بائعة البيض 5
27-04-2015, 09:08 AM
بائعة البيض 5

تابع

امرأة تتمرد ! ما هي مصيبة زهرة هذه المرة ؟
-------------------------------
لم ينقذ زهرة من مأزق اللباس إلا رجلها ... شمرت عن ساقيها ...جرت حتى انقعت انفاسها ... مزقت اللباس وأغلقت شقوق الكوخ بإطرافه ...
لم تكن مدام ارنوكس ذات فطنة ... هي ،امرأ بلهاء ذكية ،... تسكت الفا وتنطق خلفا...تضحك لأتفه الاشياء... تتحدث فيما لا يثير الضحك ولا حتى البكاء ... الشيء الذي كان يضايق زهرة فتهرب للشغل...لم تسئ المدام الى لزهرة كما لم تحسن ...علاقتها بزهرة كعلاقتها بشيء في المزرعة... همها هو ان تقوم زهرة بالشغل وتريحها من المسؤولية وملاحظات ارنكس ... مسيو ارنكس لا يهمه من امر زهرة لا طالع ولا هابط ، يكاد لا يراها ، حتى ( البون جور) لا يرد عليها... هو فقط مشغول بما يجمعه من اموال ويودعها في بنوك باريس... حديثه فقط عن الكروم والعنب وما يجنيه من امتصاص الارض... ولا يراقب إلا الاحوال الجوية وتغيراتها ... اما ماري المدللة بيت المدام تنظر الى زهرة كبقية حيوانات المزرعة... تحتقر ذكاءها ... هي هنا في خدمتها وكفى ... انها مشغولة بسيارتها التى تاخذها الى المدينة لتعبث مع عشاقها ... وقد تقضى ايما هناك...
ماري تعاف زهرة ، تشمئز من خشونة قدميها ويديها..... اما خطيبها كامي فعلى العكس... هو معلم في المدينة... منخرط في الحزب الشيوعى ، يهتم بطبقة الفقراء... لاحظ سحرالعينين الواسعتين العسليتين ....أحس بالحزن الذى يختفى فيهما... اعجب بشجاعتها ومقاومتها ضد الظروف القاسية... كان كلما يعود الى القرية يكتشف شيئا غامضا في هذه الفاتْمَة ... عندما اتته بالماء وهو بين الكروم يتفسح ، هبت الريح ، بان شهرها الاسود.... زلت رجلها مرة اخرى رأى ما خفي من بشرتها الصمراء ...تقدم اليها وساعدها على النهوض في حضرة خطيبته ... اصفر وجه ماري اكثر مما كان عليه... جحظت عينيها ، غضبت:
- ابعد لا تعرها كل هذا الاهتمام! ... سوف تنسى مكانتها ... ألا تعرفهم ؟...
اصبح كامي كلما احتاج لشيء يطلبه من فاتمة واستغنى عن خطيبته وبقية العاملات... لاحظ بان فاتمة تفهمه من ادنى اشارة... اذا بدأ كلمة بالعربية تكملها له ، تساعده على تسمية الاشياء... اطمأنت زهرة لكامي ... كان يسعدها قدومه... صادقته وأصبح يؤنسها ويملا الفراغ الذى تركه علي في نفسها ...
صادفها في يوم ممطر وهي فى طريقها الى المزرعة... كان شبشبها يحمل الارطال من الاوحال ... امرها بالركوب في سيارته... حملت الشبشب في يدها حتى لا تلطخ السيارة... تنبه كامى لذكائها ... زاد احترامه وإعجابه بها ... فاحت رائحة الازهار في السيارة ... تساءل كامي عن الرائحة الجميلة ... اجابته على الفور:
- انا التى وضعت أزهار البرتقال في صدرى... انظر ...
- كامى وقف السيارة وقال : ارنى الازهار...
انتبهت زهرة الى تطفله... غطت صدرها خجلت من نفسها...
تمتم كامى :كلما تقترب منى ماري يكاد يغمى علي من رائحة عرقها... ومن ذاك اليوم اصبح كامى ينتظرها كل ما قدم للمزرعة...ركوب زهرة في سيارة كامى كان يثير سخط القرية ، ولا احد يعرف كم كان يثيره من الالم والعجز والمذلة في قلب الاب الضرير ... اما زهرة فلم يعد يؤلمها أي شيء... تتمرد على كل ما لا يعجبها ... فلم يعد يعنيها سوى ان تنال هدية من المدام : حذاء طار كعبه الاول ، وتخلع هي كعبه الثانى ، تجره في طريقها الطويل ، ليحميها من شوك الحقول ووحل الاصطبل ، تخلعه عندما تقترب من القرية... فى عودتها الى القرية تتفادى رؤية اصحاب القرية:
- تمتم زهرة بينها وبين نفسها : اتفُهْ ! اسنانهم متعفنة ... قماقمهم واسعة ... أيديهم مكسرة ... عبيد اسيادهم...
لا شيء يسعدها سوى رؤية ابتسامة الطبيعة والطيور تحلق، والأغنام ترعى في الحقول المهجورة... ترقص مع السنابل ، تغنى... حسبها ان تسمع قصبة علي ولو من بعيد دون ان تراه... حقا كانت ترتاح لكامى ! لكن اعجابها لا يوازي اهتمامها بعلى ... صداقة كامى جعلتها تشعر بإنسانيتها ... لم تصادف ، في حياتها ، معاملة كمعاملته : يحكى لها اسراره... يسخر من حماته وخطيبته امامها... ينتقد مجتمع الاغنياء والمتملقين... كانت تتعلم منه وتكتشف ما خفي عنها من امور لا تفهمها... كانت تحترمه وتقدره وترجو الله ألا يدخله جهنم مع الكفار:
- تدعو ربها : يا رب غير روحه بروح القايد والبياعين... ادخلهم جهنم في مكان كامى ... اه يا رب لو تجعل كامى منا ومعنا ، والقا يد وشنبيطه كفارا... انه طيب ... ادخله معنا الجنة.
كامى اصبح يتردد كثيرا على المزرعة ... كان يقضى يوم السبت والأحد وأيام عطلته هناك... بحجة انه يحب الطبيعة والكروم وركوب الخيل... لم تفهم خطيبته و المدام البلهاء تردده على المزرعة... كامى داهية يفهم الطائر اذا غنى في السماء ... يعرف كيف يسرق الكحل من العين... لا يتعب في مغافلة حماته...
سافر ارنوكس مع ابنته الى بريس ، للقاء ابنه في الجامعة.... الهدف الحقيقى كان هو البحث عن الاسواق لما انتجه ، بعد ان ملأ البراميل خمرا ولصق العمال طابع ارنوكس الخاص عليها... طلب اروكس من كامى ان يخلفه في غيابه ليراقب غش العمال... كامى يحب الريف والتحدث للعمال....؟ رحب بالعرض... كان يتنقل بين البراميل وزجاجات ألخمر ، يقتنى لنفسه ما يعجبه ...
ذت يوم فقد وعيه من السكر تراءت له فاتنة في الزجاجة .. في كل كاس...هب كالوحش الى الاصطبل... زهرة غارقة في تنظيف الاصطبل ... اقترب منها .... دفعته:
- سكير... ابتعد ان رائحة الخمر تفوح منك...اغلقت انفها ...
بدأ كامى يقدم رجلا ، يؤخر الاخرى :
- لماذا تغلقين انفك ايتها الحمقاء... تعالي... قالها مداعبا:
- تعالي ، تعالي ..
- زهرة خائفة : ابتعد ايها السكير...
تمادى في الاقتراب منها بعينين جاحظتين .... زهرة تتوارى ... عثرت... سقطت ... ارتمى عليها كالوحش يمزق ثيابها ... طل احد العمال من شق الاصطبل... اقشعر جلده.... اغمض عينيه : هرب مرعوبا :
- الله يحفظ ويستر... يا للعار... بنتنا مع رومى؟
لم تنته الامور كما اراد كامى ... ولا كما ظن العامل ! دافعت زهرة عن شرفها ... عضت صرخت ... خبشت وجه كامى... وانتصرت دون ان تلقى صعوبة لان كامى كان في شبه غيبوبة الإغماء... هرب كامى مترنحا ، خوفا من حماته... سمعت المدام هوشة ... جرت لتستفسر عما يحدث... سالت كامى فقال:
- ضربت فاتنة ايه وساضربها ( صال راص ) إنها لم تسمع الكلمة ... انها لا تختلف عن بقية ( البيكو )...
رغم غباوتها لم تقتنع مدام بكلامه... احتارت... فضلت الصمت... وبخت زهرة :
- يجب ان تحترمى كامى ، هو واحد من العائلة....
يتبع
zoulikha
ربنا زدنا علما وعملا بما علمتنا