رد: من'مدرسة الحان وشباب' التبهديل على المباشر
24-01-2008, 04:53 PM
الموسيقى من حيث هي فن راق وعلم مستقل يخاطب الوجدان ضرورة انسانية وهو من جملة المعارف ومقوم من مقومات ثقافة ما و شاهد على تاريخ اي شعب
وبناء على هذا فالموسيقى في نظر الشريعة الاسلامية حلالها حلال وحرامها حرام اذ هي من ضرورات الانسان وديننا الحنيف بشموله لم يهمل هذه الحقيقة وقواعده واصوله العامة وكلياته لم تضق يوما بقول كلمة الفصل في هذه القضية
وموضوع النزاع في القضية هي تعريفنا للموسيقى وهو ما يجب تحريره
اما هذا الصخب الذي يسمونه تجوزا بموسيقى فهي محل اتفاق بين العلماء انها حرام وعليه تفسر النصوص التي ذمت الغناء وبالغت في الزجر والتشديد والنكير عليه
اما موضع الخلاف بين ائمتنا سلفا وخلفا فعن السماع-ابيات شعر يتغنى بها- كما كان يسمى في الصدر الاول ولكن هذا لا يمنع من مصاحبة الالات وهذا مبحث اخر له محل هو اليق به وساعود اليه ان دعت الحاجة
وعلى سبيل التدليل لا الحصر والاستيعاب اذكر- ان الحجازيين كانوا يتسامحون في الغناء ولم يكن عندهم جمود اهل العراق في ذلك بل بعض شيوخهم الذين يقدمون العراق كانوا يستصحبون من يغنيهم كما فعل ابراهيم بن سعد الزهري وعبد الملك بن الماجشون- وخبر ابن الماجشون ذكره ابن خلكان لما ترجمه
وقد عابوا الامام الجليل محمد بن شجاع ذمه الامام الشافعي لمصاحبته لمغن والمغني هو ابراهيم الموصلي قالوا كيف يعد صحبة الموصلي مثلا وسيلة تعيير العراق مع اتقانه كثيرا من العلوم والغناء نفسه فن يختلف باختلاف الغايات
واليك ايها المتجرد من كل خلفية واسبقية ما قاله ابن حزم:
وكذلك يجوز بيع الشطرنج والمزامير والعيدان والمعازف والطنابير حلال كله ومن كسر شيئا من ذلك ضمنه الا ان يكون صورة مصورة فلاضمان على كسرها وتضمين المعتدي على هذه الاشياء واجب لانها مال من مال مالكها......
وقال: وكذلك يجوز بيع المغنيات -من الجواري- وابتياعهن واساس الجواز في كل ما ذكرنا قوله تعالى:خلق لكم ما في الارض جميعا...وقوله: واحل الله البيع... وقوله : وقد فصل لكم ما حرم عليكم......
يعني ان الاصل في الاشياء الاباحة وانه لا تحريم الا بنص وقد فصل الله ما حرم في كتايه وعلى لسان نبيه ولم يات نص بتحريم شيئ مما ذكره من البيوع السابقة ثم ذكر ابن حزم ان ابا حنيفة يوجب الضمان على من كسر شيئا من الات اللهو التي سماها قال :
واحتج المانعون باثار لا تصح او يصح بعضها ولا حجة لهم فيها منها حديث السيدة عائشة-ض- ان الله حرم المغنية وبيعها و ثمنها وتعليمها والاستماع اليها.....
قال ابن حزم: فيه من الرواة ليث وهو ضعيف و سعيد بن رزين وهو مجهول لا يدرى من هو عن اخيه واخوه هو لايعرف وقد سمي فكيف اخوه الذي لم يسمى......
ثم ذكر ابن حزم حديث الامام علي-ض- وناقش سنده ثم حديث ابن مسعود-ض- الذي رواه ابو داود ووهى سنده ثم ذكر حديث ابي مالك الاشعري-ض- ثم ناقش سنده ورده ثم ذكر حديث سيدنا انس بن مالك-ض- وقال عقبه هذا حديث فضيحة ما عرف قط عن طريق انس-ض- ثم حديث مكحول عن السيدة عائشة-ض- وقال : مكحول لم يلق عائشة وهاشم وعمر الراويان مجاهيل ثم ذكر حديث ابي امامة-ض- سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم:لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن وثمنهن حرام... وقد نزل تصديق ذلك في كتاب الله عز وجل : ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزؤا.... والذي نفسي بيده ما رفع رجل عقيرته بغناءالا ارتدفه شيطانان يضربان على صدره وظهره حتى يسكت.......
وقد نظر ابن حزم الرواة فوجدهم بين ضغيف ومتروك ومجهول
قال ابن حزم عن تحريم الغناء: لايصح في هذا الباب شيئ ابدا وكل ما ورد فيه موضوع ووالله لو اسند جميعه او واحدا منه عن طريق الثقات الى رسول الله-صلى االه عليه وسلم- ماترددنا في الاخذ به
ثم نظر ابن حزم في الاية الكريمة فنفى ان تكون في الغناء وقال :ان نصفها يشرح المراد منها فان الاضلال عن سبيل الله واتخاذها هزؤا كافر باجماع المسلمين ...قال: ولو ان امرءا اشترى مصحفا ليضل عن سبيل الله لكان كافرا
ولعل اهم ما ورد في هذا الباب ما رواه الامام البخاري-ض-معلقا عن ابي مالك الاشعري-ض- انه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم-يقول: ليكونن من امتي قوم يستحلون الخز والحرير والخمر والمعازف....حديث
ومعلقات البخاري يؤخذ بها لانها متصلة الاسانيد في الغالب لكن ابن حزم يقول ان السند هنا منقطع لم يتصل ما بين البخاري و صدقة بن خالد راوي الحديث
وبالجملة فان الله عز وجل ما ذم قط من روح عن نفسه بشيئ من اللهو ليعينه على كثير من الجد وانما الاعمال بالنيات ولاحرج على مسلم ان ينظر في بستان متنزها او ينتقل هنا وهناك ليريح طبعه المكدود..والحق والحاصل في المسالة ان الغناء كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح
وقد ذكر الامام الشاطبي في الجزء الاول من الاعتصام:ان قوما اتوا سيدنا عمر-ض- فقالوا يا امير المؤمنين ان لنا اماما اذا فرغ من صلاته تغنى... فقال عمر-ض-من هو ? فذكروا له الرجل;فقال:قوموا بنا اليه فانا ان وجهنا اليه-من يحضره-يظننا تجسسنا عليه امره
وقام عمر مع جماعة من اصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- حتى اتوا الرجل وهو في المسجد فلما نظرالى عمر قام اليه يستقبله قائلا: يا امير المؤمنين ما حاجتك وما جاء بك?اذا كانت الحاجة لنا كنا احق بذلك منك ان ناتيك;وان كانت الحاجة لك فاحق من عظمناه خليفة رسول الله فقال عمر: ويحك بلغني عنك امر ساءني فقال :وما هو يا امير المؤمنين فقال اتتمجن في عبادتك قال:لايا امير المؤمنين لكنها عظة اعظ بها نفسي
قال عمر : قلها فان كانت كلاما حسنا قلته معك وان كان قبيحا نهيتك عنه فانشد الرجل ابياتا:
وفؤاد كلما عاتبته
في مدى الهجران يبغي تعبي
لااراه الدهر الا لاهيا
في تماديه فقد برح بي
يا قرين السوء ماهذا الصبا
فني العمر كذا في اللعب
الى ان قال :
نفسي لا كنت ولا كان الهوى
راقبي المولى وخافي وارهبي
قال عمر -ض- عنه مرددا البيت الاخير
نفسي لاكنت ولا كان الهوى
راقبي المولى وخافي وارهبي
ثم قال عمر على هذا فليغن من غنى
وفي الختام هذا مبحث كثر عليه التشغيب وانا لا انشط لاستجماع المادة له ولعل في سانحة اخرى ان وفق الله عز وجل وللحديث بقية لمن اراد الاستزادة
من مواضيعي