عاش غريبًا و مات غريبًا
27-07-2013, 09:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
يا قارئي أنت رفيقي.
على رسلك!
بان لي أن أبوحَ لك عمّا يختلج في صدري، ويجولُ في خاطري، لأحكي لك عن حالي وحالك.
فهل أنت سامعٌ، وواعٍ لِما أقول؟
أيا أنتَ..
كم غريبٌ أنتَ.
غريبٌ عن كل شيءٍ في حلّك وترحالك.
وأينما توجهتَ ..فأنت غريبٌ حتى في وطنك.. وهذا قدرك.
فالقانونُ لا يُطبَّق إلاّ عليك.
ألا تدري أنّهم يريدون منك أن تجوعَ لتبقي خانعاً وكأنك تطلب إحساناً عندما يشبع الآخرون..
وإذا أشبعوك لا لشيءٍ، إلاّ لتصيحَ كالديك مدحًا وتطبيلاً
وهذه هي غربتك الحضارية التي تسمع بها كعربيٍّ ..
ألا تعلم أن المجتمعاتِ الغربيةَ تتحدث بكل لغات، وعدة ألسنة عن حقوق الإنسان؟..
بينما هي تذبح تلك الحقوق، وتحاربها بشراسةٍ عندما يتعلّق الأمر بك كعربيٍّ مسلمٍ. ويأتي من يقول لك:
اَرض بما هو مقسّمٌ لك
عندها سيكون نصيبك من هذه العاجلة عند هؤلاء إما أن تكون عبدًا أو تابعًا أو من " الخوارج " . فاختر ما يناسبك.
وهكذا أنت غريبٌ.. غربةٌ، على غربةٍ..ظلماتٌ بعضها فوق بعض، تعيشها كعربيٍّ وتألفها، حتى تظنّ أن الوضعَ طبيعيٌّ، ومع مرورالزمن، ورثت وألفتَ الكسل حتى الروحي والفكري منه ، والقبول بالأمر الواقع.
وبعد يأسٍ وقنوطٍ صرختَ في أعماق نفسك:
" أنه ليس بالإمكان أحسن مما كان".. فكانت المسكنةُ
وهذا هو قدرك .
نظرت ما حولك، فتجلّت لك صورة الوطن الضائع والسليب دوماً .. حيث انهارت جميع الذرائع التي اعتمد عليها من برّر لك الاحتلال .. احتلال لخيراتِ بلدك.. واحتلال حتى أفكارك ..و أخيرًا احتلال بعض أمصارِ وطنك، وتحولت النتيجة التي كانت مرجوّة من" نجاح " الاحتلال إلى ذريعة للاحتلال!
وابتليت بأناسٍ يقذفون من أفواههم كلاماً لم يهضموا معانيه حين جعلوك ترضى أن تكونَ مع الخوالف ..
ياقارئي
قد أصبح العرب في عصرٍ صارت فيه الاستكانةُ و التفريطُ في الحقوق اعتدالاً لا خيانةً، والعزّة والرفض تطرّفاً لا فضيلةً.. وكأنه لا مفرّ سوى الاستسلام لهذا الواقع المخزي.
فهل انطفأت جذوة الاحتجاج في هاته الأمة، وصارت الشريعة تُقتلع من الوجدان، والهوّية في سوق بلا مزادٍ ؟.
آهٍ ! كم استعذب بنو يعرب المسكنة، ولم تعد هناك ذرة من خجل تستر عوراتهم ، بل وصرنا نعهر أسمى التضحيات .
و اعلم يا قارئي، انه سيكتب التاريخ:
أنّ العربيَّ عاش غريبًا و مات غريبًا، بعد أن تبوّلَ عليه االعلوج في " ابي غريب"..