الداء والدواء لمن أراد الفلاح والنجاة{1}سيد مبارك
19-07-2018, 04:34 AM






الداء والدواء لمن أراد الفلاح والنجاة{1}
الحمد لله رب العالمين و اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، واشهد آن محمداً عبده ورسوله وعلي اّله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين أما بعد… في هذا الزمان نحن نعيش في فتن نراها رؤية عين وينطبق علينا قول النبي –صلي الله عليه وسلم-"- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ-مسلم-
- وأما معنى ( طوبى ) معناه فرح وقرة عين . أومعناه خير لهم وكرامة .
أيها الأحبة في الله
كونوا من أهل هذا الحديث الذي رواه سيدنا ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ-مسلم
وماذا تنتظرون وطريق الفلاح والنجاة نراه رؤية عين في كتاب ربنا وسنة نبينا-صلي الله عليه وسلم-واسمعوا هذا الحديث وأسأل الله جل وعلا أن يرزقنا الموت علي الإسلام قبل ان يتحقق علي أرض الواقع الحديث عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ اللَّهُ الله-وهي لا تقوم إلا علي شرار الخلق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أن السلف الصالح كما نعلم كانت حياتهم كلها لله حتي العمل الدنيوي الذي يقوم به الرجل منهم من أجل طعامه وشرابه هو ومن يعول كما نفعل نحن ولكن شتان الفارق بين السلف واحفادهم لقد كان الواحد من سلفنا الصالح يخلص النية فيه لله ليكون له نعمة وينال عنه الثواب من رب الأرض والسماء وعينه علي الآخرة والمعاد وما الدنيا إلا سببا للنجاة ووسيلة للفلاح والصلاح ولا يصبح إلا ويفكر في المعاد ويعمل له الف حساب.
-وها هو ابن تيمية يسئل: كيف أصبحت ؟ قال : بين نعمتين ﻻ أدري أيتهما أفضل !
ذنوب قد سترها الله فلم يستطيع أن يعايرني بها أحد من خلقه، ومودة القاها في قلوب العباد ﻻ يبلغها عملي -وحينما سئل ابن المغيرة : يا أبا محمد كيف أصبحت ؟
قال : أصبحنا مغرقين بالنعم عاجزين عن الشكر .يتحبب ربنا إلينا بالنعم وهو الغني سبحانه، ونتمقت إليه بالمعاصي ونحن له محتاجون
- . ولابن القيم قول جميل ينبع من بصيرته قال : لو رزق العبد الدنيا وما فيها ثم قال الحمد لله؛ لكان إلهام الله له بالحمد أعظم نعمه من إعطائه له الدنيا؛ ﻷن نعيم الدنيا يزول، وثواب الحمد يبقى .
- وها هو المزني مرعلى الإمام الشافعي في مرضه-رحمهما الله- الذي توفي فيه فقال له :كيف أصبحت يا أبا عبدالله ؟! فقال الشافعي :
أصبحت من الدنيا راحلا, و للإخوان مفارقا ، و لسوء عملي ملاقيا ، ولكأس المنية شاربا ، و على الله واردا ، و لا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها، أم إلى النار فأعزيها
هكذا كانوا ونحن لن نصل لهذه المكانة ولن يكون لنا فائدة إلا باتخاذهم قدوة ولن نكون مسلمين بحق إلا إذا توفرت فينا قوة الإرادة والعزيمة الإيمانية التي جعلت من السلف من الصحابة والتابعين وتابعوا التابعين خير قرون الإسلام ولا عجب لقد كانوا للقرآن والسنة اشد توقيرا واحتراما.
فهلموا أيها الأحبة نحاسب أنفسنا ونلومها علي تقصيرها في حق الله تعالي ،أما لو كان قلب الواحد منا لا يشعر بطعم الإيمان وحلاوته فهذا لقسوته وضعفه وتواكله علي ربه وهو أعمي البصر والبصيرة فلا يري الحق ودروبه وهو واضح جلي ، وينبغي علاج ذلك ولأننا نعلم الداء مما نسمع ونري وخلاصته حب الدنيا وزينتها والغفلة عن الموت وما بعده من أهوال وحساب ومن ثم نطرح هنا أدوية خمسة من تعاليم القرآن والسنة وفيها الدواء أن شاء الله لكل داء يصيب القلوب وقد أفلح وفاز من عالج نفسه وقلبه وصار علي الطريق المستقيم قبل فوات الأوان ، وقد خسر وخاب من ضل الطريق وتمكن الداء من قلبه وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور وما علي الرسول إلا البلاغ.
أحبتي في الله..بين أيديكم " الداء والدواء" لما يحيط بنا من فتن وابتلاءات ووهن وحب للدنيا وسيطرة للهوي والشيطان علي القلوب ، وعلي العبد أن يجتهد بنية وإخلاص ويداوي أمراض قلبه من آفات وشك تجاه توكله علي خالقه جل وعلا ، ولطولها جعلتها علي حلقتين تباعاً واسأل الله أن يكون هذا العلاج سببًا في ثبات إيمانكم علي تحمل الفتن والابتلاءات التي عمت وانتشرت وان يختم لنا وللجميع بحسن الخاتمة في الدنيا والآخرة إنه نعم المولي ونعم النصير .
واذكر هنا أهم خمس أدوية من تعاليم القرآن والسنة إجمالاً ليحيا من حيي عن بينة ويهلك من هلك عن بينه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
**الدواء الأول : الإيمان بأنه لا نافع ولا ضار إلا الله تعالى :-
وهذا دواء فعال فلو آمن وأيقن الإنسان بأن غيره من المخلوقات لا يملكون لا نفسهم نفعاً ولا ضراً ولا حياة ولا موتاً ولا نشورا.
ما لجأ إلى غيره سبحانه ولا استعان إلا به ولكن للأسف الشديد ليس الجميع على هذا اليقين والإيمان وذلك ما يلمسه المرء وشاهده لعباد يشدون الرحال من أقاصي البلاد إلى أولياء الله وأقطاب الصوفية يتمسحون بأضرحتهم ويستغيثون ويسألونهم احتاجتهم في كثير من بقاع الأمة الإسلامية فتشد الرحال إلى قبر الحسين والسيدة زينب رضى الله عنهما والسيد البدوي في مصر وقبر العيدروس في عدن والهادي في اليمن وابن عربي في الشام والشيخ عبد القادر الجيلاني في العراق وغيرهم حتى قال الأمام ابن تيميه: إن أمثال هؤلاء يعتقدون أن شد الرحال إلى أصحاب الأضرحة أنفع من حج بيت الله الحرام . وقال أكثرهم يسأل الميت كما يسألون الحي الذي لا يموت فيقول يا سيدي فلان اغفر لي وارحمني وتب على أقضي عني الدين وانصرني على فلان وأنا في حسبك وجوارك . انتهى وأيضا الاعتقاد الفاسد لبعض الناس ممن في قلوبهم مرض وضعف بان العرافين والدجالين يعلمون الغيب وينفعون ويضرون بما يصنعونه لهم من أحجبه وتعاويذ شركية لحمايتهم من العين والسحر والجن تاركين الرقية الشرعية ونسيوا وتناسوا قول الله تعالى : { وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَئ قَدُيرٌ } ( الأنعام 17 ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم في ا لحديث الصحيح ( احفظ الله يحفظك ، أحفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فأسال الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أم الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشئ لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) ( أخرجه الترمذي 4/2516 ) وإسناده صحيح .
وينفع هذا الدواء أيضاً في ثقة الإنسان بأن ما وراء الغيب من أمور كعالم الجن والسحر والسحرة وما ينفثونه ويعتقدونه لن يضره إلا إذا شاء الله تعالى قال تعالى :{ َفيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ } (البقرة 102 )
ومادام الإنسان يرقي نفسه ويستعين بالله فلا يخاف أحد ولا يؤمن بما يخالف سنن الله في خلقه من خيالات يرويها أصحاب القلوب المريضة ليضحكون بها على العقول ويكسبون من ورائها أموالاً طائلة وعلى المسلم أن يتمسك بأيمانه بالله كما كان النبي والسلف الصالح.
ونتابع غدا أن شاء الله ونبين بقية الأدوية الخمسة والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
وكتبه/ سيد مبارك







التعديل الأخير تم بواسطة سيد مبارك ; 19-07-2018 الساعة 04:37 AM سبب آخر: زيادة بيان