هيّا بنا إلى العُسر...
28-12-2011, 07:25 PM
قد يكون للعمل وقعٌ سيئ في قلوبنا الخاملة، ومشقَّة على أنفسنا الكسولة سامحنا الله وأعاننا على إصلاح أحوالنا،فهل يُصبح هذا ذريعةً للعجز والتردد؟... وهل يُلجم عزائمنا عن الانطلاق بنا في السعي إلى معالي الأمور؟... وهل تُنقص المشقَّة والنَصَب شيئا من قيمة العمل وضرورته؟...
إنني أربط بين العمل و"العُسر" على سبيل رفع التحدي في وجه المصاعب التي تُحيط بالأماني والأحلام، لأن القرآن المجيد جاء بذلك والله أعلم،فأغلب الآيات التي تأتي على ذكر العُسر، يكون موضوع حديثها عملٌ من الأعمال الصالحة المُنتجة،والمشقةَّ التي ترافقه قبل تحقُّق النجاح براحته وسعادته.
ففي سورة "الشرح" يقول رب العالمين لرسوله عليه الصلاة والسلام:"فإنّ مع العُسر يُسرا،إنّ مع العُسر يُسرا"(الشرح5،6) ،أي أنّ العُسر الذي لحق به وبالمؤمنين بسبب حملِه همّ الرسالة،لن يطول ولن يدُوم، بل سرعان ما سيعقبه يُسر النصر والفرج ونجاح العمل بظُهور أمر هذا الدّين،ثم يأمره سبحانه :"فإذا فَرَغت فانصَب،وإلى ربّك فارغَب"(الشرح7،8)،أي فاجتهد واتعب بعد تمام مهمة دعوة الخَلق،في مهمة التضرع والتعبد للخالق،فالعُسر هنا هو عُسر العمل والسعي إلى هدف نبيل،واليُسر هو يُسر النصر والنجاح،فالآية إذن والله أعلم تُرغِّبُ في العسر إذ هو مقدمةٌ لليُسر،والدليل على هذا قوله سبحانه:"فإذا فَرَغت فانصَب"،والنَصَب هو التعب.