أحمد عبدالمعطي حجازي :كان لي قلب !
24-02-2015, 07:54 AM
على المرآة بعض غبار

و فوق المخدع البالي ، روائح نوم


و مصباح .. صغير النار


و كلّ ملامح الغرفة


كما كانت ، مساء القبلة الأولى


و حتّى الثوب ، حتّى الثوب


و كنت بحافّة المخدع


تردّين انبثاقة نهدك المترع


وراء الثوب


و كنت ترين في عيني حديثا .. كان مجهولا


و تبتسمين في طيبة


و كان وداع ،


جمعت اللّيل في سمتي ،


و لفّقت الوجوم الرحب في صمتي ،


و في صوتي ،


و قلت .. وداع !


و أقسم ، لم أكن صادق


و كان خداع !


و لكنّي قرأت رواية عن شاعر عاشق


أذلّته عشيقته ، فقال .. وداع !


و لكن أنت صدقت !


***


و جاء مساء


و كنت عل الطريق الملتوي أمشي


و قريتنا .. بحضن المغرب الشفقي ،


رؤى أفق


مخادع التلوين و النقش


تنام على مشارفها ظلال نخيل


و مئذنة .. تلوّي ظلّها في صفحة الترعه


رؤى مسحورة تمشي


و كنت أرى عناق الزهر للزهر


و أسمع غمغمات الطير للطير


و أصوات البهائم تختفي في مدخل القرية


و في روائح خصب ،


عبير عناق ،


و رغبة كائنين اثنين أن يلدا


و نازعني إليك حنين


و ناداني إلى عشّك ،


إلى عشّي ،


طريق ضمّ أقدامي ثلاث سنين


و مصباح ينوّر بابك المغلق


و صفصافه


على شبّاكك الحرّان هفهافه


و لكنّي ذكرت حكاية الأمس ،


سمعت الريح يجهشّ في ذرى الصفصاف ،


يقول .. وداع !


***


ملاكي ! طيري الغائب !


حزمت متاعي الخاوي إلى اللّقمة


وفت سنيني العشرين في دربك


و حنّ عليّ ملّاح ، و قال .. أركب !


فألقيت المتاع ، و نمت في المركب


و سبعة أبحر بيني و بين الدار


أواجه ليلي القاسي بلا حبّ ،


و أحسد من لهم أحباب ،


و أمضي .. في فراغ ، بارد ، مهجور


غريب في بلاد تأكل الغرباء


و ذات مساء ،


و عمر وداعنا عامان ،


طرقت نوادي الأصحاب ، لم أعثر على صاحب !


و عدت .. تدعني الأبواب ، و البوّاب ، و الحاجب !


يدحرجني امتداد طريق


طريق مقفر شاحب ،


لآخر مقفر شاحب ،


تقوم على يديه قصور


و كان الحائط العملاق يسحقني ،


و يخنقني


و في عيني ... سؤال طاف يستجدي


خيال صديق ،


تراب صديق


و يصرخ .. إنّني وحدي


و يا مصباح ! مثلك ساهر وحدي


و بعت صديقتي .. بوداع !


***


ملاكي ! طيري الغائب !


تعالي .. قد نجوع هنا ،


و لكنّا هنا اثنان !


و نعرى في الشتاء هنا ،


و لكنّا هنا اثنان


تعالي يا طعام العمر !


ودفء العمر !


تعالي لي !




موقع أدب (adab.com)
أنٌــآ لَسًسًـــتُ بّـمِغّ ــروِر أنٌـآ مِجَ ـــردُ آنٌسًسًـآنٌ لَهِ سًسًـطٌـوِر لَيّسًسًـسًسًـ آلَكلَ يّتُقَنٌ قَـرآءتُهِـآ