تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > منتدى القرآن الكريم

> ترغيب أهل الإيمان في قراءة وتعلّم القرآن للشيخ عبد الحليم توميات الجزائري

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
samir_tebessa
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 01-11-2008
  • المشاركات : 240
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • samir_tebessa is on a distinguished road
samir_tebessa
عضو فعال
ترغيب أهل الإيمان في قراءة وتعلّم القرآن للشيخ عبد الحليم توميات الجزائري
24-04-2009, 02:16 PM

ترغيب أهل الإيمان إلى قراءة وتعلّم القرآن
(1)
كتبه أخوكم ومحبّكم: عبد الحليم توميات


الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، وآله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:
فقد روى البخاري ومسلم عَنْ عُثْمَانَ رضيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:
(( خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ )).
ولنا مع هذا الحديث وقفات:
الوقفة الأولى:
أنّ هذا الحديث قاله النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عصر ساد فيه العلم والعمل وتعليم القرآن، في زمن كانوا يتحدّثون ويمشون وينامون بالقرآن، فكيف الحال في زمن أعرض كثير من النّاس عن القرآن ؟
فلا شكّ أنّه يزداد خيرا على خير، وأجرا على أجر .. ذلك لأنّه كلّما ابتعد النّاس عن الخير، وتمسّكوا بمناهج الشّر والضّير، كان الصّالحون فيهم أعظم أجرا، لقلّة المعين، وندرة السّالكين، وقلّة الهالكين.
ونظائر ذلك كثيرة، منها:
* قوله تعالى: { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } [من الآية 10 من سورة الحديد].
ومنها: ما رواه مسلم عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ (( الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ )).
قال الإمام النّوويّ رحمه الله: " المراد بالهرج هنا: الفتنة واختلاط أمور النّاس، وسبب كثرة فضل العبادة فيه أنّ النّاس يغفُلُون عنها، ويشتغلون عنها، ولا يتفرّغ لها إلاّ أفراد " اهـ.
الوقفة الثّانية:
اعلم أنّ التّعلّم والتّعليم لهما من الفضل ما لا يخفى، وهذا الفضل يرجع إلى تعليم أيّ شيء فيه نفع، وفي حديث أبي الدّرداء رضي الله عنه المشهور في السّنن أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ )).
وروى الدّارمي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: " مُعَلِّمُ الْخَيْرِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الْحُوتُ فِي الْبَحْرِ ".
فكيف بطالب القرآن ومعلّم القرآن ؟!
فلا شكّ أنّه قد حظي بالمقام الأعلى، والجزاء الأغلى.
الوقفة الثّالثة:
إنّما جعل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خير النّاس المتعلّم للقرآن والمعلّم له، ذلك لأنّ شرف العلم مرتبط بشرف المعلوم، وأشرف معلوم هو كلام الله تعالى.
فهو منبع كلّ العلوم والمعارف، فيه ينابيع التّوحيد الخالص، والمنهج الدّعويّ الواضح، والفقه السّليم، والخلق الكريم:{ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } [الآية 164من آل عمران].
ويعجبني جواب الشّيخ العلاّمة ابن باز رحمه الله تعالى يوم سُئِل عن أحسن كتاب لتدريس العقيدة فقال: " كتاب الله ".
الوقفة الرّابعة:
الحديث فيه أنّ هذه المكانة لا تثبت إلاّ لمن أخرج زكاة علمه وهو التّعليم، أمّا المقتصر على نفسه فلا يصل إلى ذلك.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" ولا شكّ أنّ الجامع بين تعلّم القرآن وتعليمه مكمّلٌ لنفسه ولغيره، جامعٌ بين النّفع القاصر والنّفع المتعدّي، ولهذا كان أفضل، وهو من جملة من عنَى سبحانه وتعالى بقوله: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ }.
والدّعاء إلى الله يقع بأمور شتّى، من جملتها تعليم القرآن، وهو أشرف الجميع.
وعكسه الكافر المانع لغيره من الإسلام، كما قال تعالى:{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللهِ وَصَدَفَ عَنْهَا } " انتهى كلامه.
هذا ونسأل الله تعالى التّوفيق إلى الإكثار من تلاوة كلامه خير الكلام، وتدبّر ما حواه من حكم وأحكام، وتعليمه ونشره بين الأنام، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.

ترغيب أهل الإيمان في قراءة وتعلّم القرآن (2)
كتبه أخوكم ومحبّكم: عبد الحليم توميات


[*]الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فقد روى الإمام التّرمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ:{آلـم} حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ )).
ولنا مع هذا الحديث ثلاث وقفات:
الوقفة الأولى: شرح ألفاظ الحديث:
- قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ )):
لمّا كان الحرف يُطلق على حروف الهِجاء، وعلى حروف المعاني، وعلى الجملة المفيدة، وعلى الكلمة المختلف في قراءتها -كما في حديث (( أُنْزِلَ القُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ ))، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رافعا لكلّ لَبْس: (( لاَ أَقُولُ (آلم) حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفُ حَرْفٌ، وَلاَمٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ ))، فدلّ على أنّ المراد حرف المبنى وهو حرف الهجاء.
- قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ))، هذا أقلّ المضاعفة الموعودة بقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا }، ولكنّ الله ذو الفضل العظيم والخير العميم وعد بالمزيد، فقال:{وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: من الآية261].
الوقفة الثّانية: أيّهما أفضل: قلّة القراءة بتدبّر، أو كثرتها دون تدبّر ؟- استدلّ الشّافعيّة رحمهم الله تعالى - وتبعهم بعض العلماء - بهذا الحديث على أنّ كثرة القراءة أكثر أجرا من قلّتها بقصد التدبّر.
قالوا: ولأنّ عثمان بن عفّان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وغيره من السّلف الصّالح كانوا يقرؤون القرآن في ركعة.
- أمّا مذهب الصّحابة كابن مسعود وابن عبّاس رضي الله عنهما وغيرهما: أنّ التّرتيل والتدبّر مع قلّة القراءة أفضل من سرعة القراءة مع كثرتها.
وحجّتهم أقوى، وتعليلهم أروى، وذلك من وجوه كثيرة، أقتصر على اثنين منها:
- الوجه الأوّل:
الغرض من قراءة القرآن: فهمُه وتدبّره وتأمّل حِكَمِهِ وأحكامه والعمل به، ذاك هو المقصود الأعظم، والمطلوب الأهمّ، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب، قال تعالى:{ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَرُوا آيَاتِهِ }، وقال تعالى:{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }.
قال بعض السّلف: " نزل القرآن ليُعمل به فاتّخذوا تلاوته عملا ! ".
وقال ابن القيّم رحمه الله في " زاد المعاد ": " ولهذا كان أهل القرآن هم العالمون به والعاملون بما فيه، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب، وأمّا من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السّهم ".
- الوجه الثّاني:
إنّ خير الهدي هديُ محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وهدي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هو قراءة القرآن مرتّلا، عملا بقوله تعالى:{وَرَتِّلْ القُرْآنَ تَرْتِيلاً}، أي: بتؤدة وطُمأنينة.
وروى أبو داود وغيره عن أمّ سلمة أنهّا نعتت قراءة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه كَانَ يَقْرَأُ قِرَاءَةً مُفَسَّرَةً حَرْفاً حَرْفاً.
وفي صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أنّه سئل عن قِرَاءَةِ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فقَالَ: " كَانَتْ مَدّاً, ثمّ قرأ " بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " يَمُدُّ ( الله ) ويمدّ ( الرّحمن )، ويمدّ ( الرّحيم ).
وفي الصّحيحين عن ابْنِ مسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنّ رجلا قال لَهُ: إِنِّي أَقْرَأُ المُفَصَّلَ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ. فَقَالَ:" هَذّاً كَهَذِّ الشِّعْرِ، إِنَّ قَوْماً يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَلَكِنْ إِذَا وَقَعَ فِي القَلْبِ فَرَسَخَ فِيهِ نَفَعَ ".
وأخرج الآجرّي في " حملة القرآن " عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لاَ تَنْثُرُوهُ نَثْرَ الدَّقْلِ وَلاَ تَهُذُّوهُ هَذَّ الشِّعْرِ، قِفُوا عِنْدَ عَجَائِبِهِ، وَحَرِّكُوا بِهِ القُلُوبَ، وَلاَ يَكُنْ هَمُّ أَحَدِكُمْ آخِرُ السُّورَةِ ".
ولذلك قال النّووي في " شرح المهذّب ":
" واتّفقوا على كراهة الإفراط في الإسراع، ويسمى الهذّ. قالوا وقراءة جزء بترتيل أفضل من قراءة جزءين في قدر ذلك الزّمان بلا ترتيل، قالوا: واستحباب التّرتيل للتدبّر، ولأنّه أقرب إلى الإجلال والتّوقير وأشدّ تأثيرا في القلب " اهـ.
وصفة ذلك، أن يشغل قلبه بالتّفكير في معنى ما يلفظ به، فيعرف معنى كلّ آية ويتأمّل الأوامر والنّواهي، ويعتقد قبول ذلك، فإن كان مما قصّر عنه فيما مضى اعتذر واستغفر، وإذا مرّ بآية رحمة استبشر وسأل، أو عذاب أشفق وتعوّذ، أو تنـزيه نزّه وعظّم، أو دعاء تضرّع وطلب، أخرج مسلم عن حذيفة رضي الله عنه قال: " صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ البَقَرَةَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ ".
يؤيّد ذلك ما رواه أبو داود والنّسائي وغيرهما عن عوف بن مالك رضي الله عنه قَالَ: قُمْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم لَيْلَةً فَقَامَ فَقَرَأَ سُورَةَ البَقَرَةِ، لاَ يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلاَّ وَقَفَ وَسَأَلَ، وَلاَ يَمُرُّ بِآيَةِ عَذَابٍ إِلاَّ وَقَفَ وَتَعَوَّذَ ".
وأخرج التّرمذي والحاكم عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ " الرَّحْمَنِ "، مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا، فَسَكَتُوا، فَقَالَ: (( لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى الجِنِّ فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُوداً مِنْكُمْ، كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِهِ { فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } قَالُوا: وَلاَ بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الحَمْدُ.
قال ابن القيّم رحمه الله في " زاد المعاد " (1/338) وهو يضع حدّا لهذا الجدال في هذه المسألة:
" والصّواب في المسألة أن يقال: إنّ ثواب قراءة التّرتيل والتدبّر أجلّ وأرفع قدرا، وثواب كثرة القراءة أكثر عددا، فالأوّل كمن تصدّق بجوهرة عظيمة، أو أعتق عبدا قيمته نفيسة جدّا، والثّاني كمن تصدّق بعدد كثير من الدّراهم أو أعتق عددا من العبيد قيمتهم رخيصة .. "اهـ
( فائدة أذكرها عرضاً ):
قال النّوويّ رحمه الله في " شرح المهذّب " حين تكلّم عن السّبيل إلى البكاء:
" وطريقه في تحصيل البكاء أن يتأمّل ما يقرأ من التّهديد والوعيد الشّديد والمواثيق والعهود، ثم يفكّر في تقصيره فيها، فإن لم يحضره عند ذلك حزن وبكاء فلْيَبك على فقد ذلك، فإنّه من المصائب ".اهـ
الوقفة الثّالثة: في مقدار ما يقرأه المؤمن:
يُحكَى عن السّلف في قدر القراءة عادات هي أقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة، فالله أعلم إن كانت صوابا، رحمهم الله ولله درّهم !
والّذي يمكن تصوّره ما ذكروه عن بعضهم أنّه كان يختم في اليوم واللّيلة ختمتين، ومنهم من يختم ختمة واحدة، وقد شهِدت أخا لي في الله كان يدرس معي بمعهد تكوين الإطارات الدّينيّة بـ( إيلولة )، فكان يختم ختمةً كلّ يوم، وحين كنت أسأله عن ذلك ؟ كان يُجيب بكلّ سهولة: اعتدْتُ على ذلك !!.
وقد ذمّ العلماء ذلك، وفي مقدّمتهم أمّ المؤمنين عائشة، حيث أخرج ابن أبي داود عن مسلم بن مخراق قال: قلت لعائشة: إنّ رجالا يقرأ أحدهم القرآن في ليلة مرّتين أو ثلاثا ؟ فقالت: " قرؤوا ولم يقرؤوا، كنت أقوم مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لَيْلَةً فَيَقْرَأُ بِالبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ فَلاَ يَمُرُّ بِآيَةٍ فِيهَا اسْتِبْشَارٌ إِلاَّ دَعَا وَرَغَّبَ، وَلاَ بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ إِلاَّ دَعَا وَاسْتَعَاذَ ". وقد مرّ معنا إنكار حذيفة وابن مسعود رضي الله عنهما على من كان يهذّ القرآن.
والقول بالكراهة هو الصّواب، لما رواه أبو داود والتّرمذي وصحّحه من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فِي كَمْ أَقْرَأُ الْقُرْآنَ ؟ قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( فِي شَهْرٍ )). قَالَ: إِنِّي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ. وَتَنَاقَصَهُ حَتَّى قَالَ: (( اقْرَأْهُ في سَبْعٍ )). قَالَ: إِنِّي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: (( لاَ يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ )).
فمن كان يختم في أربع أو في خمس أو في ستّ، فهو جائز بلا كراهة، ومن كان يختمه كلّ أسبوع فذاك هو الّذي أصاب كبد الصّواب، قال النّووي " شرح المهذّب ": " وهذا أوسط الأمور وأحسنها، وهو فعل الأكثرين من الصّحابة وغيرهم، أخرج الشّيخان عن عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( اِقْرَأْ القُرْآنَ فِي شَهْرٍ ))، قُلْتُ: إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً. قَالَ: اِقْرَأْهُ فِي عَشْرٍ. قُلْتُ: إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً. قَالَ: (( اِقْرَأْهُ فِي سَبِعٍ وَلاَ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ ))".
وقال رحمه الله في " الأذكار ": " المختار أنّ ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر يحصل له معه كمال فهم ما يقرأ، وكذلك من كان مشغولا بنشر العلم أو فصل الحكومات أو غير ذلك من مهمّات الدّين والمصالح العامّة، فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له ولا فوات كماله، وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حد الملل أو الهذرمة في القراءة " اهـ.
فنسأل الله تعالى أن يعزم لنا من أمرنا رشدا، وأن يلهمنا تلاوة كتابه آناء اللّيل وأطراف النّهار، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.
والله تعالى أعلم وأعزّ وأكرم
أخوكم في الخدمة
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية دائمة الذكر
دائمة الذكر
مشرفة سابقة
  • تاريخ التسجيل : 29-03-2009
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 43,268

  • زسام التحرير 

  • معدل تقييم المستوى :

    61

  • دائمة الذكر is a jewel in the roughدائمة الذكر is a jewel in the roughدائمة الذكر is a jewel in the rough
الصورة الرمزية دائمة الذكر
دائمة الذكر
مشرفة سابقة
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 03:25 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى