صاحب الرواية الأكثر إزعاجا في 2009 يتحدث عن تجربته الإبداعية
16-10-2009, 06:32 PM
يتحدث الكاتب بوفاتح سبقاق في هذا الحوار عن روايته الأخيرة
الإعصار الهادئ التي أثارت الكثير من الأصداء عبر عدة مواقع و على صفحات الجرائد ، كما يتحدث أيضا عتن مسيرته الأدبية.
لقاء مع الكاتب بوفاتح سبقاق
أجرى الحوار : محمد الجمال


الكاتب بوفاتح سبقاق

صاحب الرواية الأكثر إزعاجا في 2009 يتحدث عن تجربته الإبداعية


1- هل يمكن أن تحدثنا عن بداياتك الأدبية ؟

في الحقيقة بدأت الكتابة في وقت مبكر نوعا ما في المرحلة الثانوية
حيث أنني كنت مولع بما أقرأه من قصص هنا و هناك و أردت أن أكتب قصصي و كانت محاولتي الأولى قصة من الخيال العلمي ، تتحدث عن هبوط رواد فضاء في كوكب غريب حيث يواجهون ظواهر غريبة و يتحول أحدهم الى حليف للأشرار ، و من بعد وجدت نفسي أنساق الى معالجة الظواهر الإجتماعية و السياسية في قالب من السخرية من رداءة الأوضاع و معاناة المواطن المغلوب على أمره ، كانت تلك البدايات الأولى تجعلني أرصد يوميا ما يحدث ، فقد تتحول أحداث بسيطة الى قصة مثيرة . فمثلا قصة فرصة العمر التي نشرتها منذ سنوات كانت فكرتها نتيجة مشاهدتي لأغنية صباحية على شاشة التلفزيون حيث رأيت شابا يرقص وراء مغني ، فكانت فكرة القصة تحكي عن شاب بطال يستدعى للتلفزيون للحصول على وظيفة راقص و غيرها .
أما قصة الوفد المرافق له فهي عبارة عن مرآة عاكسة لما أراه من تهريج يومي حين تستقبل المدينة شخصية حكومية هامة .

2 - هل يمكن أن تعرفنا بالكتاب الذين تأثرت بهم ؟


من المتعارف عليه أن الـتأثر بالآخرين هو سمة بشرية خالصة ، أما التميز فهو إيجاد طريق خاص لك ضمن مجموعة كبيرة من الكتاب المتنوعين فكرا و أسلوبا ، أستطيع أن أقول أنني تأثرت فعليا بكثير من الكتاب المشارقة و الغربيين
لأنني كنت مهووس بالمطالعة منذ الصغر ، أتذكر أنني قرأت الكثير من الكتب الأدبية في مرحلة الإبتدائي و المتوسط ، مثل رواية الشيخ و البحر ، و الحرب و السلم ، الأم ، الأيام نهاية رجل شجاع ، موسم الهجرة الى الشمال ، الحي اللاتيني ، زينب ، و غيرها و طبعا كتب أخرى في مجالات أخرى .
و كان والدي العيد رحمه الله يشجعنا كثيرا على المطالعة و لا يتردد في تزويدنا بالكتب من حين لآخر و أخي الأكبر الطاهر أيضا وضع لنا مكتبة عائلية بالمنزل كانت أحلى مكان بالبيت خاصة خلال العطلة الصيفية .
بالنسبة لتجربتي الإبداعية ، أعتقد أنها نتيجة تراكمات مختلفة إرتكزت أساسا على المطالعة و قراءة الصحف و معاينة الواقع بصورة مستمرة ، الكثير من قصصي كانت نتيجة ملاحظات أو حوادث عارضة أو شخصيات مثيرة من الواقع ، و في الحقيقة فأنا دوما أخزن أفكار القصص من خلال يومياتي مع الناس و حين تأتي الفرصة أصوغها في قالب قصة قصيرة.
و من جهة أخرى فإن مطالعة إبداعات الكتاب الكبار تجعل المرء يسعى الى أن يضاهي هذه القمم ، ومن أبرز الكتاب الذين تأثرت بهم شهيد القلم الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني حيث أنني قرأت أغلب أعماله ، و أعجبتني سيرته أيضا كاتب صاحب مبادئ الى آخر لحظة من حياته و كل قصصه هادفة ذات بعد سياسي و إنساني ، و لديه بعض القصص التي تفوق في تأثيرها كل قرارات القمم العربية ، إنه كاتب صاحب رسالة من خلال أعماله تعرف حقيقة النكبة و كيفية ضياع أرض فلسطين و تعرف حقيقة اليهود و ممارساتهم و تستطيع أن تعرف أيضا طبيعة الخذلان العربي لدى دول الجوار ، و نفاق الأبواق الإعلامية المأجورة و غيرها من الحقائق الكاذبة .
و تأثرت أيضا بالكاتب الكبير سهيل إدريس و أعجبتني كثيرا قصصه التي تجعلك تسافر الى
مسافات بعيدة بكلمات قليلة ، يقدم لك فكرة بسيطة تخفي وراءها أحداث كبيرة و يضعها في قالب قصصي مشوق ، إنه من الكتاب الكبار الذين أجادوا في فن القصة القصيرة كما أنني كنت أيضا و ما زلت من المولعين بكتابات الطيب صالح و يوسف إدريس و نجيب محفوظ و يوسف القعيد و غيرهم.
3- و لكنك لم تخبرنا عن كتاب جزائريين تأثرت بهم ؟

هناك فرق بين أن تقرأ لكاتب و أن تتأثر به ، و عليه فإن الساحة الأدبية تعج بالأسماء الكبيرة فقد قرأت لأديبنا الطاهر وطار و مالك حداد و زهور ونيسي و رشيد بوجدرة و واسيني الأعرج و أعجبت بما كتبوا و لكن لم أصل الى مرحلة التأثر و هذا لن ينقص في شيء من قيمتهم الإبداعية ، و هناك أسماء أخرى كثيرة أثرت المكتبة الجزائرية بأعمال متميزة في القصة و الرواية مثل أحلام مستغانمي و فضيلة الفاروق و الخير شوار و الكاتب المميز جمال غلاب و غيرهم .
4- بما تفسر إنغماس كتاباتك في التقريرية و الواقعية ؟

يفترض أن لكل كاتب منطلقاته الفكرية التي يسعى الى تجسيدها من خلال إبداعاته بالنسبة لي فإنني أعتبر أن الكتابة الروائية أو القصصية هي منبر للدفاع عن قضايا الإنسان مهما إختلفت من مكان الى آخر ، إن ما يلاحظه المرء يوميا من مآسي في حياة الناس كفيل أن يحول الى روائع أدبية ، أفكار كثيرة تغزو مخيلتي يوميا و أنا أتصفح الجرائد أو أتابع الأخبار ، إن يوميات الإنسان هي أعظم عمل فني بشرط أن تجد من يجيد صياغتها في قالب قصصي أو روائي إن ميزة العمل الأدبي أنه يخلد القضية مهما توالت السنون في حين أن المقال الصحفي ظرفي و مؤقت ، ففي وقتنا الحالي لن نقرأ أخبارا عن غرق التيتانيك و لكننا سنبقى دوما نقرأ أعمالا أدبية خلدت الحدث و غيرها .
أما بخصوص و صف كتاباتي بالمباشرة فهذا أمر أقوم به عن قناعة تامة حيث أن ما يحدث في الواقع يغنيك على كل تلميح ، إن معاناة الإنسان تجعلك مضطر لتفادي الحديث عن الربيع و الأزهار في زمن أضحت المآسي منتشرة في كل مكان .

5- تبقى أحلام مستغانمي الوحيدة التي تمثل الأدب الجزائري ، بما تفسر غياب الأسماء الأخرى ؟

أحلام مستغانمي كاتبة متميزة بشهادة الكثير من النقاد و القراء هذا أمر لا جدال فيه ، و لكن كانت محظوظة في مسارها الأدبي و تعاملها مع دار الآداب حيث تقيم ببيروت و أنت تعرف أن لبنان بلد رائد في النشر زيادة على أن زوجها صحفي عريق ساعدها في البروز على الساحة العربية .
إن عملها الأول ذاكرة الجسد هو الذي جعلها ترتقي سلم المجد بسرعة و بقيت تجني ثمار النجاح الأول فروايتي فوضى الحواس و عابر سرير أقل تأثير في الساحة الأدبية ، لقد إستفاذت كثيرا من الدعاية الإعلامية و شهادات كبار الشخصيات الأدبية .
و لكن قيمتها الأدبية لا شك فيها ، و قد كنا ننتظر رواية طالما تكلمت عنها أظن أن عنوانها – الأسود يليق بك - و لكنها فاجأتنا مؤخرا بعمل جديد عنوانه - نسيان كوم - أظنه مجموعة مقالات صحفية تقدم فيها وصفات سحرية للمرأة ، لم أطلع عليه و لكنني قرأت بعض التعليقات الصحفية عنه ، و لا أدري في أي خانة سيتم تصنيف هذا العمل و قد رافقت هذا الإصدار حملة دعائية كبيرة على الفايس بوك و عبر كل الوسائط إنها حملة توحي بنزعة تجارية محضة .
بخصوص الشطر الثاني من سؤالك ، يمكن أن تلاحظ بأن المشرق لا يقرأ المغرب و العكس غير صحيح ، في الجزائر هناك الكثير من الأسماء المتألقة و لكنها غير معروفة في المشرق و هذا بسبب غياب التواصل النقدي و عدم توزيع الأعمال الأدبية الجزائرية في المشرق ، حتى أنه أصبحت القاعدة هي لدى بعض الكتاب و الكاتبات هي الذهاب الى المشرق و بالأخص لبنان و نشر أعمالهم هناك و نادرا ما كان يحدث إستقطاب نقدي ، هذا النوع من المعادلات يسوده الكثير من التناقضات ، آداب أمريكا اللاتينية وصلت الى القمة بفضل جودتها و لم تصل بسفر الكتاب من مكان الى آخر .
و عليه يتعين على الجهات الثقافية أن تشجع النشر المشترك و إقامة المعارض و الندوات الأدبية المختلفة و دعم الإعلام المتخصص و تخفيض الرسوم على دور النشر و هذا كله من أجل إيجاد تواصل جاد بين الكتاب و القراء و النقاد .
إن الساحة الأدبية ببلادنا معروفة بأسماء نمطية متوراثة من منبر إعلامي الى آخر و تكاد تقتصر على : الطاهر وطار ، رشيد بوجدرة ، واسيني لعرج ، عز الدين ميهوبي و لكن هناك أسماء أخرى جديدة غير معروفة في ميدان القصة و الرواية و أخص بالذكر :
عز الدين جلاوجي ، عبد العزيز غرمول ، بشير مفتي ، جمال غلاب ، فاطمة العقون ، الخير شوار و غيرهم .
و هناك أيضا الكاتبة فضيلة الفاروق التي تعيش بلبنان و التي تمتلك قلما مميزا و لكن الغريب أنها لا تحظى بنفس الهالة الإعلامية التي إكتسبتها أحلام مستغانمي بالرغم أن أعمالها الروائية التي صدرت الى حد الساعة تدل على أنها تمتلك كل مقومات النجاح ربما حتى الوسط النقدي اللبناني تسوده أيضا بعض جماعات الرداءة التي تشوش على كل إبداع جاد .
6 - بدأت بكتابة القصة العلمية و سرعان ما غيرت التوجه ما هي الأسباب يا ترى ؟

كان ذالك النص تجربة أولى في الكتابة القصصية ، و سرعان ما وجدت نفسي أكثر في الكتابة الواقعية التي تركز على الأحداث الإجتماعية و السياسية و هذا مع قناعتي أن أدب الخيال العلمي يكتسي أهمية بالغة في الساحة الأدبية حيث أنه يتميز بمواضيع جد هامة ذات بعد يربط بين واقع الإنسان و طموحاته المختلفة .
7- من بين القصص المميزة التي ذاع صيتها – الإقتراح العجيب - لما يا ترى ؟

تعتبر قصة ( الإقتراح العجيب ) من القصص التي حددت مساري الأدبي بما تضمنته من جرعة سياسية زائدة في بداياتي ، و التي عكست بحق مدى التذمر الذي بدأ ينتاب المواطنين من بيروقراطية الحزب الواحد و نمطيته القاتلة ، فئات من رجال الدولة لا يعرفون سوى الإجتماعات و الزيارات و التسويف و الوعود ، و لقد أثبت أحداث 05 أكتوبر 1988 و ما تلاها من تعددية سياسية مدى صدق التنبؤات الأدبية في كثيرا من النصوص التي كتبتها .

و لا يمكنني إلا أن أتكلم عن قصة ( الجوقة و العازف الوحيد ) التي كتبتها في جويلية 1993 و التي لم يتم قبول نشرها في عدة صحف بسبب حدة موضوعها و جرأتها بإستثناء جريدة واحدة التي غامرت بوضعها في صفحتها الثقافية و الغريب أن هذه القصة أصبحت تنشر عبر كل الجرائد في زمن المصالحة ، و بالرغم أنني لا أرسل قصصي منذ زمن الى الجرائد ، و لكن مشرفي الصفحات الأدبية يأخذون قصصي من مواقع النت و ينشروها دون إستئذان مني ، مع أنه يسعدني أن تنتشر قصصي في كل مكان لأنها تحمل رسالة صادقة عن واقع الإنسان .
8- كيف تنظر الى علاقة المثقف العربي بالسلطة ؟

علاقة المثقف العربي بالسلطة مختلفة من بلد الى آخر و بالطبع هذا مرتبط بهامش حرية الكلمة من مكان الى آخر ، بكل بساطة العلاقة ليست على مايرام نظرا لإختلاف وجهات النظر بين الطرفين ، السلطة تبحث عن أبواق تساندها مهما كانت أخطاءها ضد الشعب أما المثقف فهو يريد أن يقول كلمة الحق و هذه لا ترضي الطرف الأول ، و عندما أتكلم عن المثقف فأنا اقصد رجل الفكر و الإبداع الحقيقي و ليس مثقف الصالونات و المناصب الوزارية و الحكومية .
الكثير منهم تخلوا على مبادئهم و قناعاتهم من أجل الحصول منصب مهم في الحكومة أو في هيئات تابعة لها ، بل أصبح هؤلاء أكثر خطرا على الثقافة من الجهلاء ، لأنهم بكل بساطة باعوا ضمائرهم الى الشيطان و تناسوا كتاباتهم السابقة التي كانت تحكي عن العدالة و الحق و نصرة المظلوم ، أضحت أعمالهم الأدبية السابقة أكثر نبلا من مواقفهم المخزية الحالية ، و مايثير الضحك و الغرابة ، أحيانا أن تشاهد مثقف مزيف يتقلد منصب سامي في الحكومة يتكلم في برنامج تلفزيوني ثقافي مفبرك و يقول بكل جرأة أنه ما زال يكتب و يفكر في نشر كتاب جديد و تناسوا أنهم أضاعوا محبيهم بمجرد من أصبحوا في خدمة المناصب و المغانم .

9- ماهي أسباب تهميش المدن الداخلية ثقافيا ؟

قدر الجنوب في كل الدول العربية أن يسوده نوعا من التهميش ، الحالة الإستثنائية في أوطانننا هي البعد عن عاصمة البلاد معناه أن تفقد إرتباطك بكل الحراك الثقافي ، فكل الهيئات الثقافية تعمل على برمجة نشاطاتها في العاصمة أو المدن الكبرى ، بمبرر إيجاد الفضاءات الملائمة و مس أكبر شريحة من المثقفين و كأنه يتعين على مثقفي المدن الداخلية الرحيل الدائم الى العاصمة أو الإكتفاء بقشور الثقافة ، و المفارقة التاريخية تشهد بأن أغلب القمم الفكرية و الأدبية كانت من المدن الداخلية و الأرياف .
يتعين على الجهات صاحبة القرار إتخاد تدابير شاملة تهدف الى خلق ثقافة وطنية شاملة و الإعتناء بالمواهب الموجودة في كل مكان ، و تكليف هيئاتها المحلية بنشاطات ثقافية جادة و تفادي ثقافة التهريج و الإستعراض ، لأن المدن الداخلية من حقها أن تستفيذ من كل طاقات و مقدارات الوطن و أظن أن ما يحدث بالجزائر لا يختلف عن كثير من البلدان العربية .
10- كيف تنظر الى الواقع النقدي بالجزائر ؟

بكل صراحة فإن الساحة الأدبية في الجزائر تعاني من غياب شبه تام للنقد بإستثناء بعض المبادرات المحتشمة لبعض الأقلام القليلة ، و هذا ما أدى الى تراكم كبير في الإنتاج الأدبي بدون أي دراسات نقدية موازية ، و هذا ما جعل الكثير من الأسماء ترتقي سلم المجد الوهمي بدون أي تأشيرة مرور من النقاد الحقيقيين .
بالنسبة لتجربتي الخاصة في هذا الميدان ، أسجل أن إصداراتي الأولى لم تجد المخبر النقدي الملائم ، و لكن روايتي الأخيرة المعنونة الإعصار الهادئ ، تم إستقبالها بكل حفاوة بإعتبارها أول رواية يصدرها كاتب من الجنوب الجزائري و لما تضمنته من واقعية أثارت الإنتباه ، كتبت حولها عدة مقالات في الصفحات الثقافية لبعض الجرائد .
و لكن في الحقيقة فإن المحك الحقيقي لكل أعمالي كانت شبكة الأنترنات ، حيث أنني نشرت أغلب قصصي على النت و هذا منذ سنة 2002 و الى يومنا هذا مازالت تنشر كثيرمن المقالات النقدية حول أعمالي ، و تأتي في مقدمة هذه الأعمال الدراسة النقدية القيمة التي قامت بها الناقدة الأردنية سعاد جبر حول مجموعتي القصصية ( رجل الأفكار) و (الرقص مع الكلاب ) ، كانت دراسة مميزة عنونتها ( ثنائية النخبة و المواطن في كتابات بوفاتح سبقاق القصصية ) .
11- رواية الإعصار الهادئ ... الرواية الأكثر إزعاجا في الساحة الأدبية الجزائرية في عام 2009 ..ماهو سر هذه الرواية العجيبة ؟


رواية الإعصار الهادئ ، تحمل في دلالة عنوانها الكثير من الأسئلة و القليل من الإجابات ، إنها تحكي عن مآسي أناس يعيشون في مدينة جنوبية صحراوية معزولة ، لديهم أحلام بسيطة لم يتمكنوا من تحقيقها ، في حين يأتي الكثيرون إليهم بأحلام كبيرة يحققونها و يغادرون في لمح البصر ، إنها تحكي عن إعصار في المجتمع يتكون بهدوء تام و لم تتمكن الأجهزة الحكومية من رصده .
عندما بدأت كتابتها كان الجراد يغزو مدن الجنوب و كانت السلطات تكافح الجراد و تحضر الإنتخابات الرئاسية في نفس الوقت .
هذه الرواية بالنسبة لي تعتبر رسالة جيل يبحث عن حلول لمشاكله المتفاقمة إنها صورة غير سياحية عن الجنوب ، لا مكان للتمور و الجمال و الخيام إنه الصيف القاتل و البطالة القاتلة ، معاناة شباب يعيشون فوق آبار البترول التي تعتبر مصدر ثروة الجزائر و دول أخرى .
هذه الرواية رصدت جزائر العشرية السوداء و جزائر عشرية العزة و الكرامة بلد غني بثرواته و لكن يعاني مشكل تسيير و تسلط الأقلية الساحقة على الأغلبية المغلوب على أمرها ، و هناك أيضا رصد لكل الظواهر الإجتماعية و السياسية و غيرها.
أعتبر أن روايتي تدخل ضمن المدرسة الواقعية ، كل الأحداث مستنبطة من الواقع المعاش و خيال الكاتب تكفل بالصياغة الأدبية ، أعترف بأنه في بعض الفصول كان هناك نوع من التقريرية و لكنني وجدت أن بعض الوقائع لا تقبل الصياغة إلا بهذا الأسلوب.
12- بما تفسر النهاية المأساوية لبعض الشخصيات في هذه الرواية ؟


أعتقد أن مصير الشخصيات في روايتي خضع للمسار الدرامي للأحداث و قد تميزت بعدد كثير من الشخوص و هذا مما يجعل من الضروري تتبع التطور العقلاني للأحداث فكل النهايات كانت جد واقعية ، فمروان مثلا نادل المقهى لم يكن شخصية محورية و لكنه يعكس واقع الكثير من الشباب الذي يئس من ظروفه و إن كنت لا أحبذ نهايته و لكن يوميات الجزائر في سنوات الإرهاب فيها أفظع مما تتصور .
بالنسبة لتقديم الحلول كما ذكرت ، فأعتقد أن مهمة الكاتب الحقيقي هي طرح الأسئلة و ليس تقديم الحلول ، لأن الرواية الواقعية هي عرض مباشر لما يحدث في قالب خيالي مع بعض الخلطات الدرامية ، و كل ما كثرت تساؤلات القارئ و الناقد كلما كان ذالك دليل على نجاح العمل ، فروايتي الإعصار الهادئ كتبت حولها الكثير من المقالات المتعارضة من حيث الحكم عليها ، هناك من رآها جريئة جدا و كشفت المحظور و قضت على تلك الصورة النمطية حول طيبة أهل الجنوب و هناك فريق آخر إعتبرها واقعية جدا و فيها الكثير من التقريرية و هناك من إعتبرها مشروع سيناريو جيد نظرا لما تضمنته من حوارات و تسلسل سينمائي في الأحداث و كثرة الشخصيات .
13- هل يمكن أن تحدثنا عن أحدث مشاريعك الأدبية ؟

أحدث مشاريعي ، تتعلق بمجموعة قصصية تتضمن 12 قصة ستنشر قبل نهاية السنة و هي قصص تدور في نفس المنحى العام معالجة الظواهر الإجتماعية و السياسية بالإضافة الى ترجمة لمختارات من قصصي الى اللغة الفرنسية ستصدر قريبا بفرنسا .
مدونتي:

http://sebgag.maktoobblog.com/

عنواني :

[email protected]