيضا ما زالت هناك بمثابة الخبر المستعجل ، لو إرتكب جريمته في دولة متقدمة لتهاطلت عليه كاميرات القنوات التلفيزيونية ، وقد يتحول الى مادة دسمة على صفحات الجرائد ولكن هنا كل وسائل الإعلام مخصصة لنقل نشاطات الحكومة و المواطن لا يرحب به أحد سواءا كان صالحا أو مجرما .
و فجأة سمع أصواتا قرب الباب الخارجي ، حمل سكينه من جديد وتوجه بكل ثقة نحوه ، ربما يطمح الى الفوز بالضحية الثالثة ، من المستبعد أن تكون وسائل الإعلام سمعت بالأمر ، فتح الباب فإذا به يفاجئ برجال الشرطة شاهرين أسلحتهم نحوه .
- ضع السكين على الأرض و إرفع يديك الى فوق ...
- كيف عرفتم بما حدث ؟ لم أكن أتصور بأنكم يقظون الى هذا الحد ..
- لقد إتصل بنا جيرانك الذين سمعوا الصراخ والعويل ..هيا نفذ ما قلته لك..
- سأنفذ ما طلبته مني حرفيا ، لا تخافوا مني أنتم لستم أعدائي ، لقد كنت مديرا كبيرا و أعرف مدى أهمية العمل الذي تقومون به ، تفضلوا البيت بيتكم ، لن تجدوا سوى جثتين ، لست قاتلا محترفا ولكنني قمت بدوري على أكمل وجه.
مدونتي:

http://sebgag.maktoobblog.com/

عنواني :

[email protected]