القدوة والنموذج ؟
24-11-2016, 04:22 PM
القدوة والنموذج ؟

"لله المثل ا لأعلي " صدق الله العظيم

قال العلامة ابن خلدون (ت808هـ) في المقدمة: ( اعلم أنّ فنّ التّاريخ فنّ عزيز المذهب، جمّ الفوائد، شريف الغاية؛ إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم، والأنبياء في سيرهم، والملوك في دولهم وسياستهم...... )
بعض المربين يظنون فرض النماذج هو الذي يقولب المجتمع....لكن التربويون يقولون التربية ليست هي التى تشكل المجتمع ولكن المجتمع هو الذي يشكل التربية! ... كثيرون يتحدثون عن القدوة ويختلفون في اوصاف النماذج والرموز التى يقترحونها ! ولا نعرف كيف يكون الاقتداء بها ؟
القدوة مفاهيم يمكن ان تبني الانسان او تدمره! ولهذه المفاهيم قوة خطيرة التأثير في مجتمع لا زال يبحث عن التطور، معنى القدوة هو النموذج الذى نقتبسه او نقتدى به ... قديما حلت كوارث ربنا على الامم التى اقتدت بآبائها وأجدادها الذين انحرفوا عن التوحيد والإيمان....لم يعرفوا ان اباءهم قدوة سيئة ، لان طبيعة المجتمع ان العقل الجمعي اقل تحضرا علي العقل الفردى ... ان الجماعة تسيطر عليها صفات مشتركة : قلة الوعي والإبداع ولا تمثل إلا الفكر المقتنع الضعيف السطحي ...
ثم ما هو النموذج الذي ينبغي اتباعه ؟ هل هو نموذج الاب و الام؟ ... ام كبار العلماء والمفكرين والمصلحين ؟ ام يقصدون نماذج الفتنة الكبرى والصغرى وما تلاها عبر التاريخ .... ام لنا نماذج تاريخية امثال عمر العادل رضي الله عنه ، وعلي كرم الله وجهه، وأمثالهم كثيرون... ام يقصدون النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – وكيف نقلده هل في لباسه ولحيته وزواجه المبرر ، ام في المشروع السياسي الحضر الذي كان يحمله ، وحقق بعضه ، وأتمه الصحابة بعده ؟- رضوان الله عليهم - ...نعم كان مشروعا مؤثرا في العالم ...مشروعا قلب التاريخ رأسا على اساس ... مشروعا لم ياتى بمثله بشر على وجه المعمورة!
و إلا ما هي هذه الشخصية الرمزية التى يريدونها ان تكون هي المقياس الذي يقاس عليه ونغرسه فى ذهن المتلقى ، وهي التى تحدد تصرفاته وأفعاله تجاه غيره ؟.... دور المدرسة ليس ان خطف العقل بل ان تساعد المتعلم على تميز المفاهيم وفهمها الصحيح ، تطلع على التاريخ وتعلم المتعلم كيف يحكم أي تنبهه الى نقد الرؤية وأبعادها ألمستقبلية... التربية لا تفرض على الجيل طريقة اللبس والمعيشة والأكل وإلا ما بقي للعقل شيء يفكر فيه... المدرسة لا تفرض عليه النماذج ، بل تشاركه في مجال الحكم على الاشياء... ينبغى ألا تبعده عن الميول الفردى حتى لا يصاب المتعلم بالهزائم ... ينبغي ان تجعله يرى الامور كما هي في الواقع.
اخذت بيتا من الشعر لأبى تمام ، من مقال عن المعيارية للدكتور لمحمد الدحيم:
إقدامُ عمرٍو في سماحة حاتمٍ في حلم أحنفَ في ذكاءِ إياسِ
( إنّ الشّاعر لا يريد لابن الخليفة شخصيّة ذاتيّة مستقلّة تتمحور فيها قدراته ومهاراته ، وتتأثّر بإمكاناته وطبيعة محيطه ، وتتعلّق برؤيته وأهدافه)
هل نرضي لأجيالنا ان تبقى دائما تابعة غير متبوعة... لا ابداع ولا غيرية ! ...هل نريدها دائما هاربة من عصرها الى عصور غيرها : اما الوأد في القبور المنسية او الجري وراء اذيال الغرب! ... يعنى اتباع واستنساخ وإستعادة وتكرار، واستهلاك لما اكل وهضم! ...على نفس النمط ونفس الاشخاص الذين استهلكوا واستخدموا..... هذاما يجعانا نصادف عند اغلب المتعلمين لا يتمتعون بافعالهم وأقوالهم التى تعبر عن رغباتهم وإرادتهم وشخصيتهم !...بل يهربون و يسقطون في الاغتراب والاوهام ليعيشوا في شخصية غير شخصتهم... شخصية فرضت عليهم من قوة سادية مسيطرة
ان اساس وجود الفرد يكمن في شخصيته التى مسحت وغابت عن الوجود ! لأنها فقدت فطرتها التى خلقها الله عليها .
ان العقل الفردى هو الذي رفع الانبياء والرسل.... وما ميز نبينا الكريم وأصحابه هو تلك الشخصية الفذة التى فكرت وقدرت وقلبت وجهها في السماء والأرض ثم حكمت.... قد يفيد العقل الجمعى نعم قد اذا توفرت له العقول العارفة المفكرة ... لقد سادت في مجتمعنا امثال شعبية تكرس الاستنساخ والتكرار :مثلا :اقلب القدرة على فمها تشبه البنت امها ....وكما هو شائع: الولد نسخة لأبيه.....
نحن نخلط بين القدوة الحسنة والقدوة السيئة ، ولكي نحكم على ابن بار يجب ان يقلد اباه حتى لو كان سيئا، لا يتمتع بكفاءة او مثالية ... وكذلك قد نفرض على انفسنا فكرا معينا بحلوه ومره نتبعه في كل جوانبه ! خيره وشره... دون ان نفكر في كل جوانب هذا الفكر اذا كان يحق الفائض في الانتاج والعدالة في التوزيع والرفاهية لمجتمعنا...... واجب التربية ان توعي المتعلم بخريطتنا الادراكية وابعادها المرجعية الغائية الهادفة. كما يجب ان توعيه بالخريطة الادراكية للمتربص بنا كيف يعمل كيف يخطط كيف يفكر وينفعل وماذا يقصد منا وماذا يؤثر فيه.
المصطلحات والمفاهيم ، يجب تغييرها ، حتى تخدم رؤيتنا الكونية التوحيدية ، كي لا تكون سببا من أسباب الانهزام. ينبغي أن نتخلص من احتلال المفاهيم والأفكار الغربية لداخلنا المبرمج على جلد الذات و تخريب الروح والمعنى فينا. يجب وضع المفاهيم من الفعل الحضاري اذا اختفت من مشروعنا نكون ضحية استرادها من غيرنا : رهينة الاستيراد الاعلامي والتربوي والسياسي . يجب أن نعرف أنَّ الخريطة الإدراكية يمكنها أن تتغير لأنها حين يتحدَّاها الواقع تعجز عن ادراكه ، ويختفى التفاعل معه ... ان الانسان هو خليفة الله في الارض حمله الامانة وأناطه التكليف . فلا بد من الاهتمام به والسعي نحو تحقيق قدرته وصلاحيته للقيام بهذا الدور... الانسان يجب أن ان يكون هو! يتربى بهويته الذاتية ويستعين بمقوماته التاريخية لأنه يمتلك طاقة بنّاءة وروحًا مؤسِّسة،
احسب ان الواجب هو ان نعرف اننا كلنا ضحايا وكلنا جلادين لأننا انزلقنا في متاهات السلطة والتسلط من الصغر الى جميع ألمستويات من الابوين الى المجتمع الى الحكام... اذا عرفنا تصرفنا عرفنا من نحن وفهمنا ما نحن عليه ! عرفنا ماذا نريد... ان نحن نساوى كيفية تواصلنا يجب ان نعرف كيف تم بناء اذهاننا وكيف نعيد النظر في خريطة اذهاننا... هذه الاسئلة يجب ان تطرح على ذهن كل فردمنا للخروج من متاهاتنا وضياعنا... يجب ان نتعلم كيف نعبر عن عواطفنا في حينها... قبل ان تختمر... حتى لا لا تستولي علي عقولنا وتأسرنا، لأنها اذا اختمرت تنفجر وتعبر عنها بعنف...لان الجهل خلانا ننفعل لاتفه الامور.. يجب ان نحرر عقال ، عقولنا المشدود بالأوهام....
zoulikha
ربنا زدنا علما وعملا بما علمتنا